(5)
(بقلم: نهال عبد الواحد )
ذهبت جميلة عائدة للمنزل، تطير من السعادة فتلك المرة الأولى التي تشعر فيها بمشاعر هكذا... ويقترب منها هكذا ثم همست لنفسها: آه منك يا ابو علي يا خفيف الدم.
فنادتها أمها من خلفها على فجأة: هو مين أبو علي خفيف الدم ده؟
فتفاجئت بها جميلة منتفضة واجابت ببعض الإهتزاز: إيه يا مامي بغني! يا ختي!
- أنا كل مااتكلم معاكِ بتفوري دمي، إده إده! إيه الهباب اللي ف وشك ده؟!
عقدت جميلة حاجبيها بدهشة وصاحت: هباب إيه يا مامي! أنا مش حاطة مكياج.
-عارفة! هو لو مكياج كنت اتكلمت! تعالي كده... إده؟!
جذبتها، أوقفتها أمام المرآة، نظرت جميلة فوجدت آثار شحم في وجهها فضحكت، تذكرت لحظة حسن عندما جذب النظارة من وجهها يبدو أن يديه قد لامست وجهها وقتها و فعلت ذلك الإتساخ، فافت من شرودها على صوت صياح أمه: إنتِ بتضحكي؟!هتجننيني!
-بضحك يا مامي، إني مشيت و وشي مهبب كده.
ثم غنت وهي تغمز أمها لتضحكها: يومك فلالي... فرفش وانجلي... روق روق روق وافرجها ياعم!
ثم تركتها، صعدت غرفتها، دلفت مسرعة نحو المرآة ناظرة لوجهها، ضحكت ضحكتها تلك، تذكرت ردة فعله، نظرت لوجهها ثانية، تتمنت لو تتركه هكذا...
مر بعض الوقت ثم دخلت تحممت وخرجت تلف نفسها بمنشفة حول وسطها حتى فوق ركبتها وأخرى على شعرها و تدندن: أنا قلبي ليه حاسس أوي بالشكل ده... هو الهوى بيعلي إحساسنا كده... صدقني خلاص صدقت... إني انا حبيت دلوقت... وما كنتش أعرف قلبي هيحبك كده...
ثم جلست على سريرها وشردت فجأة، همست لنفسها: طب وبعدين لازم تعرف يا حسن أنا مين، صحيح لسه ما ينفعش أقدمك لأهلي دلوقتي بس لازم تعرف، بس أقولهالك إزاي؟
جلست تفكر هكذا حتى غلبها النعاس على هيئتها هذه.
أما حسن فعاد لمنزله، نظر نحو أمه و أخته فعلم من هيئتهما أن هناك أخبار قد نُقلت وقد وصلت قبله فسلم، دخل حجرته دون حوار أخذ حمامه، تمدد في سريره يسترجع كل لحظة معها ويبتسم فاليوم هو أسعد أيام حياته ولسان حاله يقول:
ضحكت يعني قلبها مال وخلاص الفرق ما بينا اتشال
يلا يا قلبي روحلها يلا وقول اللي ممكن يتقال
مستني إيه بعد الضحكة دي الضحكة فتحالك سكة
مش هي دي اللي انت عشقها وبآلها ياما شاغلة البال.
و في الصباح استيقظت جميلة وقد أصيبت بنزلة برد، حمى شديدة فأرقدتها في فراشها عدة أيام.
أما هو خلال تلك الأيام ينتظر وينتظر ولم تأتي ولم يعلم عنها أي خبر وكاد عقله أن يجن..
لماذا لم تأتي؟ ماذا حدث لها؟
كيف لم أطلب منها يومًا رقم هاتفها المحمول؟
إهدأ يا حسن لعل السبب خيرًا.. كيف..كيف؟
كيف أهدأ وقد مضت على عدة أيام دون رؤياها؟
وكالعادة فتحي يتابع من بعيد، لكن لا يحاول الإقتراب الآن، تحسنت حالة جميلة، قررت الخروج فقد توحشت حسن كثيرًا، اشتاقت إليه ومؤكد أنه ينتظرها على أحر من الجمر... على نار الشوق.
في الورشة كان حسن وفتحي يعملان، حسن بالطبع في قمة غضبه و الإقتراب منه حاليًا يحتاج لمجازفة كبيرة وجاءتهم منى، فأهدرت: السلام عليكم ورحمة الله.
أجابها فتحي: وعليكم السلام ورحمة الله... إيه اللي جابك؟!
أردفت منى معترضة: والله! دي كلمة تتقال يا راجل؟!
ابتسم فتحي بتراجع: مش قاصد يا روح الروح... بس في إيه؟
قالت: مش جايالك أصلًا..
إلتفتت لأخيها نادته: يا حسن.. يا حسن..
نبس فتحي بخفوت: ما بلاش حسن الساعة دي.
فلم تلتفت لكلامه وتابعت منى: يا حسن.
أجاب حسن: ما قالك بلاش حسن.
قالت منى: ماما بتتصل بيك م الصبح مش بترد عليها ليه؟
أومأ حسن واستطرد بضيق: ماسمعتوش.
تابعت منى: طب بتقولك جبت المعاش؟
أومأ حسن نافيًا وقال: ما روحتش ف حتة يا منى، هبقى اروح بكرة ولا بعده، عايزة حاجة تانية؟
أهدرت: خلاص خلاص.
فهمست لزوجها: هي لسه ما ظهرتش برضو؟
أجاب فتحي هامسًا: لسه.
همست لزوجها مجددًا: مش كان خد رقمها وارتاح و ريحنا.
نظر حسن بينهما وزفر صائحًا: في حاجة يا منى؟
تلعثمت قائلة: لا، تسلم يا خويا.
تابع حسن بصرامة: طب عل البيت.
انتهزت منى الفرصة وقالت: أصلي بتحايل على فتحي عشان بآله كتير ما خرجنيش.
فتح فتحي فمه بتفاجؤ وأهدر: هي كده!
أجابت بانتصار: آه.
ابتسم حسن وقد فهم أخته وتابع: طب ودي البت لأمي وجهزي نفسك و هو ساعة ولا اتنين و يبقى ياخدك يمشيكِ ف أي حتة.
صاح فتحي معترضًا: وانا مال أهلي انا! بتورطني ليه؟
صاح حسن: بورطك يا جزمة قديمة؟! مش كنت هتموت عليها زمان دي! والله كلمة زيادة لخليها تبات إنهاردة ف حضن توحة.
تراجع فتحي قائلًا: لا وعلى إيه! الطيب أحسن.
أهدرت منى بسعادة: تعيش يا خويا يا أحلى ابو علي، ربنا يريح بالك ويفرح قبك يا غالي!
أردف حسن: آااااااااااااه دي هتشتغل لوك لوك! يبقى مفيش خروج وهبيته ف الورشة.
تراجعت قائلة: خلاص خلاص.
وانصرفت مسرعة، ضحك حسن وقال: ربنا يسعدكم! معلش يا فتوح استحملني شوية.
- وإيه الجديد ماانا مستحملك علي طول.
أجابه حسن بمزحة: لا والله! أفرجك؟!
فضحكا ثم وصلت جميلة بالتاكسي، ترجلت بهيئة السائقة، رآها حسن، تهللت أساريره ثم عاد، جلس و على وجهه بعض الغضب.
أهدرت جميلة: إزيك يا فتحي؟
قال فتحي براحة: هل هلالك، إيه الغيبة دي؟
أجابت وهي تنظر إلى حسن: و الله كنت تعبانة وسخنه وراقدة ف السرير من يومها!
صاح حسن بلهفة: و هو ينفع يا جميلة مانعرفش عنك حاجة؟
فرك فتحي رأسه ببلاهة وتسآل بعدم اقتناع: هي مين اللي جميلة؟!
رفعت جميلة حاجبيها تتصنع الإعتراض وأهدرت:أنا اسمي كده، في اعتراض؟
أجاب فتحي: إزاي؟ قصدي سبحان الله! قصدي وماله!
فضحك حسن من فتحي ثم قال لها:رطب إيه رأيك نروح ف أي حتة بعيد عن الورشة، و بعيد عن فتحي..........هه!
أجابت جميلة بسعادة: طبعًا.
ثم قالت بدلال:المهم ما تبقاش زعلان.
فوجم فتحي وفرغ فاه ببلاهه.
زمجر حسن ونبس من بين أسنانه: ما قلنا بلاش كده ف الورشة، طب يلا بينا...
ثم التفت إلى فتحي وصاح: فتوووووووح ماتنساش ميعاد الجماعة أحسن انت عارف.
أومأ له فتحي، غادر حسن وجميلة ولازال فتحي واقفًا فارغًا فاه لا يفهم شيئًا، أعطت جميلة مفتاح التاكسي لحسن فقاد السيارة، سار بعض الوقت حتى وصل لمكان ما مطل على البحر، ركن هناك و ترجلا وجلسا.
تسآل حسن: هه! إيه رأيك! مبسوطة!
أهدرت جميلة بسعادة غامرة: أوووووي، المكان حلوووو أوووووي، و الأحلى إني معاك.
-طب ما تعمليش كده تاني ولازم تديني رقمك ضروري، كنت هتجنن عليكِ، وحشتيني... أوووووي.
-وانت أوي اوي، حسن، كنت عايزة أكلمك شوية عن أهلي.
- إنتِ وبس اللي تهميني...
ثم نزع نظارتها و نظر داخل عينها وأكمل: عمري ما حسيت بحد كده، ولا حتي المرة اللي فاتت، خطفتيني، برجلتيني، حتى من قبل مااعرف شكلك، ودلوقتي غرقتيني ف بحر عيونك الحلوين دول، بس معلش استنيني شوية كمان، اظبط حالي و ابقى ملو هدومي، أنا يادوب لسه بوقف الورشة على رجلها، و عقبال مااقف على رجلي واقدر، هاخد وقت يمكن سنين.
فأمسكت بيديه بشدة وقالت بحب: وأنا جنبك ومعاك إيدي ف إيدك وكتفي ف كتفك، هفضل مستنياك مش مهم أد إيه، المهم نوصل، نوصل سوا...
سكتت هُنيهة ثم أكملت بتردد: بس في حاجات لازم تعرفها عني.
فابتسم و رفع يدها، قبلها وهو ناظرًا في عينيها وهمس: ششششششش! جميلة أنا بـ....
قاطعه رنين هاتفه فجأة........................
NehalAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top