الفصل الحادي عشر
"اتركوني يا حثالة!" صاح فرانسيسكو بالحرس الذين كانوا يخرجونه من القصر.
تركوه فهَّم بتعديل ياقته بغضب عارم، يستمع لتُرَهات أبيه وصراخه العالي مصحوب بسيل بشتائم عن مدى إحراجه وعن تساؤله عن الذنب الذي اقترفه ليحصل على ابن عاق مثله. فوق غضبه العارم وانهياره بداخل القاعة ، كان أبيه يجعل ليلته اسوء فأسوأ.
"كفى! ابي ان كنت خَجلاً جدًا مني، فخُذ ذلك الامير المدلل واجعل منه وريثاً لك. لأنني لا أتشرف بأن ارث منصبك التافهه بعد الان." لم يحسب فرانسيسكو حساباً لكلماته قبل ان تخرج من شفتيه كعادته المتسرعة، وقبل ان يرى ردة فعل والده، همَّ بالرحيل. طرد سائقه من السيارة وساق بها لوحده.
انه يعلم جيدًا انه المُلام. كالعادة المريرة.
لن يستطيع ألّا يلوم نفسه على ردة فعله المتسرعة الليلة. عندما صاح بطريقة متعجرفة، ما تلى ذلك كان مُحرجاً حتى بالنسبة له، لقد امسك بيدٍ فاتن وصرخ بوجهها. "أفعلتي هذا عمداً؟ ايتها الحقيرة سألقنك درساً."
وبينما احمَّر وجه ابيه خجلاً، كانت فاتن ابرد مشاعراً من الثلج، حيث ابتسمت باستفزاز وهي ترمق ابيه بنظرة. "حقاً؟ ان لم يسبقك أباك في تلقينك درساً، فبالتوفيق.. سأرغب حقاً في رؤية ما بإستطاعتك فعله."
وذلك كان حينما رفع يده فارتفع صوت مهيب يحذره، قيصر ستراثكلايد، والد فاتن. بل الصرخات كانت موجهة اليه من كل القاعة ومن كل اتجاه. أيحاول ضرب الاميرة أمام كل تلك الجموع؟
ضرب مقود السيارة بكل قوته بغضب. تلك الفاتن تلعب دور البريئة دائما. حقيرة.
كانت تحترق ألما، تشتعل غيرة.
بينما كانت تخطط لأن تحتفل طوال الليلة بعد إنجازها، جاء ليث ليحطم مخططاتها. لقد تقدم أمام الجميع وتجرأ على ان يحادث ايميليا أمامها. بلا ان يلتفت اليها. توسعت عيناها، احمّر وجهها غضباً، وعيناها تشتعل بنار الغيرة.
الا ان ذلك لم يمنع ايميليا من ان تحادثه بكل سرور. تلك الوقحة.
أزمعت لخارج القاعة بغضب وهي تتجاهل صوت خطوات الأقدام التي تتبعها، أمسكت بشعرها وجذبته بغضب. "تلك الشمطاء." صاحت بصوتٍ عالٍ ، غير مبالية بمن قد يسمعها.
"هوِّني عليكِ. الامر أتفه من ان تغضبي لأجله." كتَّف ويليام يديه ببرود، في الواقع، لقد تململ ويليام من كل هذا التمثيل والتزييف. لمَ قد تغضب فاتن الان؟ ولمَ تقوم بعمل هذه التمثيلية معه؟
اشتطت عيناها غضبا، "الامر تافه؟ أنت حتى لا تعلم ما يغضبني فحبذا لو ان تصمت خيراً لكلينا."
تنهد ويليام بهدوء واومئ، الفترة القصيرة التي قضاها مع فاتن علمته ان غضبها سيستمر وإن أراد هو التخفيف عنها. ولكن ماذا إن غضب هو؟ هل ستهتم لأمره كما يهتم هو لأمرها؟ لمَ ابتُليَ بحبٍ شاقٍ لهذه الدرجة؟ لكان خيراً له لو انه بقيَ في إيطاليا وتزوج من تلك الامرأة اللطيفة التي أحبتها والدته. الا انه لم يكن ليستطيع اخراج فاتن من رأسه، قلبه اختارها، وهو يدفع ثمن ذلك كل يوم .
نظرت اليه فاتن بعد لحظات من الصمت، عيناها الحادتين اصبحتا هادئتين نوعاً ما، "أعذرني، لم يكن علي ان اغضب عليك فلا دخل لك بالأمر."
ازدادت سرعة نبضاته، بكل تلك البساطة تفعلها فاتن. تجعله في لحظة يتعجب لمَ أُعجب بها من الأساس، واللحظة التي تليها يجد نفسه مولعاً بحبها. انه لا يعلم كيف تفعلها، ولكنه يعلم تماماً أنه يقع في نفس الحفرة كل مرة. "لا عليكِ."
"أأنت متأكد؟ انت تدرك انني أعُّدك أحدَ-" قطعت حديثها وهي تهز رأسها وتقترب منه. "إنني ممتنة انك تتفهم علي أي حال."
تجمدت ملامحه، هذه الفتاة، ما الذي تفعله به. "أدرك اني ماذا؟"
ابتسمت فاتن بتعجب . "لا شيء." وسرعان ما اختفت ابتسامتها ليحل محلها عبوس شديد.
تنهد وهو يعلم انها لن تخبره بما كانت ستقول، وما الذي يتوقعه من فتاة كتومة ، شديدة الدقة باختيار كلماتها كفاتن . "ما الذي أغضب فرانسيسكو على أي حال؟"
نظرت اليه فاتن من طرف عيناها الواسعتين وقد احتلت ملامح الغيض على وجهها، فعلم انه سأل السؤال الخاطئ وفي الوقت الخاطئ.
"لا عليكِ، إنني أسحب سؤالي."
أومأت فاتن بشرود .
"لم يعُد للقصر بعد؟ أيجرؤ على السُكر واللهو بعد الفضيحة التي تسببها لي؟ كيف لي أن أواجهه القيصر بعد اذ سوّد وجهي ذلك الابن المشؤوم؟ أخبريني كيف؟"
تنهدت باريس وهي تستمع لنفس الحوار منذ عشرون دقيقة بالضبط، فمنذ أن وطئت أقدامهم في القصر انفجر الملك غير مُتمالك لنفسه بعكس هدوءه المهيب في السيارة. وباريس كونها ابنة صديقه المطيعة، أخذت تستمع اليه وتواسيه، الا ان الأمر بدأ في أن يصبح
مملاً حتى بالنسبة لامرأة صبورة كباريس.
داعبت خصلات شعرها والنوم يتسلل إلى عينيها، "لننام الأن ونفكر بذلك الأمر في الصباح الباكر سيد فرانسيسكو، فبعد ليلةٍ طويلة نحتاج جميعنا الى قسطٍ من الراحة."
"ومن أين تأتيني الراحة وقد فعل فرانسيسكو فعلته السوداء. لطالما كان نذيرًا للشؤم. ولكنني تمسكت به كونه ابني الوحيد، الوحيد ذو الصلاحية لأن يرثني، الا انني اشك في ذلك الان."
اقتربت باريس اليه حيث كان يجلس على أريكة فخمة ذات طراز فرنسي وربتت على كتفه، "لا تُقلق نفسك الأن فأنت تُرهق نفسك لا أكثر."
تنهد بضيق وعيناه تنظر للمجهول بشرود تام، حتى انه لم يسمع باريس وهو تستأذن للرحيل، ما الحل مع ذاك الولد الشقي.
كان الولد الشقي تائه، كطفلٍ تركته أمه وسط الزحام واختفت. لا يعلم إلى أين يتجه، وهو ليس في بلدته كي يتعرف على الطرقات، إلا ان شعور التيه كان مطمئناً له إلى حدٍ ما. أوقف سيارته على مقرب من شاطئ لا يعرف اسمه، الا انه خرج من سيارته واستند عليها ثم أخذ نفسًا كبيرًا من هواء البحر الممتزج برائحة الملح. كان الهواء العليل الذي يداعب وجهه يخفف من ضيقته، يبشره بأن يوماً ما، سينسى الجميع زلته.
ولكم يتوق إلى ذلك اليوم. بينما كان العشق يحرقه ببطئ ويدمر ما تبقى من حياته، كان هناك اثنان يكتشفان معنى العشق، ومعنى أن تنجذب لأحد حد الثمالة. كانا في عالمهما الخاص، بعيداً عن الجميع، جهلة بما حدث في القاعة.
فما أن استقرت عينا حيدا على عيني سينا حتى اخذتها قدماها اليه في خطواتٍ سريعة كانت بنظرها بطيئة جدًا، وما أسعدها جداً كان ذاك البريق الذي لمع بعينيه البندقيتين، والذي يشبهه بريق عينيها. ادركت اخيراً انه يلتفت اليها، ويتأثر بسحر جمالها كغيره من الرجال، وقد أهلكها حتى استمالته اليها.
أعارته ابتسامة ذهبية وقد بانت أسنانها اللؤلؤية، ولكنه لم يبتسم لها بالمقابل، بل كان منشغلًا بالتأمل في تقاسيم وجهها الفاتن. حتى انه لم يلقي عليها التحية كما فعلت هي، فانعقدت حاجبيها بتعجب. "ألن تُلقي علي التحية أيها البخيل؟"
ابتلع سينا ريقه ببطئ وعيناه ما تزالان تتأملانها، من أعلاها حتى أسفلها بذلك الفستان الوثير الذي فرش الأرض جاذباً انتباه الجميع. ضربات قلبه ازدادت سرعة، وشيئا بداخله التوى. انتبه اخيرا لما قالته فابتسم بشرود وهو يأخذ بساعدها ليقبلها منحنياً أمامها بتهذيب.
فابتسمت حيدا مرة اخرى، كانت مشاعرها تخيفها، لم تشعر سابقاً بهذا التودد واللهفة لرجلٍ اخر، انها لم تعرف معنى الحب الحقيقي يوماً، فإن كان هذا هو الحب الذي ينشده الجميع، فإنها تتمنى أن لا يكسر قلبها سينا، فإنها تخشى ان الآوان قد فات لتفكر ان كانت ستسلمه قلبها ام لا، فقد سلم قلبها نفسه اليه ما أن سقطت عيناها عليه في ذاك الحفل.
"أتوّد الآنسة حيدا البقاء في هذه الحفلة المملة حقاً؟" اتسعت ابتسامة سينا الواثقة، وكأن ما قاله كان أمراً وليس اقتراحاً لها الخيار في رفضه. فحتى هي تعلم في قرارة نفسها، أن أي شيءٍ يخص الرجل الوسيم أمامها، لن تكون مخيرة فيه ابدا، وهذا كان يخيفها، الا انه ذلك الخوف الذي يزدادها لهفة وحماسة وكأنها طفلة تتوق للحصول على الحلوى بأي طريقة.
"لن تود في البقاء إن كان رجلها لا يود بذلك." قالت هي برقة غافلة عن تغير ملامح وجهه الى التوتر الشديد ما أن نطقت "رجلها" الا انه اندفع بين الحشود وهو يدفعها معه برقة وتملك في آن واحد. كانت شديدة التركيز على خفض انفعالات جسدها للمسته فلم تلحظ نظرة الضيق المرتسمة على ملامح وجهه الوسيمة، حتى انتبهت انهما قد خرجا من القصر تماما، بل كانا في طريقهما الى مكان مجهول. منذ متى وحيدا تُساق بهذه السهولة، والى مكان لا تعرف ماهيته. أجُّنت، أم ان هذه آثار الحب عليها؟
للحظة دفعتها غرائزها للسؤال، بالرغم انها في أعماقها تود ان تبقى جاهلة، فماذا ان كان يصطحبها لمكان لا يجب ان تذهب اليه؟ أتفترق عنه الأن وقد رآها اخيراً؟ محال محال.
الا ان ذرة التعقل المتبقية لديها حثتها على السؤال، فسألت. "إلى أين تأخذني، سينا؟"
نظر اليها بعينيه البندقيتين ولم تتوقف خطواته المتسارعة، "ألا تظنين ان سؤالك هذا قد تأخر عن آوانه؟"
عقدت حاجباها بتساؤل وهي تحاول أن تجعله يقف. "ولكنني أصر على ان اعلم، عليك ان تدرك أنني الاميرة حيدا المنصور، ان كنت ستصطحبني فإن هناك مسؤوليات تقع على كاهلك."
ما تفوهت به للتو جعلته يقف عاقداً حاجبيه مقتربا منها خطوتين جعلت منها تحبس أنفاسها المتسارعة. "ألا تظنين أنكِ تأخرتِ في قول هذا لي؟ أنها ليست المرة الأولى او حتى الثانية التي اصطحبك بها، فلمَ الأن وقد سلمتني زمام الأمور سابقاً؟" قال سينا محدقا بعينيها، بعينيه كلام اكثر، الا انه لم يتفوه به، ولم تكن هي لتسأله عمّا يكون.
"تأخري في قول ذلك لا يفقده أهميته، انني صاحبة شأن هنا، وربما علينا الحذر في ما نفعله."
لم يتحدث لفترة قصيرة من الزمن، ولكن بسبب وقوفه القريب جدًا منها ومن مساحتها الشخصية، شعرت حيدا ان ذلك الوقت وكأنه دهر من الزمان حتى قرر ان ينطق. "وما الذي نفعله؟"
ارتفعت عينا حيدا واتسعتا ناظرين اليه. ما الذي يفعلانه؟ هي بنفسها لا تعلم، لا تدري شيئا غير انها متلهفة جدا لرؤيته، لرؤيته يختطفها من بين الحشود بسلاسة وكأنه فرد منهم لا يملك احد منهم الحق في ان يحاسبه في ما يفعل.
"لا ادري." ابتلعت ريقها ببطئ وهي تهمس وعينيها الناريتين تتناقضان مع ما قالته للتو. كانت عينيها توحيان بقصة طويلة تمنى سينا لو يعلم عنها شيئا. الا انه لم يُرد ان ينتزع منهما هذه اللحظة الجميلة بتساؤلاته فهمس. "حسنا، انا لا ادري ايضاً، الا ان ما يحدث بيننا أيا كان هو، فهو يعجبني."
تسارعت انفاسها بينما بدا هو شارد الذهن وكأنه لا يصدق ما نطق به للتو. الا انها لم تهتم، فاعتراف صريح كذاك جعلها تولع به اكثر وأكثر. فلم تشعر بنفسها الا وهي تضع يدها خلف عنقه لتجذبه اليها فاختلطت أنفاسهما اكثر فأكثر وهمست، "ويعجبني انا ايضاً." قبل ان تسحق شفتيها بشفتيه.
كان ذلك خطأ كبيراً، كلا منهما يعلم ذلك لأسبابهما المختلفة. الا انه وفي تلك اللحظة، لم يهتما لأي سبب. بل اقتربا اكثر وايديهما لا تعرف السكينة الا بالاقتراب من الآخر.
"حيدا!" صرخت فاتن لتجذب نظر ابنة عمها اخيرا ، فإن المسماة حيدا لم تكن تستمع الى أي من شكاوي فاتن الكثيرة عن حفل الامس . بل كانت في عالم اخر تماما، عالم لم تود ان تشاركها به فاتن. ولكم آلمها ذلك، الا انها لا تضغط على احد ابدا ليدخلها الى عالمه الخاص، حتى وان كان ذاك الشخص من اقرب الناس اليها، كحيدا مثلا.
"نعم؟" قالت حيدا ببساطة وبملامحها نوع من الانزعاج، انزعجت فاتن لذلك كثيراً، فإنها لا تخفي عنها الأسرار فقط، بل تتعدى ذلك بأن تنزعج منها لأنها تود منها بعض الاهتمام بما تقوله؟ ياللعجب.
"لا شيء يا ابنة العم. لا شيء سوى انني اتذمر منذ ساعة إليك لاكتشف بعدها انني كنت اتذمر لنفسي لا غير."
تنهدت حيدا وكأنها لا تشعر بالذنب حيال ذلك، ما الذي يغير من ابنة عمها الى هذا الحد؟ ألهذه الدرجة أهملتها واهتمت بنفسها ومشاكلها حتى أصبحت جزءاً بعيدا عن مشاكل حيدا وعن ما يشغل بالها؟ لقد اعتادت ان تسمع من حيدا كثيراً، الا انها في الآونة الاخيرة هي من تتذمر وتشكو وتغضب بسبب الليث، وترمي كل ذلك بكاهل حيدا حتى ترتاح. أيعقل انها قد تململت من شكاويها الكثيرة؟
اقتربت فاتن من حيدا ببطئ واحد أقنعتها قد زال وبدا وجهها الرقيق الذي يهتم بمن حوله. كان هذا الوجه مسموح رؤيته لحيدا وأبيها في احيان نادرة فقط. وهي الان تسمح لحيدا بذلك. "أأنتِ بخير؟ ما الخطب؟"
تنهدت حيدا وهي تتأملها وقد زال عنها الانزعاج. "أظنني.." توقفت للحظات طويلة جعلت من فاتن تفكر بأسوا الاحتمالات التي جعلت ابنة عمها القوية ضعيفة بهذه الصورة. "أظنني اقترفت خطئًا كبيرا." قالتها حيدا وهي تتأمل تغير ملامح ابنة عمها الفاتنة، من تعجب الى حيرة الى تلهف.
"ماذا! وما الذي فعلته ايتها الشمطاء؟"
"عديني أن لا تغصبي؟" قالت حيدا وهي تستعد للعاصفة التي ستلقيها بها فاتن.
"سأغضب ان كان ما فعلتيه يستدعي ذلك، هيا انطقي." قالت فاتن بنبرة آمرة استفزت حيدا، الا انها لم تملك سوى ان تنطق كما أمرتها
فاتن.
فاتن قد توقعت الكثير، توقعت انها قد كسرت احدى الأثريات الثمينة الكثيرة في قصرهم او قصر والدها. أو انها أفلتت بسر من اسرارها الى احدهم، او حتى انها افشت بسر ليث لشخص لا يتوجب عليها ان تخبره. الا انها لم تتوقع ان يتعلق الامر برجل. فالرجال لم يكونوا سببًا لمشكلة لحيدا ابدا، بل حتى الرجال القلة الذين أعجبت بهم حيدا لم يشكلوا لها مشكلة أبداً. لذا بدأت فاتن بالشعور بالنفور من أيٍ كان هذا الرجل الذي بات يغير من صديقتها الوحيدة.
"أتقولين.. أنكِ أنتِ من قبلته أولاً؟" قالت فاتن مستفسرة وقد حلت بها الصدمة. لم تفعل حيدا هذا قط، بل كانت قلما تقبل رجلاً، وان أرادوا ذلك فإنها تبعدهم عنها. لذا تسائلت فاتن عن مدى عمق وقوع حيدا لهذا الرجل، فإن الامر بات يخيفها.
فركت حيدا يداها بحثا عن الدفئ في جناح فاتن البارد و أومئت ببطئ.
"ومن يكون؟" سألت فاتن بحذر وهي تراقب تغير ملامح حيدا واحمرار وجنتيها، كان ذلك يدفعها للجنون. من ذا الذي أُعجبت به حيدا للحد الذي تحمر فيه وجنتيها لمجرد ذكره؟
"سينا." قالت حيدا ببساطة. فعقدت فاتن حاجبيها بتفكير، تحاول تذكر هذا الاسم الأجنبي عليها، الا انها لم تفلح.
"ومن يكون.. سينا؟" سألت فاتن بهدوء استفز حيدا، لطالما كانت فاتن غير مدركة لمن حولها. لقد جاء حيدا بغيّة ان يحصل على فاتن، الا انها بغرورها لم تلتفت اليه حتى. تنهدت حيدا وهي تُذكر نفسها بأن هذا هو طبع ابنة عمها، وهو لن يتغير أبدا.
"شخص ما، وقد أعجبت به."
"لا داعي لأن تكرري ذلك فقد فهمت بأنك واقعة في الحب معه وأكثر، الا انني لا اعرف هذا 'الشخص' ألا تملكين وصفه على الاقل؟"
أطلقت حيدا زفيرا وقالت بانزعاج. "لا اعلم كيف أصف، ولو أنك تعيرين غيرك بعض الاهتمام لرأيته معي اكثر من مرة ولم اكن لأضطر ان 'أصف' لكِ."
حدقت عينا فاتن السوداوتين بحيدا لفترة جعلتها تندم على ما قالت، الى ان قالت. "كفاكِ انتقاداً لي، وصفيه الي حالاً، اريد ان اعلم من جعل منك هذا الكائن الخجول الذي لا اعرفه."
"اصمتي." قالت حيدا ولكن خانها جسدها فقد ابتسمت ابتسامة حياء. "انه.. انه لبق، وسيم جدًا، وعينيه بلون البندق الفاتح، نظراته تجعل من أيٍ كان يفعل ما يريده هو. شفتاه.." صمتت حيدا لبرهة، "حسنا انني لن اصف لكِ ذلك."
قلبت فاتن عيناها بتململ، "ياله من وصف ممل، ولا تقلقي لن اود ان اقبله ما ان تصفي شفتيه العجيبتين."
اتسعت عينا حيدا. "فاتن!"
أفلتت فاتن ضحكة، ثم تلتها ضحكة وغيرها، حتى اصبح صوت ضحكتها الرنانة هو كل ما تسمعه حيدا حتى انها شاركتها بالضحك جاهلة لما تضحك عليه أصلاً. فسألت من بين ضحكاتها المفلوتة. "ما المضحك؟"
كانت فاتن تمسك بطنها من فرط الضحك وقد بدت.. جميلة وفاتنة. تمنت حيدا لو تضحك فاتن اكثر، لربما افتتن بها الليث. قالت فاتن من بين ضحكاتها. "لقد.. لقد جاء اليوم الذي اراك به مفتونة برجل."
شعرت حيدا بالإهانة لسببٍ ما فبحثت عن اقرب سلاح لترمي به فاتن، فوجدت احدى وسائد سرير فاتن الكثيرة فرمتها به بينما فاتن تضحك بلا توقف على انفعالها.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top