بارت 21

انطلق هاري مع انفجار دموعه ليحتضن تؤامه بقوة بينما عينا الأخير تقاومان نزول الدمع بقوة شديدة فلم يرغب أن يجعل تؤامه يرى دموعه وقلقه فيقلق عليه ايضاً بل حرص أن يكون الحضن الأمين لتؤامه ومن يمسح دموعه له ، هو أخذ شقيقه بين يديه بقوة وهو يربت على ظهره بابتسامة مطمئنة مع احمرار عينيه ويده الأخرى عبثت بشعر صغيره الثلجي وهو يستمع لشهقات بكائه وحولهما الكلبان الصغيران يحدقان بحيرة شديدة ينتظران نهاية هذا اللقاء ليعرفا ماذا يجب أن يفعلا أو من هو من بينهما هاري !

هنري وبينما يحتضن صغيره أخذ نظرة سريعة ليتأكد أنه بخير ،أبتعد هاري بعد وقت طويل وهو ما زال يشهق كطفل يشكو لأمه عن حلواه المسروقة ، عينا هنري استقرتا على صغيره بحنان شديد وهو يتسائل برقة شديدة كما لو كان يمسك بورقة شجر يابسة تكاد تهوي ارضاً وهو يخشى عليها قسوة الأرض
" هل أنت بخير ؟ هل اذاك ذلك الوغد ؟!كيف تشعر الآن ؟!"

هاري رفع رأسه بعينيه المتورمتين فلا يتوقف هو عن البكاء مرة إلا وحصل أمر آخر جعله يبكي مجدداً لكنه ممتن للسبب هذه المرة

تحدث بصوت خافت من بين شهقاته وهو يحدق بمن امامه وابتسامته الحانية التي لطالما كانت دواء قلبه
" أجل أخي انا بخير ، لا تقلق مطلقاً ، اعتذر لاني لم أستطع الاتصال بك وطمأنتك فقد سرق هاتفي !"

ثم اردف بحاجبين مقطبين حين انتبه لكلام تؤامه
" لحظة ! ذلك الوغد ؟ هل تعرف من فعلها ؟! "

صمت هنري زاد القلق بقلبه ليقترب ممسكناً بقميصه برجاء وهو يتسائل بتوتر واضح
" أخي ماذا فعلت به ؟! "

هنري أمسك بيده التي تتشبث بقميصه بعد أن تنهد بأرهاق هامساً بينما عيناه تحدق بخاصة تؤامه دون أي تردد مع ابتسامة هادئة رسمت على وجهه
" لا تقلق ، انا عند وعدي لم أقم بقتله !"

وعينا هاري ضاقت أكثر وهو يتسائل بحيرة أكبر وقلبه ينبض بقوة
" ما معنى هذا؟!"

هنري أخذ نفساً عميقاً وهو يخرج من جيبه ما استعاده من ذلك الفتى ويطمأن صغيره
" أقصد أنه بخير ،فقط لقنته درساً قاسياً وبالكاد كبحت نفسي عن قتله لاجلك ،استعدت ما أخذه بكل حقارة منك واعدته ، تفضل "

مد له الهاتف ومحفظته وأهم من كل ذلك امده بالطمأنينة أن شقيقه لم يفعل شيء قد يودي به لكارثة وكم كان سعيداً أنه جعله يعده قبل أن يغادر ، استلم الهاتف من فوره بابتسامة دلت على سعادته الشديدة وكم اراحت قلب هنري المرهق !

هو كان مستعداً لدفع أي شيء لرؤيته يبتسم فكانت ابتسامته ماءاً أثلج قلبه وروى ظمأه الذي دام أيام ، نسي كل ارهاقه واهماله لطعامه بتلك اللحظة وابتسم بدون شعور وهو يحدق بهاري وهو يتفقد هاتفه الثمين بحماس طفولي لما فيه من ذكريات له ووضع محفظته بجيبه لكنه تذكر حينها فجأءة ذلك الموقف للطفل المنتحر وكلام أمه وأهم من ذلك كله نبرة هنري حين همس بألم لم يجرأ حتى على قول ذلك له مباشرة " أين أخطأت !" رفع راسه بتردد لهنري بتوتر واضح وحزن دفين بعينيه جعلت الأخير يحدق به بحيرة وترقب متسائلاً بقلق
"هل من مشكلة ؟"

إلا أنه وقبل أن ينطق هاري بأي حرف اقبل مارسيلينو بتلك اللحظة ليقترب منه بابتسامة على وجهه بعد أن لاحظ دون شك كل ما جرى وقرر مقاطعة ذلك الحوار لهدف في نفسه
" تتهرب من العمل من أول يوم هاري ؟!"

و بفعل تلك الكلمات رفع هنري رأسه من فوره يحدق بالشاب أمامه بتركيز شديد واستطاع من الوصف وحده أن يدرك أنه ذاك المسمى آدم مارسيلينو والذي حصل وانقذ تؤامه من قبل بسبب تلك العيون الشبيهه بالبنفسج المتفتح وشعره البني ، عيناه كانت تتفرس بمن امامه بتركيز تام محاولاً أن يتأكد من نواياه فهو يرى أن تؤامه أنقى من أن يدرك من الجيد ومن السيء ولا يريد تكرار مأساة اوين وهذا كان اساساً سبب مجيئه !

هاري التفت هو الأخرى من فوره لكنه نفخ وجنتيه بعبوس طفولي وهو يجيب بتذمر
" لا اتهرب !كنت اعمل طوال النهار انت من يأتي بأوقات خطأ !"

رد مارسيل من فوره بابتسامة عابثة بينما يبعثر شعر هاري
" أعلم هذا لكن كن حذراً حتى لا تطرد ، كما قلت لا أريدك ان تأتي الي باكياً لاحقاً "

وكم كانت مفاجئة لهنري أن تؤامه يكلم شخص ما بهذه الاريحية! بل هو حتى حدق بملامح تؤامه والتي كان يظهرها له فقط ، أعاد بصره لمارسيلينو ليحدق به كما لو كان يحاول اكتشاف الذرة ،كل ما كان يهمه لحظتها هو أن يعرف نواياه ربما من خلال رؤية ملامحه دون أن ينتبه له وبدا لهنري أنه لا ينوي على شر مطلقاً على الأقل هذا ما يبدو له من اللقاء الأول !

مارسيل والذي لاحظ هنري اقترب منه بينما يبتسم ماداً له يديه للتحية فحدق هنري بيده وهو يتفحص ملامحه بحدة غير مقصودة لم تخفى على من أمامه
بادله المصافحة وهو يجيب باقتضاب لا مبرر له
" أهلا ، سمعت عنك من المشفى شكراً لإنقاذ هاري ! انا شقيقه هنري "

لم يخفى لأي منهما مشاعر هنري ولهجته التي حملت التضايق بشدة بل وحتى لم يبتسم له لسبب حتى هو يجهله ولسبب مجهول آخر شعر بنفسه يشعر بالضيق وكاد يعبس حتى !

هو وبخ نفسه حتى بداخله قائلاً " ما مشكلتي بحق ؟!كيف اكلم من انقذه هكذا ؟! "

ولا جواب منطقي بالنسبة له وبأي حال لم يرد عليه مارسيلينو بالأسلوب ذاته بل هو ابتسم وصافحه معرفاً عن نفسه بابتسامة تفهم بل كادت تبدو لهنري أنه يضحك على ردة فعله الطفولية وربما لم يكن مخطأ بالكامل !
" أنا مارسيلينو آدم ، لا داعي للشكر ، صغيري هاري فتى لطيف بعد كل شيء وان كان عنيداً بحق لكن لا داعي للقلق عليه بعد الآن هو تحت رعايتي !"

ولسبب يجهله هنري شعر بألم بقلبه ،هو حتى لم يستطع النظر لمارسيل ولا لهاري ذاته ،تجمد لثواني بسبب وقع تلك الكلمات وسرعان ما همس بعد أن ابتسم بشيء من الألم وهو يسحب يده ويستعد للمغادرة
" حقاً؟ فهمت ، ممتن لك على رعايته ! هو بالفعل فتى لطيف جدا ولن يسبب أي مشاكل ! حسناً اذا سأذهب الآن تأخرت اعتني به جيداً من فضلك ! "

هاري والذي لاحظ وجود خلل ما وكالعادة هنري لم يوضح أي شيء جعلت هاري يشعر بألم بسبب ما فكر به لحظتها وكاد ينطق موقفاً تؤامه ، يده ارتفعت ترغب أن توقف هنري عن الرحيل لكن
وقبل أن ينطلق بالفعل رن هاتفه معلناً وصول مكالمة جعلت هاري يتوقف مكانه بصدمة ثم سرعان ما تحولت لضيق وغضب شديد ، ضيق عينيه ويده انقبضت دون شعور ،رحيله لمدة جعله ينسى هذا الشعور الخانق الذي يترافق مع رنين الهاتف ولما رأى هنري ذلك ازدادت عزيمته أكثر بل ضيق عينيه بشيء من الألم ثم همس وانطلق مغارداً متجاهلاً نداءات تؤامه
" وداعاً أخي اعتني بنفسك !سعيد انك بخير !"

بهذه الكلمات غاب عن أنظار هاري قبل منحه فرصة أن يقول له ما أراده وان يوضح له ما توصل إليه والاسوء من ذلك خاتمة ذلك اللقاء التي انتهت بأكثر ما يمقته هاري جعلته يحدق بالارض بألم شديد وهو يكور يديه فاخرجه مارسيلينو من شروده وهو يضع يده على كتفه
" لا تحزن ، لقد وعدتك بمحاولة انقاذه بأي ثمن ، أستطيع أن أفهم سبب تعلقك به وهو يظهر لك كل هذه المشاعر والحب ، يمكن معرفة ذلك من عينيه وحدها ! سنتصرف سريعاً فلا تتشائم ! عد للعمل الآن ولا تجعل ذلك يشتتك ! أنت تفعل كل هذا لاجله بعد كل شيء !"

أومأ هاري بصمت وتوجه نحو عمله محاولاً تنفيذ ما قاله رغم ان هناك سبب آخر ايضاً صار يثقل قلبه ! لما أراد هنري الرحيل ؟! هل هو يتخلى عنه ؟!لما لم يطلب منه العودة معه للمنزل ؟! لم يجد جواباً على سؤاله فجعله هذا يشعر بالضيق الشديد لكنه حاول تمالك نفس لاجل العمل وحسب !

أما مارسيلينو فقد أدرك كل ما جرى بالفعل فتنهد بينما يبتسم باستسلام
" هذان التؤام حقاً يصعب نيل ثقتهما بسهولة ! لكن لا يبدو أنه شخص سيء مطلقاً كما قال هاري تماماً!"

انصرف بعدها بينما يخرج هاتفه لإجراء مكالمة ايضاً

~~~~~~~

خلال تلك المدة كان الفين وليو قد خرجا بالفعل من الجامعة اخيراً وال قد قص على ليو ما جرى مع عمه فكان كعادته بارعاً بإخفاء استيائه ورسم ابتسامة على وجهه وهو يجب
" خبر جيد أخي، أظن هذا يزيل شعورك بالضيق صحيح ؟ "

الفين حدق بالخارج بنظرة عميقة وتنهد مجيباً بهدوء "أجل نوعاً ما ، لكن سأبقى اليوم معك !"

أجابه ليو بينما ينظر إليه بنظرة جانبية
" أهلا بك يسرني ذلك كما تعلم !"

وخلال وقت قصير وصلا للمنزل ليترجلا من السيارة ،آلفين سبقه للداخل وقبل أن يدخل بالفعل انتبه لليو الذي كان يودع صغيرته فنطق بحاجبين مقطبين
" على ماذا التوديع؟! أنت لا تبعد عنها سوى بضع مترات !"

تحدث ليو وهو يقبل نحوه بينما يجيب بعبوس
" صغيرتي حساسة هي تشتاق لي ليست كمتنمر ما !"

ابتسامة ساخرة ارتسمت على وجه الفين وهو يجره من يده
" ليس وكأنني اتركك اساساً لكي اشتاق لك كما تعلم ! والآن كفى تذمراً لنذهب للداخل ثم علينا الخروج لتناول شيء ما !"

وطبعاً لم يكن يمكن أن يلتزم ليو بعبارة كفى تذمراً فقد نطق من فوره بتذمر وهو يتم جره
"فظيع أيها المتنمر ! هل علي أن اهرب لكي تشتاق لي!؟"

وهنا وقبل أن يكمل سلسلة تذمراته وصله صوت متذمر آخر إلا أنه انثوي لفتاة وقفت وهي تضع يديها على خصرها معترضة بعبوس
" ولما عليه أن يشتاق إليك ؟! ثم ربما فكرة جيدة اهرب واترك أخي لي !"

وهنا هتفت انجيلا وهي تجرها من يدها بأستنكار
" ايزا ! ألا يكفي اننا لم نأخذ الأذن للدخول بعد ورغم ذلك فعلنا والآن تفتعلين شجار معه ؟! "

ال حدق بها بصدمة كعادته فها هي تؤكد له أنها كالاشباح تظهر من اللامكان
وليو هنا عبس وهو يرغب بالتذمر لكنه تذكر أن من أمامه هي شقيقه رفيقه لكنه لم يكبح نفسه من الاعتراض بعبوس
" أن هربت سأخذ أخي معي ! وفقط متى جئتما ؟! ولما ؟!"

ايزا حدقت به بحاجب مرفوع وهي تنطق بتحدي
" جئت لرؤية أخي وهذا منزله كما تعلم لذا لا أحتاج لاذن بأي حال !"

اقتربت من الفين لتحتضنه بقوة مرحبة به بود وابتسامة سعيدة على وجهها بعد أن اطمأنت أنه ليس حزين
"اهلاً بعودتك أخي ! كيف حالك ؟! "

ثم سرعان ما قامت بأمساك ذراعه لتجره للداخل
" أعددت انا وانجيلا الطعام لكما بينما كنتما بالخارج !عليك تناوله أخي !"

وهو هنا ابتسم بخفة وبعثر شعرها مرحباً بصغيرته
"أنا بخير ايزابيلا ، وشكرا لكما ما كان هناك داعي لاتعاب نفسيكما !"

وهنا تحدثت انجيلا من فورها بهدوء
" لا تعب مطلقاً فقط اعتذر على الدخول دون إذن هي فقط أصرت ولم أستطع تركها وحدها !"

وهنا هو أومأ بالنفي مجيباً بهدوء مماثل لها
" لا داعي للاعتذار لا مشكلة "

وهنا ليو تقدم بعدها بعبوس شديد وهو بداخله يتذمر بشدة ! أراد قضاء الوقت مع ال والتأكد من أنه لا يجبر نفسه لكنها الآن أخذت الوقت الوحيد الذي كان يمكنه فعل هذا به قبل عودته لعمه وها قد أفسدت الأمر ! هي حدقت به بعبوس بل صار الأمر أشبه بحرب صامتة بينهما لكنه سرعان ما مر وهو ينادي ال
" هيا بنا إذا بدل البقاء هنا ، سيبرد الطعام "

لحق به الجميع نحو ذلك المكان وبدأو بتناول الطعام ، الهدف من هذه الزيارة كان خطة من ايزابيلا لأبهاج الفين وكم كان ممتن لها ؟!
ليو هو الآخر أدرك ذلك فتنهد بأستسلام وتركها تفعل ما تشاء !

~~~~~~~~~~~
ارنيست والذي كان عائداً من النادي الذي سجل به كان على وجهه علامات الجد وهو يسير بخطوات ثابتة نحو ذلك المكان المقصود ، هو ومنذ مدة بدأ يراقب ما يجري حوله ليطمأن بشأن صغيره وان كانوا سيفعلون شيء له ، وبالأمس وحسب هو سمعهم يقولون أنه حان وقت تغير الحراسة له وقد أدرك من فوره أنها فرصة لا تعوض للذهاب إليه ولقاءه وربما التقرب إليه حتى

وصل اخيراً أمام الميتم الذي ضم صغيره بين جدرانه وسبب بذله كل هذا الجهد ، شعر بدقات قلبه تتعالى ولو كانت قابلة للسماع لسمعها كل من حوله حاليا لكن من حسن حظه أنها كانت داخله وحسب وملامحه هي الاخرى ما أظهرت حجم توتره الشديد ، فكر بداخله بعمق بماذا يجب أن يفعل ؟ كيف سيتحدث معه ؟ كيف هي شخصية صغيره ؟!
وبدل أن يجد أي أجوبة كانت تتزايد بكل ثانية وتزيد توتره ، قبض على ذراعه اليسرى بيده اليمنى وبلع ريقه بصعوبة وهو يحدق بالفناء حيث يلعب الإطفال فيما بينهم بخوف لكنه سرعان ما ضيق عينيه اخذاً شهيقاً عميقاً تبعه زفير بطيء لتحتد نظراته وتقدم نحو المكان من فوره لينظر حوله بالمكان بعد أن أخذ الأذن للدخول

ظل بصره يجول بالحديقة الواسعة التي جمعت مختلف العاب الإطفال وهتافاتهم تتعالى بالإرجاء ، لم يجد ضالته فبدأ يشعر ببعض الضيق وهو يفكر بأحتمال أن شقيقه أخذه فشعر بصدره ينقبض بضيق وزاد من سرعة بحثه وقبل أن يزداد توتره أكثر توقف فجأءة وبصره تركز على طفل صغيري ذو خصل استعارت لونها من الشمس يجلس وحده مستنداً لشجرة ملامح الهدوء ترتسم على وجهه ممسكناً بكتاب ما يقرأ فيه باهتمام واضح

لم يستطع ارنيست أبعاد قزحيتيه عنه مطلقاً ولا التحرك والابتعاد أو الاقتراب حتى ، جسده ما عاد يطيعه بل أفكاره ظلت تتعمق أكثر وتعود لتعرض له طفولته و مجددا ودون أن يستمع جسده له تقدم بخطوات مسرعة يدنو من الصغير ليصبح مقابلاً له وعينا الصغير ارتفعت اخيراً عن كتابه ليحدق بمن امامه ببرود

انزل كتابه قليلاً منتظراً أن يبدأ من قطع خلوته بحديثه وتبرير موقفه من قطع أفكاره وارنيست استطاع أن يفهم هذا لكن بالوقت ذاته شعر بالتردد ببدء الحديث فقد بدأت تتكون لديه فكرة عن شخصية هذا الصغير وهي قطعاً ليست شخصية هو قادر على التعامل معها بسهولة ،حاول النطق فرسم ابتسامة متوترة هامساً بصعوبة
"مرحباً أيها الصغير ، ادعى ارنيست ماذا عنك ؟!"

بقي الصغير يحدق به بذات النظرات بصمت تام وكانه يستنكر تصرف من أمامه وقبل أن يسمع الجواب اردف ارنيست بتوتر أكبر
" لما لا تلعب مع الآخرين ؟ أليس الأمر ممتعاً أكثر ؟ "

ضيق الفتى عسليتيه وهو يحدق بارنيست بإستنكار ونبرة متضايقة غلفت كلماته
" وما شأنك انت ؟!من سأل عن رأيك ؟!لا تتدخل بما لا يعنيك انت تقاطعني !"

جوابه صدم ارنيست وهو من لم يتعامل مع طفل قبلاً وسرعان ما اخفض رأسه وظهر الحزن بقزحيتيه الزرقاوتين وهذا فقط زاد حيرة من أمامه فما الذي يجعله يحزن بحق ؟! ليس الأمر يستحق كل هذا بنظره فكانت عسلييته تركزان على الغريب أمامه باستغراب

ارنيست حاول التماسك فابتسم بصعوبة واضحة ورفع رأسه يحاول بدء حديث مجدداً لكنه شهق فجأءة حين وقع بصره على شخص ما من بعيد وهذا فقط جعل الصغير يحدق به بشيء من التفاجأ ثم حدق بالمكان الذي ينظر إليه الفتى أمامه وحين أعاد بصره نحو ارنيست وجده قد وقف وهو يضع قلنسوته على رأسه ليهمس للصغير قبل أن يهم بالرحيل
" سأعود بأقرب فرصة ! إلى اللقاء !"

وشرع بالركض مبتعداً تحت أنظار الفتى الذي همس بإستنكار تام
" لما يريد العودة؟!ولما هرب اساساً؟!هو مريب بحق ! "

أنهى استنكاره هذا بتنهيدة واعاد قراءة كتابه وان كان ارنيست لم يغادر عقله حقاً لكنه بذل جهده لتجاهله وحسب
~~~~~~~~~~
انتهى لقاء الفين وليو بالفتاتين وحان وقت العودة ، قامتا بتنظيف الصحون قبل المغادرة بعد حرب صامتة ونظرات متبادلة وقت الطعام ثم تولى ليو مهمة توصيل الثلاثة بسيارته

تولى هو القيادة بينما اتخذ الفين المقعد جانبه بينما استقرت الفتاتين بالخلف ، وفور انطلاق السيارة مبتعدة ذلك الرجل والذي كان يقف منذ بعض الوقت هناك توجه نحو سيارته سريعاً يكمل تلك المطاردة بينما يرسل رسالة لسيده وعيناه تراقب بثبات من أمامه بدون أن يغيبوا عن ناظريه ولو لثانية فالفشل بذلك لم يكن خيار متاح بالنسبة له

~~~~~~~

هاري والذي أنهى عمله اخيراً لم يكن بالحماس الذي يفترض به ان يكونه وهذا ما ادركه مارسيل منذ اللحظة الأولى ، مديره بالعمل اثنى على عمله بالفعل وأخبره أنه يتوقع منه أكثر من هذا مستقبلاً وبعد ذلك هو توجه للمنزل من فوره برفقة جرويه ومارسيلينو والذي كان يسترق النظر إليه من حين لآخر طوال الطريق قطع ذلك الصمت
فور الدخول للمنزل حدق مارسيلنو بالصغير والذي كان يسير بحزن تام وضيق واضح منذ رحيل شقيقه ولم يكن صعباً معرفة سبب ذلك

فكر كم أنه كلما حاول رفع معنوياته حصل شيء وافسد ذلك وإن كانت رؤية تؤامه قد أظهرت شيء آخر وجانب آخر من الصورة سيساعده دون شك في مهمته

ذلك الشقيق الذي هو مستعد لفعل أي شيء لاجله أظهر له أنه يستحق وبجدارة ، بالوقت ذاته كلاهما يسيء الفهم بطريقته الخاصة ولغة الحوار الصريح شبه معدومة بينهما على ما يبدو ولذا صارت لديه فكرة عامة عن سبب الشجار

كان واضحاً لمارسيلينو أن هاري ينوي التوجه لغرفته ومن خلال ما شهده بالأيام الماضية فهو سيعزل نفسه دون شك وقد لا يتناول الطعام حتى
تنهد وابتسم بوهن وهو يخرج هاري من أفكاره
" هاري ، انتظر قبل الذهاب لغرفتك"

توقف المعني وخرج من أفكاره بالفعل والتفت بنصف التفاتة يحدق بمارسيلينو بتسائل عما يريده فأشار له لغرفة الجلوس بينما يردف
" علي مناقشة بعض الأمور معك !"

أومأ المعني ببطئ وتوجه نحو الغرفة ليجلس واضعاً الجروين قربه وحدق بزرقاوتيه بمارسيلينو الذي اتخذ من الاريكة المقابلة له مجلساً وهو ينتظر أن يصغي له هاري ، تحدث هاري ليعلن أنه مصغي لكل شيء بصوت هادئ
" ما الأمر ؟ "

شرع مارسلينو بالحديث وهو يضع قدماً فوق الأخرى ويده استقرت على قدمه
" اولاً أخبرني كيف كان يومك الأول؟"

هاري صمت لثواني محدقاً بالارض ثم رفع راسه وأجاب مجبراً نفسه أن يبتسم
" جيد ، كان مرهقاً لكن جيد "

ابتسم مارسيلينو براحة واومأ معبراً عن رضاه عن النتيجة
" يسعدني سماع هذا ، والآن هل ستخبرني ما الذي ضايقك ؟ منذ مجيء شقيقك وانت تبدو وكأنك متضايق "

حدق به هاري لثواني ثم سرعان ما ضيق عينيه واشاح بوجهه وهو يرد بصوت خافت
" لا أرغب بالنقاش عن هذا انا بخير !"

مارسيلينو حدق به لبعض الوقت قبل أن يجيب بتفهم
"حسناً "

نهض هاري محاولاً الذهاب لغرفته لكنه وقبل أن يلتفت حتى نطق مارسيل ليوقفه بابتسامة
" لما كل هذه العجلة؟ لم انتهي مما لدي ! ألا تريد رؤية ما عليك فعله بدءاً من الغد !؟"

توقف هاري والتفت ليراه يمد له ملف ما أحمر اللون فتقدم يأخذه بصمت وهو يتسائل
"ما هذا ؟"

عقد ذراعيه لصدره وهو يجيب هاري بهدوء
" اقرأ وستعلم، خذ وقتك هو طويل أعطني رأيك حين تنتهي "

أومأ هاري بصمت فنهض مارسيل اخذاً سترته ابتسم لهاري بخفة وتقدم نحوه
" لدي عمل لذا لن أعود للمنزل اليوم سأتي لاخذك غداً حسناً؟ "

أومأ هاري وهمس بينما يبادله بابتسامة صغيرة
" حسنا حظاً موفقاً "

فور سماعه صوت الباب يغلق برفق تنهد وانخفضت زرقاوتيه نحو الأرض وبدأت خيوط اليأس تلتف حوله ، حزن خيم على قزحيتيه وسرعان ما ارتسم على كل ملامحه ضغط على ذلك الملف بيده بقوة ، سمع صوت نباح الكلبين فنقل بصره بأرهاق نحوهما وابتسامة حزينة ارتسمت على شفتيه وهو يدنو منهما ليحملهما بقلب مكسور وهو يهمس
" هيا بنا لنذهب للراحة ، كان يوماً طويلاً !"

توجه نحو غرفته وقد بقيت تلك الملامح الحزينة لا تفارق وجهه حتى دخل تلك الغرفة ، ملامحه ذابلة وهو يفكر بما جرى بضيق شديد ، هل تؤامه لا يريد رؤيته ؟ هل هو سعيد أن شخص ما أخذ مسؤلية رعايته ؟ لما لم يطلب منه العودة ؟ هل سأم منه ؟ ألم يشتق له ؟

جلس على السرير بعد ترك الكلبين على الأرض بينما أصابعه امتدت لتأخذ الهاتف من جيبه ، حدق به لثواني قبل أن يقربه من قلبه ويده تقبض عليه بقوة كما لو كان كنزاً ثمينا له ، فتح عينيه وأظهر تلك الصورة التي من حسن الحظ بدا له أن اوين لم يقدر على تغيرها وهذا اراحه كثيراً

جمع شجاعته اخيراً ليظهر العزم بعينيه وهو يظهر رقم شقيقه ، شرع بكتابة رسالة من فوره وقرر إرسالها بعد أن تردد لثواني لكنه تجاوز تردده لضغط على الإرسال ليأخذ نفساً عميقاً

كل ما قام بكتابته هو
"هل انت بخير ؟"

وضع هاتفه جانباً وتوجه نحو الجرو الصغير ليحمله بين يديه وهو يثبت بصره عليه متسائلاً بحزن
" هنري ،هل تؤامي مل مني؟ انت تفهمه صحيح ؟ هل كنت لتتخلى عن شقيقك لو أخذه شخص ما ؟ "

والكلب دون شك لم يكن ليجيب سوى بنباح يحاول ان يواسي به صاحبه الذي بدا كشجرة ذابلة تحتاج أشعة الشمس قبل أن تسقط آخر ورقة منها

ولم يدم انتظاره فقط وصله الرد ليجعله ينتفض وشهقة خفيفة صدرت منه ،التقط الهاتف بلهفة ليفتح الرسالة وعيناه تتعلقان بالشاشة كما لو كانت حبل نجاة مد له بعد يأس طويل

رد تؤامه جعله يشعر بالحزن مجددا فقط اكتفى بأن يرد
"أنا بخير ، لا تقلق علي ، أهم من هذا يسعدني انك وجدت شخصاً لطيفاً ليعتني بك ، أظنه شخص جيد ، سيعتني بك جيداً "

وبدل أن تسعده الرسالة عززت شعوره بالحزن بل إن الضيق زاد على وجهه وهو يوشك على البكاء ، احمرت عيناه ليشرع بكتابة رسالة لا يدرك كيف كتبها حتى
" أخي من يرى رسالتك يظن أنك سعيد بالتخلص مني "

اختتم الرسالة بوجه ضاحك بالوقت الذي كانت به دموعه تهدد بالسقوط بأي لحظة دون احترام أنه يكابد نفسه ومشاعره لكي يحبسها وقبل أن تزول هذه المشاعر وصلت الرسالة من شقيقه ليلتقط الهاتف وهو يقطب حاجبيه بضيق وحزن
"لست سعيداً دون شك لكن أفضل رؤيتك لدى شخص لطيف وبمكان أمن افضل من أن تكون معي وتعاني ! إضافة إلى انك يمكنك أن تكون حراً ممن كان يضيق عليك الخناق بشكل مؤلم !باي حال أخي أن ضايقك أو فعل لك أي شيء لا تتردد بأخباري! "

حدق بها هاري بمشاعر مختلفة قبل أن يكتب بالنهاية بملامح متألمة "كما ترى أخي !"

وبهذا ختم هو محادثته ورمى الهاتف ليعود للسرير دافناً نفسه تحت الغطاء وهو يقبض على يديه بقوة وبعض دموعه هربت بالفعل !

هنري والذي وصلته اخر رسالة شعر هو الآخر بحزن شديد يخيم عليه كغيمة عملاقة حجبت القمر بكل نوره ، جلس بغرفة الجلوس حيث كان آخر لقاء له بتؤامه ، اغمض عينيه وهو يستلقى على الاريكة همس لنفسه بألم وهو يصر على أسنانه
"محال ان ارغب بالتخلص منك ! هل تعتقد اني قد أحب هذه الأجواء الموحشة حقا ؟أنا فقط لا أعرف كيف احمي أعز ما أملك بهذه الحياة ، أن كنت ستجد سعادتك معه فأنا ....."

يده غطت عينيه وعض على شفتيه بقوة بألم وهو يحارب أي دمعه من أن تفر ليغفو بعدها بوقت قصير هرباً من واقعه

~~~~~~
أوصل ليو الفين وانجيلا للمنزل بعد أن مروا قبلها بمنزل ايزابيلا ترجلت انجيلا قبل الفين بعد أن ابتسمت بأمتنان بينما تحمل حقيبتها
" شكرا سيد سوين ، ممتنة لك على ايصالي !"

وجه ليو بصره نحو المرآة بينما يداه ما تزال ممسكة بالمقود وابتسم بخفة مجيباً
" لا داعي للشكر هذا واجبي ثم كنت ساوصل ال بكل الأحوال "

ثم اردف بعبوس شديد
"ثم ما قصة سيد سوين هذه ؟! لا حاجة لهذه الرسمية ليس وكأني أحب هذا الاسم اساساً "

اومأت وهي تبتسم بخفة على تعبيره وفتحت الباب للنزول موجهه حديثها لال
"سأذهب قبلك الفين ، إلى اللقاء ليو "

أومأ الاثنان وفور نزولها تنهد ليو بينما تبتعد هي للداخل ليحدق بال بعبوس
" مذهل تم أخذ كل الوقت الذي كان يفترض أن نقضيه معاً ! هذا تنمر مريع !"

ضحك الفين بخفة وهو يبعد حزام الأمان
" أجل للأسف لكن لا بأس يمكننا التعويض لاحقاً لذا أبعد عبوسك!"

ختم كلامه بجر خد ليو بقوة جعلت الأخير يتراجع وهو يتأوه واضعاً يده على خده
" مريع أيها المتنمر !أنت حقا لا تقدرني !"

وخلال هذا نزل الفين بينما يرسم على شفتيه ابتسامة وقبل إغلاق الباب وجه حديثه لليو
"أراك غدا أخي !"

أبعد عبوسه ليبتسم بخفة ولوح بيديه ، وقف ال بينما يراه يغادر وتوجه نحو الداخل ، وقف أمام المنزل بتردد وعيناه توجهت نحو تلك الشجرة التي سبق وكانت طريق هربه !

شعر بالضيق يخيم على قلبه بهذا المنزل مجدداً ، تنهد وهمس لنفسه بضيق بينما يقبض على قلبه
" تباً كم مرة مررت بهذا الموقف ؟! صار الأمر مملاً بحق !

اخذ نفساً عميقاً واحتدت نظراته ليظهر العزم عليه ، تقدم بخطوات ثابتة أو حاول جعلها كذلك بينما يتوجه للدخول وفور دخوله ظهرت أمامه زوجة عمه والتي فور سماع صوت الباب التفت لتلتقي عيناهما ، آلفين والذي لم يعتد على التعامل معها القى التحية برسمية من فوره
" مساء الخير "

ركزت بصرها عليه لبعض الوقت بنظرات مريبة جعلته يشعر ببعض القلق حتى أنه همس دون قصد بينما يبادلها النظرات المتوترة
" هل من مشكلة؟!"

حركت رأسها تنفض أفكارها لتبتسم بتكلف وهي تجيب
" لا شيء فقط كنت أتسائل هل يمكنك مساعدتي بالعمل قليلاً؟"

لم يقتنع تماماً لكنه أومأ من فوره بينما سبقته هي وعيناه لم تفارقها ، تحرك لاحقاً بها للمطبخ لتبتسم بطريقة مريبة فور رؤيته ، وبينما ينوي البدء بمساعدتها نطقت بصوت متردد وهي تحدق به
" اتعلم الفين انا سعيدة حقاً ، حصل شيء مذهل مؤخراً!"

رفع رأسه عن ما كان بيده ليحدق بها بترقب لتردف هي بسعادة بدت مصطنعة ومريبة
" ابن اختي الذي ربيته كما لو كان ابني تقدم لخطبة انجيلا هل تصدق هذا ؟!"

عيناها حدقت به تراقبه بتركيز شديد ، كانت تحاول التوصل لشيء ما من خلال سؤالها وبالاعتماد على ملامحه و هو لم يفهم سبب كل هذا حقاً إلا أنه رد على كلامها بابتسامة مهنئة
"خبر سعيد بحق ! مبارك لهم ارجو لهما السعادة !"

بصرها لم يغادر ملامحه مطلقاً إلا بعد أن تنهدت بشيء من الراحة وابتسمت
" ارجو هذا ، بأي حال يمكنك الذهاب للراحة ممتنة لك !"

رد من فوره بأستغراب بل وكاد يرفع حاجبه بأستنكار من كل ما يجري لكنه كبح نفسه
" لكن لم أفعل شيء بعد ، يمكنني مساعدتك "

حركت رأسها بنفي وهي تأخذ الصحون منه
"لا تقلق ساتدبر الأمر هيا إذهب !"

غادر المكان وهو فقط يتسائل بداخله ماهذا الذي حصل بحق ؟! لكنه قرر تجاهل كل هذا وصعد لغرفته ونسي كلياً بذلك الوقت أنه كان متوتراً حتى بسبب كل ما حصل !

~~~~~~
بطريق العودة كانت سيارة ليو تجوب الطريق بينما يستمع هو للمسجل يذيع اغنية ما ، بصره تركز على الطريق وهو يرسم ابتسامة مرتاحة على وجهه، كان يشعر بالاطمئنان على الفين خصوصاً أنه لاحظ تحسن حالته فور رؤية شقيقته وما بذلته لاجله !

ورغم شعوره بالتضايق كلما شعر وكأنها تحاول أبعاده إلا أن ذلك لم يمنع أن يكون ممتناً لها على جعل رفيقه يخرج من مشاعره السلبية تلك !

اقترب من المنزل ليضطر فجأءة للتوقف بفزع حين قفز شاب ما أمام السيارة بشكل مفاجئ جعل ليو يشهق ويتوقف ضاغطاً على المكابح بقوة جعلت جسده يتقدم للإمام بقوة ولولا حزام الأمان الذي يلح عليه ال أن يضعه لكان رأسه ملاصقاً للزجاجة الأمامية

شحب وجهه ورفع رأسه من فوره بينما يزيح حزام الأمان وينزل بسرعة يتفقد الشاب بقلق شديد ، دنى منه بقلق ظاهر ليس على الشاب ذاته بقدر ما على ما سيحدث لو أصابه مكروه

نهض الفتى بينما يرسم ابتسامة مرحة على شفتيه وأقبل رفاقه بذات اللحظة بينما ليو يحدق به بحاجب مرفوع وبرود ظهر على وجهه من فوره فردة فعله جعلت ليو يدرك أن هذا لم يكن حادثاً وان من أمامه يريد شيء منه دون شك !

كل ما مر على عقله هو أن يكون مرسل من سيتو ربما ، حدق الفتى به بينما يتقدم نحوه ماداً يده
" أهلا ، نحن من أحد العصابات هنا ، ادعى الن "

رفيقاه كانا يحدقان بتمعن بليو والذي اخفض بصره ينظر نحو تلك اليد الممدودة ثم سرعان ما أعاد بصره نحو وجه الن والذي لم يبعد ابتسامته

لم يرفع يده أو يرد على تحيته تلك بل عدم الاهتمام هو ما بقي على وجهه ليردف الفتى بينما انزل يده بالنهاية
" سمعنا عنك بالمنطقة بأنك قاتل سابق ، فكرنا بالتعرف عليك ليو سوين !ما رأيك بشجار ؟ لتختبر مهاراتك وتسترجع بعض الذكريات ربما ، لابد انك تشتاق لأيام العبث "

وكل ما حصل من طرف ليو هو بقائه على ذات النظرات الباردة وتصرف وكأنه لم يسمع شيئاً ، نطق بصوت بارد وهو يحدق بالشاب أمامه
" انتهيت؟!"

الفتى زالت ابتسامته وهو يجيب بأستغراب مزجه بنبرة خائبة الأمل
" ماذا ؟ أهذا كل ما لديك ؟ الن تغضب ؟! كنت أمل بشجار ما هنا !"

ليو دفعه بخفة والتفت مغادراً عائداً لسيارته
"لست مهتماً بسخافات كهذه ، المرة القادمة لا ترمي علي بهذه التفاهات ! لو كنت أصبت بالسيارة ما كنت لاتعب نفسي بنقلك للمشفى !"

اغلق باب صغيرته وشغل السيارة لينطلق لكنه وقبل رحيله رمى الفتى عليه ورقة ما بها رقم هاتفه واسمه
ليو لم ينتبه لها فقد شعر بالأنزعاج من ما جرى وقطعاً قرر عدم أخبار الفين عما جرى !
~~~~~~~~~~~
بذلك المكتب كان جين يجلس على كرسيه الجلدي وهو يحدق بالفراغ ، عقله كان مشغول بذلك الموضوع بشدة ، لم يقنعه ما حصل بمنزل شقيقه وهو يدرك أن ابنه حالياً هناك ، تسائل بحيرة كيف وصل إلى هناك وكم مضى على ذلك ؟!ولما شقيقه لا يخبره ؟ هل هو بطلب من الفين نفسه ؟ تنهد بأرهاق بينما ينهض من كرسيه وقبل أن يصل نحو الباب لاحظ اهتزاز هاتفه فتوقف عن الحركة ليرى رقم هاتف زوجته وهي تتصل به ، أجاب من فوره بينما يجلس على الاريكة ليصله صوتها الذي حاولت قدر الإمكان جعله هادئاً
"مرحبا عزيزي ،كيف حالك ؟"

لم يخفى عليه بحة صوتها التي جعلته يدرك أن هناك مشكلة ولم يكن صعباً أن يدرك أنها كانت تبكي على ذات الموضوع الذي يشغل بالها منذ زيارة منزل شقيقه فما كان منه إلا أن يجيب بحنان محاولاً امتصاص حزنها
"بخير عزيزتي ، لكنك لستِ كذلك دون شك !"

ضحكت بخفة وهي تجيب بأرهاق
" هل تحقق معي يا سيادة القاضي ! لم يستغرق منك الأمر سوى أربع كلمات !"

ابتسم بخفة ليعيد طرح سؤاله
"أهو ذات الموضوع ؟ "

بالطرف الآخر هي فقط اخفضت راسها و كتمت دموعها لتجيب بينما تومأ وان كان لا يراها
" أجل ، منذ سماع ذلك وقلبي لم يهدأ ! اتعلم بدأت أشك بأمر ما ! ماذا لو كان ذلك الشاب الذي كان معها هو الفين ؟! أو شخص يعرفه ربما ؟! لا يمكننا ترك الأمر ! أرجوك جين هذه أكبر امنياتي بالحياة ! أتوسل إليك جده لي ! أريد رؤيته !"

وقبل أن تكمل جملتها عاودت دموعها محاولة التمرد لكنها كبتتها بصعوبة بالغة لكن صوتها كان قد فضحها بالفعل ،تحدث جين بينما يحاول تهدئتها
"سابذل جهدي عزيزتي فلا تقلقي مطلقاً !"

هي لم تعترض لكنها وفور إغلاق الخط دفنت وجهها بين كفيها وهي تهمس بصوت باكي
"عد الي أرجوك بني ! ارد احتضانك بين يدي ولو لمرة واحدة وبعدها أكرهني كما تشاء "
~~~~~~~

أشرق يوم جديد يبشر باعتدال الجو حيث بدأت الرياح الباردة تنجلي برفقة الثلوج والأمطار تاركاً رياح الربيع تحتل مكانه

وهناك بالجامعة حيث تفرق الاثنين بعد لقائهما المعتاد ليتوجه ليو نحو قسمه وهو يشعر بالضيق ، ضيق لم يدرك سببه ، هو قطعاً لم يكن بمزاج لأي محاضرة لكن ما الجديد بهذا؟ لم يكن هناك سبب يدعوه لهذا وحصل وانتبه ال له فكانت أجابته هو أنه لم يحصل على ليلة جيدة ورغم إلحاح ال إلا أنه اقتنع بعدها حيث كان الوقت ليل حين افترقا وهاتفه هو فعلياً حظر والديه منه إذا لا غير قد يتصل ، لذا اكتفى بأخباره أن يلتقيه لاحقاً ليطمان عليه

بتلك الكلية وقف ذلك الشاب بشعره الأشقر وعينيه الزرقاوتين عاقداً ذراعيه لصدره مراقباً المارين بابتسامة ودودة ونبرة مرحة جذبت من حوله نحوه بسبب مهاراته الاجتماعية التي تعلمها طوال سني حياته الماضية ، لكنه لم يكن ليرافق أي منهم أو يتحدث معهم فقد كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر منذ سنوات ! يريد رؤية ملامح وجه غريمه وأكثر من يكرهه وهو يظهر أشد أنواع الألم والحسرة ، يتمنى أن يسلبه كل شيء وها هي تذكرة البداية بين يديه فلم يرد الاحتفاظ بذلك لوقت أطول بل قرر نزع قناعه أمام عدوه كالعادة والتبجح بما استطاع تحقيقه بجهود أسرته مفتخراً بفعلته

تحقق ما تمناه اخيراً حين اقبل هدفه يسير بملامح باردة كعادته ، اتسعت ابتسامته فور رؤيته من بعيد ، شعر بنشوة الانتصار قبل أن يتمتع برؤية ملامحه حتى !

ليو هو الآخر لاحظه من بعيد وكان هذا سبب كافي للشعور بضيق خانق يقبض على صدره بقوة لكنه لم يظهر أي شيء على ملامحه سوى البرود المعتاد ،كان قد نوى تجاهل الواقف هناك وان كان واضحاً أنه لا ينوي على خير مطلقاً ولا ينوي تركه يمر بأي حال وحصل ذلك بالفعل حيث قام سيتو بمد قدمه يقطع طريق ليو والذي تجاهله كلياً وتجنب قدمه مستمراً بالسير إلا أن سيتو نطق موقفاً ليو بينما يجره من مرفقه
" مريع أن لا تلقي التحية علي ! الم تشتق الي ؟!"

ويده تلك كانت كافية لجعل ليو يجر يده منه بعنف وهو يحدق به ببرود شديد كانت أشبه بنظرات تهديد كيف لا وهو لا يطيقه ولا يريد رؤيته فكيف به وهو يضع يده على قميصه؟! هو فكر جدياً برميه فور عودته بأقرب قمامة تناسب سيتو هذا أن تحملته أي قمامة أساساً !

سيتو ابتسم بأستمتاع وهو يردف بمكر
"صحيح ليو هل تحدثت مع عمي مؤخراً؟!"

صمت ليو لثواني ليجيب بعدها بدون أي تغير بملامحه
" وما شأنك انت ؟! سواء فعلت أم لا !"

أجاب سيتو بابتسامة ماكرة وهو يتقدم منه
" فقط أردت أن أعرف أن كان عمي قد اخبرك أم لا ! لا يبدو أنك سمعت بالأمر صحيح ؟ انت لم تهنئني بعد كل شيء !"

أجاب ليو بتهكم وهو يبتسم ببرود وسخرية
"ماذا ؟ هل ستموت اخيراً ؟! حسناً مبارك موتك ستفقد البشرية أحد أهم مصدر العفن بها !"

ابتسامة سيتو لم تختفي وربما كانت لتفعل بحال أخرى لكن ليس وهو لم يقل ما لديه بعد حتى ! نطق بنبرة مصطنعة
" هذا مريع منك ! لن اموت بالطبع ! لكن واضح ان عمي لم يتحدث معك اذاً ! توقعت هذا بالفعل لذا جئت اخبرك !"

تحرك ليو قاصداً الابتعاد وهو يجيب ببرود شديد
" لست مهتماً بسماع أي شيء احتفظ بأخبارك التافه لنفسك ! "

نطق سيتو حينها ليستوقفه
" سنصبح أخوة !"

توقف ليو والتفت وهو يحدق به بذات الملامح دون أن يخرج أي حرف ليردف سيتو وهو يبتسم بأتساع
" عمي مل من كل ما تفعله استمع !"

أخرج هاتفه من فوره ليشغل مقطع صوت كان يتم فيه الاتفاق على موعد اللقاء ،لم يحرك ليو ساكناً وبقي يراقب ببرود ليكمل سيتو إخراج ما لديه وهو يريه صورة للحجز الذي قام به والده ليردف بنبرة مستفزة وهو يسخر
" قرر عمي أن يختار وريث أفضل بعيد عن المشاكل ويقدر جهوده، ساعتني بعمي جيداً ولن أسمح لك بأن تؤذيه مجدداً ! أخي الصغير المشاغب !"

شدد على آخر ثلاث كلمات بشدة حتى بان كرهه فيها فما كان من ليو أن يرد سوى بما وجده الأفضل ،ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيه وهو يحدق بسيتو بأحتقار والتفت مغادراً متجهاً للقاعة ليحظر باقي دروس ذلك اليوم

يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top