(19)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
وبالفعل بدءا يعدان كل شيء استعدادًا للسفر، قبيل السفر ظهرت نتيجتها و قد نجحت، قدّمت في تنسيقها كلية الآداب انتساب بعد إقناع علي لها وأنها من الممكن أن تعمل كمعلمة بعد إتمام دراستها و دراسة دبلوم تربوي بعدها وكان هذا فوق كل طموحها.
عادا للبلد من جديد فوجدا كلا من منال وأسماء حبلتين، لاحظ الجميع اختلاف راضية في هيئتها كثيرًا رغم عودتها للهجتها من جديد هي وعلي تبعًا للعادات، لكنها قد اختلفت في كل شيء، خاصةً هذه اللمعة الظاهرة في عينيهما، لمعة الحب.
كان رمضان في القرية له طابعٍ خاص ومختلف فبعد صلاة العشاء والتراويح يحضرون بشيخ في المندرة ويجتمع رجال العائلة فكان يقرأ القرآن لهم و يسمعهم العديد من التواشيح و الأنشودات الدينية العطرة في العشق الإلهي و في حضرة رسول الله صلوات ربي عليه و صفاته وعن شهر رمضان و الكثير من تلك الموشحات التي يطرب لها ويذوب القلب عشقًا عند سماعها، لكنه عشقًا من نوع خاص.
ويسعد الجميع لكل ذلك وكانت نساء البيت تجلسن بالقرب من باب المندرة الداخلي الذي يوصل بخاصة البيت و تستمعن لذلك الشيخ و أيضًا حتى يكن على استعداد من حين لآخر لإرسال المشروبات و المأكولات فهم أهل كرم و هذا شهر كرم.
وجاء العشر الأواخر من شهر رمضان و قد سافر قاسم و كامل وكان علي يجلس في المسجد من صلاة العشاء و يعود للبيت عقب شروق الشمس فينام قليلًا ثم يستيقظ يذهب لعمله ثم يعود لينام قليلًا قبيل المغرب.
وجاء يوم الفطر وكان علي قد وعد راضية بأن يذهب بها إلى المدينة لتشهد صلاة العيد حيث لم تكن النساء في القرية تخرج لصلاة العيد رغم ما فيها من فرحة العيد.
وكان قد اتفق معها أن يجئ من صلاة الفجر ويجدها مستعدة وقد كان، فأخذها و ذهبا لصلاة العيد و اشترى لها لعبة صغيرة فرحت بها كثيرًا.
عادا للمنزل وبدأ علي يوزع العيديات على كل من في البيت إبتداءً من أمه، زوجته، زوجتي أخويه و أولادهما.
تناولوا جميعًا الإفطار ثم ذهب بها لبيت أبيها لقضاء ما تبقى من أول يوم للعيد فرغم عادة أهل الزوجة للحضور إلا أنه قد صعب ذلك بسبب عدم وجود إخوان علي.
قد كان يوما طويلًا و شاقًّا خاصة على راضية التي بدأ يحل عليها التعب ولازالت تحاول إخفاءه جاهدة.
و عادا في المساء وفي غرفتهما بينما تجلس راضية أمام المرآة تمشط شعرها إذ جاء علي من خلفها يحتضنها و يقبلها قائلًا: وأخيرا هستفرد بيكِ.
فقامت ودارت ولا زال محيطًا بها لتستقر في حضنه وقالت مداعبة: وحشتك يعني!
- يعني مش عارفة إن لو زاد الشوق ما ينيمنيش ولا أي يوم ما بتوحشنيش، بس الشوق بأه زاد وطفح.
فضحكت تلك الضحكة التي يعشقها وحملها وذهبا...
انتهى رمضان والعيد وعاد لراضية من جديد عبء أعمال البيت كلها فكلا من منال و أسماء تحججتا بالحمل.
لكن راضية الآن لم يعد يضايقها هذا الأمر فعدم وجود إخوان على جعلها تتحرك في البيت بأكمله بحرية تامة دون قيود فهي تشعر بأنها ملكة البيت كما أن حُسنى لم تعد تسئ إليها ربما أدركت لمعة الحب تلك في عينيّ علي و راضية وهذا كل همها في المقام الأول، سعادة ابنها و رضاءه براضيته.
كما أنها في آخر اليوم تذهب في حضن حبيبها فيذوب فيه كل آلام أعباء المنزل ومجهوده الشاق.
لكن الحمل قد قلل شهية راضية ومع مجهود العمل و إرهاق الصيام زاد من شعورها بالتعب والضعف.
و ذات يوم فتحت عينيها قبيل الفجر في موعدها اليومي التي تستيقظ فيه لكنها شعرت بدوارٍ شديد وكلما حاولت القيام لم تستطيع فتعود للنوم من جديد حتى استيقظ علي على أذان الفجر فشعر بوجودها جانبه لا تزال نائمة فهزها قليلًا لتستيقظ فأجابت أن نعم ثم ذهبت في سباتها من جديد فأشفق عليها وتركها نائمة.
قام علي تحمم وخرج لصلاة الفجر، عاد بعد شروق الشمس كعادته وما أن دخل البيت حتى اتجه لمكان الخبز حيث تكون راضيته، فيجلس معها يتسامران و يتمازحان ويخطف بعض لقيمات الخبز الساخن الشهي مثلما كان يفعل وهو طفل، و ربما خطف بعض القبلات أمام الفرن فلا يهم فالبيت كله نائم، كان يخفف عنها كثيرًا بجلسته تلك معها.
لكنه اليوم لم يجدها فانتابه شعور بالقلق و صعد مسرعًا يرى ما الخطب وييقظها قبل أن تكتشف أمه أنها لا تزال نائمة فتوبخها، لكنه قد وجد أمه أمامه.
فقالت حُسنى: صباح الخير يا حبيبي.
فأجابها بإضطراب واضح: يسعد صباحك يا مي.
- هي مرتك مش تحت! مش بعادة تطلع دلجيتي!
- هدخل أشوفها.
وبالفعل دخل لغرفته فوجدها لا تزال نائمة و لم يكترث بإحكام إغلاق الباب فلا يوجد رجال بالبيت كله على أية حال.
جلس جوارها في السرير وكانت راضية منذ أن صارت زوجته وهي تنام بملابس نسائية عارية تكاد لا تستر شيء و تفرد شعرها بجوارها كما يحب زوجها.
جلس يداعبها بهدوء لتستيقظ فيتحسس بشرتها وشعرها هامسًا بحميمية: إيه يا حبيبي؟ النهار طلع.
فتمتمت بوجع: ما جدراش ياعلي.
تابع علي بخبث: طب إيه اللي تعبك و أنا أخففهولك.
وهم أن يقبلها فسمع صوت أمه التي قد دخلت و وقفت جواره فانتفض فجأة.
قالت حُسنى: مالها مرتك ياعلي؟
أجاب علي بصوت متقطع من المفاجأة: مالها يامي، آه، ما جدراش تجوم.
فضحكت حُسنى وقالت: ريِّحها وخِف عنيها شوي وهي تجدر تجوم.
فوجم علي ولم يرد، وما أن سمعت راضية صوت حُسنى حتى انتفضت جالسة لكنها لا تزال تعاني من دوار شديد لم يمكنها حتى من فتح عينيها.
وكان علي يشد ثوبها ربما يفلح في سترها ثم أخذ عباءته التي كان يرتديها و وضعها علي كتفيها فهو يغار عليها حتى من عيني أمه.
كانت حُسنى لا تزال تضحك ثم جلست جوار راضية التي لاتزال تجاهد نفسها للوقوف، ثم قالت: مالك يا حلوة؟ كنك تعبانة صُح وشك أصفر وبهتان...
ثم قالت: له حج مايجدرش يسيبك، حد يُبجى عنديه الجمال دي و يفوته؟ جنيتي الجدع!
وضحكت مجددًا، فصاح علي بإحراج: بعدهالك يا مي.
- ربنا يسعدكم يا ولدي ويرزجكم بالخلف الصالح.
وهنا شعرت راضية برغبة شديدة في القئ فهمت بالذهاب إلى الحمام وهي تترنح فسندها علي مسرعًا إلى الحمام فإذا بها تتقيأ وبعد أن انتهت غسل علي لها وجهها وخرجت وجلست من جديد على السرير.
همس علي بقلق وهو يربت على وجهها: عتجلجيني عليكي ليه؟
قالت حُسنى: كنها بردت م العريان دي، عجوم اجيبلك حاجة تانية تلبسيها.
وسارت بضع خطوات فاستوقفتها كلمات راضية: لا مش برد، افتح الدرج دي يا علي .
قالتها مشيرة نحو درج ما، فقام علي يفتحه و عادت إليها حُسنى التي بدأت تدرك السبب الحقيقي ولاحت على وجهها ابتسامة خفيفة.
فتح علي الدرج و رأي مافيه وكان اختبار الحمل فمسكه بيده ونظر إليه ثم نحوها بابتسامة فهزت رأسها بأن نعم فاحتضنها بشدة وأنهال عليها يقبل جبهتها و يدها، بينما أخذت حسنى في الزغاريد المتتابعة ثم انهالت عليها تقبلها هي الأخرى ثم تعود للزغاريد مرة أخرى.
هللت: مبروك يا ولدي، يا ألف نهار أبيض.
وتتابع في الزغاريد...........
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top