أسطورة رعب المستنقعات

شيء ما يتحرك هناك بين ضباب المستنقعات قادما نحونا ..بعدما انتظر قرونا ..انني لا أرى وجهه ولا اتمنى ان أراه ...لكنه ملوث بالاوحال .

***********

__" إذن مر اندرو هنا ...لكني لا أرى اثار قدميه ؟"

قالها جون وهو يتفحص الجليد بعناية ..
وبلمح البصر نظر إلى غصون الشجر فوق رأسيهما ، لقد خطر له أن هذا قد يكون كمينا من اندرو ...

لكن المذكور لم يكن هناك ...فأطلق جون زفرة ..

قالت له هيلين متوسلة ..

__" اريد الجلوس ...خمس دقائق لا اكثر .."

__" ليكن ...ما دمنا في الطريق الصحيح..."

جلست مريحة ظهرها إلى جذع الشجرة ، و اشعلت لفافة تبغ ...ثم أخرجت مفكرتها وراحت تدون الأحداث الأخيرة بسرعة هستيرية ....قال في تهكم :

__" لم ارى قبطان سفينة حريصا كل هذا الحرص على تدوين مذكراته ..."

كانت تضم فخذيها إلى صدرها حيث جلست ، متخذة من ركبتيها منضدة تدون عليها ، ولم تصغ جيدا الى ما قال الا حين فرغت من الكتابة ..

عاد يسألها :

__" ما كل هذا الحرص على تدوين المذكرات ؟"

__" لا ادري ؟ ...ربما هي رسالة اريد تركها لمن يجد جثتينا !"

__" ام هذا فلا ...أن المفكرة ستضيع للابد في المستنقع ولم يجدها أحد .."

وانتظر أن تقول شيئا ...لكنها ظلت شاردة ...ثم غمغمت وهي تتأمل حلقات الدخان :

__" لماذا تغير هكذا ؟"

__" من ؟"

__" اندرو طبعا .."

قال لها وهو يمد ساقيه أمامه :

__" الأمر واحد من اثنين ...أما أنه مريض نفسيا وتفاقم مرضه لسبب لا ادريه ، أما أنه ضحية نوع من الاستحواذ الشيطاني ...وهو شيء لا استبعده وسط كل هذه التعاويذ واللعنات والسحر القديم ..."

ثم نظر لها في تركيز واضاف :

__" لن يكون هناك فارق كبير في حالتنا هذه ...فأنا حين اقتل طلبت هائجا لا اهتم كثيرا بمعرفة هل هو مسعور ام غاضب فقط ..."

وأردف وهو ينهض :

__" زالت هيا بنا ...قبل أن تدمن مفاصلنا الراحة أو نتحول الى لوحي ثلج حيث نحن ...."

معا واصلا السير بين المستنقعات ...
لا صوت هناك سوى صوت لهاثهما ...وخطوتهما المتعبة المتعثرة فوق الجليد الهش ..

فجأة يتصلب جسد هيلين ، وتمسك بذراع جون بعصبية ....وتشير إلى المستنقع ..

على الماء المتجمد يرى جون طرفا من ثوب ...
ثوب يعرفه جيدا لان سارة كانت نائمة به أمس !

__" يا السماء !"

صرخ في هستيريا ، واندفع نحو المستنقع ..
لكن هيلين ظلت متشبثة بذراعه ...وهتفت محذرة :

__" حذار يا جون ! ...ستهوى هناك .."

كان يعرف جيدا أن السقوط في هذا المستنقع يعني النهاية ، لان الاوحال تنزلق تحت قدميك إلى ما لا نهاية ..
وتغدو محاولة الوقوف فيها مستحيلة ..

أن للأوحال قوة تفريغ غير عادية ، حتى تشعر أن وحشا عملاقا يبتلعك إلى أحشائه ..ومهما تشبثت فلا جدوى ..

حقا يعرف كل هذا لكن ما العمل ؟؟

هل يترك زوجته _ أو جثتها _ عائمة هكذا وسط الأوحال
أضف لهذا أن سارة شابة وهو لم يملها بعد ..
يعني هذا أن فقدها مازال يمثل خسارة له ..

وقف يحاول مد محراك المدفأة الى اقصى امتداد له ..
حتى تمكن من لف طرف الثوب حول طرفه ...ثم راح يحاول جذب الثوب نحوهما ..

كان الثوب خاليا ! ..لا يدري أهذا من حسن حظه ام سوئه

لو كانت سترة بداخله لكانت جثة هامدة ..لكن معنى أنها خارجه هو أن شيئا ما حدث لها ..

قالت هيلين في توتر :

__" على الأقل هي مازالت ح......."

صفعة هائلة انهالت على خدها ...فتجمدت الدموع على عينيها ولم تجد الكلمات لتتساءل عن السبب ..

قال لها جون وعلى جهه تعبير وحشي :

__" لو أن مكروها أصاب زوجتي فلسوف أفعل ما هو اسوأ من ذلك لزوجة اندرو ...هل تفهمين ما اعنيه ؟"

لم ترد لأنها ظلت واقفة تداري وجهها ...

حتى انت يا جون صرت خطرا داهما يا لك من احمق ! تحسب إن اندرو يهتم لحظة لو وجد جثتي مشنوقة في شجرة أو ممزقة اربا ...أن الأمر لا يعنيه ابدا ...

دقائق عسيرة مرت بهما ، ثم قال جون بصوت مبحوح :

__" اغفري لي ما كنت أتحدث الا كذبا لقد فقدت التحكم في اعصابي تماما ..."

ابتسمت بركن فمها الأيسر قائلة :

__" اوه ! أنا مثلك فلتنسى الماضي .."

لكنها كانت تعرف انها لن تنسى ..

من الذي ابتكر الصفع ؟ من العبقري الذي عرف أن مركز الكرامة يقع تشريحيا تحت الخد ؟ بحيث تشكل الصفعة ضربة مركزة إلى كرامة المرء ؟ ..

وتمنت أن تركله في مؤخرته لتشفي غليلها ...لكنها لم تجرء على ذلك قط ..الموقف لا يسمح بالانتقام ..

ومعا يواصلان السير بين المستنقعات اللعينة ..

لاهثا قال جون وهو بتحسس موطئ قدميه :

__" اعتقد انني كونت فكرة جيدة عما ينويه زوجك ..
أن الرجل يؤمن ب( إكليبوس ) شيطان المستنقعات مثله مثل كل شيء آخر اعتقد ( السلت ) به وصدقه زوجك ..

وكما قال لي : فأن القوة المطلقة تنبع من عمر الضحايا في المستنقع من أجل ( إكليبوس ) ..

وأحسب اندرو قد مارس هذا الطقس شبه الديني مرارا والفتاة ساندرا هي دليل على أن هناك آخرين ..

استدرجهم اندرو إلى المستنقعات وغمرهم فيها ، لابد أن هناك نداء معين يخبر ( إكليبوس) أن العشاء معد ..

اعتقد ان هذا هو سر العبارات الغامضة التي رددها البارحة فلم نفهمها ..."

وبلل شفتيه بلسانه واردف :

__" يبدو أن القرابين الفردية لم تكن مجدية ...هنا فكر اندرو في تضحية جماعية دسمة تتكون من زوجين وزوجته هو نفسه الخاصة ، اعتقد أنه تخلص من _ أو ينوي أن يتخلص _ من سارة ، وبعدها يأتي دورك فدوري ...هذا سهل وعين عليه .. فهو يجيد قواعد اللعبة

نحن نعبث ها هنا وفقا لشروطه وهلى أرضه ..."

_

_" وعندئذ يتحرك ( إكليبوس) هذا ؟؟"

__" لا اعتقد في وجود ( إكليبوس) لحظة ...أن ( إكليبوس) هذا لا يمثل سوى نفسة زوجك المعقدة ... فقط في عقل اندرو توجد مستنقعات متشابكة يسيطر عليها مسخ جائع يطلب القرابين .."

هنا توقفت هيلين و للمرة الأولى لاحظت ...
سألها وقد لاحظ انها لم تعد تتبعه :

__" هل حدث شيء ما ؟؟"

قالت بصوت متحشرج :

__" لقد زحف الليل .."

*********

ويمر الوقت ..

ومع مروره تزداد صلابة وعناد هذا العدو الحاقد : الظلام أنه لا يتعب لا يترك ركنا في المستنقعات الا ويرمي عليه عباءته الزرقاء السميكة ..

بعد دقائق ستتحول العباءة إلى اللون الأسود ، وستصير الرؤية متعذرة ..بل مستحيلة ..

__" فلنرجع يا جون .."

__" لم يحن الوقت بعد يا صغيرة .."

__" أننا ننتحر ....ولا يوجد مبررات كافية .."

كان يحتفظ في جيبه بكشاف صغير ، أخرجه وأضاءه ...
إضاءة لا بأس بها لكنها غير كافية ...وهو احمق إذا ظن لحظة أنه قادر على مسح المستنقعات بهذا الضوء الذي لا يكفي لفحص لوزتي طفل ..

__" فلنعد يا جون ارجوك .."

__" اذا شئت تستطيعين العودة ..."

نظرت وراءها ...إلى كل هذا الظلام الرابض ككابوس تحت غصون الأشجار ...إلى كل الاميال التي اجتازاها منذ الصباح ...وأدركت أنها لن تعود ابدا ..

قشعريرة باردة سرت عبر عمودها الفقري ...على الأقل مع جون هي لاتعرف كيف ولا متى ستموت ، أما وحدها فهي تعرف انها ستموت غرقا في المستنقع بعد خمس دقائق،
أو هلعا بعد ساعة ...

وواصلت المسير ..

كنت الخطوات قادمة على بعد عشرة أمتار ..
سمعتها وسمعها جون في اللحظة ذاتها ..

نظر لها نظرة ذات معنى ، والى فمه رفع سبابته يأمرها بأن تصمت واطفأ الكشاف ووضعه على الأرض الجليدية

وعلى الارض جلسا يترقبان ...

كان المستنقع هادئا بمنظره الخادع ، يمتد إلى مسافة عشرين مترا لو أن حاسة المسافات عندها صادقة ..

وبرغم الظلام كان هناك ضوء فسفوري خافت يغلف المكان ...هي ظاهرة طبيعية قرأت عنها ثم نسيت كل شيء ...التخمر أو الكهرباء الاستاتيكية لا تذكر بالظبط

يوما بعد يوم تدرك تدرك أنها لم تحتفظ بشيء مما تعلمته طوال حياتها سوى القراءة والكتابة ..

لسوف تراجع هذا كله فيما بعد ...فيما بعد ..

أما الآن فهي ترى من يمشي على الناحية الأخرى من المستنقع !!

وتنظر الى جون فتراه يرمق المشهد في انبهار .
برغم الظلام يمكنها أن تتبين حدود هذا الشيء أو الشخص الذي يمشي هناك في ثقة ، كأنما التعثر في الأوحال أمر مستحيل الحدوث ...

الشعر المنسدل على الظهر ...هذا القوام أنها
سارة !! من غيرها ؟؟ ...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top