عن إكليبوس ....


شيئا ما يتحرك هناك بين ضباب المستنقعات
قادما نحونا .....

كان هذا هو اليوم الأول في المفكرة وهو يوم طويل حقا كتبته هيلين في أربع صفحات كاملة ...
فالمفكرة لم تكن من الطراز المقسم إلى تواريخ ....

على أن اليوم الثاني والثالث كانا أكثر مرحا ....

فقد خرجت المجموعة للسير على الجليد وتفقدوا المكان
وتعاون الرجلان على اقتطاع شجيرة شربين صغيرة لتكون هي شجرة ( الكريسماس) ....
ووضعاها بجوار المدفأة ....

ثم تعاونت المرأتان على تزيينها بالاجراس والدمى الصغيرة والورق المفضض اللامع ....

لم يفت سارة أن تأتي من حقيبتها بدمية ( بابا نويل) أو ( سانتا كلوز) ....بلحيته البيضاء وقلنسوته الحمراء ؛ وتضعها في ركن مهم من قاعة المعيشة .....

بعد هذا راحوا يلعبون الورق ....أن لعبة ال ( جاك ) ممتعه حقا ....ويقال إن المرء يمكن أن يلعبها للابد لو عاش في سجن دائم مع الآخرين ...

لم تحاول هيلين أن تسأل زوجها عما رأته البارحة ، ولا عن ( الكلمات ) ....

فقط انسحبت بضع دقائق لتصعد إلى غرفة النوم لتكون مذكرات اليوم السابق ...ومن المؤكد هنا أن زوجها لا يعرف عن هذه الهواية الشيئ الكثير ؛ والا ما استطاعت أن تتكلم عنه بهذه الحرية المطلقة ....

من جديد شعرت بأناملها تدغدغها كي تتصفح الكلمات مرة أخرى ....

بيد مرتجفة تناولت الكراسة من فوق رف المكتبه وعادت تقلب صفحاتها الملأى بالغموض ....

فكان أن وجدت هذه العبارة :

مجموعة النداء الاولى :

ارتميس_ كاسيس _ هرملاكيوس _ ثم بيركادوس (4) .

مجموعة النداء الثانية :

اشيوست ديمترا _ارسادوك
( في وجه القمر )

ثم .....

( إينياس ( تعمل وحدها دون معين ) )

بعد هذا جاء التحذير من الجهر بهذه العبارات كما ذكر آنفاً للقارئ ...

لم تفهم هذا الكلام ، وان أدركت يقينا أنه تعويذة تتعلق بقوة ما من وراء الواقع ...وشعرت بتلك الرجفة تزحف من جذور شعرها حتى أسفل عنقها ....

ما الذي يفكر فيه أندرو ؟؟ ...من هو حقا ؟؟ ...

لا تعرف السبب ...لكنها شرعت تقل هذه العبارات إلى باطن غلاف مفكراتها ....كانت تأمل أنها ستعرضها على من يفهم بهذه الأمور عند عودتهم ....

خبير في السحر ....أو خبير ( بالسلت) ...أو خبير في شمال اسكتلندا ....أو خبير مستنقعات ..لا تدري بالظبط .

مر اليوم الخامس والعشرون بسلام ومثله مر اليوم السادس والعشرون ....

على أن لنا وقفة معينه مع اليوم السابع والعشرون ....
كلا ....لا تتحفزوا يا اخوان ....لم يحدث ما يدعو للرعب
أن هي إلا ملاحظة بسيطة ....

لقد صحا جون فجر أمس متوتر ، وايقظ سارة مؤكدا انه سمع من يطرق باب الكوخ ....

ولما لم يكن هناك بالمنطقة سواهم ...ولم يخلق بعد ذلك المخبول الذي يجرؤ على خوض منطقة المستنقعات وحيدا في الظلام ....بدا الامر غريبا ..

بعد ثوان سمعت سارة ذات الطرقات اللحوح ...
وهي تقسم أنها كانت من شخص يستعمل مجمع قبضته
في توجيه ضربات حانقة حاقدة إلى الباب ...

تأهب جون للنزول ليرى ماذا هناك ...لكن سارة توسلت إليه أن يتجاهل الأمر ويعود إلى النوم ...

ولم تكن بحاجة للإلحاح كثيرا ....لان جون كان من الحكمة بحيث ارتخت قدماه تحته ولم بعد قادراً على اجبارهما على حمله ....

قال لها وهو يعود للنوم :

__" فلنفترض أننا لم نسمع شيئا ...."

__" يبدو أن اندرو لم يسمعه .."

__" أراهن على أنه فعل ...لكنه يتظاهر بالصمم مثلنا "

__" ولو كان هذا عابر سبيل يوشك على التجمد ؟؟"

__" إذن فليتوله الله بعنايته حتى تشرق الشمس !"

__" قد يكون ضل الطريق ..."

قال جون وهو يتثاءب :

__" لا احب أن اجازف بفتح الباب ظننا منه أنه عابر سبيل ثم يتضح أنه ليس كذالك ! ...هل تذكرين ..

الطرقات على الباب في قصة ( يعقوب ) الشهيرة ( مخلب القرد ) ؟؟؟! "

__" لا لم أقرأها ..."

__" اذن انصحك بقراءتها نهارا ..."

**( قصة مخلب القرد : قصة رعب خالدة ، سلبت الكثيرين القدرة على النوم في أوائل هذا القرن ) *

في الصباح أخبر اندرو بما حدث ...فبدا عليه الاهتمام ، وخرج يتفحص الباب الخارجي ..ثم إنه نادى جون :

في اهتمام أشار إلى آثار وحل على الخشب ..وتبادل وصاحبه نظرة ...نظرة لم يدر جون معناها ..

قال في جدية :

__" احسنت ببقائك في الفراش ...فقد كان أحدهم "

__" أحد من "

__" العائدين ! ...أنهم يأتون عند الفجر من حين لآخر طالبين المأوى ..."

في حنق مذعور صاح جون :

__" اندرو !! ....هلا كففت عن هذا الهراء ؟؟"

ابتسم اندرو في غموض وغمغم :

__" انت حر في تصديقه أو عدم تصديقه ...فنحن في بلد ديمقراطي يا صديقي "

ولقد انتهت القصة الى هذا الحد ...الم أقل لكم : أنها مجرد ملاحظة بسيطة قد لا يكون ثمة داعي إلى ذكرها !

ويمر اليومان التاليان دون إحداث جديرة بالذكر ...

في اليوم الثلاثين من ديسمبر وقف جون و اندرو أمام الكتبة وقد امسك كل منهما قدحا من القهوة يرسل ما به في إستمتاع ....

على كعوب الكتب يمرر جون طرف سبابته وهو يتلو أسماؤها بصوت عالي ......ثم ...

توقف عند المجلد العتيق متآكل الأطراف ...وتساءل :

__" ما هو ( إكليبوس ) يا اندرو ؟؟ هل هي اشعار رعوية أو شيئ من هذا القبيل ؟؟"

اخرج اندرو المجلد من المكتبة ...كان مغطى بالغبار السميك مما يدل على قلة استعمال حقيقية ....

فتحه ...ورأى جون أوراقا مصفرة مهترئة متآكلة عليها رسوم تمثل شياطين ......شياطين القرون الوسطى بالذات هزيلة البدن بلحاها المدببة ووجوهها التيسية ....

أن ارتباط الشيطان بالماعز كان عميقا في وجدان رسامي القرون الوسطى ....

كانت هناك رسوم لساعات ...وأبراج سماوية تخرج منها صواعق ...وأشخاص يخترقون بالنار بسعادة بالغة ..

وأشياء للتدريب كأنها تفعل أمور لا تدري ما هي ...

الخلاصة أن هذا _ دون شك _ كتاب سحر من القرون الوسطى ....

وليس __ بالتأكيد __ جديرا بوضعه في المكتبة ، أن مكانه الطبيعي هو متحف التاريخ البريطاني ...

رفع اندرو عينا متسائلة غير فاهمة نحو اندرو ...

قال اندرو و هو يشر إلى رسوم الكتاب :

__" إكليبوس هو كيان شيطاني من خرافات القرن الثاني عشر الميلادي ، ويقال : أن الإيمان به كان يبلغ مرتبة الدين في هذه الاصقاع .....

ولا داعي للقول أنه كان يسيطر على هذه المستنقعات التي نعيش فيها بالذات وكان القوم ها هنا يقدمون له القرابين الآدمية التي يغمرونها في المستنقعات ....

ثم ينادون هذا ال ( إكليبوس ) عن طريق عبارات سحرية معينه .....

كان الافتراس يتم ..وبعده ذوو الضحايا قوى غير محدودة .....

طبعا هي واحدة من الخرافات العديدة غير المتناهية التي تحاصر هذه المنطقة "

تساءل جون وهو يعيد الكتاب إلى موضعه :

__" اندرو ..."

__" هم م م م ؟ "

__" من اين تجئ بكل هذا ؟؟"

ضحك اندرو مراوغا :

__" أنها هوايتي يا جون ...لا اترك تاجر كتب قديمه ..ولا مزادات يبيع صناديق موصدة ..ولا نصابا يزعم أن لديه مخطوطات قديمه الا وذهبت إليه واتفقت نصف راتبي على ما عنده .... "

__" هل رأيت هذا ال .......الشيطان الافتراضي ؟؟"

__" بالطبع لا ... والا ما كنت هنا أثرثر ......أن اقتناء كتاب عن العنقاء لا يعني دائما انك تؤمن بوجودها .."

كان هذا هو ما دار بين الصديقين ، وفيما بعد عرفت هيلين ما قيل وأدركت أن اندرو يكذب ...حتما يكذب ..

الم تقرأ في مذكراته أو كلماته عبارة ( الظهور الخامس لإكليبوس ) ؟؟؟ ........

وتعرف أن هذا تم يوم 1967/8/6 .......؟؟؟؟

ولكن لماذا يكذب في هذا بالذات بالرغم أنه يسره بالتأكيد أن يستغل هذه النقطة لإثارة مزيد من رعب مرافقيه ؟؟؟؟ .....

أنها لم تفهم اندرو ابدا ... بالتأكيد هو يزداد غموضا يوما بعد يوم ...والجديد هنا هو أنها لم تعد تميل إليه على الاطلاق ، بل هي في الواقع تمقته وتخشاه بشدة ...

لكن ليس الوقت ملائما لاظهار هذه العواطف الخاصة أمام ضيفيها .....

وحينما صحت من النوم في الواحدة صباحا ، عرفت انها لم تجده جوارها في الفراش ...كيف عرفت ؟؟؟ ...

هذا سهل ...كل النساء يجدن هذه الفنون التي تندرج تحت الحاسة السادسة والسابعة والثامنة ...

على ضوء اللهيب المتراقص في المدفأة ، رأت مكانه في الفراش خاويا ....

اين ذهب ؟ ...هل لقضاء حاجة ؟ ....تدخلت حاستها التاسعه كي تنفي هذا ...إذن اين هو ؟؟ أحقا لا تعلمين يا حمقاء ؟؟؟ ..... بالتأكيد هو الآن في المستنقعات !!!!....

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top