4

"اذًا كلاكمَا يملك هذَا المَـتجـر؟"

تحمحمتُ أَنظُـر بعيدًا بإتجاهٍ ليس به سوَى الحائط ورفعت يدِي أُؤشر بإصبعي السبابَة لنفسِـي.
"فعليًا أنا المَـالِك"

لَـقد تهَـرب الصبِـي من كلامِـه الشنِـيع بإقترَاح أن أُرِيها المقهَـى المُتصِل بشقتنَا الصغيرة، والغَـريب أنها لم تعارِض بتاتًا ولم توجه أية أسئلة أُخـرَى.

وفي الواقِـع أنا لا أحب التواجِـد قربهَـا؛ وسيسُوء الأمـرُ مَـع مرُور الوقَـت لأن رائحتهَـا تستَمِر بتشتِـيت حواسِـي.

ونَـات يستَـمِر بالتحدِيق بهَـا من أحد الطاولات بالزَاويَة كوحشٍ مُرِيب.

تركتُهَا أمَـام بعض المقاعِـد التِـي تواجه السطح الخشبِـي حيث أُعِـد خلفهُ القهَـوة بالعَـادة وذهبتُ إلَـى المُترَبِص بزاوية المقهَـي.

"تحلَى ببعض الأدَب! قَـد تكُـون بشريَّة؛ ولكَـن أخلاقك السيئَة لَـيس لها علاقَة....ثُـم إنك من بدأتَ هذَا لذَا أذهب لتُعِـد لهَا شيئًا" أشرتُ إلَـى الفتَـاة بنهاية المكَـان الواسِع والتِـي كانت تُحدِق بالديكُـور، وأنواع القهوة المختلفة برفٍ مَا.

"ماذَا أُعِـد؟ فطيرة سُم؟" عقَّـد نات ذراعيـه ورفَـع رأسهُ مما جعل شعرهُ الأملس ذو اللون الأحمَـر يتأرجَح للورَاء.

لا يُـعِد نات القهَـوة برفقتِي في أغلَـب الأحيَان؛ وإنمَـا يُعِـد المخبوزَات التِـي نُقدمهَا قُرب القَـهوَة.

"سأحصِد رُوحك عديمَة الأخلَاق وأُرسلهَا للجحِـيم وأدَّعِـي بأنهُ كان خطئًا"

"سأضَع السُم في طعامهَا وأدَّعِـي بأنهُ كَـان خطئًا" نَـهض نَـات عن مقعده وذَهب بخطواتٍ ثائرَة إلَى المطبَخ دافعًا البَـاب بكامِل قوتِه مُسببًا فزَع البشـريَّة.

"أعتذِر عن سلُوكِـه الوَقِـح" أنحنيتُ أعتذِر لهَـا فأسرعتُ بالإبتسَام وهِـي تُمتمتِم بِـ"لا بأس"

"كَـيف تُـرِيدِين قهوتكِ؟" سألتُ أُمسِك بكوبٍ فارِغ، يِفصل بيننَا السطَح الخشبِي حيثُ وقفتُ خلفهُ أحدِق بهَا.

"لَـيس علَي...."

"إليكِ فطيرة!" ظَـهَر نات من لا مكَـان ووضَـع الطبَق أمامهَا بمجهودٍ زائِد ليصنَع ضوضَـاءًا أفزعتهَا للمرة الثانيَة على التوالِي وقاطعتهَا عن الحدِيث.

وتِلك المرة لم أتردد بالذهَاب لصفع رأسِه.

"لَـيست لدَي شهيَّـة لأي شيء فالوقت الحالِـي؛ ولكننِـي حقًا مُمتنة" هِـي ابتسمت مُبعدة نظرهَّا عن الفتَى أمامهَا إلَـى الأرض.

هذا ليس جيدًا...لا يُحِب نات أن يُرفض طعامهُ؛ بدأتُ أشتم هالتهُ الغَاضبة بالفِعل.

وهيَّ أقرب إلى الكعك المُحترِق، كُل شيء حول هذا الفتَى لطيف بشكلٍ لا يُصَدَق.

ذهبتُ سريعًا أربِت علَـى ظهر نَات وانا ابتسم بوجهها
"رجاءًا لا تفعلِي هذَا، فقَـد بذَل نات مجهودًا في صنع هذا لأجلِك"

عندما كانت علَـى وشك فتِح فمها أسرعتُ أنفِـي برأسِـي لهَا فصمتت لثوانٍ تُحَـدِق بي ثُم أبتلعت غُصتها وأستدارت لتواجه الفطِـيرة التي أعدهَا نات.

والتي لا أعلم ما وضع بها صدقًا...

بدأت هالَتهُ الغاضبة تتلاشَى شيئًا فشيئًا ما إن وضعَـت جزءًا من فطِـيرتهُ بفمهَا.

وما إن تلاشَت هالَة نات الغاضبَة تفاقمت رائحَة هالتها العطِرة أكثِر، مُختلَطة برائحة فَـطيرة نَات.

يبدُو أنهَا أحبَّت ما أعدهُ نَات حقًا.

في الواقِع كان هذا شيئًا نادرًا بالنسبَة لِي فلَم أرى بشرًا تتغَـير حالتهُ بتلك الطريقة الجمِيلة إن أحَـب شيئًا.

لا أستطِـيع وصف كم أن الرائحَـة تُخدِر حواسِي.

"أصنَعت هذَا حقًا؟" هي ألتفتت بما تبقَى من الفطِيرة بيدهَا، بعض الذهُول يظهر بوجههَا.

مرة أُخرى عقد نات ذراعَـيه وإدار وجهه.

ورُغم أن أي شيءٍ لم يظهر فوق محياه إلا أن هالتهُ تفضحهُ قُربِي دائمًا.

رائحَـة هالَته الخجُـولة أقرَب إلى كعك البرتقَال الإسفنجي.

هالاَت نات بالتأكِيد كانت من الهالات التِي أحببت روائحهَا؛ وتِلك البشرية هُنَا.

كيف أصف هذا...هالات البشر بالعادَة إمَا قذرة كالقمامة او بدُون رائحـة.

"تِلك الفطيرة هي حتمًا أشهَى ما وقَع على لسانِي بكامل حياتِي، أحسنت صُنعًا حقًا!" أثنَت البشريَّة بسعادةٍ بالغَة.

وبيدٍ هي كانت تُمسك بما تبقى من فطيرة نات وبالأُخرَى راحت تُمسِد شعر نات تعبيرٍ للمدَح.

"آوه..." صدر ذلك الصَـوت منِي حينمَا تلاشت هالة نات المُستقرة وظهرت أُخرَى لم أشتمهَا قبلًا.

رائحَـة هالته الحاليّة أقرب إلَى.....مخفُوق حلِيب؟

انفك ذراعَا نات وسقَط السُخط عن وجهه وأخَـذ يُـحدِق بالأرِض لبضع ثوانٍ.

صدقًا لا أعلم ما تشير إليه هالته؛ ولكن لا أظنه خاض أي نوعٍ من الإتصال مع بشري أو بشريَّة قبلًا.

لم يمر المزِيد من والوقت وقد دفع نات يدها بعيدًا وأستدَار يسير بإتجاه البَاب المُتَصِل بالشقة الضئيلة.

"أعتذِر مرة أخرى عن وقاحته" تِلك المرة كنت محرجًا ومرتبكًا، لمَ علَي أن أمر بكل هذَا؟

"لا علَيك كان هذَا خطئي لقد لمستهُ دُون تفكير وكان هذَا وقحًا منِي" هَّي استقامت سريعًا عن مقعدها وأسرعت تنحنِي لي بدورهَا.

"كَيف أستطِيع الدفع لك؟" هيَّ سألت بعد أن توقف كلانَا.

"كان هذَا مجانيًا" ابتسمتُ بوجههًا مُشيرًا بوجهِي لطعامهَا.

"لقَـد سمحت لي بالنوم هُنا كمان أنك أنقذتنِي من ذلك الحادِث، أنا حقًا مُمتنة وأرِيد ردَّ ما فعلته لأجلِـي"

أسرعت أنفي برأسِي "لا أرِيد شيئًا منكِ...يمكنكِ أن تمضِ بحياتك كما كُنتِي"

هي عادتَ تُعارض ومرة أخرى انحنت "رجاءًا! سأفعَل أي شيء لأجلك"

"أي شيء؟"

___________________________

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top