14~أَشْعُرْ بِالشَّفَقَةْ وَلَكِنْ...
قراءة ممتعة💚
﴿أَتَكَلَّفُ الْإِعْرَاضَ عَنْكِ مَهَابَةً...وَإِلَيْكِ أَصْبُو جُهْدَ مَا أَتَكَلَّفْ...وَالشَّعْرُ أَسْوَدٌ وَالْجَبِينُ مُشَعْشَعُ...وَالطَّرَفُ أَحْوَرُ وَالْقِوَامُ مُهَفْهَفُ﴾
- راقتني💫
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
عند حلول المساء...
جلس تايهيونغ خلف مكتبه بعد أن أخذ حماماً دافئاً يريح به أعصابه.
إرتدى نظاراته الطبية، وفتح الدرج مخرجاً منه ملفاً به بعض الأوراق.
فتحه وباشر في قراءة محتواه...أجل؛ انه يحوي ما طلبه صباحاً.
وفور إنتهائه منه، أمال شفتيه بإبتسامة جانبية ساخرة بينما يقلبه بين أنامله بوتيرةٍ هادئة.
- مثيرٌ للإهتمام!..أحسنت تايمين.
وفي نفس القصر، وتحديداً في غرفة جين، كان جالساً على حافة سريره و باله مشغولٌ على إيرين.
لاحظ غيابها عن العمل هي وهيري اليوم، وقد تسائل عن السبب فأخبرته ميون عما حدث.
شعر بالحزن تجاهها...كان يود الذهاب إليها لتعزيتها، وكذلك التخفيف عنها، لكنه لم يستطع بسبب ظروف العمل وكذلك بُعد المسافة.
ولهذا قرر الإتصال بها والإطمئنان عليها عبر الهاتف على الأقل!
إنتشل هاتفه المتموضع بقربه، وضغط على رقمٍ كان إسم صاحبه 'الطفلة الكبيرة'.
ولكن كل ما سمعه هو صوت إجراء المكالمة ثم إنقطاع الإتصال!...لم تجب.
تنهد بقلة حيلة، ليرمي بنفسه على سريره مزفراً أنفاسه المثقلة.
وسرعان ما شعر بالملل فجأة...تدحرج مراراً وتكراً على فراشه قبل أن يستقيم مبعثراً شعره بإنزعاج.
- آه ماذا أفعل؟! أشعر بالملل!
إستقام وذلك بعد ان قرر أخذ جولةٍ في القصر،
فعلى كل حال قد وجد شيئاً لإمضاء الوقت وقتل الملل.
وقبل نزوله، سمِع صوت معزوفةٍ موسيقية آتيةٍ من غرفة شقيقه...ولم تكن سوى إحدى سيمفونيات بيتهوفن، والتي إعتاد تايهيونغ على سماعها بما انها المفضلة لديه.
أخذ بخطواته نحو غرفة الآخر طارقاً الباب بخفة قبل أن يدخل.
وبالطبع كان شقيقه مسترخياً فوق الأريكة بينما يستمع لتلك المعزوفة بعذوبة مع كوب قهوته الذي لم يفارق جواره!
- لن تستطيع النوم بفضل إحتساء القهوة الآن!
لم يكن تايهيونغ ليعلم بتواجد شقيقه في غرفته لولا أنه قد تحدث، حيث فرّق جفناه ليجده متكأً على الباب.
وضع كوب قهوته جانباً، ثم أطفئ تلك الآلة الموسيقة القديمة بإسطواناتها الكبيرة مع بوقها الواسع والذي كان منفذاً لخروج تلك الألحان العذبة...منظرها كان كلاسيكياً للغاية وتصميمها قديم!
- كلا...إنها لا تسبب لي أي مشاكل عندما أشربها في مثل هذه الأوقات! أستطيع النوم متى ما شِئت.
أجاب بهدوء، فأضاف جين بنبرةٍ مازحة ومرحة:
- لم تخطأ أمي حينما كانت تلقبك بدب الكوالا الكسول في صغرك.
قهقه تايهيونغ بدوره لتذكر ذاك اللقب، والذي لازمه حتى أيام الثانوية.
إستقام من مضجعه أخيراً، وخطى نحو خزانته ليرتدي قميصاً بعد أن كان من دونه قبل لحظات.
- هل تناولتم العشاء؟
تسائل بينما يرتدي قميصه الفضفاض ذو اللون الرمادي.
- كلا، نحن لم نتناوله بعد.
همهم تايهيونغ تزامناً مع إنحنائه نحو المرآة مزيحاً خصلات شعره عن جبينه بحواف أنامله، ثم إعتدل في وقفته وإتجه صوب الواقف عند الباب.
لفّ بعد ذلك ذراعه حول عنق أخيه الأكبر، ومن ثم أضاف قائلاً:
- إذاً...ما رأيك ان نتناوله سوياً ومن ثم نلعب ألعاب الفيديو؟
تشكلت أطياف إبتسامة حماسية على شفتي جين الذي ضرب كفه بكف الآخر وصرخ:
- بالطبع يا صاح!
- والخاسر سينجز نصف أعمال الآخر في مهرجان الشركة!
أضاف تايهيونغ بينما يشير بسبابته نحو شقيقه، ليبتسم الآخر بجانبية على هذا الرهان.
- لك ذلك.
أخذا بخطواتهما نحو الأسفل وحديثهما لم يخلوا من الضحك والمزاح.
حدقت بهما والدتهما الجالسة بهدوء مع إبتسامةٍ خافتة، حيث كانت تفحص عدداً من القطع الأثرية النادرة والثمينة بواسطة عدسة مكبرة، والموزعة أمامها على الطاولة بعشوائية.
ذهبا إليها، فلمس جين إحدى تلك القطع متسائلاً:
- أمي...ماهذا!؟
ولكنه تلقى صفعةً على يده، يليها توبيخاً من طرفها:
- كلا!..لا تلمسها، إنها حساسة!
وقد كانت تلك إشارة لتايهيونغ، حيث أبعد يده بسرعة عن تلك القطع قبل ان تراه ويحلّ به ما حلّ بشقيقه!
- إنها قطعٌ نادرة وثمينة تعود الى العصر الفكتوري...أليست جميلة؟
إستأنفت والدتهما حديثها من جديد بنبرةٍ مبتهجة ونظراتٍ هائمة وولهانة نحو تلك الحفريات.
على كلٍ...هي تعشق عملها هذا وتهواه منذ زمن، بالإضافة الى انها تقدس كل ما يخصه ولديها متحفٌ كاملٌ بإسمها تضع به ما تجده وتكتشفه، فهي عالمة آثارٍ بالنهاية وثريةٌ أيضاً!
حدقا ببعضهما لوهلة قبل أن يبتسما سوياً كاتمان بذلك ضحكتهما على نظرات والدتهما العاشقة لتلك التحف القديمة.
وبما أنّ جين من النوع الذي قد ينفجر في أي لحظةٍ من الضحك وخصوصاً إن تحدث، قام تايهيونغ بإجابتها بدلاً عنه، لأنه قد نجح في كتمانها بالفعل:
- أجل إنها جميلة...ولكن ليست أجمل منكِ!
نبرته كانت مغازلة لأبعد حد، فقهقهت والدته بخفة وقالت:
- حقاً!..كفاك سخرية!
إبتسم جين ليمد يده إليها بنبلٍ مع نظراتٍ ساحرة هو الآخر.
- والدي محظوظٌ جداً لإمتلاكه زوجةً بجمالكِ سيدة كيم ريونغ.
وضعت يدها في كف إبنها الأكبر، والذي بدوره قبّلها.
ضحكت من جديد على شاعريتهما الفاشلة، ثم لوحت بيدها الحرة في محاولةٍ لإخفاء خجلها.
- كفاكما سخرية يا ولدان!
وتزامناً مع حديثها، تقدم ثلاثتهم نحو طاولة العشاء المعدّةِ بعناية، وجين لا يزال ممسكاً بيدها بتلك الطريقة النبيلة.
وهنا جاء دور تايهيونغ الذي أسرع بجذب كرسيها حتى تجلس عليه مدعياً النبل كشقيقه الأهوج.
- تفضلي جميلتي.
رمقها بنظرةٍ آسرة للقلوب قبل أن يذهب لمكان جلوسه.
منذ مجيئهما لم تكف والدتهما عن الضحك، وقد قهقهت من جديد بينما تجذب خديهما بلطافة.
- يالكما من ظريفين.
أصدرت أصواتاً لطيفة جعلتهما يبتسمان بخفة، وسرعان ما نطق تايهيونغ بنبرةٍ جادة بينما يعدل طريقة جلوسه:
- بالمناسبة، نحن لا نسخر منكِ!..أمي انتِ جميلة وهذه هي الحقيقة.
إبتسمت له بينما تمسك شوكتها وسكينها حتى إختفت عيناها.
- شكراً لك عزيزي.
لم يخلوا عشائهم من ضحك جين المتواصل، ومزاح تايهيونغ، ومزاج والدتهما اللطيف.
وقد كان ثلاثتهم فقط من يتشاركونه...لأن لورا برفقة صديقتها مينا، والسيد كيم لديه عشاء عمل مع بعض المستثمرين.
___________________________
بعد مرور ثلاثة أيام، وتحديداً عند المساء...
Hirey pov:~
لقد أنهينا مراسم الدفن بالكامل، وغداً سنعود الى سيول.
لم أُفارق ايرين ولو للحظة منذ ذلك الحادث...على الأقل حاولت أن أنسيها بعضاً من حزنها الدفين.
أنا قلقةٌ جداً على صحتها!
إنها ترفض الطعام منذ ذلك اليوم، وحتى إن أجبرتها أمي فهي تتناول القليل فقط، كما انها تنهار بالبكاء أحياناً دون اي مقدمات، هي لا زالت تتألم...وبشدة!
أعرفها جيداً...هي تعلم بأننا قلقين للغاية عليها، لهذا باتت تتناول طعامها بشكلٍ أفضل آخر يومين، ولكن مالفائدة إن كانت تبكي لوحدها وبخفوت طوال الليل!
تظنني لا أستيقظ وأظل أسمع صوت أنينها المتحسر!
آه...أتمنى أن يتحسن الوضع لاحقاً، فأنا ويونغي نعمل جاهديْنِ على ذلك.
وعلى سيرة العمل...
لقد عملنا اليوم بطوله في توظيب كافة أمتعتها وترتيبها وكذلك تغطية أثاث المنزل، فبالنهاية نحن سنعود الى سيول، وسيبقى البيت فارغاً بعد وفاة الجدة سويونغ.
إقترحنا عليها فكرة عرضه للبيع، لكنها رفضت ذلك.
لست ألومها، فهو المكان الذي شهِد على كل ذكرياتها مع جدتها، وكذلك المكان الذي كبرت فيه منذ طفولتها.
الأمر صعبٌ قليلاً...لكن فكرة بيعه هي الأفضل، فعلى الأقل لن تعود إليه وتتذكر جدتها وتشعر بالحزن مجدداً...سيساعدها بيعه على نسيان الأمر بشكلٍ أسرع.
لكنها وكما قلت رفضت!
لم نضغط عليها، فالقرار يعود لها بالنهاية، ولتفعل ما تراه مناسباً لها.
وهاهيذا تغط في نومٍ عميق بقربي بعد عدة أيامٍ من قلته، وكذلك بفضل التعب من توظيب أغراض المنزل.
ورغم اني عملت معها، إلا انني لم أشعر بالنعاس أبداً!
حاولت النوم مراراً، وتدحرجت هنا وهناك علّه يزورني، لكنه أبى ذلك!
نظرت الى الساعة، وقد كانت تشير الى التاسعة مساءً...لا يزال الوقت مبكراً!
نهضت بعد صراعٍ طويل مع عقلي، لأرتدي حذائي وأخرج.
ذهبت الى المستشفى، فأنا بحاجةٍ الى بعض الدعم المعنوي...وبالطبع انا أقصد الجد موتشان.
أتمنى أن لا يكون نائما الآن...
وصلت، فقابلت الممرضة يون من المرة الماضية بالصدفة!
بدت لطيفة وهي ترحب بي فور تمييزها لهويتي، لذا سألتها عنه وهل هو نائمٌ أم لا، لكنها أخبرتني بأنها قد أخذته قبل قليلٍ الى الحديقة.
ذهبت إليها، وقد وجدته في ذات المكان من المرة الماضية...يبدو انه لايطيق المكان بالداخل!
هتفت بإسمه عالياً فإلتفت لي فوراً...لقد ضيّق عيناه ليميزني، ولم يمنع نفسه من الإبتسام عند معرفته لهويتي.
لذا أسرعت إليه وإحتضنته بخفة، فربّت على ظهري وقال:
- أهلاً بكِ يا إبنتي.
إبتسمت عند سماعي صوته الأجش الذي يبث بداخلي نوعاً من السلام.
بقيت بجانبه طويلاً، وحديثنا لم يخلو من الضحك والإستمتاع.
كنت أعلم بأن يوم غدٍ هو موعد رحيلي، وانه لربما لا أجد فرصةً حتى ألتقي به مجدداً، لهذا ودعته وداعاً يليق بمكانته في قلبي، رغم انني لم اعرفه إلا منذ ثلاثة أيام تقريباً!
على كلٍ...عدت بعد ذلك الى المنزل، فالوقت قد تأخر بالفعل...انه منتصف الليل!
إن علِم والداي بخروجي في هذا الوقت سيقتلانني لا محالة!
مشيت على حافة الرصيف بينما أتأمل ما حولي...الطقس جميلٌ جداً الليلة، فالسماء صافية والنجوم تبدو واضحة و براقة للغاية.
لا اعلم لما تذكرت جونغكوك فجأة، ولكن تذكره كان كفيلاً بقلب مزاجي الى قمامة!
انا لا أكرهه في حد ذاته، بل أكره تحاذقه معي وحبه لإغاضتي بإستمرار.
آه إنه مجرد مجنونٍ لا عقل له، لا يجب ان أزعج نفسي بسببه.
وإن بقيت أفكر به فأراهن على أنّ أحلامي هذه الليلة ستكون أسوء من الكوابيس!..وهذا ان إستطعت النوم أصلاً!
End hirey pov.
____________________________
في صباح اليوم التالي...
Irene pov:~
آه، أشعر بألمٍ قاتل في رقبتي!..يبدو أني نمت بشكلٍ خاطئ ليلة أمس!
على كل حال...نحن في طريقنا للعودة الى سيول الآن.
حاولت أن أكون بمزاجٍ أفضل اليوم من أجل هيري ويونغي على الأقل، فقد وقفا بقربي وسانداني كثيراً، وانا ممتنة لهما كثيراً على ما فعلاه.
فعلى أي حال هذه هي الحياة...
قررت ترك الماضي والمضيِّ قُدماً، فقد كانت هذه هي وصية جدتي حتى آخر لحظة، ورغم اني وعدتها بذلك، إلا اني خلفته وسأحاول إصلاح الأمر الآن.
قررت إكمال ما بدأته، والعيش بإستقرار، وتكوين نفسي بنفسي.
لن أجعل من هم حولي يقلقون عليّ أكثر من ذلك...سأبدأ صفحةً جديدة وسأحاول نسيان أحزاني، رغم انها تتغلغل بعمق داخل قلبي.
ولكن من يعلم...ربما أجد السعادة يوماً ما بين طيات هذا العالم المبهم.
آه...يبدو أنّ فصل الخريف قد عاد من جديد.
الجو بدأ يصبح غائماً، والاشجار باتت تتصبغ باللون الاصفر، ولن يطول بها الحال إلا وهي تكسي الأرض بأوراقها الذابلة.
ورغم انه الخريف بالفعل، لكنني أجلس بقرب عاصفة رعدية وثلجية مدمرة الآن!
إنهما هيري ويونغي...لم يكفا عن التشاجر منذ ركوبنا السيارة!
يونغي يثير أعصابها ببروده وكلامه اللاذع، وهي لا تحتمل أي كلمة منه...إنهما ظريفان حقاً!
لم أشعر بالملل من شجارهما رغم طول الرحلة، كما وإكتفيت بإسناد وجنتي بكفي بينما أراقب العالم من النافذة بهدوء...لقد شعرت ببعض التحسن فعلاً
End irene pov.
_________________________
- جونغكوك إستيقظ، يكفيك نوماً، هيا إستيقظ!
كانت والدته توقظه من نومه العميق،وقد بدى كالجثة تماماً!
إذ أنه غطّى رأسه بوسادته، وتذمر بنبرةٍ باكية:
- أمي أتوسل إليكِ! دعيني أنم لخمسِ دقائق أخرى أرجوكِ!
إستقامت والدته ووضعت يديها على خصرها بعد أن يئِست منه.
- متى نمت البارحة؟..وهذا إن نِمت أصلاً!
أنا متأكدةٌ من أنك قد سهرت على لعب ألعاب الفيديو ككل مرة...أليس كذلك؟!
وبالفعل كان تخمينها في محله!
لم يجبها، لأنه قد غرق بالنوم مجدداً، فقلبت مقلتيها بيأس وأمسكت بتلك الوسادة قاذفتةً إياها بعيداً عن وجهه.
- أمي أرجوكِ!
- هيا هيا إستيقظ، لديك عملٌ مهم اليوم في الشركة، لذا إستيقظ وإستعد للذهاب.
تحدثت وهي تدفعه عن سريره الذي أقسم على أن يلتسق به كالعلكة!
وأخيراً فتح إحدى عينيه، وتثائب حتى كاد يشفط كل ما حوله، ليسألها بنعاس:
- ومن أخبركِ بهذا؟
- نامجون.
أجابته وهي تدفعه نحو الحمام، لكنه همهم من دون إكتراث ودخل مغلقاً الباب خلفه.
كانت والدته على وشك الخروج، لكنها عادت للوقوف أمام باب الحمام محذرةً إياه بصوتٍ عالٍ:
- جونغكوك...أقسم لك أنني سأقتلك إن فكرت في إكمال نومك بالداخل، أتسمعني!
- آه اللعنة!
هذا ما نطق به بعد أن بائت كافة محاولاته بالفشل...والدته تعرفه أكثر من نفسه!
خرج بعد أن إستحم وهو لا يزال يتثائب، ثم إتجه صوب حجرة ملابسه لإنتقاء طقمٍ يرتديه لليوم بصفته ذاهباً الى الشركة.
وبعد إنتهائه من تجهيز نفسه وقف أمام المرآة يعدل ياقة قميصه بينما يرسم إبتسامة جانبية ساحرة.
- رغم عدم نومي وحصولي على هالاتٍ سوداء إلا اني لا زلت أنبض بالوسامة!
_______________________
أخذ تايهيونغ يحتسي كوب قهوته الصباحية بينما يقلّب بعض الملفات أمامه بملل.
وما لبث أن أطلق تنهيدةً ضجرة يليها ضغطه على جهاز تحكم التلفاز مشغلاً إياه.
حدق بالشاشة وبالمحطة التي تنقل حدثاً مباشراً ومعالمه فارغة، الى أن تحدثت المراسلة:
- اليوم ننقل لكم ولأول مرةٍ حدث إفتتاح دار جيفينشي للأزياء تحت وكالة السيدة كانغ جيبوم في كوريا...سيد جيبوم، ماهي الكلمة التي تود قولها لمستثمريك الذين ساهموا في وصولك الى مثل هذا المستوى بإنجازاتك الفردية بعيداً عن سلسلة والدك الشهيرة للأزياء؟
- في البداية أود شكر كلّ من قدّم لي الد...
أقفل التلفاز فور رؤيته لوجه الآخر!
إنه يمقته وبشدة...كما ولديه ماضٍ حافل برفقته!
هو لم يتقبل فكرة أخذ الآخر للوكالة بعد!
كان يبذل جهده ويفعل كل ما بوسعه للحصول عليها لكن الآخر سبقه وأخذها...وهو يعلم انه يفعل ذلك عمداً فقط ليغيظه!
وبالطبع كان هذا كفيلا بقلب مزاجه الى الأسوء منذ الصباح!
شعر بالإختناق داخل مكتبه، لذا قرر الخروج قليلا، وهذا يعتبر أمراً نادراً بالنسبة له.
أخذ يتجول في أنحاء الشركة تفقداً لأوضاعها، من ثم قرر الذهاب الى قسم التصميم كآخر وجهةٍ له.
دخل فجأة، ليصدم كل الموظفين من حضوره الغير معتاد والمفاجئ.
حيث قرصت ميون هوسوك المنغمس في عمله، ليرفع رأسه، وما لبث أن جحظ عينيه بتفاجؤ، فإستقام سريعاً ورحب به.
- أهلاً بك سيد تايهيونغ.
بينما الآخر كان يقف بإستقامة واضعاً يديه خلف ظهره ويجول بعينيه أرجاء المكان، أمال رأسه بخفة كردٍ على ترحيب الآخر بينما عيناه لا تزال معلقةً في الجوار.
ترك هوسوك ما بيده سريعاً وإتجه نحوه متحدثاً برقي:
- سيد تايهيونغ...هل أتيت لرؤية تصاميمي على أرض الواقع؟
كانت نبرته واثقة لأبعد الحدود، ولكن الاخر جعلها تحلق بعيداً بقوله وببساطةٍ تامة:
- كلا لم آتي لأجلهم...كنت أتفقد الأوضاع فحسب!
لقد رأيتهم فيما سبق بالفعل.
أرخى هوسوك كتفيه بإحباط وإحراج من صراحة الآخر القاتلة!
كما وإلتزم الصمت بعد ان تم قصفه أمام موظفيه، ولكن لم يدم الصمت طويلاً، فتايهيونغ قد تحدث بعد ثوانٍ قائلاً بنبرةٍ جادة فور ملاحظته لعدم وجودها بالجوار:
- إذاً...هل كل موظفيك حاضرين؟!
- أجل، ولكن يوجد موظفتين متغيبتين.
كان هذا ما نطق به هوسوك ليفهم الآخر انها لم تأتِ،
لذا تحولت نبرته الى أخرى حادة:
- ولِما لا تجلب سجلّ الحضور الى الإدارة كل يوم؟!
سيد هوسوك...يجب أن تعلم بأنك تعمل داخل شركةٍ مرموقة!..وبصفتي أحد أعضاء الإدارة لن أسمح بحدوث أي تقصير في العمل!
يجب أن يُعاقب كل موظفٍ على تقصيره، وإن تطلب ذلك طرده نهائياً!
ومع كل كلمةٍ نطق بها كانت سيقان الآخر ترتعد خوفاً وكذلك بقية الموظفون، لكنه إستعاد قدرته على النطق مجدداً ليقول بتلعثم:
- سيدي لقـ...لقد أخذتا إذناً من الإدارة بالفعل!
الأمر يعتبر عادياً!...ولكن طالما انه متعلقٌ بها فهو غير عادي! لا بل انه جريمةٌ دولية!
هو بات يعرف انه يعاني خللاً تجاهها ومن دون سبب حتى!
- ومِنْ مَنْ طلبتا الإذن؟!
- طلبتاه مني...هل من مشكلة؟!
أجابه جين الذي دخل تواً بنبرة مستفسرة ومتسائلة، فإبتسم تايهيونغ بتكلف قبل أن يستدير نحو شقيقه نافياً برأسه.
لم ينبس ببنت شفة، بل إحتفظ بغليانه لنفسه مهمهماً، ثم خرج وهو يحمل خلفه براكينً من النيران الثائرة.
دلف لمكتبه من جديد صافعاً الباب خلفه بقوة.
حيث ساقته قدماه ليقف نحو النافذة الزجاجية الضخمة القابعة خلف مكتبه.
حدق بالمدينة من خلفها ودمه يغلي في عروقه...وهو ذاته لا يعلم لِما!
ربما بفضل الأخبار التي تلقّاها من التلفاز او بسبب تغيبها هي تحديداً!
_________________________
Jungkook pov:~
أتعلمون ما هو اكثر شيء أكرهه في هذه الحياة؟
الانتظار...
ووالدي العزيز لم يقصر أبداً في زيادة جرعة محبتي له!
لقد أجبرني على الذهاب الى المطار و إستقبال أحد ضيوفه من اليابان بما انني لا أُجيد حضور الإجتماعات المهمة كنامجون.
حقاً...ومن سيطيق الجلوس لساعات والتحدث بشكلٍ رسمي عدى الناس المملة الشبيهة بالروبوتات!
وبالعودة لصديق والدي...آه يا إلهي...سأنتظره كثيراً داخل ذاك المكان المزدحم.
على كلٍ...أخبرني أبي أن ضيفه سيصل عند الثانية ظهراً، أما الآن فهي الثانية عشر...لن أُتعب نفسي بالجلوس هناك لساعتين كاملتين!
سأتناول وجبة غذائي في أحد المطاعم الفاخرة أولاً، وليذهب ذاك الضيف الى الجحيم!
وبعد مدةٍ لا بأس بها أنهيت غذائي وخرجت نحو سيارتي بقصد الذهاب الى المطار.
كنت أقود في الطريق العام بهدوء...الى أن رأيت فتاً يعبر الشارع، ويبدو انه يلحق بجروه.
حدقت به بقلق عند لمحي لسيارةٍ تجري نحوه بسرعة، وصاحبها يتحدث بإنفعال عبر الهاتف...ويبدو انه لم يره!
ضغطت على مزمار سيارتي بقوة لأنبهه ولكن...اللعنة!
يا إلهي مالذي يحدث!..لقد صدمه!
لم يسعني الوقت لأفهم ما يجري، فقد وجدت نفسي أركن سيارتي في منتصف الطريق وأركض نحو ذاك الفتى بسرعةٍ جنونية!
اللعنة على ذلك الحقير!..صدمه وفرّ هارباً كما لو أنّ شيئاً لم يكن!
بدأ الناس في التجمُّع حولي، وانا ممسكٌ بذاك الفتى الغارق في دمائه لأصرخ من دون وعي:
- إتصلوا بالشرطة واللعنة!..ذلك الحقير سيهرب!
لم أتمكن من النطق بعدها لطلب الإتصال بالإسعاف،
او بالأحرى لأنني لن أنتظر قدومها وهذا المسكين يصارع من أجل البقاء!
حملته بين يداي، وركضت بسرعة نحو سيارتي، وضعته في الخلف لأنطلق بأقصى سرعةٍ نحو أقرب مستشفى.
وطوال الطريق كنت أقود وأنظر إليه بين الفيّنة والأخرى، وملامحي ترتعد خوفاً من فكرة تأخري عن إسعافه وإنقاض حياته!
وصلت وقمت بركن سيارتي أمام مدخل الطوارئ الخاص بسيارات الإسعاف، ثم ترجلت بسرعة وحملته بينما أركض به وأستنجد بالأطباء.
حيث أتى مجموعةٌ منهم برفقة الممرضين ومعهم ناقلة،وضعته برفقٍ عليها وكان ذلك آخر ما فعلته قبل أن يأخذوه بسرعةٍ نحو قسم الطوارئ.
حالتي يرثى لها!
إستندت على الحائط خلفي وأغمضت عيناي لأنزلق ببطئ نحو الأسفل.
ملابسي ملطخة بالدماء، وشعري مبعثر، تنفسي مضطرب وساقاي لا تقويان على حملي كلما عادت لي أحداث ما جرى!
لا أعلم أين هم أهله، او من يكونون، او ماهو إسمه حتى!
لم أستغرق ثوانٍ أخرى حتى إنتشلني صوت الممرضة من دوامة تفكيري اللّامتناهية:
- عفواً يا سيد...هل أنت ولي أمره؟
حقاً!..أتمزح معي أم ماذا؟!
هل أبدو لها كرجلٍ متزوج ام عجوزٍ مثلاً!
- كلا انا لا أعرفه...لقد وقع الحادث أمامي صدفةً وأسعفته لا أكثر.
جلست على أحد المقاعد فيما بعد أنتظر قدوم عائلته او سماع أيّ خبرٍ عنه!
End jungkook pov.
____________________________
مدينة سيول، الساعة السادسة مساءً...
ركن يونغي سيارته أمام شقة ايرين ليتحدث زافراً بتعب:
- هاقد وصلنا.
- شكراً لك يونغي...وداعاً هيري، أراكِ غداً.
شكرته ايرين مع عناقٍ خلفي سريع، ولم تنسى فعل ذات الامر مع شقيقته مقبلةً وجنتها بخفة.
- ايرين!..هل انتِ متأكدة من أنكِ لا تريدين مني البقاء معكِ الليلة؟
تسائلت هيري بنبرةٍ قلقة ونظراتٍ متفحصة، لتجيبها الأخرى بإبتسامة خفيفة:
- أجل متأكدة، أريد الإختلاء بنفسي قليلاً وترتيب أفكاري...شكرا لكِ على كل حال.
وبينما دار هذا الحديث بينهما، كان يونغي قد أنزل حقائب أغراضها من صندوق السيارة بالفعل، ليصعد من جديد بغية المغادرة.
- وداعاً عزيزتي...إعتني بنفسك، وإن إحتجتِ لأي شيء إتصلي بي، ولا تنسي تناول عشائكِ والنو...
بعد أن علِم يونغي أنّ شقيقته ستنسجم في توصية الأخرى كما لو انها طفلة لا تعرف كيفية الإعتناء بنفسها، أغلق عليها النافذة وهمّ بالرحيل من دون أن يلقي أدنى إهتمام لما تقول!
قهقهت ايرين على ظرافتهما...لطالما أخبرتهما أنهما يبدوان كالتوأم مع الإختلاف الشاسع في الشكل
صحيحٌ أنهما إخوة! ولكنهما أبعد ما يكون عن التشابه!
إستدارت نحو الباب آخذةً نفساً عميقاً قبل لن تدخل شقتها وتشعل الأضواء.
صرخت بتعب بينما ترمي حقيبتها جانباً وتدخل بقية الحقائب.
- آه أشعر بالنعاس والجوع والتعب من كثرة الجلوس!
أخذت بخطواتها بعد ذلك نحو الثلاجة، ولم تستغرق وقتاً طويلا حتى أعدت لنفسها صحناً من الراميون والذي إنقضت عليه كالوحش رغم سخونته!
___________________________
Jin pov:~
سأذهب غداً لزيارة ايرين...
لقد عاودت الإتصال بي بعد تلك المرة، وأخبرتني بأنها ستعود اليوم.
يجب أن أزورها بما أني لم أذهب إليها هناك...أليس هذا واجب الأصدقاء؟
كما وأرسلت إلي العنوان بالفعل.
End jin pov.
__________________________
- شكراً جزيلاً...أنا مدينٌ لك على إنقاذ حياة إبني.
- العفو، هذا واجبي.
تحدث جونغكوك برسميةٍ بالغة لوالد ذاك الفتى.
إن رآه أحدٌ من معارفه بهذه الجدية سيظن انه قد جُنّ او به شيء من هذا القبيل!
ولكن ما حدث معه اليوم كان كفيلاً بجعله يتصرف بجدية ولو لمرةٍ واحدة في حياته، فكل ما كان يدور بعقله منذ الحادث هو 'هل سينجو؟...هل تأخرت بإسعافه يا ترى؟...هل سيكون بحالٍ جيد؟!'.
في البداية ظن أنّ أهله لن يعلموا، ولكن وبشكلٍ ما علِموا وأتوْ هلعين.
وكم تقطع قلبه مئات المرات لرؤيتهم بتلك الحالة...لوهلة وضع نفسه في ذات الموقف، ماذا لو انه هو من أُصيب؟!
وما هو رد فعل عائلته بعد أن يعلموا بالأمر؟!
هل سيكونون بهذه الحالة المزرية يا ترى؟!
هو يجزم بأن والدته قد تموت إن أصابه مكروهٌ ما، لكن والده...قد لا يكلف نفسه عناء زيارته حتى بحجة العمل كالعادة، لن يلومه أحد، فهذا ما إعتاد سماعه منذ الصِغر! او هذا ما يظنه هو...
كما وقد تأقلم مع جفائه له وبات يتوقع أي شيء منه!
إنحنى بإحترام لعائلة ذاك الفتى ثم غادر المكان بهدوء.
Jungkook pov :~
إرتحت كثيرا بعد ادأت أخبرنا الطبيب انه يعاني بعضاً من الكسور والجروح، وانه لا يوجد شيء خطير كنزيف داخلي او تضررٍ بالدماغ.
حرصت على أخذ رقم والده لأسأله عن أحواله بما أنني قد غادرت وهو لم يستيقظ بعد.
يبدو أنهم عائلة بسيطة وطيبة.
أوصيت الطبيب بعدم التحدث عن موضوع التكاليف أمامهم، لأني قد دفعت كل شيء بالفعل.
كما و أخذت له غرفةً مريحة وكبيرة في طابق الشخصيات المهمة علّ بقائه يطول هناك...سأحرص على زيارته بعد أيام.
أما عن حالتي الشخصية، فهي تتلخص بشعوري بتعب شديد ينهش جسدي.
أراهن أنني إن قفزت نحو سريري سأنام وانا لازلت في الهواء!
أخذت هاتفي من جيب سترتي لأتفاجئ بوجود مئات المكالمات...من ابي، وامي ونامجون أيضاً!
لم ألقي للأمر أي أهمية طالما أني سأعود على الفور الى القصر وسأعرف ما يريدون.
وأثناء تفقدي للمكالمات صادفني رقم تلك المختلة...آه كم أشتاق لإغاظتها.
اجل تذكرت...بالطبع ستسألون من أين لي برقمها رغم أنني بالامس كنت أشتكي من أمر نسياني لأخذه!
بالأمس عندما ذهبت للبحث عنها بالشركة ولم أجدها، قبل أن أخرج فكرت في أخذه من موظفة الاستقبال وبأسلوبي الخاص طبعاً.
لكن لازلت لا أعرف إن عادت للعمل أم لا...هل أبعث لها برسالةٍ يا ترى؟
أجل إنه أفضل خيار، لأنها ستغلق في وجهي إن علِمت بهويتي أثناء الإتصال.
حسنا...لا ضير من التجربة.
أخذت أناملي تتراقص على لوحة المفاتيح بينما أبتسم بدهاء، ثوانٍ لأضغط على الإرسال.
"مرحباً جميلتي"
يبدو أنٍ هاتفها قد كان بين يديها، لأنها أجابتني على الفور.
"عفوا! من تكون؟!"
"ثم كيف لك أن تقول لي جميلتي وانا لا أعرفك أصلاً!"
إلهي الرحمة!
أكاد أنفجر ضحكاً بمجرد تخيلي لمنظرها وهي تشتمني.
بوّزت شفتاي بينما أفكر فيما سأكتب، وسرعان ما إبتسمتُ بخبث.
"انا أجمل كوابيسك وأوسمها أيضاً...كما ويحقُّ لي مناداتكِ بما أشاء، لأنكِ زوجتي المستقبلية، يجب أن تعتادي على الأمر منذ الآن، فأنا أحب المغازلة كثيراً!"
بقيت أحدق بهاتفي متلهفاً لمعرفة ما ستكتب، وياللروعة!
لقد بعثت براسائلها دفعةً واحدة!..متأكد من أنّ هاتفها قد قبّل الحائط منذ لحظات!
"من أين لك برقمي أيها المعتوه؟!"
"ثم مالذي تهذي به يا مغفل؟! منذ متى أصبحت زوجتك هاه! هل تريد الموت يا أبن جيون الفاسق!"
"إن لم تكف عن إزعاجي أقسم لك بأنني سأقطّعك لأشلاء وأرمي بك للكلاب الضالة يا حثالة"
آه يالها من رقيقة...
"لدي مصادري الخاصة عزيزتي، ثم كيف تقولين لي أنكِ لستِ حبيبتي وزوجتي المستقبلية! ألم نتحدث حول هذا الأمر مسبقاً؟! هل نسيتي أننا قد خرجنا في موعدٍ بالفعل والثاني سيكون قريبا جداً!..على كل حال انا لن ألومكِ على تقلب مزاجكِ، فلربما تكونين بتلك الفترة من الشهر، انت تفهمين قصدي أليس كذلك؟"
حمداً لله انها بعيدةٌ عني، وإلا لكانت قتلتني من دون رحمة!
ظهر لي بأنها قد قرأت الرسالة لكنها لم تُجب أبداً!
أراهن أنها تحدق في الفراغ بصدمة، أتمنى أن لا تقوم بحظري
End jungkook pov.
حدث كل هذا وهو لا يزال يقف قرب سيارته، و حينما لم ترد عليه قرر العودة الى المنزل وإكمال مناوشته لها هناك.
___________________________
Hirey pov:~
- سآخذ حماماً وأذهب الى المستشفى، لا تنتظريني على العشاء، لأنني سأبيت هناك.
خاطبني يونغي بينما لازلت أحدق أمامي بفاهٍ مفتوح من ما كتبه ذاك المنحرف قبل لحظات!
تداركت نفسي بسرعة، ورسمت ملامح طبيعية حتى لا يشك بي الآخر.
- اوه، حسنا حسنا.
أغلقت هاتفي بعد ذلك ورميت به بعيداً عني...ولكن من أين له برقمي يا ترى؟!
حركت رأسي للجانبين حتى لا يؤلمني من كثرة التفكير، ثم نهضت وباشرت في تنظيف المنزل وكذلك إعداد العشاء لنفسي.
End hirey pov.
وبالعودة لجونغكوك، فهو قد وصل تواً الى المنزل.
ركن سيارته امام الباب، ورمى بمفتاحها للخادم حتى يأخذها لمكانها المخصص.
دخل وصرخ بصوتٍ عالٍ بينما ينزع معطف بذلته:
- أمي، لقد عدت.
لاحظ هدوء المكان، ليحدق بغرابة في وجوه الخدم الذين يناظرونه بخوف.
- أين الجميع!؟
ألقى بسؤاله لكبير الخدم أمامه، فإنحنى الآخر بدوره وملامحه لا تختلف عن البقية من حوله.
- السيد نامجون لم يعد بعد، والسيدة سيهون في غرفتها...أما السيد جيون فهو ينتظرك بمكتبه ويريد رؤيتك حالاً!
أمال جونغكوك رأسه بتعجب من هذا الجو المريب، ليأخذ بخطواته نحو مكتب أبيه كما طلب.
دلف إليه بعد طرقه، ليجد والده يجلس بينما يشابك أنامله وتعابيره لا توحي بشيء سوى الغضب والسخط!
وما إن شعر السيد جيون بدخول الآخر، حتى رفع رأسه ليتضح لإبنه هدوءه الذي لا ينذر إلا بعاصفةٍ كارثية!
- سمعت أنك تريد رؤيتي!
تحدث جونغكوك أولاً وقد بدى من نبرته التوتر، ولكن ما لبث أن أجابه والده بصوته الأجش والحامل بين طياته كمّاً هائلاً من الغضب:
- كيف لك أن تكون مسترخياً بعد كل ما فعلته اليوم أيها الإبن العاق؟!
جعّد جونغكوك ما بين حاجبيه مستغرباً من ما سمعه! وقبل أن يحاول التساؤل، وقف والده وضرب مكتبه بقبضتيه حتى أقسم انه كاد يكسره، ثم صرخ بحدة حتى كادت أوداجه تتقطع:
- أيها اللعين...كيف يمكنك وضعي بمثل هذا الموقف!
أمرتك بالذهاب للمطار وإستقبال ضيفٍ مهم، وكل ما فعلته هو تجاهل الأمر واللهو هنا وهناك!
لقد كلفتك بأبسط الأمور، لكن لا فائدة ترجى منك!
أنا الأحمق الذي فكرت في كونك قد تجعلني فخوراً، لكنك ولم تفعل ولن تفعل أبداً أيها اللعين!
وتزامناً مع نهاية صراخه دخلت زوجته فجأة وصرخت هي الاخرى:
- يكفي هذا!
وقفت أمام إبنها الذي يحدق بصدمة فيما يجري...لقد نسي تماما أمر ذاك الرجل!
هو لم يقصد تجاهل الأمر حقاً، ولكن ما حدث قد شغل كل تفكيره لدرجة نسيانه للأمر تماماً!
- يكفي جونغهون!..يكفي!
لما تعامله بهذه الدناءة؟ لما!؟..لو كان نامجون هو من نسي الأمر لتجنبته وعفوت عنه بكل بساطة!
ولكن لما تتصرف بهذا الشكل حينما يتعلق الأمر بجونغكوك تحديداً؟! إنه إبنك أيضاً!
إمتزجت نبرتها ببعضٍ من الشفقة والحزن...آلمتها رؤية هذه المعاملة القاسية تجاه إبنها المسكين لأسبابٍ تافهة أحياناً!
لقد بكت...أجل لقد تسابقت تلك القطرات على وجنتيها مشكلةً سيلاً من الدموع.
فزع جونغكوك عند رؤيته لبكائها، فالأمر لا يستحق دموعها، لأنه دائما ما يتكرر وقد إعتاد الجميع عليه...إذاً لما تبكي؟!
تراقصت عيناه المصدومة بينها وبين والده الذي يحافظ على ثباته بجمود من دون أن ينبس بحرف!
شعرت والدته بغصةٍ تحرقها، لتصرخ بين دموعها من جديد:
- متى ستتخلى عن جبروتك هذا؟!
لقد أثقلت كاهلي وكاهل الجميع بطغيانك اللعين...أنت لست بإنسان! لأنك لو كنت كذلك لما كرهت إبنك من دون سبب!
جحظت عينا السيد جيون مما تفوهت به آخر حديثها...لوهلةٍ تذكر السبب الذي أضرم هذا الشعور تجاه إبنه جونغكوك بالذات!
ولم يكن امامه سوى رفع يده بغية صفعها حتى يُخرسها، ولكن...
منعه جونغكوك من ذلك بإمساكه ليده وعيناه تتّقدان نيراناً.
- كل شيءٍ إلا أمي!
إفعل ما تشاء بي ولكن هي لا وألف لا! أتظن بأني سأختبأ خلف الباب وأبكي في كل مرةٍ تضربها كما كنت تفعل في الماضي؟!
أنت مُخطئ!..لقد أصبحتُ الآن رجلاً والوضع قد تغير كلّياً...لن أسمح لك او لغيرك بلمسها ولو على جثتي...أتفهم هذا؟!
زمجر بحدةٍ آخر حديثه لينفض يد والده لأسفل...علا صوت تنفسه المضطرب وإحمرّ وجهه من شدة الغضب.
والدته حدقت نحوه بصدمة وذهول...لم تكن تعلم أنّ إبنها كان يخزّن كل هذا الكم من الحقد تجاه أبيه!
أما والده، فقد أجابه بصفعةٍ مُدْوِيَة كانت كفيلة بجعله يلتفت للجانب الأيسر!
- يجب أن تعرف مع من تتحدث قبل كل شيء،
وإلا أقسم لك بأني لن أتوانى ولو للحظةٍ عن محو إسمك من سجل هذه العائلة...وللأبد!
ولم يلبث حتى أضاف جملته التي جعلت من نظرات زوجته تحدق بقلقٍ واضح، وابنه بإستنكار بالغ:
- فلتكن شاكراً لعدم قتلي لكما حينما كنت بين أحشائها لِما إقترفته آنذاك! والآن فلتغرب عن وجهي قبل أن أقتلك!
أعاد جونغكوك نظراته التي كانت مصوبة نحو الفراغ الى والده، والتي حملت كمّاً هائلاً من الحقد ليقول بصوتٍ جامد:
- لن أغرب عن وجهك فحسب! بل سأترك لك القصر بأكمله!
وتزامناً مع إنهائه لجملته أخذ معطفه وهمّ بالرحيل تاركاً والدته تصرخ ببكاء حتى يعود وألاّ يفعل بنفسه شيء.
خرج و قدماه تكادان تحفران الارض أسفله، ليصعد سيارته ويغادر ساحة القصر بسرعةٍ جنونية.
ولم يترك خلفه سوى آثار وصوت الإطارات الصاخب...وكذلك بكاء أمه!
- ما به هذا؟!
تسائل نامجون بعد أن إلتقى بأخيه صدفةً أمام بوابة القصر ورأى إهتياجه الغير معتاد.
كما وإزدادت حيرته برؤية كامل القصر في حالة مضطربة، ناهيك عن بكاء والدته والتي أسرع نحوها بملامح قلقة.
- ما بكِ أمي؟ مالذي يحدث؟!
كانت والدته تبكي ولم يسعها أن تجيبه، لأن كل ما يشغل بالها الآن هو الذي غادر تواً.
و
بالحديثِ عنه، فهو قد ذهب لإحدى الحانات، وشرب حد الثمالة...لقد كانت تلك طريقته الوحيدة لنسيان كل مشاكله.
مظهره بدى فوضوياً للغاية...شعره مبعثر، وملامح وجهه منزعجة، معطف بذلته قد تخلى عن إرتدائه ليظل بالقميص الذي قد ثنى بكميه بشكلٍ غير مرتب، ناهيك عن أزرار قميصة العلوية المبتعدة عن بعضها، وتلك الكأس المتموضعة بين كفه ضاغطاً عليها حتى كاد يهشمها بين أنامله!
وبمجرد أن تعود أحداث ما جرى لذهنه، يهتاج من جديد ليفشي جلّ غضبه بشرب المزيد والمزيد
ولم يكتفي أبداً!
بل طلب قنينةً أخرى وإحتساها دفعةً واحدة الى أن شعر بكلّ ما حوله يتلاشى ورؤيته أصبحت ضبابية والأصوات من حوله بدأت تبعد شيئاً فشيئاً...
إنه محتار...محتارٌ ولديه الكثير من الأسئلة التي يريد إجابةٍ منطقية عليها!
_________________________
Taehyung pov :~
اللعنة علي!
صرخت في وجه الموظفين على لا شيء!
آه كم أود قتل نفسي أحياناً على عدم قدرتي بالتحكم في أعصابي.
لقد أسأتُ الظن بها!
إعتقدت انها متغيبة من دون سبب، وأنها مستهترة...لكنني علمت مؤخراً من جين أنّ جدتها قد توفيت.
وأنها آخر فردٍ من عائلتها...لا أعلم لما أشعر بالشفقة تجاهها الآن!
ولكن مع هذا لا يجب أن أمنحها الأمان التام، فقد تكون نواياها سيئة او شيءٌ من هذا القبيل.
لاتوجد مشكلة...الأيام كفيلةٌ بإسقاط أقنعتهم وإظهار وجوههم الحقيقية.
End taehyung pov.
____________________________
إنتهت هيري قبل قليل من تناول عشائها، وهاهيذا تنظف المطبخ.
كانت منسجمة وتدندن بلحن أغنيةٍ ما الى أن رنّ هاتفها معلناً عن صدور مكالمة!
ميزت الرقم، فتحولت معالم وجهها للإنزعاج في ثوانٍ.
- ماذا الآن؟!
نبرتها كانت أقرب لأن تكون صارخة حينما أجابت، لكن تعابيرها إرتخت فجأة لتقول:
آه آسفة...أجل أعرفه.
وما إن تحدث الطرف الآخر من جديد، حتى بدى التردد عليها، ولكن ما لبث أن أجابت بجدية:
- حسناً، أعطني العنوان.
أغلقت الخط فوراً بعد أخذها للعنوان، ثم أخذت بخطواتها السريعة نحو الخارج.
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
#يتبع...
- رأيكم بالبارت؟
- مين يكون كانغ جيبوم وشو القصة والماضي يلي بينه وبين تايهيونغ؟
- شو بيقصد والد جونغكوك بكلامه؟
- ليش كانت ردة فعل والدة جونغكوك هكذا؟
- شو هو الكلام يلي قاله الرجل لهيري حتى إضطرت تروح بهذاك الوقت من الليل؟
- شو رأيكم بكلام تاي عن ايرين والفكرة يلي آخذها عنها؟ وشو وصفكم لشعوره من وجهة نظركم؟
- توقعاتكم للجاي؟
☆ فقرة حديثي معكم :
صياماً مقبولاً وإفطاراً شهياً على الجميع.
بتمنى يكون البارت عجبكم ونال إستحسانكم😊
وبتمنى كمان تجاوبو على كل الأسئلة منشان أعرف سير منحنى الأحداث في عقولكم.
ما بعرف إمتى رح نزل البارت الجاي، بس يمكن بعد أيام بما انو مو متعلق بالتفاعل...لهيك كونوا بالإنتظار لأنو الأحداث صارت تسخن وانا بقصد هاد الشي عنجد.
وبمناسبة أجوبتكم على الأسئلة في البارت السابق فحابة أقلكم انو تفكيركم حلو، بس كمان الأحداث مو متوقعة، لهيك رح تتفاجؤا.
ومثل ما خبرتكم بالبارت الماضي، فأنا رح نزل صور بقية الشخصيات، بس حابة أنوه اني ما عملت صور لكل الشخصيات...يعني يلي ما رح يصادفكم في الصور يلي بالاسفل تخيلوه لحالكم لاني ما لقيت.
* تايمين:
طبعا تايمين سحبت على امه وما نزلت صورته بالبارت الماضي وهلا لتذكرته😂...معليش سلكولي😁
* السيد كيم (جينهو):
بس طبعا تخيلوه اكبر شوي وشعره شايب اكثر.
* السيدة كيم (ريونغ):
* السيد جيون (جونغهون):
* السيدة جيون (سيهون):
شو رأيكم بالشخصيات ومصادر إنتاج التحف الفنية؟!
يلا ما علينا...مو حابة اطول عليكم أكثر، إن شاء الله تكونوا إستمتعتوا بالقراءة ولنا لقاء قريب بإذن الله🧚♀️
see you next part...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top