04: طبيب.
عقدتُ حاجباي لصوتِ الطّرقِ العنيف على بابِ غرفتي «استيقظي!» صرخ من خلف الباب «لقد استيقظت توقف!» صرخت بالمقابل «إذهبي إلى عملكِ التّافه لا أريدكِ هنا الليلة، سوف أحضر أصدقائي» قال وسمعت خطواته تبتعد.
«أتمنى أن تحترق في الجحيم أنتَ وأصدقائك» همستُ بقهر واستلقيتُ بتعب على سريري «إلى متى سأبقى هكذا؟ لقد تعبتُ يا إلهي!» استجمعتُ قواي ووقفتُ، جهّزت ملابسي للعمل، حملتُ حقيبتي وخرجتُ من غرفتي ونزلتُ للأسفل.
«من الجيد أنكِ ما زلتِ هنا، كما قلت سأحضر أصدقائي اليوم لذا لا تأتي باكرًا» قال وحرّك يده بمعنى أن أذهب وباليد الأخرى كان يشرب الخمر من زجاجته «أبي تعلم أن الخمر مضرٌ بصحتك وخصيصًا بحالتكَ هذه» قلت لينظر لي من الأعلى إلى الأسفل ويردف: «وما شأنكِ بي؟ دعيني لوحدي».
نفيتُ برأسي وتقدمتُ نحوه وسحبتُ منه الزجاجة، نظر لي بسخط ليحاول أخذها مني لكنني قاومته «أبي توقف!» صِحْتُ به ليدفعني وأقع على الأرض، ولحظي الجميل وقعت على زجاجة خمر أخرى لتنكسر ويدخل الزجاج داخل يدي.
«قلتُ لكِ دعيني وشأني» صاح وذهب بطريقه لغرفة المعيشة مع زجاجته، زفرتُ بسخط ووقفت بصعوبة بسبب ألم ظهري من سقوطي، أنيت لأن القطعة كانت كبيرة جدًا. وضعتُ الزّجاج في القمامة، أخذتُ حقيبتي ولففتُ القماش حول يدي ولبستُ فوقها قفّاز كي لا يظهر الدماء وأنا أخرج من المنزل.
«ماذا حدث ليدكِ؟ أنت بالعادة لا ترتدين القفازات» سألتني تارا بقلق حالما رأتني «لا تقلقي، جرحتُ نفسي بالخطأ» قلتُ بهدوء لتنظر لي بجانبية وشبه سخرية «صدّقتكِ».
تارا تعرف عن وضعي لكن لا أريدها أن تعرف بكل شيء يحدث. «لا أهتم» قلتُ بلا مبالاة.
«لمَ لا زلتِ معه نورسين؟» سألتني بهدوء «وإلى أين سأذهب تارا؟ تعلمين أنني لا زلتُ أدين له بالمال، أيضًا حالته تسوء، لا يمكنني تركه الآن» قلتُ بهدوء «لكن جسدكِ لم يعد يتحمّل جميع هذا سين، تعالي عندي في منزلي» قالت لأقلب عيناي «يكفيكِ همّكِ تارا، وأنتِ بالفعل سوف تتزوجين إيدجار الشهر القادم لذا لا أريد ازعاجكما» قلت لتنفي برأسها «أصمتي، أنتِ صديقتي وسوف أفعل المستحيل لأجلكِ» قالت واحتضنت كتفي وأسندت رأسها على كتفي «شكرًا لكِ تارا» قلتُ بصدق «لا بأس صديقتي» قالت وابتسمت لأبتسم لها.
لا أحد يعلم عن وضعي سوى تارا، نيرو يعلم القليل فقط يكفيه همّه، لا أريد لأحد أن يعلم عن حياتي المزرية والمخجلة، فأنا نفسي أشفق علي وهذا يكفيني، أنا لا أحتاج لشفقة أحد.
«صحيح متى سوف تتزوجان؟» سألتها ونحن نمشي للغرفة «اليوم تاريخ 20 من شهر يناير، وبعد شهر وأسبوع تقريبًا سنتزوج لذا...» نظرت لي بترقب لأقهقه: «تعلمين أنني سيئة بالرياضيات تارا، أجيبي ببساطة» قلت لتقلب عيناها وتجيب: «بتاريخ 26 من فبراير أيتها الحمقاء» قالت بحماس لأبتسم بسعادة، سيكون هذا يومٌ جميل.
وصلتُ إلى الغرفة لأعقد حاجباي عندما رأيتُ الجميع يتجمّعون حول شيء ما «ما الذي يحصل؟» سألت تارا ليلتفت الجميع، «طبيبة كلارك، طبيبة مورس، من الجيد حضوركم» قال الرئيس جايمسن رئيس المستشفى «أريد أن أعرّفكم على الطبيب الجديد في المستشفى، الطبيب إيجاكس ماتياس» قال الرّئيس وأشار إلى رجل طويل القامة ذو شعر أسود، ملامح حادة ونظرات زرقاء ثاقبة شبه باردة، وعلى خده الأيسر استقر جرحٌ صغير لكنه واضح.
«طبيب ماتياس هذه الطبيبة نورسين كلارك، وهذه الطبيبة تارا مورس، أريدكم أن تعتنوا به وتروه المستشفى، وهذه السّيدة لي تكون المشرفة على المجموعة التي ستكون أنتَ بها» قال الرّئيس ليبتسم الطّبيب ماتياس للسيدة لي بهدوء «تشرّفتُ بمعرفتكِ، سمعتُ عنكِ الكثير أنتِ وإنجازاتكِ الرّائعة» قال يتملّقها لننظر أنا وإليون إلى بعضنا بملل «أهلًا بكَ معنا» قالت بخجل لأقلب عيناي.
«طبيبة نورسين كونكَ نائبة السّيدة لي أريدكِ أن تهتمّي بالطّبيب إيجاكس لتريه المستشفى وتخبريه استراتيجتنا في العمل، سيكون تحت إشرافك لمدة شهر تقريبًا، لا يهم المدة، المهم أن يتعرّف على كل شيء» قال الرّئيس لأومِئ له «حاضر رئيس جايمسن» قلت ليومِئ، «اعملوا بجد» قال وخرج.
«لا أريد أي مشاجرات فهمتم؟ أنتما لم أنسى ماذا فعلتم البارحة لذا ستذهبان معي ولن تفارقاني إلّا عندما ينتهي عملكما هنا» قالت وأشارت على تارا وآليك.
«طبيبة كلارك، وطبيب رولي أبقيا طبيب ماتياس معكما وأرياه المكان، والباقي إلى عملكم، هيّا!» قالت وخرجت، لبستُ المعطف الأبيض لينظر لي جاكسون بدهشة ثم نظرَ للباب لأتذكرها.
«لعينة!» همستُ بسخط ليتنفس جاكسون براحة «وأنا ظننتُ أنكِ نسيتي شتمها» قال لأحرّك رأسي لحماقته.
خرجَ الجميع من الغرفة ليبقى إليون والطبيب إيجاكس، تركتهما ودخلتُ للحمام، نزعتُ القفّاز عن يدي ووضعتها تحتَ الماء لأرى الدّماء يتدفّق منها بكثرة.
حاولتُ نزع الزّجاج منها ولكنها مغروزة بشدّة وتؤلمني كثيرًا، بعد عناءٍ طويل نزعتها ليتدفّق المزيد من الدّماء، جرحت أصبعي لتقع على الأرض مني وتتناثر بقع الدماء عليه، شتمتُ أبي بسرّي ومسحتُ دموعي بعنف. لففتُ الجرح بشاش كي تمنع النزيف ولبستُ القفّاز الأبيض كي لا تنزف المزيد، أخذتُ مجموعة من المناديل ومسحتُ الأرض التي امتلأت بالدماء ورميتُهم مع الزجاجة في سلة القمامة.
نظرتُ لوجهي بالمرآة وكان لونه أحمر لبكائي وألمي، أكثر ما أكرهه هو آثار بكائي التي تكون واضحة على وجهي، غسلتُه وخرجتُ من الحمّام لأرى إليون أمامي.
«هل أنتِ بخير؟ لقد سمعتُ في الصّباح صوت صراخ صادر من منزلكم» سألني لألتفت له «أجل لا تقلق، لقد استغرقت في نومي ولم أستيقظ إلّا عندما صرخ أبي» قلت بقلة حيلة، «فهمت» قال بهدوء وابتسم.
إليون صديق الطّفولة المفضّل، كنّا جيران حتّى أصبحنا في سن العاشرة وانتقل هو وعائلته إلى مدينة أخرى، وبالصّدفة قبل سنتين وجدته في متجر قريب من المنزل واتّضح أنه يسكن في منزله القديم بجانبنا، لم أنتبه له كوني دائمًا في العمل.
هو يسمع أحيانًا الصّراخ القادم من منزلنا وأكثر من مرّة رآني أخرج من المنزل وأنا أبكي لكنه لم يسألني أبدًا عمّا يحصل لي، أتذكّر مرّة قال لي: «لا أعلم بما يحصل معكِ، وأعلم أنكِ لو أردتني أن أعلم لقلتي لي لذا لن أسألكِ، لكنني أريدكِ أن تعلمي أنني بجانبكِ إذا احتجتِ لي، فأنتِ صديقة الطّفولة المفضّلة سين خاصتي».
أنا أقدّر هذا حقًّا، أشعر أنه يمكنني الوثوق به ولكن حياتي ليست بالشّيء الجميل لأخبره بها، لكنني سعيدة كونه موجود في حياتي، هو من الأشياء القليلة التي أحبّها بجانب تارا ونيرو.
«هيّا نذهب؟» سألتُ الطّبيب ماتياس الشّارد في الأرض ليرفع رأسه «هيّا» قال وتحركنا لنخرج من الغرفة ونبدأ عملنا الشّاق، والذي بالمناسبة أكرهه، جدًّا.
---
حذفوا الجيف بسبب القوانين. 😔
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top