سِيجارة ولَذة <١٧>

_ بسم اللّه الرحمَن الرحيم ✨

الهدوء فِي لَيلة ساكنة، وَسط لفحات مُنعشة من الرياحِ وكوبان من الشاي الدافىء في أعناق الصَمت التَام، هو السلامُ بأُمِ عينيهِ

وهذا ما أتفق عليهِ كلاهما.!

فجلس چون علىَ كُرسي خَشبي، لكن سيڤار تربعت الأرض فوق وسادة ناعمة

عاطفتِه نحوها سمحت لها بمُجالسة شياطينه، لَكن نرجسية شَخصِه، رفضت أن تُشاركه خلوته كإنسانٍ عادي

لذلكَ وجد أن الحل الأمثل هو قبوعها بين أقدامه بخضوع، تستند على ركبته بإرهاق بسبب وقوفها لأجل تحضير الغدَاء وتنظيف الطَاولة بل وصُنع أكواب ساخنة من الشايِ

لدقَائق طويلة لم تَعرف ما تقول، ولا كيف تبتدأ مُناقشة معهُ ؛ فهو فِي الغالب يكون مُغتَصِب ومُجرم مَجنون، وفِي الأحيان الآخرى والتي تتسم بالنُدرة، يعاملها باللين، دون قبضة ودون رَفصَة

" مَا هو أكثر شيء تخَافه فِي الوجُود ؟ "

سؤالها كان غبيّ، لكنهُ كضربة عصفوران بحجرٍ واحد، العصفور الأول أختبأ خلف شيطانه، والثاني خلفَ أنتقامها وثأرها بمُجرد مَعرفة نقاط ضعفهِ

" Pierderea ta " _ خسارتكِ _

وأزدرد ريقه بمرَارة ثمَ صمتَ مُجدداً أمام هيَاج أنفاسها الغَاضبة، والتي سيطرت عليهَا بعد صعوبة وحَرب بالغة الأذية

" وأنتِ ؟ "

ردت لهُ فعلتهُ، حين أجابت بصدق، لكن بالعربية

" إنتَ ... بخافَك إنتَ "

وصمتت بعدما ناظرت الأرض بغضبٍ؛ لأنها حقاً تخافه، بل وترتعد بمجرد نظرة حادة منهُ، مَا فعله بها، كَان شنيع، وبشع، ويعطيها كامل الحق في الخوفِ منهُ

وبدى أن إجابتها لم تثير إستفزازه، فهو يَعلم أن أكثر ما تخافه الآن .. كان شَخصِه!

' أليسَ هذَا مَا كنتُ أريده ؟ أن تخافني ؟ أن ترتعد من مُجرد حروف إسمي ؟ '

تسائل بحيرة .. إذاً وبحق الجحيم لمَا لازال الشعور في صدرهِ لم يتلاشى ؟

" الصراحة أم التحدِي ؟ "

لعق شفتيهِ بإغراء حين قالتها، فلعنت تحت أنفاسها بفهمٍ

هو يَجعل كل شيء منها مُتوَقع ومَدروس جيداً ، وهذا سبب إضافي لتخافهُ

" إن أردتُ روحكَ .. هل ستعطِيها لي ؟ "

زال الأستمتاع عن وجهه، وأبتسم بإتساعٍ أليم

" وهبتها لكِ مُسبقاً ، بيبي "

أتسعت أعينها بصدمة، لكنها ناظرت الأرض بسكوت قاطعهُ بسخريتهُ المريرة :

" وهل ستفعلين المِثل ؟ "

" قطعاً ، أنتَ لا تستحق روحي ، أبداً "

هدرت بشراسة عدائية وتلقائية تامة، وحينهَا فقط أغلق الستار عن اللُعبة وحاول إخضاع شيطانه اللوَام بالشرِ

" آسفه سيدي ، لكنكَ تغضب من الكَذِبِ "

أعلنت برأسٍ خاضع عكس نبرتها الماكرة والكارهة ، فهسهس :

" أنتِ مُجرد مُختلة "

وأشعل السيجارة قبل أن يستنشقها بشدة أظهرت غضبه وسُخطه

" وَفتاة سيئة جِداً "

" هل تريدني أن أكذب يا سيدي ؟ "

' سيڤار .. هذا خطير ، إستفزازه لن يكون فكرة جيدة بَعد ما فعله بكِ، أستغلي هدوءه، وأطيعيه حتى يهدأ بعد لحظاتٍ '

تلوى لسانها في عقدة صامتة تمتثل إلى نصيحة أخيها، لكن الوقت قد فآت ، ولا يُمكنها العودة بالزمانِ لسحب ما قالت ..

تأكدت حين أشار لقدميهِ

" بل أريدك أن تدلكي أقدامي، يا لذة"

أتسعت أعينها بغيظٍ وتناست نصيحة سيڤ، ثمَ عادت تستفزهُ بإبتسامة صفراء

" بالتأكيد ، فضربي يستهلك منكَ طاقة كَبيرة، لكن لا بأس سأساعدك "

وَمسدت ركبتيهِ بمكرٍ عكس أرادتهُ التي كمنت في تمسيد الأقدام، لا المَفاصِل.!

لذلك أنفجر ضاحكاً ورفع قدمهُ التي تدلك ركبتها، ووضعها على أفخادها كنوع من الإذلال الغيرِ مُباشِر

" ليس لديكِ فكرة يا لذة، حقاً جلدك سميك كالحمار وضربك يستهلك مني طاقة كبيرة"

ضغطت بأناملها على ركبته أكثر ثم عادت تمررها فِي حركات دائرية قاصدة بها إشعال غريزتهُ الرجولية

كانت مُحاوله بائسة لإثارة أنتباهه لشيء سوى الغضب من كلِماتها، لكنها تناست أن كل ما تمنحهُ لهُ، سيسبب أنتباه ودِقة أكثر حِدة نحوها

" اللعب معي مُمتع .. صحيح ؟ "

سَخر بثغرٍ مَرفوع، وعكس توقعهُ قربت وجهها منهُ وربما تعمدت إلصاق جسدها فِي أقدامهِ

" كثيراً يَا سيدي "

زالت إبتسامتهُ وغرقت أعينهُ في الظلامِ الحرفيّ ، حين رفعت أناملها تمررها على صدرهِ وفكه ، ثم ألتقطت بها سيجارته، ورفعتها أمام وجهه بإغراء

" وإذاً ، هل تعرف أن التدخين غير صحيّ ، ويُسبب الهلاك ؟ "

' لكن الإدمان عليكِ، أشد خطورة يا مزيجي المُغري ' ربما كانت الإجابة التِي فَضل الإحتفاظ بها لنفسهُ، لكنها كانت حقيقية وَصادقة

أعادت سيڤار السيجارة لثغره، فحاوطها بتلذذ، وبرغم رغبتهُ فيها إلا أن يداه لم ترتفع من فوق مُسند الكرسيّ حتى لثانية

وتأكد .. لا عود ثقاب من أعواده كان بلذة ذلك الذي وضعتهُ فِي فمهِ الآن .

أنزلقت يدها ببطىء، ثم سندت رأسها على ركبته تناظره بمكرٍ أختبأ خلف ستار شفاف مِن البراءة، لكنهُ حَبذ مُجاراة لُعبتها، يريد أن يعرف إلى ماذا تريد الوصول هذهِ المَرة

" هل تمتلكَ الأموال ؟ "

أرتفع ثغره في لَمحه ساخرة، فتابعت بحقدٍ دفين :

" تمتلكَ النساء أيضاً ، والعائلة ، الوسامة والشخصية الجذابة "

عادت تَرفع سبابتها لتمررها على ركبته، ثم توقفت عِند مُنتصف فَخده

سَلط چون أبصاره الداكنة والفارغة على إصبعها، قبل أن يعود إلى كَشف ستائرها، واحدة تِلو الآخرى :

" إذاً ما الذي جعلكَ هكذا ؟ "

أبتسم إبتسامة ضئيلة ظَهر طيفها وَسط ظلام أبصاره، حين تابعت :

" ظننتُ أن الإنسان لا يُولد سَيء، ولا يولد قاسي، حتى روجر السافل الحقير الذي سيلعنهُ الرب في الأرضِ والسماءِ، لم يُولد مُغتَصِب وقاتل بلا شَرف"

تحولت أعينها من الحِقد للمقُت المُؤذي، ثم رفعت سبابتها عن جسده وأعادت وضعها على قلبهِ :

" لكن أنتَ ، ولدتَ هكذا، لطالمَا كنتَ هكذا، الجميع عَرف أنك شيطانٌ من نسل أمِكَ وأبيكَ، لكن لا أحد طَهر تلكَ الخطيئة "

ولوهلة ظنت سيڤار أنها رأت الألم القاتل يعتلي ملامحه، لكنها كانت لمحة سريعة حسبَتها مُجرد تنويه من ضميرها

" إياكِ أن تنبسِي بكلمة إضافية "

قالها بنبرة باردة، ثم دفع جسدها عنهُ بإشمئزاز، حتى السيجارة التي ظنها ألذ واحدة مرت على ثغره من قبل فجأة أصبحت مُرة ولاذعة اطفأها في حذاءهِ

علمت سيڤار لحظتها أن كلماتها ضربت وتره الحساس، فأبتسمت بمكرٍ، ثم مررت ثغرها على قماش بنطاله أسفل ركبته وأعينها لاتزال عليهِ:

" لكنكَ وسيم جداً ، ورجوليّ "

أزدردت لعابها بصعوبة حين ناظرها مُجدداً، وهذهِ المره كَاد يشيب شعرها من فرطِ الخوفِ، وبرغم ذلكَ تابعت :

" جَذاب وساحر يا سيدِي "

ثم جلست على ركبتيها تستند بمرفقيها على أفخاده، وقربت وجهها من خاصتهِ

" ربما وُلدتَ من نسلِ الشيطان، لكنكَ تمتلك هالة، لم آرى مِثلها قط "

أزدرد چون ريقه بوجع مَدفون، ثمَ مرر أعينه الداكنة على كل تفصيلة من وجهها الفاتن

" وأنا الوحِيدة التي تَعرف، أن عيناكَ خضراء داكنة، تُخبأها أسفل السترات السوداء "

شعرت سيڤار بشبحِ إبتسامة على ثغره، وعيناه تزداد إلتماعاً وقتامة عليهَا

" وأنا الوحيدة التِي تَعرف أن حُبكَ للخضار، لا يُماثل حبكَ للحم المَطهو الذائب "

رفعت كفها ومررته على صدره ببطىءٍ مُغري

" وأعرف ، أنكَ تعشق الصلصة البيضاء أكثر من الحمراء "

أتسعت أبتسامته أكثر حتى باتت مَلموسة صادقة .

" وأعرف، أنكَ لا تبتسم هكذا سوَى معِي "

ثم أنزلت كفها وأعادته أسفل ذقنها بمكرٍ

" وأنا الوحيدة التي تستطيع إخراج المشاعر الإيجابية، والوحيدة التِي أرادها شيطانك "

أبتلعت كلماتها الباقية بخوفٍ حين رفع كفه ووضعه على وجنتها، يتحسسها

حينها سيڤار أغلقت أعينها عنهُ، بسبب أصابعه التِي كانت تستكشِف ملامحها ببطىءٍ

" أشربي كوبكِ "

أمرها، ففتحت لهُ أعينها تزامناً مع سبابته التِي ضغطت على شفتيها برغبة

" أعرف أنكِ لا تحبِيه سوى ساخناً مُتلهباً "

" وأعرف أنكَ لا تُحبه سوى بارداً، فاتراً "

" لكنني هذهِ المرة .. "

وأزدرد ريقه بوجع

" أريده دافئاً ، منكِ "

وأنزل يده عن وجهها ثم نهض من كرسيه، ووقف عِند سور الشرفه يُراقب الغابة المُظلمة والصامِتَة .

وبالفِعل أشترف من كوبهِ الدافىء أمام أعينها المُتَتبعة، وبصعوبة بالغة نهضت وألتقطت كوبها ثمَ دنت نحوه

" إن عدتَ بالزمان، ما هو الشيء الذِي ستغيرهُ؟ "

" Viitorul nostru " _ مُستقبلنا _

صمتت سيڤار بِلا فهم، لكنها أشترفت بضع قطرات من كوبها ثمَ أنتقدتهُ

" لا يُمكنك إستغلال جَهلي بتلكَ اللُغة يا سيدي، عقلي سينفجر بسبب تكتلات من الأسئلة، وهروبك بهذهِ الطريقة لَيس مُنصفاً "

ألقى عليها نَظرة حادة، فتابعت برجَاء :

" هناك شيء لا أفهمه، قيل لي منكَ ومُنهم، أن أختياري كان عشوائي من بينِ المِئات، وفِي نفس الوقت تقول أنكَ أخترتني من المَزاد، تقول أنني غبتُ عن الوعي لأيام وحددتَ نفس المُدة التي قيلت لي ، أنا لا أفهم.! "

مررت يدها في شعرها تصففهُ بتوتر، ثم أستطردت والكوب لازال على ثغرها

" قيل أنكَ قمتَ بعميلة أستئصال لرحمي، وفي نفس الوقت أنتَ تَرفُض التصديق أو الرَفض، أنا فِي واقع مَرير، لأنكَ لم تأخذ أحتياطات معي كي لا أحمل ولمُدة عام! ، وفي نفس الوقت دورتي الشهريه لاتزال مُنتظمه "

" مَا الذي تريديه يا شرقية ؟ "

" أريد الحقيقة يا سيدي، تعبتُ من كَثرة الغموض، آخر ما في ذاكرتي هو خروجي من المَنزل، ثم فجأة وجدت نفسي هُنا فِي القبو! "

رفع چون كوبه وأشترف منهُ بتفكير، ثم أخفض رأسه يناظرها مُطولاً حتى ظنت أن الإجابات ستنهال عليها

" تراقبين الغابة بخوفٍ، لابد أنكِ مؤمنة بالأشباح والخرافات "

رفعت له أعينها بحزنٍ . . هل هذا مَا حصلت عليهِ ؟

" أمس ، قُلتي أن لو عاد الزمان بكِ لفعلتِ كِلاهما، خيانتي وسرقتي يَا سيڤار، لا يُمكنكِ التظاهر بالبراءة بعد قولكِ هَذا "

" وهل تَذكر لما قُلتَ ذلكَ ؟ "

هسهست بِحدة، فهدر أمام وجهها بشدة رجت سكون الليلِ والغابة

" لأنكِ أحتضنتيه بحميمية لعينة، لأنكِ هربتي، ولأنكِ أخذتي تلكَ اللعناء، لقد فعلتِ الكثير.!  "

وألقى الكأس الزجاجي على الأرض لاعناً تحت أنفاسه كي لا يفقد السيطرة مُجدداً، ثم دنى نحوها وحاوطها بينهُ وبين السور بنظراتٍ مُتلهبة من كثرة الغضب

"البراءة والعهر ، الصدق والكذب ، تناقضك وأنفصامِك، وخوفك جانب تحديكِ، لستِ بريئة كُلياً يا سيڤار، لقد شاركتي في تلكَ الجريمة! "

جريمة .. ؟

" شاركتي في تلكَ الخطيئة، شئتِ أم ابيتِ، كان بإمكانِك الرحيل فِي البداية، قبل كل تلكَ السُخف والأن .. "

قبض على عنقها بشدة زادتها رهبة، ثم أنحنى يتَتبع وجهها بحِدة

" ستصمتين، وستجلسين بجانبي حتى أسمح لكِ بالرحيل "

امأت بخوفٍ عدة مرات

" سأفعل ، آسفة سيدي "

تركها وأرتد جانبها مُجدداً، فمدت لهُ كوبها بيدين مُرتجفتين

أخذ چون الكوب، وحين ظنت أنه سيشترف منهُ، ألقاه على الأرض جانب الكوب الأخر بإبتسامة صفراء مُهلِعَة

" نظفِي "

وخَرج من الشُرفة دون كلمة إضافية .

                       ____________
                           _______

أنهت سيڤار تنظيفِ المكان منذ لحظات، لذا أتجهت مُباشرةً إلى غُرفةِ النوم حيثُ وجدته فوق الفِراش، يضع كلا يداه خلف رأسه ليستند عليها ..

بعد تردد مرير أقتربت منهُ وجلست فوق سَطح الناحية الأخرى من السرير، وحين لم تجد منهُ رد فعل سَيء، رفعت كِلا أقدامها وتسطحت توَاليهِ ظهرها

حاولت أن تنام، لكن عادت أسئلتها تعصِف بها، والسؤال الأهم ..

لما يريدها ؟ ، وفي نفسِ الوقت يريد الزواج من سونيا والتر ؟ ألا يعرف أنهما سيعيشان في السراء والضراء ؟ ألا يعرف أن سونيا لن تقبل مشاركتهُ معها ؟

سيڤار لم تكن تطلع إلى زواجها منهُ، مِن الرجل الذِي أغتصبها، من الرجل الذي ذاقها الويل، من الرجل الذي أرادها فقرر أنها ستريده بالغضبِ

لكنها مَصدومة أن نفس الرجل الذي يريدها، سيتزوج من امرأة آخرى..!

" سيدي ؟ "

همهم چون بنبرة شاردة، فسألتهُ

" لِماذا ستتزوج سونيا والتر ؟ "

لوهلة لم يجيبها، بل على النقيضِ تماماً شعرت بهِ يتحسس ظهرها، ثم أنزلقت يده إلى خصرها لتديرها له وتمتم بإستمتاع

" لما ؟ ألا تعجبك تلكَ الحقيقة ؟ "

أستدارت تزامناً مع سحباته، ثمَ ناظرتهُ بعمقٍ غير مُكتَرِث

" لا ، فقط فضولية بشأن الأمر ، فِي نهاية المطاف يمكنك ألا تجيب، لا أكترث كُلياً "

لربما إن تظاهرت بالأكتراث كان سيجيبها، چون لا يُحب أبداً الشَخصية الباردة حيالهُ، حين سألته في الُشرفة كان من المُمكن وهبها الإجابات بسبب رجاء أعينها

لكنهُ يرى الآن أعين عميقة، لمُجرد الفضول

" حسناً لا بأس، لكن بعد زواجك منها .. هل ستقتلني أم سترسلني لموطني ؟ "

سألتهُ بحيرة، وهذهِ المرة شعر أنها تكترث للإجابة، فأبتسم بخفوت:

" يالكِ من أنانية لعِينة! "

رمشت مرتين مُتتاليتين ببراءة، فمرر سبابتهُ على وجهها بأعين خافتة

" قتلكِ يَمحِي رفاهية وجودك ، ورحِيلك يَمحي الوجود"

ثم صمت وسحبها إليهِ أكثر حتى كادت تلتصق بهِ، وحينها خافت سيڤار أن يمسسها بحميمية، لكن كُل ما فعله كان تمرير يده على ظهرها

شعرت أنه يكترث بها، أنها أنثى وأنها شديدة الفِتنة حتى في أسوء حالتِها، لكن مُشكلتها الوحيدة أن چون هو واهبها تلكَ المشاعر، مُغتَصِبها، جريمة لا يُمكن غفرانها ويُحاسِب عليها الرب والقانون .

" أكرهَك "

أرتفع حاجبه الأيسر حين قالتها بصدقٍ غادر أعمق أعماق روحها

" لا أعلم لما قُلتها يا سيدي، لكنني شعرت أنك فِي حاجة لسماعها، لذا أكرر .. أنا اكرهك "

وأطبقت شفتيها تنتظر منه رد فعل عنيف، لكنهُ ناظرها لثواني طويلة شعرت أنها كالعقود على نفسِها، ثم تسطح على ظهره وتركها، وببساطة مَد يده وأطفأ الأضواء

أرتجافة مريرة أستباحت على جسدِها، فتلقائياً دنت نحوه ثمَ دفنت رأسها في صدره مِن الظلام الدامس الذي لامس أسوأ كوابيسها وأعمق جروحها .

قهقه چون بخفوت وسحبها لصدره مُحاوطاً إياها بتملك منحها الآمان ، ثمَ دندن :

" إن كنتِ تكرهيني، لما إذاً تحتمين بِي ؟ "

أجابتهُ بنبرة مَريرة لامست جوارحه :

" حتىَ لو كرهتك، فأنا الآن ليس لي سواكَ "

وتابعت بمرارة ساخرة :

" يا سيدي "

ثمَ صمتت، وأنسدل الستار على تلكَ الليلة، وقد كانت أول ليلة لها في أحضانه بلا مُعاشرة ودون مُقابل حميميّ  ..

ولأول مره شَعر چون بالسكُون، وغَفى، دون أن يَمُر بموجات من الأرق أو التفكير .

لكن تناقُض السكون بأم عينيهِ هو الإرهاق الذهنِي، الموت التام، التفكير المُستمر حتى عِند فُقدان الوعي

وهذَا ما كانت تمُر بهِ صوفيا وحدها، حتى أنها لم تستبعد أبداً إصابتها بهلاوس بصرية أو حتى سماعية .

كرؤية أندرو أمامها مثلاً.!

لكن هذا ما حدث ..

هي رأتهُ أمامها، وأستطاعت أن تتنفس أنفاسهُ

كان يهز أقدامه للأمام والخلف بإبتسامة واسعة وأعين غير واعية :

" صباحُ الخير بيبي "

ومال برأسه لليسار يتفقدها بإشتياق مَزق فؤاده، تزمناً مع آنينها وسقوط رأسها للخلف مُجدداً

" ما الذي تفعلهُ هُنا ؟ "

أتسعت أبتسامتهُ أكثر

"أقضي معكِ بعض الوقت، وربمَا أكسر روتين النهاية أعني لما لا نستطيع اللِقاء بعد أنفصالنا ؟ "

راقبتهُ صوفيا بأعين حزينة ولم تجرأ على قولِ شيء، لكن فجأه ظَهر چوزفين بإبتسامة واسعة ووضع يده على قلبه بتأثر

" عصافير الحُب "

أرتفع ثغر صوفيا بشراسة مَاكرة وغمغمت بنبرة ثقيلة

" أنتَ رجل مَيت! ، لما جلبت إبن سانتيغو هُنا ؟ هذهِ ليست من سماتك يا چوزفين "

لوى چوزفين ثغره بعبوس:

" هو من ظَل ينبش ورائي، حرفياً كاد يُفسد خطتي الجديدة، في الصباحِ يتجرع المُخدرات بشراهه وفِي المساء يبحث عنِي ويقتُل رجالي.! "

غمغم بتذمر مُمرراً أعينه على كلاهما

" الآن سأتكفل أيضاً بجُرعاته كي يظل مُنتشياً وغائباً عن الإدراك، جانب دواكِ، هذا إسراف! وصفقة خاسِرة، ربما بجديه أفكر في قتلكما معاً.!"

امأ أندرو بضحكة صادقة مُنتشية :

" أفعلها رجاءاً وإحرص أن تموت تلك السافلة من بعدِي "

" سأفعل ، أقصد لا أحد يأتمن أمثالها، فحين تدير لها ظهرك، ستعاشر رجلا لا تعرفهُ "

ثم أنفجر يضحك بدناءة، وفي المُقابل تلاشت إبتسامة أندرو، وحل محلها ملامح مُتألمة، وبرغم ذلك رسم إبتسامة واسعة ذات مخذى

" تحتاج إلى جُرعة إضافية صحيح ؟ "

سأل چوزفين بشكٍ، ثم لعن تحت أنفاسه

" تباً لي، بالطبع تحتاج إلى جُرعة لعينة، أخذت واحده منذ ساعة، ساعة مقيتة كاملة، أظن أنني حقاً سأقتلكما قريباً "

وأشار لرجاله ثم رحل من المكان بعدما تأكد من إنعدام قوة كلاهما

مُسكنات ومُخدرات عَصبيه لا تتسبب في غيابهما عن الإدراك فقط، بل وإضعاف قوتهما البُنيانيه بصوره تمنعهما عن الفرارِ

نَصل من إختراعه هو شخصياً.!

لطالما كان مهوساً بالكمياء رغم فشله الدراسيّ، والآن هو يعمل على جرعات سامه لا علاج لها سوى منهُ هو فقط

وتبقى فقط خطوات على ظهوره للساحة، لكن، كان يجب أن يحرص ألا يعطي چون خيطاً ليَنبُش وراءه وإلا لن يصير سوى كُل شَر .

أما بالنسبة لأندرو وصوفيا، فإن المشفى العقلي جاهز لأستقبالهم في المُستقبل القريب جِداً، وسيحرص على وضعهما في حجز أنفرادي كي لا يرغب أحدهما في الهروب

چوزفين كان مُدرك تمَاماً أنهما لن يهربان، ولن يفران، على النقيض سيعيشا ليناظرا بعضهما في الألم والوحدة فقط إن كانا معاً

وهذا ما سيمنحهم إياه ..

فالحُب لَعنه لا شفاء منها بالفعل.!

بينمَا فِي مكانٍ آخر، تحديداً إحدى البلاد الغَربيه، رصت جيدَاء كُتبِها الدراسيه فيِ الخزانة المدرسية وأعينها تتبع الفراغ

يوسف .. الفتى الذي كان مُعجب بها تقدم لخُطبتها رسمياً، وبشكلٍ شخصي، أكتشفت أنها أحبت شخصيتهُ وتعلقت بها

مُشكلتها الوحيدة كانت في سفرها، كان أمامها أختياران، الآول التنازل عنهُ، والثانِي كان البقاء معهُ والتنازل عن حلمها بعد السهر والقراءة والتعب، والذُل الذي ذاقتهُ .

فوجدت جيداء نفسها تقتنع أن الحبُ ليسَ كُل شيء، هو أحبها وهي أحبتهُ، لكن حبهما لن يجعلها تصل إلى أهدافها

رُبما كانت أنانية في أختيارها وحتماً جرحتهُ وجرحت نفسِها

لكنها وصدقاً ليست نادمة، فبَعد ضياع كريس، وآختفاء سيڤار، لم تكُن تَرغب سوى في رفع رأس والدها بالسعَادة

في البلاد الغربيه التي كانت فيها وجدت العديد من التجارب، أختلاط لم تكن أعتادتهُ

لكنها وجدت ما لم تصوره الأفلام، فوجدت فتيات ليسوا سيئين كُلياً، ووجدت مُعلمِين مُنصفين، بل ووجدت شباب عَرب مُسلمين أو من عقيدتها، من بلاد عِدة .

وحين تَحترم أحدهم في الغالب يكون هناك أحترام مُتبادَل، لكن مُشكلتها الوحيدة كمنت في التنمر وتكوين صدقات

لطالما كانت وحيدة دون أصدقاء، لم تُعامل أحد بالسوء من قَبل وأنتظرت مقابلها من نفسِ المُعاملة الحسنة لكن على النقيض تماماً ...

هناك فِئة من الناس، لا تتشرف أي بلاد أو ديانة الإتصاف بها

- إرهابية  ، مُتعصبة  ، ساقطة -

كانت مطبوعة على خِزانتها، على طاولة جلوسها، مع عدمِ ذِكر التنمر الذي كانت تتعرض لهُ على طاولة الغداء..!

لكنها تحملت، كانت بعيده عن أسرتها في سكن جامعي ووضع والدها بها أمله كله، لم تنوي أن تخون تلك الثقة

هي لم تعُد صغيرة، ربما غبية أجتماعياً، لكنها ليست هكذا علمياً أبداً

" مرحباً ؟ "

سمعت نداء من جانبها وحين ألتفتت، كان أحد زملائها من الصفِ، وعلى وجهه أبتسامة نقية

" آرثر "

ومد يدهُ بإبتسامة ساحرة، فمدت خاصتها في المُقابل على أستحياء

" أنتِ الفتاة الجديدة ؟ "

امأت لهُ بالإيجاب، فتابع

" أنا هُنا منذ الإبتدائية، وبطبيعة الحال أنتقلت لمبنى الثانوية .. أظن أنكِ من أصول عَربيه صحيح ؟ "

" بالفعل .. أنا جديدة في البلادِ "

أرتفع حاجبه بإعجاب وأمأ بإبتسامة واسعة

" ما رأيك فِي جوله حول المدينه معي ؟ تعرفين! "

راقبته بشكٍ، كان وسيم، جريء وفي نفس الوقت يمتلك تلكَ النبرة الكاريزمية لكنها أبداً لم تشعر بالإرتياح نحوه

" آسفة ، لدي فروض عدة "

ألتصق حاجبيه بإمتعاض

" لازلنا في الأسبوع الدراسي الآول يا فتاة! "

بيأسٍ تام أخرج من جيبهِ دعوة حين لم يجد الإقتناع مرسوم على وجهها، ومد يده لها

" حفل نهاية الأسبوع في نادي والدي، أتمنى أن تحضري "

وغمز لها، ثم رحل وتركها تتبع ظله بلا فهم .

لم تنوي جيداء أن تحضر ذلك الحفل، لكن ظهور زميلتها وسبب كُرهها لحياتها بجانبها أسكت ترددها

"ما لم يعرفهُ والداكِ، لن يضرك، يا صغيرة والدكِ"

ثم ألقت عليها نظرة ماكرة، وراحت تتبع آرثر دون أن تثير غيظ الآخرى على غيرِ العادة .

                       ____________
                           _______

أبتدأ اليوم الجديد، بإشراقة ساطعة لذيذة من الشمسِ

كان الجو دافئاً، وفي نفس الوقت خالجته لفحات من الرياح هادئة

أستيقظ چون متأخراً على غيرِ العادة، ربمَا كانت الساعة التاسعة، أو التاسعة والنصفِ، فهو لم يفكر كثيرا قبل أن ينهض من فوقِ الفراش، حيثُ كانت نائمة

لكنهُ لاحظ بوضوح رائحة مَعجون الأسنان في أنفاسها، ورآى جفنيها المشدودان حول عيناها برمشات مُستمرة .

" أعلم أنكِ مُستيقظة "

فتحت أعينها ببطىء، ثم أبتسمت لهُ ببراءة

" صباح الخير "

أغلق بؤرتيهِ بنفاذ صبر، ثم أعاد فتحها ودندن بثُقل خانق :

" لازلتِ تتألمين من تلكَ الليلة ؟ "

" لا..! لاتزال هناك جروحاً لم تتشافى، لكننِي لم أعد أشعر بألمها كُلياً "

أبتسم بإتساع أثار ذهولها ثم سحبها من مؤخرة عنقها ناحية وجههُ، ولثم ثغرها أمام صدمتها وذهولها بعنفٍ

وبطبيعة الحال، لم يسمح لها برفضه أو التحجج بالألم الذي لم يُغادرها

حاولت سيڤار أن تدفعه عنها، وحاولت أن تترجاه، لكن ثغره أبتلع صوتِها، ويده حللت ملابسها بعيداً عن جسدها

فـ-ـلم تجد حل أمثل من البكاء في صمتٍ وقوة خائرة، وحينها فقط ترك ثغرها، ومرر فمه على وجنتيها يلثُم دموعها ويبتلعها لروحه المتأذية

" لن أوجعكِ ، صدقيني ، هذهِ المرة ستَظل محفورة في ذهنكِ يا سيڤار "

وأنزلق بثغره على فكها وعنقها، فمه يُصدر تنهيدات مُستمرة، ويده كانت تقبض على الفراش بشدة يُحاول كبح لجامه

لكنها قبضت على الفراش بخوفٍ، فوجد نفسه تلقائياً يُمسك كفيها ويقبض عليهِ كنوع من الآمان .. چون يَعرف تماماً أن سيڤار بريئة أمام اللمسات الرقيقة، وأنها ترتجي منه فقط عاطفة رحيمة في الفراشِ .

وهذا ما منحها إياه ، وللمرة الآولى تعمد إيصال لها المُتعه .

وعكس العاده حين قضيَ شهوته معها، لم يُباشر في فعلها مُجدداً لإذلال نفسها، بل وأنسحب منها وعنها، لكنه لم يتركها

فسحبها على صدره، وبدأ يمسد شعرها الذي أسدلهُ ثناء مجامعتهُ لها

كانت تنهج بتناقض وبعارٍ تام، ويدها قربت الغطاء إلى صدرها حين طالت عليها نظراتهُ المُترقبة  ..

" لما ؟ .. فقط .. لما ؟ "

وصمتت بحيرة، فعيناه كانت دافئة وتلك الإبتسامة على ثغره كانت هادئة، رأت سيڤار الرغبة تلتَمع في روحهِ بوضوح، رأت نفس الجوع ونفس الوحشية نحوها مَحجوزة في مُخيلتهِ، رأتهُ يحارب يده كي لا ترتفع على جسدها مُجدداً .

كانت حرباً صَعبة على نفسه وهو ضحيتها، وبرغم ذلك لم تشعر بخرابِها سوى في حادقتهِ!

" كنتُ سأحضركِ هُنَا قبل كُل تلكَ السخافات "

وصمت يراقبها عن كَثب ، فسخرت

" كـ-حفل إنتهاء العزوبية، أوليس كذلك يا سيدي ؟"

أزدرد ريقه بوجع حين تابعت بإبتسامة صادقة

" ربمَا زواجك منها وتمسكك بي غريب، لكنني أظن أنه ضربه لصالحي، فأنتَ مُجبر على العيش معها فِي السراء والضراء، ولن يربطنا سوى مُجرد علاقة عابرة"

لوهلة تلاشى الوجع عن ملامحه وحل محلها الألمُ التام، والحسرة بسبب صِدق كلمَاتها

" صدقاً أريد أن أغني في حفلِ زفافك، أريدك أن ترقص معها على ألحاني "

وأبتسمت بمكرٍ، ثم رفعت يدها ووضعتها على ذقنه الشائكة، وهو في المُقابل أخفض رأسه يناظرها بأكثر عُمق

" وسأرقص في أحلامي على نفسِ الألحان، سيكون من المثِير أن أرى زوجتك بين ذراعيك، حين تبتغيني أنا "

وأخفت عار كلماتها التي لم تظن أنها ستقولها قَط، قضت حياتها تحترم الرابطة المُقدسة بين المرأ وزوجه، تقدس العلاقة العاطفية التي منحها الرب لعباده، للحب ، والذرية الصالحة .

لكنها ومعه يجب أن تكون شخص أخر، شخص لم تظن يوماً أنها ستكون عليهِ

العلاقة الجسدية التي كانت رمز للحب وللكرم في نظرها، فجأه باتت أنانية، رمز للقسوة وللكراهية والفتور.!

لكن ما منحهُ إياها منذ لحظاتٍ، حطم ذلك الحاجز ولآول مرة

فهو لم يكذب حين قال ' هذهِ المرة ستَظل محفورة في ذهنكِ يا سيڤار '

" يالكِ مِن قاسية! "

أبتسمت وآمأت بالإيجاب أمام نظراته المُترقبة، ثم سألتهُ بحيرة، تزامناً مع وضع كفها على صدره العاري

" هناك شيء لا أفهمه! "

أبتسم بإتساع أكثر حين شعر بها تلمسه طواعية للمرة الثانية بعد الأمس .. هي لا تعرف أبداً أن لمساتها الناعمة، شائكة، لكنها مُخدَرة بطريقة لذيذة

" لما أنت ضخم البنية هكذا .. ؟ فكرة أنك تصفعني وتعاقبني بالضربِ يا سيدي مُرعبة جداً ، ذاتاً نظرة واحدة منكَ تكفي لعقاب من أمامك "

أنفجر چون ضاحكاً فعبست بطفولية

" لا أمزح ، هل ترى وجهي ؟ بالطبع رأيت جسدي منذُ لحظات! كدمات وتكتلات دمويه، هل من عاداتك أن تضرب النساء ؟ "

بهتت أبتسامتهُ

"لم أضرب امرأة في حياتي خارج الفراش، سواكِ"

وضعت يدها على قلبها بتأثر من فوقِ الغطاء

" أوه .. أنا سافلة محظوظة بالفِعل "

تنهد ثم ناظر عيناها بعمقٍ مُؤذي

" لم أظن يوماً أن نهايتي حين تأتي، ستكون على يدِ امرأة "

" حقاً ؟ وكيف ظننت أنها ستكون ؟ "

أبتسم بخفوت ثم حاوط طرف ذقنها برقة

" نهاية سيئة، في الوحدة، في العفن، في الظلام والبرد القارص "

أرتفع ثغرها بخبثٍ مكار

" إذاً نهايتك على يدي أكثر رحمة يا سيدي "

امأ بالرفضِ

" على النقيض تماماً، ستكون ساخنة وموجعة، أدرك تماماً أنكِ لن تخدري جروحي، وأنكِ لن تترددي وهلة"

سحب شعرها للخلف بتملك، وناظر شريان عنقها النابض بتتبع

" أطلقتي عليّ الرصاص دون أن تترددي، مئات الطلقات أمام الجميع، وطلقة واحدة في صدري"

تنهدت بإمتعاض

" الرصاصة لم تصيب صدرك، أصابت عضدكَ بالكاد بخدشٍ! أنا من أصيب في صدرهِ يا سيدي "

امأ بالرفض ثم ناظر عيناها بوجع لم ترى لهُ حدود، فتسائلت، ما الذي يضعهُ في ذلك الوجع ؟ ما هو سبب ألمه وقهره لهذا الحَد ؟

هي بالكاد فعلت له شيء! بالكاد أخذت منه شيء، وهو الآن حرفياً يلومها بطيفِ حزنه

لذلكَ قررت فِعل شيء سيوجعه، أضعاف وجعهُ الحَالي

وبرغم ترددها إدعت الثِقه وأعتلت بطنه، فأرتفع حاجبه الأيسر حين أنحنت على عنقهِ، وطبعت قبلة رقيقة، رَطِبة هُناك

تلقائياً قَبض چون على خاصرتها ورسم أبتسامة وصلت لروحه، ثم ناظرها بعاطفة شَرِسة لكن نقية .

أبتسمت بمكرٍ ضد عنقه وطبعت قُبلة أشد عنفاً مِن الآولى، تركت على جلده علامة لم تكن قاتمة، لكنها كانت شبة واضحة

فمها حاول لثم عنقه، لكنها لم تعلم، أن روحهِ كانت بين أسنانها :

" قبــلــيــنـي "

وسحب شعرها للخلف بعنفِ تلقائي، يُريها هياج أنفاسه، وظلام أبصاره الخضراء، يُريها ذلته أمامها دون كلمات

فرغ ثغره حين قربت فمها منه ، وحين ظن أن اللعينة ستقبله، أنحدرت بفمها أسفل أذنه وطبعت علامه آخرى هناك

" ما الذي تفعليه ؟ "

هدر فيها بنبرة شرسة وبرغم ذلك يديه عادت تقبض على خصرها العاري يرفض بُعدها، فرفعت له أعينها المَاكرة التي لاح عليها الإشمئزاز

وحينها قتلتهُ بطريقة شنيعة

عيناها كانت كارهة لدرجة نَقية .

" أهبك هدية زواجك "

أرتفع ثغرها أكثر

" وربمَا هدية عيد ميلادي "

أزدرد ريقه بوجع حين تابعت

" أكرهك يا چون ، أكرهك جداً ، أكرهك لدرجة مَقيتة، من كثرة كُرهي لكَ لم أعد أكرهك، بل بتُ في أشد درجات البُغض، قد أهب روحي للشيطان فقط إن قتلكَ ببطىء ، هل تسمعني يا سيدي ؟ "

ولعقت ثغرها ثم أنحنت على أذنه

" سمعتني يا چون ؟ هل ترى صدق كلماتي ؟"

وضعت ثغرها على إذنه، وضغطت بشفتيها عليهِ بالعمد لتلفحه أنفاسها

" هذا هو مقدار كرهي لكَ "

وحين ظنت أنها ربحت اللعبة، شعرت بهِ يلقيها على الفراش بحدة، وفي أقل من ثانية وجدت نفسها أسفله ويده تحاوط عنقها، يخنقها حرفياً

عيناه كانت مُتألمة، لكنها مُظلمة، ليس لقتامة بُؤرته، بل من سوداوية ملامحه.!

" أكرهيني دون أن تبيحي كُرهك يا غبية، أمقتيني لكن إياك أن تدعيني بإسمي ،فأسمي لن يمِس تلك الشفاة القَذرة، والآن دعيني أهبك شيء فائق الروعة، كي لا تنسي كلماتي مُجدداً"

سحب سيجارة من الطاوله وأشعلها، تزامناً مع تركه لعنقها، لكنها ما كادت تتنفس حتى نَفث دخانه أمام وجهها، وسبب أختناق صَعب لها

شُعبها الهوائية تضيق حول الدخان الذي دخل رئَتيها، وقبل أن تترجاه، وضع السيجارة أمام ثغرها، تحديداً الجانب المُشتعل

لذعتها حرارتها دون أن تلمسها، ومن فرط خوفها أنسدلت من أعينها دموع صادقة، ثم رفعت يدها المُرتجفة وحاوطت بها عنقها بألم

حاولت أن تدفن رأسها في الوسادة بعيداً عن الطرف المُشتعل دون أن تصرخ، أو تشهق بالبكاء

تعلم تماماً أنه يمقت البكاء والصراخ حِين يضربها، تعلم أنه يكره ذلك حين لا يكون مُنتشي ..

" أنا ، آسفة .. هديتِي أن تعفوا عني ، وأعدك، أسمكَ لن يمسس ثغري مُجدداً حتى تسمح لي، لكن أرجوك سيدي ، أرجوك "

وناظرت كفه بخوفٍ، وأرتجافة جسدها تزداد أسفله، لذلك ببطىء تام رفع عود ثقابه في ثغره مُجدداً، لكنه أنحنى على وجهها بإبتسامة واسعة حتى كاد يُلهب شفتيها

عادت تدفن رأسها بخوفٍ مُسلي لهُ، لكنه فِي نهاية المطاف أرجع رأسه للخلف ونهض عنها بإشمئزاز دون أن يناظرها وَهله

وبطبيعة الحال كانت فوق الفراش تعتصر عيناها بخوف، وأنفاسها عادت ترتجف

لوهله ظنت أنه سـ ...

وأغلقت فمها بمرارة دون كلمة إضافية، دون أن تفكر

وهو في المُقابل غادر الغرفة دون أن ينظر لها، لكن يده كانت تتحسس علاماتها على عنقه بنهم تلقائي

دخل چون المرحاض، ونظر للمرأة بأعين لامعة سعيدة حين وقعت أبصارهُ على لثمتين صغيرتين، واحدة فوق جِلد عنقهُ الحساس، والثانية أسفل أذنه بإنشات

فوجد نفسه رغم الألم والحسرة ينفجر ضاحكاً، وللمرة الآولى تمنى أن تكون تلثيماتها أبدية كـ-وشومه على جسده لا روحهِ فقط

' إن عدتَ بالزمان، ما هو الشيء الذِي ستغيرهُ؟  '

لامست المياة الباردة رأسه، تنزلق على جسده ببطىء، ورَغم برودتها شقت إبتسامة مُستمتعة ثغره

'   مُستقبلنا   '

أزدادت المرارة فِي فمه، حين ظَهر ديفيد أمامه في ظلام أبصاره وذاكرته يمحي وجودها ..

ومر على عقله نفس المُحادثة السابقة

" خرجتَ عن السيطرة "

تابع ديفيد بسخرية :

" وقعت في الحبِ يا إبن جوانا . "

" والآن ستسعى لقتلها صحيح ؟ "

تذكر چون نبرتهُ الساخرة، وإجابته التي زادت سُخط ديفيد :

" ولمَا أقتلها ؟ ذاتاً من قال أنني أحتاج إلى فعل ذلكَ يا عزيزي چون ؟ لربمَا تظن أنكَ قادر على كبح نفسك، السيطرة على شغفك، لكن لا تنسى أنكَ الزعيم، والزعيم لا يقع في الحبِ يا إبن جوانا، حبكَ سيقتلها حتى إن لم تريد، في النهاية، هوسَك سام، وقاتل ، سُقم لا شفاء منه، وألم لا مُخدِر لهُ "

" ربمَا أنا مهووس كلياً بِها، لكنني لن أقع فِي الحب معها "

" ما الذي جعلك مهووس بها لهذا الحد! ما الذي يُعجبك بها ؟ هل رأت وجهك الحقيقيّ حتى ؟ هل رأت ما رأتهُ النساء بكَ ؟ هل تعلم أنكَ لست سادياً لكنك تهوى الهيمنة على الأجساد الضعيفة ؟ هل تعرف أنك تعشق إشباع الطرف الأخر في العلاقة بالألمِ ؟ "

صمتَ چون وقتها، لكن ديفيد لم يصمت أبداً:

" ما الذي فيها ، جعلكَ هكذا ؟ "

"الأطراف الجنوبية ووسط البلد . "

سَمِع إجابته الخاصة، فأنفجر بالضحك تلقائياً حتى صدى صوته في المرحاضِ ..

ثم تابع حمامه البارد دون أن يرمش لوهلة، فهي ستُدفأ جسده بذكراها، حتى لو زادتهُ دِفئاً بالألم .

' ربما وُلدتَ من نسلِ الشيطان '
.
' لكنكَ وسيم جداً ، ورجوليّ '
.
' جَذاب وساحر يا سيدِي '

' الوحيدة التِي أرادها شيطانك '

بعثر شعره أسفل المياه، ثم أستند بجبهتهُ على السراميك البارد بلَوثَة وحواس مُتلَهِبة

' لن يربطنا سوى مُجرد علاقة عابرة '

" لم تكن علاقتنا عابرة قَط "

' فأنتَ مُجبر على العيش معها فِي السراء والضراء '

" لكنكِ سُمي ، سُقمي وشفائي يا سيڤار، أظن .. هذهِ هي السراء والضراء بالنسبةِ لي "

' لما أنت ضخم البنيه هكذا .. ؟ '

" لأبتلعكِ فِي أضعلي، وأتجرع منكِ كل الآذى"

' ليلعنكَ الرب في الأرضِ والسماء . '

صمت چون وتلاشى صوتها داخله، وفجأة شعر ببرودة المياة ولذاعتها على جلدهِ، فجأة تلاشى دفأها وتخديرها لوجعه

تنهد بمرارة، ثم سحب المَنشفة بعد أغلاقهُ المياة ليُجَفِف جسده .

                       ____________
                           _______

فِي المُجمع التجاري، كانت سونيا في المحلِ أمام مرآة عريضة، وعاملات المكانِ حولها بأعين متوجِسة

" الصدر مفتوح وفي نفس الوقت الفستان قصير، لكن تصميمهُ رائع، أريد نفس التصميم لكنني أريده طويل مفتوح الَصدِر "

أخرج لوكاس وجهه من خلف الفستان الأسود في الزاوية يُراقب سونيا تتذمر وتتأمر وتتنافر مع كل الأختيارات

وبرغم ذلك كانت أعينه لامعة، لا يرى سواها، في الأبيض ..

أنحدر بأعينه إلى قدميها الممشوقتان، السافلة بلا تردد فتحت سحاب الفستان أمام العامِلات، وأخذت الفستان الآخر ثم دخلت غرفة القياس

لكنها حين خرجت، خرجت بثوبها الأصلي وأتجهت نحوه، ثم فجأة أزاحت الفستان عن وجهه بإبتسامة صفراء :

" سونيا .. ؟ يا إلهي ما الذي تفعليه هُنا ؟ "

وخرج من مخبأه أمام عيناها الساخرتان

" إذاً ، ما الذي رأيته ؟ "

ألقى عليها نظرة سريعة، ثم سحب شفتهِ السفلية بين أسنانه بنهم عفوي

" رأيتُ أشياء لم ينبغي أن أراها، هُنا على الأقل "

رسمت أبتسامة على ثغرها، ثم دفعتهُ ضد الحائط ووضعت يدها على صدره الصلب العريض

ثم أنحنت بثغرها أمام فكه، وتعمدت ألهاب غريزتهُ بنظراتها الجريئة

" الزعِيم لن يُحب هذا "

" أنا المُلام الوحِيد "

نبرتهُ كانت ثقيلة، وحين ظنت سونيا أن تُخمة نبرته من الرغبة، خسرتهُ أكثر، لأن تُخمته كمنت فِي مقدار الألم الذي منحتهُ إياه

" بعد يوم يا سونيا، ليلة كاملة، ستكونين زوجته، تعرفين .. في عقيدتنا لا يُوجد طلاق، وفي عائلتنا لا مجال للإنفصال، ستدخلين فراشه مرة واحدة، وستعيشين معه أبد الدهر"

حاوط وجنتاها بكفيهِ وتابع بنبرة مُترجية

" هل هذا ما تبغيهِ ؟ تلكَ هي الحياة التي تتوقين إليها ؟ "

وأنحنى نحوها لترى الصِدق في عينيهِ

" خنتُ لأجلكِ ، متُ لأجلكِ ، سهرت الليل أفكر فيكِ ، حَميتُك مئة مرة وسأحميك مئه إضافية، أحببتكِ في كل نفس غادرني وسأظل أحبكِ ثناء أنفاسي القادمة، فـ-يا سونيا لما لا تحبيني ؟ لما هو ؟ هل لأنهُ الزعيم ؟ "

أبتسمت بمكرٍ دنيء ورفعت رأسها لهُ بقهقة خبيثة جَسدت الظلام والحقارة

" لأن سيدكَ يملُك ما لا تملكهُ ..
يا عزيزي لوكَاس "

لوكاس كان أعمى كي لا يرى ظلام روحها، وكان أبكم كي لا يجيبها بالأسوء، وكان أطرش فاقد للسمع والبصيرة كي لا يسمع تلك النبرة في عنقها

لكنهُ وبرغم ذلكَ سحبها من خصلاتها نحوه بإبتسامة واسعة مُتجاهلاً قُبح روحها، فهذا هو مقدار حبه لها، وحين لاحظ الألم يرتسم على ملامحها، دندن بدناءة لاقت بها

"وهل يعلم -سيدي- ، أنه سيتزوج امرأة عذراء ؟"

وأتسعت أبتسامتهُ أكثر حين أتسعت خاصتها بتحدٍ

" ومن قال أنني عذراء ؟ وبحق السماء لم أعد بتول ، بلغت من العمرِ أحدى وعشرون عاماً "

" أنا لوكاس يا سونيا ، حين أود شيء ، أحصل عليهِ حتى لو كان مُجرد معلومة صغيرة "

" إذاً راقبتني كي تعرف عن علاقاتي العاطفية ؟ "

رفعت كفها ومررته على وجهه برقة ساخرة

" يا لكَ من وغدٍ لئِيم، أيها الصقر الشمَام "

قهقه أمام ضحكتها، لكن ضحكة كلاهما كانت ساخرة، ومُتحَدية

" تُرى ما الذي سيفعله الزعيم لو عَلِم أن حارسه الوفيّ ، يده اليُمنى، الوحيد الذي وثق فيهِ بَعد أخيه، يخونه مع زوجته "

أرتفع ثغرها أكثر حين بهتت ملامح لوكاس بظلامٍ تام وحزن حرفيّ

" فِي النهاية لا رجل يأتمنني، مَعروف عنِي الخيانة والغدر، وبالكادِ أعني لهُ شيء، بينمَا أنتَ .. "

وضعت سونيا سبابتها على شفتيهِ ، ثم نفرت أنفاسها على وجههِ بإغراء

" أنتَ غَير "

قربت شفتيها من ثغرهِ، مَنحته الأحقية في أكتشاف جوفها، تحقيق حلمه الوحيد وهو الشعور أنها لهُ ولو لوهلة، ولو لليلة، كي لا يموت لاحقاً

ربمَا وفاء لوكاس لـ-چون ، وحبُ تلكَ العاهرة في قلبهِ كانا بالتساوي، لكن سيدهُ أستحق الكثير وهي أبداً لم تستحق

لذلكَ بصعوبة تامة خالف توقعها حين دفعها عنه، وألتفت يمرر أعينه على نساءِ المكان

يعلم كل واحدة مِنهم من تقرير المنتجع التجاري في سيارته، وكانت هدفه الصهباء لأنها مُتعددة العِلاقات وفي نفس الوقت حريصة حيال الأمراض والعدوى المَنقوله جنسياً .

" شُكراً لسخائكِ ، لكني لديّ صيدٌ شهي "

كرامة سونيا وكبريائها، أعظم من أنت تتركهُ يَذهب لأمرأة غيرها، لا رجل، حرفياً لا رجل سيفعل فعله كتلكَ وتتركه ببساطة، وكَون لوكاس تحديداً هذا الرجل، جعلها تشتعل من فرطِ الغيظ والأستنكار

سحبته من مؤخرة عنقه وأطبقت ثغرها على خاصتهُ أمام صدمتهُ وذهوله دون تردد

جعلتهُ يَنسى ماضيه وحاضره وأيضاً مُستقبله

وضعته في إختيارٍ صَعب ما بين خيانة الرجل الذي لوكاس على أستعداد تام للموتِ في سبيله، أو الخضوع للمرأة التي سممت حياته لأجل تلك اللحظة.

فأختيار لذة مُحرمة أو الطريق الصالح، دائماً يكون صَعب، وحرب غيرُ سَوّية .

يتبع ..
***

رغم أن هذا العام مصيري لي ..
فإن الرواية بنسبة مَهولة لن تتوقف

لكني في المُقابل قد لا أتوفر كثيراً في التعليقات مُستقبلاً بسبب الضغوط لكنني سأكون موجودة ولن أتلاشى بإذن الله ❤️

أي مُلاحظات أتركها هُنا وسأمر عليها ✨
أي توقعات عن حفل الزفاف :O ؟

لا تنسى دعمي بالضغط على النجمة البرتقالية أدناه🌟 ^o^

ملحوظة آخيرة : كنتُ هنشر البارت أمس بس نمت وأنا بعدله هه :')

المهم دمتم سالمين في خيرٍ 💖
وأدعوا لي 😭😂💔

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top