نوبه غضب 44

الصباح كان حافلاً بالكثير من الفوضى الذهنيه نتيجة ما تراكم من أحداث لا نهايه لها ومعلومات كثيرة حاول استيعابها خلال وقت قصير بعد أن فقد كل مصادر المعلومات لديه سوى عن أسرة دافئة وصديق لم يعلم ما يربطه به لهذا الحد لكنه كان الحصن المنيع له منذ فتح عينيه لهذا العالم ومن احتواه في الوقت الذي وجد فيه نفسه يغرق في الظلمات .

في هذا الوقت الذي يقضيه بالتامل كان ليو يواجهه متاعب من نوع آخر يقابل فتاة لا يريدها مضطرا لأجل أسرته ، شعر بالعجز عن فعل أي شيء وخشي التدخل والتسبب بالمزيد من المتاعب لذا قرر عدم فعل شيء وترك الأمور لرفيقه فقد كان بالكاد يحافظ على نفسيته مستقرة ثابتة بعد كل ما اكتشفه والكلمات القاسية التي قرأها على المقالات المنشورة عنهما نجحت في جعله يكره نفسه حتى الموت ولولا كلمات من عرفهم خلال هذا الوقت القصير لما تردد في إنهاء حياته بعد كل ما قيل عنه وعن رفيقه وعن أنهما فاسدان وان أسرهم فشلت في تعليمهم الصواب وغيرها الكثير مما جرح مشاعره عميقا دون رحمه وجعلته يشكك بنفسه ، لا ينكر انه تحسن كثيرا عما سبق لكنه لا يزال يملك لحظات شك قصيرة تمر كلما فكر بالأمر وتسائل باعماقه أن كان حقا فعلها وهم يحاولون فقط إخراجه من الأمر كي لا يتأثر أكثر ؟ كل شيء بدأ ممكنا لكنه ولأجل كل جهودهم حرص على منع هذه الأفكار من الظهور وسحب نفسه من بحر الشك كلما كاد يغرق فيه عنوة.

تنهد للمرة العاشرة منذ الصباح واتجه النافذة يراقب الخارج محاولا استنشاق هواء الصباح المنعش عليه يقوم بدوره ويمنح املا بيوم جديد حتى قدوم رفيقه إليه .

سمع صوت الجرس يرن تلاها ارتفاع أصوات من الأسفل أخبرته بنفسها أن رفيقه وابن عمه وصلا على ما يبدو ، التفت ينظر نحو باب غرفته وان كان الهدف هو النظر إلى ما وراء الباب وليس الباب بذاته ، أخذ أنفاسه بهدوء قبل أن يتجه نحو المراءة ، نظر لوجهه ليجد الهالات السوداء قد حجزت لنفسها مكانا في وجهه بعد أن جفاه النوم من القلق ، خشي أن يسبب هذا مشاعر لا داعي لها عند من يحبهم لكنه وحد العذر المنطقي والصحيح بالوقت ذاته ، اغمض عينيه وتنفس عميقا قبل أن يتجه للخارج ، ابتعد عنها وأتجه للخارج ينوي الانضمام إليهم إلا أن باب غرفته فتح قبل أن يصل إليه ليجد راس رفيقه يمتد نصفيا من الباب ينظر إليه بتفحص، اجفل لوهلة قبل أن يبتسم ويتقدم ناحيته
" مرحبا ليو ، تبدو بخير بالنسبه لشخص ذهب لمقابلة زواج لا يريدها "

عبس ليو قبل أن يصيرا بجانب بعضهما وهتف بحاجبين مقطبين
" وهل تعتقد أنني قد أفعل شيئا كهذا دون إيجاد حل ؟ تم حل الأمر بأكثر الطرق سلميه حتى أني استغللته لإيجاد عروس لطيفة لسيتو ، اترى؟لا حاجه للقلق علي "

توقف لوهلة عن السير يحدق بليو حتى سمع صوت سيتو قادما من مسافة قريبة بتذمر واضح
"ذكرني من عينك والدتي ليو؟ لا أذكر أني طلبت منك أن تبحث عن عروس لي !"

ضحكة صغيرة أفلتت من فم ليو ، وصل قرب ابن عمه وربت على كتفه ممازحاً
" اترى؟ يجب أن تكون ممتنا على ما أحضرت ، الفتاة لطيفه حقا وتملك نفس متطلباتك المجنونة لدرجة أنها أعجبت بك من أول وهله،لا تكسر قلبها البريء "

" لطيفة ها؟ هي فعلا لا تناسبك سيد سوين ، لص مثلك لا يستحقها"

الصوت الذي ميزه دون تأخير من منافسته الأولى وثاني أكثر من يشغل باله موخرا جعله يعبس دون أن ينظر لصاحبته ، والدها الجالس قرب الطاولة رفع رأسه لينظر إليهما ، ابتسم بابتسامة صغيرة وعاود النظر لملفاته المنظمه أمامه ويده الأخرى مشغولة برفع الكوب إلى شفتيه لإكمال قهوته الصباحيه علها تمنحه القليل من النشاط بعد أن هرب منه نتيجة الأرق المتكرر والسهر من فرط التفكير .

والدتها تابعت وضع الأطباق أمام من جلس للطاولة موخرا مع ابتسامة متربعه على ثغرها، وجهها مشرق أكثر من أي وقت مضى رغم علامات التقدم في السن لكنها وخلال وقت قصير عادت بالزمن بضع سنوات وبدت اصغر بكثير من سنها
"لا بأس طالما أن الفتاة لطيفه لما لا تمنحها فرصة سيتو؟ اعرف اني لا أملك حق التدخل ولكن ، والداك يراقبانك من بعيد وسيسعدان حقا بوجود فتاة لطيفة قربك لتعتني بك ، بالنهاية لا شيء أجمل من وجود أسرة لطيفة حولك "

المعني توقف عن الاعتراض فجأة تحت وطأة الضغط وانحرج من متابعه الجدال بمجرد تدخل والده آلفين والتي حملت ناحيته لطفاً كان يذكره بوالدته الراحلة
"سارى ما يمكنني فعله "

خلال هذا الوقت كان الفين يراقب دون تعليق يذكر رفقة والده ، انتبه جين لهذا فنظر إليه يسترق النظرات ليلاحظ امعان ابنه بالمشهد بنظرات ملئها دفئ وسعاده ملوثه بالغربة نتيجه لعدم تذكره، أراد سحبه من عالمه البعيد وتقريب سفينته من مينائهم فوجه إليه الحديث تاركاً كل شيء آخر جانبا
" أظن الدور حان عليك أنت وليو، هل من مواصفات معينه ترغب بتواجدها؟ بالنهاية لدي شخص ما لليو بالفعل ولم يبقى سواك"

آلفين رمش ينظر ناحية والده بتفاجئ تحول خلال وقت قصير لاستنكار طفولي ينفي كلمات والده تلقائيا
"ابي ما يزال الوقت مبكرا علي ، لننشغل بليو وسيتو حاليا "

وليو حدث بهما بحاجب مرفوع ووضع الملعقة بصحنه
" لحظه أنتما ، إلا دور لرايي هنا ؟ من هذا المتنمر الذي يستحق شخصا مذهلا مثلي ؟"

سيتو رد عليه بملل مطلق ينظر إليه بنظرة جانبيه
" انت آخر من يتحدث عن احترام رأيي الآخرين عزيزي"

ايزا تابعت بينما تدوس على قدمه مستغله جلوسه بجانبها من تحت الطاولة الجماعه لهم
" من هي المسكينة التي ستعيش مع لص مثلك بقية حياتها؟ "

كاد تذمره يستمر لولا رنين هاتفه المفاجئ ، ذلك الصوت جعله يصمت عن ما كان ينوي قوله ليبدله بتذمرات قصيرة
" من المتنمر الذي اختار هذا التوقيت بالذات؟"

ومع رؤيته للاسم رمش قليلا قبل أن يضع ابتسامة مزيفة ويستاذن للذهاب، تصرفه جذب الأنظار إليه من قبل الجميع لكنهم اتفقوا دون اتفاق على تغير الموضوع لأجل من بات يقلق من أي صوت أو حركة تحدث حوله فتحدثت والدته موجهه الكلام إليه
" ال، لديك مخطط اليوم ؟ ترغب بالذهاب لأي مكان ؟ "
سحب انظاره من اتجاه انسحاب ليو ليوجهه لوالدته الواقفة خلفه تنتظر جوابه بحماس شبه مخفي فرغم استغلالها الموضوع لالهاء ابنها إلا أنها بالوقت ذاته رغبت حقا بالخروج رفقته دوما وشراء بعض الأشياء لأجله ، كما فعلا بطفولته كثيرا كلما انشغل جين عنهم فكانت تصطحب ايزا وال لشراء ما يحتاجانه ومن ثم انظم ليو لهم برحلاتهم القصيرة تلك بعد ظهوره فكانت تمثل اسعد أوقات حياتها من الماضي خصوصا حين كان جين ينظم لهم وتكتمل اسرتهم الصغيرة .

آلفين رأى الرجاء بعينيها فانشغل بالارتباك من نظرتها ونسي ما كان يشغله لوهلة وأجاب بدون موافقة فعليه انه موافق !

لم يمضي الكثير حتى عاد ليو وقد حمل وجهة تعابير مرتاحة بشكل صريح لم تبدو لشخص كاذب يحاول المراوغه وهذا بعث الراحة بقلب ألفين وايزا وكاميليا وآثار استغراب سيتو وحين فمن قد يملك أخبارا قادرة على منح الراحة بهذا الوقت غير تلك الاخبارة المتعلقة بمن يلوث حياتهم بالسواد دون توقف ؟ أرادوا مناقشة الأمر معه بعد أن يغادر ألفين وكاميليا لكن سيتو كان من كسب حصة الاسد حين وجد ليو يضع يده على كتفه يجذب انتباهه إليه
" لدي عمل أنا وسيتو، ألفين ستخرج مع خالتي صحيح ؟ سانظم اليكم بعد إكمال بعض الأمور موافق ؟ لا تنهيا الرحلة دوني !"

رمش آلفين قليلا ، كان لديه كلمات يريد قولها لكنها لم تخرج فاكتفى بالايماء ليتسبب ذلك بعبوس ليو وتدخل جين بكتم ضحكته على ملامح ال وحثه على البوح
" أن كان لديك شيء لقوله قله ، لن يستاء ليو اؤكد لك "

آلفين نظر لوالده قبل أن يوما مخفيا ارتباكه من توجه كل الأنظار إليه
" ليس بالشيء المهم، قلقت عليه وحسب لكن تذكرت انه ليس بحاجه لقلقي، انا من يتسبب له ولكن بأكبر قدر من القلق هو يتدبر أمره جيدا سواء تدخلت أم لا "

وتلك العبارة جعلت كاميليا تشعر بشيء من الضيق لم تعرف سببه، سيتو بقي صامتا يحدق بنظرات ذات مغزى، جين أراد نفي ما قيل توا لولا أن ابنته سبقته وهي تحيط بذراع آلفين بشغب
" تماما هو لا يحتاجك انا من يفعل لذا انت ملك لي وحدي وهو يمكنه الذهاب لتلك الفتاة اللطيفة كما يقول وقضاء الوقت معها "

ليو كان يرى الاتهامات ترمى عليه يمينا ويسارا لكن أكثر ما اقلقه حقا هو رؤيه رفيقه يشعر أنه حمل زائد عليه لا أكثر لكنه وقبل أن يتمكن من أخذ الوقت للحديث آن هاتفه من جديد برقم انار شاشته المظلمة ومعه أيقظ الحذر داخل ليو فاضطر لترك الأمور لوقت لاحق مع نظرات جادة وجهها لالفين
" انت ايها المتنمر بحاجة لبعض الدروس عند عودتي، واضح أن ذاكرتك ليست الوحيدة التي اتلفت نتيجة سقوطك أيها المتنمر ، انتظرني وحسب لن اتاخر"

ملامح ليو وعبارته دفعت ضحكة للهرب من آلفين قبل أن يميل برأسه ويجيب بعد أن نهض من كرسيه ، وصلا لباب المنزل فسبقهم سيتو يتجه للسيارة ، بقي ليو والفين وحدهما فتحدث آلفين بهدوء
" أعلم ما ستقوله ليو ، انا لا أقول أنك لا تهتم بي أو أي شيء لكن ....انت فقط شخص قوي جدا ومذهل وأينما كنت يمكنك أن تفعل كل شيء حتى المستحيل، لهذا قلقي عليك غير مبرر اعرف انك أينما كنت ومع أي شخص كنت ستفعل كل شيء بشكل مذهل وبافضل الطرق ، لا أدري كيف انتهى بنا الأمر أصدقاء لكني حقا محظوظ لوجود "

عبس والتفت يحدق بحاجب مرفوع
" ما بال كل من أعرفهم متنمر ون! أنت حقا أحمق ...اسمعني... "

صوت سيتو ارتفع ينادي عليه للاستعجال
" هيا ليو ، لا يمكننا التأخر اكثر "

نظر نحو سيتو بنظرات حارقة جعلت آلفين يضحك وهو يدفعه الذهاب للسيارة
"إذهب ليو لا أريد تاخيرك أكثر من هذا سنتحدث لاحقا "

ذهب دون رضا فعلي ، تلك الكلمات لم ترقه حقا لما عكسته من فكرة متنمره يعقل رفيقه ، قرر أن يأتي بأول فرصه لاقتلاعها من جذورها فقد ارهقته المشاغل ونسي أن رفيقه القديم كان معدوم الثقة بنفسه وقيمته ويبدو أن هذا عاد رفقة الشخصيه القديمه كمجموعه وإحده لا تقبل التفرقة .
~~~~~~~~
جلسا معا بالغرفة معا والصمت ثالثهما ، افكارهما توحدت رغم خفوتها ولم تفصح عن حقيقة وجودها إلا بعد أن رتب كل منهما أوراقه وحان وقت الحوار من جديد
" ما رأيك ؟"

هاري كان من وضع اول ورقه يراقب ملامح توأمة بهدوء ، كان الأمر أكبر من مجرد قرار حاسم يتخذانه، كان الأمر اختبارا لهما لمعرفة ما توصلا إليه في علاقتهما ككل وقرارتهما للمستقبل بعد أن أخذا وقتا لا بأس به في محاولة إيجاد مرسى يبحران له معاً،هنري أخذ وقته بالتفكير قبل أن يرفع رأسه لينظر لشقيقه بعينين حملتا الكثير من الاستقرار والهدوء رغم حساسية الموضوع لكنهما عبر الخطوط الحمراء وحان وقت الاستقرار والسلام
" القرار واحد هاري ، بالنسبه لي لا أريد المزيد من الدماء والعنف، لا أريد ان ندخل في مشاكلهم مجددا ، لقد تم سحبنا بدون اختيار منا لكننا الآن نملك الخيار وانا ارى ان إيقافه ليست مسؤليتنا لذا ....لنترك الأمر لاصحابه ونعش بسلام "

هاري بقي يستمع دون إبداء أي تعابير حتى آخر لحظة ، فور ان أدرك أن توامه انتهى من دورة استطاع أن يعبر عن مشاعره الحقيقه بابتسامة مرتاحه، قفز ليعانق توامه بقوة فاستقبله هنري بحيرة لا يفهم سبب سعادته الكبيره بقرار بسيط كهذا حتى أخذ هاري دوره للتوضيح
" اتفق معك أخي ، انا سعيد أننا حقا وصلنا إلى هنا ولا أريد العودة للخلف من جديد ، سنسلمه لمارسيل وننتهي من كل هذا ، وقريبا سيدفع سامويل ثمن كل ما فعله دفعه واحدة "

هنري ابتسم براحة وربت على ظهر أخيه ،ابتعد هاري للخلف ليجلس أمام شقيقه فتذمر هنري بخفة
"وان كنت اعترض على أن مرسلينو هو من فكرت به لكن لا بأس من يدري ربما يلقنه سام درسا قبل أن يقبض عليه "

عبس هاري وهو ينهض متذمرا بعد أن ضغط زر الإرسال لمرسلينو
"لا تكن هكذا هنري ، لقد ساعدنا كثيرا كما تعلم وحرص على أن نكون بأمان ، لا أدري لما تكرهه لهذا الحد "

زفر الهواء بضيق وأعلن بعد أن نهض من السرير
" لا تشغل بالك هاري مشاكل شخصيه بيننا ، لنذهب وحسب للاستعداد الفطور الآن لا رغبه لي بفساد مزاجي باتعس اثنين اعرفهما من بعد الرجل المسمى والدنا "

هاري لا يزال مغتاظا مما سمعه لكنه مرره لأجل عدم إفساد الجو أكثر وقرر الذهاب والاستمتاع بوقته بعد أن قرأ رسالة مارسيل وابتسم لما وجده فيها .

~~~~~~
بالجانب الآخر كان من استلم الرسالة بحاله من الحماس المفرط ، السعادة والشعور بالإنجاز، حلم كان مستحيل التحقيق صار قاب قوسين أو أدنى ، يملك حق إصدار مذكرة اعتقال حاليا دون أي مشكله تذكر فهو الآن يملك ادله عدة بدل الواحد توكد أفعال سامويل السيئة وتدينه بالجرم المشهود على كثير من جرائمه الشنيعه.

نهض من مكتبه على عجل وسحب ستراته من كرسيه، التقط مفاتيحه وأتجه نحو مديره من فوره يستعد لوضع اللمسات الأخيرة لأسدال الستار على مسرحية تراجيديه طال وجودها وكثر ضحاياها حتى صارت غايه في السخافه.

~~~~~
حديث التوأمين كان مسموعاً لشخص آخر نسيا وجوده في خضم الفوضى ولم ينتبها لما حمله وجهه من أسئلة تنتظر أجوبة وقلق مفرط تضاعف بشكل مستمر على عمه المفقود فكل نتيجه تقربهم من سام يقابلها خطوة أقرب للموت لارنيست .

ركض مبتعدا عن مجال نظرهم واتخذ من الباب الموارب لغرفته حاجزا منيعا يتخذه لحمايه نفسه ومشاعره ولاحتواء خوفه القاتل على عمه،رغب بشدة أن يتصل ويكلمه ، يسمع صوته ليتاكد انه لم يتأذى ، حتى لو كلمه واحدة كانت ستكفي، يعرف أنه بمامن هنا وان حياته القادمه لن تكون بذاك السوء على ما يبدو فهنا يتواجد وجد اثنين من اقاربه ، الشرطة أيضا توفر له الحماية ولن ينسى ال وسيتو وليو الذين يحرصون على تأمين كل شيء لأجله ، لكنه لا يزال بحاجة لفرد مقرب له وحده، شخص بمثابة الأب له حقا ولا أحد يمكنه ملئ هذا سوى ارنيست، يريد أن يعيشا معا كما اتفقا فهل هذا كان حلما كبيرا جدا عليه ليجده؟
عيناه الدامعه دفنت في الوسادة وترك رأسه مع أفكاره السوداء تتجمع فوقها ينتظر أي أخبار جديده تشفي جراح قلبه .

~~~~~
في المكان البعيد حيث عقول الكثيرين كانت فيه بالوقت الذي بقيت اجسادهم في مواقعها فوضى عارمة ملئت الغرفة والكثير من الدماء ملئت المكان مع ثوره غضب سامويل المتفجرة، لم يبقى شيئ بالغرفة على حاله ولا حتى صاحبها.

كان ارنيست يرقد ارضاً تغطيه الدماء بمختلف أنحاء جسده ولم ينوي سامويل التوقف عند هذه النقطة فقد اقترب يجر خصلاته بقوة مجبرا اياه على رفع رأسه عنوه يصرخ به بعنف
" غدرت بي اذا بالنهاية ، أيها الوغد الجاحد، بعد كل شيء فعلته لأجلك ، لم تكتفي بتخيب ظني وحسب بل افسدت كل شيء عملت لأجله بجد، كيف تجرأ أن تفعل هذا بي ؟"

لم يتمكن ارنيست من الرد مع كميه الألم الفظيعة التي تضرب جسده ورأسه ككل ، كان رأسه ينبض بعنف كقلبه والدماء تنساب من أماكن متفرقة من جسده تجعل الرؤيا مشوهه بسبب الدماء النازلة على وجهه، رغم ذلك ما كانت نظراته ذابله كما توقع سام رؤيتها بل كانت قوية ثابتة متحديه رغم اختلاطها باستسلام تام ، لم يكن يكترث لموته مطلقا، توقع ما سيجري ولم يهرب حتى بل بقي مكانه ينتظر سقوط شقيقه أمام عينيه ، تصاعد الغضب بداخله فهتف به بعنف بعد أن دفع بجسده للجدار بقوة فشهق ارنيست يحافظ على صمته رغم ذلك حتى أمسك شقيقه برقبته ليخنقه
" لما خنتني؟ لما طعنتني؟"

عينا ارنيست اظهرت الانكسار لكنها مزجته بخلطه سحريه مع غضب ترعرع بداخله لسنوات اخرجه دفعه وحده مرة وإحده واخيره
"لأنك. ..أخذت الطريق الخطأ ...مثل والدنا تماما...حذرتك، فعلت بصدق لكنك لم ترتدع، دمرت حياة الكثيرين رغم أن لا أحد منهم أخطأ بأي شيء ، والدنا كان الملام من البدايه ، انت من رفض أن يرى ، اصررت أن تعمي نفسك عن الحقيقة لأجل والدنا رغم أنه من ضيعنا جميعاً"

يد سامويل ضغطت أكثر على عنق شقيقه ،لم يتمكن من قول أي شيء إضافي فقد قل الهواء ونزفت رقبه ارنيست داخليا ففقد وعيه من نقص الهواء وهوى أرضا بعد أم افلته سام تاركا الكثير منا الندب وغادر يشتم بكل ما عرفه من كلمات
" لن ينتهي الأمر هنا ، سترى اني لا يمكن أن يسقطني أي أحد ، ساجعلك تندم أشد الندم على فعلتك لتدرك من الأعمى بيننا "

~~~~~~~~~~~~~~
مخططهما للخروج معاً رفقة ايزا تبعثر بالارجاء حين اضطرت ايزا للذهاب رفقة صديقتها للدراسة لأجل الامتحان القادم ، طمانها آلفين ان تفعل وسيعوضها بالخروج معها وحدهما متى ما رغبت فوافقت بحماس وجعلته يعدها باخذها باليوم التالي لمتجرها المفضل رغبة منها أن يشاركها ما تحب فحصلت على موافقة سريعة مع ابتسامة رافقها تربيته على رأسها .

أكملت والدته استعدادها وارتدت أجمل ثيابها تحضر ذاتها لموعد انتظرته منذ سنوات مضت راغبة في مرافقة ابنها الوحيد للعديد من الأماكن ، راتها لوقت طويل وتاقت لزيارتها رفقته ، تمنت لو تراه فيها صدفة ذات مرة كأي شاب آخر ممن كانت تراهم أثناء مرورها، أدرك تلك اللهفة بعينيها فتركها تستعد كما تحب حتى انطلقا بعد تأخير ساعه بدت فيها بعينيه كاميره بفستانها الأخضر الواصل لركبتها ، شعرها المسرح انسدل على ظهرها وقرطاها كانا على شكل بلورة خضراء متدليه برقة على اذنيها.

وقفت أمامه فابتسم لها بلطف ،مد يده لها فاعطته ما أراد تبتسم له برقة هي الأخرى
" أملك اجم أم بالدنيا ، هل لي بالحصول على شرف مرافقتك ؟ "

ابتسمت له وأومات ليتجه كلاهما للخارج، كان آلفين رغم كل شيء يتذكر كيفية قيادة السيارة من حسن حظه فتولى منصب القياده تاركاً الكرسي بجانبه لها لتستقر به ، الطريق الطويل للأسواق التجارية المختارة بعناية من قبل كاميليا مر سريعا على كليهما فقد استغلته كامليا برؤية ابنها يقود أمامها ، أحد أحلامها تم بالفعل ، كادت تبكي من فرط السعاده لرؤيته بجانبها، تنفس ذات الهواء معه وحده كفيل بمنحها كل ألوان السعادة فاختارته مشهدا تبقي عينيها عليه متجاهلة كل شيء آخر أما هو فقد أبقى عيناه على الطريق مخفيا خجله من نظراتها ، عيناها
كادت تبتلعه من فرط التركيز كما لو كانت تعكس امنيتها باخذه بعيدا عن العالم في مامن من كل من قد تسول له نفسه لمسه أو النظر إليه بأي نظرة لا تسره.

أعلن بعد وقت قصير من استجماع شتات نفسه أن الطريق المقصود سلوكه قد وصل لخط النهاية المقرر وحان وقت إكمال مخططات اليوم الباقية .

فور أن نزلا ابتسمت له وقد أشرق وجهها بالحماس بينما تعدد له كل الأشياء التي سيفعلانها معا
(هل أنت مستعد؟ لدينا الكثير للقيام به ، هناك محل ثياب جميل حقا أرغب بأن اختار لك بعض الثياب منه، وهناك مطعم لذيذ حقا يملك الكثير من الأصناف التي تحبها "

تابعت وهي تراه يتابع كلامها باهتمام يومئ معلنا موافقته على كل اقتراح
" هناك أيضا محل حلويات قريب متأكدة سيعجبك،بمن ترغب أن نبدأ "

دفئها الذي غمرة كليا جعله يبتسم لها ، فكر لوقت قصير قبل أن يقترح عليها أخيرا وجهه محددة للذهاب لها
" لنذهب أولا لمحل الثياب ذاك؟ فقد تناولنا الفطور منذ وقت قصير لذا أظن التجوال أولا فكرة جيدة "

لم تنتظر المزيد فقد اومات وحثته على الحركة ، لم يدركا متى مر الوقت ولا كيف اندمجا خلال وقت قصير حتى صارا يتحدثان براحة أكبر بكثير من ذي قبل واكتشفت كاميليا بأسف أن ال ابنها نسخه مصغرة من زوجها في ذوقه وسلوكياته وان اختلفت الشخصيات وهذا آثار عبوسا طفيفا ليتربع قبل أن تضحك وتخبره انها سعيدة بالحصول على نسختين من جين .

وصلت رحلتهما لما قبل النهايه بعد أن اشترت كاميليا له ما يقارب الثلاثه قمصان وأربعة بناطيل جينز اضافه لسترة صيفية بلون سماوي ولم تنسى التأكد من جعله يأكل وجبات عادلت وجبات ثلاث أيام .

اكتملت جولتهما رب وقت المغيب وقد نال التعب من كليهما لكنها رغم ذلك أثمرت عن شعور ارتياح والفه بينهما تترجمت من خلال انسياب الحديث كلحن عذب دون توقف ، أغلق الاثنان باب السيارة واستعدا للدخول ، وقفت والدته أمامه تنظر إليه بسعادة وهي ترى كم يقف أمامها بشموخ، كان أطول منها وملامح الطفولية صارت مختلطه بملامح الرجولة والكبر، طفلها صار رجلا في غمضه عين ...بعيدا عن عينيها .

حاولت ازاله هذه الأفكار واكتفت بسعادة انه أمامها الآن ، يمكنها تعويض ما فات أي كان طالما هم معا وحتى لو استعاد ذاكرته الآن ربما ولو قليلا يكون قد سامحها وقرر منحها مكانا في حياته ولو ركن صغير يمكنها مراقبته منه

رآها تنجرف بعيدا عنه فاعاده للديار بصوته ، نبرة احبتها من أول مرة سمعتها بها
"امي ، أين ذهبتي؟ ما رأيك أن ندخل ؟لقد تعبتي كثيرا اليوم لأجلي، حان الوقت لترتاحي قليلا"

اومات له تبتسم قبل أن تمسك بيده لتحثه على الدخول معها ، تبعها بصمت أو كان هذا مخططه حتى استوقفه صوت من الخلف جعله يتوقف عن السير بشكل جذب انتباهها، استدارت تنظر إليه بحيرة من توقفه المفاجئ ، زادت الحيرة لديها أضعاف حين رأت ملامحه الجادة بشكل غريب فانقبض قلبها خشية حدوث مكروه ، رآها ارتباكها فحاول تغير الجو عليها سريعا يبتسم لها بهدوء
"امي، اذهبي للداخل ، تذكرت شيئا علي القيام به "

لم توافق مطلقا ، المكان ذاته والمشاعر ذاتها عاشتها ذات يوم فكانت آخر مشهد لها رفقة ابنها ، لم ترد المجازفة هذه المرة ، أرادت معرفة ما جعل ابنها يضع هذه الملامح فجأة ، اقتربت منه أكثر وامسكت بذراعه تحاول التحقق من الأمر بنفسها وتوكد أنها لن تبرح مكانها دونه، ضعف أمامها لكنه كان يعرف حق المعرفة أن هناك امورا أهم من المراعاه حاليا خصوصا حين حوصروا على حين غفلة من 7 رجال احاطوا بهم مع مسدسات موجهه نحوهم واقربها كان على رأس ال مباشرة من الخلف .

شحبت والدته شحوب الاموات وسحب الدم من وجهها لكنها وبدل الانسحاب اقتربت من آلفين متجاهلة كل الاسلحه المصوبه والخطر المحدق تقف أمام آلفين توجه نظرات حادة تحبس دموع العجز خلفها
" من انتم ؟ ماذا تريدون منا ؟ "

آلفين أدرك أن الأوان قد فات وأنها بالفعل رأت ما لا يجب أن تراه ، كان هو المستهدف لسبب أو لآخر ورغم كل شيء لم تكن هناك نية قتل في اعينهم بل بدأ انهم يريدون أخذه حيا؟ كان مرعوبا بداخله مما يجري لا يفهم أي شيئ ولا يعرف من قد يرغب باخذه لكنه عرف شيئا واحدا وهو أنه مصدر خطر على والدته فتحدث بينما يسحبها إلى جانبه متجاهلا السلاح الموجه إليه
" انتم هنا لأجلي على ما يبدو ، لذا اتركوها بسلام وساتي معكم دون مقاومة ،لن ينفعكم أحداث فوضى هنا صحيح ؟"

وهي هتفت به صارخه بهستيريا واضحة تنظر إليه برفض تام تتمسك بذراعه بقوة ودموعها تحررت حين أدركت ما سيجري لكنها رفضته عميقاً
" لا ! لن تذهب لأي مكان إلا وانا معك ! لن ياخذك أحد مني !"

وهو نظر لعينيها يحاول بث الطمأنينة رغم الظروف التعيسة ، أرادها أن تهدأ ولو قليلا فقد ألمه رؤيتها تنهار هكذا أمامه وهو عاجز عن فعل أي شيء لاجلها سوى الاستسلام لتجنب الأذى لها ، تردد فيما يجب قوله بوضع كهذا وهو لا يملك حتى رفاهية الرد عليها اصلا مع كل تلك النظرات الملولة الساخرة منهما .

ريثما حاول إيجاد ما عليه فعله سمع صوت ارتطام تلاه سقوط والدته فاقدة للوعي بين ذراعيه ، عينان توسعت ويداه أسرعت تلتقطها بين ذراعيه بخوف رهيب اجتاحه خشيه ان تكون اصيبت باذى شديد ، لاحظ تنفسها رغم رعبه فوحدها فاقده للوعي وحسب، رغم شعوره بالارتياح قليلا لكنه فقد أعصابه بينما يمسكها بين يديه هاتفا بتهديد
"أخبرتك اني ساتي معكم بدون مقاومة لم يكن هناك داعي لتؤذيها!"

تقدم أحدهم ليجرها من بين يديه بينما أمسكه الآخر بعنف يمسك بذراعيه خلف ظهره مع وضع المسدس فوق رأسها ، ابتسم بخبث وهو يخبره بينما يجره للسيارة بعد أو أوضح له أنه الحد الفاصل بين موتها وحياتها
" السيد سامويل حقا متلهف لرؤيتك، سترى كيف أن اللعب معه يعني نهايتك، ميته مريحة لك وان كان ذلك أبعد ما يكون عن الاحلام حتى "

ذلك الاسم تسبب بصداع خفيف جعل نوبة غثيان تصيبه والرؤيا تشوشت لوهلة حتى شعر بقطعة قماش تغطي فمه ، انتبه وحاول المقاومة هذه المرة بشكل تلقائي ،لم يرغب أن يصل لهذا الحد من العجز لكنه لم يتمكن من الإفلات بعد أن ثبته اثنان بينما تولى الثالث افقداه الوعي فكان آخر ما راه هو جسد والدته أرضا ً أما عقله فلم يفهم سبب فعلتهم لكنه أدرك انه مرتبط بطريقة أو أخرى بماضيه التعيس على ما يبدو ، فكر باعماقه خلال هذا الوقت الحرج بماذا قد يفعل والده وليو الان؟ هل هو سيتسبب لهما بمتاعب؟ هل سيكونون بخير ؟ هل يكفي استسلامه ليبعدهم عن المتاعب ؟ هذا ما تمناه من أعماقه لينتهي بذلك كل شيء دفعه واحدة
~~~~
كان ليو يتذمر كثيرا من هذه المشاوير المزعجة لكنه كان ينتظر ما ستثمر عنه بفارغ الصبر فقد عنت نهايه سامويل كمصير محتوم لا رجعة فيه ، كانوا مجتمعين في مكتب جين بعد إكمال ليو وسيتو أعمالهم ليناقشوا سبب رحيله ذاك بعد أن أخبره جين أنهما بحاجه للنقاش عن بعض الأمور وانظم لهم برايان لإكمال حلقتهم الصغيرة
" تظن انه سيسقط هذه المرة ؟"

كان جين من بدأ بالسوال بعد أخبار ليو له بأمر الأدلة ووصولها بيد الشرطة مع وصول تاكيدات من مارسيلنو ان هناك مذكره اعتقال صادرة بحقه بالفعل .

أجاب السوال والد ليو وقد غرق بقلق عميق بنبرة عميقة لم تخلو من توجس
" لا يمكن اجابه هذا حتى يسقط فعلا ، أمثاله يصعب حقا الإطاحة بهم بهذه السهولة "

سيتو نظر لعمه بهدوء ، ارجع ظهره للخلف وتنفس بعمق مجيبا بعد برهة من التفكير
" أظنه سيسقط حقاً لكن ...ليس بسهولة ، لا ضمان انهم سيجدونه اصلا ولابد انه عرف بالفعل بأمر الأدلة "

ليو الجالس بينهم حافظ على صمته رغم احتدام النقاش بموضوع كهذا ، كان صمته سابقا ناتجا عن رغبته بإخفاء الأمور عنهم لكن ومع انكشاف الستار وتبعثر كل الأوراق على الطاولة ما عاد هناك سبب يدفعه للصمت فجذب ذلك انظارهم نحوه بشكل جماعي حين أدركوا انه لا يشترك بالحوار كما ينبغي
" ليو ....هلا اتحفتنا برأيك ؟"

والمعنى رفع رأسه ينظر لوالده مع عدم فهم جعلهم يدركون أنه لم يصعد معهم على متن ذات قطار الأفكار بل استقر في محطه لنفسه ولم يدرك ما كانوا يتحدثون معه اصلا ، جين بقي ينظر إليه قبل أن تظهر ملامحه قلقاً ظهر تزامناً مع شرود ليو رغم ادعائه انه منتبه لهم
" ما الأمر ليو ؟ هل حدث شيء ما ؟ تبدو شارد الذهن ، هل هناك ما يقلقك ؟"

رد بعد أن حدق بهاتفه متنهدا
" كنت اتصل بالخاله وال، لم يرد أي منهما على اتصالاتي، قد يكونان مشغولين وحسب لكن فقط هذا جعلني اقلق قليلا ، لذا أفضل لو نعود لرؤيتهما ؟ غالبا سيكونان بالمنزل الآن بانتظارنا "

لم يناقش أحد الأمر فقد كان الجواب معروفا لهم ، برايان تلقى اتصالا من زوجته فقرر أن يذهب ليقلها ويحظرها لمنزل جين كما اتفقوا بعد أن يقوم البقيه بتفقدهم"

~~~~~
الظلام حل على المنزل بعد أن رحلت الشمس تاركة الساحه لمنافسها القمر ، منحته السماء بوسعها وحملته امانه منح الدفء والضوء بدلها فادى الامانه بقدر ما استطاع لكنه عجز عن منح ما يكفي من الضوء ليمحو ظلام الليل

باب المنزل فتح ليطل منه جين وليو بعد أن فشلت كل محاولات الاتصال لسبب يجهله وزادت سرعه قيادتهما حين أغلق هاتف آلفين فجأة بعد رابع اتصال دون ترك أي أثر .

اسرعا نحو الداخل حتى كاد سيرهما يجابه الركض في سرعته رغبه منهما في الاطمئنان بعد أن أكل القلق قلبيهما وتفاقمت افكارهما المظلمة بشكل خارج عن السيطرة جعل أسوء الاحتمالات هي الأقرب واقعيه وان كانت امانيهما تعاكس ما يحمله الواقع من علامات شبه موكدة.

سرعتهما تلك لم يوقفها أي شيء ولم يقطعها سوى رؤية جين لجسد زوحته ممدا أرضا ينيره القمر ويعرض عليه زوجته راقده أرضا دون حراك ، انتبه ليو لذلك المنظر فتصلب مكانه غير قادر على التقدم نحوها ، وجهه ابيض في شحوبه، عيناه لا تبارح خالته لكنه لم يملك القدرة التي امتلكها جين ليذهب نحوها ، جين أمسك بها بين يديها وبدا يحاول ايقاظها وقد استبد به غضب لوثه خوف وندم على تركهما وحدهما متناسيا شناعه سامويل وما قد ينتج عنه شعوره بالسقوط القريب ، نادى باسمها برفق وضرب على خدها حتى وجد عينيها تظهران من تحت جفنيها، صورة جين الصغير ظهرت أمامها ، رفعت يدها تنوي لمس خده حتى توضحت الرؤيا قبل وصولها ، استوعبت ما تراه ففتحت عينيها سريعا مرعوبه تهتف بأول اسم خطر على عقلها
" آلفين ، أين آلفين ؟ "

امسكت بقميص جين بقوة تسحب جسدها عن الأرض معتمدة على ثقله، عيناها تحدق بعينيه بتوسل أن تمنحها الجواب المطلوب لكنها لم تحصل عليه فيهما فانهارت تذرف الدموع قبل أن تسمع الكلمات القاسية على قلبها
" اخذوه؟ أخذوا ابني مجددا ؟ جين ....اخذوه من أمامي ، من بين يدي ، لقد ....لقد ...."

صوتها المتقطع مع دموعها ، ارتجاف شفتيها ويديها وانهيارها أرضا جعل جين يحتظنها يحاول منحها الأمل الذي فقدته سريعا ، أمسك بها بين ذراعيه وحملها للداخل بعد أن انهارت نفسيا بين يديه تطالبه باخذها لعالم بعيد حيث لا أحد قد يمد يده لاسرتها مجددا ، التفت قبل إكمال طريقه للداخل ليرى مكان وقوف ليو قد صار حاليا تسكنه الأشباح فجأة ، ليو عرف بما حدث بابشع طريقة ممكنه ولا يملك هو القدرة على اللحاق به بوضع كهذا رغم ذلك جزء منه كان يشعر بالاطمئنان لمعرفة ليو فلا أحد سيجد آلفين حقا سواه ولا شخص قد يتمكن من إمساك يد ابنه غيره وان كانت فكرة أن يكون قد مات سلفا تحاول اختراق عقله لكنه دحضها بتاكيد أن أفعال سام منذ البداية للآن أرادت تعذيبه ببطئ لذا فكرة أن يقتله وحسب بهذه السرعه مستبعده؟ أرادت أي أمل يمنحه القوة للمواجهه، أي شيء قد يجعله قادرا على الاستمرار بعد كل ضربه قاضيه يتلقاها وكل ضرر تعرضت له أسرته بسببه ، كل ما يحدث يجعله يفكر انه أسوء ما حدث لهم لكنه اضطر لانتشال نفسه من مشاعره الشخصية لوجود ما هو أهم بكثير .

~~~~
شعوره السيء لم يخطأ وذلك المنظر أمامه أشعل قلبه بنار حارقة لا تنطفئ، جلس في السيارة بصمت وجمود تام لا يفعل شيئا ولا ينطق بشيء مجرد تحديق بالمقود بجمود استمر لعدة دقائق قبل أن يظهر غضب وياس متفجر على ملامحه مع رغبه بتحطيم كل شيء حوله أو تفجير العالم بأسره وحسب ، قبضته ضربت على المقود بقوة شديدة عدة مرات وهتف بمشاعر محمومه لم يسمعها سواه
" تبا ، تبا لكل شيء "

وضع رأسه على المقود يتنفس بقوة شديدة ، عيناه أحمرت غضبا وخوفا وهمس لنفسه بوعيد لم يوقف تدفقه أي شي
" أن أصاب آلفين خدش واحد حتى ، سيدفع الكل الثمن ، لن اترك أي شيئ على حاله ، سامويل موتك على يدي انا أقسم "

بمجرد انتهاء مرحله الانهيار الوقتي التي مر بها رفع رأسه وحرك المقود بعد الضغط على المكابح بقوة شديدة جعلت السيارة تندفع كاندفاع نوبة غضبه متجها للمكان الوحيد الذي قد يمنحه بعض المعلومات ، لم ينوي الاعتماد على أحد بعد الآن سيجده بنفسه ويضع حد لهذه المسرحيه السخيفة بيديه ولو عنى ذلك أن ينتهي به الأمر بالإعدام .

~~~~~~~

عيناه أبصرت ضوئاً خفيفا بمجرد استيقاظه معلق بسقف مقفر قديم يتساقط منه قطرات الماء الملوث ، أراد أن ينشط ذاته عنوة لاستيعاب وضعه الحالي خصوصا حين سمع صوتا مخيفا يتحدث بجانبه ففتح عينيه على وسعهما وتحركت يداه ينوي التاهب للدفاع فكانت تلك لحظة ادراكه لوضعه، مقيد بسلاسل من السقف في زنزانه لا تتجاوز الثلاث أمتار في مكان يبدو كقبو تحت الأرض ارضيته ملوثه بدماء جافة ، يداه كانت تولمه يسبب ثقل جسده والرجل أمامه لا يبدو أنه ينوي له على أي خير يقف خلفه ثلاث أشخاص وأمامه بزنزانه مقابله له فتى أصغر منه ينظر إليه بنظرات حسرة والم حالطها عجز وشعور مرير بالمسؤولية جعله يخفض رأسه فور أن بادله آلفين النظرات ،سامويل الواقف أمامه سحب رأسه بعيدا عن ارنيست وجعله ينظر إليه مجبرا باجباره على النظر إليه بعكازه المعين له على السير
" انظر إليك تنشغل عني بأمور تافهه، أو نسيت انه فائرك الصغير ، هل تحاول الاطمئنان انه بخير ؟ هو حي للآن فقط لكي يرى نتائج افعاله وكيف ينتهي الأمر بكل من تسول له نفسه استهدافي"

نظرات آلفين له كانت متفحصه ، خوف بعينه مما يجري اخفته ملامحه قدر الإمكان بنظرات حاول جعلها هادئة لا تتفاعل مع كلماته
" ماذا تريد منا ؟ من تكون أنت ؟"

راقب سامويل ملامحه بصمت قبل أن ينفجر بالضحك على تلك العبارة ، أكمل ضحكه ذاك قبل أن يجيب السوال المعلق في للجو
" اوه نسيت انك تحولت لطفل صغير الآن لا يتذكر من أنا، انا شخص دمر انت ووالدك حياته بدون أي ذنب يذكر ، انا هنا لأخذ حقي وحسب ، والدك دمر أسرتي وانت تجرات واذيت قدمي وسعيت خلفي كجرذ لعين يظن أنه يملك حق وضع رأسه براسي، انت وذاك الوغد سوين"

آلفين اتسعت عيناه حين سمع هذا ، شعر بالصداع بقوة يسيطر على رأسه ، اغمض عينيه وتمنى لو يستطيع وحسب أن يمسك برأسه عله يخفف ألمه لكن لم يكن بوضع يمنحه حتى أقل حق من حقوقه وما زاد سوء الوضع هو تلقيه ضربه على ذراعه بقوة شديدة من عصا حديدية لا يدري من أين احظرها سامويل بشكل مفاجئ لكنها جعلته يشهق بقوة شديدة مع الم لا يحتمل في ذراعه تضاعف مع ثاني ضربه وجعله يلهث في محاولة يائسة لكتم ألمه ، نظرات استماع من سامويل مع تكور ارنيست على نفسه يتجنب النظر لما يجري ، لا يبدو أن الوضع يتجه باتجاه جيد ولا يعرف كم سيحتمل مما يجري لكنه فقط يتمنى لو يأتي أحد ويخرجه من ألمه هذا .
~~~~
وصل بعد برهة لحيث نوى الذهاب، ملامحه كانت غايه في الهدوء رغم تحركات جسده المتصلبه والسريعة قاصدا هدفه دونا عن غيره ، لم يتوقف عند أي محطه صارت أمامه ولا أي شرطي قد يقوده للمكان فقد عرف المكان الذي أراده بالفعل  ولم يكن بحاجه لمن يرشده نحو ضالته كونه الوحيد بعقله اصلا .

لم يفكر أي أحد بايقافه حقاً فقد علموا سلفا عن قدومه وحصلوا على أمر من مارسيلنو بعدم اعتراض طريقه  وزادت رغبتهم بتنفيذ الأمر بمجرد رؤيتهم لملامحه فقد أدركوا دون أي كلمه أن هدوئه الظاهري أظهر عنوة وجها مخيفا جدا ، وحش كاسر يتربص  بفريسته قبل الانقضاض ، سفاح مختبئ يبحث عن هدف رصاصتة التالية وجه مشوه خالي من المشاعر الإنسانية ككل ينذر عن نوايا مظلمه بعد أن فقد قدرته على الإحساس وجمدها ليضع محلها امورا أكثر أهمية .

وصل لمكتب مارسلينو ولم يفكر ولا لثانيه قبل الدخول بل دلف دون طرق للباب حتى وتابع طريقه متجاهلا نظرات مارسيلنو نحوه وادرك من ما جرى للآن أن جين أوصل المعلومة بسرعة على ما يبدو وصار لمارسلينو علم بما جرى ، وقف أمامه وانحنى بضع يديه على الطاوله أمام مارسلينو ، رفع رأسه ينظر نحو عينيه مباشرة بجمود دون أن يطرف حتى
" أين مكانه؟"

مارسلينو بادله التحديق بذات  الجديه والقوة ، لم يهتز من نظراته ولم يتراجع بل وقف بشموخ يجيب دون تأخير أو تردد
" تعلم اني لن أخبرك  صحيح ؟ خصوصا مع ملامحك الصارخة بوضوح انا من سيقتله، سنستعد آلفين هذا وعد ، لكن لن تشارك بهذا "

ليو استمع لذلك بذات ملامحه حتى أفرج عن ابتسامة باردة تحولت خلال ثواني إلى  ضحكه غريبة جعلت مارسلينو يقلق أكثر على ليو من ذي قبل لعلمه انه وصل للحظيظ فعلاً دون رجعة على ما يبدو .

استقام ليو  بوقفته  وتوقف عن الضحك ، ابتسم من جديد بجمود، مال رأسه قليلا يتحدث بسخرية
"كنت لاستغرب لو اخبرتني للحق ، لا بأس "

استدار وغادر المكان ولم يحاول مارسلينو منعه ، بمجرد ذهابه من الغرفة ارسل مارسلينو رساله وتنهد وقد اظلمت ملامحه
" لن اسمح بحدوث هذا مطلقا ، سانهيك قبل أن تسبب أي متاعب أخرى حتى لو كان آخر عمل لي "

~~~~~
جين هو الآخر لم يجلس بمكانة وحسب ، سلم انتبه رعايه والدتها  وخرج منذ ما جرى دون أي أثر يذكر ، لم يعرف أي أحد مكانه من وقتها ولم يعرف بامر رحيله  سوى برايان والذي كولده تولى أمر البحث عنه دون الإفصاح عن هذا لأي شخص آخر  لعلمه أن الوضع تعيس بما يكفي  ورحيله ذاك تزامن مع ترتيبه أمور غيابه بالتالي الفكرة الوحيده التي وصلته أن جين ذهب بملئ إرادته لمكان ما ....مكان يظنه يحتوي ابنه الوحيد لكنه لم يخبر أحدا رغبه منه أن ينقذ ابنه بنفسه أو يموت رفقته لو لزم بعد انتزاع روح سامويل، لم يكن جين القاضي الهادئ الرزين بل جين الأب المكلوم بفقدان ابنه مرتين والذائق مرارة  الفشل باصعب وأسهل مهمة بوقت واحد ومن غيرها  الأبوة تفعل هذا .

~~~~~
منذ غادر مكتب مارسلينو وهو يتجول في الأنحاء دون هدى أو هكذا بدى لمن كان يتبعه كحارس شخصي وضع من قبل مارسلينو وانتبه له ليو من أول لحظة ، رأى المرأة فلاحظ تلك السيارة تتبعه فابتسم بسخرية خالطها استهزاء مرير
" ويقول انهم سينقذون ال ؟ لا يستطيع حتى تتبعي دون  أن انتبه ، من المثير للسخرية حقا أن هولاء هم الموكلون بإنقاذ آلفين "

اختفت ابتسامته ، داست قدمه على المكابح فجأة بشكل أجبر الشرطي على التوقف بشكل مفاجئ واصطدم رأسه بالزجاجه  الاماميه برفق نتيجه حزام الإمام الذي أنقذه، رفع رأسه لينظر سريعا لهدفه ليسمع صوت محرك قوي يشتغل وانطلقت  سيارة ليو بسرعه جنونية واختفت من ناظريه قبل أن يتمكن من اللحاق به وتشغيل السيارة اصلا .

أما ليو فقد استغل  تشتته ونجاح خطته بتضليله لينطلق نحو ضالته المنشودة، أن لم ينفعك القانون فالاجرام هو الحل ، كان هذا ما فكر به وهو يتخيل ما قد يكون أصاب ال حاليا فاندفع دون تأخير مستعينا بتجربته السابقه لتحقيق هدفه الوحيد ، لم يتأخر  عن الوصول بعد أن كرس كل تركيزه وكل ما امتلكه ليبلغ حي للمجرمين ذاته، أول مكان وجد به اتباع سام ووصل له من خلالهم ، نزل من السيارة وأغلق الباب بعنف جعل الصوت ينتشر في الخواء محدثا ضجيجا عاليا جذب أنظار كل الموجودين ورغم امتلاك كل منهم سجلا لا يخلو من جريمة أو اثنتين فقد كان الشيء الوحيد الموكد من خبرتهم أن العبث مع ليو جريمه لا تغتفر بحق أنفسهم فانزل البعض رأسهم بينما آخرون تظاهروا بالأنشغال بأي شيء قربهم أما  آخرون فقد ابقوا اعينهم عليه تراقب  ما يجري باهتمام مع إقناع أنفسهم أن لا شيئ عليهم كونهم لا يستفزونه، وقف مكانه وسط المكان ، وضع يده بجيبه وهتف بملامحه المخيفة لهم بصوت سمعه الجميع
"أين أجد سامويل ؟"

الأصوات تعالت بهمس ونقاشات جانبيه دون ظهور جواب صريح ، أعاد كلامه بنبرة أعلى بعد أن ألقى نظرة على المتواجدين
" أكره تكرار كلامي ، أن كنتم لا تعرفون مع من تعبثون فدعوني اخبركم، انا سوين ليو ، شخص قتل أحدهم بدم بارد منذ الطفولة ، واملك القدرة  على ابادتكم جميعا أو رفع شانكم، أن كان لديكم ما تقولون بشأن سامويل  فتقدموا ، ومن الأفضل لكم ان تكون المعلومات  صحيحه والا أقسم أن موتكم لن يكون رحيما "

لم يجر أحد أن يتقدم حتى مرت دقائق ليتقدم أحدهم بنظرات واثقة شابهت خاصة ليو يوم كان آلفين معه ، اقترب يقف أمامه بشموخ يجيب بثبات ظاهري
" انا اعرف مكانه ، ساخبرك مقابل أن تعطيني ما أريد "

ابتسامته المظلمة لم تختفي وهو يجيب سريعا
" حسناً ، اعتبره تحقق وبهذه اللحظة أيضا ، فقط أعطني ما أريد ولك ما تريد "

اوما الشاب  ذو الشعر الناري والعيون الخضراء الواثقة بهدوء ، ملابسه الرثه عجزت عن إخفاء الكبرياء القابع خلفها وقد كان لدى ليو فكرة عن ما تخفيه هذه الملامح خلفها فكان محظوظا بإيجاد هذا الشاب وبهذا الوقت القياسي .

~~~~~~~
قطرات الدماء تجمعت معا لتنعش البركة الجافة بدماء آلفين حاليا ، كان جيده كله مغطى بكدمات زرقاء كبيرة ، جروح نازفه شوهت جسده باماكن عدة وحروق عميقة حتى وجهه اغرقته الدماء  نتيجه الجروح النازفه من رأسه واذنيه بينما يتم ايقاظه كلما فقد الوعي من قبل رجال سامويل ، كان يلهث بسرعه شديدة حتى أن صوته بح من الصراخ وعيناه بالكاد تبقيان مفتوحتين لكنه ودون أن يدرك كيف أو لما وجد صوتا بداخله يمنع من التوسل مهما جرى بل هو حتى حاول كتم صراخه لوقت طويل  إلا أن قوة تحمله نفذت نتيجه القسوة المفرطة معه فصار الصراخ أقصى ما يمكنه فعله  رغم محاولته الصمود حتى ادمى شفتاه.

فتح عينيه مع صداع شديد  اصابه أصابه منذ قدومه ، كان يسقط في نوبات صمت من حين لآخر  مع شرود غريب يسحبه من جو التعذيب  دون أن يفهم احد سببه سوى آلفين نفسه وقد اختتمه بآخر نوبة  بفقدان وعيه معه دون أن يستيقظ مهما حاولوا فعله معه من شدة الأنهار فتركوه موقتا بينما يرتاح زعيمهم من ما بذله من جهد "

تم فك قيده حين ما عاد هناك احتمال على قدرته على الهرب فسقط جسده أرضا محدثا أضرار أكبر بشكل متعمد تاركين اياه غارقا بدمائه مع عطش وجوع شديدين والالم مبرحة جعلت جسده يحترق رغم غياب وعيه وحمى عاليه ظهرت من اللامكان لتزيد معاناته.

ارنيست كان يرتجف من شده الغثيان والالم، رأى أمامه كل شيء وتذكر كل ما فعله آلفين لأجله وبماذا قوبل؟ دمرت حياته ويتم قتله ببطئ دون رحمه بلا ذنب يذكر ، كانت دموعه تنهمر بقوة وهو ينظر إليه من زنزانته يقتل نفسيا بوضعه الراهن ويزداد كراهية وغضب ناحيه أخيه ، ما بات يملك ذرة شك واحدة أن شقيقه يستحق الإعدام بابشع الطرق الممكنة بما اقترفته يداه حتى الآن ولانكاره ذنبه المقترف حتى  آخر لحظة ، دموعه اغرقت الأرض تحته وعيناه الدامعه حدقت بالفين لوقت طويل على أمل أن تمنحه النظرة الرعاية التي يعجز عن توفيرها له وكعقاب له على ترك المجال لسامويل  لفعل كل هذا دون ردع من البدايه وكل لحظة جبن اوصلته لهذا الحال .

صوت أنفاس آلفين ارتفع أكثر بشكل جعل ارنيست يخرج من وضع الانهيار وهتف بصوت بالكاد وصل لالفين
" آلفين ؟ هل تسمعني؟ هل انت بخير ؟"

والمهني أصدر تأوهات خفيفه منه ثم تصاعدت مع محاولاته للحركه رافقها ارتجاف شديد جعله يسقط محددا بينما يلهث ، صوت ارنيست وصله بالفعل لكنه لم يملك القدرة ولا الوعي الكافي للرد بلحظتها ، استمر ارنيست بالتطلع ناحيته مع مناداته حتى اضطر آلفين بعد أن استطاع أخيرا الركوع على ركبتيها لكي يستطيع الجلوس باعتدال ثم جلس بينما يتنفس بصعوبه يجيب بسخرية غير متوقعه
" أجل بأفضل حال ....كما ترى.... أبدو كتحفه فنيه مصنوعة حديثا ، ....شقيقك فنان مخبول على ما يبدو "

وتلك العبارة مع السخرية المعتادة والصوت الذي فقد لطفه وبرائته بغمضه عين وعاد معه ذلك الصوت الواثق الحامل لسخريه تجاه العالم أجمع ومن الحياة كلها ، استند للجدار خلفه يحاول استجماع قوته للجلوس وحسب ، عظامه كله  تولمه والحرارة تجعله يكاد يهذي لكنه بذل كل ما بقي لديه ليدرس الوضع  الذي هو فيه ، استطاع تذكر كل شيء دفعه واحدة بعد كل المحاولات التي حاولها لمعرفة  سبب غضب سامويل  منه عله ينقذه من ألمه لكن مع كل اكتشاف كان هو من يمتلئ غضبا على سامويل ويمنح نفسه حق وضع سامويل بما وضعه فيه !

ارخى جسده واسند رأسه للجدار يغمض عينيه بتعب، لا يعرف مصيره ولا يعتقد حقا انه قد يتمكن من فعل أي شيء لمنع سامويل من اذيته خصوصا مع حالته الجسدية الحاليه فهو أشبه بجثه على وشك التفسخ ، جراحه ملوثه وهو بمكان رطب بعيد عن أي شيء قد يمنح طاقه للمقاومه، عقله ذهب لذكريات دافئة لتمنحه  القوة في هذا المكان المقفر وتعطيه القدرة على إيجاد سبب يدفعه للابتسام بوجه  سامويل بتحد رغم كل شيء ، تذكر الأيام التي قضاها مع أسرته أيام فقدان ذاكرته ، حنان والده المشع من عينيه ، غرفته الباقية لأجله كما هي كما لو كانت كنزا قوميا أو ارثا لحمايته،  تقرب شقيقته منه بكل فرصة سمحت لها ودموع والدته كلما نظرت اليه أما أهم ما جاء بعقله هو غضب ليو الطفولي منه ومجالسته كطفل صغير ومنحه بعض الحلوى في المهرجان جعلته يبتسم رغم الانهاك ويهمس لنفسه شاعرا بالبهجه رغم تعاسة الظروف
" ذلك الطفل سيكون أبا مذهلا حقا رغم ما يبدو عليه "

فتح عينيه وزالت ابتسامته ليحل محلها سكون وصفاء بال استحضره من خلال ما حصل عليه من جرعة سعادة بفعل ما مر به من أحداث غرست عميقا بقلبه ، فكر مع نفسه وقبل أن يغرق باليأس ابتسم من جديد ، زرعت طمأنينه بقلبه وتحدث بشيء من القوه بعد أن استجمع ما بقي لديه
" ارنيست، اصمد لأجل الكسندر مهما جرى كما سافعل انا لاجل ليو ، ليو سيأتي ، يمكنني أن أقولها بكل ثقه ، لن ننتهي هنا "

ارنيست وقد سمع كلماته رغم الوضع المزري الذي هم فيه اخفض رأسه   وضغط على يده بقوة ، اجابه بعد وقت قصير يطرد الياس من قلبه رغم وجود شعور عميق يخبره أنها آخر مرة سيراه فيها  ما لم يسرعوا فسامويل لا ينوي تركه حيا  على ما يبدو .

ذلك الحوار اختتم بضحكه بغيظه نشرت الرعب بقلب ارنيست مع هلع لرؤية شقيقه يعود بهذه السرعه أما ألفين فقد فتح عينيه يلعن حظه لكنه أخفى أي ملامح قد تمنح سامويل مصدرا ليستمتع به أو يكسر أسرته به
" اوه انظروا من هاد، الفين ابن جين ، المجرم الذي دمر اسرة بريئة بمثالياته المزيفه ، مرحبا بك بمنزلك الاخير ، حيث ستغادر روحك القذرة العالم "

نظر نحو سامويل وبين أنفاسه المتعبة نطق بثبات حملته على ظهرها كل مشاعر الألم ،عاشها طوال سنوات طفولته وشبابه فجاءت ثائرة على كل ما عاشته دون استحقاق
" اتعلم ؟ انت حقا مثير للشفقه،تدرك أكثر من أي أحد آخر أن زمنك انتهى ، لم يعد لديك شيء لفعله سوى انتظار نهايتك ، لا أحد بالعالم يحبك أو يريد وجود ،حياه كهذه بائسة بالفعل ، حتى حين ستموت، لن يحزن أحد لأجلك ، عشت وحيدا وستموت بذات الطريقة "

اقترب سامويل منه من جديد ، تجمدت ملامحه حتى صار أمامه ينظر إليه من مكانه باستصغار حمل معه حقدا وكراهيه لا مثيل لها ، رفع قدمه السليمه وركل وجهه بقوة فنزف الكثير من الدماء من فمه ،  ضربة أخرى تلقاها قبل أن يتمكن من استجماع أنفاسه جعلته يسعل بقوة  نافثاً الدماء من فمه، زادت سرعه تنفسه ووضع يده على صدره من فرط الألم الذي يشعر به ، يكاد يقسم أن أضلاعه تكسرت من فرط قوته في ركلة لكنه مع ذلك استمر بالمقاومة النفسيه التي قررها ورفع رأسه بصعوبه يحاول البقاء واعيا، شعر بيد سامويل تمسك بشعره وتشده بقوة شديدة سحبه نحو الجدار ودنى منه يهمس بسخرية تامة
" حين سيأتي بطلك الصغير ومعه والدك ....سيجدونك هنا...جثة متفسخه لا روح فيها وحينها سيعرف كلاهما كما ستعرف انت أن هناك أشخاص لا يجب العبث معهم "

وخلال ثواني قليله ضرب رأس آلفين بالجدار بقوة  شديدة تكررت بطريقة هستيريه حين  فقد كل ما تبقى من صبره بسبب كلمات الأصغر فكان ذلك بالنسبه لسامويل علامه لخط نهايه حياته وفجع قلب الاثنين الذين دمراه ، ارنيست اتسعت عيناه بما راه ، صرخ من اعماقه بينما يضرب الزنزانه الحديدية بكل ما امتلكه من قوه يحاول زحزحتها
"سامويل، توقف ، إياك أن تفعلها ، لا تلوث يديك أكثر مما فعلت، أتركه وحسب يمكنك قتلي بدله انا من خانك الم أفعل ؟"

سامويل كان يلهث بعد أن تعب من كثرة ما ضربه ، افلتت يده رأس آلفين فسقط أرضا بعد أن غرق رأسه بالدماء  فما عاد ممكنا تميز ملامحه أما آلفين نفسه فقد كان وعيه بين الحياة والموت لا يستوعب أي مما حوله ولا يشعر بشيء سوى دوار عنيف رافقه غثيان ضاعف الأصوات المزعجه حوله مع صداع شديد كما لو كان رأسه ينفجر ، فتح عينيه ينظر للسقف ، نظرته خاوية منهكه ما عاد قادرا على الحركة ، لا يعلم أن كان سيعيش حقا بعد كل ما جرى أو أن كان سيصاب بعاهه مستديمه حتى لكنه فقط امتلك أمنيه وإحده اللحظة ، معجزة ما تنزل عليه من السماء وتجعل ليو لا يراه على هذه الحال أو ينساه وحسب بشكل سحري  حتى لا يتألم لو راه هكذا ، يعرف ما قد يشعر به ليو لو رأى  خدش عليه ولم يرد أم يجرح قلبه هكذا ،امنيته وبدل  أن تتحقق انعكست بشكل تام فكان وجه ليو يحدق به ، الحياة سلبت منه ، روحه بدت وكأنها غادرت قبل روح آلفين  لمجرد رؤيته هكذا ،دموعه انهمرت بصمت تام تعلن عن انكسار  شيء ثمين جدا لا يعرف كيف سيصلحه حتى ، حاول الحديث بكل ما بقي لديه من قوه ، حاول تحريك يده المصابة لكنه فشل كليا ، قلبه انكسر وملامحه ذبلت كما لم تفعل يوما لرؤية ملامح ليو هكذا ، أراد الاعتذار إليه بصدق ، أن يخبره أن يفضل الموت الف مرة وان يتعذب على يد سامويل للأبد لكان أفضل عليه بمراحل من أن يكسر رفيقه هكذا ، طاقته المتبقية لم تعد تكفي فاغمض عيناه بعد أن شعر بالانهاك وهمس لليو بصوت لم يسمعه غيره مع نبرة رجاء
" لا تضع هذه الملامح ليو  أرجوك ، لن تتخلص مني بهذه السهولة لذا كن  قويا اتوسل إليك ولا تتهور"

كل تلك الفوضى حولهما  ومحاصرة رجال الشرطة لسامويل ورجاله ووقوف جين  هناك من بعيد بعد أن أدرك انه كعادته وصل متأخرا لم تعنيه ، كان هناك شيء يتسرب من اعماقه، ليو سوين من كان لا يكسره أي شيء  شعر بأنه أضعف الناس على وجه الأرض ، فضل بالشيء الوحيد الذي أراده فعلا .

يتبع
ارجو ان يعجبكم ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top