23~جُولْيَانَا...
قراءة ممتعة💙
﴿أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ مَعَانِي الْمَحَبَّةْ...لَيْسَ لِي أَنْ أُبَرِّرَ هَذَا الشُّعُورْ...فَلَنْ تَفْهَمُونِي وَلَنْ تَعْذُرُونِي...لَحْظَةُ الْحُبِّ أَرْوَعُ مَا فِي الْوُجُودْ﴾
- راقتني💫
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
مرت تلك الليلة كباقي الليالي بالنسبة للبعض، والبعض الآخر كانت كالجحيم البارد!
لم يستطع تايهيونغ النوم جيداً من فرط التفكير، بل سهر الليل بطوله وهو ينسج ويعيد تذكر ما جرى بينهما.
للحظات تنتابه السعادة لإقترابه منها وحصوله على فرصة إستنشاق عبيرها، ولحظاتٌ أخرى يلوم فيها نفسه على تهوره الذي لم يكن من خصاله ولو لمرة في حياته...فلطالما تميز بالحكمة والتريث.
وبالعودة الى صباح اليوم التالي، الجميع يستعد للتحضير على قدمٍ وساق.
الفوضى تعم المكان لأنهم سينقلون كافة الأغراض الى أحد الفنادق المشهورة حيث سيقام الحفل.
وكل واحدٍ قد كُلف بمهمةٍ تستوجب الدقة التامة في الإنجاز...حتى يسير الحفل كما خُطط له تماماً.
إنتهى تايهيونغ من جولته الإستطلاعية حول كيفية سير الأمور وإتجه نحو مكتبه لأخذ قسطٍ من الراحة بفضل عدم نومه الليلة الماضية، فلا يزال لديه الكثير لينجزه.
إنتابه الإستياء منذ الصباح بفضلها!
كان من الواضح انها تحاول تجنبه بعدما حدث بالإمس...إما انها خجلة او تشعر بالتوتر منه، هذا ما فكر به.
لكنه سيحاول إصلاح كل شيء بطريقته الخاصة.
وأثناء غوصه في بحر أفكاره أتى جونغكوك فجأة!
انه هنا منذ أن فتحت الشركة أبوابها ليساعدهم على الإنتهاء باكراً، وهاهوذا يقتحم مكتب صديقه كالعادة...حتى أنّ الآخر بات يميز مجيئه من طريقة دخوله!
- مالذي تفعله؟
تسائل بينما يرمي بنفسه على الأريكة مع نظراتٍ متفحصة للمكان، ليدلك المعني بالكلام جبينه حتى يطرد الصداع ثم أجابه ببساطة:
- أجلس.
- حقاً! ظننتك تقضي حاجتك!
جونغكوك لن يتخلى عن السخرية ولو على جثته، فقهقه الآخر بسخرية تعدت الآخر بأضعاف ثم قال:
- يالك من ظريف!
- اجل انا كذلك.
ملأت الثقة نبرته، فهز تايهيونغ رأسه بيأس.
وبعد لحظاتٍ عاد جونغكوك للسؤال من جديد، حيث قال:
- هل فعلت ما طلبت منك؟
بدى متلهفاً لسماع الجواب، فإطمأن ما إن أومأ الآخر وإستقام معتدلاً في جلوسه.
- هل سيأتي؟
- لا أعلم...ألححت في دعوتي على قدومه، وأتمنى أن يفعل.
ومن دون سابق إنذار كاد تايهيونغ يقبّل الأرض بفضل قفزة صديقه الرياحية فوقه!
- آه تايهيونغ انت أفضل صديقٍ في العالم كله، شكرا لك شكرا شكرا.
وعلى الرغم من هذا لم يسعه سوى الضحك بخفة ومبادلة حضن صديقه الأهوج.
- العفو يا مجنون...أكلُّ هذا لأن شقيقها سيأتي؟!
- اجل...ألم أقل لك أنّ لقائي الأول به كان سيئاً؟
لذا سأحاول إصلاح كل شيء الآن بما انني أصبحت مرتبطاً بشقيقته.
أوضح جونغكوك أكثر فهز رفيقه رأسه بالإيجاب بينما يتذكر حديثهما بالأمس عن هذا الأمر.
Flash back:~
- تايهيونغ...أريد منك إسداء خدمةٍ لي.
تحدث جونغكوك بجدية، وهذا ما قاد تايهيونغ الى التعجب، فقال:
- بالطبع...ماذا هناك؟
- أريدك أن تدعو شقيق هيري الى المهرجان، تعلم...لقد تشاجرنا تلك المرة والان الوضع قد تغير كلياً، وأصبحت في علاقةٍ رسمية معها، لذا أريد حل الخلاف والتقرب منه بشكلٍ أكبر.
كان جاداً في كل كلمةٍ يقولها، وهذا ما جعل صديقه يبتسم داخلياً على نضجه المفاجئ!
تلك الفتاة غيرت من مساره الى الأفضل...وهو ممتنٌ لها كثيراً.
كما ولن يرفض طلب أعز صديقٍ له والذي لطالما سانده في كل شيء.
- حسناً...لك هذا.
إبتسم بجانبية، ليضرب كفه بكف جونغكوك الذي كاد يقبله من فرط السعادة!
- شكرا لك تايهيونغ.
- كلا جونغكوك...لا يوجد شكرٌ بين الإخوة، هذا واجبي.
إستوقف صديقه بهذه الكلمات، فعاد الآخر الى الإبتسام بإتساع، وما إن تذكر أمراً آخر حتى إستطرد من جديد:
- آه تذكرت...شقيقها طبيب ويعمل في مستشفى سيول الوطني، لذا أرسل له الدعوة في مكان عمله حتى لا تشعر هيري بالغرابة، فأنا لم أخبرها ولا أريدها أن تعلم بأني خلف كل هذا.
كما وإجعل الدعوة توحي بأنها موجهة الى كافة أقارب الموظفين المميزين...حسناً؟
- حسناً، سأتدبر الأمر.
End flash back.
كان جونغكوك على وشك المغادرة لولا إلتقائه ببيكهيون عند الباب، فعقد حاجبيه بسرعة!
أما بيكهيون فقد إبتسم بإستفزاز نحوه ثم قال:
- صباح الخير يا صهرنا العزيز.
تعمد ذكر صلة القرابة المستقبلية حتى يوضح له بأن لا شيء بينه وبين هيري...على الأقل حتى لا يعبس في وجهه كلما يراه، فأجابه الآخر بملامح قد إرتخت نسبياً مع حاجبٍ مرفوع:
- صباح الخير.
تجاوزه بيكهيون ودخل ملقياً التحية على المعني بالزيارة:
- صباح الخير تايهيونغ.
إبتسم تابهيونغ بخفة ورحب به أيضاً.
- صباح الخير...تفصل وإجلس.
إمتثل بيكهيون لكلام الآخر وجلس بالفعل، اما جونغكوك...فلا يزال عند الباب ويحدق بما يجري كما لو أنّ عقله لا يزال يفسر كلام الجالس للتو!
فأفاقه من شروذه صوت تايهيونغ وهو يخاطبه:
- إن قابلت ايرين في طريقك أخبرها أن تعد بعض القهوةِ لنا...أظن بأنها مشغولة وقد لا تجيب على هاتفها.
أومأ جونغكوك، وكان على وشك المغادرة لولا قول بيكهيون الذي فهم انه تحدث من داعي الإستفزاز:
- مهلاً!..أخبرها بأن الذي مع تايهيونغ هو بيكهيون، فهي تعلم بالفعل كيف أحب مذاق قهوتي، وللتأكيد قل لها بأنه يريدها داكنة.
فغر جونغكوك فاهه بدهشة وسخرية، هل يمزح معه؟!..هل يظنه خادماً يعمل تحت إمرته؟!
إبتسم بيكهيون بإنتصار، اما عن المندهش فقد حول بصره نحو تايهيونغ علّه يواسيه ولو بنظرة...إلا انه قال أيضاً:
- اجل، اخبرها أن تعد كوبين من القهوة الداكنة.
أرخى كتفيه وتنهد بينما يبتسم بإصفرار حتى يغيظ الآخر وقال:
- حسناً.
إبتسامة الإنتصار لم تفارق شفتي بيكهيون...انه لا يقل طفوليّةً عن جونغكوك على أي حال!
كلاهما يبدوان جديين في بعض الأحيان، وأحياناً أخرى بعقل طفلٍ في الخامسة!
- ما آخر التطورات بشأن القضية؟
تسائل تايهيونغ معيداً بيكهيون الى أرض الواقع.
- لم يتغير شيء، كلاهما يرددان ذات الكلام منذ ذاك اليوم ولم يغيرا أي شيءٍ فيه...أظن بأن جيبوم بريءٌ هذه المرة.
أمال تايهيونغ جانب شفتيه بسخرية وعيناه تتمركز على الفراغ أمامه.
- ما يحدث شيءٌ من إثنين!
إما انه يبتزهم بورقةٍ رابحة، أم انه بريءٌ بالفعل، ولكن لا تمنحه الأمان بعد، فقد يكون كِلا الإحتمالين من وحي الإستنتاج لا أكثر.
- على كل حال لا يزال أمامنا وقتٌ حتى نبحث قبل أن يتم إغلاقها، وذلك إن لم نجد دليلاً قاطعاً، والى حين ذاك الوقت سنجد حلاً يرضي الجميع.
- حسناً جيد...اوه بالمناسبة، ستأتي لاحقاً أليس كذلك؟
سأله، فأجابه الآخر بتردد بينما يعبث بالأصفاد خاصته:
- لا أعلم...ربما لا أجد وقتاً، فلدي عملٌ كثير لم أنتهي منه بعد.
- لا شأن لي بهذا، انه أول طلبٍ أطلبه منك!..ستأتي حتى وإن إضطررت للذهاب الى مركز الشرطة وأخذ إذنٍ لك بنفسي من المدير.
قهقه بيكهيون ليرفع مقلتيه نحو تايهيونغ ثم قال:
- حسناً...لن أرفض طلبك وسأحاول، شكراً لك على أي حال.
- العفو.
دخلت ايرين مقاطعةً حديثهما بينما تحمل صينية بها فنجاني القهوة، وإبتسامتها تكاد تشق وجهها لمجرد رؤيتها وجه بيكهيون.
- بيكهيون!
- صباح الخير لطيفتي...تبدين متعبة!
إستقام وإحتضنها، ثم تفحص ملامحها الراسمة للإعياء.
- قليلاً فقط.
عبرت عنها بتقريب سبابتها من إبهامها، فقرص وجنتها بخفة...لطالما كانت الطفلة بالنسبة له ولهيري وذلك منذ الصغر.
ولكن يوجد شخص آخر بدأت تحرقه نيران الغيرة هنا!
راقب تايهيونغ كل ماجرى بينما يحافظ على ثباته المعتاد، وما زاد الطين بلَّة هو تجاهلها لوجوده حتى الآن!
- حسناً إذاً...يجب أن أغادر فلدي عملٌ أنجزه، أراكما لاحقاً.
لوحت لهما قبل أن تغادر المكان، تاركةً دم الغيور يغلي!
وفور خروجها وضعت كفها على أقصى صدرها حيث قلبها النابض بجنون من نظراته، والتي أدركت معناها...ألا وهو الإغتياظ.
- آه يا إلهي! إن بقيت دقيقةً أخرى لقتلني! ما كان علي تجاهله منذ الصباح.
وبعد أن خاطبت نفسها تذكرت أمر عملها، فأسرعت بخطواتها نحو الأسفل، وقد وجدت جين الذي لم يكن هنا عند قدومها.
حيث انه يجري إتصالاتٍ ما...ربما بشأن تجهيزات الحفل.
وجدت جونغكوك كذلك، والذي أشرف على آخر عربة نقل ثم أمرها بالذهاب.
- هل نقلتم كل شيء؟
سألته بفضول، فأجابها بينما يراقب السيارة بعينيه ويضع يداً على خاصرته والأخرى يحجب بها الشمس عن وجهه نظراً لوقوفهما عند بوابة الشركة الخلفية:
- أظن ذلك...لا يزال سوى ذهاب طاقم العمل، اما الأغراض فقد تم نقلها بالكامل.
- وماذا عن مستلزمات الديكور؟
- تركت جين ليتصل بصاحب المعرض حتى يجلب الأغراض الى الفندق، ولكن عليكِ الذهاب بعد قليلٍ الى هناك حتى تُشرفي على التنسيق.
أعاد بصره إليها، فأومأت بينما تضع كفيها في جيوب بنطالها الخلفية.
وبعد لحظات أطلّت هيري من العدم، حيث انها إحتضنت جونغكوك من الخلف وإتكأت برأسها على ظهره، فإبتسم بجانبية ما إن ميزها وأدارها إليه.
- هل تشعر حبيبتي بالتعب؟
بوزت شفتيها وأومأت بعبوس، لتقهقه ايرين بخفة على ظرافتهما سويّاً.
وضع جونغكوك يده على ذقنه مدعياً التفكير، ثم قال:
- ما رأيكِ في بعض الكعك المحلى؟ آه أعرف متجراً قريباً من هنا يعده بشكلٍ ممتاز.
إتسعت إبتسامة هيري حتى أُغلقت عيناها، وأومأت عدة مرات قبل أن تتشبث بيده وتجره خلفها.
ضحكت ايرين عليهما وصرخت موجهةً لهما الكلام قبل أن يغادرا:
- إن لم تحضرا لي منه فسأغضب منكما.
إستدارا إليها ورفعا إبهاميهما، ثم أكملا طريقهما وسط ضحك هيري بفضل جنون جونغكوك المعتاد.
راقبتهما ايرين بإبتسامتها المعهودة وخاطب نفسها بخفوت:
- من كان ليعلم أنهما سيكونان ألطف ثنائيٍ في الوجود!
- كلا...سأكون انا وزوجتي المستقبلية ألطف ثنائي!
يبدو أنّ جين قد سمع حديثها، فنطق بهذه الكلمات مع ثقةٍ ترتسم على وجهه الوسيم كالعادة.
ضحكت ايرين، ثم قالت مدّعيةً التفاجؤ:
- حقاً! قل لي من أين لك بهذه الثقة؟!
- من كيم سيوكجين.
أجابها بنظراتٍ واثقة وأنفٍ يكاد يناهز علوَّ السماء، فعادت للضحك من جديد.
- ومن يكون هذا الشخص؟
إدعت عدم معرفتها لكون هذا الإسم هو إسمه الكامل.
لكنه جاراها في إستغبائها وأكمل بذات النظرات والحركات:
- انه أوسم شابٍ على وجه الأرض! هل تصدقين بأن إنعكاسه في المرآة يغار من جماله!
كتمت ضحكتها هذه المرة بصعوبة لتجاريه:
- حقاً! يبدو انه وسيمٌ للغاية!
- أجل...لقد وُلِد في جزيرة الوسامة في عام الجمال، لكنه كان الأجمل من بين كل الجميلين في ذاك العام بالفعل...حتى أنّ يوم ميلاده يعتبر يوماً عالمياً للإحتفال بالوسامة!
لم تستطع منع ضحكتها من الخروج، فإنفجرت على الفور.
- يالك من نرجسي!
رفع حاجباه وسألها على الفور، وما زاد من ضحكها هو ثباته وعدم ضحكه على ما يقول:
- هل تعرفين ما معنى كلمة نرجسي؟
نفت برأسها فليس لديها القدرة على الكلام بعد كل هذا الضحك، فأغمض عيناه وإبتسم بجانبية ثم باشر في التحدث:
- انها كلمة مشتقةٌ من اسم شابٍ إغريقي يدعى نرجس...كان شاباً وسيماً للغاية، ولكن ليس أوسم مني بالطبع! على كل حال اين كنا؟..آه اجل اجل...كان شاباً وسيماً، وعندما رأى إنعكاسه ذات مرة على سطح الماء وقع في حب نفسه، وأصبح معجباً بجماله، ومن هنا أشتقت كلمة نرجسي...انه يذكرني بنفسي كثيراً.
همهمت بينما تمسح دموع ضحكها ليجرها خلفه فجأة نحو الداخل بعد أن إشتدت أشعة الشمس رغم برودة الطقس بالخارج!
- تعالي فلندخل...الشمس أيضاً غارت من جمالي وتريد حرق وجهي!
عادت للضحك من جديد، حتى انه من كان يقودها في طريقها...والمشكلة انه لا يضحك أبداً!
دخلا قسم التصميم، فوجدا كلاً من هوسوك وكاي اللذان يتشاجران حول إن كان الطماطم من الفواكه أم الخضار!
- لا تكن غبياً كاي! من لا يعلم أنّ الطماطم من الخضار؟!
تذمر هوسوك بنفاذ صبر، ليجيبه الآخر بعدم إهتمام وهو يعمل على شيءٍ ما بحاسوبه:
- كلا انه من الفواكه.
- قلت من الخضار.
- الفواكه.
- الخضار.
- الفواكه.
- الخضار.
- الخضار.
- الفواكه.
تعمد كاي قول خضار حتى يعترف هوسوك ويقول فواكه بنفسه.
فإبتسم بسخرية ورفع حاجباه لهوسوك المنزعج.
- هاقد إعترفت بنفسك.
- كلا لم أفعل.
- بل فعلت.
- لم افعل.
- فعلت.
- لم أفعل.
- لم تفعل.
- فعلت.
أعاد نفس الخدعة معه وقد نجحت بالفعل، ليبدأ هوسوك في رفس الأرض أسفله بينما يصرخ...من يراهما لن يقول انهما مصممان مشهوران لشركةٍ رائدة في مجال الأزياء!
وفوق كل هذا لن يقولوا أنّ عمرهما يناهز الخامسة والعشرين عاماً بالفعل!
ميون تستحق جائزة نوبل للصبر، فإن كانت هيري مكانها لقتلتهما منذ مدة وأراحت عقلها من ثرثرتهما عديمة الجدوى.
وبالنسبة لجين وايرين فالوضع لم يتغير بعد!
ايرين لا زالت تضحك وخصوصاً بعد رؤيتها لكمية الغباء الهائلة الآن، اما جين فنظراته كانت بمعنى 'حقاً' الى أن قال هو الآخر:
- ظننتكما تعملان وانتما تتشاجران حول إن كان الطماطم خضاراً ام لا! مالذي ستفعلانه إن قلت بأنه من المكسرات!
وفي هذه اللحظة أغلقت ميون حاسوبها المحمول وغادرت...لربما طفح بها الكيل او انها خائفة من أن تنتقل لها عدوتهم الفتاكة!
وايرين لم يسعها سوى الوقوع على الأرض! وآخر ما تشبثت به هو عارضة الباب.
رفع كاي مقلتيه عن الحاسوب بنظراتٍ تقول: 'هل تمزح معي؟!'.
اما هوسوك فيبدو انه يفكر بالأمر جدياً.
زحفت ايرين نحو الخارج، فإن بقيت دقيقةً أخرى برفقتهم ستموت من شدة الضحك.
ذهبت لشرب بعض الماء من مكتبها، وفي طريق عودتها سحبتها يدٌ ما نحو مكتب تايهيونغ.
ولم يكن سوى هو!
أغلق الباب وأسندها عليه بينما يحاصرها بيديه المتموضعتان قرب رأسها، ليهسهس لها مع صوته العميق:
- لما تتجاهلينني منذ الصباح؟!
أشاحت بوجهها للجانب الآخر بتعابير متوترة، فقالت بصوتٍ شبه مهزوز:
- انا لم أتجاهلك...ثم لما سأفعل هذا؟
إدعت عدم الفهم، ليميل زاوية شفتيه بإبتسامة جانبية قبل أن يضيف:
- لا أعلم...ربما بسبب ما حدث ليلة البارحة!
جحظت عيناها ما إن تحدث، فشعرت بساقيها تهتزان من شدة الخوف، لتقول بلعثمة:
كـ...كلا!
- على كل حال لا تفكري بالأمر كثيراً...ما حدث قد أصبح من الماضي، وإن كنتِ تريدين معرفة القليل عن المستقبل، فأنصحكِ بعدم تجاهلي حتى يعجبكِ ما سيحدث...حسناً؟
- حسناً.
شعرت بالتخدر في كافة أوصلها، فدنوّه من مستوى وجهها بهذا الشكل جعل من عقلها يتوقف كلياً!
حتى انها لم تستطع إبعاده خوفاً!
وبينما لا يزال على ذات الوضع حدق بساعة معصمه وقال بهدوء:
- لقد تأخرنا.
لم تمنع نفسها عن السؤال، فقالت بصوتٍ شبه مسموع بفضل خجلها من قربه الزائد:
- عن ماذا؟!
- عن الذهاب الى الفندق.
عقدت حاجبيها بإستنكار قبل أن تنطق من جديد:
- أولستُ انا من ستذهب هناك، وانت من ستبقى ليشرف على بقية الأمور؟!
إبتسم بخفة مظهراً جزءً من أسنانه الجانبية مع طأطأةٍ خفيفة لرأسه قبل أن يعود لرفعه بذات الإبتسامة الساحرة.
- أعلم...لكنني لن أترككِ تذهبين لوحدكِ هناك، وجين من سيأخذ مكاني هنا لذا لا تقلقي.
كاد يلتهمها لشدة لطافتها برفقة عيناها اللمعتان ببراءة، فإبتعد عنها سريعاً حتى لا يفقد السيطرة من جديد.
- هيا بنا، أظن أنّ تايمين ينتظرنا بالأسفل.
وما إن أنهى كلامه حتى فُتح الباب على مصرعيه فأدى الى وقوع ايرين...وكل هذا بفضل جونغكوك الذي أول ما رآه هو عينا صديقه الليزريتان، فإبتسم بتوتر لفهمه أنه قد إرتكب كارثةً ما!
حدجه تايهيونغ بنظرةٍ أشد من سابقتها، ثم أسرع نحو ايرين وساعدها على الوقوف، وهنا أطل جونغكوك برأسه حتى يرى نتائج عدم طرقه للباب!
فوجد ايرين المسكينة تمسك بكتفها الأيمن وتجعد ملامحها!
وسع عيناه ووضع ما بيده على أقرب طاولة، ثم هرع نحوها بنظراتٍ متفحصة.
- ايرين هل أصابكِ مكروه؟! هل يؤلمُكِ كتفك؟!
وما كاد يلمسها ويقترب منها حتى تلقى نظراتٍ تحذيرية من تايهيونغ فإبتعد بهلع.
- لا تقلق، كل شيءٍ على ما يُرام.
إبتسمت له بخفة بينما تدلك كتفها، فشعر بالسعادة والتي أظهرت نفسها على شكل إبتسامة في وجهه، إلا أنّ رفيقه قد أحبط كافة معنوياته بقوله:
- كيف تقولين هذا وهو كاد يكسر كتفكِ؟! يجب أن نذهب الى الطبيب حتى نفحصكِ!
- كلا لا يوجد داعٍ، مجرد إصابةٍ طفيفة ولم يمسّني اي مكروه...لا تقلقا.
طمأنتهما، فعادت لرفع معنويات جونغكوك، وقد كان تايهيونغ على وشك الإعتراض مجدداً إلا أنّ جونغكوك إستوقفه بإنزعاج:
- هي بخير! أرجوك دعها وشأنها!
أضطر تايهيونغ لإغلاق فمه، لكنه ناظر الآخر بتوعد.
إدّعى جونغكوك عدم الإهتمام لأمره وإبتسم نحو ايرين بينما يهم بجلب تلك العلبة.
- تفضلي ايرين، هذه لكِ.
رفعت حاجبيها بإستفهام في البداية، ولكن عندما فتحتها وجدت أربع قطعٍ من الكعك المحلى...لقد تناست أمرها كلياً.
- شكراً لك .
شكرته بإبتسامة هادئة.
- العفو...والآن يجب أن أغادر، وداعاً.
حاول التملص، لكن رفيقه قال مستوقفاً إياه:
- جميعنا سنغادر الآن، هيا ايرين.
حثها على الخروج لتسبقهم وتجلب حقيبتها من مكتبها، أما هو فقد لحق بجونغكوك ولكمه على كتفه الأيمن ليكتم الآخر ألمه بملامح منكمشة.
- هذا لكي تتعلم طرق الباب قبل أن تدخل...المشكلة اني دائما ما أخبرك بهذا! لكنك لا تصغي لأي أحد! وهاقد رأيت العواقب!
كاد جونغكوك يشتكي لولا خروج ايرين، فإلتزم الصمت عنوةً وأكمل طريقه بينما يتحسس كتفه ويتوعد لتايهيونغ بالجحيم.
______________________
- ألا تعتقد أنّ وضعهم في هذا المكان سيكون أفضل؟
طلبت ايرين رأي الواقف بقربها عن مكان وضع الشموع بينما يحتسيان القهوة، فهمهم وطلب من العامل جلبهم الى حيث أشارت.
- أجل هكذا أفضل.
تحدثت مبديةً إعجابها بمنظرهم في هذا المكان بينما تبتسم.
جالت ببصرها في الأرجاء لتعتريها سعادةٌ غامرة، وكذلك فخرٌ شديد.
لقد تم كل شيءٍ كما خططت له بالضبط وهذا ما حسّن مزاجها بشكلٍ كبير.
- المكان يبدو في غاية الروعة...أظن بأنهم سينتهون في غضون نصف ساعةٍ أخرى، لذا إصعدي الى غرفتكِ وإرتاحي قليلاً فلا يزال هناك بعض الوقت.
طلب منها بهدوء لكنها رفضت قائلة:
- كلا لا أستطيع! يجب أن أبقى حتى ينتهوا من عملهم.
إنتظرها حتى تنهي إعتراضها ثم أخذ منها كوب قهوتها ووضعه على الطاولة بجانبه وسحبها خلفه.
- لا أعلم لما تحبين الإعتراض على كل ما أقول!
خذي قسطاً من الراحة وانا سأبقى معهم...كما وأنّ البقية هنا بالفعل، لذا لا تقلقي.
- ولكن...
كانت على وشك الإعتراض مجدداً، لكنه توقف ووضع سبابته على شفتيها وقال بهدوء:
- هشششش.
رمشت عدة مرات ثم إلتزمت الصمت ولحقت به او لنقل انه هو من يجرها خلفه.
أخذها الى أحد الغرف في الفندق والتي خُصصت من أجلها بالكامل حتى تجهز بها نفسها وترتاح قليلاً، فالفندق محجوزٌ بالكامل هذه الليلة من أجل المهرجان وبإسم عائلة كيم أيضاً.
سحب كرتاً صغيراً من جيبه ومرره على قفل الباب ليفتح، ثم أدخلها وهاهوذا يترك معصمها أخيراً.
- أظن أنّ كل شيءٍ ستحتاجينه موجودٌ هنا، حتى ثيابك وظبتهم لكِ السيدة شين بعناية...إرتاحي قليلاً قبل بدء الحفل، وإن إحتجتِ لأي شيء إتصلي بي...حسناً؟
- حسناً.
إستدار بنية الخروج، لكنها أوقفته بمناداتها:
- تاي إنتظر!
إستدار من جديد بمعالم مستفهمة...كما وأعجبته طريقة إختصارها لإسمه رغم أنّ الكثير غيرها يفعلون ذلك، لكنها مميزةٌ عن الجميع في كل شيء من منظوره الخاص.
تحمحمت بخجل وحاولت قطع التواصل البصري بينهما الى أن قالت:
- شكراً لك، لقد إعتنيت بي كثيراً وهذا لطفٌ منك.
إبتسم بخفوت وطأطأ رأسه لأسفل.
- لا تشكريني على شيءٍ أعتبره من أهم أولوياتي.
رفعت بصرها نحوه، فإلتقت عيناها بخاصته الحادة في محاولةٍ لفهم كلامه، إلا انه إبتسم بعذوبة جاعلاً من قلبها يرفع راية الإستسلام في ثوان.
- أراكِ لاحقاً يا جوليانا.
ثم غادر بهدوء...عقدت حاجبيها بإستفهام لهذا الإسم الذي إطلقه عليها!
انه غريبٌ حقاً! هذا اول ما قالته في نفسها.
إلا انها إبتسمت بعد لحظات لتجيب الفراغ كما لو انه موجودٌ ويسمعها:
- أراك لاحقاً...تاي.
_________________________
جلب جين الغذاء للجميع على حسابه، وهاهم يتناولونه الآن وبشراهة.
- انت الأفضل جين.
قالها جونغكوك بينما يتلذذ بطعم الهامبرغر تارةً ويُطعم هيري تارةً أخرى.
فرفع المعني بالكلام رأسه لأعلى مع نظرات كبرياء.
- إنه ليس بالأمر الجديد يا عزيزي.
وما إن فتح عيناه حتى إلتقت بخاصة كاي، فإنفجرا ضحكاً دون أي سبب!
حتى أنّ صوتهما ملأ الجناح بالكامل...هم يجلسون في جناحٍ خاص داخل الفندق بالفعل.
اما هوسوك فقد أخذ شريحة الطماطم من الهامبرغر خاصته وبدأ يخاطبها بقلة حيلة:
- هل تصدقين أنّ هذا الغجري يصنفكِ من الفواكه!
والأسوأ من هذا أنّ الذي بجانبه يصنفكِ من المكسرات! أشفق عليكِ حقاً!
كان منسجماً فيما يفعل، فرمقته ميون بجانبية مع فمٍ شبه مفتوح، ما جعل هيري وجونغكوك ينفجران ضحكاً على شكلها.
دخل عليهم تايهيونغ فجأة، فوجدهم يتناولون الغذاء بينما يقلبون المكان الى أي شيءٍ عدا كونه مكانٌ يخص البشر!
أسرع نحوهم وإنتشل الأكياس الورقية فوجد إثنين من الهامبرغر.
- إنه غذائك انت وايرين...لم نجدكما فقررنا عدم الإنتظار وتركنا لكما حصتكما.
كان هذا جين الذي صمت فجأة عن الضحك وخاطب تايهيونغ بثبات.
وبالعودة الى كاي فهو قد بدأ يتدحرج على الأرض بالفعل خصوصاً بعد حركة جين الأخيرة.
همهم تايهيونغ وحمل ذاك الكيس، ثم غادر الجناح من جديد.
كانت وجهته هي غرفتها بالفعل، آملاً انها لم تنم بعد.
وما إن وصل، وقف امام الباب بتردد...هل يدخل، أم يذهب فلربما نامت؟!
وبعد تفكير قرر الدخول بهدوء كون البطاقة لا تزال بحوزته، وإن وجدها نائمة فسيخرج.
فتح الباب ببطئ وسار على رؤوس أصابعه، فوجد أنٍ الأنوار لا تزال مضاءة!
تعجب وأكمل طريقه إلا انه لم يجدها!..ولكن سرعان ما سمع صوت تدفق الماء من الحمام فعلم انها لربما تستحم.
وحينما إستدار الى الخلف بنية وضع طعامها على المنضدة، وجد شيئاً جعل من عيناه تجحظان حتى كادتا تخرجان من محجرهما!
اجل...انها ملابسها الداخلية!
كانت قد وضعتها على السرير قبل أن تدخل ظناً منها أنّ لا أحد سيدخل.
رمش عيناه مراراً بينما عقله قد أبحر الى أبعد ما يكون، وما إن أحسّ بهذا حتى أشاح ببصره للجانب الآخر سريعاً.
هز رأسه حتى يطرد تلك الأفكار، ثم وضع الكيس فوق المنضدة، لمح أوراقاً صغيرة وقلم حبرٍ على الجانب، فأخذهما وكتب لها ملاحظةً بسيطة قبل أن يلوذ بالفرار.
وبعد ذلك، أغلق الباب بهدوء ويليه غلقه لعيناه حتى ينظم الفوضى التي برأسه.
- يكفي تايهيونغ لا تفكر بهذا الشكل!
ضرب رأسه بخفة ثم عاد الى الجناح، وطوال الوقت وهو شارذ!
لمح جونغكوك شروذه هذا فسأله بحيرة:
- ما بك تايهيونغ؟!
- انها سوداء!
تحدث بلا وعيٍ منه فعقد الآخر حاجبيه بعدم فهم، إلا أنّ جونغكوك نكز ذراعه حتى يعيده لأرض الواقع.
- ما هي السوداء؟ مالذي تهذي به يا رجل؟!
وسع عيناه بعد إدراكه لما تفوه به تواً! وأمام من؟..أمام جونغكوك!
إبتلع رمقه وإبتسم بإضطراب قبل أن ينفي سريعاً:
- آه لا شيء! كنت أتحدث عن بذلتي.
همهم الآخر بخفة، ثم حثه على الوقوف.
- هيا هيا الوقت تأخر ويجب أن تأخذ حماماً وتبدأ في تجهيز نفسك.
وفور وقوفه لم يجد أي أحدٍ مِنْ مَنْ كانوا هنا...عدى جونغكوك وجين بالطبع!
فتسائل بحيرة:
- أين البقية؟!
- غادروا قبل قليل...يبدو انهم سيستعدون من أجل الحفل.
أجابه جين بينما يعبث بهاتفه.
أما جونغكوك فقد إبتسم بسخرية بينما يدفعه نحو الحمام.
- يبدو أنّ الأسود شيءٌ خطير...شيءٌ جعلك لا تميز من حولك حتى!
تجمد تايهيونغ مكانه وسارع بنفي حدس جونغكوك القذر.
- قلت لك أنها بذلتي!
- حسناً حسناً...سأغادر الآن، هل تحتاج شيئاً ما قبل أن أذهب؟
- كلا شكراً لك.
- حسنا إذاً...نلتقي لاحقاً.
لوّح للأخوين بينما ينتشل مفتاح سيارته، ثم غادر الغرفة.
وما إن دخل سيارته حتى إتصل بهيري...ربما ليتقصى عن الأوضاع.
- مرحباً حبيبتي.
- أهلاً جونغكوك.
- هل آتي لأقلكِ لاحقاً؟
- كلا، سآتي برفقة يونغي.
إتسعت إبتسامته حتى كادت تصل لأذنيه، فقال مُدّعياً التفاجؤ:
- حقاً! هل سيأتي!
- اجل...أخبرني أنّ الشركة قد أرسلت له دعوة خاصة في المستشفى، لا أعلم لما ولكنه سيذهب.
- حسناً جيد.
- جونغكوك...أرجوك لا تفتعل أي مشكلةٍ معه، حسناً؟
- بالطبع جميلتي لا تقلقي.
صمتت لبرهة، ثم أضافت:
- أتعلم جونغكوك؟..لا يجب أن يعلم بأمر إرتباطنا الآن، تعلم...لقد تشاجرتما منذ فترةٍ بسيطة ولا أظنه سيتقبل الفكرة بهذه السرعة، فقط إدّعي انك مجرد صديق وحاول التقرب منه وإصلاح سوء الفهم...صدقني يونغي لطيفٌ أحياناً.
- أحياناً! لا أظن أن اللطافة كلمةٌ قد يعلم معناها حتى!
أجابها بصدمة بعد أن تذكر شجارهما تلك الليلة وكم كان شقيقها مزاجي ومخيف!
- صحيحٌ أنّ له مزاجاً حاداً أحياناً، ولكنه لطيفٌ أيضاً!
شهق بصدمة وعاد لينتحب:
- أتوسلكِ بأن لا تقولي كلمة أحياناً عندما تتحدثين عنه...لا يوجد كلمة أحياناً في أي شيءٍ يخص شقيقك أتفهمين كلامي!
تنهدت بخفة ثم قالت:
- فقط أصمت! وإفعل ما أخبرتك به.
- حسناً حسناً...وداعاً.
اوه اوه تذكرت!..إن إرتديتي شيئاً كاشفاً فلن تدخلي الفندق أبداً، أهذا مفهوم؟!
نبرته كانت تحذيرية لتجيبه بإمتعاض:
- لا تقلق...شقيقي أيضاً لن يسمح لي بالدخول إن كان فستاني كاشفاً.
- جيد...شقيقكِ أصبح يعجبني الآن.
- يالك من أحمق!
تلفظت بها وأغلقت الخط في وجهه على الفور، فأرخى معالم وجهه وإستبدلها بأخرى فارغة.
- أظن أنّ مزاج الحوامل هذا شيءٌ متوارث في عائلتهم!
_______________________
أوشكت الساعة على أن تشير الى السادسة...وموعد إستقبال الزوّار والضيوف قد إقترب.
ولهذا كان الجميع على أُهبة الإستعداد.
وقف تايهيونغ أمام المرآة الضخمة بينما يعدل أكمام قميصه الأبيض.
وفي هذه الأثناء خرج جين من الحمام بعد أن كان يصفف شعره ليأخذ سترته السوداء ويسأل شقيقه:
- هل انت مستعد؟
- أجل.
نطق بها بينما يحمل سترته الرمادية ويهم بإرتدائها.
وما إن إنتهيا حتى خرجا سوياً، وبالفعل قد وجدا بعضاً من الحضور الذين بدأو بالتوافد شيئاً فشيئاً.
بدأت الصحافة تملأ المكان، فوقف أفراد عائلة كيم بالكامل قرب بعضهم البعض حتى تلتقط الصحافة بعضاً الصور من أجل هذا الحدث المهم.
وبعد لحظاتٍ دخل بقية طاقم العمل، ميون وهوسوك وكذلك كاي دفعةً واحدة.
وقف المصممان قرب بعضهما ليلتقطا الصور أيضاً.
مرت نصف ساعةٍ بالفعل، وقد تم إخراج الصحافة عدا القليل منهم، كما وإكتمل خط الحضور.
أضطر تايهيونغ لمسايرة بعض الضيوف بينما عيناه تجول بحثاً عنها...هو لم يرها أبداً!
ربما تكون في حجرة تبديل العارضات حتى تساعدهم في التجهيز.
وخلال بحثه عنها أتى جونغكوك.
وكز ذراع تايهيونغ بينما يشير بعيناه نحو الضيف المميز الذي دخل تواً...ولم يكن سوى جيبوم بالطبع!
هو لا يطيق رؤيته حتى! ولكنه سيضطر لمجاملته على الأقل أمام الصحافة وأمام الحضور أيضاً.
- أتمنى أن يخرس فحسب، فكلامه مستفزٌ للغاية ولربما أفتعل جريمةً نكراء بحقه!
كان هذا ما قاله جونغكوك بعينان لم تتزحزحا عن الآخر ولو لثانية، فإبتسم تايهيونغ بسخرية قبل أن يجيبه بتركيزٍ ثاقب على ذات البقعة:
- حاول أن تتجنبه فحسب، وسأتولى انا أمر مجاملته أمام الجميع بما انني قادرٌ على كبح أعصابي.
همهم جونغكوك وإبتسم بذات السخرية.
- حسناً إذاً...سأذهب الآن، تعلم...والدي ونامجون ضمن الحضور ولا أعلم كيف سأتصرف، وكذلك يونغي...آمل أن يمر كل شيءٍ على ما يرام.
بدى منزعجاً قليلاً، فربت تايهيونغ على كتفه بخفة وشجعه قائلاً:
- إنها فرصتك لحل مشاكلك...يجب أن تفعلها.
وقد قصد بكلامه والد جونغكوك بالدرجة الأولى، فهمهم الآخر بتردد قبل أن يغادر جوار صديقه.
اما تايهيونغ، فلم ييأس من التجوال بعينيه بحثاً عنها، وعلى أمل رؤياها، لكنها لم تكن بالجوار.
وفي أول فرصةٍ للتملص، إنسحب بهدوء الى أن إختفى عن الأنظار.
بحث عنها في الأرجاء لكنها غير موجودة، الى أن قابل ميون صدفةً وهي تستعد للصعود على المنصة بما انها المقدمة لهذه الليلة، فسألها:
- ميون...ألا تعلمين اين ايرين؟
- إنها في غرفة تجهيز العارضات مع هوسوك.
- حسنا، شكرا لكِ.
- العفو.
أسرع نحو تلك الغرفة، فبرقت عيناه إفتتاناً بجمالها الساحر!
ظل يحدق بهيئتها الأنثوية بشكلٍ مشدوه، كما لو أنها المرأة الوحيدة في هذا الحفل.
بفستانها الأسود الطويل، والذي إنتقاه بنفسه من أجلها...لأول مرةٍ يشعر بالرضى التام عن ذاته وإختياراته.
شعرها المنسدل بنعومةً فوق كتفيها وصولاً لمنتصف ظهرها، وأحمر شفاهها نبيذي اللون، وأخيراً...سواد الفستان العاكس لشحوب بشرتها، كانت رمزاً للأنوثة والحُسن.
ولأول مرةٍ يجذبه مظهر أنثى بهذا الشكل! ومن لن تجذبه بجمالها هذا!
- تايهيونغ! هل من شيءٍ ما؟
أعادته لأرض الواقع بسؤالها، فإدعي الثبات وتلبس الكبرياء في لحظات، ثم إجابها:
- كلا...كنت أتفقد الأوضاع لا أكثر.
همهمت وأكملت عملها الذي كانت تنجزه بمساعدة هوسوك الى أن غادر.
رؤيته لها بهذا الشكل يُعدُّ خطراً كبيراً على قلبه الذي بات أسير غرامها!
______________________
ركن سيارته أمام الفندق، فأخذ أحد العاملين مفتاحها حتى يركنها في المكان المخصص لها.
إبتسم صاحبها بجانبية بينما يعدل ياقة قميصه.
- من الجيد انك أتيت بيكهيون...يبدو أنّ تجربة العيش كالأغنياء لن يكون سيئاً!
حدق بواجهة الفندق البراقة كما لو انها نجومٌ تلمع في سماءٍ صافية...إنه على درايةٍ تامة بأن ايرين هي من قامت بهذا، لذا خاطب نفسه من جديد ولكن بفخر:
- علِمتُ بأنك ستبهرينهم صغيرتي.
- بيكهيون!
إستدار فوجد وجهاً مألوفاً، ولكن به شيءٌ مختلف، فقال بتفاجؤ:
- إيونها!
نطق حروف إسمها بتعجب...لم يكن ليميزها لولا تحدثها معه بفضل لون شعرها الجديد.
- رائع...كنت أفكر في كيف سيبدو مظهري وانا أدخل بمفردي دون مرافق، يبدو أنّ حظي قد جلبك لي من السماء.
قهقهت بسعادة، ثم سحبته وهمّت بالدخول...بينما هو لايزال يستوعب!
ظل شارذاً بمظهرها الذي راقه كثيراً والمتمثل في فستانٍ أبيض قصير يغطيه قماش الدانتيل ويمنحه طابعاً ناعماً، مع شعرها القصير والمصفف بطريقةٍ جديدة عن السابق وكذلك بلونٍ مختلف.
لن ينكر أنّ جمالها الأنثوي هذا هو من نوعه المفضل، بالإضافة الى لمسةٍ مثيرة مع جسدها الممتلئ.
كانت تلف ذراعها حول خاصته بينما تشير نحو مكان وقوف تايهيونغ والبقية.
ألقيا التحية على الجميع تقريباً، ثم إتخذا لنفسيهما مكاناً بين الحضور.
وما إن جلسا حتى بدأت تحدق به من رأسه حتى أخمص قدميه بطريقةٍ غريبة.
- تبدو أوسم بالبذلات الرسمية!
رسم التعجب على وجهه ليشير بسبابته نحو نفسه، فهمهمت له حتى تؤكد كلامها.
قهقه بخجل ودعك مؤخرة رأسه قبل أن يفصح عن رأيه بها أيضاً، والذي كان يود التفوه به لولا خجله منها في البداية:
- انتِ أيضاً تبدين جميلة...ومختلفةٌ كلياً بشعرك الكستنائي هذا.
وضعت أطراف أناملها عليه، ثم سألته بتعجب:
- هل يبدو جيداً؟ ظننته قبيحاً!
نفى سريعاً برأسه وأضاف بنبرة تأكيد:
- كلا...انه جميلٌ للغاية عليكِ، لقد أحببته.
- حقاً! حمداً لله، كنت أظنه سيئاً!
طريقة حديثها كانت أكثر إرتياحاً، خصوصاً بعد أن أزفرت أنفاسها دفعةً واحدة.
- بل العكس، لقد غيركِ كثيراً وخصوصاً مع تسريحتك الجديد.
وعلى حين غرّة قرصت وجنتيه بإبتسامة سعيدة، فوسع عيناه بتفاجؤ.
- يالك من لطيف..انت شابٌ لبق.
طأطأ رأسه بخجل وتمتم بخفوت:
- وانتِ فتاةٌ لطيفة وجميلة.
- دور البطولة في مسلسلي الجديد هو ما أجبرني على تغيير لونه.
أشارت نحو شعرها بينما تعدل فستانها وهي جالسة، اما هو فقد تفاجئ من هذه المعلومة وبشدة!..لم يكن يعلم انها ممثلة!
- هل انتِ ممثلة؟!
- اجل.
رمش عدة مرات قبل أن يطلق 'اوه' متفهمة، فخاطبته هي هذه المرة وقالت:
- يعجبني مظهرك كثيراً...إنه يصلح للتمثيل وتحديداً دور قاتلٍ مأجور.
- كيف سأكون قاتلاً مأجوراً وانا أحارب الجريمة في الواقع!
قهقهت لجوابه قبل أن تلمح النادل وهو يحمل كؤوساً من الشامبانيا لتنده له سريعاً، وما إن علم بيكهيون بما تريد حتى وجّه سبابته نحوها بتحذير.
- ستشربين...ولكن كأساً واحدة!
إبتسمت لعلمها بما حدث في آخر مرةٍ ثملت بها، وكان هو ضحية سُكرها الغريب، لتقول بينما تبتسم:
- حسناً.
_____________________
- مرحباً سيد مين يونغي.
رحب جونغكوك بالجالس بعد أن تردد في فعل ذلك لما يقارب العشر مرات!
فرفع المعني بالكلام بصره نحو الآخر، ورسم الإستنكار على ملامحه سريعاً!
- مهلاً لحظة! تبدو مألوفاً!
إبتسم جونغكوك بإصفرار، وبحث عن هيري بمقلتاه الى أن وجدها تقف على بعد مترين تقريباً، فإستنجد بها بعينان خائفتان.
- أجل...لقد تشاجرنا في أحد المرات عن سوء فهم، ألا تذكر؟
حاول جونغكوك جعل الأمر يبدو عادياً الى حين وصول النجدة وإصلاح الأمر.
- أجل تذكرتك...ولكن ما حدث لم يكن سوء فهمٍ يا سيد! لقد كنت تلاحق شقيقتي وتضايقها!
كلامات يونغي هذه مع ملامحه الباردة أثارت قلق جونغكوك فضحك بتوتر، وفي هذه الأثناء تدخلت هيري.
- يونغي، هذا جونغكوك...جونغكوك هذا أخي الأكبر يونغي.
إدعت انها تعرّفهما على بعضهما فقال، جونغكوك مبتسماً:
- تشرفت بمعرفتك رغم اننا قد تشرفنا بالفعل من قبل ولكن بطريقة أخرى.
ضحك بتوتر من جديد بفضل جمود الآخر المخيف.
رمق يونغي شقيقته الواقفة بقرب جونغكوك بمعنى 'هل تمزحين معي!'.
ولهذا السبب أضطرت للتبرير سريعاً:
- في الواقع ما حدث في تلك المرة كان مجرد سوء فهمٍ انا من تسبب به، وقد أُصلح كل شيءٍ الآن وجونغكوك قد أتى ليعتذر عما حدث حينها...أليس كذلك؟
وكزت الذي بقربها حتى يعتذر، فقال سريعاً:
- أجل بالطبع...أعتذر عما حدث حقاً.
همهم يونغي بهدوء، ثم قال بعد أن أشاح بنظره عن جونغكوك الذي تنفس الصعداء وأخيراً:
- حسناً...أعتذر أيضاً.
وبعد جملته هذه تبادل النظرات مع هيري بسعادةٍ غامرة...مشكلةٌ وتم حلها، هو لم يتوقع قبول الآخر للإعتذار بهذه البساطة!
ولكن لا يزال أمامه حل الخلاف الذي بينه وبين والده رغم انه لا يريد التنازل بعد! ويبدو انه لن يفعل ذلك الآن.
جلس جونغكوك بجانب يونغي وبدأ يتبادل أطراف الحديث رفقته...على الأقل ليلطف الأجواء بينهما، إلا أنّ الآخر قد علق عيناه على من تُقدم الحفل بنظراتٍ متفحصة ومعجبة من أول مرة.
اما هيري فقد غادرت وكانت في طريقها لمساعدة هوسوك وايرين، إلا أنّ يداً ما أوقفتها وإعترضت طريقها!
أدارت رأسها بملامح متعجبة فوجدت انه شابٌ لم تره من قبل!
إستنكرت تصرفه هذا وقد بدى ذلك جلياً على محياها، فإبتسم لها بخفة قبل أن يسألها بلباقة:
- المعذرة...هل انتِ الآنسة مين هيري؟
- أجل، ولكن عذراً من تكون انت؟!
سحبت ذراعها بهدوء فعاد للإبتسام قبل أن يجيبها:
- انا جيون نامجون، شقيق جونغكوك.
وسعت عيناها بتفاجؤ لتذكره...هي لم تنسى تلك الليلة الكارثية برفقة جونغكوك بعد!
لذا إبتسمت سريعاً ورحبت به.
- آسفة لم أميزك في البداية...تشرفت بمعرفتك.
- وانا أيضاً...يبدو انكِ مشغولةٌ الآن، لذا هل يمكنكِ محادثتي حينما تنهين عملكِ؟
- بالطبع.
همهم لها ثم إبتسم مظهراً غمازتيه الجميلتين وغادر، وكل ما خطر ببالها هو أنّ هذا الشاب الرزين والمحترم يكون شقيق حبيبها الأهوج!
بينهما فرقٌ شاسعٌ حقاً!
تنهدت بيأس لمجرد تذكرها طفوليته، ثم ذهبت لمبتغاها.
وجدت الجميع منشغل لتبدأ في المساعدة، فقد بقي على العرض ما يقارب النصف ساعةٍ فقط.
ساعدت ميون هوسوك على تعديل ثيابه للمرة الأخيرة قبل أن يصعد على المنصة هو وكاي ويتحدثا عن مجموعة الشركة الخريفية والشتوية لهذا العام...هوسوك مجموعة النساء وكاي مجموعة الرجال.
صعد السيد كيم أولاً ورحب بكافة الحضور لهذه الليلة وألقى كلمةٍ سريعة قبل أن يترك المكان لهوسوك.
ثم تحدث هوسوك عن مجموعته أمام شاشة العرض وأمام نقّاد الأزياء وكم كان واثقاً مما يقدم، فوقفته ونظراته الجادة تدل على ذلك.
إنتهى البقية من الإشراف على العارضات وأتوا للجلوس ضمن خط الحضور.
ذهبت هيري للجلوس بجانب شقيقها وجونغكوك، اما ايرين فما إن خرجت حتى عُلقت أبصار الجميع عليها بذهول.
رفع تايهيونغ أحد حاجبيه بينما يناظر من يكادون يلتهمونها بأعينهم بنظرةً من الجحيم، فأشار لها أن تجلس خلفه بما أنّ أفراد أسرته هم من يشغلون المكان بقربه، وما كان منها سوى الإمتثال لأمره.
وفي طريقها لمحت جيبوم الذي لوح لها بإبتسامته المحببة الى قلبها، فردت له بمثلها.
وما لم يعلمه تايهيونغ هو أنّ جيبوم ليس بالبعيد عنهم!
جلست ومن حسن حظها أنّ بيكهيون وإيونها كانا بقربها...على الأقل لن تجلس بمفردها.
- صغيرتي...المكان رائعٌ بفضلك.
خاطبها بيكهيون قاصداً الترتيبات لتبتسم نحوه بخفة، ثم بدأت بالتحدث مع إيونها حول لون شعرها الجديد.
وبالعودة الى هوسوك، كان قد أنهى خطابه الذي شرح فيه مفهوم أزيائه لهذا الموسم.
أُخفضت الأنوار بعد ذلك لتمنح المكان طابعاً شتوياً دافئاً، يليه بدأ توافد العارضات نحو الممرات المخصصة لهنّ بين مقاعد الحضور، ولكن بمستوى مرتفعٍ قليلاً عن الأرض، وكذلك صوت الموسيقى المتناغم مع أجواء المكان بإتقان.
كانت نظرات الموظفين فخورة وكذلك أفراد عائلة كيم، فطابع الأزياء حمل مزيجاً من الأناقة والأنوثة تحت سقف الألوان الغامقة والقماش الفاخر.
كما ويبدو أنها نالت إعجاب الحاضرين دون إستثناء.
وختاماً لذلك، خرج هوسوك برفقة عارضاته وإنحنى للحضور بإبتسامة سعيدة، فبدأ صوت التصفيق يتعالى وكذلك إبتساماتُ أصدقائه الفرحة من أجله...انها نقطةٌ ممتازة ستسجل في تاريخ مسيرته لهذا المجال، وهي نقطةٌ ساحقة.
صعد كاي من بعده على المنصة وبدأ بشرح مفهوم مجموعته هو أيضاً...وما يختلف في الأمر هو أنّ الجميع ينتظر ما قد أبدعه فيما يخص أزياء الرجال، لأن معظمهم لم يروا أياً من تصاميمه قبل هذه المرة.
وبعد إنتهائه خرج العارضون بأزيائهم المعاصرة للموضة ولكن بشكلٍ فاخر، وأكثر ما يميزها هو سيطرة اللون الأسود على معظمها.
ذُهلت ايرين بقدراته الهائلة، ولم تمنع هذا من الظهور على تقاسيمها، كما وأجزمت أنّ مجموعة الشركة لهذا العام ستفوز على الجميع بلا منازع وستحطم كافة الأسهم في السوق!..انها ضربةٌ ساحقة للشركات المنافسة.
خرج كاي بطلته الجذابة فور إنتهاء عرضه لينحني للحضور بطريقةٍ نبيلة ثم عاد رفقة عارضيه نحو الداخل.
صفق الجميع بإعجاب مرةً أخرى بينما عادت الأنوار الى وضعها السابق مع إنخفاض صوت الموسيقى.
- لم أتوقع أنّ هوسوك موهوبٌ الى هذا الحد!
هذا ما قاله جونغكوك فور إنتهاء العرض، فقهقت هيري على تعابيره.
- لا تستهن بإمكانياته مرة أخرى.
وفي ذات المكان ولكن على بعدٍ بسيط، وقف أفراد العائلة المالكة لإسم هذه الشركة بينما يتلقون التهاني والمجاملات من كافة الحضور.
وأول ما فكر به تايهيونغ هو جيبوم...فقد ناظره بإنتصار، لكن الآخر حائزٌ على جوائز عدة فيما يخص البرود، فهو قد إبتسم أيضاً كما لو أنّ شيئاً لم يكن!
وبهذا يكون العرض قد إنتهى ليأتي دور إلقاء كلٍ منهم لخطابه.
كان السيد كيم أولهم، حيث بدأ خطابه بالشكر وإبتسامةٌ فخورة تعتلي شفتيه...وما إن دققت بها ايرين حتى تمتمت لنفسها بخفوت بينما تبتسم:
- يبدو أنّ تايهيونغ قد ورِث إبتسامته المميزة عن والده.
- في البداية أود شكر كافة الموظفين على عملهم الجاد والمتقن من أجل هذه اللحظة الثمينة في تاريخ شركتنا، والتي ستبقى ذكرةً مخلدة ولن تنسى في قصة نجاحنا، كما وأوجه شكراً آخر للمصممين والعاملين على هذه المجموعة والذين كانو سبباً رئيسياً لما نحن عليه الآن...وأخيراً، أوجه شكراً خاصاً لكافة الضيوف الكرام الذين أناروا الحفل بحضورهم المميز، وكذلك أبنائي وزوجتي الذين كانوا سنداً لي طوال مسيرتي في هذا المجال...شكراً لكم جميعاً على هذا العطاء السخي وعلى عملكم الجاد، ونتمنى أن تستمتعوا ببقية الحفل.
أنهى خطابه ليبدأ صوت التصفيق بالتعالي من جديد.
السيدة ريونغ بدأت تمسح دموعها المنسابة، فأمسك جين بمنديله سريعاً وخاطبها بنبرةٍ موبخة:
- أمي لا تبكي!..ستفسدين مكياجكِ وستصبحين مخيفة!
بدأ يجفف دموعها، لتقول بينما تحاول كبحهم:
- ما عساي أن أفعل...انها دموع الفرحة.
- يمكنكِ البكاء قدر ما تشائين بعد أن ينتهي الحفل، ولكن الآن فلتسيطري على الوضع أرجوكِ.
اما لورا فلن ننسى انها كانت رفقة جيمين طوال الوقت، حيث انها إحتضنته وسعادتها لا تكاد تسعها، ليربت هو على ظهرها بخفة بينما يبتسم...لقد كان وسيماً للغاية بالبذلة الرسمية، هذا ما إمتدحه به الجميع.
إبتسمت ايرين بفرح ما إن إلتقت عيناها بخاصة تايهيونغ الضاحكة، والذي رفع حاجبيه بشكر لمجهودها الكبير في إنجاح العرض.
كان يتمنى لو يحتضنها في هذه اللحظة ويشاركها غبطته، اما هي...فأيقنت أنّ له هالةً تميزه عن كافة الرجال المتواجدين هنا، هالةٌ تنبض وسامةً ورجولةً وكذلك قوة.
حتى وبعد تغييره لبذلته الرمادية الأولى وإستبدالها بأخرى سوداء مع طابعٍ مواكبٍ للموضة، بقي الأوسم في نظرها...خصوصاً مع تجعيده لشعره وسدله على جبينه بهذا الشكل المثير...انه مثالي بكل حالاته!
وبعد حين، صعد هو وجين ليلقيا خطابهما الخاص.
وما إن إنتهيا منه حتى قُدمِّت أقنعةُ العيون المزينة بالريش الأسود لكافة الحاضرين، كما وعادت الموسيقى لملأ المكان بصوتها.
خصصت ساحةٌ للرقص منذ البداية بالفعل، وقد بدأ الثنائيات بملئها.
ذهب تايهيونغ وجين لتغيير بذلاتهما للمرةِ الثالثة، فمن البديهي أن يظهروا بأكثر من زي لتوثق الصحافةُ ذلك تحت إسم الموضة.
وأثناء ذلك نظر بيكهيون للجالسة بقربه مع بعض التردد، إلا انه قال وأخيراً:
- هل تسمحين لي برقصة؟
نظرت نحوه بعينان لامعتان كما لو أنّ ما يحدث قد أعجبها، لتجيبه بنبرةٍ حالمة وسعيدة بينما تعاود قرص وجنتيه من جديد:
- يالك من مهذب ونبيل! بالطبع سأرقص معك.
سحبته بدل أن يفعل هو ذلك نحو ساحة الرقص كالمجنونة، ليبدآ بالتمايل على هذه الألحان الهادئة.
اما هيري وجونغكوك فأحدهما يعاني والآخر سعيدٌ للغاية!
هيري لا تجيد الرقص الكلاسيكي، لذا أضطر جونغكوك للموافقة على جعلها تقف فوق قدمية.
والسيء في الأمر هو حذاؤها ذو الكعب العالي، والذي أجزم انه قد سبب ثقوباً عدة بقدميه المسكينتين!
- الرحمة هيري! يكفي فلنجلس!
طلب منها بنبرةٍ شبه باكية، لتجيبه بلا أي اهتمام بينما تستمتع بالرقص...او لنقل على حسابه:
- إخرس جونغكوك...آه أشعر وكأنني إحدى أميرات ديزني.
- أميرات مؤخرتي!
تذمر بحنق وعينان مليئة بالدموع!
عاد تايهيونغ وجين للطابق السفلي حيث الحفل، وكلاهما يرتديان بذلةً بيضاء هذه المرة.
كانا فريسةً ممتازة لبنات حواء الحاضرات...إلا أنّ الأكبر معاييره عالية جداً، والأصغر قد أحكم الإغلاق على قلبه بقفلٍ مالكةُ مفتاحه تشع جمالاً وسط كل النساء بالنسبة له...وهي كذلك بالفعل.
وأثناء نزوله من الدرج لمحها تقف بجانب كاي وهوسوك بينما شخصٌ يبغضه على وشك الوصول إليها...وهو قد علِم بنواياه فعلاً، لذا أسرع في خطواته حتى وصل إليها قبل الآخر.
توقف جيبوم مكانه ما إن رأى تايهيونغ يقف بجوارها، وقبض على كفيه بغيظ.
- تبدو وسيماً.
إمتدحه كاي بينما يبتسم بجانبية، فقهقه تايهيونغ لفهمه مقصده وقال:
- وهذا بفضل تصاميمك.
كان كاي من صمم له هذه البذلة خصيصاً...وقد تماشت معه بشكلٍ مثالي.
حوّل بصره نحو سارقة قلبه وإبتسم بخفة بينما يمد لها كف يده بنبل.
- هل تسمحين لي بهذه الرقصة؟
رسمت طيف إبتسامة خجولة وطأطأت برأسها...حتى أنّ وجنتاها قد توردتا بلونٍ زاهي.
وبدل أن تجيبه وضعت كفها الصغير بين أنامله الرفيعة كردٍ على طلبه، فإبتسم بجانبية وسحبها نحو ساحة الرقص بينما وضع قناعه كبقية المتواجدين.
تركا المغفليْنِ خلفهما ليتحدث كاي بجدية نحو هوسوك:
- آنسة هوسوك...هل لي برقصة؟
شزره هوسوك بتقزز بينما يرفع طرف شفتيه، ثم ضرب يده الممدودة وأشاح بوجهه للجانب الآخر، فإنفجر كاي ضحكاً على شكله وإستمر في مضايقته حتى يتسلى.
كما ويوجد شابٌ يبدو أنّ فتاةً ما قد لفتت إنتباهه، فقرر التعرف عليها والتقرب منها.
- المعذرة...
إستدارت نحوه بتعجب لتقول:
- عفواً؟!
دلّك مؤخرة رأسه قبل أن ينطق بنبرةٍ متزنة أخفت رغبته في موافقتها:
- هل ترقصين معي؟
بدى انها مستغربةٌ من طلبه هذا، فهي لا تعرفه ولم يسبق لها أن رأته من قبل!
- إن كنتِ تعرفين مين هيري فأنا شقيقها، وإن لم تكونِ على صلةٍ بها فأنا أدعى مين يونغي.
كل ما علمه عنها انها تعمل بذات الشركة مع شقيقته، فلربما كانت تعرفها.
تفاجأت ما إن علمت بهويته، فلطالما أخبرتها هيري بأن لها شقيقاً يكبرها سناً ويعمل كطبيبٍ ناجح.
- بلى، أعرف هيري، انها صديقتي بالفعل...على كل حال تشرفت بمعرفتك، انا ميون.
مدت يدها بنية مصافحته فسحبها خلفه حيثما يرقص البقية دون أن يجيبها حتى...فلطالما كان يونغي قليل الصبر وقليل الكلام أيضاً!
وبالرجوع للبقية في ساحة الرقص او لنقل ساحة العاشقين...جونغكوك سيصبح مشلولاً في أي لحظة، وبيكهيون لا يسمع ولا يرى ولا يميز أي شيءٍ من حوله بفضل تفاصيل إيونها الجذابة.
وأخيراً العاشق ومعشوقتِه...كان قد وضع أنامله برقة على خصرها النحيل، بينما حاوطت عنقه بكلتا يديها.
كان نعيماً لا يوصف بالنسبة له، وإن كان حلماً فتمنى بأن لا يستيقظ منه حتى الأزل!
أغمض عيناه متمتعاً بكل لحظةٍ تمر برفقتها وبقربها، بينما إستبدل أكسجينه بعبيرها المُسكر حتى كاد يذوب في هواها.
وهي لم تكن أقل منه إنجذاباً!
كانت تحاول كبح نفسها عن إراحة رأسها فوق منكبيه اللذان ينافسان الكون شسوعاً، وكذلك غلغلة وجهها في عنقه ذو العطر الجذاب.
إبتعدت عنه بضع سنتمترات فقابلتها حادتيه من خلف القناع وإنتشلتاها الى مجرةٍ أخرى...مجرةٌ كان هو محورها وأساسها، حتى ضاعت في لونهما البندقي دون أن تُحس وفضّلت الموت على الرجوع!
اما عنه فقد تسلل بصره لكافة أنحاء وجهها خلسة...وأول ما لفت إنتباهه هو سوداويتيها اللتان حطمتا كيانه في جزءٍ من الثانية!
يليهما شفتيها المتصبغتين بحمرةٍ نبيذية بفضل أحمر شفاهها القاتم...تمنى لو يقبلهما حتى الموت!
لقد بات يسميها سارقة روحه، اما هي فإنجذابها إليه بات واضحاً كالشمس، لكن مشاعرها لا تزال مبعثرة.
لا تعلم هيأة أحاسيسها تجاهه بعد، ولكن إعجابها بكل شيءٍ يخصه قد كان أكثر ما تدركه حينما تراه.
هل باتت تحبه أم أنّ شعورها ما يزال في مرحلة الإعجاب؟!
تمايلا بهدوءٍ على أنغام الموسيقى وأبحرا في أعماق قلبيهما حتى الغرق.
بقي جين وحيداً، لذا تقدم نحو والديه المنسجمان في الرقص بينما يقهقهان كما لو انهما يسترجعان شبابهما، وقال:
- أبي...يكفيكَ هذا! حان دوري لأراقص هذه الجميلةَ وأتمتع بسحرها.
قبّل يد والدته مع غمزةٍ خفيفة، ليقهقها عليه سوياً.
- قليلاً فقط...ثم سأعود، حسناً؟
أوصاه والده قبل أن يغادر نحو مكان وقوف المدراء التنفيذيين ويبدأ بالحديث رفقتهم عن العمل بالطبع.
- والآن...أغمضي عينيكِ وأصغي الى قبلك.
أغمض عيناه بدوره، إلا انه فتحهما بغتة وهز رأسه:
- كلا كلا...إفتحيهما حتى تتمتعي بوسامة إبنك، هذا أفضل، اما انا...فسأتفاخر برقصي مع أجمل إمرأةٍ هنا.
ضربت والدته كتفه بخفة قبل أن تبدأ بالرقص رفقته وطوال الوقت وهي تضحك.
ومع كل هذه الأجواء الفاخرة، إبتداءً من الموسيقى الكلاسيكية الى منظر المكان الرائع...لم يكن مناسباً للورا وجيمين البتة!
أرادا الرقص بما يناسب سنهما...وحتى إن كانا طالبي جامعة، إلا انهما لايزالان يحتفظان بروح الطفولة داخلهما ولا يريدان تركها.
- جيمين...ألا تشعر بأن المكان قد تحول الى قصرٍ من العصر الفكتوري؟!
كان هذا ما قالته لورا، ليأيدها جيمين ويقول:
- معكِ حق، صحيحٌ أنّ المكان جميل لكنه لا يناسبنا في ذات الوقت.
تبادلا النظرات وسرعان ما تحولت الى نظراتٍ خبيثة.
- جيمين...هل تفكر فيما أفكر؟
- اجل...الجلوس على السطح افضل من البقاء هنا.
أحاطت عنقه بذراعها اليمنى كالشبان تماماً، وتحدثت بإبتسامة مشرقة:
- أكثر ما يعجبني بك هو فهمك لما يدور بعقلي دون أن أتحدث حتى!
- ولهذا أحب التسكع معكِ.
رد عليها بإبتسامة مشابهةٍ لخاصتها قبل أن يتسللا خفيةً نحو السطح.
________________________
- هيري أرجوكِ لقد فقدتُ الإحساس بقدميْ! كما وأريد الذهاب الى الحمام!
همس ببكاء قرب أذنها، فبوزت شفتيها بخفة ثم نزلت بعد أن أشفقت عليه وأخيراً.
تأوه بخفة وأمسك يديها حتى يتمكن من لمس قدميه المسكينتين.
- إذهب الى الحمام قبل أن تقضي حاجتك هنا!
خاطبته وهي تحثه على الذهاب كما لو أنه طفلٌ صغير ليطلق 'تشه' ساخرة ويقول:
- هل تظنينني طفلٌ صغير حتى أفعلها هنا!
عادت لتبويز شفتيها، ولكن هذه المرة مدعيةً اللطافة، ثم شدت وجنتيه.
- اجل...انت طفلي الصغير.
- إذا هل يمكنكِ...
وما كاد ينهي كلامه المصاحب لإبتسامته الخبيثة حتى فهمت مقصده، لتتحول الى هيري المتوحشة في لمح البصر، وتنطق حروفها من بين صرير أسنانها مع عينان تخرجان لهباً حارقاً:
- أغرب عن وجهي أيها اللعين وإلا قتلتك!
- حسنا حسنا.
فرّ هارباً نحو الحمام قبل أن يطلق العنان لنداء الطبيعة وسط ساحة الرقص وأمام الجميع!
اما هي، فقد أغمضت عيناها لتهدأ من روعها، وقد فتحتهما بعد ثوانٍ مع إبتسامة لطيفة...منذ بدأ علاقتها بجونغكوك أصبح الجانب اللطيف لديها يبرز أكثر من ذي قبل، ربما لأنها شعرت بأنوثتها معه.
تذكرت أمر نامجون، فبحثت عنه الى أن وجدته.
- آسفة على تأخري، لقد نسيت أمرك حقاً.
إبتسم لها بخفة ونفي برأسه.
- لا توجد مشكلة...أريد محادثتكِ في موضوعٍ يخص جونغكوك.
- جونغكوك؟!
تسائلت بحيرة فأومأ لها قبل أن يباشر حديثه الذي أحضرها إليه:
- لا أعرف إن كنتِ على دراية بحياة جونغكوك العائلية أم انه لم يخبركِ بعد...جونغكوك يعاني بعض المشاكل مع والدي، وهذا الأمر أصبح يحدث بإستمرار، حتى انه ترك المنزل منذ ما يقارب الأسبوعين ولم يأتي بعدها أبداً! أمي قلقةٍ عليه كثيراً وهو للأسف عنيد! حاولت إقناعه مراراً لكنه لا يستجيب، حتى أنّ والدي قد إضطر للضغط عليه بشتى الطرق، ولكن ما من جدوى! وكل خلافاته معه دائماً ما تكون بسبب العمل في الشركة وعن إستهتاره بالأمور الجدية.
صمت قليلاً ثم أضاف:
لا أعلم لما لا يحب سماع النصائح مني فيما يخص هذا الأمر، ولكن كل ما توصلت إليه هو انه قد يتحسس من هذا الأمر وخصوصاً إن كان من طرفي!
على كل حال...سمعته ذات مرة يحادث أمي عنكِ ويخبرها بمدى حبه لكِ، وكم كان سعيداً بذلك حقاً، فرحت كثيراً لحصوله على الحب الحقيقي وسألت عنكِ...وكل ما علمته هو انكِ الفتاة المميزة التي إستطاعت كسب قلب شقيقي المدلل، لذا أود أن أطلب منكِ معروفاً...فهل لكِ بأن تسديه لي؟
سمعت كل كلمة قالها بإمعان ولن تنكر أنّ الحيرة قد تملكتها بالكامل...لم تكن تتصور أنّ جونغكوك يعاني هذا الكم من المتاعب!
- بالطبع تفضل.
- أنتِ الوحيدة التي إستطاعت تغييره الى الأفضل، وانتِ الوحيدة أيضاً القادرة على تحسين مساوئه وقلبها الى مزايا، أريد منكِ إقناعه بالعودة الى المنزل وحل الخلاف القائم بينه وبين والدي...صدقيني، لقد رأيت بصيص الأمل منكِ وأود أن تحوليه الى حقيقة.
إحتارت من كلامه بالفعل...لم يسبق لها وأن تدخلت في حياة جونغكوك الخاصة او تناقشت معه في أمرٍ بخصوصها، لكنها لن ترفض طلب شقيقه الأول، وستحاول بما انها في علاقةٍ جدية معه ولا تريد أن يؤثر هذا على حياتها المستقبلية معه.
- حسناً...سأحاول.
- شكراً جزيلاً...انا ممتنٌ لكِ على هذا المعروف.
شكرها بإمتنان، ليقطع هذه اللحظة خروج جونغكوك من العدم بملامح مستنكرة.
- مالذي تفعلينه هنا؟!
لم يتقبل فكرة وجودها رفقة شقيقه دون علمه، فقالت بإبتسامة خفيفة كما لو ان شيئاً لم يكن:
- كنت أتعرف على شقيقك.
همهم بصمت بينما لم يزح عيناه عن خاصة أخيه، ثم سأله ببرود:
- اين ابي وامي؟
- امي لم تأتي لأنها مريضة، وابي يجلس برفقة بعض الضيوف.
وما إن سمع جونغكوك كلمة 'امي مريضة' حتى إهتاج وبدأ يتسائل عنها بقلقٍ واضح...قلقٍ جعل هيري تدرك مدى قربهِ وحبه لوالدته.
- ما بها امي؟! هل هي مريضةٌ جداً؟!
- كلا...مجرد وعكةٍ خفيفة، تعلم انها تهلوس من المرض كثيراً وتلتزم الفراش حتى تتعافى كلياً، لهذا لم تأتِ.
طمأنه شقيقه، ليتنفس الصعداء ويزيح الثقل الذي ملأ صدره للتو، كما وشعر انه بحاجةٍ للحديث مع شقيقه على إنفراد، فطلب من هيري تركهما بمفردهما قليلاً.
- هل وضع القصر على ما يرام؟
كان جدياً في حديثه، فتعجب نامجون من سؤاله هذا، لكنه أجابه فحسب:
- عد إليه وسيكون بخير.
صمت جونغكوك لبرهة بعد كلام أخيه، ثم وجّه أنظاره نحو والده الجالس قرب مجموعةٍ من الرجال بينما يبدو شامخاً بثباتٍ كعادته ويتناول أطراف الحديث رفقتهم.
- سأعود عندما يغير سياسة تعامله معي!
ألقى بهذه الكلمات على شقيقه ثم غادر وتركه بمفرده.
-أتمنى أن تنجح في إقناعك.
كان هذا كل ما تلفظ به نامجون وهو يراقب ظهر شقيقه المغادر.
_________________________
توقف الجميع عن الرقص تقريباً، فأضطر تايهيونغ لمسايرة بعضٍ من أبناء العائلات الغنية برفقة شقيقه جين.
شعرت ايرين ببعض التعب نظراً لعدم نومها قبل الحفل بشكلٍ جيد، لذا صعدت الى الطابق الثاني ووقفت في شرفةٍ ضخمة تتوسط دهليزه وتقابل المصعد على بعد مسافةٍ بسيطة، رغبت في إستنشاق الهواء النقي وتصفية ذهنها بعيداً عن الضوضاء.
وماهي سوى لحظاتٍ من إختلائها بنفسها، فإذا بجيبوم يقف بجوارها ويشاركها المكان.
- الهواء عليلٌ هنا.
نظرت له لبرهة، ثم همهمت بخفة.
- أجل، آسفة...لقد كنت مشغولة منذ بداية الحفل، لذا لم تسنح لي الفرصة بالتحدث معك مطلقاً!
إبتسم بينما يتأمل حديقة الفندق أسفله، ثم قال:
لا مشكلة...هانحنذا نتحدث الآن.
إستكن لثوانٍ، ثم أكمل حديثه:
- هنيأً لكم...العرض والأزياء كانا في غاية الروعة.
وفور صمته نزع قناعه ليتبين لها وجهه ذو الملامح الحادة، فإبتسمت نحوه وقالت:
- شكراً...هذا من ذوقك.
أراد فتح أي موضوعٍ معها، لكنها خيّبت أمله بإجاباتها القصيرة.
لذا أشاح بنظره عن الحديقة أسفله ونقله إليها...إبتسم تلك الإبتسامة التي تحبها، ثم قال ممتدحاً إياها:
- تبدين جميلةً للغاية الليلة.
خجلت من مدحه الصريح هذا ولم يسعها سوى إمالة شفتيها النبيذيتين بخفة وإستحاء.
- شكرا على مديحك.
- هذا لا يعتبر مديحاً، بل إنه الحقيقة! كل شيءٍ بكِ يبدو مثالياً الليلة، الأسود يليق بكِ كثيراً.
راودتها أحاسيسٌ مختلطة بين التوتر والإستنكار بعد إصراره على التفوه بمثل هذه الكلمات!
كان كما لو انه قد تمادى قليلاً...
لم تتقبل غزله هذا مطلقاً، كما وشعرت بعدم الراحة قربه ولأول مرة...وإن كان تايهيونغ من فعل هذا، لَما إعترضت ولكان قلبها يصرخ مستنجداً للرحمة!
ظلت صامتة ولم تجبه، بل وإكتفت بفرك ذراعيها المكشوفتين بحثاً عن الدفئ مع أنفاسها المتشكلة بوضوح أمام شفتيها بفضل برودة ليالي أواخر أكتوبر.
ناظرها مدققاً في تفاصيلها...إبتداءً من إحمرار أنفها الصغير ووجنتيها من البرد، وإنتهاءً بكامل تقاسيمها الهادئة...لقد راقته كثيراً، فرسم شبح إبتسامة وأنزل رأسه، وسرعان ما عاد لرفعه وإقترب منها أكثر.
- يبدو أنّ البرد قد تمكن منكِ!
وإختتمها بلف ذراعه اليمنى حول وسطها.
رعشة سرت كالكهرباء من رأسها حتى أخمص قدميها...كادت تفقد أنفاسها!
إنتابها شعورٌ غير مريح البتة، وتضايقت من تماديه المفرط معها!
Taehyung pov:~
لا أعلم لما تختفي هكذا فجأة! وبهذه السرعة أيضاً!
قبل دقائق كانت تقف على مقربةٍ مني، والآن تلاشت دون أن أحس بها حتى!
بحثت عنها بعيناي ولم أجدها، كما ولم أتمكن من ترك الضيوف لوحدهم.
اين قد ذهبت يا ترى؟!
انا لا أطيق فكرة بقائها لوحدها في أماكن مختلطة كهذه، وخصوصاً مع ما ترتديه!
إنتظرت الى حين إنسجم الجميع مع جين أكثر، وإنسحبت معتذراً منهم...اين ستذهب في هذا البرد!
بحثت عنها في كل زاويةٍ من الطابق السفلي ولم أجدها!
لذا صعدت الى الطابق الثاني، ولن أنكر أنّ القلق قد تملكني حولها بحق!
وما إن فُتح باب المصعد حتى لمحتها رفقة رجل!
هل...هل هو جيبوم!
فت
لتحلّ عليكَ اللعنة يا أيها الحثالة...أقسم لك بأني سأقطع يدك القذرة هذه إن لم تبعدها عن خاصرتها!
ولكن ما إستوقفني عن التقدم، هو إبتعادها عنه...وبنفسها!
أحسنتِ ايرين...يبدو أنّ ما فعله لم يرقها بتاتاً، تعابيرها حاكت إنزعاجها بالفعل، ولا أعلم لم تسارعت خطواتي نحوها فجأة!
لم أجد نفسي سوى أحيط خصرها الذي يعدُّ من ممتلكاتي المحرمة والمحظورة على الغير، وأيضاً وفي ذات المكان الذي وضع فيه جيبوم يده!
أحسست بتفاجؤها...ولن ألومها، فوضعها لا تحسد عليه أي فتاةٍ عدى العاهرات بالطبع.
حتى انها كادت تبتعد لولا ضغطي على خصرها كإشارةٍ تنبيهية بأن لا تتحرك...أتمنى أن تكون قد فهمت مقصدي.
ثبتت نظراتي الحاقدة نحو هذا اللعين...كم أحب رؤيته وهو يغلي غيظاً...ومن من؟..مني بالطبع!
- لا أحب أن تُلمس ممتلكاتي بهذا الشكل!
رفع حاجباه بتفاجؤ ثم إبتسم بسخرية، اما هي فلمحت تحديقها المصدوم نحوي، فشددتها لي أكثر وأحكمت الإمساك بها، حتى أبرهن للآخر أنها ملكي وليست لأي أحدٍ غيري!
- حقاً! لم أعلم بأنك قد أضفتها لقائمة ممتلكاتك!..حتى انها لم تتحدث عن هذا من قبل! يبدو انها لا تلقي للأمر أي أهمية.
حاول إستفزازي، ولن أنكر بأنه قد نجح في ذلك!
لكنني أمتلك كبرياءً لعيناً وعناداً لا مثيل له...ولهذا لن أظهر له أي شيءٍ عدا البرود!
إبتسمت بجانبية وقلت:
- هي ليست مجبرة على إخبارك بخصوصياتها...أنصحك بأن لا تتدخل فيما لا يعنيك!
حذّرته بشكلٍ غير مباشر، لكنني أكثر من يعلم أنّ جيبوم ليس بالشخص الذي يستهان به في فهم حديثٍ كامل بمجرد كلمةٍ واحدة!
أُشفق على ايرين...ملامحها لا تُفَسر وهي تحدق تارةً بي وتارةً به تحت مسمى الصدمة!
إكتفى جيبوم بالصمت، ونظراته تشرح ألف وعيدٍ ووعيد.
كما وانني سأهتم أصلاً!..لهذا سحبتها بذات الوضع وغادرت تلك الشرفة.
شعرت ببرودة جسدها فخفت أن تمرض!
لذا سارعت في خلع سترتي حتى أقيها من هذا البرد.
وما إن دنوت نحوها لوضع السترة وقد تعمدت فعل هذا أمام مرئ جيبوم، حتى همست لها بخفة:
- لا تنطقي بأي حرفٍ الآن، فقط إمتثلي لما أفعل بسلاسة، وعندما نعود سنتحدث بخصوص ما جرى.
دققت في نظراتها التائهة بينما تهمهم لي...أكثر ما يعجبني بها هو ثقتها بي رغم كل ما يحدث.
وهذا ما سيزيد من قربي لها...
End taehyung pov.
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
#يتبع...
- رأيكم بالبارت؟
- غيرة تايهيونغ على ايرين؟
- الإسم يلي أطلقه عليها؟
- إهتمامه المفرط بها؟
- شو رح يصير مع هيري بخصوص إصلاح علاقة جونغكوك بأبوه؟
- شخصية كاي؟
- يونغي الخروف😂؟
- فصلة تايهيونغ الحمش بالأخير على جيبوم؟
- توقعاتكم للقادم؟
طبعاً البارت برعاية تايهيونغ وايرين هاي المرة، وإن شاء الله تكون عجبتكم المومنتات
سو حابة اشكر كل بنوتة عم بتجاوب على الاسئلة وبتدعمني بتعليقاتها الحلوة دائماً😍
ومثل ما شفتوا حطيت صور للشخصيات بالبارت عشان تقدروا تتخيلوا مظهرهم بالمهرجان، بس البارت إمتلئ بالصور وما قدرت أحط صورة جين بالبذلة البيضاء، لهيك رح حطها بالبارت الجاي.
وهلا نجي لفرقة التشويق:~
عنوان البارت القادم: جوانب خفية!
المقتطفات التشويقية:
- لا تنظري لي بهذا الشكل، أنتِ تشعرينني كما لو أنني إرتكبت جريمةً نكراء بحقك! لما تشعرين بالتوتر وهي الحقيقة!
~
- جونغكوك...أنت كلُّ شيءٍ بالنسبة لي.
~
- أهلاً بعودتك سيد تايهيونغ، أنرت المزرعة بقدومك.
~
- يبدو عليكِ الإستمتاع لمجرد رؤية الخيول.
~
- لا أعلم من أي منظورٍ تحدقين! ولكننا نبدو لطيفيْن وسيحبنا الأطفال بالفعل.
~
- ألم تفكري في مستقبلكِ معي؟! كيف سننجب أطفالاً وأنتِ كدتِ تجعلينني عقيماً!
~
- كلا ايرين إبتعدي عنها!
~
- تاي...هل يمكنك قطف هذه الزهرة من أجلي؟
~
- سأفعل المستحيل لأجلكِ أنتِ...حبيبتي.
نسبة حماسكم للبارت الجاي؟
أشوفكم بخير💜
See you next part...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top