مصيدة عيد الميلاد ...


شيئ ما يتحرك هناك بين ضباب المستنقعات قادما نحونا ....بعدما انتظر قرونا ....

اليوم هو عيد الميلاد ....

حيث ينتصف الليل يلفظ عام 1967 أنفاسه الأخيرة ....
على حين تدوي صيحات 1968 في غرفة الاطفال في مستشفى الأبدية .......

صارت شجرة عيد الميلاد في أبهى صورة ، واضافت سارة بعض تماثيل صغيرة لتعطي انطباع المزود حيث ولد المسيح عليه السلام .....

وعلى مقعد خشبي ينذر بالانهيار يقف اندرو عاكفا على تثبيت بعض المسامير ليغلق فوقها خيطا ....
وبالطبع تتدلى الزينات من هذا الخيط .....

الكل يعمل ...الكل يشارك ...الكل مرح ....

ما عدى __ تعرفون من __ ( سيندريلا) الرقيقة الحزينه المتشككه الشهيرة ب ( هيلين ) .....

تجلس في الركن جوار المدفأة تتأمل أظفار يدها في شرود .....

جون في المخزن وحيدا ....

يمسك البلطة ويهوي بها فوق قطعة الخشب الموضوع فوق جذع عالي متين .....رياضة مرهقة لكنها جيدة ..

أنها هي وسيلة لجلب الدفئ في هذا الزمهرير ...لهذا يتمتع الحطابون بصحة هائلة ...

هان ! .....تم تحويل قطعة الخشب هذه إلى قطع صغيرة

والان ....يحملها ليضعها في الركن ...يأتي بقطعة أخرى ..

غريب هذا الشريط الجلدي الذي يبرز وراء الأخشاب ... متى رآه من قبل ....؟؟؟

مد يده وجذابه إليه فوجده متعلقا بشيئ ما .... بصعوبه نجح في تحريره ...وجد أنه يد حقيبة ...حقيبه أنثوية ..

تناولها بشيئ من حذر وعالج قفلها ..وجد بداخلها بعض أوراق مائية ...وبطاقة هوية ...ماذا تحويه هذه البطاقة ؟

فتاة تدعى ( ساندرا بيكيت ) ...

المهنة سكرتيره ...من ( جلاسجو ) ...وهي في السادسة والعشرين من عمرها ....

ابتسم بخبث ...أن وجود هذه الحقيبة هنا يعني أن هذا الكوخ لم يكن يعتزل فيه أندرو العالم ....

وخير ما يفعله الان هو أن يتجاهل الأمر كليا ...

فليعد الحقيبة إلى مكانها ...وليبتلع أسئلته العديدة ...
وليكن حكيما بالقدر الذي يسمح بإخفاء هذه البسمة العارفة من على شفتيه ...

و كحطاب محترف بصق على كفيه ...وتناول البلطة وعاد يواصل عمله ...

عند الظهيرة كانت هيلين قد وصلت إلى قرارها :

__" اريد العودة إلى داري "

أثارت جملتها من جوا من الوجوم والدهشة ...حتى أن سارة كفت عن تزيين شجره عيد الميلاد ...

وجون توقف عن رمي الأخشاب في المدفأة واستدار نحوها وهو مازال جاثما على ركبتيه ...

أما اندرو فتصلب والمطربة في يده ..وثلاثة مسامير بعد بين أسنانه ..وانبعثت من عينيه نظرة نارية ...

__" هيلين ! ...هل تمزحين ؟؟؟؟ "

نهضت في حنق ، وركلت الأرض بقدمها كطفلة غضبى :

__" أنا لا امزح ....اريد العودة لداري "

هبط من فوق المقعد ...ولفظ المسامير ..ثم نظر لها بحدة :

__" ماذا السخف ؟؟ ...وفي ليلة الكريسماس التي جئنا خصيصا من أجلها ؟!! "

وضعت سارة ذراعها برفق حول كتف صديقتها ، وكأنها تقول ( دعونا ...فنحن النسوة نفهم بعضنا البعض ) وسألتها بحزن :

__" هل ثمة ما ضايقك هنا يا حبيبتي ؟؟ "

__" اريد ان ارحل وكفى ...."

دنا منها جون بدوره ليقول شيئا ما ...ولقد فاق هذا كل قدرة إضافية على التحمل ...فها هي ذي تلعب دور الطفلة العنيدة التي يحاول الجميع إقناعها بالود تارة ...والغلظة تارة ...

وهنا لم تتحمل أكثر ...انفجرت في البكاء كالصنبور المكسور ...أنها تشعر بالخجل من بلاهتها ..جرت ودفنت وجهها بين راحتيها ......

بينما سارة مازالت تلعب دور ( فاهمة النساء ) وجون يكور قبضته في وجه اندرو مازحا :

__" هل آثار حفيظتك ؟؟ ...سألقنه درسا قاسيا "

اخيرا تستجمع قدرتها على الكلام ...فتقول والعبارات تشوه كل ما تقول :

__" الأمر هو أنني لا أحب هذا الكوخ ...الشؤم يحيط به .
كل شيئ غاررييييب هى ى ى ى ى ! "

تتساءل جون في حيرة :

__" ماذا تقول ؟؟ "

تقول سارة موضحة :

__" تقول : أن كل شيئ غريب "

وتعود هيلين للكلام :

__" اشعر ان كارثة ستحل بنا هنا ...أنا من ذلك واثقة .. انني ارتجف هلعا من كل جدار هنا وكل باب .."

وتهاتفت من جديد :

__" اريد العودة إلى داري ي ي ي ي "

نافذ الصبر أوقفها اندرو بيده ...ودس يده الأخرى في جيبه ...وغمغم :

__" حسنا ....تريدين هذا لك هذا "

صاح جون في مصدق :

__" اندرو ! ...عم تتكلم ؟؟ ...أن العطلة لم تبدأ بعد ثم إننا غير مستعدين لقضاء العيد في ديارنا ..."

__" اعرف هذا ..."

وأردف وهو يضع قلنسوته المعلقة على المشجب فوق رأسه :

__" هي لا تريد الكوخ ليكن ...سأعود بها إلى الدار ثم ارجع لكم هذا لم يستغرق وقتا كثيرا ...سأكون ها هنا قبل منتصف الليل ...وسأحضر المزيد من الطعام والشراب "

هتفت هيلين :

__" لكني ارغب في أن نعود جميعا ....معا !! "

__" انت حره يا هيلين في البقاء أو العودة ...لكنك لست حره في إفساد النزهة على ضيفينا ...واعتقد اننا جميعا راغبون في البقاء ..."

هنا بدورها هتفت سارة :

__" لن يكون في البقاء هنا طعم هنا دون هيلين ...لاني افضل أن نرحل جميعا "

قال جون في ضيق :

__" ربما كان اندرو على حق ...أن الرحلة شاقة ..وقد فرغنا بصعوبه من اعداد هذا الكوخ ..."

وهكذا ......

تقرر أن ترحل هيلين وزوجها على أن يعود هذا الأخير سريعا أبدأ الحفلة ....

كان الضيق يملأ الوجوه وبدا أن التهذيب هو الشيئ الوحيد الذي يمنعهم من توجيه السباب إلى هذه المصيبة المسماة هيلين ....

والقادرة عل إفساد كرنفال كامل من كرنفالات امريكا الجنوبيه بكل هذا الذعر الهستيري ...

في أسى وقف جون وسارة يرمقان السيارة وهي تتحرك ببطئ فوق الثلوج ...بداخلها اندرو خلف عجلة القيادة وهيلين جواره ترمق الجليد خارج النافذة ..ولا تنبس ببنت شفه ....

رفع اندرو ذراعه مودعا ..فصاح جون :

__" الليلة يا اندرو !! "

__" الليلة ...."

__" لا تتأخر كثيرا وابقى حيا ...والا متنا متجمدين هنا "

__" ادع الله أن اتذكركم ..."

وغابت السيارة وراء منحدر الثلوج .....

من بعيد يتبدى الجسر لهما ..

جذب اندرو ذراع السرعات ، فأوقف السيارة ، ثم فتح الباب ....وترحل ليتفقد الجسر كدأبه ....

دنا ...... منه وانحنى يتفحص الأخشاب ....

بعد هنيهة رأته هيلين يعود إلى السيارة ، ونظرة جادة ترتسم خلف عويناته المنهكة ....

قال لها دون أن ينظر لها :

__" هيلين ! اريدك ان تري هذا معي "

نزلت من السيارة ومشت وراءه بحذر فوق الجليد ..بخار الماء يخرج من فمها كبالونات الكلام في القصص المصورة .... وكانت تلهث ....

اخيرا ترى ما كان يعنيه ...

كانت اخشاب الجسر مهشمة في مواضع عديدة ...بعضها لم يعد له وجود ..بعضها تدلى ما بقي منه متعلقا بجانب الجسر الفولاذي ...

نظرت له في قادرة على استيعاب ما يعنيه هذا :

__" من فعل ذلك ؟؟"

__" بالتأكيد ليست امي العجوز ..."

__" و ل ......لكن .....هذا يعني "

قال وهو ينهض من على ركبتيه :

__" نعم هذا يعني اننا صرنا سجيني هذا الكوخ ..! "

كانت عبارته الأخيرة مكتوبه في بالون كبير يوشك على الرحيل الى بعيد ......إلى الغيوم ...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top