«الصَوت والصمْت.»


خلاص فهمنا أن ألبوم هالزي يلهمك رنغ رنغ.

🔛

وجدته عند مكتبه الصغير الذي تُثقله أوراقه و أقل قدر من أعماله...

صبوها الذي لا يستصيغُ العَيش دون الورق و الحبر، لطالما التصَقت رائحتهما بين أظافر أصابعه و بين طيّات كيانه حتى صارت تراها
جزئا منه.

يبحثُ بين الأدراج عن غرضٍ ما ويبدو من هيجان كتفاه أنه هامّ الشأن.

راقبت تحركات يده اليمنى في الأدراج ثم انتقَل للمكتبة المصغّرة فوقه حيث صنّف بعض الكتب التي نقلهَا معه على امتداد ثلاث طوابق خشبية راقية التصميم..

في منتصفها يضع شموعًا معطرة تناسب تدرجَ ألوان أغلفة الكتب جانبها.

أعجبها ما فعله بالجناح منذ رأته صباحًا، لا بد أن تايهيونغ حاول قتل بعض الوقت هنا عندما تنتهي طقوسِ كبار أسلاف سوكادور...

--يمكنني مساعدتك؟

طلبٌ و سؤال في آن..
هي أذكى من أن تتعامل معه كأنّ شيئا لم يكن بعد أن رأت اضطراباته و شعَرت بذبذبات الغضب التي تصدُر داخله.

الغضب و الحزن،
شعوران لطالما أشعلا فتيل أبناء قابيل فيه...

اختبرت الأول معه كثيرًا، لكن الثاني، لم يزُره منذ أصبحَت هي معه، متواجدة في حياته لتملئها كما يصفها.

--لقد ساعدتِ بما فيه الكفاية،
لولا مارغرييت.--

هناك عدة طرق ينطقُ بها آليكساندر تايهيونغ اسمها، و هذه الطريقة تعني أنه على شفا الإنفجَار والتعامل معه سيكون..

--لا داعي لتتصرّف على هذا القدر من اللؤم، أعلمُ أن لديكَ ما تقوله عن ما حدث،
لنتناقش به فحسب.--

التفَت لها، لغة جسده في ذلك كانت الأعنف.

--أتعلمين؟ لا داعي لذلك أيضًا..
فأنتِ كالجبل، إن تكلمتُ و صرخت ملىء شدقاي لن يدخل صوتي وكل ما أجنيه ربما
هو صخوركِ التي ستسقط فوقي.--

رفعَت حاجبيها و نبرتها الساخرة التالية بدت كتحدٍ حين قالت

-- ألا تظنّ أنكَ تسلكُ منحى دراميًا
في هذا؟--

نزل الدرجة التي يعلوها مكتبهُ عن أرض الجناح، و ابتسم تلك..

ابتسامته السامَة، بينما يمسح أرضه بعيناه.

--ما أظنّه الآن لا أظن أنكِ تودين
معرفته حتى.--

ذهبَ لجهة الخزانة يبعُد جسده و عيناه عنها قدر ما استطاع يكمل بحثه المستميت.

قلبت مقلتيها في سقف عيناها تحاول أن لا يغضبهَا سلوكه لتستطيع التعامل معه، فإن كلاهما حملَ الغضب بنفس القدر سيتنافران للحد الذي سيهدم هذا الفندق.

نظرت للجدران، لا بد أن سوكا أنفَق ثروة لشراء هذا الصرح، هدمه سيكون خسارة لصديقها المفضل.

-- حسنًا، لقد وضّحت وجهة نظرك، أكثر من اللازم...
يمكنني الوصول للخلاصة،
" لا مخالفة أوامر بعد الآن " زعيم.--

سمعته يقهقه و يتمتم بشيءٍ عن جونغكوك، فهمت لاحقا أنه قال

--هذا ما يقوله جونغكوك بعد كلّ
مخالفة و مصيبة يقومُ بها أيضًا.--

ظنّته وجد ما يبحث عنه لوهلة عندما أوقف تحركاته، لكنه استدار يكتسب صوتًا مقلقا في تلك الثواني و يخاطبها كأنها أحد أفراد المجموعة..

كأنها جونغكوك.

-- و ربمَا هذا ما هو عليه الأمر..
لقد سلكت نهجًا أكثر هوانا معكِ، جعلتك تحسبين أنه لا بأس بمخالفتي.

هل هذا ما فكّرت به؟
لأنه خطأ، و المخطىء لا يرَى صوابه حتى
يرى مصابه.

هل تريدين ذلك لولا مارغرييت؟--

لقد أرسل قشعريرةً على طول جذعها، ضربت مكانا ما بعقلها أخبرها أنها ربما قد تجاوزت حدا ما معه..

حدًا لم تفكر بأنه موجُود، كأنها فعلاً فرد من مجموعته و مهما تكُن مكانتها بها سيظلّ هو القائد.

هنا في هذه اللحظَة، الوعي بدى سريعًا و
غير واقعي لها، شيء ما بها تغيّر للحظات فكرت فيها بذكرياتها الأقدم عنه..

تلك التي طمسَها اكتشاف الحقيقة،
الإقترَاب من خطَره و عيشُه معه،
المشي معًا عبر الندوب و الضياع كما وعدَا،

و التصادُم الكوني للشعور بنبض القلب وحرارة الروح في الجسَد،
و الذي يسمّيه جونغكوك "الشوكولا تؤكل ساخنة" بينما يسميه البشر الطبيعيُون المملون "الحب"

جانب كل هذا، الذكريات الجديدَة التي صنعتها معه.

كان هناك همسٌ على طرف أذنها اليسرى، تكاد تشعر بأنفاس القائل على جلدها لكنه لم يكُن قط خارجها..

يهمس كأنه يستميت رغبةً، محترقا لحُدوث ما يريده،
قائلا

--اقطعي لسَانه...--

أغلقَت عيناها حتى انكمش وجهها، أبعدت الصوت بذلك ثم فتحتهمَا على وجهه المشبّع بالسُم والكِبَر يناهزها من مستوى أعلى و تخيلت نفسَها لا تزال لولا البعيدة عنه..

فخطَت للأمام تقترب، كرهت ما شعَرت به و كرهته أكثَر لأنه جعلها تشعر بذلك تجاهه.

-- إن كان لي عقابٌ على محاولة إنقاذ فردٍ من مجموعتنا، عائلتنا..
فسأخضعُ له بكل اعتزازٍ، أيها القائد.--

عيناها سعيرٌ لطالما أحرقت شغافه وتحدت جبروته، كقائد و كرجلٍ و كعاشق.

-- لا تبعديني عن خطئكِ أثرًا بذكر طريقه فحسب، لأنك تعلمين بالفعل،
قائدة!
يومًا ما ستعطينني أمرًا، يوما ما
ستحتاجينني أن أنفذّه، و إذا فعلتُ ما فعلتِه تأكدِ أن تنهبي كلّ ما تستطيعين
الإستفادة منه حين ذلك.--


راقبته يبتعدُ جانبها لكنه توقفَ و قذف جملة أخرى كوَتها أكثر من كل جمرات كلماته و نظراته.

-- إن ظللت حيًا أتنفس لتفعلي.. --

و حينها أوضح لها كعين الشمس ما يخشَاه، ولم يكن عليه فعلاً لأنها تعلم بالفعل أنه يخشى فقدان شخص ما...

لطالما كان ذلك أكبر مخاوفه، أن يفقد شخصًا تحت إشرافه.

و بالنسبة لها، كان الأمر كأن يفقِد نفسه و كل ما يعيشُ لأجله.

-- أنت لن تتخلّص مني بهذه السهولَة..
ليس عليكَ القلق من خطر، عليك القلق على الخطر مني و ماريا.--

لم ترى كلّ وجهه لكنها تجزم أنهُ يبتسم، لقد فعلتها مجددًا و ضيّقت فوهة المسدس التي تصيبُ كل ما أمامه و التي تسمى غضبه.

أو أمسكَت الزناد عنهُ و صوبتهُ لقلبه.

-- أنتِ لا...

-- أعلم، حُب، كان عليك بذلُ مجهود أكبرَ لتخفي الهلع في..

شعر بها فجأة تميلُ على كتفه و تلمس أنفهُ تكمل

-- وجهك.

لطالمَا كنت سيئًا في ذلك بنظري.--

تنفّس...

عميقًا.

و هي قريبة منه، ثمّ أخذَ كتابًا من الرفوف العلوية فوقها، يميل أكثَر منها فيهزمها..

هيمنته و هالته و طريقَة عيناه في تعريتها بنظرة.

-- ظننتُ أنكِ تحبين الطريقة السيئة في
فعل الأمُور، مونتشكين.--

لم تنتبه أنه وضعَ الكتاب بعد إنزاله حتى رفعَها على سطح مكتبه من ساقيها و ينحني لمستوى وجهها،
زفرت دهشتها على رقبته.

-- أريدُ معاقبتكِ بأسوأ الطرق التي قد تتخيلينهَا. --

نظرت لعيناه، بدى مخيفًا ومثيرا للحماس في آن و قد كان يدفعُ بها للحافة.

-- ما الذي يؤخركَ يا فتى؟

-- الإحتمالية المرتفعَة لفقدانكِ أحد أطرافك أو صوتك الذي يمرضني هوسًا. --

ظل خفيفٌ من الأحمر القاني مرّ بعيناه القريبة منها قبل أن ينتهز الهدوء قاطعهُ و يعضّ رقبتها حتى صرخت..

حين فعلت صفعَ فخذها في الجهة الأخرى بقوة جعلتهَا تجفل و تضرب صدره لتبعده.

نظرت لوجهه حين قبضهمَا، عيناه غدت حمراء كليًا و لا تعلم إن كانت لرغبته بها أو سخطه منها...

لكن في كلا الحالتين كانَ يثير الرهبَة، يفوح منه تهديد غريب.

-- خائفَة مني الآن؟
أين كان هذا عندمَا ركضت داخل الأرض المحرمة بينما قلت بوضوح أن لا تفعلي...--

صات بصوته الذي يشبه صدى القصُور القديمة..

لولا دفعتهُ بعيدًا عندما تصادمَ سلوكه بتحمّل ماريا و سلوكهَا المتمرد.

لكنها اختفت سريعًا كما حضرت في لولا،
و وجدَت نفسها تصرخ به في المقابل.

-- لستُ خائفة منك قترَة!--

صمتَت تراقب ابتعادَ الشادنجي عن مقلتاه.

-- إنّه ارتباطي السخيفُ بمجموعتكَ ما يجعلني أحترمك حتى عندمَا تتصرف كألم في الـ*--

--ألفاظكِ لن تساعدَ في تغير هذا
التصرّف قريبًا.--

ثوانٍ من التحديقٍ الملتهب..

ثم،

ابتسمَا في نفس اللحظة و لنفسِ السبب.

الذكرَى.

-- كلانا يعلَم أنني أفضلُ من يواجه ذلك.--

رفعت يديهَا ثم شبكتهما على محيط صدرها.

هو ابتعد يحمل كتابه في يده يُسمِعها

--آليكساندر عائلتكِ مغتبطٌ أنك لم تتخلي
عن عائلتكمَا.

أما صبوكِ فيرغب بعقابٍ ملائم.--

-- و القائد؟ --

أشارَ إبهامه لفراشه ببساطة بينما يفتح
الكتاب لتفحصه، لم ينظر لها حتى..

مرت عليهَا ظلال من الأحمر و الوردي.

نزلَت عن مكتبه ترتبُ سروالها عندما ارتطم الكتاب بأرضه، أنينٌ خافت منه تحول لشبه صرخة ألحقت جسده بالكتاب.

ثوان تدهور للقاعِ بعد أن كان شامخًا، هرولت نحوه هلعة الوجه و الجسد.

--تايهيونغ؟ ماذا، فقط ماذا؟--

لأنهُ ظلّ يلتف يمنة و يسرة كأنه صريعُ الألم، ملامحه انكمشَت تجعل قلبها يعتصر.

رفعته لحجرها تبحثُ عن مصدر ما بجسده، و ذلك كان يرعبها أكثر...

-- أنا.. هنا، تايهيونغ ماذا يحدثُ لك؟
قل شيئًا...--

يداها جالَت ما طالت و هي تحاولُ إنطاقه عبثًا، لاحظت أنه يمسكُ يده..

خوفها جعلهَا تتخيل أسوأ السيناريوهات الممكنة، كأن تكون ماريا فعَلت شيئا له حين خرجت...

كان ذلك يخيفها دومًا، لأنها ببساطة لا تثقُ بها ولا تحيط علمًا بكلّ ما تستطيع فعله.

لا أحد يعلمُ حقا.

لذا أمسكَت يده و ظلّت تعتذر بطريقة أقرب للهيستيرية، تغمض عيناها و تكاد تدمع..

-- أنا هنا..--

قالت أخيرًا، كان هو بحضنها، يده بيدها و بدى ذلك كيوم التدريب الذي فقدت فيه وعيها حين اتصل ماهيتو (الذي لا يرى شرا) بعقلها.

حين استيقظَت كان هو بمكانها الآن.

الآن و قد هدأ عن نوبة الألمِ، و فتقَ عيناه للضياء..

قابلتهُ منكسرةَ النظرة، كررت أنها هنا معه.

حمَل يده لثغرها يلمسه عندَ نهاية جملتها كما فعلت هي قبل ثلاث سنوات.

-- أنتِ هنا.--

ابتسَمت تتنفس اطمئنانا عليه، بعد أن جزعت روحها لما يحدث..

و أكثر ما أخافها هو أنهَا لم تكن تشعُر به ولا تعلم حتى ما ألمه.

-- لا بأس، لا تقلقي...--
حاول الإعتدال بينما يقُول ذلك، كان القيام به أصعبَ مما اعتقد.

-- أرجوك قُل لي أن هذا جزء من
عقوبتك لي؟--
ترجّت و هو قهقه يتعسّر عليه الضحك بصخب لفكرتها

-- أتمنَى لو كان هذا ما وقَع..--

فحصته بينمَا تساعده ليجلس، كفها غاصت في صدره و ظهره السليمين من بقايا الوجعِ الآفل فهي لم تدري أين موقعه بعد و حين أرادت سؤاله أخيرًا...

قاطعتهَا الجلبة خارجًا، عواء عنيفٌ سبقها جعلهما يمران بفورة القلق مجددًا على ما يحدث.

حاول الوقوف فلم يقدِر، أمسكت يداه لكنهُ شهق و طالبها

-- اسبقيني فحسب، سأكونُ ورائكِ..--

أومئَت تخرجُ من الجناح عند قوله و هو الذي كان يحتفظُ بصلادته انهارَ في مكانه يسارع برفع يده لمرآه...

الشعيراتُ السوداء عادت للبروز بها، كان يعلمُ أنها السبب منذ البداية.

لقد صعدَ إلى جناحه عند الوصول للبحث في أمر ما رآه في الحدود، علّه يكتشف ما أصابه و لما بحقّ خالق ذلك الشيء تستطيع الفتاة في الأسفل السير على قدمها بينمَا هو يعاني لتحريك أصابع يده.

____________________

عند تلقي بروس للإتصَال، كان هو و الألفَا و بعض الرجال في اجتماعٍ مع عصابتين من المافيا البرازيلية تجمعهم بها بعض الصفقات العالقة منذ عهد الألفا جونيور.

بعض الأعمال لم يتمّ الفصل فيها بين الجماعتين قبل ذهابهم لألمانيا منذ ثلاث سنوات حيث قائدهم الأعلى آليكساندر.

لكن القطيع هنا الآن و ألفاه الجديد هنا و سينظم ما تركهُ جونيور عالقا، يضمنُ بذلك عدم إراقة دماء لا داعي لأن تُراق.

سيارة بي أم دبليو السوداءُ مكشوفة الغطاء خاصته تقتربُ بسرعة من الفندق الذي أصبحَ أحد ممتلكاته.

لقد أُخبروا أن الأمر لا يحتمل تأجيلاً، فسقطت فرضية أن طلب عودتهما سببه وصول الضيوف الأعزّ فحسب.

أخذ بروس يتأكد من عمل المستذئبين الذين وضعُوا للمراقبة بجميع حواسه، شيءٌ طبيعي من بيتا متيقظٍ و فطن مثله.

-- أراهنكَ بالبندقية سي 58 أنّ جونغكوك
له يدٌ في هذا الخطب.--

قال بروس الذي يجلسُ في المقعد المجاور، يكاد يستلقي في مساحة السيارة التي تسمحُ بإخفاض المقعد.

-- تلك بندقيتي و بالتأكيدِ لن أراهن عليها مع أحد لا سيمَا في رهان واضح النتيجة.

يا فتى، كلانا نعلمُ أنها عادات و تقاليد ميكي و جونغكوك عند اللقاء، أول خطوَة الإجتماع معًا..

ثانيا، الكوارث.--

ضحكَ بروس و سوكا أخفضَ قوة قدمه على دواسة الغاز، السيارة أصدرت صوتًا و السرعة تقهقرَت عند بلوغ المرتفع.

أوقفهَا و كان بصدد قول شيءٍ حين شعَر بكيان غريب وسط قطيعه.

أراد خداع نفسهِ بأن السبب هو ربما ماهيتو الذي يظهرُ أحيانا للولا.

يعلم أنها هنا الآن، قد يكون ذلك سبب اختلالِ قدرته على رصدِ عدد الأفراد في محيطٍ معين تحدده هذه القدرة كذلك.

الكيانات الغريبَة كماهيتو لا تختلف في ذلك شيئا سوى أن كونها غير اعتيادية يسببُ نوعا من الشذوذ في راداره.

لكن ليس هذا هو الأمر، لقَد بدأ الاعتياد على ماهيتو بالفعل، كان ليعلمَ لو كان هو السبب لأن ذلك الكيان لا يحمل رائحَة كالتي تستقبلها حواسه الآن.

شيءٌ مثل رائحَة قاتمة، داكنة، تشبه الخطر.

بروس لاحظَ التغير السريعَ في ملامح سوكا، فطفق يستشفُّ سببا من هدوء ما حولهما.

لم يكن له جوابٌ سوى ما سيحصل عليه إن لحق بألفاه الذي عجّل في مشيته، عبر البوابة...

ناهزَ تمثال النافورة و الرائحَة تزداد قوة.

في مدخل الفندق كادت الرائحَة تسبب اختناقهُ بشعور لا يفهم كيف وُلد به.

سعير من غضبٍ عتيق، و صوت مألوف في جوفه يقول له أنه لا يعلمُ أيضاً سبب رغبته الجامحة في الهجوم.

ذاك كان صوتا داخليا من ذئبِه.

رائحة أخته كانت قريبة من الأخرى الغريبة، جعلتهُ يفقد أعصابه أكثر لا غير و عند مروره كان القطيع أجمع يقف احترامًا له و رهبة مما هو قادم...

تتبع المصدر دون حاجَة للإشارة، قادته للساحة الخلفية من الفندق حيث يتربعُ كيلومتر أو إثنان من الزرع و الورود غنية اللون المناسبة لجو ريو دي جانيرو الحي.

و ها قد وصَل الذئب لمصدر الرائحة.

التفتت ميكي أولاً تصيح باسمه و بروس خلفهُ، جونغكوك كان هناك أيضًا على يمينها...

لكن ما على يمينه هو، تلك كانت السبب.

ثوانٍ فقط و زمجَر سوكادور كأنهُ بوق حرب، اندفع ذئبه على جسده ممزقًا حلته..

السرعة في فعله جعلت بروس يتراجعُ أكثر و هالته المستنفرة والهائجَة سببت هلع ميكي أيضا.

لقد هاجمَ الفتاة معهما كأنهُ لا يعرف شيئًا في حياته سوى أن عليه قتلها.

ڤين ديرما التي وثبت للخلف تُأخّر التلاقي بينها و بين مهاجمها المتوحّش.

وجههَا امتلأ بغضًا وغسقا كسابق ما رأى فيه جونغكوك، كمحاربة تعرفُ أن أهم خطوة في المعركة هي تحديدُ قوة خصمك..

حملت من ساقها خنجرًا لتدافع به عن نفسها لكن سرعة ذاك الذئب فاجئتها عندما قفز من مسافة بعيدة نسبيا مباشرةً نحوها في الهواء.

أطراف أسنانه قابلت عيناهَا قبل أن تنخفض عن مرماه و تنزل أرضا بعنف أضرّ ركبتها.

رفعَت نفسها تحرك جزئها العلوي ثابتة و بطيئة، تدرسُ أثناء ذلك ما ينويه الذئب الذي استدار مكشرًا عن أنيابه المعقوفة رعبًا وقسوة صوبها لتراه.

جونغكوك صاتَ قبل الجميع كون سوكا لا يملكُ سُلطة عليه.

-- ما الذي تحاولُ فعله سوكا؟ هي معنا..
توقف!--

الصيحة الأخيرة كانت نتيجَة عدوِ ذئب سوكادور الضخم نحو ڤين ديرما مجددًا كأنه لا يسمعُ ما يجري حوله.

قفزت هي أيضا تحاكي حركاته لصدّه، على كلتا يديها توازنت و الخنجر في فمهَا

ثم قفزت ثانية لتقف على قدميها و تميل بجذعها للخلف، قدرُ المرونة ذاك كان مستحيلا بالنسبة لظهر إنسان لم يتدرب ثلث حياته على ذلك.

ارتمَى سوكادور بعد أن مرّ فوقها، مخالبه التي كادت تجز عنقها رسمت مساراتٍ عميقة في الأرض أسفل قوائمه.

ذئبه المهول وقفَ على أربعة يجهّز هجوما آخر، مباشرا و قاضيا..

كان حجمه قد ازداد عن حجم الذئاب المحاربة بسبب تنصبه كألفا و تأديته لقَسم القمَر.

و عندما ينهي طقوس ترسيمه، سيتضاعَف حجمه و قوته العضلية..

و لولا هذا التأخر بالطقوس ربمَا كان ليقتلَ ڤين ديرما في أول هجوم.

نظرَت لحيرة من حولهم ثمّ ليداها،
كانت ترتعش..

لم تشعر بهذا منذ زمنٍ طويل و هي في منتصف القتال لأنها صلدة كحجرٍ خُلق في رحم الكهوف الوعرة.

و هي تنظر لعيون الذئب المقيت مقابلها، تذكرت تربة المدافن التي غطّت أرضها القديمة..

رفعت رأسها لأنها لم تعد ترتعشُ قلقا، بل لأن شيئا ما يحثّها على مهاجمته فحسب.

ربما العدائيّة التي أبداها، و ربما ما عرفته عند قربه عن نسبه و دمه.

خزرت جانبها ثم ابتسَمت في وجهه تزيد توتر من حولها

-- هيا، لا تخيّبني الآن..--

بكلماتٍ تعاني لتركيبها، و صوتٍ متلذذ بالحدث، أشارت بيدها أن يهاجم..

كفها حاملة الخنجر ارتفعَت حدّ وجهها تشهره و الآخر لم يقاوم الإستفزاز الذي حمله تحديها له..

في تلك الأثناء كان جونغكوك يحاول التدخّل لكن نظرة واحدة من ميكي لذئب أخيها و قد علمَت أنه سيمزقه إن فعل.

و وسط ذلك لم يبدُو أن ڤين ديرما تستمع لفوضاهم حتى..

المعركة التي تدور بينهمَا كانت تخصهما فقط، بعيدة عن الجميع كأنهما بقفار فارغ.

ثانيتين و في الثالثة ركَض سوكادور ناحيتها يلبي دعوتهَا، تمسكت أصابعها بمقبض خنجرها تستعد لهُ..

تعلم أنها ستفقد إصبعا لو تهاونت لحظة، إنه خصمٌ لم تحضى به منذ مدة.

خصمٌ فطري.

-- سوكا توقف! --

توازنه اختلّ بين جانبه البشري و ذئبه عندما ظهرَت لولا فجأة في وجهه تمسح صورة و هالة ڤين ديرما الخانقة من أمامه.

لكن عيناها حملت لوما بعد جملتها تلك، ذراعيها ارتفعت عاليًا و قوتها و حضورها كان كالصفعة على عقله.

فكرة أن يلمس صديقته، صبو قائده الأعلى و قائدته كذلك بسوء نفضَت ضباب رغبته المتوحشة و غير المبررة لقتل تلك الفتاة.

زمجرَ كأنه يحارب للتراجع لكن لولا لم تفعَل و لو نصف خطوة، ثبتت و راقبته يتخبّط في قرارته حتى بدأ بإخفاض رأسه مذعنًا و قد زال عنه شعور التعطّش للنحر الذي دفع مخالبه.

بهدوئه تركَ بروس جونغكوك و اقترب الثلاثة نحوهم داخلَ حدود الخطر، لكن ڤين ديرما لم ترخي دفاعها البتة.

بقيت متيقظَة لأي حركة صغيرةٍ من ذلك الذئب الذي يملأ الفضاء من حوله حجمًا وقوة.

لولا أبعدت يداها تتنفّس بسرعة نتيجة ركضها إلى هنا و رؤية المعركة الضارية بينهما..

لن تعترف بهذا لكن شيئًا ما بسوكادور أرعب كل شبر بها، عيناه لم تبدو كعيناه و هو يستعد لقتلِ الفتاة خلفها دون أدنى تردّد.

-- ما سببُ القتال بينكما؟--

نظرات سوكادور و ڤين ديرما لبعضهما لم تكُن ترضخ عكس الهدوء الذي نما على جسديهما و لولا لم تنتظر إجابة من الصمت الغارق في الغضبِ و التنافر لأنّ الغريق لا يتحدث.

-- سوكا قدمَ من العدم و بدأ مهاجمتها..
صدقًا ما خطبك يا صاحبي؟ كنتُ أصرخ بك
أنها معنا.--

كان ذاك جونغكوك الذي يلتقطُ أنفاسه المسلوبة في لحظات قتالهمَا العنيفة.

ميكي خزرت أخيها الذي لا يبدو أنه ينوي إسدالَ موقفه المعادي أو العودة لجسده البشري، ناهزته ففاجئهم بزمجرة أخرى نحوها تجفلها و تدفعها خلفا..

"لا تقتربي منها."
هكذا بدَت رسالته ومغزى فعله من ذلك، إنه لا يثق بڤين ديرما و هذا ليس صعبًا للملاحظة.

لولا تنهّدت تنظر للباب الخلفي الذي لم يظهَر منه تايهيونغ حتى الآن، ثم إلى الألفا الهائج الذي عليها التعامل معه.

-- سوكا هل يمكننَا التحدث بعقلانية،
دون زمجرَة أو مخالبَ متناثرة.
أعلمُ أنك تستشعر غريبًا في أرضك وهذا قد يسبّبُ تصاعد غريزة حمايتك لقطيعك،
لكنها ليسَت ما تظن، ثق بي.--

تماطلهُ و تناجيه علّه يُخرس أبواق الحرب التي تقرع بينهما، إنه و كأن الهواءَ بينهما يتصادمُ وهجًا ونيازك.

-- أرجوك أخي، تريّث في حكمك...--

فاهت ميكي و خطت خطوةً ضعيفة الوقع، بروس كان يرجو ذلك أيضا لكنّه عندما نظر للألفا بدى أنه لا يستطيع التريث و ليس حكمُه ما يقود فعله الهجومي بل شيء آخر...

هالة تايهيونغ جذَبتهم و صوته الذي يستدعي التأهب له.

-- لما الآلفا يتّخذُ جسد ذئبه؟ --
نبرته بدت مشككة وحريصة تصبُّ كليا في تجريمِ أي من كان سبب ذلك و العيون انتقلت لڤين ديرما تضعهَا مذنبة أمامه.

زمجَر سوكادور لتحركها المفاجىء خلف لولا بمسافة و ذلكَ أدى للإحتدام بينهما مجددا، و كان على لولا الثبات هناك كعمودِ إنارة..

جونغكوك أطرفهُ وضعها بينهما، هي التي زفرَت حانقة المحيا.

-- هناك سوء فهمٍ واضح بينهما..--
نبست لولا تعضّ نواجذها لتهدأ.

-- لا أعتقِد أن ذلك كل ما في الأمر.--

أظهرَ بروس صوته أخيرا يشير بحاجبيهِ لسوكادور، الذئب، بؤبؤ عيناه متّسع بصورة غير اعتيادية.

تايهيونغ اقتربَ، من يراه يمشي متعالي الكتف لن يحزرَ أبدا ما حصل له من نوبة ألم منذ قليل.

-- من أين لكِ بالخنجر؟ --

سأل تايهيونغ ڤين ديرما من مكانه، هي التي تشهرِه في وجه الذئب، يتواجهان و لا يبدو أن حجم لولا يستطيع حجبَ الكره بينهما.

ضربت قدمها اليمنى بالأرض تشيرُ أنه كان هناك، لا تتخلى عن انتباهها.

-- أود لومهَا زعيم، لكن أخي ركضَ يهاجمها دون مقدمات أو خطأ منها.--

نظرَت ڤين ديرما لميكي التي دافعت عنهَا رغم المشادة التي حدثت بينهما سابقًا.

و ربما أطالت تأمل ميكي أو أنّها أشعرت سوكادور بأنها تهددها لأنه في لحظات قفزَ متجاوزاً جسد لولا و الزاوية التي يقفُ بها قائده آليكساندر تايهيونغ...

في لحظاتٍ فحسب، كانت أنيابه في وجهها الحسنِ و المخدوع بالتوقيت.

عندما اصطدمَ بها كان لديها خياران، إما أن تموت بعضة مستذئبٍ بشعة على طول رقبتهَا أو أن تجعل توازنه يختلُّ ليسقطا أرضا و تستعمل الخنجر لمنع أنيابه من تشويه وجهها عوض رقبتهَا...

و قد اختارت الثاني و أدّته ببراعة و مع أضرار جانبية مؤلمة على طول ظهرها، الخنجر استقرّت بين صفي أسنانه حيث يحاول جاهدًا الظفر بها.

إذا فوق جسدهَا كان هناك مستذئب محارب، و في جوفها محاربة رمقٍ أخير

و النساء..
آه، النساء.

أعظمُ شيءٍ بالكون،
لأنهن دوما مزيجٌ من القوة و الدهاء.

ضحّت بذراعها الآخر و في ثوانٍ مزقت أحد التمائم الملتصقة بخصرها

-- أحببتُ قتالك.
لنذهب معًا.--

قالت و قبل أن يتمكن الآخرون من فصلهمَا، رمت التميمة في فمها، كسرتها بنابها و زفرت الغبار القابع داخلها بين أنفاسهما.

عيونهما التقت، رأت ڤين ديرما كيفَ عاد بؤبؤي سوكادور لحجمهما الطبيعي و ساحَت أشعة شمس صيفية فيها جعلت بصرها يغشى..

ثم اُغلقت ستائر جفونه عن ذلك المنظر و جسده الصلد ارتخى أولاً و سقطَ فوقها هامدا خاوٍ، ثوان أخرى و اُرهقت عيناها في الغيهب و آخر ما ظلّ ينبض في وعيها هو ملمس فرائه الأثيث بين أناملها.

___________________

___

ح م ا س

قصص المستذئبين من الفئات النفضلة عندي شخصيا، أني اكتب عن أحدها يخليني في فوضى من الحماس والقلق والانتشاء
ومسرورة أني قاعدة أخوض هذه التجربة معكم ♡

كلنا ندري أن آليكس سايكو بس الكاتبة تحاول تغطي عليه.

سوكادور و ترحيبه بڤين ديرما؟

ملاحظة بس، اسمها ڤين ديرما، مش ڤين لحال او ديرما لحال اعتبروه اسم مركب مقطعين أو أي شيء لمهم...

•أتمنى عجبكم البارت.

See you babies take care ♡

.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top