10: صديقتي مُسبقاً.
صديقتي ماريا،
الريح حشدَت السُحُب في السماء فإزدادت الأجواء عتمة، السُحُب -الفضيّة بلونِ الفَجر- تدلّت نحو الأرض وهي تدوي وتئنّ، ولمع البَرقُ، وإختفت الشمسُ هارِبة، وعَوَت الريح مُختصمة فيما بينهما وكأنّ هناك شجار كبير بين عناصر السماء.
كما هٌناك شجار بداخلي.. تشدّني أفكاري نحو شيء ما، ثُم تشدّني نحو فكرةً مُعاكِسة.. ضائعةٌ أنا في المُنتصف.
لكنّكِ تعلمين. نحنُ لم نعُد صغاراً يا ماريا.. لذا قد إهتدى قلبي أخيراً إلي هذا الحلّ.
لطالما حفظتُ يوم عيد ميلادكِ يا ماريا، لذا لا يمكنني أن أتجاهله..
كُنتُ أقول في تلك المُناسبة "كل سنة وإنتي طيبة!" كغيري من الناس لكنّكِ كُنتِ تقولين "قرّبتي للموت بسنة يا روحي!" وكان ذلك يُضحكني كثيراً..
أتذكُرين؟
علي أيّ حال،
كل عام وأنتِ بخير يا ماريا.
أتمنّى أن تكوني مُحاطة بأناس يهتمّون لأجلِك كما كُنت أفعل، وأتمنّى أن تعيشي حياةً سعيدة كالتي أحياها الآن.
عيد مولدٍ سعيد، يا صديقتي مُسبقاً.
بالتأكيد تعرفين إسمي الآن..
صديقتكِ فيما سبق، ليلى.
*****
وقعت عيناها علي الإسم لتُغلِق عينيها وتقع دموعها علي الورق فتُبلله، كتمت شهقتها لتغلق الكتاب وتتركه بجانب بقيّة الهدايا التي وصلتها.
تقلّبت بين مشاعرها المُختلطة، وغرقت في ذكرياتها الأليمة.
تذكّرت كُل الأيام التي جمعتهما معاً، وإزدادت دموعها حرقة..
كانت أصوات الأغاني والإحتفال تصدُر من صالة منزلها، بينما هي تحتبِسُ نفسها في غرفتها وتبكي بمرارة.
أدركت كَم كانت سيّئة، كم كانت تافهة وغير ناضجة.. فوقعت أسيرة لقبضة الندم التي أخذت تعصِرُ قلبها.
الندم الذي لم يزُرها يوماً، جاء لينتقم في هذا اليوم لكلّ ما سبق.
طُرِق الباب ليقطع بكائها، وسمعت صوت والدتها تقول "ماريا، حبيبتي. شوفتي الهدايا؟ يلا بقا عشان صحابك قاعدين مستنيينك برّا."
"صُحابي؟" همسَت لنفسها ساخرة، وطبّقت شفتيها في شفقةٍ مِنها علي نفسها لتتساقَط دموعها تُلاحِق بعضها بعضاً.
نظرَت نحو الكِتاب لتدور الأفكار بذهنها، وقبضة الندم لازالت تعتصر قلبها حتي نفذت قطرات دماءه.
"صُحابي مين اللي بتتكلم عنهم ماما؟ اللي مبيفتكرونيش غير وقت المصلحة؟ غير وقت الخروجات والإحتفالات؟ صُحابي اللي عُمر ما واحدة منهم جت تهزّقني عشان مصلحتي زي ما عملتي؟ صُحابي مين مِن بَعدِك؟" خرج صوتها خافتاً لإختناقها لكثرة شهقاتها.
"سامحيني يا صاحبتي.." همست لتضُمّ ساقيها إليها وتبكي أكثر.
ليست كُل الصداقات فاشلة، وليست كلّها مؤلمة وبشعة وما إلي آخره.. فالصداقة هي أثمَن العلاقات وأسمَى معاني الحُب وأرقَى المفاهيم، يترتّبُ الأمر علي إختيارك للصديق الصَحيح.
الصديق الذي يستحقّ أن تضحّي لأجله، الصديق الذي يهتمّ لك ويفهمك ويُقدّر مشاعرك ويخشي عليك حتي من نفسه، الصديق الذي يتحمّل تقلّباتك المزاجيّة ويبقى بجانبك في أوقات ضعفك ويعينك علي ترميم كسورك دون مُقابلٍ يُذكَر، الصديق الذي يتمنّى لك الخير ويُفضّلك علي نفسه، الذي تشعُر بالأمان بين ذراعيه، الذي يتقبّلك كما أنت ويُحبّ تفاصيلك الصغيرة المُملة التافهة في نظرك.. الصديق الذي يري إبتسامتك تبهَت فيُساعدك علي جعلها تتوهّج، الذي يحفظ أسرارك، الذي يُعانقك كُلّما بكيت، يسندك كُلّما وقعت، يساعدك كُلّما تعبت، ويدعمك كُلّما أُحبِطتً.
لا تحبس نفسك في دائرةٍ مُغلقة وتنطوي وتنزوي في أركان الغُرفات تجنّباً للألم ومتعمّقاً في الوِحدة. لا تلُم الصداقة، بل لُم خياراتك الخاطئة.
وإبحث عن صديقٍ حقيقيّ يُنير دربك المُظلِم، ويُلوّن حياتك الباهِتة.
فالحياة دون صديقٍ حقيقيّ جحيمٌ لا يُطاق، وأيامٌ لا تُعاش.
وفي نهاية المطاف جميعهم راحِلون، لن يبقَ سوى مَن أحسنت إختيارهم.
*****
تمّت بحمد الله في 25/10/2018.
رأيكوا يا جماعة في الفكرة والسرد وكله؟
تقريباً أول مرة أنزّل قصة كاملة فـ يوم واحد فا سقّفوليXD
حبيتوها؟
أكيد كلنا كان عندنا "ماريا" في حياتناXD
أنا شخصياً إستمتعت بكتابتها أوي وأتمنى تكونوا إستمتعتوا بقرائتها بردو والهدف وصلّكوا بشكل خفيف علي قلوبكوا❤️
ياريت لو عجبتكوا تقولوا لأصحابكوا يقرأوها وكده لو مفيهاش إساءة أدبXD
وبس كده.. آي لاف يو❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top