الفصل الثالث: منيعة ضد الإشعاعات

#الراوي#

ظلت لوري تربث على ظهر رمادي إلى أن غفت و هو كذلك، مرت ساعات تقريبا عندما أفاقت و همت بالمغادرة، فقد تأخرت و إذا أرادوا إجراء إحدى تجاربهم عليها و لم يجدوها فلن تكون عاقبة ذلك سارة للوري الصغيرة، و خاصة أنها تنوي الهرب بالإضافة إلى اصطحاب صديقها الجديد معها.

عادت إلى غرفتها و تظاهرت بالنوم، حينما سمعت وقع خطى يخترق الممر الهادئ، ليفتح الشخص الغامض الباب، أجل إنها إيفانجلين.. أتت لترافق لوري من أجل مزيد من التجارب، لذلك بدأت تهز لوري برفق و تكشف عنها الغطاء، لترتسم في وجه لوري شبه ابتسامة مزيفة، مدعية التعب و النعاس، فأقبلت عليها إيفي و هي تسحبها.

إيفي:

_ هيا لوري ... لكي ننتهي سريعا... فلا تتأخري عن موعد نومك...

أجابتها لوري و قد كادت تنفجر من شدة الفرح، فهذه آخر تجربة سيتم إجراؤها عليها قبل أن تهرب إلى الأبد.

لوري:

_ حسنا ... هيا بنا إيفانجلين، فأنا الآن في قمة نشاطي ...

استغربت إيفانجلين من حماسة لوري، فعادة ما تكون شاحبة، و صامتة في أغلب الأوقات...

#لوري#


خرجت من الغرفة و أنا أتقدمها لأشق طريقي نحو غرفة الفحص، أخيرا وصلنا لتفتح إيفي الباب باستخدام بطاقتها، و بمجرد أن دخلت لمحت وليام يحدق بي بغرابة، ثم أردف قائلا بنبرة هادئة و باردة أصابتني بالقشعريرة.

وليام:

_ إذن هل أستطيع استرجاع بطاقتي الآن...؟

ابتسمت بتكلف قبل أن أخرجها من جيبي و أعطيها له دون مقاومة فقد كشف أمري، لكنه لم يكتفي بأخذ البطاقة فقد استفسرني حول سبب سرقتها و هنا حاولت المراوغة لكن دون جدوى، و على غرار ذلك اضطررت إلى أن أخبره الحقيقة و بالطبع عدلتها بعض الشيء، فلم أذكر أنني تسللت إلى الطابق العلوي، و إنما اكتفيت بذكر رمادي و عن لقائي به.

أخيرا استسلم و كف عن استجوابي، ليسحبني زين نحو السرير و يجعلني أستلقي على بطني، قام بتقييد كلتا يداي و قدماي بالسرير، مأكدة أن هذا سيكون مؤلما جدا و إلا لما قام بتقييدي.

بعد لحظات من الخوف الذي اعترا ملامحي، تقدمت إيفي و قامت بحقن إبرة مخدرة في دراعي، و ما إن شرعت في غرس أشياء حادة في ظهري، حتى غفوت و لم أعد أشعر بما يوجد حولي.

#إيفي#

لقد كنا أنا و آدم و وليام و زين فقط الذين سيجرون هذه التجربة، و التي مفادها أن نحقنها بعقار جديد انتهينا للتو من تركيبته، يجعل مناعتها أكثر قوة و مضادة للأمراض و يحميها من الأوبئة، فإذا نجح ذلك سيتم ترقيتنا جميعا، بسبب العقار الجديد و الذي سيشكل فرقا في حياة الجنس البشري، لكنه أيضا لا يخلو من السلبيات و الآثار الجانبية، لذلك قررنا تجربته أولا على لوري.

غريب أن روي لم يعد حتى الآن و سيفوته هذا الإكتشاف المبهر، أوصلت أنابيب ذات رؤوس الإبر الحادة إلى مجموعة من المراكز النشيطة في ظهر لوري بعد أن كشفت عنه، و قد بدأ زين و آدم بإضافة مضادات حيوية تجنبا لأي هجوم من الفيروسات، ففي المرحلة الأولى من حقن العقار داخل جسدها، ستكون ضعيفة جدا و منهارة تماما.

بينما كان وليام يداعب لوحة مفاتيح حاسوبه بسرعة البرق، أظنه كان يدون مراحل التجربة، فتقدمت نحوه بعد أن أتممت مهمتي و سألته حول المراحل المتبقية و عن تفاصيلها.

إيفي:

_ إذن وليام... كم بقي لننتهي ...؟

وليام بلامبالات:

_ ثلاث مراحل أخرى ... دكتورة إيفانجلين ...

إيفي:

_ أريد تفاصيل التجربة و الآثار المحتمل ظهورها ...

قدم إلي ملفا به بضع صفحات، و اتجهت نحو الطاولة لأجلس على الكرسي ثم أشرع في تفقد الملف بحماس، بعد دقائق رفعت رأسي لأشاهد آدم و زين ما يزالان يحقنان المواد بجسد لوري شيئا فشيئا.

مرت ثلاث ساعات و أخيرا انتهينا، لكن لوري ما تزال تغط في نوم عميق شبيه بالغيبوبة، استأنفت عملي و قلت بتعب.

إيفي:

_ فلنأخذ استراحة ريتما تستفيق لوري ... ما رأيكم ...؟

أجاب زين و الإبتسامة لا تفارق وجنتيه.

زين:

_ لا رغبة لدي للإسترخاء ... أريد معرفة النتائج ...

آدم:

_ سأنزل إلى الكافيتيريا ... هل ستأتين يا دكتورة إيفانجلين ...؟

إيفي:

_ أكيد، هيا بنا ... و ماذا عنك وليام ...

لم يلتفت وليام نحوي، بل ظل يتفحص بعض العينات التي في الأنابيب، و يمزج بعضها، و ما إلى ذلك، ثم قلت دون اهتمام و أنا أهز كتفاي.

إيفي:

_ كما تشاء ...

خرجت أنا و آدم و نزلنا نحو الطابق العاشر حيث تناولت بعض الكعك و القهوة، أما آدم فقد اكتفى بشرب القهوة وحدها، مر الوقت سريعا، حوالي ما يقارب نصف ساعة عندما سمعت رنين هاتفي -إنه زين- أجبت فورا لأضع السماعة على أذني.

زين:

_ دكتورة إيفانجلين، تعالي أنت و آدم... فقد أفاقت لوري ...

إيفي:

_ حسنا ... سنكون هناك فورا...

انتفضت من مكاني و أخبرت آدم لنغادر عائدين نحو الطابق الثالث عشر، دخلنا المصعد و أنا أتلهف شوقا لمعرفة نتائج التجربة و إذا ما كان لها أي آثار جانبية..

أخرجت بطاقتي و فتحت الباب، لألمح لوري على السرير تضم ركبتيها إلى صدرها و هي تلفهم بكلتا يديها، في حين كان زين و وليام يحدقان بها و نظرات الدهشة مطبوعة على ملامحهما، تقدمت نحو وليام و قاطعت شروده.

إيفي:

_ ماذا هناك وليام ...؟ ما الذي حدث...؟ لما أنتم مصدومون ...؟

ليردف زين و شبه ابتسامة تكونت بصعوبة على وجهه الذي تطغى عليه تعابير الصدمة.

زين:

_ لقد نجحنا أخيرا... إنها الآن مقاومة للإشعاعات و يمكن علاج أي مرض به... لكن العقار
يحتاج إلى بعض التعديلات ...

آدم:

_ إذن كانت التجربة ناجحة...؟

وليام:

_ لا تتفاءلوا كثيرا... فربما الأعراض لم تظهر بعد...

بيد أن كلمات وليام قلبت ابتسامة النصر على وجوهنا إلى عبوس، إلى أن تدخل آدم من الخلق و هو يحاور وليام كنوع من العتاب.

آدم:

_ تعلم أنه لا وقت لدينا، فالكوكب يتداعا ... و يجب أن نسرع في تطوير هذا الترياق...

أومأ وليام و عاد إلى حاسوبه على الطاولة، إلى أن لفتت لوري انتباهنا، يا للعجب إنها تشع بوميض أخصر خافت، بينما اشتد عناقها لقدميها، آن ذاك كنت قد أدركت مدى ألمها، فأخذت إبرة مهدئ و حقنتها به، على الأقل سيبقيها نائمة هذه الليلة دون مشاكل، إلى حين تعرفنا على الآثار الجانبية التي يسببها العقار أو المصل الذي يفترض به أن ينقد كوكبنا المتداعي.

حملها آدم بمجرد أن غطت في نوم عميق، باتجاه غرفتها و عدلتها على السرير و ألقيت بغطاء خفيف على جسدها لكي لا تشعر بالبرد على الرغم من أننا في الربيع حاليا، حقا إنني أشفق عليها، فكيف لطفلة بسن السابعة أن تتحمل كل هذا سواء جسديا أو نفسيا؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top