بارت 36 + رمضان كريم
قبل كل شيء السلام عليكم ومرحباً بالجميع ❤
اعتذر على التأخر كالعادة بالفصل والتهنئة كذلك !
🙏🌙الكاتبتان 👭تتمنيان رمضان كريم للجميع 🌙🙏
اعاده الله عليكم بالخير والبركة وجعله مليء بالافراح والمسرات يا رب وتقبل صالح أعمالكم 😍
❤قراءة ممتعة❤
م/ لا تتركوا الفصل يلهيكم عن الطاعات
~~~~~~~~~~
شاب بثياب داكنة كلياً، يضع قلنسوة على رأسه استقر على طاولة دائرية في أحد أكبر المقاهي التي تبيع الحلويات .يجلس أمامه طفل صغير يحرك قدميه بملل ، يمسك العصير بين يديه ويشرب منه ببطئ ، وجهه اختبئ تحت القلنسوة هو الآخر .
رغم كونه لا يفعل شيء سوى الجلوس إلا أن كل حركة من حركات جسده دلت على توتره التام ، قدمه تضرب الأرض بحركة تلقائية بشكل متكرر، اصبعه ينقر على الطاولة وجسده يبدو مشدوداً كما هي أعصابه .
آلكسندر حين رأى هذا رفع رأسه ، حدق به بحيرة وتسائل وهو يميل برأسه ببراءة
" لما أنت خائف هكذا ؟ انت تتصرف بغرابة "
هنري حدق به حين سمع صوته ، لم يكن يعرف بما يجيبه .ليس لديه عذر منطقي سوى نبضات قلبه المؤلمة ، كان يشعر بشيء خاطئ ، شيء يخبره أن يضع تؤامه قربه وحسب لكن لم يعرف ما هو
" مجرد شعور سيء ، هاري لم يعد ذاك الصغير الذي يختبئ ببساطة ، انا فقط خائف من أن يكون بورطة ما ،رؤيته ستشعرني بالتحسن "
رمش آلكسندر قبل أن يومئ ليعود ويكمل وجبته بصمت . هنري من ناحية أخرى فقد نظر نحو هاتفه يتفقد الوقت ، رفع رأسه ينظر بالإرجاء حين تجاوز الوقت المتفق عليه بخمس دقائق وهاري لم يكن هناك ! ومع مشاعره التي كانت مضطربة بلا سبب بدأ يشعر بالتوتر أكثر .
يد وضعت على كتفه فجأءة جعلته يلتفت إلا أن الصوت وصله قبل أن تقع عينه على المصدر فكان ذلك كافياً ليتنهد براحة ويبتسم فور أن رأى تؤامه يقف أمامه يلهث من التعب . بدا واضحاً أنه كان يركض للوصول إلى هنا
يده حطت على كتف تؤامه ، ابتسامة مشرقة رسمت على وجهه وشعر بقلبه يهدأ اخيراً. هو أمامه وعلى خير ما يرام !
هاري اعتدل بوقفته بعد أن كان يجثو لالتقاط أنفاسه ليعبس من فوره " اعتذر أخي ، لقد تاخرت بسبب بعض الزحام بالطريق "
نظر نحو آلكسندر ليوجه له اعتذاره هو الآخر
" أنت أيضا الكس الصغير ، لقد جئت باقصى سرعة لدي "
هنري سحبه من ذراعه وهو ما يزال يبتسم ليجعله يجلس ، أشار للنادل لاحظار الطلب بالوقت الذي جلس فيه هاري بقرب آلكسندر ليسمع كلمات هنري له
" سعيد انك جئت ، شكراً لك هاري"
والمعنى رمش قبل أن يقطب حاجبيه بطفولية
" أنت تتصرف بغرابة أخي "
اردف بعدها مع زوال تقطيبه لتحل محلها ابتسامة لطيفة
"هل كنت قلقاً لهذا الحد من اني غاضب منك ؟"
آلكسندر أجاب بدلاً عنه وهو يضع كوبه على الطاولة أمامه
" قال إنه مجرد شعور سيء لا يعلم سببه ، هو منذ مكالمتك يتصرف كما لو أنه ينتظر خبر نهاية العالم "
وهنري أجاب بعبوس طفيف غير قادر على نفي ما تم قوله تواً" حسناً ليس الأمر بهذا السوء صحيح ؟ "
اردف بينما يحدق بشقيقه بنظرات اتهام تام وهو يردف بحذر " أم كنت تفضل قضاء الوقت مع مارسيل بدلي؟"
وهاري رمش عدة مرات يحاول أن يفهم ما علاقة مارسيل بهذا مجدداً؟
والجواب وصله على يد آلكسندر الذي حدق بهنري يخبره بنبرة طفولية لطيفة حملت هدوءاً تاماً يقدم نصيحته للاكبر
" من السيء أن تشعر بالغيرة من الآخرين ، هذا تصرف طفولي، هكذا كانت تقول لنا المعلمة بالميتم "
وهنري حدق بالكسندر بحاجب مرفوع غير قادر على قول اي كلمة. صوت ضحك هاري جعل كليهما يلتفتان للنظر إليه بينما هو يحاول التوقف عن الضحك قبل أن ينهض من مكانه ليصير خلف هنري ويعانقه بشكل مفاجئ محيطاً بعنقه بمرح
" أوه هكذا اذاً ، رغم أنه لا يحق لك التذمر بعد أن منحتني له لكن تعلم يا أخي اني لن استبدلك مهما حدث لدي تؤام واحد وسيظل واحداً للابد ، هو فقط شخص لطيف وانا اعتمد عليه فقط ببعض الأمور "
وهنري عبس مشيحاً بوجهه بعبوس طفولي متجاهلاً كل ما قيل دون شعور منه " يبدو أنك سعيد اني تركتك معه "
وهاري قرر التماشي مع الأمر واغاضة الأكبر ليبتعد للخلف قبل ان يعود للجلوس بمقعده قرب آلكسندر
"أنا فقط انفذ ما طلبه أخي الاكبر كما تعلم ، الست من طلب منه أن يرعاني؟"
وهنري أجابه بشيء من التوتر محاولاً إيضاح سوء الفهم لتعويض الفرصة التي اضاعها بأخر لقاء بينهما لتوضيح مقصده من حديث مع مارسيلينو
" اسمع هاري الأمر ليس كما تفكر ، انا فقط ظننت أنه قد يتمكن من توفير ما لم أتمكن انا من توفيره لك ، لذا .... طلبت منه ذلك"
اردف بغيض تام وهو يخفض رأسه " وحسناً انا نادم اشد الندم لهذا الظن ، ذلك الوغد... "
وهاري عبس مقاطعاً هنري يوبخه في محاولة لتحسين صورته أمام آلكسندر " أخي ، لا يجوز أن تشتم أمام طفل ، ثم انظر مارسيلينو حقاً لطيف ، هو دوماً يتحدث عنك بكلام جيد حاول ان تتقبله لاجلي موافق ؟"
آلكسندر همس له وهو ينظر إليه بنظرة جانبية " كلامك هذا سيجعله يرفض أكثر "
هتف هنري بطفولية ظهرت جلية بنبرة صوته حين عكست عناده ومحاولاته البائسة لانكار كلام آلكسندر
"غير صحيح ، سأفعل هذا ، سأتقبل ذاك اللعين لاجلك طالما هو يوفر لك مكان يعجبك "
وما كانت نتيجة ردة فعله سوى ضحكة من كل من هاري والكسندر حاولا كبحها وانتهى الأمر بهنري يعبس ويجلس مشيحاً بوجهه وحسب حين عجز عن توبيخهما ! تنهد وابتسم على رؤية السعادة على وجوههم ، وضع يده على خده ليحدق بتؤامه . هاري شعر بذلك التحديق فبادله النظرات بحيرة حتى سمع شقيقه يسأله
" أخي ، انت بخير حقاً صحيح ؟ لا تقوم بأي شيء خطير أليس كذلك ؟"
هاري تردد بالرد على هذا ، يعرف شقيقه جيداً أن اعترف له سيوقفه ويفسد كل شيء وفوق ذلك سيظل قلقاً عليه . ابتسم بخفة وهو يجيبه مطمئناً بأكبر قدر ممكن من الإقناع
" أجل أخي ، لا تخف علي ، انا بخير حقاً فلا تضع هذه الملامح المرعوبة من فضلك "
تنهد هنري براحة رغم انقباض قلبه ، أطل خلال هذا النادل ليبدأ بوضع الأطباق والتي فور أن صارت على الطاولة عينا هاري اتسعت قبل أن يبتسم بسعادة تامة حين أدرك أن شقيقه طلب له كل شيء مقدماً قبل قدومه ، هتف بينما يختار بأيها يبدأ
" شكراً لك أخي انت أفضل اخ بالكون ، انت أفضل من مارسيل حتى !"
هنري ضحك بخفة حتى سمع نهاية الجملة لم يعلم ايفرح أنه أفضل ؟ ام ينزعج لأنه يتم مقارنته به ؟! لكنه اكتفى بأن يراقب تؤامه وهو يأكل طعامه المفضل أمامه بسلام .لم تكن امنياته يوماً بتلك الكبيرة أو المستحيلة ، بيت دافئ أسرة لطيفة وحياة مدرسية طبيعية مع شقيقه لكن كان قدرهما مختلفاً كلياً. كتب عليهما الشقاء منذ وقت مبكر بسبب نزوات الكبار وأنانيتهم المطلقة فما كان منهما سوى محاولة شق طريقهما في الحياة والعيش رغم كل اليأس املاً بغد مشرق يوفر لهما تلك الأمنيات المستحيلة لهما .
كان يشعر بالطمأنينة كلما كان هاري أمامه ، أنفاسه تصبح أكثر استقراراً حين يدرك أن شقيقه قربه وامامه وأنه بحال ساءت الأوضاع يمكنه أن يحميه او يفديه بحياته ببساطة !
وجود آلكسندر معهما بهذا الوقت جعله يفكر انهم ربما ذات يوم يمكنهم التخلص من سام والعيش معاً يقضون أيامه بالمرح والتسكع دون خوف . جرعة من المعنويات منحت له بسبب وجود شقيقه وقرر أن يزيد من جهده مع الفين عسى ان يجدا حلاً لمعضلة العصابة تلك بوقت قريب .
بعد نهاية تلك الوجبة قرر الثلاثة أن يتوجهوا للسير بالإرجاء قبل أن يتفرقوا حين شعر هاري أن تؤامه بدا مضطرباً حين أراد الرحيل فما كان منه سوى البقاء لوقت أطول ،كانوا يسيرون قرب الشاطئ بهدوء هنري على طرف وهاري على الآخر والكسندر بينهما يتناول بعض الشوكلاة الساخنة .
هاتف هاري اهتز بشكل مفاجئ جعله يتوقف ، أخرج هاتفه ليتفقد المرسل وتوقفه ذاك جعل مرافقيه يفعلان المثل ، هنري راقب ملامح تؤامه بحاجبين مقطبين بينما يقرأ الرسالة دون إظهار اي ملامح .
ابتسم هاري بينما يضع هاتفه بجيبه موجهاً حديثه لهما بمرح " هيا بنا لنكمل الطريق "
هنري رمش بحيرة ، تسائل بشيء من القلق الذي أصابه لسبب مجهول " من المرسل ؟"
هاري نظر إليه بهدوء قبل أن يميل برأسه مجيباً بابتسامة مرحة " لم ارد اخبرك حتى لا تتضايق، مارسيلينو أرسلها يطلب مني عدم التأخر لكن لا تقلق يمكننا قضاء المزيد من الوقت معاً"
هنري عبس يتذمر بينما يسحب يد تؤامه " لن يكون أكثر حرصاً مني عليك بأي حال ، ساعيدك بنفسي "
هاري ابتسم بسعادة وتبع تؤامه " لست طفلاً أخي ثم موعد نوم آلكسندر اقترب لذا سأذهب بنفسي "
نظر هنري نحو الصغير قبل أن يعبس ويوافق على طلب تؤامه . مضى الوقت سريعاً ليفترق الثلاثة ،وقف آلكسندر وهنري أمام الفندق وامامها هاري ، ودعهما قبل أن يلتفت مغادراً المكان ملوحاً لهنري . شعر هنري برغبة بايقافه ، رفع يده بحركة تلقائية راغباً بمنعه لكنه بالنهاية توقف وانزل يده بملامح متألمة ، أقنع نفسه أنه يبالغ وان عليه فقط التركيز على عمله لكي يتمكن من ابقائه بجانبه للأبد.
~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت تتحرك بالمطبخ بحيويتها المعتادة تعد وجبة العشاء لأسرتها . وضعت آخر طبق على الطاولة و ابتسمت برضا وهي ترى الطاولة معدة قبل أن تباشر بابعاد مأزر الطبخ . صوت إغلاق باب المنزل جعلها ترفع رأسها واتجهت ناحيته لتستقبل زوجها .
نظرت إليه حين اقبل ، كانت على وشك الترحيب به لكنها توقفت حين رأت ملامحه . شرود ، حزن وضعف بدا على ملامحه جعلها تسرع ناحيته بحاجبين مقطبين ، قلقها جعلها تضع يدها على ذراعه تخرجه من شروده وهذا جعله يلتفت ناحيتها وكان لها ما أرادت حيث ابتسم لها معتذراً على عدم انتباهه
"أهلا كامي، لم انتبه لوجودك اعتذر "
قبلها على رأسها فبادرت بسؤاله بقلق وهي تاخذ منه حقيبته وسترته
" ما مشكلة هذه الملامح عزيزي ؟هل حدث شيء ؟"
تردد بالحديث لثواني وهذا جعلها تقلق أكثر ، سالت مجدداً تحثه على الحديث " ماذا هناك ؟ "
التفت ينظر إليها ،وضع يديه على كتفيها بهدوء وطلب منها الجلوس معه
" كامي ، لقد وعدتك أن لا اخفي عنك اي شيء ، فقط ما ساقوله سيغير الكثير ، هل ترغبين بمعرفة لما ليو كان غاضب يوم الحفل ؟"
عيناها أظهرت فضول تام جعله يدرك الجواب قبل أن تنطقه. هو أدركه بالفعل منذ زمن لكن ملامحها أكدت له أنها مصرة على سماعه خصوصاً وأن قلبها يخبرها أن ابنها طرف بالأمر وهذا كان كافيا لتكون مشغولة البال طوال الوقت بما حدث وها هي الفرصة جاءت اخيراً ! تنهد بضيق قبل أن يخفض رأسه محدقاً بالفراغ يحاول استجماع كلماته قبل نطقها فهو خير من يدرك أن بعض الكلمات قد تنهي حياة إنسان ، تقطع علاقة متينة أو تتسبب بتدمير كل شيء !
" اولاً وقبل كل شيء اظنك شككتِ بالفعل صحيح ؟ إن آلفين كان يعيش مع تشارلز لفترة "
عيناها لمعت من فورها ، اسمه يؤلم قلبها وذكراه ما تلبث أن تعيد لها اتعس أيام حياتها ، الأيام التي تم أخذ صغيرها من بين يديها . لا تزال تجد صعوبة بالحديث عنه مع جين بسبب كونه من حكم على صغيرهما بالشقاء بالسجن بعيداً رغم إدراكها أنه كان مجبراً لكنها فقط حاولت تجاوز هذا الأمر لاجل أسرتها ولأجل جين الذي عانى أكثر منها حتى .
اومأت له تؤكد له أنها كانت تشك بالفعل فاردف هو بينما يحدق بها بنظرة انكسار لم تعهدها
" لقد وقعت آنجيلا بحبه خلال فترة تواجده معهم ، وهذا لم يعجب نينا فهي تريدها لجيكوب"
حدقت كاميليا به بتركيز شديد ، غريزتها عملت بشكل تلقائي وجعلتها تدرك أن هناك شيء حدث بالفعل بسبب هذا الأمر لذا قطبت حاجبيها وطلبت من جديد بجدية تامة أن يتابع
" آلفين لم يكترث للأمر ولم يقف بوجههم لكن ....آنجيلا عاندتها فارادت نينا أبعاده "
شعرت باعصابها تتلف، تعرف أسلوب جين حين يحاول تخفيف حدة صدمة ما عليها وهذا تماماً ما كان يفعله الأن وهذا جعلها تتوتر أكثر وتطلب منه بشيء من العصبية الخفية بنبرة صوت صارمة بعض الشيء
" جين ، قل ما لديك دون لف ودوران، أي كان الأسلوب الذي تقول الأمر به لن يختلف معي الأمر لذا تحدث من فضلك "
تنهد مجدداً وهو يشعر بالثقل اكثر قبل أن يردف ملقياً كل ما بجعبته دفعة واحدة
" حسناً كامي ، نينا واختها لفقا لآل قضية سرقة وطالبتاه بالمال خلال وقت قصير أو ستلقيه بالسجن"
رفع رأسه ينظر إليها ، كانت صامتة بشكل مرعب ، عيونها متسعة عكست صدمتها مما سمعت وما ارعبه أكثر هو نهوضها المفاجئ دون قول شيء !
نهض من فوره يمسك بذراعها ،التفت تنظر إليه بنظرات شاردة وكانها ليست هنا ، لم تكن تعي الأمر كلياً وقد أكدت له شكوكه عن وجهتها
" أعلم ما ترغبين بفعله وانا مثلك لكن اصبري حتى الحفل القادم ، ليو يريد أن يتصرف معهم وقد اشترط علي أن لا اتدخل "
كاميليا نظرت نحو جين بصمت لعدة ثواني تركز بسمائه ، تخبره أنها لا يمكنها الجلوس والصمت وحسب على شيء كهذا بنظرات تخترق قلبه وعقله ، أنهت صمتها بأن تتحدث بنبرة مزجت الحقد والرعب معاً لم يسمعها منها منذ مدة مضت
" نينا تجرأت واتهمت ابني بالسرقة لاجل ابنتها صحيح ؟ وانا يفترض بي أن اجلس هنا واتصرف وكأن شيئاً لم يكن والفين يشعر بكل ذلك الالم بينما نتحدث ؟ لاجل زواج ابنتها على ابني أن يتذوق طعم الألم الخوف والإهانة وان لم يتدبر أمر المال سيسجن؟ هل تدرك مدى سخف الأمر جين ؟ هي لم تجلس ساكنة لأنها فقط تريد تزويج ابنتها من شخص ما وانا؟"
اردفت وقد زادت نظراتها الماً ممزوجاً مع حقد وجسدها ارتجف مع كل كلمة قالتها وهي تتذكر اتعس ايام حياتها
" لقد أخذ ابني من بين يدي جين ، اخذوه لمكان قذر وبارد وحرموني منه ! والآن وحينما وجدته اخيراً هي تنوي أخذه مجدداً ، تريد ارساله لذات المكان الذي أخذه مني ! كيف يفترض بي أن اجلس جين ؟ أنا لا يمكنني أن أفعل ، ليس وابني مهدد بالعودة إلى هناك ، إلى المكان الذي سلبه مني ! جين أريد آلفين ، انا أريده وفوراً "
رأى انهيارها بين يديه ، كانت ترتجف بين يديه بشرود ، لم تكن بخير ابداً بسبب كلمة سجن ، الكلمة التي جعلت حياتها جحيماً لا يطاق لسنوات !
عانقها يمسح على رأسها محاولاً تهدئتها حتى سمعها تردف وهي تتمسك بقميصه بصوت باكي
"جين أرجوك احظر لي آلفين أو خذني اليه، انا لن أتمكن من فعل أي شيء حتى موعد ذلك الحفل ، ماذا لو اخذوه مني مجددا ؟ أنا لم استعده بعد ! أريد رؤيته ، أريد حمايته بنفسي ، أرجوك أين هو ؟ فقد أعطني العنوان وانا ساتصرف ، ليس عدلاً ، كل هذا غير عادل اطلاقاً "
عانقها يحاول تهدئة نوبة انهيارها تلك ويمسح على رأسها
" حسناً ساخبر ليو بالأمر ، هو قد يمكنه فعلها لذا فقط لبعض الوقت اصبري لاجل سلامة آلفين اتفقنا ؟"
وهي أومأت دون اقتناع حقيقي فقط بسبب اخر كلمات سمعتها وهي لاجل سلامة ابنها !
و بمكان ليس ببعيد خلف الجدار بالضبط كانت تقف هناك بملامح غاضبة كلياً تشع غضباً وتتوعد بأسوء أنواع الانتقام ! صعدت بخطوات سريعة نحو غرفتها قبل أن تغلق الباب برفق كي لا يتم اكتشاف استراقها السمع ، توجهت إلى سريرها وجلست عليها لتلتقط هاتفها وتتصل بالشخص المعني من فورها ،لم يكن الانتظار خياراً وهي تغلي من الغضب .
صوت رد اتاها من الطرف الآخر ، لم تنتظر سماع اي شيء منه فقد هتفت متذمرة بشكل تام توبخه وتعاتبه بطريقتها الخاصة على احتكار الانتقام له وحده !
" أنت أيها اللص اولاً سرقت اخي والآن تريد سرقة الانتقام وحدك ؟! إلى ماذا تخطط ؟ ساساعدك لمسح الأرض بهم ! "
ليو الذي كان قد تردد بالفعل بالإجابة على مكالمتها تنهد فور سماعه لكلماتها لينطق بنوع من البرود :" لا , هذا الأمر لا يحتاج لمساعدتك عزيزتي لذا لما لا تتصرفين كشقيقة صغرى لطيفة فقط و تذهبي للإطمئنان عليه ببساطة "
نهضت من سريرها كرد فعل لغضبها من كلامه اجابته بتهديد بنبرة باردة شابهت خاصته :" إن لم يعجبني ما ستفعله سأركلك رفقتهم ! "
أغلقت من فورها دون إعطاءه فرصة للرد حتى وعبست !
و بالطرف الآخر هو ظل يرمش يحاول استيعاب ما حدث تواً ! عبس وابعد الهاتف وهو يتمتم بعبوس " ويلومني ال حين أقول انهم أسرة متنمرة !"
وكلماته تلك كانت كافية لتجعل إيزا تذهب لخزانتها تحظر ملابسها للغد بعد أن اتخذت قراراً بالذهاب وازعاجه منذ الصباح الباكر !
~~~~~~~
ملامحه المرحة كلها تبخرت بذات لحظة ابتعاده عن هنري والكسندر . نظرات باردة كالصقيع مع ملامح جادة وضعها على وجهه ، أخرج هاتفه ليضغط على زر الاتصال بالوقت الذي كان يسير باتجاه المقر .
وصله صوت مارسيلينو الجالس في المنزل على سريره " اهلاً هاري ، قمت بعمل جيد اليوم "
والمعني اجابه بشيء من الهدوء رغم شعوره بالقلق
" مارسيل ، لقد وصلتني رسالة تطلب مني العودة للمقر فوراً، لم يحدث هذا من قبل لذا لست متأكداً مما يجري ، اردتك أن تعلم بحال حدث شيء "
اعتدل مارسيل بجلسته ، اضطربت ملامحه قليلاً يجيبه بقلق
" فهمت ، كن حذراً ، سانتظر منك اتصال "
اردف بجدية بينما ينهض من سريره ليوصل الأخبار لمن معه " اعتني بنفسك هاري "
أجابه المعنى بابتسامة صغيرة مطمئناً اياه " لا تقلقي مارسيل ، فقط لو حدث شيء تدبر أمر تؤامي ، لا أريده ان يقوم بأي شيء أحمق "
لم يعارض مارسيل ذلك فكان ذلك الوعد بينهما كافياً ليشعر الأصغر بالطمأنينة ويتجه نحو المقر بثقة تامة بعد أن اطمأن أن كل شيء بمكانه ،تذكر ملامح تؤامه طوال اليوم وهذا جعله يشعر بشيء من القلق لكنه سرعان ما نفض تلك الأفكار مقنعاً نفسه أنه سيكون بخير قطعاً !
وصل بعد مدة لا بأس بها ، توجه نحو باب المقر ليرى أحد رجال سامويل المقربين يقف هناك برفقته أحد الرجال الذين كانوا برفقته بالمهمة . رأى الرجل يأخذ هاتف الآخر ليتقدم اثنان اخران وياخذانه لمكان ما وذلك المنظر جعل أبيل يبتلع ريقه بصعوبة ، أخرج هاتفه من جيبه بسرعة وتجاهل رغبته القوية بالاتصال بهنري ليسرع بإخراج الشريحة من الهاتف ، كسرها لنصفين قبل أن يقوم برميها هي والهاتف للنهر قربه !
ذلك الصوت الذي أحدثه الهاتف جعل الرجل ينظر إلى حيث كان يقف أبيل فما كان من الأخير سوى أن يتقدم مدعياً البراءة التامة مقترباً منه حتى صار أمامه
" أنا أبيل ، لقد تم استدعائي قبل وقت قصير وقد وصلت الأن "
والرجل الذي كان ذو بنية ضخمة وملامح شديدة القسوة نظر نحوه مطولاً ، صوته الغليظ الذي لائم ملامحه القاسية تلك خرج يأمر هاري بتسليم هاتفه
" أعطني هاتفك ، وصلتنا أوامر بإجراء تحقيق مع كل من كان بأخر مهمة !"
أبيل اتسعت عيناه قليلاً قبل أن يجيب بنبرة استياء عكست مشاعر الخيبة المزيفة مدعياً أن فشل المهمة ضايقه وبشدة وان نتيحة كهذه متوقعة !
" فهمت السيد غاضب لأننا فشلنا، معه حق لقد أخفقنا بشكل فظيع "
رفع رأسه يجيب الرجل أمامه بهدوء
" هاتفي غير متواجد معي لقد تحطم اليوم خلال المهمة فرميته "
لم يكن ليصدق كلمات كهذه دون دليل فأشار لرجاله بأن يبدأو بتفتيشه ولم يبدي أبيل اي مقاومة تذكر . أشار الرجل لقائده بأنه لم يجد أي شيء فأمره من فوره بينما يلتفت مغادراً
" خذه للزنزانة مع البقية ! "
وقف أبيل هناك ينتظر أن تنفذ الأوامر وهو يأمل أن يجد طريقة للتخلص من هذه الورطة دون أن يفقد رأسه فيها ! سار للأمام والرجلان خلفه يسيران ويدفعانه للتقدم بقسوة ورغم رغبته بتحطيم راسيهما لكنه صمت وحسب كاتماً كل شيء بالوقت الراهن ودخل زنزانته التي كانت خالية من أي أحد سواه . الصوت الصادر من حوله جعله يدرك أن كل من شارك بالمهمة تم سجنه بالزنازين الآخرى المجاورة له وهذا أعطاه أملاً بالنجاة بطريقة ما !
سجن الجميع يعني عدم معرفة الفاعل بالنهاية وهذا كان أمله بالخروج واكمال مهمته بحال استطاع إثبات برائته الزائفة !
استند للجدار في تلك الزنزانة الضيقة ، بالكاد كانت تكفي ليجلس فيها ، احتضن جسده ووضع رأسه على ركبتيه محاولاً رفع معنوياته ببعض الذكريات الجيدة ، همس لنفسه بصوت خافت جداً لم يسمعه سواه
" أخي هنري ، ساعود إليك بأي ثمن ، سابذل جهدي "
كانت ليلة طويلة شديدة البرودة والقسوة حملت له مستقبلاً مجهولاً ومشاعر مضطربة لم تهدأ طوال الليل .
وما كان هناك مرقد لتلك المشاعر المضطربة انسب من قلب تؤامه . نومه بسرير مريح وتحت كومة من الاغطية بعد تلك الأمسية الدافئة مع تؤامه ما كانت كافية لتريحه بل على العكس شعور بالبرد والخوف والوحدة تملكه وجعله يشعر برغبة بالصراخ .
دفن نفسه تحت الاغطية يتقلب بسريره بأنزعاج تام وعقله شرد باتعس لحظات حياته لتزيد حالته النفسية سوءاً ورغم رغبته المتكررة بالاتصال بتؤامه لكنه قرر أن يتوقف عن هذا حين اقتنع أنه سيكون مصدر ازعاج وقلق له لا غير بسبب تصرفاته المريبة . عقله اقنعه أن هذه المشاعر ما هي إلا نتيجة رغبته بالقيام بالمهمة تلك وان الدليل على ذلك هو أن هذه المشاعر كانت ترافقه منذ تقررت المهمة وتسببت بجعله يحظر تؤامه ليقابله رغم خطورة موقفه !
قراره الذي اتخذه بعدم توريط تؤامه بأي شيء آخر جعله يكبح رغبته بالاتصال ويعاني مع تلك المشاعر دون حل يذكر حتى حلت عليه الرحمة الإلهية ليغفو بعد معاناة طويلة .
~~~~~~~~~~
الحصار الذي فرض عليه جعل حركته قليلة فلا يكاد يخطو خطوته العاشرة حتى يتم توبيخه بلطف من أما عمه أو عمته فكان هذا التنمر كافياً ليجعله يجلس بغرفته كطفل معاقب وتعود له تلك الأسئلة المزعجة ، لا تمضي ثواني تغادر فيها حتى تعود له بشكل أقوى من ذي قبل تطالبه بالبحث عن الاجوبة .
صوت باب غرفته اخرجه منها حين صدر صوت صريرها ليلتفت ناظراً للقادم وبمجرد رؤيته عبس من فوره واشاح بوجهه دلالة على غضبه الطفولي !
وليو فور رؤية ذلك دخل وأغلق الباب ليتذمر من فوره بإستنكار
" فظيع ما بال بردة الفعل هذه ال ؟ لقد كنت بالخارج لم افعل شيء لك حتى لتتنمر ! "
والمعنى استدار ليستقر على جانبه الأيمن وما يزال العبوس على ملامحه، تذمر محدقاً ليو بلوم تام
" لست من يتنمر بل انت ! اتتخيل اني لم أتمكن حتى من اخطو عشر خطوات اليوم ؟! أما أنت أو عمي أو عمتي ! وتقول اني متنمر !"
ابتسم ليو باتساع وهو يجيبه بفخر
" أوه أن كان هذا الموضوع فأنا سعيد باني متنمر ! "
اردف بحاجبين مقطبين " ثم انظر أين التنمر بالراحة ؟ انت المتنمر لأنك ترفض أن ترتاح "
ارتفع حاجبه بإستنكار قبل أن يبتسم بسخرية تامة
" انظروا من يتحدث ، من يعاني من فقر دم مزمن ويرفض أن يعتني بنفسه ! من المتنمر بيننا ليو؟"
عبس يشيح بوجهه بطفولية " دعك مني نحن نتحدث عنك هنا "
وضع آلفين يده اسفل رأسه قبل أن يبتسم بخفة على رؤية ملامحه الطفولية
" لا تفرح كثيرا ليو ساصبح حراً ساتولى مسألة فقر الدم تلك "
التفت ينظر إليه يعترض على ما يسمعه
" تتحدث وكأني حر الآن ، ألم ترى كم تقوم امي بحشوي بكل وجبة ؟ أنا حرفيا ساصبح دباً أن لم تغادر امي عما قريب "
ضحكة هربت من آلفين على ذلك التعبير جعلت ليو يبتسم بخفة هو الآخر لرؤية رفيقه بحال جيدة رغم هذا هو لم يفكر ولو لثانية بالتراجع عن إنتقامه من من آذاه فهو خير من يدرك أن آلفين وان لم يقل الأمر فهناك شيء تحطم فيه قطعاً وهو تولى دفنه بعيدا كي لا يقلقهم عليه !
صوت آلفين الهامس جعله يلتفت محدقاً برفيقه بتفاجئ حين سمع كلامه
" ليو هناك أمر ما ... أردت دوما اخبارك به لكني فقط لم أستطع ولا يبدوا أنني سأفعل عما قريب ، أن علمته يوماً بطريقة ما أريدك أن تعلم اني لم أقصد ابقائك بالظلام ....انا فقط لا أعلم كيف يفترض بي مواجهتك به والبقاء معك رغم هذا ! لذا لا أملك القوة الكافية لاعترف لك به .... "
ليو رمش عدة مرات ، لم يدرك سبب فتح آلفين لهذا الموضوع بوقت كهذا . شيء ما اخبره أنه دليل على أن هناك شيء سيء يحدث وهذا لم يرقه ! كان متردداً بالرد عليه ايخبره أنه يعلم ويريحه من هذا الحمل ؟ فكرة ان يبتعد آلفين عنه لو اخبره أنه يعلم بالأمر جعلته يتردد .
رمش ليو بينما آمال برأسه دون ابعاد التفاجئ لعدة دقائق عن ملامحه !
هو اخذ نفس عميق بينما استلقى على فراش الآخر ينطق بعبوس :" و هل تحاول قول أُحجية ما آلفين ؟ ثم مؤخراً لم أعد بحاجة لتخبرني شخصياً بأي أمر فأنا بات لدي مصادر تخصني "
هو أنهى عبارته باستفزاز طفولي ربما ؟
والمعني رمش بحيرة قبل أن يعتدل بجلسته بحذر تام متسائلاً " ما معنى هذا ليو ؟ من مصادرك؟ وماذا علمت بالضبط ؟!
آمال برأسه و هو يحدق به بعبوس :" و هل رأيت أي مخلوق بالعالم قد يخبر أحدهم عن مصادره أخي ؟!"
أجابه بحاجب مرفوع مستنكراً " أنا أحدهم ليو ؟ مصادرك هي مصادري يفترض"
و هو اعتدل بجلسته و بذات عبوسه ذاك :" توقف عن التنمر ! منذ إيجادك الصديق الخيالي ذاك بات لكل منا مصدره ! لكن سأخبرك اليوم عن أحد المصادر لئلا تكتشف الأمر صدفة "
رمش قبل أن يهمس بتردد " صديق خيالي ؟"
كتف يداه و هو ينطق :" ذلك الذي تركتني بالمشفى وحدي للذهاب له !؟ "
رفع رأسه يحدق به بعبوس ممزوج بجدية " أخبرني بما تعرفه عني ليو ومن هو مصدرك!؟"
شهق بينما يرسم ابتسامة شيطانية :" أنظر أخي اللطيف حاليا أنا أحارب طرفين مزعجين ! لا شأن لك بالطرف الأول لكن للحق اكتشفت طرف اسرتك صدفة حقيقية "
والفين ظل يرمش قبل أن يشهق بقوة وهو يمسك بذراعه " لحظة كيف علمت بهذا ؟! وماذا تقصد بتحارب ليو ؟!ماذا تنوي أن تفعل لهم ؟! تجاهل الأمر ساجد حلا بدون مشاكل !
اردف بعبوس " ثم لحظة ماذا تقصد بأن لا شأن لي بالآخر ؟!
هو تبقى ابتسامته العابثة تلك :" أوه ، أنت فقط اختفيت فجأة و لم يكن بإمكاني الاتصال عليك لذا بحثت عنك ! ذهبت لعملك و أخبرني ذلك المختل بقصة ظريفة أدت لفصلك من العمل لذا ركلته و اتجهت بعدها لأجل خوض حديث ودي للغاية رفقة أسرة عمك و ... "
ازدادت ابتسامته شراً :" و فقط من حظي قابلت جيكوب و أمه بينما يتفاخر بكونه أقوى منك لذا أردت اختباره فقط "
عبس بخفة :" لكن امه و خالته أرادوا حمايته مني و منعوني من العبث رفقته ! "
شهق وهو يجيب بحاجبين مقطبين " ولما بقيت صامتاً أخي ؟ كان عليك إخباري انك عرفت ! ثم إلى ماذا تخطط الان ؟! لا تورط نفسك مع مجانين مثلهم ! من يعلم ماذا قد يلفق لك !
حرك كتفيه بلا اهتمام و هو يسقط راسه على قدمي الاخر قبل أن يجيبه :" سيتو ربما صور اقتحامي للمنزل ؟ و صاحب عملك رفع قضية تعدي ضدي و أسقطها جدي ! "
تنهد بخفة :" و أنت ألا تظن أنه من الجنون أن تصدق أنني اقتنعت بقصة اصابتك تلك و لم أطلق أي سؤال لك ؟! ثم أنا سأنتقم أمام مئات الأشخاص ! و أوه القضية التي تخص المال جعلتهم يوقعون على تحويلها ضدي "
أجابه بإستنكار أكبر وهو ينهض معترضاً " ليو ! متى قمت بكل هذا ، وكيف لم يتم ابلاغي بأي شيء على الرغم انهم بلغوا ضدي ؟! ماذا ستفعل بحق الله ؟!
و المعني عبس فمع تحرمه هو اضطر للابتعاد أيضاً ليهتف بضيق :" انت لم تخبرني أولاً ! لما علي إخبارك بما سأفعله ؟ و لن يأتي احد لإخبارك أو إزعاجك كونهم لن يخاطروا بتعريض عمك للافلاس و بيع ابنته و زوجته بمزاد ما ! "
اجفل حين هتف به ليو بذلك الشكل فادرك أن اسوء مخاوفه تحققت ! ان شقيقه علم وهو غاضب وهذا بالضبط ما لم يرد له أن يحدث ، تنهد قبل أن يجلس وهو يتحدث بكل هدوء ونبرة اعتذار كانت بصوته حين شعر أنه السبب بهذا أيضا " اعتذر على عدم اخبارك ، لم ارد لك ان تضع هذه الملامح وحسب ، أيمكنك إخباري بما ستفعله ؟ لاني قلق عليك بما فيه الكفاية بسبب سلوكك المريب مؤخرا !
قلب عيناه بملل :" اخي أنا ساخبرك بهذا ، لا اطلب الاذن من احد موافق ؟ أنا بالفعل سأفعل أخي لذا وفر محاولاتك هذه "
تنهد بينما يحدق به :" بأي حال تذكر كيف أن شقيقتك كانت تستمر بالقفز لمنزلنا هذا ؟ "
رمش نتيجة تغير الموضوع قبل أن يجيبه على كلا عبارتيه بعبوس "أولا انا لا احاول منعك من عدمه بل أريد أن اطمئن انك ستكون بخير ! وأجل أتذكر ماذا بشأنها ؟!
أومأ له بخفة :" أنا بخير ! و لن يحدث لي أي مكروه أخي بسبب عمك أو اسرته فمالهم بين يداي ثم هم قد يزجون بالسجن فجأة ! "
حدق به بعدها :" اوه ، حسناً بفضل تواجدها بالمنزل كثيراً و بإحدى الأيام التي كنت تقضيها بمنزل ذلك السخيف أتى والدك إلى هنا لمعرفة برفقة من تتسكع ابنته ! و فقط هو لم يعرف من أنا بالبداية لكنه اصر على الدخول بشكل متنمر "
كان يرمش بينما يستوعب كل كلمة تقال له لكن ردة الفعل تغيرت لتتحول لعيون متسعة وصدمة حقيقية مجيباً اياه بغير تصديق " جاء إلى هنا ؟! وماذا حدث ؟ هل قال اي شيء ؟ هل عرفك ؟!
هو بان شيء من الهدوء على ملامحه بينما عدل من وضعية جلوسه :" حسناً ، هو اكتشف من أكون بطريقة سخيفة للغاية ! و بأي حال نحن على تواصل منذ ذلك اليوم "
هو عبس بينما يبعثر خصلاته :" بل للحق بيوم الشجار و عندما اصطدمت بتلك الشجرة و خسرت صغيرتي مؤقتا وجدت نفسي بالقرب من المحكمة و هو فقط رآني و كان متنمرا بما فيه الكفاية لأخذي للمشفى ! و أنت سألتني من فعل و لكنني اخفيت الأمر كوني لم اجد فرصة مناسبة لاخبارك حقا "
عيناه لمعت بلمعة غريبة قبل أن يخفض راسه ، أراد الحديث لكنه توقف مجدداً ،لم يعلم ما يجب قوله لكنه وجد نفسه يجيب بشيء من الهدوء بعد أن تنهد دافناً رأسه بين يديه بتعب " فهمت ، من حسن الحظ أنه ساعدك ، يمكنك فعل ما تشاء انت حر بالتعامل معه من عدمه لا اعتراض لدي "
أخفض ليو رأسه هو الاخر لعدة دقائق قبل أن يقترب منه و يضمه إليه :" مريع ! الأمر ليس بهذه البساطة آل ! أنت عليك معرفة أنني حقاً ان اتصرف مع من يثبت لي أنهم قاموا بإيذاء أخي صحيح ؟ "
حين شعر بشقيقه يضمه فتح عينيه بتفاجئ ، سمع كلماته كلها قبل أن يضع رأسه على كتفه .تحدث بنبرة بأن بها الشك " أعلم ليو ، لكن .... لا اظنني مستعداً لمعرفة اي شيء يخصهم، لقد قال عمي أنه مرض بسببي وقتها ،انت تقول انه لم يأذيني، لكن لو سمحت له بالعودة الأن كيف ستكون الأمور بيننا؟ لو اذاني مجددا هو الآخر لن يكون لي حق التذمر حتى ! لقد وعدت نفسي أن لا أمنح اي منهم فرصة ، عمي لم يكن سيئا لكن انظر انتهى بي الأمر اتاذى "
ابتسم بسخرية وهو يردف " ربما لا يتطلب الأمر شخصا سيئا لاتاذى ببساطة انا فقط من سيتاذى أينما ذهب ،لا مكان بينهم ، حتى لو حاولوا العودة الي ساجرح من أول كلمة تقال لي ، هم أفضل حالاً دوني وانا افضل دونهم "
مسح على خصلاته بلطف و هو يوما سلباً :" لكن حمايتك هي مهمتهم ! بالفعل هما فشلا بذلك مرتين ! الأولى عندما لم ينجح والدك بإظهار الحقيقة و الثانية عندما كانا بخارج البلاد بوقت كان يجدر بهما التواجد للترحيب بعودتك لكن كما تعلم الأجداد يتصرفون بشكل يجعلني راغباً بحرقهم "
رمش بحاجبين مقطبين وهو يستمع لكلماته ، من خلال كلامه مع عمه وكلامه مع ليو الأن توصل لاستنتاج أن ما حدث كان من تدبير جده ببساطة ! هو لم يلم والده على فشله بإيجاد الفاعل فهو يدرك أن الأمر شديد الصعوبة ولن يحل بالقانون حقا لكن حقيقة كون جده فعل ذلك من تلقاء نفسه ورغم كونها تبدو منطقية له الآن لكنه لم يتمكن من إثبات أنها حقيقية !ما الذي يثبت أن والده لا يكذب لسبب أو لآخر ؟ عقله اخبره بسخرية أن لا سبب لديه للكذب فهو فعليا عديم النفع بل ومصدر للمشاكل لا غير ! تراجع قليلا يراقب ملامح ليو بشيء من الضياع البادي في عينيه . كانت تلك رسالة استنجاد يطلب من رفيقه أن يساعده بالتوصل للقرار مخبرا اياه بشكل غير مباشر "انا خائف من أن اتاذى واخسر نفسي هذه المرة أو ان ينتهي بي الأمر اؤذيهم! "
الاخر ضيق عيناه بشكل بسيط و هو يغلق عيناه :" أنا شجعت على الذهاب لعمك و أتمنى لو يمكنني إعادة الزمن لإخبارك أن لا تفعل ! "
هو أعاد فتح عيناه ينطق بصدق :" آلفين والدتك قابلتها مرتين للآن ! بالأولى هي فور سماعها باسمي التصقت بي كطفلة و اجبرتني على الذهاب معهم نوعا ما ! "
اخفض رأسه بضياع :" لم تكن ذات المرأة التي أعرفها بل بدت مختلفة بشكل كبير ، والدك حرفياً يتعامل معها بحذر مبالغ لئلا تنفجر رغم انه يمكنني رؤية اللوم بعيناها له ! و لا فكرة لدي ان كانت قد لامته طيلة السنوات الماضية لكن ... "
ابتسم بشكل صغير للغاية لمحاولة تلطيف الجو ربما :" كلاهما حقاً يهتم و هذا بدى واضحاً منذ أول لقاء لي بوالدك ، و بمرور الوقت الاذى الذي تتحدث أنت عن خوفك من التسبب له لهم هو بالفعل واقع ! فهم ليسوا اكثر من مجرد اشلاء لأسرة ناقصة تحاول التماسك "
تنهد و هو ينظر للأمام بشرود :" والدتك على الأغلب أعصابها متعبة للغاية فهي صرخت بإيزا بانفعال فقط لأنها قالت لي شيء ما كسأبلغ عنك الشرطة لكن ... "
أخفض بصره و هو يعبث بيداه :" آلفين إن حدث و شجعتك على الذهاب لهما و لرؤيتهما كيف سأسمح لنفسي بعدم الانفجار إن فشلا بحمايتك مجددا و بذات الوقت أنت عليك معرفة انهما حقا يرغبان بوجودك "
تنهد قبل أن يبتسم بخفة ممتناً لرفيقه على كلامه . زالت ابتسامته قبل أن يتحدث بهدوء وهو يحدق بعينيه" فهمت ، لست مستعدا بعد لكن سافكر بالأمر أخي ، بالنهاية أظن الوقت غير مناسب بعد ! أنت اعتني بهم بدلي ليو "
و المعني حدق به يضع جبينه على خاصة الأكبر بينهما :" آل ، أنت تطلب مني أن أفعل ذلك و هم يطلبون العكس ! و فقط ماذا لو اختفيت أنا فجأة ماذا قد تفعل ؟ لن تتركهم ينهارون ببساطة صحيح ؟ "
حدق به بعيون متسعة سرعان ما ضاقت هاتفا به بضيق " ماذا تقصد تختفي ؟!
حرك كتفيه بلا اهتمام فعلي و هو يبتعد :" الحوادث تقع أليس كذلك ؟ لذا إن حدث لي أي مكروه جدياً عليك أن تكون بخير !"
امسك بذراعه يستوقفه بقلق تام " ليو ، انت تقوم بشيء خطير صحيح ؟! اسمع انت أن اصابك مكروه لا تحلم وتتوقع مني فعل شيء كهذا لأنك يفترض أن تعلم اني استند بك ! ان اصابك مكروه لن يبقى لي وجود اتفهم؟!
و هو عبس لينقر على جبينه بخفة :" أجل أعلم ، لأنني افعل ذات شيء سيد متنمر ! و لكن فقط كما قلت الحوادث تقع ! و إن حدث لي شيء ما عليك الثقة بأنه ما لم تتوقف انفاسي فأنا سأعود بلا شك "
لم يكن مرتاحا لما سمعه وبطريقة ما لم يجد ما يقوله أيضا لذا اكتفى بالصمت دون رد وما لم يعلمه هو ان تلك الكلمات منذ دخلت إلى عقله هي زرعت نفسها فيه بشكل أكثر بشاعة مما تصوره فما كانت ترحمه لا ليلاً ولا نهاراً وصارت أشبه بكابوس حي وقلب مترقب خائف من أن يحدث شيء وحينها هو فقط لن يجد حتى سببا للعيش أكثر !
~~~~~~~~~~~
الليل كان قد حل مُنذ أمد بعيد بالنسبة إليه ! ، لذا هذه السماء المُظلمة و التي تكاد تنعدم بها النجوم إثر تكاثف الغيوم لا تُعد أمر يهمه حالياً ...
خُصلاته ذات اللون الأشقر غطت مُقلتيه بينما رفع رأسه يحدق بتلك الظُلمة بنوع من الشرود ، وجهه كان به شيء من التعب و الملل من كل هذه الحياة ربما !؟
هو كان يجلس وحده بحديقة فارغة تماماً محاولاً تنفيذ ما طلبه منه طبيبه النفسي بلا فائدة ...
كيف يطالبه بتذكر مواقف سعيدة له رفقة والديه ؟ شيء عن حبهما له ؟ لا يُمكنه حقاً أن يرى سوى تلك المُقارنات السخيفة بينه و بين ليو ... تلك التي كانت بداية لنهايته .
تنهد بشيء من الاستياء لينفض أفكاره و ينهض للسير عائداً لمكان سكنه بعد أن شعر باليأس من تذكر أي مشهد كهذا ...
بالطبع الطريق ما كان طويلاً حقاً لاسيما كون سيارته المُفضلة رِفقته لذا عدة دقائق ما تجاوزت الخمسة و العشرون دقيقة كانت كفيلة بوصوله لغايته .
البوابة الأمامية لقصر أسرة سوين قد تم فتحه بشكل آلي قبل أن يهرول أحد الخدم ليقف بانتظار نزول السيد الشاب من سيارته و منحه مفاتيحها ليتكفل بعملية إصطفافها بمكانها ، بينما دلف سيتو لداخل القصر بخطوات هادئة توقفت فور أن وجد كُل من جديه يجلسان كالعادة بغرفة الاستقبال لاحتساء الشاي كونهما أنهيا وجبة العشاء ...
لذا بشكل تلقائي هو انحنى بخفة ينطق بهدوء :" لقد عدت ! "
جدته نطقت بنبرة غير مُبالية حقاً :" أجل ، أهلاً بعودتك "
بينما نهض الأكبر سناً و سيد المكان من مقعده لينطق بنبرة حازمة كعادته :" إذاً أين كنت سيتو ؟! لدي مصادر تشير إلى أنك ببساطة تذهب لتلقي علاج نفسي ! أجننت ؟ "
و الشاب أجفل لتلك الحقيقة التي عرفها من أمامه قطعاً من رجاله أو من اي شخص قد رآه يخرج أو يدخل لتلك العيادة لذا اكتفى بالصمت و أشاح بوجهه عنه ببرود مطلق ..
جدياً هو انتهى من الخوف ، بل يشعر بالملل من كل ذلك أن يرتعب فقط لمجرد إكتشافه أي معلومة عنه ، أن يبذل ما يزيد عن طاقته دون اهتمام أحد ، بل أن يعلم جداه كلاهما بتلك الجروح على معصمه دون الاهتمام به ... فقط افعل ما يحلو لك لكن لا تفسد مظهر الاسرة العام !
و ذلك الصمت لم يعجب الكهل أمامه و الذي نطق بحزم و أمر :" غادر هذا القصر ! سأكون رحيماً معك و أعطيك مالك و الذي هو حصة والدك و القليل من عملك إضافة إلى أنني لن اسحب أي مما تملكه باسمك كالسيارة ، لكن هذا المكان لا يحتمل وجود وريثين ! "
و بشكل مفاجئ هو فتح فمه بشيء من الصدمة قبل أن يقطب حاجباه و يسير للأعلى ! اجل ذلك متوقع بالفعل فجده بالنهاية لن يتغير ، و أساساً أن يعيش وحده لن يكون مختلف للغاية عن عيشه هنا .
أغلق عيناه بينما يتمتم بنبرة ساخرة :" ماذا ترك لي والداي من إرث جيد سوى ذلك العجوز و زوجته المختليين ! "
خطواته توقفت فجأة عند مروره على ذلك الجناح المُغلق منذ سنوات طويلة ! هو آمال برأسه بينما يرمش بشيء من الحنين الذي بدى على ملامحه يقترب من ذلك الباب العتيق ليرفع يداه و يلمسه بشكل هادئ ...
هو أسند جبينه عليه بينما يغلق عيناه التي احمرت بشكل تلقائي تزامناً مع بدأ ذكريات هو بنفسه ما كان يذكرها سابقاً بل إختبأت خلف سحب القسوة التي قاسها وحده هنا ...
هو رآى طفل بالكاد تجاوز الخامسة من العمر يركض بشيء من المرح مُتجهاً لداخل الجناح بينما يقهقه و بيده لعبة ورقية صنعها تواً على شكل طائرة !
و ذلك الطفل اختفى خلف الباب الذي يستند هو عليه لذا هو فتح الباب بحذر تام و تحرك للداخل ، الظلام كان يحتل كل ما بالداخل لكنه سرعان ما أضاء الغرفة و أقفل الباب خلفه قبل أن يعود للتحديق بالأرجاء ، لا شيء تغير هنا !
الخدم يقومون بتنظيف الجناح بشكل دوري دون تبديل أي شيء ، بالطبع الغرفة التي استقبلته كانت غرفة جلوس واسعة بأثاث فخم باللونين اللوزي و البُني الامع ، بينما هنالك مطبخ تحضيري صغير مكشوف على الغرفة ...
ذاكرته عادت للعمل حيث شاهد ذلك الطفل الضاحك يتقدم من تلك المرأة و التي كانت ترتدي فستان فخم باللون الأسود الذي تلائم بشكل لطيف مع بشرتها البيضاء الناصعة ، خصلاتها التي شابهت خاصته كانت تصل لعنقها بشكل جذاب و بيدها كانت تحمل كوبين من القهوة فقد انتهى نهار كامل شديد الصعوبة و العمل !
و الصغير عبس قليلاً لكنه ما إن كاد يعترض حتى اشارت له السيدة لينظر إلى طاولة المطبخ التحضيري تنطق بهدوء :" هنالك كوب من الشكولا الساخنة لك سيتو ، كنت أعلم أنك لن تنام قبل أن تأتي إلينا ! "
و الصغير التمعت عيناه بحب شديد و سعادة غامرة قبل أن يركض لاحضار الكأس الخاص به لينطق ذلك الرجل الجالس على إحدى الآرائك يتصفح جريدة ما :" كُن حذراً من السقوط أو حرق نفسك "
هو غرس كف يده بخصلاته يعيدها للخلف بينما يلقي بالجريدة من يده :" حقاً اليوم كان هنالك أطنان من العمل لدرجة أنني كدت أفقد أعصابي بالنهاية ! "
أومأت زوجته له تجلس بجواره و هي تنطق بتعب :" أتفق معك تماماً ! و والدك فقط لا يرحم ، أشعر با
لغيرة لما كان على لورين امتلاك عمل خاص بها بينما أُجبر أنا على العمل رفقة والدك ؟ لما لا يتقاعد ذلك العجوز و يسلم إدارة الشركة لك بدلاً من محاولة خلق جو من التنافس بين ليو و سيتو ؟ "
الصغير عاد لتساعده والدته على الجلوس بسلام مع كوبه و الذي حدق بهما بنوع من الهدوء بينما تنهد والده ليحدق به أولاً ثم أعاد بصره لزوجته :" لأنه سيقوم بتسليم الشركة لوالد الطفل الأفضل و يطرد الآخر ببساطة و أسرته ! "
شهقت المعنية من فورها بينما ارتعش جسد الصغير رغم أنه لم يفهم الكثير حقاً ، و ربما هو غير مهتم حقاً فأي مكان سيتواجد به والديه سيكون كافياً بل هو يتمنى أن يغادر رفقتهم لأي مكان آخر ! ... هو حتى ظهر التجهم على ملامحه و هو يذكر أن والده قام بتوبيخه صباحاً أمام الجميع ...
و الأكبر لاحظ تلك التقلبات لينهض و يجلس بجواره :" سيتو ، ما يحدث بخارج هذا الجناح لا علاقة له بمشاعرنا إتجاهك ! و لن تؤثر زلاتك حقاً بها مُطلقاً فبالنهاية أنت ابننا "
وضعت والدته يدها خلف ظهر الصغير بأعين مليئة بالقلق من المستقبل المجهول :" اجل ، نحن سنحبك دائماٌ مهما كان الوضع و كيفما سيكون بالمستقبل ! "
هي رفعت بصرها لزوجها الذي أومأ لها بنوع من الجد و كأنهما عقدا اتفاق ما لم يفهمه الطفل وقتها و لا الآن للحق !
لكن دموعه كانت قد انهمرت ، أجل هو أخطأ عندما نسي كل هذه الذكريات ! لطالما كان ينتظر نهاية اليوم حيث كان يمكنه الارتماء بينهما و سماع تلك الكلمات اللطيفة النادرة ...
شهق بينما يحاول التذكر كيف كان يمكنه التنفس من قبل ، خطواته اتجهت إلى غرفة نومهما تالياً ليدير مفتاح الضوء قبل أن تعود ذاكرته به لذكرى أخرى كانت قبل وفاتهما بأشهر ربما ؟
بذلك اليوم هو كان مُستلقياً على هذا الفراش الوثير بِحُمى مُرتفعة ، و ذلك حدث عندما جده صفعه بالساحة العامة بالمدرسة أمام نصف الطلاب بها أو أكثر حتى لأنه تشاجر مع شخص آخر و تم استدعاء اسرته ...
لم تستطع كرامته من احتمال تلك النظرات المتراوحة بين السخرية و لا الشفقة لذا مع مغيب الشمس جسده الصغير انهار ببساطة ، لذا والدته كانت تقف أمام الفِراش بعد أن أبدلت الكمادة عن جبينه بملامح غاضبة تشير لزوجها :" لقد نفذ صبري ! إلى متى يمكنك الصمت عن هذا ؟ حتى نفقده بالكامل ؟ تصرف أنت مع والدك و أسرة شقيقك "
و المعني كان يجلس بجوار الصغير بالفراش شبه مُستلقٍ هو اجابها بينما يده تبعثر شعر الطفل بخفة :" لا أفهم لما تقحمين إسم برايان و أسرته بكل حادثة ! أما أبي فهذه طباعه ! أنا أخبرتك بذلك قبل زواجنا هو ما كان يهتم بالخاسر و تعلمين تماماً ما فعله ببرايان و هو ابنه ! "
جلست هي الأخرى على الطرف الاخر قرب صغيرها تجيبه بهمس حانق :" لو أنه لم يعده للأسرة لما حدث كل ذلك ! أشعر بالندم كما ترغب على ما حدث لشقيقك و ساهمت أنت به لكن لن اسمح لابنه بتحطيم حياة صغيري "
أطلق الآخر نفس عميق محاولاً ألا ينفجر من الغضب :" تعلمين تماماً أن سيتو ليس منافس لليو ! كلاهما مختلف بشكل كُلي ، ليس من العادل وضعهما بساحة المنافسة فذلك الطفل ييدوا و كأنه ولد مُستعداً لإدارة كل شيء "
و كلماته تلك رسمت الاستنكار على ملامحها بالكامل لتهتف :" تعني أن ابني أقل شأناً منه ؟ "
قلب عيناه قبل أن ينخفض ليطبع قبلة على جبين صغيره الذي كان قد أخفى وجهه بالغطاء و هو يجيب :" بالطبع لا ! سيتو مذهل كما انه ابننا لن أرى أن أحدهم أفضل فقط هو لطيف و يحتاج لبيئة مختلفة لينمو بها و ما إن تتوافر تلك البيئة و يحين الوقت فلا ليو و لا أي مخلوق آخر سيكون الأفضل ! بل لن يكون هناك مجال للمقارنة "
و هي عضت على شفتيها عندما لاحظت أن صغيرها مستيقظ لتستلقي بجواره و تضمه :" أنا أثق بهذا ، لكننا فقط تعبنا ، نحن بالخارج حتى نتصرف بشكل لئيم مع الجميع لنحقق إعجاب والدك ! أنت لا تجرأ أن تصحح علاقتك ببرايان لأنك تعرف أنه بأسرة كهذه لا يوجد مكان لوريثان ! لذا رحيل أحدنا سيكون الحل الأمثل "
أومأ لها بخفة و هو ينطق بنبرة غامضة بالنسبة للصغير :" أجل محقة "
و ذكرياته هو أوقفها عنوة فقد اكتفى منها حقاً ، يشعر بالألم يختلج كافة صدره و يخنقه بشكل فظيع ، لما عليه الشعور بكل هذا ؟
أجل لم يكن ليمانع الرحيل لو تواجدا معه ! لو امتلك أسرة لاتزال تحميه لما اضطر لأن يصبح شخص لئيم و أناني فقط ليجد لنفسه مكان ما ..
ربما لو أن والداه كانا هنا لما حتى اضطر لإيذاء ليو بوقت انهياره أساساً بل كان ليحاول مُساعدته ؟
فوالداه حقاً بالخارج كانا مزعجين ، و أنانيان ربما لكنه يذكر جيداً الآن رغبتهما بالرحيل بعيداً عن هنا و أن يقدم والده اعتذار لعمه سواء قبله أو لا هو أراد المحاولة حقاً !
انكمش على نفسه مُفكراً انهما رحلا لمكان بعيد حقاً لكن دون تحقيق أهم نقطة رغبا بها برحيلهما و هي إبعاده عن هذا المكان بل العكس برحيلهما هو دفن هنا ...
باتت كلمات كلا يوجد مكان سوى لوريث واحد ترعبه ، فأين يفترض به كطفل الذهاب ؟ ذلك
أرعبه حقاً و أراد الدفاع عن مكانه بالمنزل بكل الطرق دون الاهتمام لها بل أكثر أراد الحصول على عمه و زوجته أيضاً لأنه حقاً افتقد حنان والديه و بطرق جده هو تصرف بشكل أناني و فظيع !
شهقات متتالية صدرت من جوفه كانت تُشعره بأن روحه تكاد تغادر رفقتها ...
و هو حقاً لا يدري كم لبث على حالته تلك و لا متى نهض ليبحث بأرجاء الجناح ليأخذ رفقته كل ما قد يهمه !
وجد عدة صور له معهما و لهما وحدهما ، صور هو ما بحث عنها قط سوى الآن ، شعور بالفراغ تسلل لقلبه أشعره بأنه يكاد يصبح خاوياً أو ربما هو حقاً فعل ؟
بالنهاية هو أمضى تلك الليلة بطولها بقراءة مذكرات والده و وقتها أدرك أن والديه لم يكونا أشرار كما تخيل دائماً !
بل كانا من البشر فقط يحاولان العيش بعدة طرق ، منها الخاطئ و منها ما هو صحيح ! ، قسوتهما لم تعني خلوهما من المشاعر بل عنت أنهما بشريان لا أكثر يقفان بمربع رمادي لا أسود قاتم و لا أبيض ملائكي ...
بالنهاية و مع أولى خيوط الشمس هو كان قد غادر قصر سوين بسيارته الفارهة ، لم يكن ليبقى أكثر فدوره انتهى حقاً ...
لكنه أوقف رحلته أمام العمارة التي يتواجد عمه بها ليخرج ورقة ما من جيبه ، اعتذار والده الذي لم يستطع قط إيصاله له كونه ما علم أنه سيغادر الحياة بتلك السرعة ، و رغم هذا هو كان قد كتبه بمذكراته كاستعداد لما ينوي قوله ؟
لذا هو سيوصله ببساطة ، وضع تلك الورقة من أسفل الباب على أمل أن يراها أحدهم و يوصلها لعمه قبل أن يعود لسيارته للقيادة بحلقات مُفرغة لا يدري أين ستقوده بالنهاية ...
~~~~~~~~~~~~
دورة الحياة مستمرة وموعد شروق الشمس عاد مجدداً ليعلن حلول يوم جديد على سكان الأرض . نتيجة أيام الراحة الاجبارية التي فرضت عليه من قبل الجميع والكوابيس كان مستيقظاً منذ الفجر يقوم بالاستعداد .
حل اليوم المنتظر وبقدر ما كان يشعر بالحماس قبل وقت قصير بقدر ما بدا التوتر يتملكه نوعاً ما لكن أكثر ما كان يضايقه ويعكر مزاجه هو حديثه مع ليو باليوم السابق والذي جعله يحظى بثاني أسوء ليلة في حياته كلها بعد أول ليلة له بالسجن !
كان الوقت مبكراً لكنه حرص على الخروج للسير دون وجود ضجيج لكي يهدا من نفسه قبل حلول الوقت خرج من غرفته دون أحداث ضجيج وكان يسير على أطراف اصابعه وقد توشح بالسواد بشكل تام مع حقيبة ظهر منتفخة قرر أخذها للفندق بطريقه كي لا يضطر لاخذها أمام شقيقه وأسرته لاحقاً . نظر نحو شقيقه الذي كان ينام على الاريكة بغرفة الجلوس بنظرات هادئة ، اقترب بمسافة معينة دون أن يبالغ خشية أن يوقظه بسبب وجوده حوله ، نظر نحو ملامحه قبل أن يغمض عينيه وحين فتحهما تنهد بتعب .
توجه نحو الخارج ينزل على الدرج بهدوء ، تقدم نحو الشارع ليتجه للمكان المقصود . كان يحدق بالإمام قبل أن يتوقف فجأءة بحاجبين مقطبين والتفت يحدق جانبه بذلك الصندوق الأحمر قربه وتظهر من فتحته ورقة بيضاء مطوية بشكل مريب. نظر نحوها بحيرة وسحبها ينظر إليها بتوجس. لم يكن من المعتاد رؤية رسالة بصندوق البريد هذه الأيام لذا تلك الرسالة اشعرته بالقلق . نظر نحو الاسم المكتوب عليها ليرى أسم عمه وهذا جعله يحتار أكثر .وقف بمكانه يحدق بالرسالة لثواني قبل أن يتنهد ويتجه للداخل من جديد .توجه نحو الطاولة ووقف هناك لثواني قبل أن يضعها املاً ان لا يندم على عدم فتحها بنفسه !
عاد لغرفته حيث ترك تلك الورقة ليلتقط القلم ويكتب بضع أسطر إضافية قبل أن يلتفت مغادراً من جديد
استقل الحافلة ليصل نحو هدفه بعد وقت قصير . نزل منها واضعاً قلنسوته فوق رأسه واتجه أحد أضيق الأزقة في ذلك الشارع المهجور .سار بين الفروع العتيقة متجاهلاً نظرات التوجس التي وجهها له بعض المتواجدين رغم قلتهم حتى وصل إلى ضالته .وقف أمام المكان لينظر للعنوان المدون على الورقة بيده قبل أن يدخل نحوه بخطوات واثقة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مضت ساعات الفجر بسرعة ليحل رفيقه الصباح مع شمسه الساطعة لتوقظ الناس من سباتهم. كان ليو نائماً بعمق ولا تبدو له نية الاستجابة لنداء الصباح مهما تكرر لكن كان لوالدته رأي آخر فرغم رغبتها برؤية وجهه الظريف حين ينام لكنها تدرك أن مشاغله لن ترحمه لو تأخر كما أنها لن تسمح بتفويت الفطور فاقتربت منه تضع يدها على خده بلطف مع ابتسامة سعيدة منادية باسمه برقة
" ليو ، بني استيقظ حل الصباح "
والمعني بهذا قطب حاجبيه بانزعاج يلتفت بعيداً عن يده التي تضايق خده وهذا جعل ابتسامتها تتسع قبل أن تعبث بخصلاته
" أنهض ليو ليس وكأني أمانع البقاء ومراقبة ملامحك اللطيفة بقية اليوم لكن لا أريدك أن تفوت أعمالك ويتلف مزاجك "
وهو حين سمع كلامها نهض بعبوس وهو يفرك عينيه محاولاً طرد النعاس " صباح الخير امي "
وهي ابتسمت تنهض من سريره " صباح النور عزيزي هيا أنهض لتوقظ ال وتأتيا لتناول الطعام "
أومئ لها دون اعتراض لينهض بكسل تام متجهاً نحو شقيقه .
فتح باب غرفته ليدخل هاتفاً من فوره " آل أيها المتنمر أنه. .."
قطع كلامه حين لم يجده هناك . قطب حاجبيه وتقدم نحو الداخل ينظر بارجاء الغرفة ، سرير مرتب وملابس المنزل مرمية على الكرسي وهذا جعله يستنتج أن رفيقه خرج بوقت مبكر . التفت قاصداً الخروج والاتصال به لكن استوقفه قصاصة ورق على الطاولة تقدم منها ليلتقطها وادرك من فوره أنها من آلفين فور رؤية الخط .كتب فيها باختصار
" لقد حانت لحظة الحرية اخيراً لذا خرجت للتجول هنا وهناك لا تقلق على واقضي وقت لطيف مع عمي وعمتي .م/ساكون ممتن لو صورت اللحظات الظريفة التي ستحدث لكي اشاهدها لاحقاً .
عبوس طفولي غطى على ملامحه كالعادة مخفياً خجله
" متنمر فظيع من يبدأ يومه بالتنمر على شقيقه قبل الفطور حتى !"
اعاد زرقاوتيه للورقة ليتابع قراءة الرسالة حيث تمت اضافة سطر إضافي فيها جعله يقطب حاجبيه كتب فيه
( تلقى عمي رسالة مريبة كن بجانبه وتأكد أن تتواجد حين يفتحها وعليك إخباري بالمحتوى
م/ حتى لو كان المحتوى فظيع عليك إخباري وان كذبت لأنك قلق بشأن سلامتي سأمسح بك الأرض واجعلك تأكل خضار فقط لبقية الشهر "
شهق ليو بقوة على آخر الجملة رغم شعوره بالقلق على مسألة الرسالة وهمس بتذمر :" متنمر مريع ! "
أردف بينما يخرج بقلة حيلة :"حسناً أظن لا داعي لمقاطعة رحلته بالنهاية هو ليس معتاداً على الجلوس بالمنزل لكل هذا الوقت لذا سأتركه قليلاً و أرى ما قصة تلك الرسالة ! "
خطواته التالية اتجهت نحو المكان الذي ينام به عادة بتواجد والديه بالمنزل ألا و هو غرفة الجلوس ، رمش عدة مرات عندما لمح ملامح مختلفة على وجه والده الذي كان يحدق بالورقة أمامه بشيء من التأثر !
ذلك دفع ملامح التذمر و عدم الجدية للإندثار بعيداً حيث التف ليقف خلف والده مُتكئاً على الأريكة من الخلف و قد اهتزت مُقلتيه قبل أن يبدأ بالقراءة حتى ، ذلك الخط يخص عمه الراحل !
هو لازال يذكره كون الأخير طالما أحب التميز حتى بطريقة كتابته للحروف ، لذا ملامحه كانت شبه هادئة بينما أعاد بصره ليركز بالرسالة التي يمسكها والده !
- " برايان ، أنا لا أعلم متى سيمكنني قول هذه الكلمات لك حقاً ، و لا أدري ما ستكون ردة فعلك عندما أفعل لاسيما بعد كل ما حدث لك بالماضي و كنت أنا جزء منه ، للحق كنت أجبن من مواجهة أبي و أمي لذا قررت التعايش بطريقتهما الخاصة ، أعلم أنني لم أظهر ذلك قط لكنني كنت سعيداً بعودتك لأسرتك و إن لم نكن الأسرة المثالية لشخص مثلك ، و قطعاً لم أكره ابنك قط و لا حتى لجو المنافسة الحاصل و إن أظهرت خلاف ذلك قط ، على الأغلب أنا سأخبرك بهذا الكلمات بينما أستعد و أسرتي للرحيل ، و عندما أفعل ذلك ربما سيكون بإمكاننا البدأ من جديد ؟ كشقيقان هذه المرة حقاً دون منافسة و لا أي أمر سخيف آخر فقط كأخوة و أسرة ، آمل حقاً أن يأتي ذلك اليوم الذي سيمكننا التحرر به منهم "
أخفض ليو بصره مع نهاية الكلمات تلك بينما شد على قبضته بشيء من الانزعاج ، هو لطالما علم أساساً أن عمه رغم كل شيء لم ينوي إيذائه بقدر رغبته بمساعدة ابنه ؟
لكن أن ينوي الرحيل و ترك كل شيء لوالده بل و رغبته بأن يعيد بناء العلاقة بينهم كان أمر لم يتخيله هو قط ، أمر من المؤلم حقاً إكتشافه الآن و بعد كل هذه السنوات الطويلة ، ليس بعد أن رحل لكن لمكان لا فرصة لهم بالحديث معه حتى ! ...
آمال بجسده حتى وضع رأسه على كتف والده و قد أحاط عنقه بيداه من الخلف ليهمس بنوع من الهدوء :" أبي ، أنت بخير ؟ "
و الأكبر رفع يداه لتمسك بيدا الأصغر و قد أومئ سلباً ، كيف له أن يكون بخير حقاً ؟! هو يشعر الآن بأنه من كان وغداً معه ، تمنى لو كان هنا ، أن يذهب لعناقه !
فقط ليته كان ببلاد بعيدة لوجده و لو صرف ثروته بأكملها ، لكن أنى يحقق رغبة الشقيقان بعناق دافء يثبت محبة كلاهما للآخر و أحدهما ما عاد بهذا العالم ؟ هو فقط رحل للأبد لمكان لا رجعة منه قبل حدوث كل هذا لتبقى هذه الأمنية معلقة للأبد ...
لورين قبضت يداها لقلبها فور رؤيتها لتلك الملامح على وجه زوجها و ابنها ، هي كانت أول من قرأ تلك الرسالة و أدركت حقاً اي مشاعر قد تثيرها لكن أوليس على زوجها معرفة حقيقة مشاعر الأكبر ؟ لاسيما و أنه عاش حياته كالمنبوذ بينهم !
رفع ليو بصره لوالدته التي جلست بجوار زوجها لتنطق بخفة :" عزيزي ، أعلم أنه بات من المستحيل أن نصحح ما وقع بينك و بينه ! لكن لازال أهم ما امتلكه شقيقك هنا ، انت يمكنك تصحيح الأمور معه ليرقد بسلام "
و عبارتها تلك جعلت ليو يشهق فمن الذي قد يحضر رسالة كهذه سوى سيتو ؟ و فقط أي سبب قد يجعله يقوم بالبحث بين مذكرات والده ؟
هو طبع قبلة على خصلات والده لينطق بهدوء و جد :" أمي محقة ، هو طلب منك بآخر يوم العناية بابنه و أنت بذلت ما بوسعك لهذا لكن مازال هناك مكان لفرصة أخيرة صحيح ؟ انا سأذهب للبحث عنه الآن "
رفع برايان رأسه محدقاً بابنه الذي غادر على عجل بنوع من الهدوء ، ذلك الفتى يكبر بكل يوم حقاً لكن فقط إن رغب بإظهار ذلك !
أعاد بصره لزوجته ليمسك بيداها :" هل تأتين معي ؟ "
هي لم تكن لتسأل حتى بل وضعت جبينها على خاصته لتنطق بابتسامة خفيفة :" حتى نهاية العالم كما تعلم ! "
~~~~~~~~~~~
بِمكان بعيد عن ضجيج الحياة وقف هو ، خُصلاته تحركت ببساطة رفقة الهواء بينما مقلتيه كانت شاردة بالحافة أمامه ...
هو كان يراقب المظهر أمامه بينما أفكاره كانت تحلق بعيداً ، لطالما تخيل بأن مشاعره ستكون مختلفة عندما يجد نفسه وحيداً و قد طُرد من منزله و أسرته لا لشيء سوى لوجود فرد أفضل منه ؟
حقاً لم يفهم قط اي نوع من الأُسر هو هذا لكنه الآن يشعر بالسخف التام لأنه كان يحارب للبقاء بينهم ، لما توجب عليه الشعور بالرعب و فعل كل تلك الأفعال السيئة للبقاء رفقة أناس لم يهمهم قط مشاعره .
جده علم عن عادته تلك بجرح معصمه لكنه فقط و بكل برود أمره أنه لا يظهره لأحد بل كان يخبره قبل كل مؤتمر أو أمر يجلب له القلق ان يُنهي طقوسه تلك ؟
ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه فهو بات يشعر أنه حُر للمرة الأولى بحياته و إن كان غير واثق بما عليه فعله للآن ...
و بالقرب من سيارته الرياضية الصفراء الفاخرة توقفت أخرى باللون الأسود بكل روية و كأن صاحبها قلق من أن تخدش حتى !
و ذلك أخرج سيتو من عالمه ليحدق بقريبه الذي و فور أن غادر صغيرته التي عادت له و أخيراً ، بدأ بالإلتفات حولها بينما يقطب حاجبيه بانزعاج و عبوس :" هل حدث و سمعت قط بالجلوس قرب البحر و الشواطئ الرملية التي لا تؤذي صغيرتي ها ؟ "
بنهاية جُملته هو كان قد وجه بصره للآخر بنظرة مُستنكرة رغم أنه كان يتفقد ملامحه ؟!
ذلك دفع الآخر ليبادله ذلك الاستنكار بواحد اشد بينما يجيبه :" أنت ماذا تفعل هنا ؟ بل كيف علمت أين أنا ؟ ثم ما بال هذا ؟ ألست ذات الشخص الذي رفض أن يقوم بإصلاحها ؟ "
و المعني شهق لآخر جملة نطق بها سيتو ليجيبه بتذمر فوراً :" لا تكن متنمراً أنت الآخر ! انا فعلت ذلك لشعوري بالذنب لكنني افتقدت صغيرتي و بشدة "
أنهى عبارته تلك التي بدى و كأنه يخشى على مشاعر سيارته الغير موجودة ؟
إلا أنه سار للجلوس قرب سيتو لينطق ببساطة بجد مغاير :" و تتبعت مكانك عن طريق هاتفك ! فقط لوهلة ظننت أنك قررت إلقاء جسدك من هنا "
أغلق الأكبر عيناه و هو يجيبه :" و لما علي إلقاء نفسي من هنا ؟ أجل كدت أصل لمرحلة أفضل بها الموت على الاستمرار لكن .."
هو صمت يقطب حاجبيه بينما ركز ليو بملامحه عندما تابع :" للآن لا أعلم السبب الذي جعلني أتراجع بكل مرة عن ذلك "
عيناه الزرقاوتين حدقتا بالآخر ليجيبه بثقة :" لئلا تكون مثير للشفقة ؟ و لأنك تستحق رؤية جانب آخر بالحياة ، انت لم تعش حياتك إلا من زواية واحدة لذا عليك تجربة رؤيتها من زوايا أخرى "
ابتسامة هادئة ارتسمت على ملامح سيتو قبل أن تتحول لضحكة هادئة مختلفة عن خاصته السابقة و التي طالما كانت تحمل بين طياتها الكثير من الشر و الاصطناع :" أنت حقاً شيء آخر ليو ! كان عليك على كل ما فعلته لك أن تكون اسعد شخص يحال حاولت إلقاء نفسي أو الموت ! لكنك هنا بأي حال "
حدق ليو به بنوع من السكون قبل أن يجيبه :" ذلك ليس مُمتعاً ، رؤيتك تغرق وحدك ليس أمراً ممتعاً لرؤيته ! أنا أخبرتك من قبل صحيح ؟ هنالك وقت ما كنت أحسدك على عدة أمور تواجدك بشخصيتك ما تواجدت لدي لكن بذات الوقت هنالك ما كان دائماً يجعلني أدرك أن حياتي بكل مراحلها لا تزال أفضل من خاصتك "
صمت قليلاً قبل أن يُكمل :" لا يمكنني التصرف و كأنني لا أرى أو لا أسمع ! و الآن أخبرني ما بال تلك الرسالة ؟ لما أنت بحثت عن مذكرات عمي و ماذا يحدث سيتو ؟ "
رمقه ما إن أنهى أسئلته بنوع من الترقب و إن كان قد توقع حقاً ما حدث !
و سيتو ما خيب ظنه عندما نطق بهدوء تام :" جدي قرر طردي ببساطة ، لذا أنا راحل إلى سويسرا مساء الغد "
الآخر شهق فجأة و قد رمش عدة مرات ليقف :" مهلاً لحظة سيتو عن ماذا أنت تتحدث تماماً ؟ غداً ؟ و سويسرا ؟ لما كل هذا ؟"
آمال المعني رأسه بنوع من الهدوء و الملل :" اكتشفت من مذكراته أن أبي قام بشراء منزل و مزرعة إضافة لمصنع ما ، ذلك كان هدف سفره عندما توفي هو و أمي ، تواصلت مع من عينه والدي هناك حتى يمهد لرحيلنا و اكتشفت أنه رجل جيد ما زال يحتفظ لي بمالي و تلك الأملاك بل و قام بجعل المصنع أكبر خلال تلك السنوات لأجلي ! هو صديق قديم على ما يبدو لوالدي فقد بدى متأثرا باتصالي حقاً بعد أن فقد الأمل "
بدى شيء من الهدوء و الراحة على ملامح ليو الذي عاد للجلوس لينطق بابتسامة هادئة :" هذا لطيف حقاً ، أنت منذ كنت طفلاً فضلت دائماً زيارة سويسرا صحيح ؟ "
شيء من التفاجؤ ظهر على ملامح سيتو الذي نطق :" أنت تعرف هذا ؟ يبدوا أنك كنت تلاحظني أكثر مما ظننت "
أومأ له قريبه و هو يتنهد محدقا بالسماء :" فقط تباً لجداي "
أخرج سيتو نفساً عميقاً بينما أردف ليو بمرح :" لكن أنت لن تسافر غداً ! أولاً أحقاً ستترك ابن عمك اللطيف هذا و أنت من قال أنني قد أجد نفسي بطريق دموي للغاية ؟ قد تصبح أنت الوريث مجدداً و أيضاً .. "
تأكد من أنه حاز على انتباه الاخر بأكمله ليكمل بشيء من المكر :" أبناء أسرة سوين لا يطردون ! أنت ستعود عنوة للأسرة و عندما
ينتهي كل شيء ستذهب له و تخبره بكل بساطة أنك من ستتخلى عنهم ! سيبدوا الأمر كما لو أنك صفعته "
و رغم الاعتراض الذي ظهر على ملامح سيتو إلا أن آخر عبارة نطقها ليو نالت على اعجابه ليجيبه :" محق ، ثم من السخيف أن لا أرى ردة فعل اسرة آلفين بالاحتفال رغم كل ما بذلته رفقتك !"
ابتسامته بتلك الجملة كانت عابثة و هي ما انتقل سريعاً لليو الذي بات يفكر أنه اقترب حقاً من جعلهم يدفعون ثمن ما فعلوه ..
**
- حتى نهاية العالم -
أجل ، هي أخبرت زوجها أنها ستذهب رفقته للنهاية لكن لم تتوقع أن تكون وجهتهما هو بوابة ذلك العالم !
هناك حيث الصمت المُطبق ، المكان الذي لا يسمع به لا ضجيج و لا حتى همسات ، السكون يملأه كما يسبب الكثير و الكثير من الضغط على قلب زائره ...
نظرت لبرايان الذي كان و منذ وقت طويل نسبياً يجلس القرفصاء أمام ذلك القبر الذي حمل بقلبه شقيقه الوحيد و الذي طالما عُرفا بخلافتهما معاً ...
و رغم ذلك ملامحه كانت منكسرة ، هي لم تعلم ما نوع الأفكار التي تتبعثر بعقل زوجها بقدر إدراكها أن الندم سيتربع بشكل قاسٍ بقلبه ، فما عاد للحديث او الاعتذار أي مكان ...
و حقاً برايان ما وجد أي حرف قد يمكنه التفوه به ، بل لم يرى أي فائدة من أدنى محاولة لذلك ، كيف يخبر الراقد منذ سنوات عن العاصفة التي باتت تعصف بدواخله ؟ ما الكلمات المناسبة التي يمكنه إظهارها للإعتذار ؟
كيف يبرر أنه ما أتى لزيارته و لو لمرة و لم يحسن رعاية وصيته الأخيرة ؟ أوليس هو لو اصطحب سيتو مع ابنه و الفين لكبر بشكل مختلف ؟ أما كان ليمحو الرعب الذي بقلب الصغير من الوحدة ؟!
أيمكنه إخباره أنه حقاً طالما رغب برؤيته ؟ ، أو الحديث معه ، أن يحتضنه ؟ بل أن يكونا شقيقين حقاً و ليس منافسان بمنزل واحد ...
لطالما أراد إعلامه أن قسوته اتجاهه أثرت به دائماً بشكل مختلف عن ما فعله والديه ، و الأهم الآن كيف يُعلمه أنه يسامحه على كل ما حدث بالماضي ؟! و أنه غفر له ما فعله بصغرهما ...
أغلق عيناه بالنهاية و هو يستشعر حرقة قلبه قبل أن يهمس :" ليتنا ولدنا لأسرة مختلفة ! لوالدين مُختلفين "
مُسامحة والديه هو الأمر الذي هو غير واثق أنه قد لا يتمكن من تحقيقه ! و حقاً من قد يلومه ؟
لورين وضعت يداها على كتفيه لتذكيره بصمت أنها ما تزال هنا لأجله ..!
~~~~~~~~~
بعد رحلة تسوق صباحية قضاها ال بالتحرك هنا وهناك قرر أخيراً العودة للمنزل للراحة قبل أن يحين الموعد المنتظر . تقدم ناحية منزله وهو يفكر بالكثير في عقله أولها مخططه ثم رسالة عمه ،عمل شقيقه المريب ، مسألة والده وغيرها مما جعله يشعر بصداع فظيع نتيجة تضارب كل تلك الأفكار داخل عقله .رفع يده يضغط على جبهته وهو يتذمر بينه وبين نفسه بهمس بعد أن دخل للمنزل اخيراً
"تباً ياله من يوم للاصابة بالصداع "
صوتها وصله واجفله حين سمع صوتها وهي تهتف مقبلة عليه بقلق تام من غرفة الجلوس مقتربة منه تمسك بذراعه بنظرات قلقة
" هل أنت بخير أخي ؟ كل هذا بسببه صحيح ؟ علي قتله بحق ! تباً لذلك اللص لما يضيع الوقت ؟ لا يمكنني الصبر أكثر "
والفين حدق به بعيون متسعة بالبداية قبل أن يقطب حاجبيه يسمعها تتذمر بشيء غير مفهوم ، وضع يده على رأسها يبعثر شعرها لكي يجذب انتباهها قبل أن يجيبها بابتسامة مرحبة
" سعيد برؤيتك إيزا ،انا بخير ، فقط صداع بسبب كثرة النوم ، ما الذي تفعلينه هنا ؟"
وهي رفعت رأسها تنظر إليه وسرعان ما ابتسمت مجيبة سؤاله
" جئت لرؤيتك بالطبع أخي "
عبست وهي تردف بتذمر
"لم اجد احداً بالمنزل لذا استخدمت المفتاح للدخول وانتظار عودتك "
تنهد قبل أن يبتسم لها مجدداً وهو يضع أغراضه جانباً " فهمت كان عليك الاتصال ، كنت ساعود فوراً ، بأي حال هل من مشكلة ؟"
زمت شفتيها وحدقت به بشيء من اللوم " وهل يجب أن يكون هناك سبب لكي آتي لرؤيتك ؟ لما هو يراك كل يوم بلا سبب ؟"
والفين كتم ضحكته قبل أن يبتسم لها من جديد " بالطبع ليس كذلك ، فقط ظننت انك بحاجة لشيء ما ، أردت أن أحقق لاميرتي الصغيرة اي شيء تريده "
وهي اجابته بعبوس طفولي "لو طلبت منك معاقبة ذلك اللص هل ستفعل ؟"
والفين اجابها بحيرة بعد أن جلس كلاهما بغرفة الجلوس وهو كان مقابلاً لها
" لما ؟هل فعل لك شيئاً؟"
أخفضت رأسها تجيبه بتذمر " إلا يكفي أنه سرقك ؟ثم هو للآن لم يعاقب أولئك الاوغاد ولم يسمح لي بالمساعدة فوق ذلك "
سماع ذلك جعل آلفين يقطب حاجبيه يستفسر منها بقلق تام " من الاوغاد ؟ هل اذاك أحدهم ؟"
وهي حدقت بآلفين قبل أن تجيبه بغضب متفجر" من غير زوجة عمي واختها؟ اساساً كان علي الذهاب إليهما وقتلهما وحسب قبل المجيء إليك واحظار راسهما القبيح هدية على سلامتك "
اخفضت رأسها ووضعت اصبعها اسفل ذقنها تفكر بعمق " لحظة ربما علي فعلها بالفعل ساعود بعد قليل ال أراك. .."
كانت تهم بالرحيل إلا أن يد ال اوقفتها مع ملامح مريبة اختلط بها كل شيء كعلبة ألوان مائية وقعت في بحيرة فاستحالت إلى فوضى ملونة !
سحبها لتجلس ، عيناها ما ابتعدت عنه ولو لثانية وهي تنتظر ردة فعل توضح ما يجري وهو فعل لها ما أرادت حيث جثى يجلس امامها كما لو كان اميراً يطالب اميرته برقصة في حفل الفرق أنه كان يفعل ذلك يمسك بيديها ويحدق بعينيها بنظرات جعلتها تقطب حاجبيها حين استشعرت بها حزناً وشيء من الذنب وهذا فقط جعلها تشجع فكرتها بشكل أقوى !
آلفين تنهد، يستجمع كلماته ويعيد صياغتها بشكل مثالي قبل أخبارها بما يريد
"لا أعلم من أين علمتي بالضبط إيزا ، لكن أولا وقبل كل شيء ..... آسف حقاً، بطريقة ما مهما حاولت أن أكون شخصاً تفخرين به ينتهي بي الأمر مخيباً لظنك"
نهضت من فورها تهتف به باستياء تام معلنة رفضها لتهمته الظالمة لنفسه
" لا تقل ذلك أخي ! أين ذنبك بكل ما جرى ؟! لعلمك وحسب لولا انها تشعر بالغيرة منك لما حدث هذا ! لأنه رأت انك شخص مذهل ولا يمكنها التغلب عليك مع ابنها المتعفن عديم النفع لما لفقت امراً كهذا ! أنا فخورة بك وسأكون كذلك دوما ومن سيتجرا ويفتح فمه أمامي عنك بكلمة فهو حرفيا عليه توديع حياته اقسم !"
آلفين لاحظ انفعالاتها تلك .ابتسم حين سمع كلامها رغم هذا ما يزال يشعر أنه ليس شخص يمكنها أن تقول ببساطة انا شقيقته ! بما قد تفخر بأي حال ؟ بكونه خريج سجون ؟ ام بكونه متهم حالياً بكونه لص سرق منزل عمه ؟ حتى لو أصلح الوضع السمعة لن تتحسن وحقيقة كونه خريج سجون لن تتغير على ما يبدو مهما حاول لذا هو ما عاد يكترث بشدة لكن ماذا عنها هي ؟ هل ستغضب كلما قالها أحد أم سيأتي وقت وتشعر بالخجل منه ؟ هذا جعله يغير الموضوع حين أدرك عجزه عن جعلها تعترف ببساطة بحقيقة كونه ليس شخصاً قد تفخر به على الاقل حالياً للموضوع الأهم
" شكراً إيزا أن كنتِ تحبينني حقاً اذا عديني انك لن تتهوري ابداً ! لدي الكثير من الأعداء وسيظهر الكثر غيرهم ، أن كنتي ستتورطين مع كل شخص يزعجني فأنا حتماً ساقلق بشدة ، لذا ثقي بشقيقك ودعي الأمر لي ، لا يهم نوع العلاقة التي تجمعني بهم هم يبقون اسرتك "
لم تستطع الصمت فحدقت به بحدة موجهه لاسرتها هاتفة بإستنكار
" اسف يا أخي لكني لا أقرب القمامة بشيء وهؤلاء جميعا قمامة بالنسبة لي ! موقفي واحد ال من يفتح فمه بكلمة عنك لا اعترف به بأي حال ومن يؤذيك فلا تتوقع اني ساوادده ، لا تقلقي بشاني حالياً سمحت للص بتولي الأمر لكن ان لم يعجبني ما سيفعله سامسح به وبهم الأرض وانت لن يمكنك منعي !'
تنهد فور أن أكملت ليبعثر شعره بقلة حيلة " كلاكما حرفياً لا يستمع الي ! هل أنا حقاً الشقيق الأكبر ؟ بدأت أشك بهذا !"
ابتسم قبل أن يتقدم ليعانقها بلطف " شكراً لك إيزا لثقتك بي ، سابذل جهدي لاجلك ، اعتني بنفسك لاجلي واضح ؟"
وهي بادلتها لتومئ وتبادله العناق وفكرة وحادة بعقلها.... حرق منزل عمها بمن فيه !
~~~~~~~~~~
البناية كانت ضخمة بشكل نسبي بطريقة لائمت الغرض الذي تستخدم له هذه البناية . كانت عبارة عن بناء مكون من أربع طوابق واجهتها الأمامية كانت زجاج عازل تستقر وسط منطقة سكنية .
على بعد بنايتين وباحدى الطرق الفرعية وقف كلاهما هناك يضع كلاهما قلنسوته مغطياً بها رأسه .استقر أحدهما خلف العمود مستنداً للجدار خلفه وبحضنه استقر حاسوبه يستعد لتقديم الدعم .
الآخر كان بملابسه السوداء ذاتها حقيبته على ظهره وأسفل تلك القلنسوة يرتدي قبعة سوداء هي الأخرى اخفت شعره . القميص الذي يرتديه غطا جزء من وجهه مخفيا بذلك ملامحه . همس له رفيقه بهمس
" كل شيء جاهز لدي ، انطلق متى ما ترى انك مستعد تذكر اهم شيء الحصول على معلومات تخص أولئك الأربعة اي شيء إضافي سيكون جيد لكن الأساسية هي لأولئك الحمقى "
لم يلتفت بل أجاب دون تأخير بذات الهمس وهو ينظر ناحية المبنى
" مستعد منذ زمن ولا تقلق احفظه عن ظهر قلب "
كان على وشك الانطلاق لولا أن صوت رفيقه اوقفه بذات الهمس
" انتظر "
التفت هذه المرة ينظر نحوه بحيرة ليتحدث الآخر بشيء من الذنب بينما ينظر إليه
"لن أكون مسؤل عن أي شيء قد يحدث ، انا علي توفير المعلومات الباقي عليك آلفين !"
ابتسم وان لم يظهر ذلك بسبب القماش الذي غطى فمه وهمس به بثقة
" لا تقلق ، أقوم بالأمر بكامل قناعتي !أراك لاحقاً "
هنري كان جالساً هناك يتتبعه على حاسوبه مع نبضات قوية ، رغم كلماته التي قالها لكنه كان يدرك أنه لو أصاب آلفين مكروه فهو لن يستطيع فقط تجاهل الأمر حقاً لذا كان توتره باقصاه لدرجة أن ليلته السابقة كانت عبارة عن كوابيس متكررة تنتهي كلها بشكل مأساوي .
وصل آلفين بعد وقت قصير للمكان الذي حدده له هنري حيث يقبع الجزء الخلفي من البناية المقصودة ،همس خلال السماعة الصغيرة التي يضعها "وصلت "
وتلقى الجواب سريعاً بنبرة تحثه على الاسراع من هنري
" خمس ثواني ويبدأ الأمر ، استعد ، لن تتوافر فرصة أخرى لك !"
ضغط على زر الحاسوب قبل أن تقوم الفوضى بالمكان بفعل تشغيل جهاز التنبيه على الحرائق ليتبعه ظلام دامس غطى على المكان جعل الجميع يركضون هنا وهناك للخروج وهتافات تتسائل عن ما يجري .تجمع الجميع عند الباب الأمامي ينظرون للبناء الذي يفترض أنه يحترق تحت هذا الظلام و خلال هذه الفوضى قفز ال فوق الجدار وتسلق بسرعة ليقف عليه بعد أن أوقف هنري الليزر الذي كان خط الدفاع الأول . قفز من الجدار ليستقبل الأرض بحذر ناظراً حوله يستطلع المكان للتأكد من خلوه من أي أحد فكان له ما أراد . اعتدل بوقفته و انطلق فور نزوله راكضاً بسرعة نحو إحدى النوافذ ودخل عبرها متسلقاً خلال خيوط الظلام .
دخل عبرها بحذر ليتاكد من خلوها هي الأخرى ، على السماعة وصله صوت هنري الذي اخبره بصوت خافت
" تقدم إلى يسارك بسرعة ثم تقدم للأمام بشكل مستمر ،بعدها إلى يمينك ثم إلى يسارك ، سيعود التيار بعد ثلاثين دقيقة فأسرع للوصول إلى المصعد السري قبل أن يعودوا ، قد يكون ما يزال بعضهم بالداخل فكن يقظاً "
همس له بحذر وهو ينطلق متبعاً تعليماته بحذافيرها
" سأفعل "
أومأ هنري وهو يجيبه مردفاً " أجل الحاسوب تحت الأرض ولكي .."
قاطعه ال متنهدا بصوت هامس بينما ينطلق
"لكي تخرج هناك طريق سري من تحت الأرض لذا يمكنك الذهاب من خلاله ، اياك والصعود مجدداً فهمت هنري عليك أن تتوقف عن القلق هذه المرة العاشرة حفظت الأمر أقسم ! "
هنري قطب حاجبيه يوبخ آلفين " لاني لا أريدك انت أو شخص من طرفك أن يأتي ويقول لما لم تحذره أو توقفه أو الخ .."
همهمة من ال مع ابتسامة جعلته يدرك أن رفيقه فهم الموقف جيدا بعد أن اعاده عليه عشر مرات ربما بسبب توتره ورغبته بالحفاظ على سلامته
" لا تقلق "
عبوره من ممر لآخر كان مقلقاً له لكن حديثه مع هنري خفف توتره إلى أن سمع صوت اجفل كليهما من رجل مر بجانبه يسير بحذر يتلمس الجدار
" ماذا يحدث هنا ؟ من هنا ؟ "
ال توقف بحذر قبل أن يخبره بنبرة واثقة كما لو كان رفيقاً له " هناك حريق أظن ، اذهب للخارج بسرعة "
والمعنى حدق باتجاه الصوت يسأل بأستنكار " وانت لما لا تخرج ؟ اتحاول الانتحار أم ماذا ؟ "
هنري الذي سمع هذا همس لآل بعصبية نتيجة التوتر " اخبره انك نسيت احظار الملف الذي يحوي معلومات إحدى المهام وأن الحريق سيكون اقل مشاكلك لو فقدته "
آلفين لم يتأخر فأسرع يجيب بما تم تلقينه فتقدم الرجل منه يضع يده على كتفه
" أمل أن تجده أو ساحرص على أن أدعو لك ان ترقد بسلام "
اختفى تاركاً ال خلفه والذي تنهد ليسرع متابعاً طريقه .النظارة الخاصة التي كان يرتديها منحته قدرة خاصة على النظر بالظلام بسبب كونها تستشعر الأشعة تحت الحمراء .
خلال تسلله هذا الفوضى بالخارج زادت بشكل أكبر بسبب استمرار الظلام ولا أثر لأي حريق يذكر !
التفت الجميع لمصدر الصوت القاسي الذي وصلهم . صاحبه لم يكن سوى الزعيم في هذا المكان احد افضل رجال سامويل والذي كان ذو ملامح غليظة شعره داكن يصل إلى أعلى ظهره عيناه حادتان صغيرتان بلون البن ويضع على أنفه حلق ذهبي بثياب سوداء .
التفت إليه أتباعه بتوجس فور عودته ليحدق بتلك الفوضى بغير رضى دون أن يسأل عن سببها حتى يكلم أتباعه بصوت هادئ ارعبهم رغم نبرته التي لم يفترض أن تكون بهذا الرعب
" ماذا حدث بالضبط ؟ "
ارتجف البعض وآخرون تقدموا منه يحاوون توضيح ما حدث قبل أن يجعل منهم طعام للعشاء
" سيد جون ، لقد عمل نظام الحرائق قبل وقت قصير ثم انقطع التيار لهذا نحن بالخارج "
نظر بعينيه الحادتين نحو المبنى قبل أن يعيد نظره لمن كلمه يسأله بنبرة مخيفة بدت كتهديد بدل كونها سؤال
" هل تقول أنكم خرجتم تاركين المقر للجرذان دون أي حماية بسبب إنذار سخيف ؟!"
تراجع الرجل للخلف مشيحاً بوجهه وفعل الجميع ليصرخ بهم بنبرة زلزلت قلوبهم ،يتقدمهم نحو المقر " ليتجه أحدكم لقابس الكهرباء فورا ! والبقية انتشروا وفتشوا كل شبر بالمقر !"
ونبرة صوته لم تترك مجال للنقاش فما كان منهم سوى الركض للتنفيذ بينما هو يتقدمهم مباشرة نحو مركز البناية حيث يستقر أهم ما لديهم رغم تفكيره أن لا أحد غبي كفاية ليهاجم مقر هو سيده لكن الحذر كان واجباً فكان هذا سبب منحهم امراً بالتفتيش خصوصاً أن الوضع بدا له مريبا بشكل أو آخر .
خلال هذا كان ال قد اقترب تقريباً من المصعد الذي يوصل للمكان الذي يتواجد فيه ما يحتاجه . رغم كون الخطة تسير كما هو مخطط لكن شعور سيء كان يراوده خصوصاً حين تذكر الحوار الذي دار بينه وبين هنري قبلاً .يدرك أنه الهدوء ما قبل العاصفة وحسب لذا حاول اتخاذ احتياطات أكبر كلما اقترب أكثر .بصره كان ثابتاً للأمام ينظر نحو المصعد ،لحظات معدودة سبقت قفزه بعيون متسعة خلف الجدار بسرعة ونبضات قلبه اضطربت حين أصابت رصاصة المكان الذي كان يقف فيه مباشرة .
صوت شخص ظهر وسط الظلام قبل أن تعود الكهرباء بشكل تام ليظهر ذلك الشخص بشكل أوضح والذي كان شاب طويل القامة شعره البني منسدل إلى منتصف رقبته ، حدقتاه بلون البنفسج ، ملامحه حملت مكراً وجنوناً ظهر جلياً في نبرة صوته يخبر ال بسخرية
" كما توقعت تماماً هناك جرذ يعتقد أنه ذكي كفاية ليصل إلى مقرنا ويخرج كما لو لم يكن هنا ، إلا ترى انك مغتر بنفسك أكثر من اللازم؟ بأي حال قررت البقاء وتحيتك حين تصل إلى هنا بنفسي هل ترى كم أنا مراعي؟"
آلفين الذي كان يختبئ خلف الجدار أخرج من حزامه الخلفي المسدس الذي وضعه هناك للضرورة القصوى تفقده ثم ارجعه ليتاكد أنه مستعد في حال احتاجه ! وبالوقت ذاته أخرج من جيب سترته وبشكل عاجل جهاز غريب الشكل ، نظر قربه ليجد قابس قريب منه فأسرع بخطواته ليوصله للنقطة الكهرباء وهمس لهنري الذي كان بحالة شد عصبي تام بسبب الوضع الذي تحول للاسوء رغم كونهما توقعا حدوث ذلك بنسبة عالية لكن سرعة حدوث الأمر جعلت كلاهما يتوتر رغم ادراكهما لحتمية حدوثه
"هنري ، ربطت الفايروس الباقي عليك ، ساشغله حتى تكمل عملك "
هنري أجابه بتوتر تام " أتركه لي لن اتاخر ، وكن حذراً "
لم يستغرق الكثير قبل أن يتجه يخرج من مخبئه كل هذا خلال أقل من دقيقة بينما الآخر يسير بهدوء مع ابتسامته مدركاً أنه حاصر الجرذ دون أي مهرب .
خرج آلفين راكضاً من مخبئه بشكل مفاجئ متجه ناحية الشاب أمامه مناوراً سلاحه الذي ارتفع ليضربه برصاصة ووصل إليه خلال وقت قصير ليحاول توجيه ركله ليده تفاداها الشاب أمامه بسرعة ليتراجع للخلف. استعاد توازنه بشكل سريع ليوجه قبضته ناحية ال بعد أن ارجع سلاحه ليتجنبها ال سريعاً ورفع قدمه ليوجه ركلة لذراعه . المعنى صدها بذراعه ليوجه ركلة مضادة لصدر ال فشل في تجنبها ليرجع جسده للخلف فاقداً توازنه لولا وجود الحائط خلفه والذي سنده قبل أن يقع وبالوقت ذاته منح خصمه الوقت الكافي ليكور قبضته ويتقدم لتوجيه ضربة ثانية لآل لولا أنه استطاع مراوغتها رغم شعوره بالألم ليجعل جسده ينزلق على الجدار ودفع جسده من أمامه بقوة للخلف ليضرب بالجدار بقوة . تراجع آلفين فور أن ضربه ليحاول التماسك .
الشاب ابتعد عن الجدار يحدق بالفين بنظرات حقد تام نتيجة شعوره بالألم ، حدق به بغضب رغم بقاء ابتسامته وتقدم ليكمل هجومه
" ساحرص على جعلك تموت بطريقة فظيعة لتكون عبرة لغيرك"
آلفين لم يتحدث ولم يجب بشيء بل اكتفى بأن يتقدم منه من جديد ليوجه لكمة تم تجاوزها من قبل الشاب حيث اتجه يميناً ثم رفع يده ليوجه ركلة أخرى أصابت خد ال وجعلته يتراجع للخلف يمسح طرف فمه الذي سال منه خيط من الدم بسبب جرح شفته بفعل تلك اللكمة .تقدم من جديد يحاول إكمال ما بدأه إلا أن آلفين تراجع ليفسح المجال له ليواجه الجدار ، التفت وامسك برقبته بقوة ليضرب رأسه بقوة شديدة تسببت لمن أمامه بتشوش تام في الرؤية مع خروج دماء لوثت عينه اليمنى ، تقدم آلفين منه من جديد ليوجه ضربة له على بطنه بقوة جعلت الشاب يمسكها بألم وانتهى بآلفين يوجه ضربة أخيرة له على رقبته بقوة جعلته يشهق فاقداً الوعي .
كان آلفين يتنفس بسرعة وهو يحاول التقاط أنفاسه بعد ان أدركه التعب بسبب القتال . صوت اخرجه من راحته المزيفة حين ناداه هنري
" آلفين ، اتجه للمصعد فورا بعد أخذ الجهاز ، هم قادمون ناحيتك ، عليك التوجه للمصعد والخروج عبر الطريق الذي أخبرتك عنه "
أجابه آلفين لاهثاً " حسناً سأفعل فوراً"
تقدم لينفذ الأمر وسبق إغلاقه لباب المصعد رؤيته لعدد من الأشخاص يتجهون ناحيته ، اضطرب وخطر سلاحه تحسباً للحاقهم به وضغط على الزر بتوتر ، لحظات سبق وصولهم ليغلق الباب وياخذه للاسفل حيث يتواجد الحاسوب ومع وصوله للمكان انفصل الطابق الأسفل كلياً عن الأعلى ليحاول الرجال الانتشار ومحاصرة المكان بالنهاية لم يكن له طريق آخر للذهاب إليه سوى هذا أو هذا ما كان يفترض حدوثه بنظرهم.
وصل آلفين للطابق الأسفل ليتجه نحو الحاسوب باقصى سرعته ، كان الحاسوب المركزي للمكان عبارة عن حاسوب ضخم نسبيا بلوحة مفاتيح ضخمة يحتوي كاميرات مراقبة للمكان كله إضافة إلى ملفات متعددة على سطح المكتب حوت معلومات مختلفة
،ربط جهاز الفلاش الخاص به ليكلم هنري عبر السماعة
" هنري ، لقد ربطته!"
هنري بدا عمله من فوره ينسخ كل شيء بسرعة " أعلم انا انسخ بالفعل ثلاث دقائق وأنهي الأمر كن متئهباً، يفترض أن لا يمكنهم الوصول إلى هناك لكن لا بأس بالحذر "
آلفين أومئ بهدوء " أعلم "
كان ينظر للملفات وهي تستنسخ بينما يقف للراحة قليلاً، حلال وقوفه هناك لاحظ وصول عدة ملفات بتلك اللحظة كانت تحمل شكل رسالة ، قطب حاجبيه وسأل هنري بحذر
" هنري ،هناك ايميل وصل "
هنري قطب حاجبيه ليجيبه " سافتحه من جهتي "
لم يستغرق أكثر من خمس ثواني ليفتح الملفات ، كانت عبارة عن مهام مرسلة لاتباع سام من طرفه ، تضمنت مختلف المهام مهمة قتل ، مهمة تبادل أسلحة ، أثارت إحدى المهام اهتمام هنري حيث حذر آلفين من فوره ينبهه لها رغم أن الأخير انتبه لها بنفسه
" آلفين هل رأيت ؟"
والفين همهم له يجيبه " أجل ، يبدو أننا لسنا الوحيدين اللذين نبحث عن إرنست ذاك "
عينا آلفين كانتا تنتقلان بين سطور المهمة التالية ، وصل عند سطر معين لتتسع عيناه بقوة على إثر ما قرأه فيها ،لم يصدق ما يقرأه كل كلمة هنا جعلته يصر على أسنانه بغضب شديد هامساً بحقد دفين " وكأنني سأسمح لك "
هنري سمع هذا الكلام ورغم استغرابه لكنه استنتج أنه يعني إيجاد ارنيست قبل سام وهذا جعله يصمت وحسب إلى أن أعلن بصوت هادئ" إكتمل الأمر آخرج بسرعة "
أومئ ال وهو يسحب الفلاش ليتجه نحو الطريق السري ، كان معرفته أمر غير وارد كونه سري يخص ألمقربين من سامويل وحسب وهذا كان من صالح آلفين الذي توجه إليه ليجده سالكاً لا أحد فيه ، طريق ترابي تحت الأرض على شكل حلقات متتالية على جانبيه أضواء برتقالية. ركض خلاله بملامح أكثر أخافة من تلك التي دخل بها ليصل عند الباب التي تواجدت بالحديقة الخلفية ، رفع الباب بحذر لينظر بالمكان ليجد عدد من الرجال الذين كانوا يتجولون بالإرجاء للتحقق من خلو المكان ، انتظر رحيلهم قبل أن يخرج بحرص ليتجه خلف الشجرة المتواجدة وبمعجزة ما مر الأمر على خير تكفل هنري بالتتمة ليوقف الليزر من جديد ليعطي ال إشارة لكي يخرج ، انتظر عدة ثواني قبل أن يركض متجهاً نحو الجدار بنية القفز لتسلقه وقبل أن يصل إليه بثواني سمع صوت صراخ شخص ما يهتف للجميع
" هناك دخيل هو على وشك الهرب !"
قطب حاجبيه وزاد رعب قلبه لكنه تجاهله كلياً ليقفز كما خطط ، ارتفعت الأسلحة تنوي الإطلاق عليه وبالفعل سمع صوت إطلاق رصاص لكنه أسرع بالقفز خلف الجدار ليتجنب الإصابة بأخر لحظة رغم أنه تسبب بالتواء في كاحلة المصاب اساساً لكنها كانت أقل الخسائر المتوقعة بأي حال !
خرج بسلام من هناك وترك فوضى خلفه نتيجة فشلهم بامساك شخص واحد نتيجة افراطهم بالثقة بانفسهم والتي قد تكلفهم رؤسهم جميعاً على يد قائدهم أو سام بحد ذاته !
ورغم استمرار عمليات البحث إلا أنه تبخر من المكان بشكل تام دون ترك أثر يذكر !
ورغم نجاح مهمتهما إلا أن آلفين ما كان سعيداً مطلقاً بل بدا اشد قلقاً من السابق !
يتبع
أرجو أن يعجبكم ❤
~~~~~~~~
الفصل مشترك ❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top