12: أسبابٌ للبقاء.

استيقظتُ على طرق الباب وصوت أبي يخبرني أن أفيق لأردف: «استيقظتُ أبي» قلت وبهدوء نظرتُ للسقف بينما ابتسم، لا أعلم لمَ أنا سعيدة اليوم لكن ربّما بسبب ما حدث قبل يومان، كان يومًا جميلًا. أما البارحة فلم يحدث شيء، بقيتُ في المنزل استمتع بالإجازة.

نظرتُ لساعة الهاتف وكانت تشير إلى السّابعة، اليوم بتاريخ 28 نهاية شهر فبراير، وكالعادة موعد فحص أبي الشهريّ، ارتديتُ ملابسي وخرجت لأرى أنه مستعد، اومأت له وخرجنا، أخذنا السيارة وذهبنا للعيادة.

---
«من فحوصاتك لا يبدو أنكَ تهتم بنفسك كثيرًا سيد كلارك، لمَ؟» سأله الطبيب لأنظر لأبي حتى يجيبه بالحقيقة: «في معظم الأحيان لا أستطيع التحرك كثيرًا، وهي مشغولة بعملها، لهذا لا يوجد أحدٌ ليهتم بي» قال بهدوء لأنظر له بدهشة، هل وضع الحق علي للتو؟!

«آنسة كلارك أنتِ بالذات تعلمين مخاطر مرض والدكِ، لهذا يجب عليكِ الاهتمام به بشكل أكبر وإلا سوف يكون هناك مخاطر كبيرة على صحته، هل هذا مفهوم؟» قال ونظرتُ له، وددتُ البوح له أنه كاذب وأنني أفعل ما بوسعي كي أساعده وأنه يؤذيني وأنا أفعل هذا لكنني لم أفعل، لا أريد أن نكون بشيء ثم نصبح بشيء آخر.

«حاضر يا طبيب، سأفعل ما بوسعي، أعتذر لتقصيري» قلتُ بهدوء ليومئ لي، فكرة أن تكون طبيب ويقلل من شأنك طبيبٌ آخر أمرٌ شنيع، والأسوأ أن التأنيب يكون على شيء كاذب، أكره أبي!

خرجنا من العيادة وركبنا السيارة، لم أرد قول شيء لأنني إن فتحت فمي ولو بالخطأ سوف أشتمه بقذارة، لكن ولأنه أبي لم يستطع أن يصمت لعشرة دقائق حتى نصل ليردف: «ألن تقولي شيء؟» سأل لأتجاهله، أشكُّ أنني سأقلب السيارة بنا كي لا أسمع صوته. «أجيبيني!» قال بصوت أعلى.

«ماذا تريد مني أن أقول أبي؟ أنكَ كاذب كريه وكل ما يهمك هو سمعتك أمام الطبيب؟ أنا أفعل ما بوسعي كي أساعدك وأنت ترفضها وبالنهاية تضع الحق عليّ بسبب إهمالك!» لم أتمالك نفسي وصرخت به، كما لو أن وظيفته هي إفساد يومي من بدايته.

«هل صرختِ للتو بي؟» قال وأمسك ذراعيّ بقوة «كيف تجرأين؟» سأل وشدّ أكثر على يدي لتتجمع الدموع بعينيّ لكنني أكملتُ القيادة لأننا أوشكنا على الوصول، وصلنا المنزل لينزل من السيارة، وقبل أن يغلق الباب نظر لي بتحديقة مميتة وبكل بساطة قال: «أنا أكرهكِ» ثم أغلقه بقوّة.
مسحتُ دموعي وبدأتُ أشهق بقوّة، هذه ليست المرة الأولى التي يقولها لي، لكنها بكل مرة تؤثر بي لأنها منه، لأنها من أبي.

تحركت بالسيارة وذهبت للمشفى وعيوني منتفخة من بكائي. وصلتُها ودون توقف ذهبت للغرفة كي أغسل وجهي، نظرتُ للمرآة وحدّقتُ بنفسي، لمَ لا زلتِ هنا؟ يمكنكِ ببساطة الهرب بعيدًا، لديكِ المال والسيارة.

«لكن ماذا عن أصدقائي؟ نيرو وتارا».
يمكنكِ دائمًا مهاتفتهم.
«والديون التي عليّ؟».
أليس السجن أفضل من العيش معه؟
«لكنني خائفة...».
من ماذا؟
«خائفة من أن أبقى وحيدة دونهم».
ستصنعين صداقات بعيدًا عنهم، هناك أصدقاء أفضل حتى.

نفيتُ برأسي، ليس هناك أفضل من أصدقائي هنا، وحتى لو كان فأنا لا أريدهم بل أريد الحمقى هنا، مسحتُ دموعي وأعدتُ غسل وجهي لأخرج وأراهم، ناقصين دون تارا وإيدجار لكنهم هنا على الأقل، ولن أتمنى أحدٌ غيرهم.

---
ذهبتُ لغرفة الطوارئ حين تم استدعائي لها، ومريضي كان فتى بالسابعة عشر من عمره، كايل، يده مجروحة ويحتاج لخياطتها. اقتربتُ منه وكان يجلس وهو يرتجف بينما ينظر ليده، اقتربتُ منه وابتسمت بهدوء، ربتُّ على كتفه لينظر لي، بعض الدموع عالقة في عيناه.

«كيف حالك؟» سألته لينفي برأسه ويحدّق بالجرح «هناك الكثير من الدماء، هل سوف أموت؟ سأموت لأنني أنزف بشدة» قال بخوف لأقترب منه «لا لن تموت عزيزي، جرحك بسيط بالرغم من الدماء الكثيرة، ولا تقلق حين انتهي من خياطة الجرح سوف نضع لك كيس من الدماء، حسنًا؟» قلت له ليومئ.

«هل تعلم ما هي زمرة دمك؟» سألته لينفي برأسه «لا بأس» قلت وأخذتُ عينة من دمه، طلبتُ من الممرضة أن تحضر كيس من نفس زمرته.
نزعتُ قطعة القماش على يده ليظهر الجرح، كان شبه عميق، ربّما يحتاج عشر قطبات، يبدو أنه من سكين. خدّرتُ يده وعقمتها ونظرت له: «سأبدأ، سوف تشعر بلسعات خفيفة لكن أكبر جزء من الألم لن يظهر بسبب المخدر، حسنًا؟» أومأ وبدأتُ بخياطتها ليهسهس بألم.

بعد ربع ساعة انهيتُ خياطته لأضمدها، استلقى على السرير ووضعت له كيس الدماء، لقد خسر القليل من الدماء، ومعه حق لو تأخر أكثر كان نزف الكثير، سيؤدي لمشاكل كبيرة.

«كيف حصلت على الجرح؟» سألته، بما أنه قاصر ف يجب أن اسأله، خصوصًا أن الجرح من سكينة، نظر لي بتردد لتعود الدموع بالتجمع بعينيه ويردف: «تشاجرت مع أحد الأولاد، هو يتنمر علي دائمًا لكن هذه المرة كان يحمل سكينًا وكنتُ خائفًا جدًا، عادةً أدافع عن نفسي لكن هذه المرة لم أفعل شيء، ولهذا غضب وجرحني، حين رأى كمية الدماء خاف وهرب، لا أعرف كيف نزعتُ عني سترتي ولففتُ يدي، أو كيف وصلتُ لهنا حتى، كل شيء حدث بسرعة» قال وأجهش بالبكاء لأذهب واحتضنه.

«أنتَ شجاع جدًا، وأنكَ أتيت لهنا لوحدك يثبت كم أنت قوي، ودموعك هذه أيضًا دليل على قوتك، لا بأس بالبكاء والخوف عزيزي، ما حصل معك سوف تقوله للشرطة وهم سوف يتصرفون مع الفتى الحقير، وإذا لم تفعل شيء سوف أذهب بنفسي وأغرز هذه السكين بمؤخرته» قلت ليقهقه وهو يبكي، بادلني الحضن وأكمل بكاؤه.

أتى المدير جايمسن ومعه ضابط من الشرطة، أخبرته أن يقول للضابط كل شيء وطلب أن أبقى بجانبه، أمسكتُ يده طيلة التحقيق حتى لا يخاف والمدير بجانبنا.
«حسنًا شكرًا لكم، أعدكَ أن كل شيء سيكون بخير» قال الضابط لأبتسم لكايل ويردها لي. هدأته وذهب للنوم لنبتعد عنه.

«أنا فخورٌ بكِ طبيبة كلارك» قال المدير فجأة لأتفاجأ، نظرتُ له وعقدت حاجبيّ ليكمل: «لقد أرشدتِ إيجاكس ببراعة، سعيدٌ أنني طلبتُ منك بالذات، أحسنتِ!» قال لأومئ له بابتسامة صغيرة ليردها ويذهب.

ذهبتُ لنيرو ليستقبلني حضنه، سردتُ له ما حدث اليوم ليواسيني. أما بالنسبة له للأسف لم يظهر أي شيء جديد من ناحية التبرعات، هو يظهر أنه بخير لكنني أعلم أنه ليس كذلك، وأتمنى لو أستطيع فعل شيء كي أساعده لكن ما باليد حيلة.

«أين إيجاكس؟ بالعادة يكون معكِ».

ظهر سؤاله بنفس الوقت الذي تم به دق الباب، صرخت بادخل ليظهر بإيجاكس خلفه، نظرتُ لنيرو وهو نظر لي لهذه الصدفة. «طبيبة كلارك هل يمكنني استعارتك للحظة؟» سأل لأومئ له، ودعت نيرو لأن دوامي على وشك أن ينتهي على أية حال.

خرجت ووقفت أمامه بينما أعقد حاجبيّ «ماذا؟ ظننتُ أن فترة إرشادي لك انتهت» قلت بوقاحة، لستُ بمزاج لأكون لطيفة، وخصيصًا معه. نظر لي وأمال رأسه بجانبية وأردف: «كنتُ على وشكِ شكركِ لأنكِ اعتنيت بي وأنا هنا، لكن يبدو أنكِ من النوع الذي لا يستحق الشكر» قال وأعطاني ظهره وذهب، هذا الكريه!
هل للتو أدار ظهره عني؟ أجل كنت وقحة معه واستحققت كلامي لكن لمَ أدار وجهه عني! مشيتُ بسرعة وضربتُ كتفي بكتفه وأصبحتُ أمامه، يبدو أن نورسين الحقيرة ستعود كي تؤدّب إيجاكس الكريه.

وصلتُ الغرفة لأغيّر ملابسي، وطيلة وجودنا هنا أرمق إيجاكس بنظرات مميتة مثلما يفعل هو، كريه!
خرجت من العمل وصعدتُ سيارتي كي أعود للمنزل.

---
وصلت وكان الدخان يملأ المكان، وبالطبع أبي الحقير يدخن ويشرب الكحول مع أصدقائه، نظر لي وقهقه بينما يرفع الزجاجة بوجهي كما لو أنه يحيّني. رفعتُ له أصبعي الأوسط وصعدتُ الغرفة بقهر.

عبّأتُ حوض الاستحمام بالماء الساخن وغطستُ به، بدأت الأفكار السّيئة تدور بعقلي، باحثةً عن أسباب لأبقى هنا، وكل ما وجدته هو أصدقائي، هل هذا كافٍ؟ وضعتُ يداي على رأسي من كثرة الأفكار، أتمنى لو تتوقف، أتمنى لو أنني أموت، لكنني لا أريد، أريد أن أعيش، لكن أريد لحياتي الحالية أن تموت.
أبعدتُ يداي ووبهدوء أغرقتُ رأسي بالماء لأصرخ بكل ما أملك من قوة.

---

هل واضح اني بحب الرواية بزيادة بسبب الصور والأغاني يلي بحطها؟ 👀

كيف الفصل؟ نقد؟

الأغنية بتمثل شعور نورسين حول صراعها الداخليّ ما بين الرحيل والبقاء، محاولة الهرب من حياتها وإيجاد الأسباب للبقاء.

أحبكم إيميز. 🖤


Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top