الفصل الرابع عشر
رواية لهيب المودة : الفصل الرابع عشر
جلست جيسو مع روزي في المقهى تنتظران أن يأتي جبيب جيسو ليعيدها لمدينتها ولم تكن روزي مرتاحة للأمر أبدا فقالت:
-«اسمعي، مازلتِ لا تريدين التخلي عن ذاك الرجل؟»
-«بلى، لماذا؟»
-«لأنني قلقة، مازلت أراه الشخص غير المناسب لك»
-«هههه لا تقلقي، أنا كبيرة ولن يؤثر علي بشيء»
تنهدت روزي بعمق وبقيت تنظر لها بنظرات حزينة، انتظرت الاثنتان حتى جاء دراغون إليهما وحين رأته جيسو ابتسمت من أعماقها وركضت تعانقه بحرارة قائلة:
-«أهلا عزيزي، افتقدتك كثيرا»
-«ههههه وأنا أيضا سكرتي، تلك الأيام التي لم أعانقك فيها كانت كالجحيم»
نظر للخلف فرأى روزي تنظر له بطريقة غير مريحة ثم اقتربت وألقت عليه التحية ببرود فرد عليها:
-«أهلا أيتها الصديقة الصدوقة، شكرا لاعتنائك بجيسو طوال هذه الفترة»
-«واجبي»
بينما يقف ثلاثتهم مر عليهم شاب غريب يمشي ويتمايل ثم توقف عندهم وقال لدراغون:
-«أوووه دراغون، أهلا بك، منذ زمن لم أراك هنا»
-«ههههه صديقي كاسبر، يالها من صدفة!»
-«من الجميلتان؟»
-«هذه جيسو حبيبتي، والأخرى صديقتها»
-«ههههه أنت تتسكع مع الجميلات دوما، لكن أظن أن علاقتكما كانت قصيرة فهي ليست حاملا بعد، أنت لا تتركهن إلا بعد الحمل أليس كذلك؟»
ثم نغزه بهدوء وهو يبتسم، حينها شعر دراغون بالإحراج أما جيسو وروزي فشعرتا بالصدمة، ورغم الجو المشحون أردف كاسبر:
-«الأخرى جميلة، ليتها تقضي معي بعض الوقت»
ثم وضع ذراعه على روزي فغضبت للغاية ودفعته بعيدا وهي تمسح على ملابسها التي صارت تشعر بالتقزز منها لأنه لمسها وصرخت بحدة:
-«مريض، لا تلمسني»
-«هههه لِمَ الاستشراف؟ لم أطلب منكِ سوى قضاء بعض الوقت معي، تسيرين مع دراغون في مجموعة واحدة وتتظاهرين أنكِ شريفة؟ ما هذا التناقض؟ هذا الرجل فعل كل سوء تظنينه وهو حبيب صديقتك الفاسدة التي واضح أنها تفعل معه كل شيء لأجل المال والشهرة، أنتما مجرد سلعة»
أنهى كلامه بابتسامة مستفزة فحصل بعدها مباشرة على لكمة من دراغون أسقطته أرضا وجعلته يتألم، ثم قال الأخير بغضب:
-«إياك الكلام عن حبيبتي بهذه الطريقة، هي ليست سلعة، بل أشرف من والدتك، أنا أحبها لأنها رائعة ولطيفة وهي تحبني لأنني رجل أحلامها وليس لأجل أي أموال أو ترهات، إياك الإساءة لها أو لصديقتها فكل ما يسوء جيسو يسوؤني»
تركه ملقى على الأرض وأمسك جيسو من ذراعها وأخذها خارجا وبطبيعة الحال لحقت بهما روزي، وفي الخارج وقف الاثنان مقابلي بعضهما فقال دراغون بتوسل:
-«جيسو، لا تصدقيه، أنا حقا أحبك لأنني أحبك وليس لأي سبب آخر، صحيح أنني كنت طائشا في الماضي وأهجر الفتيات ولكن حبي لك حقيقي وصادق، لا تدعيهم يخربون علاقتنا، هؤلاء الحاقدون لا يريدون رؤيتي سعيدا بدونك»
كانت ملامح جيسو باردة كما لو أنها سمعت ما يكفي وتريد إنهاء العلاقة، راقبتها روزي بهدوء وهي تتمنى أن تنفصل عنه اليوم بعد ما سمعته.
اكتفى الجميع بالصمت وحتى دراغون، لكن ما صدم روزي أن نظرات دراغون لجيسو مليئة بالقلق والتوتر، كان قلقا فعلا من أن تتركه، في تلك اللحظات أحست أن قلبها يتحطم فهو بالذات لا يجب أن يحب جيسو ويتمسك بها وإلا ستستمر العلاقة أكثر.
كادت عينها تدمع وهي تراقب وصدمتها رؤيتها لجيسو تبتسم وتقول:
-«عزيزي، ما بالك؟ مستحيل أن أكرهك لأجل الماضي، بالطبع سأبقى معك مهما حصل فأنا أعلم كم تحبني»
كانت ستعانقه بقوة لكن روزي شدتها من ذراعها وأخذتها بعيدا وعيناها مبللتان بالدموع، وحين توقفتا وراء المبنى بعيدا عن العيان قالت بحشرجة:
-«هذا جنون، بعد كل ذلك مازلتِ تحبينه؟»
-«بلى»
-«جيسو، آسفة ولكن هذا هو الخيار الوحيد المتبقي أمامي»
ثم أغمضت عينيها وأردفت:
-«لا أصدق أنني أفعل ذلك ولكن...لننهِ هذه المهزلة، لم أتوقع أنني سأقولها ذات يوم ولكن...اختاري بيني وبينه، إما أنا أو هو»
تجمدت جيسو مكانها وبقيت الرياح تلعب بشعرها لفترة، كانت تنظر لوجه روزي تارة وللأرض تارة لتختار ثم أردفت الأخرى:
-«أعلم من ستختارين، أنا شخص غير مهم في حياتك وقد تخليتِ عني مرة من قبل لذا متأكدة أنكِ مستعدة لتركي مجددا، فقط قوليها، أو أقول لك، لا تقوليها، اذهبي إليه فحسب وسأفهم الأمر، فقط اعلمي أنه لا يمكنني البقاء بجانبك ما دمتِ معه، هذا يحطمني»
طأطأت روزي رأسها مغمضة العين وملامح وجهها تتمزق من الحزن، لكن فجأة أحست بيد جيسو ترفع ذقنها للأعلى وعندما فتحت عينيها متفاجئة وجدت جيسو وقد امتلأت عيونها بالدموع وقالت بحشرجة:
-«لا يمكنني، آسفة لا يمكنني تركك تذهبين مجددا بعد كل ما حصل، تلك الأيام التي كنتِ فيها غير موجودة شعرت أن العالم فارغ وأنني وحيدة تماما، أنا لا أستطيع اختيار أي منكما ولن أتخلى عن كليكما أيضا»
-«لكنه يعطيكِ سمعة سيئة، إنه فاسد»
-«أعلم، ولكن...»
فجأة جلست أرضا وانفجرت باكية وهي تقول:
-«أنا أيضا أريده أن يكون شخصا جيدا، لا تعلمين كم أريد ذلك، لكن لا أعلم كيف أغيره، لعله في يوم ما يتغير لأجلي، كما تغيرتِ أنتِ لأجلي ذات يوم»
-«أتمنى ذلك، لكن ما العمل؟»
-«حقا لا أعلم، لا أريد خسارة كليكما، سأموت إن تركني أي منكما»
شعرت روزي بالشفقة عليها فساعدتها على النهوض ومسحت دموعها وقالت:
-«لا بأس، انسي ما قلته، فلنبقى على تواصل بعد عودتك»
-«أكيد»
عادتا نحو دراغون فوقفت روزي أمامه بجدية وقالت:
-«اهتم بصديقتي، إن أصابها مكروه فاعتبر نفسك في عداد الموتى»
-«لا توصي حريصا»
ركبا السيارة فلوحت جيسو لها من بعيد وهي تبتسم وصرخت:
-«سآتي لزيارتك من حين لآخر، لا تنسيني أبدا»
انطلقت السيارة وهي تصرخ وروزي تشاهدها من بعيد وهي حزينة، عادت للسكن الجامعي تتمشى بتوتر وكانت قلقة للغاية ومضطربة لدرجة أنها تمنت لو بقيت تسير للأبد وأن يصير المنزل أبعد من ذلك.
وصلت للشقة أخيرا ووقفت عند بابها لتخرج المفتاح ثم تراجعت وصارت تطوف في الرواق ذهابا وإيابا، فجأة ركضت بسرعة وقلق وتوجهت نحو بناية قريبة ووقفت على عتبة إحدى الشقق تتنفس بقوة وتحاول استرجاع هدوئها.
طرقت الباب بتوتر ففتح لها وينهو وحدق الاثنان ببعضهما وقال متفاجئًا:
-«روزي! أوه أهلا! إنها المرة الأولى التي تزورينني دون إخباري، هل تحتاجين دفترا أو شيئا ما؟»
ردت عليه بتوتر شديد:
-«أنا...فقط...لا أحتاج أي شيء...ليس ضروريا أن يكون سبب وجودي هنا هو الدراسة...أنا فقط...لا أعلم...ربما...لا أعلم حقا لماذا أتيت»
رمش وينهو بعينيه بعد أن لم يفهم كلمة واحدة لذا قال بهدوء:
-«تريدين الدخول؟»
-«لا، علي المغادرة، لا أعتقد أن هذا مهم»
سارت خطوتين مبتعدة ثم عادت وصرخت بتوتر:
-«انا فقط غاضبة ومنزعجة وحاقدة وكل المشاعر المتضاربة تعتريني، لم أجد أحدا أخبره بذلك فليس لدي أي أصدقاء مقربين ولا حتى أستطيع إخبار عائلتي بذلك، حقا لم أعد أحتمل، لقد تحملت الكثير وأريد الفضفضة لأحدهم، هل تمانع؟»
أومأ برأسه أنْ لا فأردفت:
-«لدي صديقة غبية، بل حمقاء متهورة، تحولت من فتاة مسالمة لطيفة لفتاة منحرفة وصارت تواعد شخصا يملك حانة وصارت تدخن وتفعل الكثير من الأمور اللا أخلاقية، ما يزعجني أنني لا أستطيع إبعادها عنه مهما حاولت، إنهما يحبان بعضهما للغاية، ويبدو أنها تعلقت به بجنون، والآن لا أعرف ما أفعل فهو يأخذها للهاوية وهذا يخيفني، للحظة تصرفت بأنانية وتمنيت أن يفعل شيئا يحطم قلبها لكي تيأس وتتركه، لكنه بالعكس يثبت لها كل مرة أنه يريدها بشدة وهذا يجعلها تتمسك به، أووووه يا إلهي سأجن، أعلم أنني تكلمت كثيرا لكن آسفة، أنا حقا قلقة وهي لا تستمع لي، أحبها للغاية وسأجن من التفكير بسببها»
أنهت كلامها وهي تتنفس بسرعة فرمش ووينهو وقال:
-«هل تريدين الدخول؟»
تنهدت بعمق ودخلت فأعطاها كوب ماء لتشربه وانتظرها حتى هدأت تماما وقال:
-«هل هي نفسها صديقتك التي قابلتها قبل أيام في سكنك والتي تتصرف بغرابة؟»
-«أجل، اسمها جيسو بالمناسبة»
-«هل من اللازم أن تبقي معها؟ أما من حل أن تبتعدي عنها حتى لا تتأثري؟»
-«مجنون أنت، لست سخيفة لتلك الدرجة لأتأثر بها، أريد جعلها هي تتأثر بي وتعود لرشدها»
-«ماذا لو قمتِ بتزوير دليل على أن ذلك الرجل يخونها أو يخدعها؟ ربما هي فكرة سيئة لكن لا حل آخر»
-«مستحيل، هكذا سأحطم قلبها، صحيح أنني أريده أن يجرحها ولكن تزوير شيء ضده هو شيء يجعلني أنا من حطمت قلبها»
-«ستتجاوز مع الوقت، إنه حب وليس نهاية العالم، المهم أنكِ ستنقذينها»
-«لكن...هذا صعب، لا أستطيع، إن اكتشفت أمري فستتدمر علاقتنا للأبد»
-«فكري جيدا، ستتأذى مؤقتا ولكن ستنقذينها، هذا بدل تركها معه وقد تقع في مشاكل لا حصر لها»
نظرت لكوب الماء الذي في يدها بحزن وضغطت عليه وصارت تفكر بالأمر مليا، بقيت بعض الوقت مع وينهو حتى شعرت بأنها أفضل ثم رافقها للباب وقال:
-«شكرا لأنكِ أخبرتني بأسرارك الخاصة التي لا تخبرين بها أي أحد، هذا يعني أنكِ تثقين بي كثيرا وهذا أمر مشرف»
شعرت بالتوتر فقالت وخديها متوردان:
-«كنت مضغوطة للغاية وأنت الوحيد الذي أعرفه هنا»
-«سعيد أنني الوحيد الذي تعرفينه رغم أنكِ انطوائية ولا تتقربين من أحد»
أعطاها تحية من الخلف ودخل شقته وهو يدندن لحن أغنية سعيدة، وبعد دخوله ركضت بعيدا ولم تستطع منع نفسها من الابتسام.
ذات يوم وبينما روزي عائدة للشقة حاولت الاتصال بجيسو مرارا وتكرارا ولكنها لا ترد لذا وضعت الهاتف في حقيبتها وقالت بتذمر:
-«دائما هكذا تنشغل ولا ترد بسرعة، سأريها لاحقا»
وصلت لباب شقتها فوجدت وينهو واقفا أمامه وصرخ قائلا:
-«أهلا روزي»
-«أهلا، هل تحتاج شيئا؟»
-«في الحقيقة لا، عرفت أن هناك معرضا للكتب وفكرت أنني سأشعر بالملل لو ذهبت وحدي لذا هلا...»
-«ذهبتُ معك؟ طبعا سأذهب، اليوم ممل للغاية وليس لدي ما أفعله»
-«هههه حسنا إذًا»
سارا نحو المعرض وعندما وصلا وجدا الكثير من الناس والزحام شديد، فجأة تمسكت بذراعه فانتفض من الفزع مما جعلها تقول:
-«آسفة هل أزعجتك؟ ظننت أنه لا بأس بأن أتشبث بذراعك حتى لا تضيع مني في هذا الزحام، لن أكررها»
ابتعدت عنه بمقدار خطوة ولكنه اقترب منها بتوتر وأمسك بيدها وقال:
-«لا بأس، لست أمانع، فقط تفاجأت، تمسكي بي جيدا فيومنا سيكون طويلا»
ابتسمت له بسعادة وتشبثت به جيدا ثم انطلقا في جولتهما يلقيان نظرة على الكتب، وما إن استغرقا في البحث حتى بدأت السماء تمطر فركضا ليحتميا تحت إحدى الأشجار وهما يبتسمان.
نظرا للمكان من حولهما وكان شاعريا للغاية، كان المطر خفيفا ولطيفا ورائحته منعشة والجو جميل وشبه دافئ، استغلا الفرصة ينظران للمكان من حولهما متوترين وكان وينهو يريد قول شيء ولكنه خائف ومتوتر، حاول ذلك مرارا وتكرارا إلى أن نطق أخيرا:
-«آسف»
-«ها؟! على ماذا؟!»
-«كان يوما سيئا للغاية، لا بد أنكِ تشعرين بالملل»
-«ماذا؟! لا، ههههه بالعكس أحببت الوقوف هنا والإحساس بصوت المطر ورائحته، أعتقد أنه يوم لطيف»
-«حقا؟!»
-«أجل، صدقني أنا صادقة في كل حرف، الأشياء التي قد يظنها الناس مملة وعادية هي أشياء تجذبني وتبهجني»
عند هذه النقطة صمت وينهو وأنزل رأسه وقال بحزن وتأثر:
-«لماذا أنتِ رائعة لتلك الدرجة؟ فتاة مثلك تبدو وكأنها خرجت من قصة خيالية، لم أقابل قط واحدة بنفس خِصالك، تميلين للهدوء والتفهم في كل شيء، وتملكين هالة مليئة بالتفاؤل، كملاك هبط من السماء، أنتِ محبوبة وجذابة، كيف يمكن لأي أحد مقاومتك؟»
شعرت بتوتر شديد ووينهو كذلك لذا حاول التهرب من الموقف قائلا:
-«سأزور الحمام لدقائق، لا تغادري»
ثم ركض تحت المطر نحو الحمام القريب وتركها تائهة في كلماته اللطيفة تلك وقالت بهمس:
-«لماذا أنت رائع هكذا؟! شاب مثلك تتمناه كل فتاة، أنت مرح ولطيف ومهذب، والبقاء معك يشعرني بتحسن شديد، حتى لو لم أخبرك بذلك ولو لمرة ولكنني أرى فيك مسكني وملجئي، أحبك وينهو»
بعد تلك الكلمات حملت هاتفها واتصلت بجيسو مجددا ولكن كالعادة لم تحصل على أي رد فقالت بتذمر:
-«سأقتلها حتما، حبيبها أفضل مني ها؟! ليس لدرجة أن تنسى هاتفها صامتا حين تراه، مضت سبع ساعات الآن وهي لا ترد»
انتظرت قليلا حتى عاد وينهو ثم وقف بجانبها وقال:
-«لم أتأخر صحيح؟»
-«لا، كان منظر المطر ممتعا فانهمكت فيه»
-«هل نعود؟»
-«أجل، لنؤجل معرض الكتب ليوم آخر»
أوصلها لباب شقتها وودعها بكلمات بسيطة جدا كالمعتاد بحيث تظاهر أنه لم يقل شيئا أبدا قبل قليل، وبمجرد دخولها ابتسمت واستلقت في سريرها تتذكر كلماته اللطيفة تلك.
بعد مرور نصف ساعة وبعد أن ارتاحت جيدا اتصلت بجيسو مرة أخرى وأيضا لم ترد عليها فقالت:
-«تبا، ستكون آخر مرة، إما أن تتصل هي أو لا شيء»
رمت الهاتف جانبا وجلست تكتب رواية على دفترها وفجأة رن الهاتف، نظرت له بحماس وترقب ولكن تفاجأت أنها ليست جيسو بل والدتها فردت بتململ شديد:
-«طاب مساؤك أمي كيف الحال؟»
قالت الأم بصوت مهتز وحزين ويبدو أنها تخفي غصة شديدة في قلبها:
-«روزي، عزيزتي، أنا حقا آسفة، لكن لا أعلم كيف أخبرك»
-«تخبرينني بماذا؟»
-«الأمر هو...»
-«أمي تكلمي، هل حصلت مشاكل مع والدي مجددا؟»
-«لا أبدا الأمر هو...»
-«معك مرض خبيث ما؟ ارجوكِ لا تقولي ذلك»
-«لااااا يا روزي لا اهدئي»
بدأت روزي تتوتر وتقلق فقالت بحشرجة:
-«هل أصيب والدي أو أختي بأي مكروه؟ رجاءً لا تقولي»
-«لا، الأمر ليس بشأن عائلتنا حتى، إنه بشأن جيسو»
تجمدت روزي مكانها وصارت ترتجف وقالت بحشرجة:
-«ماذا فعلت تلك الغبية؟ هل سببت مشكلة ما؟ فقط أخبريني وسوف أعاتبها بشدة، تلك الغبية، دائما تتعب والدتها، فقط أخبريني ماذا فعلت، صحيح أنها لا ترد على اتصالاتي لكن سأتصل فورا وأعاود الاتصال للمرة المليون، سترد أليس كذلك؟ هي تستطيع أن ترد فهي بخير دون شك»
لم تستطع سماع شيء سوى صوت والدتها وهي تبكي من خلف سماعة الهاتف فقالت:
-«أ أ أمي، ما بك؟ لماذا ت ت ت تبكين؟ ما خطب جيسو؟ لماذا لا ترد ع ع ع على اتصالاتي؟»
حاولت الأم مسح دموعها وقالت بهدوء:
-«عزيزتي، وصلتي للتو الخبر، أحد أصدقائي يعمل مع والدة جيسو، للأسف تم العثور على جثة جيسو ميتة في حادث سيارة رفقة رجل غريب، ونحن الآن ذاهبون للتعزية...هل ننتظرك؟»
فجأة سقط الهاتف من يدها وتجمدت مكانها وصارت تشهق وتزفر بعمق كما لو أنها ستختنق، نظرت من حولها بشرود ثم خرجت تركض في الشارع كالمجنونة دون حذاء والجو ماطر، لم تعرف ما تفعل فقد كانت محطمة للغاية فاكتفت بالركض في كل مكان والبكاء كما لو أنها جنت.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top