(11)

بقلم : نهال عبد الواحد

زادت شهرة روح وازداد الطلب على كل ما لذ وطاب مما تصنعه أناملها وبدأت تحقق ربحا كبيرًا هي وأخيها حامد الذي لا زال مسئولًا عن توصيل الطلبات وكل التعاملات مع الجمهور والزبائن،
صارت تجمعه بعض الصداقات بينه وبين بعضهم خاصة ممن يطلب مرارًا.

وهكذا مر العام الأول على إنشاء تلك الصفحة وذلك المشروع الرابح الذي غيّر حياتهم سواء ماديًا أو معنويًا خاصةً بالنسبة إلى روح فقد صار هناك ما يشغلها، تفني فيه وقتها، تثبت فيه جدارتها وصار بالفعل موضوع نادر هذا صفحة قد قُطعت ورُميت في صندوق القمامة.

وذات يوم ذهب حامد بطلب لأحدهم ممن جمعت بينهما صداقة إلى حدٍ ما، وصل للعنوان المطلوب إذ وجده ينادي عليه من سيارته وكان يعتاد أن يقابله في أي مكان في الطريق ويمر عليه بسيارته فهو يعلم كم يلف نادر طوال اليوم في توزيع الطلبات وكان أحيانًا يركب معه في سيارته ويقوم بتوصيله أو يقفان يتحدثان، فقد صار لحامد سيارته التي يتحرّك بها طوال اليوم في توصيل الطلبات.

توقف حامد والتفت ناحيته فنزل من السيارة شابًا ثلاثينيًا أنيقًا للغاية متوسط القامة وتبدو عليه الوسامة، له شعر قصير وذقن خفيف أو ربما بسبب لونها الفاتح هي وشعره فيعطي ذلك الإيحاء بقلة كثافتهما، ولون عينيه التي تشعر وكأنها ملونة لكن هي بني فاتح، فاتجه نحوه حامد يصافحه بحرارة.

- مرحبًا! هيا اصعد معي في المكتب فأنا أريدك في أمر ضروري.

فتبعه حامد وهو يردف: حسنًا!

وصعدا معًا بالفعل بالمصعد حتى وصلا لمكتب فدخل الشاب أولًا ثم هم حامد أن يتبعه فلمح لافتة صغيرة جوار الباب مكتوب عليها  (مراد عزمي مخرج برامج)  ثم دخل خلفه حامد وكان يبدو أنه ليس موعد العمل لأن المكتب لايزال فارغًا، وجلس الاثنان.

فتسآل حامد بدهشة: معذرةً في سؤالي! هل أنت مخرج فعلًا؟!

فأومأ مراد أن نعم قائلًا بابتسامة: أجل! مخرج برامج تلفزيونية ومؤلف روايات، ألم أخبرك من قبل؟!

- حقيقةً لا، لكنه شرف كبير وفرصة سعيدة.

- أنا أسعد، المهم كنت أريدك في أمر هام.

- تفضل.

- مطبخ روح الفؤاد.

- أجل! ماذا بها؟ رغم أن الصفحة اسمها مطبخ روح.

- مطبخ روح الفؤاد هي فكرة برنامج جديدة أريد إخراجه وإنتاجه، برنامج للطبخ.

- هل أنت تستأذن لتستخدم الإسم؟

- ليس الإسم فحسب، إني أطمع أن الجبّارة التي تصنع كل تلك الأصناف هي من تقدمه، وإحساسي يبشرني بنجاح البرنامج فعدد المتابعين لديكم سيفيد كثيرًا في ارتفاع المشاهدات ونجاح البرنامج، فالجميع لديهم فضول وأنا أولهم نود معرفة كيف تصنع روائع الطبخ تلك، وهذا غير الفضول في التعرف عليها شخصيًا.

فأومأ حامد بإعجاب ثم تابع: حسنًا! لكن برامج الطبخ كثيرة على الساحة كما أن هناك قنوات كاملة للطبخ.

فتابع مراد بعملية: أجل! وهناك الكثير ممن يستفاد بحق من تلك البرامج، لكن أكلكم هذا يحمل نكهة مصرية أصيلة ستعيد إلينا المطبخ المصري الجميل وتلك المرأة المصرية التي تطبخ بحب وبحالة مزاجية هادئة وليس مجرد امرأة تعيش على السوشي والأطعمة السريعة وكل ما شابهها، فما أجمل ذلك الأكل الشهي! بعض الملوخية، فتة كوارع، قطعة موزة، طاجن عكاوي،.......

فضحك حامد وقال: كأنك جائع! لكن مثل تلك الأطعمة لا يُقبل عليها الكثير، كأنك تحب تلك الأصناف؟!

فضحك مراد هو الآخر: هل تراني أجنبيًا؟! كنت أعتاد على أكل مثل تلك الأصناف من يد أمي -رحمها الله- ومنذ وفاتها ولم أجد من يحسن صنعها كما أحببتها بمذاق يد أمي، لكن أكلكم بالنسبة لي هو حالة خاصة لقد وجدت فيه بحق مذاق يد أمي، أعلم أنك ستقول أنها تصنع الكثير من الأصناف الحديثة وبشكلٍ متقن ورائع، لكني أتحدث عن أصل ما أود تقديمه بالبرنامج، أجواء مصرية للغاية.

فتنهد حامد بيأس ثم قال: لكني لا أعتقد أنها ستوافق أبدًا.

فاتسعت عينا مراد بدهشة وتسآل: لماذا؟! كأني أقول أني سأعطيها دور في فيلم! إنها ستطبخ عادي مثلما تطبخ في مطبخها ولن نختلف على أي شيء.

- وبمناسبة الأجواء المصرية، يمكنك جعل الديكور الخاص بالبرنامج وأدوات المطبخ مصرية للغاية أيضًا.

- هيا أسمِعني واشجيني بأفكارك النيرة! صحيح، ما نوع تعليمك من أين تخرجت؟

- تعليم عالي، تخرجت من كلية الإعلام.

- لا والله! إذن تلك فرصتك لتصبح معدًا للبرامج، ستصنع ملفا بأفكارك حول البرنامج وكل ما يخصه من أفكار للديكور والحلقات وبما يناسب طبعًا مقدمة البرنامج التي تعرفها أكثر مني.

فقال حامد مترددًا: لكن......

فتابع مراد بالحاح: أرجوك! حاول اقناعها فهي مؤكد تحبك وستقتنع، دللها يا حامد وخذها على قدر عقلها، هكذا تعامل النساء فهن عاشقات لتلك الطرق وستصنع لك ماتريد بمنتهى السهولة.

فضحك حامد وقال: لكنها أختي أنا لست متزوجًا.

فضحك مراد هو الآخر وقال: المهم أن تقنعها، أرجوك!

فرفع حامد كتفيه بقلة حيلة وتابع: سأحاول.

فتسآل مراد بلهفة: هه! ماذا أحضرت لي اليوم؟!

فضحك حامد وقال: أنت الزبون الوحيد الذي تقول أكلوني على هواكم كما تريدون!

- لم أعد مجرد زبونًا بل صديقًا، ثم إني قد وثقت فيما تقدموه إذن فلِمَ أحدد الأصناف؟! إني حتى أعتقد أنها إن صنعت بيديها سندويتش من الجبن والطماطم سيكون له مذاقًا خاصًا.

فهمس حامد في نفسه: إن سَمِعتك لعلّقت رقبتك على باب زويلة!

فضيق مراد عينيه وتسآل: ماذا قُلت؟

فانتبه حامد إليه وقال مترددًا: هه! لا شيء، أقصد أنها لم تصل لسندويتش جبن بالطماطم، هذه مجموعة من المحشيات ومعها استيك لحم محمّر بالبصل.

فأهدر باعجاب: رائع! المهم أن يكون هناك ورق عنب معه، فورق العنب من يديها له مذاق لا يقاوم.

فهمس مجددًا: أرى رقبتك تتدلى الآن، ثم قال: اطمئن هناك طبق كامل مخصوص هدية لك فأنت لست بزبونٍ عادي.

فأجاب مراد بامتنان: أشكرك بشدة، وتسلم يديها، وأرجوك حاول اقناعها! ولا تنسى ملفًا بأفكارك، واطمئن ليس له علاقة بمدى قبولها للبرنامج.

سلم حامد عليه وغادر وهو يفكر والفكرة تلمع برأسه أكثر و أكثر، وصل للبيت في المساء حاملًا الكثير من المشتروات و وجد أخته متمددة على الأريكة وتتأوه: آه! آه! وارجلااه التي فُرمت! واخصراه الذي انقسم! واظهراه الذي انكسر! آه يا كُلي! وا أبتاه! واأماه!

فدخل حامد ويضع ما يحمله علي السفرة ويضحك بشدة ثم جلس وقال: ما هذا؟! ما مقطوعة الآهات والأوجاع هذه؟! ما الذي فعل بك ذلك؟

- عقب الإنتهاء من كل شيء وقفت ونظّفت المطبخ بالكامل، آه! وقد هلكت، هيا انهض وكبّس ودلك ظهري! هيا تعالي!

- ولماذا تهلكين نفسك هكذا؟! عندما تريدي التنظيف أخبريني وسأرسل لك من تنظف.

- لا أجيد الإمارة على الخلق، اخبط هنا، نعم تمام، كم أتمنى أن أذهب لمكان ما وأستلقي هكذا وأجد من يدلك هكذا، هيا اتقن ولا تتوقف!

- آه منك ياروح ومن جبروتك! ولِمَ لا أختي؟! حددي متى تريدين الذهاب وأنا سأذهب بك.

- كأنك قد صدقّت!

- هل من تذهبن بأحسن منك؟!
ثم جلس بجوارها و قال بتردد: روح! أريدك في أمر ما، أمر ضروري.

فاعتدلت تتأهب للإستماع له......................

NoonaAbdElWahed

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top