الفصل التاسع

9- حطـــام امــــرأة

لم تترك مارشا المكتب إلا بعد أن ساد الظلام تقريباً .
وكان الجو دافئاً رطباً ، وزحمة السير قد خفت منذ وقت طويل .
كانت مستنزفة القوى ، وكان عليها أن تعود إلى مكتبها باكراُ غداً
ويوم الأحد . لكن لم يكن لديها مانع فهي تفضل أن تفعل شيئاً يمنعها
من التفكير بتايلور .
قررت ، رغم تعبها ، أن تعود إلى البيت سيراً .
وعندما وصلت إلى غرفتها كان الظلام سائداً فأشعلت النور قرب السرير
عازمة على الاستحمام وتناول فنجان شاي قبل الخلود إلى النوم .
شعورها بالغثيان منذ مواجهتها تايلور منعها من أكل السلطة والشطائر
التي أحضرتها بيكي بعد الظهر .
فأدركت أن عليها أن تأكل شيئاً وهكذا أرغمت نفسها على أكل شريحتين
من الخبز مع الشاي وعند آخر لقمة رنّ جرس الهاتف الداخلي من عند الباب الخارجي .
قفز قلبها فأسرعت كالمجنونة . تايلور وحده يأتي في هذا الوقت .
وقالت بصوت هادئ :
- من هناك؟
- أنا تايلور . اسمعي يا مارشا ... سوزان في المستشفى ..لقد حاولت ..
وساد فترة صمت قال بعدها : ( حاولت أن تنتحر الليلة )
- ماذا ؟
- عثر عليها ديل . إنه معها الآن .. لكنها حزينة وتطلب أن تراك ..هل يمكنك ..؟
- سأنزل في الحال.
غيرت ملابسها بسرعة ثم تناولت حقيبتا ونزلت إلى الطابق الأسفل
حتى دون أن تسرح شعرها . عندما فتحت باب المبنى كان تايلور
واقفاً ينتظرها في الأسفل بوجه شاحب متجهم.
أرادت أن تحيطة بذراعيها ، ولكن كل شيء في مظهره حذرها
من أن تفعل ذلك. وأدركت أنه مهما حدث لسوزان ،
فلم يتغير شيئاً بالنسبة إليهما .
عندما سارا نحو سيارته ، قال : ( أنا أسف . هل أيقظتك من النوم؟)
كان صوته رسمياً بشكل فظيع فأجابت : ( لا . وصلت لتوي من العمل )
أومأ وتقدم يفتح لها باب السيارة ، فصعدت . وأغلق الباب خلفها
ثم دار حول السيارة ليصعد إلى مكانه، وكانت تنظر إليه وقلبها يخفق .
كان يبدو مريضاً شاحباُ .
عندما جلس تايلور بجانبها قالت : ( لا بد أن هناك خطأ ما .
سوزان لا يمكن أن تحاول الأنتحار ) .
تابع السير وعندا وصلا إلى الشارع العام قال بفتور :
- مان ديل سيذهب إلى المانيا لكنه في المطار أدرك أنه نسي ملفاُ
هاماً في البيت . حاول أن يتصل بسوزان ، ولكنه بعد فترة أدرك أنها إما
تتحدث على الهاتف فترة طويلة وإما أن السماعة في غير مكانها .
لكنه لا يستطيع أن يسافر دون الملف . فتدبر أمر السفر فجر الغد ثم تناول وجبة
طعام وكوب قهوة قبل أن يذهب إلى بيته.
حيث وجدها ممدة على السرير وبجانبها علبة حبوب فارغة.
- ولكن لماذا؟ هل يعلم زوجها لماذا؟
- يبدو أن الأمور لم تكن جيدة بينهما منذ سنتين .
كانا يحاولان إنجاب الأطفال منذ زواجهما دون فائدة.
قال ديل إن هوس إنجاب طفل تملك سوزان .
وهذا كان كل ما يهمهما . فأنشأ علاقة غرامية مع سكرتيرته .
عرفت سوزان ذلك بشكل ما ، كنت سأقتله يا مارشا .
أقسم أنني كنت سأشنقه بجانب سريرها لو إنه لم يبدُ لي كميت عاد إلى الحياة.
- آه ، يا تايلور !
لم تعرف ما تقول ، لماذا لم تخبرها سوزان؟
ولكن لماذا عليها أن تفعل ذلك؟
كما أجابت نفسها . ليس من شأنها ما يجري بين سوزان وديل .
- قال إنه كان يحاول أن يتصالح معها منذ ذلك الحين.
لكن الأمور كانت سيئة، أظن بيتها الجديد وإسرافها وبقية الأمور كانت تعزية
لها عن عدم الإنجاب ، وكانت على وشك أن تتقبل الأمر ، ولكن
عندما أقام علاقة أدركت أنها لم تعد تملك شيئاً .
كان يقبض على عجلة القيادة بقوة بالغة وقد أسودّ وجهه من الغضب الذي
كان يحاول السيطرة عليه .
سألته فتور : ( ولكن هل ستكون على ما يرام؟)
فأومأ : ( لقد أجري لها غسيل معدة ، وكانت غائبة عن الوعي معظم الوقت.
ولكن ما إن استيقظت وأدركت أنها لم تنجح في ما حاولت عمله،
أخذت تسأل عنك ، لم تشأ أن تتحدث إليّ أو إلى ديل ، وتملكتها
نوبة عصبية فقلت لها إنني سأحضرك إليها ) .
هل تركت رسالة أو ما شابه ؟
- لا أظن ديل لاحظ شيئاً لأنه ما إن رآها حتى ذعر وسارع إلى
الأتصال بالأسعاف ثم بي .
كنت في حفلة في ( سيفينول ) فذهبت على افور إلى المستشفى . أظن ديل
سيعلم من سوزان إذا تركت رسالة في مكان ما .
( سيفينول) ! لدى بينيلوب بيت في ( سيفينول ) .
لم تشأ مارشا أن تطيل التفكير في الأمر . لديها أشياء أهم الآن .
- أتعرف لماذا تريد سوزان أن تتحدث معي ؟
سألته بحذر فهي لم تر سوزان إلا هذا الصباح .
لكنها لا تستطيع أن تكشف ذلك لتايلور .
- بالكاد هي صاحية .. ياللطفلة المسكينة!
تابعا الرحلة بصمت، ولم تشعر مارشا قط من قبل بمثل هذه المرارة
التي شعرت بها الآن لأنها لم تعد تعيش مع تايلور . تلهفت إلى التخفيف عنه.
لكنها خسرت الحق في ذلك إلى الأبد.
كان على حق في كل ما قاله بعد أن وجدها مرة أخرى .
كان عليها أن تبقى في البيت مدة كافية. . .
بعد أن عاد من المانيا بعد تلك العطلة الأسبوعية التعيسة.
وكان عليها ألا تعد سوزان بأن لا تكشف أمر من أخبرها عن تانيا.
لقد اتهمت تايلور بالخيانة ثم رفضت أن تصغي إلى أي توضيح منه لأنها صدقت على الفور أنه مذنب.
وتكون الندم غصة في حلقها .
عندما وصلا إلى باحة المستشفى كانت التعاسة تتملكها .
وعندما ساعدها على النزول من السيارة كانت تصرفاته جافة.
أرادت أن تصرخ وتنوح وتكشف عن حزنها لكن هذا ليس وقته الآن.
فلجأت إلى الصبر الذي كان ملاذها خلال طفولتها الصعبة وسنوات مراهقتها ومابعدها.
عندما دخلا إلى المستشفى سارت بجانب تايلور رافعة ارأس محطمة القلب.
يمكنها أن تبكي لأجل ما كان يمكن أن يكون حين تصبح وحدها.
أما الآن فعليها أن تتصرف بكرامة ، على الأقل.
عندما وصلا إلى غرفة سوزان ، طرق تايلور الباب مرة ثم فتح الباب لتدخل مارشا.
وكان ديل جالساً بجانب السرير فرأت على الفور أن تايلور لم يبالغ في وصف مظهرة.
لكن كل عطفها كان موجهاً إلى ذلك القوام النحيل الممد على سرير المستشفى.
والذي لا يكاد يبدو تحت الأغطية . وكانت عيناها مغمضتين ، ولكن عندما تكلم تايلور
قائلاً : ( هل قالت شيئاً ؟) فتحت عينيها.
عندما هز ديل رأسه ، قالت سوزان بضعف : ( مارشا ! آه ، مارشا!)
وأخذت دموعها تتدفق على خديها الشاحبين.
رأت مارشا ديل ينهض ويخرج من الغرفة.
والباب يغلق خلف الرجلين برفق.
ولكن عندما أخذت الجسد البالغ النحول بين ذراعيها هوتها شهقات سوزان.
فجلست على حافة الفراش برفق وهي تطمئن سوزان بحنان وتؤاسيها.
مضى وقت طويل قبل أن تهدأ عاصفة البكاء وأخذت مارشا تمسح وجه سوزان وهي
تقول : ( هذا أحسن الآن )
عندما ابتسمت للوجه المأساوي أدهشتها سوزان بالقبض على تقول
بصوت قانط منخفض : ( مارشا .. أنا قمت بعمل لا يغتفر ،
تركت بعض الرسائل قبل أن ..ديل لم يرها ، لكنه سيراها عندما يعود إلى البيت ).
- مهما كان الأمر يا سوزان ، ما كان ذلك سئياً إلى حد تفعلين معه هذا بنفسك.
- بل هو كذلك.
وحدقت إليها سوزان بعينين منتفختين : ( كم أشعر بالخجل من نفسي !
ياليتهم تركوني أموت!)

وتدفقت من عينيها دموع جديدة . ومن مكان ما ، ومض في ذهن مارشا نور الأدراك
فبللت شفتيها التين جفتا فجأة ، وقالت : ( أنت لفقت الحكاية عن تانيا)
اهتز جسم سوزان ، وهمست : ( هل عرفت ذلك؟)
- هذه اللحظة فقط.
- إنه ...إنه لم يفعل شيئاً قط ، لا مع تانيا ولا مع غيرها.
كانت سوزان تمسكها بعنف . وشعرت لحظة وكأنها ستختنق ،
وبذلت جهداً هائلاً ، لتقول : ( لماذا فعلت ذلك؟)
- لا أدري في الحقيقية ، أظنني كنت حينذاك مجنونة نوعاً ما ، لكن ذلك
ليس عذراً . أعرف هذا . ديل ..كان على علاقة مع سكرتيرته..
- أعرف هذا ، فقد أخبرني تايلور هذا المساء.
- أحقاً ، هذا جعلني أشعر ..بأنني لا شيء ..
بل أقل من لا شيء. لم أستطع أن أنجب طفلاً وزوجي يحب امرأة أخرى ..
لم يبق سوى تايلور في حياتي يحبني . وهذا ما شعرت به ،
ولكن بعد أن أصبحت أنت حبيبته لم أعد في حياته ذات أهمية
كما اعتدت . كل شيء تغير .
- سوزان . دوماً كان تايلور يحبك فأن أخته ..لحمه ودمه .
- لكنك ستنجبين له أطفالاً ...أولاداً وأحفاداً . وهذا يجعلني وحيده منبوذة.
- ما كان هذا سيحدث أبداً .
وحدقت مارشا في عينيها المليئتين بالتعاسة اللتين بدتا كبيرتين للغاية في وجهها الفاتن الصغير.
- عرفت ذلك فيما بعد . عرفته حالما هجرت أن تايلور ، لكن
الأوان كان قد فات حينذاك . لم أستطع أن أعترف بما فعلته .
كان يأتي لإليّ ليراني ويثور على ذلك الذي أخبرك بتلك الأكاذيب .
ويتوعده بأفظع الأمور حين يعرفه . لن يسامحني أبداً يا مارشا . سيكرهني الآن .
نظرت إليها مارشا ممزقة بين الشفقة والغضب والألم والندم ومئات من المشاعر الأخرى .
وقالت : ( لا يمكن أن يكرهك تايلور أبداً يا سوزان)
- بلى ! منذ اللحظة التي عرفك فيها ، عشق الأرض التي تسيرين عليها ،
وحتى قبل أن أعرفك شعرت بغيرة بالغة منك.
ولكن... حسنا ، كنت أنت رقيقة وبالغة اللطف وانسجمنا جيداً معاً ...ثم ، عرفت بأمر ديل ..
و .. وشعرت أن ذلك لا بد ذنبي لأنه رغب في امرأة أخرى،
وأنني لست جميلة أو جيدة بما يكفي .
أخذت علاجاً من الطبيب فلم ينفع ، لم أستطع أن أنام أو آكل .
أخذت أستيقظ في منتصف الليل وديل نائم ، فأسير في الأنحاء
بين بيوت الجيران وأنا أتساءل كيف تستطيع كل النساء أن يحتفظن بأزواجهن بخلافي أنا.
مدت مارشا يدها تزيح خصلة شعر عن جبين سوزان وهي تقول برقة : ( لماذا لم تخبري أحداً؟
إن لم يكن أنا ، تايلور؟)
- كان تايلور سيميته ضرباً ثم هناك عمله . سيصبح من الصعب على ديل أن يواصل عمله
مع تايلور فأين ستصبح حينذاك؟
لكن السبب الرئيسي هو....
وخفضت سوزان بصرها وهي تهمس : ( شعرت بذل بالغ وبالعار ،
لرغبة ديل في امرأة أخرى ، وأنني لم أستطع أن أنجب طفلاً ..لم..
لم أشعر بأنني امرأة يا مارشا ..فأنا مرد شيء ، شيء بشع بدين ممل)
فكرت مارشا بأن هذا ما جعل سوزان تتحمس لممارسة الرياضة واتباع حمية للنحافة ،
بعد زواجهما ، هي وتايلور ، بوقت قصير .
فقالت لها بلطف : ( كان عليك أن تخبريني )
- ما كنت ماهرة قط في الإفضاء للغير بمشاعري في حينها .
لم تكن حالة أمي حينذاك تسمح بوقت لشيء مثل تبادل الحديث أو مناقشة أي مشكلة .
لا أتذكر أنها احتضنتني وقبلتني طوال حياتها .
وطبعاً لم يكن أبي معنا إلا نادراً.
- آه ، سوزان .

كانت عينا مارشا جافتين لكنها تبكي في داخلها .
تبكي للطفلة الصغيرة المرتبكة الخائفة المتألمة المحبوسة في جسم سوزان.
ولديل الذي تزوجته ، ولتايلور ، ولنفسها . لقد قادت الغيرة سوزان في طريق موحش
ملتو دمرهم جميعاً.
تمسكت بها سوزان مرة أخرى ، وكيانها كله يتسؤل منها الغفران
( لقد أخبرت تايلور كل شي في الرسالة التي تركتها له.
وهناك واحدة لك وأخرى لديل أيضاً . وقد أوضحت أمر الرسالة التي كان تايلور قد
أرسلها إليك بعد رحيلك عن بيته) .
- هل أخذتها أنت ؟
- أخبرني عما سيفعل . وهكذا في الصباح التالي لإرساله الرسالة .
أخبرت ديل بأنني سأخرج لممارسة الرياضة باكرأ ، ثم بقيت أهرول
حول النزل الذي تقيمين فيه وعندما رأيت ساعي البريد هرولت نحوه وتظاهرت بأنني أسكن هناك.
وسألته أن كان هناك شيء باسم السيدة كين فناولني الرسالة .
كان الأمر بسيطاً تماماً . غريب كميسهل خداع الناس الطيبين !
- وأنت أجريت الحجز في المانيا طبعاً .
- كنت أعرف الفندق لأن تايلور اعتاد النزول فيه كل عام حين يذهب لحضور المؤتمر .
فكان الأمر لا يعدو اتصالاً هاتفيها لتغيير الغرفتين المنفصلتين
كانت تانيا قد حجزتهما ، إلى غرفة مزدوجه .
- أنتظرت سفرهما لتأتي إلي وتخبرني .
- لا يمكنني أن أصدق الآن كل ما فعلته . حقاُ لا أستطيع .
كنت وكأنني أحاول أن أثبت لنفسي أنني لست غبيه تافهة بأي شكل .
عندما حصلت على الرسالة ذلك اليوم . ذهبت إلى النادي الرياضي بعد الظهر
وتمرنت ساعات من فيض الإثارة.
- هل ما زالت الرسالة لديك ؟
فهزت سوزان رأسها : ( خفت أن يعثر عليها ديل .
إنه يظن أن علاقته مع سكرتيرته هي التي باعدت بيننا طوال السنتين الماضيتين لكن الأمر
لم يكن كذلك ، كيف كنت سأخبره بما فعلته نحوك ونحو تايلور ؟
كان حتماًُ سيحتقرني )
- أما زلت تحبينه ؟
سألتها بهدوء . لم تستطع أن تصنف مشاعرها فقد كانت مضطربة مشتته.
لكن محاولة سوزان للانتحار كانت في المقدمة من الأهمية .
ما قامت به سوزان مرة ، يمكنها أن تقوم به مرة أخرى .
ومع أن الطبيب يمكنه أن يساعدها على المدى الطويل ، إلا أنها بحاجة إلى العطف والحنان .
والمسامحة الآن قبل كل شيء ، ولا ينفعأحداً إظهار العنف والغضب.
وأجابت سوزان وشفتيها ترتجفان : ( نعم ، أحبه ، وأنا متفهمة سبب خيانته .
لقد أبعدته عني بعد يأسي من الأنجاب ، ناسية أن للرجل حاجاته ورغباته.
بعد أن فصلتك عن زوجك كنت أتوقع أن يهجرني ديل في أي وقت.
وحتماً لديه سبب وجيه لهذا ، لكنه لم يفعل فقد كان يلوم نفسه لعلاقته تلك.
وكنت أنا ألوم نفسي لما فعلته بك وبتايلور ..)
تلاشى صوتها وهزت رأسها : ( أتظنين أن بإمكانك أن تصفحي عني يوماً ما؟
أنا أعرف أنه لا يمكنك ذلك حالياً . لكن أتظنين أن هذا سيحدث فيما بعد؟)
- أنا أسامحك الآن .
وكيف يمكنها أن تفعل شيئاً أخر بالنسبة إلى ذلك الجسد الذي يشبة هيكلاً عظمياً وهاتين العينين المعذبتين أمامها ؟
مهما كان ما عملته سوزان ، فقد تقدمت إليها مارشا تحضنها مرة أخرى : ( أنا أعني ذلك يا ( سو) .
أنا أسامحك ، ولكن عليك أن تعديني بأن تعالجي نفسك).
تصلب الجسد النحيل لحظة ، ثم استرخت سوزان وهمست :
( أتعنين علاجاً نفسياً أو ما شابه ؟)
- إذا تحدثت إلى الأطباء هنا، سيتمكنون من إرشادك إلى الشخص المناسب .
أنا واثقة . هل تعدينني بأن تفعلي ذلك؟
- أعدك . وكل شيء سيكون على ما يرام بينكما أنت وتايلور الآن.
أليس كذلك؟ بعد أن عرفتما الحقيقية ، هل ستعودان كما كنتما من قبل ؟)
قالت سوزان هذا متوسلة بصوت مختنق .
كانت سوزان لا تزال طفلة في داخلها ، طنت أن كل ما عليها فعله لإصلاح الأمر بينهما
هو أن تعترف ، وبذلك تمحو العام والنصف الماضيين.
لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة . فقد حدث بينهما دمار
من المتعذر إصلاحة . كما أوضح تايلور هذا النهار .
وفي الواقع ،لم يعد يهم الآن من هو الذي نطق بتلك الأكاذيب عن تانيا .
فما يهم هو أنها لم تمنح تايلور ثقتها وهو أدرك ذلك .
فإا كان مع بينيلوب الليلة ، من سيلومه ؟
كانت سوزان ما تزال تحدق فيها فقالت بإبتسامة مرغمة : ( ستسير الأمور على ما يرام.
يا سوزان، أما بالنسبة إلى الآن ، فعليك أن تركزي على شفائك ،
أسمعي ، أنا سأذهب الآن ، لكنني أظن أن عليك أن تخبري ديل وتايلور بالأمر بنفسك)
تشبثت بها سوزان بقوة مدهشة : ( ليس لتايلور . يمكنني أن أخبر دبل ،
لكنني لا أستطيع أن أنظر إلى وجه تايلور . لا أستطيع )
- أظنك مدينة له بهذا .
- سأخبر ديل أولا ، وربما بعد ذلك يبقى معي ونخبر تايلور معاً.
قالت هذا بعد تفكير قصير .
أومأت مارشا وهي تقف : ( سأرسل إليك ديل إذن)
- نعم رجاء.
كان تايلور وديل جالسين في غرفة الجلوس الصغيرة على بعد عدة
أمتار ، وعندما دخلت مارشا أحست أن الجو بينهما مشحون للغاية .
كان واضحاً أن تايلور أفضى له بعده أمور في ذهنة ، وعندما أخبرت ديل
بأن سوزان تريد أن تراه ، لم يستطع أن ينهض عن كرسية بالسرعة الكافية .
وقالت مارشا لتايلور بهدوء : ( هل تمانع إذا أنا جلست لحظة؟)
كان في عيني تايلور لمعان بارد وهو ينظر إليها ويشير بيده أن تجلس
على الكرسي الذي كان قد أخلاه صهرة تلك اللحظة.
وشعرت هي بأنها إذا لم تجلس ستسقط على الأرض .
كانت تعلم أنها لم تستوعب بعد..أن سوزان كانت ستنهي حياتها بانب أعترافها المحّير...
لكن الهدوء الغريب وتمالك النفس اللذين بديا منها عندما تكلمت مع سوزان كانا يفارقانها الآن...
وربما كان هذا من تأثير الصدمة ، لكنه على الأقل ساعدها في عدم قول شيء تندم عليه فيما بعد.
- كيف حالها ؟
لم يكن صوت تايلور أكثر دفئاً من عينيه .
- أفضل حالاً .
- أتريدين كوب قهوة؟
كانا يتكلمان وكأنهما غريبان . و آلمها هذا : ( لا ، شكراً ، علي أن أعود إلى البيت )
- أنا سأخذك .
وعندما أراد أن ينهض ، قالت له بسرعة : ( لا ، لا حاجة لذلك حقاً .
قالت سوزان بأنها ستتحدث إليك بعد قليل وعليك أن تكون هنا .
يمكنني أن أستقل سيارة أجرة )
- كما تشائين .
لاحظت أنه لم يعد يهتم بها حقاً ، والألم الذي تملكها محا ما تبقى
لها من هدوء . لقد بدأ بداية جديدة أقل خسارة ، وانتقل ذهنياً إلى امرأة أخرى.
بماذا سيشعر عندما تعترف له سوزان بأنها هي سبب تعقد حياتها الهائل؟
سيصفح عن أخته . لا يمكن له أن يعاقب ذلك المخلوق المثير للشفقه !
ولكن هل سيعجبه ولاؤها هي لأخته؟
أم العكس ؟ إنها حقاً لا تدري.
- تايلور ، هناك في المكتب لم أكن أعني أبداً أنك تغش أو تخدع أحداً .
لم أظن ذلك مطلقاً.
كان عليها أن تستغل آخر فرصة لها معه لكي تجعله يدرك مبلغ أسفها : ( كنت مضطربه
ومشوشه وخطئة في كل شيء ، بشكل هائل .....أعلم هذا ولكن)
فقاطعها بهدوء عابس : ( عفواً إذا كنت مخطئاً ولكن ما هي الخيانة الزوجية إن لم تكن خداعاً كاملاً؟)
حدقت إليه متلهفة إلى كلمات تشرح شعورها حينذاك .
لقد اتهمها بأن حبها له غير كاف لكن حقيقة الأمر هي أنها أحبته أمثر مما ينبغي .
- لقد عنيت ما قلته عصر هذا اليوم عن أنني صدقتك.
قالت هذا أخيراً ، راجية أن يتذكر أنها صدقته قبل أن تعترف لها سوزان بما فعلت .
فقال متوتراً : ( مارشا ، كفى ،رجاء )
- ولكن عليك أن تصغي إليّ .
- لماذا ؟ لماذا عليّ أن أصغي إليك؟
وخبط بقبضته على الطاولة أمامه ما جعلها تقفز ثم سأل وعيناه
تتألقان : ( أنت لم تصغي إلي قط . كيف تظنينني آتي إليك إذا كنت ألمس
امرأة أخرى ؟ فضلت أن تصدقي كلام شخص آخر ثم رفضت حتى أن تخبريني بأسمه)
- هناك سبب وجيه لهذا .
تابع كلامه وكأنها لم تتكلم : ( أنا لا أصدق أنك لم تتلقي رسالتي يا مارشا ،
ولا >اري إن كنت مزقتها دون أن تقرأيها . وهذا أكثر من محتمل بالنسبة
إلى حالتك حينذاك كما أظن ، وهذا يفسر لماذا لم تتصلي بي .
على كل حال ، أصبح ذلك الآن من الماضي ، وقد سئمت من كل هذا )
ومنها هي ! السأم منها ...يتملكه ، هذا ما يعنيه . فوقفت شاحبة الوجه : ( الأفضل أن أذهب )
ومن خلال أسنانه المطبقة قال : ( نعم ، الأفضل أن تذهبي )
لا تدعني يا الله أسقط ! علي الخروج من هنا ومن حياته بشيء من الكرامة .
وصلت إلى الباب وابتدأت تفتحه حين قال : ( مارشا ) .
- نعم ؟
والتفتت إليه ويدها على الباب .
- شكراً لقدومك لرؤية سوزان الليلة .
أومأت برأسها قبل أن تخرج وتغلق الباب خلفها بعناية .
كان صوته فاتراً ، قد تلاشى منه كل غضبه الملتهب .
ولأمر ما أقنعها ذلك أكثر من كل شيء آخر بأنه حقاًُ غسل يديه منها .
عندما صعدت إلى التاكسي وقال صوت مرح : ( مرحباً بك ، ها أنت مرة أخرى . هل تذكرتني يا عزيزتي ؟)
كادت تتأوه بصوت مرتفع . لكنها ، بدلاَ من ذلك ، حاولت أتبدو مسرورة : ( نعم أتذكرك )
- لقد أوصلتك هذا الصباح .
- نعم ، أتذكر هذا .
- لا تبدين أقل ضعفاً وشحوباً منك عند الصباح إذا لم يكن لديك مانع في قولي هذا.
بل لديها مانع ، ومانع كبير ! ولكن ليس ذنب هذا الرجل المسكين أن
عالمها تناثر حولها حطاماً : ( لدي صداع)
- آه ، نعم ؟ زوجتي لديها صداع دوماً .
- أحقاًً .
ياليت يخرس ! يا ليته ... ياليته يخرس !
- لكنها زوجة جيدة وأنا لن أغيرها . لدينا ستة أولاد .
هل لديك أطفال ؟
- لا .
- متزوجة .
- تقريباً ...سأحصل على الطلاق قريباً . في الواقع .
ولم تعرف لماذا قالت له ذلك .
وهز رأسه : ( آه ، نعم ؟ أنت أصغر من أن تتحملي هذه المعاناة . ولا بد أنه أحمق ليدع فتاة لطيفة
مثلك تفلت منه )
- الطلاق هو ذنبي أنا في الواقع .
- أهكذا ؟ لكنك لا تريدين الطلاق ؟
أجفلت ورأت عينيه في المرآة : ( من قال هذا ؟)
فقال ضاحكاً : ( أنا . إننا نتعلم كثيراً عن الطبيعة البشرية في قيادتنا سيارة الأجرة )
لم تقل شيئاً ، راجيه أن يفهم بالإشارة .
وفهم ، إلى أن خرجت وتقدمت إليه لتدفع الأجرة .
شكراً عزيزتي .
لم تعطة أجراً سخياً هذه المرة ، لكنه لم يهتم : ( واسمعي ، إذا كنت لا تريدين ذلك الطلاق ،
أخبرية بذلك ، سيري إليه وأخبريه مباشرة .
لن تصبح الأمور أسوأ مما هي الآن . أليس كذلك؟ فماذا تخسرين عدا شيء من الكبرياء ؟)
ابتسمت بحرارة صادقة : ( شكراً )
- هل ستتبعين نصيحتي ؟
- ربما .
- في المرة القادمة عندما تركبين معي سأسألك .
**********************

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top