الفصل الرابع: الإنفجار الكبير


#الراوي#

عادت إيفي و آدم إلى غرفة التجارب للعمل على تحسين المصل، في حين كانت لوري نائمة بعمق كالملاك، فيبدوا أن المخدر ذو تأثير قوي.

مرت دقائق فقط و الجميع منهمك في أعمالهم، إلى أن انطلقت صفارة الإنذار المدوية في جميع أنحاء المركز، مما تسبب في إسقاط إيفي لأنبوب به بعض المواد الكيميائية، ثم خرج آدم و وليام و زين لتفقد ما الوضع و سبب انطلاق الصافرة، ما عدا إيفي التي ساورها القلق ممزوج بقليل من الخوف.

#وليام#

خرجت مسرعا رفقة زين و آدم، نحو الطابق الأرضي، حيث يمكننا الإستفسار عما يحدث، خرجنا من المصعد و اتجهت نحو مكتب الإستقبال، و هناك رأيت روي و هو يلهث من التعب و كأنه كان يعدوا في طريقه، على أي حال تقدمت نحوه و سألت عن الذي أطلق صفارة الإنذار.

وليام:

_ ماذا حدث روي ...؟ من أطلق الإنذار...؟

روي:

_ الحال تزداد سوءا في الخارج ... و قد بدأت العدوى تنتشر أكثر ... و ازداد عدد المصابين " ثم أكمل بإحباط شديد" و الذين يموتون...

تدحل زين بنوع من الحماس الزائف.

زين:

_ لكننا قد وجدنا الترياق تقريبا ...

وليام:

_ نحن لم ننهي العمل عليه و لا من تجربته ...

قلت هذا و أنا ألاحظ نظرات التأنيب الممزوجة بنوع من العتاب تخترق تعابير وجوههم، لكن ما قلته هو الحقيقة و لا يعني أنني متشائم، بل على العكس من ذلك تمنيت لو أننا انهينا العمل على هذا الترياق، لكي ننقد كوكبنا و الجنس البشري ككل من هذا الوباء، لا بل الجائحة التي التهمت كل خيراتنا و قتلت بني جنسنا و قضت على كل أشكال الحياة على الأرض، فإما هذا أو يتحول إلى أن يلقى حدفه لا محالة.

على أي كان سبب الإنذار هو أن أحد العاملين بالمركز قد أصيب و من المرجح أنه قد نقل العدوى، أي أن هذا المكان لم يعد آمنا البتة.

#لوري#


استيقظت فزعة إثر الضوضاء الكثير بالخارج، أو بالأحرى تلك الصافرة المدوية التي جعلت قلبي يكاد يخرج من مكانه؛ تقدمت بخطوات بطيئة نحو باب الغرفة و فتحته بروية لأتفقد الأوضاع خارجا، فعلى غير العادة أصبح هذا الرواق مزدحما بالأطباء و العلماء ذهابا و إيابا، لكن المفترض أن هذا هو ثاني طابق لا يسمح لأي كان بالإلتحاق به، ففيه تجرى التجارب الشديدة الأهمية و السرية أيضا، حسب ما سمعت روي يصرح به..

كنت ما أزال منهكة إثر المصل الذي اختبروه علي -و في الحقيقة إنه أكثر إيلاما من أي شيء آخر جربوه علي من قبل- خرجت من الغرفة و رحت أشق طريقي بين الحشود، و الغريب أن أحدا لم ينتبه لي أو يعرني أدنى اهتمام، و هذا أشعرني ببعض الغضب الطفولي، فليس من عادتي أن ألقى تجاهلا من طرف أي أحد، أوقفت رجلا متوسط القامة، بشعر بني، و عينان زمرديتان لأسأله عما يحدث.

لوري:

_ عفوا سيدي... لكن ما الذي يجري هنا...؟ و لما الإنذار...؟

الرجل:

_ هناك اختراق في المركز، يبدوا أن الوباء سيحتل المكان...

و أسرع هو الأخر في الركض، دون أن تسنح لي الفرصة كي أطرح سؤال آخر، فأنا لا أعلم شيئا عن هذا الوباء الذي ذكره الآن، ازداد الزحام و كل يدفع الآخر، و كأنهم لم يجدوا رواقا غير هذا، بيد أنني أسرعت باتجاه مصعد الطابق العلوي، لكن للأسف لا أستطيع الصعود ليس مادام غير مخولا لي بالدخول، فجأة لمعت في رأسي فكرة جبارة و قلت في خبث.

لوري:

_ أو مخولا لشخص آخر ... سأستعيرها فقط...

و قد بدأت أتابع وجوه المارين في الرواق و هم يتدافعون، إلى أن لمحت و لحسن حظي أحد العلماء، و بما أنني سبق أن رأيته يدخل المصعد، فأكيد أن لديه بطاقة تخول له ذلك، تبعته من الخلف بتسلل دون أن يلحظ وجودي حتى و قمت بمد يدي بخفة إلى جيبه و أخذت البطاقة ثم اختفيت وسط الحشد.

لقد عدت إلى المصعد و استخدمت البطاقة لأتسلل نحو الأعلى، و بمجرد وصولي تأكدت أنني الوحيدة الموجودة هنا، و أن أحدا لم يأتي إلى هنا، غريب كيف يحتشدون في الطابق الثالث عشر دون سواه؟ و لماذا؟

تقدمت مباشرة في اتجاه الباب و هو الوحيد الذي كان مفتوحا، دخلت عبره قاصدتا الحواسيب لأتفحصها لربما يوجد بها بعض المعلومات المفيدة حول ما يحدث و ما هذا المكان المريب تحديدا؟! أولا قمت باختراق النظام الأساسي للوصول إلى الملفات الأساسية للمركز، آن ذاك عثرت على الأرشيف المناسب بعد تفحص دام لمدة قصيرة، حاولت اختراقه لكنه منيع و لم أستطع حتى قرصنته، لكنه يطلب رمز الإدخال و قفت من مكاني و أنا أجول في الغرفة ذهابا و إيابا، ثم تفوهت بكلمات و أنا أتذمر من الموقف الذي أنا فيه.

لوري:

_ لا أصدق أن أرشيفا غبيا سيقف عائقا أمامي... فقط لو أعرف ما قد تكونه كلمة السر...

ظللت أمشي و أضرب بقدمي المخططات المرمية على الأرض، إلى أن استدرت و عدت بسرعة نحو الحاسوب و أنا أنقر بسرعة جنونية على مفاتيح الإدخال التي تصدر أصواتا إثر ضغطي عليها، ثم صرخت بنوع من الإنتصار و السعادة الغامرة.

لوري:

_ لقد فعلتها ... أخيرا...

بدأت أتصفح الأرشيف، لأجد أن هناك ملفات عديدة، و علي أن أقرأها كلها، فما دامت بهذه السرية لا بد أنها قد تشرح شيئا مما يحدث، و أكيد بسبب إشباعي لفضولي و رغبتي الملحة على استكشاف ما حولي، و خاصة التجمع الهائل في الطابق الثالث عشر تحديدا.

على الرغم من أن هذا قد أخر من عملية هروبي، بدأت أقرأ الملف الأول و الذي كان محتواه عن انفجار حدث قبل حوالي ثمان سنوات، أي قبل أن أولد حتى، و عن أدهن تسبب في انتشار عدوى قاتلة بسبب الإشعاعات و المواد الكيميائية و ما إلى ذلك..

و ملف آخر يحتوي سبب الإنفجار بدقة حيث كتب أن شحنة من الإشعاعات النووية قد زادت عن المطلوب مما جعل مركز الأبحاث الكيميائية ينفجر في نطاق واسع، و يبيد مدن هائلة كانت مجاورة له، إضافة إلى أنه قد انتشر فيروس قاتل إثر الإنفجار و أشياء أخرى عن الأضرار المادية الهائلة..

ثم ضغطت على ملف آخر لأجد أن به شرحا تفصيليا لما يسببه الوباء لمن يصيبه، فقد ذكر أن من يتعرض له يتحول تدريجيا و تبدأ خلاياه بالإتلاف شيئا فشيئا، ثم ينتهي به المطاف جثة هامدة، لكن تأثيره على الحيوان مختلف عكس الإنسان، فبمجرد أن يتعرض له تتحول جيناته ليفقد عقله تماما و يصبح متوحشا و شرسا للغاية، و أحيانا ينتهي به المطاف هو الآخر ميتا، و بذلك سينتهي لكلا الجنسين أو ما شابه ذلك..

أخذت ملفا آخر من بين العديد من الملفات، و قد كان يتحدث حول عدد الخسائر التي خلفها الإنفجار .. بدأت أتفحص الملفات سريعا فقد تأخرت كثيرا و لا أريد أن يلاحظ أحد اختفائي، قررت أن هذا سيكون آخر ملف أتفقده قبل المغادرة كما بدى لي مهما بعض الشيء، نقرت عليه لتظهر العديد من الصفحات، حاولت أن أسرع في تصفحها، و قد كان مفادها حول معلومات عني و عن مجموعة من التجارب و المحاليل و اتضح أيضا أنهم أحضروني بعد بضع سنوات فقط من الإنفجار، و معلومات أخرى شديدة الأهمية قد تفيدني أثناء الهرب.

و في نهاية الملف يوجد مخطط دقيق لجميع الأنفاق و الممرات السرية في هذا المركز، أظنها ستفيدني كثيرا، حاولت أن أحفظها و أنا أتفقدها بدقة، و بعد لحظات نهضت من على الكرسي لأخرج لكنني أثناء ذلك ضغطت على ملف آخر جذبني إليه دون أن أشعر، و أسرعت بقراءته هو الآخر، كان بالمختصر يحتوي العدد المتبقي من الجنس البشري، و ذلك لا يبشر بالخير أبدا، فلقد انتشرت العدوى كثيرا و في جميع أنحاء العالم، يمكن القول أنه لم يعد هناك سوى منطقة واحدة لم تصب و هي التي تحتوي هذا المركز، لكن الأغرب أنني لم أسمع عن هذا من قبل و لم يتم إخباري بشيء.

أعدت كل شيء إلى مكانه و أخفبت اقتحامي للأرشيف، ثم عدت نحو المصعد، بصراحة لقد كان الدخول و الخروج في منتهى السهولة، عندما نزلت إلى الطابق الثالث عشر كان الزحام قد خف قليلا، بدأت أتدافع بدوري إلى أن وصلت إلى غرفتي حيث كانت إيفي و روي و زين و آدم و وليام أيضا قد اقتحموا الغرفة قبل وصولي، ارتسمت على وجهي ملامح التوتر و التفاجئ في الآن ذاته.

لوري:

_ ماذا تفعلون هنا جميعا ...؟

روي:

_ لقد أتينا للإطمئنان عليك ... ثم أين كنت يا لوري...؟

وليام:

_ ماذا كنتي تفعلين بالطابق العلوي لوري...؟

نظر الجميع نحوه بصدمة، طبعا فكيف لي أن أتمكن من التسلل دون أن يلاحظوا ذلك حتى، و حاولت أن أبرر موقفي بعد أن أخفيت البطاقة لأنني سأحتاجها للهرب و لا يجب أن يأخذوها مني.

لوري:

_ لقد كنت ... خائفة فوجدت باب المصعد مفتوحا و دخلت منه ...

و قد أكملت بنبرة طفولية و ابتسامة مزيفة لكن صوتي ما يزال يترنح.

لوري:

_ لكن... كيف عرفت ذلك ...؟

إيفي:

_ أكيد من كاميرا المراقبة ... إنها منتشرة في جميع أنحاء المركز...

روي:

_ مهلا، و كيف عرفت ذلك قبل أن تتفقد الكاميرا ...

وليام:

_ ببساطة سرقت بطاقتي و استعملتها للتسلل إلى هناك...

حاولت أن أرد لولا أن قاطعني زين.

زين:

_ لا يهم فقط لا تخرجي من الغرفة هذه الليلة ... فالوضع غير مستقر بعد...

ادعيت السذاجة و كأنني لا أفهم ما يتحدث عنه، و أومأت برأسي ليغادرو الغرفة و أبقى لوحدي ثانية، و بالتأكيد استغللت الفرصة لأضع خطة محكمة و متقنة للهروب، و بالتأكيد تتضمن رمادي معي فقد أصبحت متعلقة به، فقد كان مختلفا عن باقي الوحوش و كأنه يشعر بي و يفهمني، كأنه شخص حقيقي و أكثر إنسانية من بعض البشر فعليا.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top