(24)

بقلم :نهال عبد الواحد

واستوقفها فجأة صوت مفتاح الباب و غلقه ثم أقدام فتوقفت مكانها دون أن تستدير.

وبالطبع كان مراد الذي دخل وهو يعاتبها بمزحة فقد فهم أنه قد أغضبها: أقول قليلًا أجد الخط يُغلق في وجهي، كيف لك هذا؟!

فالتفتت وهي تقول بغضب: لقد أغضبتني لأني كنت قلقةٌ عليك ورددت عليّ بلا مبالاة.

وجم مراد لايدري من هيئتها أم من طريقة حديثها الذي يجمع بين الغضب والدلال بلهجة جديدة لم يعهدها أبدًا.

أما عن هيئتها فقد إرتدت فستان أزرق بدون أكمام ضيق، قصير لفوق الركبة محددًّا عند الخصر بحزام رفيع أسود وحذاء أسود ذا كعب عالٍ، وضعت القليل من مساحيق التجميل التي بالكاد تحدد ملامحها وتطلق لشعرها العنان مع بعض التمويجة القليلة.

ظل مراد واجمًا يتفحصها من رأسها لأخمص قدميها ربما لأول مرة تراه ينظر نحوها بتلك النظرات العاشقة الممزوجة برغبة.. حتى إنه قد نسى عن أي شيء كانا يتحدثان أو بماذا كان سيجيبها!

نزلت روح درجات السلم فابتسم وتسآل ولازال يتفحصها: هل كنتِ تنوين الذهاب لحفلٍ ما بهيئتك هذه؟!

-  لماذا؟!

- إن المرايا كثيرة بالأعلى ألم تنظري لأيها؟ كم تبدين أنيقة وأكثر روعة!

- كنت أنتظرك على العشاء لكن....
ذلت قدمها فجأة وكادت تسقط من فوق الدرج لولا أن لحقها مراد كعادته وحملها بين ذراعيه.

وقال مضيّقًا عينيه: ليتني أعرف سر عداوتك مع أي سلم، كأنك لاتجيدين الصعود ولا النزول ويلزمكِ حارسٌ خلفك دائمًا! لكن لن أسمح بحارس غيري.

فقالت وهي تعبث بياقة قميصه بدلال: بل أنا التي لن تسمح بحارس غيرك من الأساس.

وكان ينظر إليها بعينيه تكاد تلتهمها شوقًا فاقترب وهمس في أذنها بتلك الطريقة التي تذيبها وقال: اشتقت إليكِ.

فأنزلت بنفسها فجأة وهي تقول: مؤكد فمنذ زمن لم نتناول العشاء معًا، لحظات وكل شيء على مايرام، مجرد أن تغسل يديك.

وأسرعت متجهة نحو المطبخ فتأفف وهو يتابعها بنظره وهي تركض هكذا ثم مسح وجهه وكأنه يتصبب عرقًا فأخذ نفسًا عميقًا ثم أخرجه بهدوء ثم اتجه ليغسل يديه و وجهه.

وبمجرد خروجه كانت قد وضعت العشاء على السفرة وبدأت توقد الشموع الصغيرة وبدأت تنتشر رائحتها العطرة مع رائحة الورد فنظر إليها مبتسمًا ودون أي كلام حرّك الكرسي ليسمح لها بالجلوس أولًا....
ما أجمل هذه التفاصيل الصغيرة! ثم جلس عن قرب لها وبدءا يتناولان العشاء وهو يختلس النظرات نحوها وهي تلمحه بطرف عينيها.

جلس كعادته يحكي لها كيف قضى يومه وهي تشاركه الحديث وذلك يشعرها بأهميتها خاصةً عندما يناقشها ويستمع إلى رأيها حتى ولو لم يأخذ به لكن يكفي ذلك الشعور الرائع.

أخذ نفسًا عميقًا وأهدر بعشق: إن رائحة الورد هذه رائعة للغاية، لا أتصور حياتي كيف كانت بدون ورد.
كان ينظر لها وهو يتحدث ليوحي بأن حديثه يقصد معنى أبعد من الورد.

- إذن شعرت بالفارق و رأيته!

- أجل رأيت وشعرت.
قالها أيضًا بطريقة تشير لشيء غير الورد وكانت روح تفهمه بالطبع منذ اللحظة الأولى لكن ماذا لو مزيدًا من المراوغة؟!

فأهدرت بتوتر وبعض الإرتباك: مراد! كنت أود أن أخبرك بشيءٍ ما!

- قولي!

- لقد قمت بترتيب غرفتك اليوم.

فتنهد بفرغ صبر فجائي قد انتابه وتسآل: لماذا؟! ألم أقل لكِ مرارًا لا تجهدي نفسك! لا تفعلي شيء! كأنك لا تسمعي الكلام وتفعلي ما تريديه! عندما تريدي شيء إطلبيه من الخادمات.

- إلا غرفتك وأشياءك فقد صارت مسئوليتي أنا فقط، أما عن كلامك فأنا لا أملك إلا أن أسمع كلامك وأنفذه بحذافيره.

فتنهد مجددًا وكأنه قد تاه منها وصار فجأة لا يفهم شيء وقال: لا أريد التعب والمشقة لكِ.

فتنهدت تظهر عشقها الذي أخيرًا آمنت به وصدقته وأهدرت بدلال: لا أملك من هو أغلى منك لأتعب من أجله.
فترك الطعام وانتبه إليها خاصةً بعد هذه اللهجة، فأكملت بارتباك مجددًا: لكني أقصد أني رتبت غرفتك... أعدت ترتيبها... حتى أجلب أشيائي وأضعها عندك في غرفتك.

فوجم قليلًا ثم قال بفجأة: غرفتي!

فأومأت برأسها أن نعم وهي تهدر: اممممم!

فاتسعت ابتسامته وتسآل وهو غير مصدق: هل أنت جادة فيما تقوليه؟!

فتنهدت قائلة: امممم!

- هل تقصدين أنك ستشاركيني وتشرّفين غرفتي و... و... فراشي؟!

- اممممم!

فهب واقفًا ثم مد يده نحوها فمدت يدها إليه وسارا قليلًا ثم توقفا فأخرج هاتفه وأدار موسيقى هادئة، ثم أمسك بيدها وقربها إليه، فيد تحتضن خصرها والأخرى تحتضن يدها وتقربها نحو قلبه، نظر بداخل رماديتيها وهما يتراقصان ويتمايلان كأن أجسادهما هي التي تعزف الموسيقى.

فترسل العيون ذهابًا وإيابًا برسائل خاصة بشفرة العيون وكأنهما قد فقدا النطق فجأة ولم تعد سوى رسائل العيون، رسائل شوق وغرام بأنفاس تلهث.

وفاجئته بحركة جريئة فقد سحبت يدها من يده وتعلقت بذراعيها في رقبته ووضعت رأسها على كتفه فضمها إليه وضمته هي الأخرى فيشعر بذراعيها تشتد وتشتد ضاغطة عليه ويشعر بأطراف أناملها تعبث في أطراف شعره من الخلف فتذيبه شوقًا أكثر بين يديها.

ابتعدا قليلًا ونظر لبعضهما البعض ثم اقترب مجددًا وأسند بخده على خدها واستنشق بنفسٍ عميق يملأ رئتيه برائحتها العطرة، شعر كلاً منهما بأنفاس الآخر الحارة في رقبته.

ثم ابتعدا قليلًا بمسافة تتيح لهما أن ينظر كلًا منهما لوجه الآخر لكن لا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات قليلة فتوقف مراد عن المراقصة فجأة فتوقفت هي الأخرى، مسح بيده على شعرها برقة شديدة وهو يجمعه على جانب واحد ثم اقترب بهدوء وانحنى يقبل رقبتها وكتفها برقة شديدة فأغمضت عينها بانسجام ومشاعر أخرى تغزو جسدها، لكنه فاجأها على غفلة بقبلة طويلة على شفتيها.

وبعد مرور بعض الوقت لا يعلمان كم مر من الوقت ابتعدا بأنفاس لاهثة وقبل أن تفتح عينيها المغمضتين كان قد حملها وصعد بها لأعلى وتعلقت هي برقبته وفتح باب الغرفة وأوقد نور الغرفة فاستنشق نفسًا عميقًا فكانت رائحة الغرفة معطرة و الفراش مفروشًا بالورود الحمراء فدخل الغرفة وأغلق الباب خلفه بقدمه.....

وسكت العاشقان عن الكلام المباح وذهبا معًا لعالم خاص لا يعرفه سوى العشاق... فهنيئًا لهما...............

NoonaAbdElWahed

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top