3~عَقْدْ زَوَاجْ
قراءة ممتعة💛
﴿فِي لَحْظَةِ الْقَرَارْ يَتَشَكَّلُ الْمَصِيرْ﴾
- أنتوني روبنز.
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
فرّقت ڤانيسا جفنيْها الناعسيْن على صوت المنبّه، لتشرق حدقتيْها بلمعان البحر الأزرق وبريقه الأخَّاذ منذ الصباح.
تركت فراشها رغم رغبتها الجامحة في إكمال نومها...إلا أنّ فكرة التأخر عن أول يوم عملٍ لها لم ترقها البتة!
دخلت الحمام وخرجت بسرعة، جففت شعرها وتعطّرت بطيب الڤانيليا المنعش، ومن ثم إرتدت ثياباً عملية تناسب بداية يومها.
لم يكن كاي مستيقظاً ليساعدها على ربط شعرها كالعادة، لذا قررت تركه مسدولاً لآخر ظهرها مع بريقه الساحر.
وجدت أنّ جين قد أعدَّ لها وللبقية إفطارهم قبل ذهابه الى عمله بالفعل، لذا تناولت شريحة خبزٍ محمص بالمربى مع كوب عصيرٍ طازج.
وقبل أن تغادر، كتبت رسالة للأورجي في ورق الملاحظات، وعلَّقتها على الثلاجة.
وفي طريقها الى العمل، تذكرت سيرة الأمس، شرذت لهنيهات وسط تقليبها لكلام تايهيونغ في عقلها الى أن فتحت حقيبتها وأخرجت منها تلك البطاقة مدونةً رقمه في هاتفها.
- صباح الخير سيد كيم تايهيونغ.
______________________
وقف بومقيو أمام الثلاجة فور أن لمح تلك الورقة الملونة، بينما البقية يتناولون الإفطار خلفه.
- صباح الخير دببتي اللطيفة، لقد ذهبت الى العمل انا وجين باكراً، ستجدون إفطاركم جاهز، وإن رغبتم بالخروج فلا تبتعدوا كثيراً وإبقوا مع بعضكم البعض، ولا تستخدموا قواكم أمام العامة حتى لا تسببوا المتاعب، خصوصاً انت يونجون، قبلاتي لكم...ڤاني.
قرأها بومقيو والبقية ينصتون بإهتمام، فصرخ يونجون بحماس وقال:
- رائع سنتسكع ونستمتع.
- لا تتأمل كثيراً، فنحن لن نبتعد كما طلبت ڤاني.
ذكَّره تايهيون، فبوّز الآخر شفتيه بإحباط.
وعلى يسراه، سحب بومقيو كرسيه وجلس برفقتهم، ثم أخذ شطيرة سوبين الذي أعدها لنفسه تواً.
- إن إستعملت قواك فسأشي بك لڤاني.
قهقه بشرْ حتى يغيظ يونجون، وذلك وسط عبوس سوبين لغطرسته معه، لكنه إسترجع شطيرته عنوةً من يد الآخر وأكلها رغم ذلك.
رفع بومقيو حاجبيه بتعجب لتصرف سوبين الغير مألوف، وقال:
- منذ متى وأنت جريء؟!
- منذ الآن، كفاك غطرسة وتذكر أنني أكبرك بشهرين !
أجابه سوبين ببساطة بينما يقضم من شطيرته، فكتم كاي ضحكته بصعوبة هو وتايهيون، اما يونجون فقد إنفجر ضحكاً بينما يشير لوجه بومقيو المندهش.
- أنظر لوجهك!..تبدو كالأبله!
تحمحم تايهيون محاولاً كتم ضحكته بمشقّة، ثم قال ليلطف مزاج بومقيو الشبيه بالقمامة كالعادة:
- ما رأيكم أن نشتري هديةً لڤاني بالمال الذي حصلنا عليه أمس؟
- فكرةٌ لطيفة.
إبتسم سوبين حتى إختفت عيناه، كما ولم يكن جواب البقية مختلفاً عنه.
نظفوا المطبخ وغيروا ثيابهم بعد ذلك، ثم خرجوا للتسكع كما خططوا.
_________________________
Jungkook pov :~
أخبرني تايهيونغ قبل قليل انه حصل على موافقة الفتاة وهي تريد مقابلتي.
لست أعلم متى سأراها ولكنني سأفعل ما إن أتفرغ من عملي، ربما سأدعوها لتناول العشاء الليلة...
آمل أن يسير الأمر على ذات المنوال الذي رسمته في عقلي، فإن وافقت على شروطي وإتفقنا، سأتخلص من هذه المعضلة وأرتاح!
هي أوروبية الأصل وتريد الإقامة هنا والحصول على الجنسية، وانا مجبرٌ على الزواج حتى أرضي رغبة أبي...كلانا يمتلك مصلحة، وهو ما سيكون عنوان زواجنا لثلاث سنوات!
آمل أن تكون من ذاك النوع الذي لا يقتله الفضول لمعرفة كل شيء يخصني، فأنا أرغب بالعيش كما أريد ودون أي قيود.
على كل حال، سأطلب من تايهيونغ تجهيز عقدٍ من أجل هذا الأمر بما انه محاميَّ الخاص...على الأقل سندوِّن شروطنا ونلتزم بها من خلاله.
وكعادتي دوماً اني كثير الشروذ حينما أفكر!
ولكن ما إن عدت للوقوف على أرض الواقع حتى حطت عيناي على باقة زهورٍ جميلة تزين مكتبي، وكنت قد حصلت عليها هذا الصباح...إنها هدية بسيطة من شركة صيانة الطائرات بمناسبة توقيع العقد.
هم حتماً يعرفون ما أحب!
تأملتُ زهورها اليافعة لهنيهات...النرجس البرية ترمز الى البدايات الجديدة والحياة الأبدية...زهرة غاردينيا تشير الى الفرح والحب...وأخيراً الليلك الأرجوانية والتي ترمز الى الحب الأول!
هل هي مجرد صدفة؟!..أم أنّ تفكيري غير منطقي بفضل مزاجي الغريب منذ بداية اليوم!
تنهدتُ مخرجاً ثقل كاهلي، ثم عدت لعملي برفقة كوب قهوتي الأمريكية ورائحة الزهور الفوّاحة...إنه رونقي المفضل دون أدنى شك.
End jungkook pov.
_________________________
خرجوا الأورجي كما خططوا بالفعل...تناولوا المثلجات، وإشتروا هدية لڤانيسا كما إتفقوا، وهاهم يسيرون وسط شوارع سيول القريبة من منزل جين.
- رفاق، هل نلتقط صورةً تذكارية قرب هذه النافورة؟
طرح يونجون إقتراحه بحماس، فهمهم البقية دون تردد، وأخرج هو هاتفه من جيب بنطاله وطلب من أحد المارين تصويرهم.
إبتسموا بإشراق لإلتقاط تلك الصورة، ثم عادوا للتسكع بعد أن شكروا الرجل الذي قام بتصويرهم.
- يونجون، فلترسل لنا الصورة في غرفة الدردشة.
تحدث سوبين، فهمهم الآخر، وبينما يتناولون أطراف الحديث ويستمتعون، كان تايهيون يحدق بإعلانٍ معلق على زجاج أحد المتاجر.
- طلب عمل في مكتبة؟!
تمتم لنفسه، إلا انه ترك المكان ما إن سمع نداء البقية له ولحق بهم.
وجدهم يحادثون جين الذي ركن سيارته على جانب الطريق للتو، ومعه ضيفٌ آخر...شقيقته الصغرى سومي وصديقتهم المقربة.
- هيا إصعدوا، سنعود الى المنزل...لقد جلبتُ البيتزا.
خاطبهم جين، فإمتثلوا لأمره، إلا أنّ سيارته لم تكفي عددهم الكبير، فإنسحب كاي وتايهيون وقررا العودة سيراً على الأقدام بما أنّ المنزل قريب.
وفي حين مغادرة البقية وسيرهما المتريث نحو البيت، تسائل تايهيون:
- هل يجب أن ننتظر إلتحاقنا بالجامعة حتى نبحث عن وظائف بدوام جزئي؟..ما رأيك؟
وبناءً على سؤاله، إرتفع حاجبي كاي بتخمين، وسرعان ما تنهد وقال:
- أعتقد انه الخيار الأمثل، فلننتظر لمطلع الأسبوع القادم.
همهم تايهيون موافقاً على رأي رفيقه، فعلى كل حال سيلتحقون بالجامعة الأسبوع القادم.
وحالما دخلا المنزل تدفق لمسامعهما صوت البقية من المطبخ.
- بومقيو ناولني صلصة الطماطم لو سمحت.
وكعادة سوبين الطلب بلطف، إلا أنّ الآخر يستمتع بإزعاجه وينتهز أتفه الأسباب لفعل ذلك.
- أحصل عليه بنفسك!
- لا تأبه له سوبين، تفضل خذ.
كان هذا يونجون الذي ناوله الصلصة بواسطة يده المطاطية، فإبتسم سوبين لذلك متجاهلاً نظرات بومقيو الليزرية نحوهما.
- بومقيو...متى ستتوقف عن كونك لئيماً؟!
تذمرت سومي مع ثغرها الممتلئ بالبيتزا.
- حينما تتوقفين عن كونك حِشَرِية!
وكرد فعلٍ منها أن رفعت حاجباها بإستخفاف تزامناً مع جلوس من وصلا تواً.
- كاي...تايهيون...سومي سترتاد معنا ذات الجامعة، كما وستنتقل للعيش هنا، هذا رائع!
أردف يونجون، ثم ضرب كفه بكف من تحدث عنها بحماس، فرسم كاي وتايهيون الدهشة السعيدة على محياهما،ونطقا سوياً:
- حقاً!
- أجل، لستُ أعلم لما تطرقت فكرة السفر للسياحة في عقلَيْ والداي فجأة، ولكنني أجزم بأنني الضحية هنا!..لما علي تحمل مسؤوليتها لوحدي؟!
أطلق جين سلسلة تذمراته الممتعضة عن ما طرأ في حياته فجأة، فما كان من شقيقته إلا أن رمقته ببرود مع وجنتيها المنتفختان بالطعام.
رسم سوبين إبتسامة لطيفة، وخاطب جين بينما يربت على رأس شقيقته:
- لا تقلق، سنعتني بها جيداً بما أنها ستدرس معنا.
وعلى إثر كلامه بوّزت سومي شفتيْها وإحتضنت سوبين للطفه المعتاد معها...او لنقل مع الجميع.
- أنت الأفضل سوبيني، فعلى الأقل لم يكن إستقبالك لي جافاً كبعض الناس!
وختاماً لكلماتها رمقت بومقيو بسخط، إلا انه دحرج مقلتيْه وتجاهلها.
وبعد مدة من الكر والفر في الحديث، لاحظت سومي شيئاً أثار تعجبها، فتسائلت بحيرة:
- يا جماعة، أين ڤانيسا؟!
- انها في العمل، وستعود مساءً.
أجاب يونجون، فهمهمت بتفهم...هي تشتاق للأخرى كثيراً وستنتظر عودتها على أحرِّ من الجمر.
_________________________
- الوداع...أراكم غداً.
لوّحت ڤانيسا للمتدربات ببسمةٍ بشوشة ما إن إنتهت حصة التدريب، كما وفعلن المثل لها وغادرن الواحدة تلو الاخرى.
وما كادت تستدير لتجمع أغراضها حتى سمعت صوت تصفيقٍ حار...ولم يكن سوى هوسوك المبتهج على الدوام.
- واو رائع!..لا تزالين الأفضل في الرقص يا فتاة!
قهقهت بخفة بينما تحمل حقيبتها وقنينة مائها.
- لستُ أفضل منك.
- بلى أنتِ كذلك، ألا تذكرين انكِ كنتِ دائماً ما تتغلبين علي في جميع تحديات الرقص؟!
- حقاً!..ولكن هذا لا يعتبر مقياساً!
إختتمت حديثها ببسمةٍ خفيفة، فأحاط عنقها بودية وسحبها رفقته نحو حجرة إستراحتهم.
- كفاكِ عبثاً وأصمتِ!..لم أرى شخصاً يعترض على من يمتدحه من قبل!
نقر جبينها بمزاح، ثم تركها ورمى بنفسه على إحدى الأرائك بشكلٍ مضحك، أما هي فإكتفت بالضحك وتحريك رأسها للجانبين.
- اوه ڤاني بالمناسبة...سنخرج لتناول العشاء انا ويونغي ومجموعةٌ من الرفاق الليلة، هل ترغبين بالإنضمام إلينا؟
سألها، فإبتسمت بخيبة لعدم قدرتها على فعل ذلك وإعتذرت قائلةً:
- آسفة لا أستطيع، لدي موعد مهم الليلة ولن أستطيع تفويته...فلنكررها في يومٍ آخر حسنا؟
إبتسمت، فهمهم وإستقام بقصد المغادرة.
- حسناً إذاً...لدي حصة تدريب الآن ويجب أن أذهب، أراكِ غداً.
لوّح لها، ثم غادر تاركاً إياها لوحدها.
دخلت حجرة تبديل الملابس وإرتدت ما جاءت به صباحاً، والمتمثل في فستان أبيض قصير وبسيط، مع حذاء مفتوح من الجلد البني وحقيبة بذات الطراز.
ترددت مراراً حول ثيابها العادية مقارنةً بذهابها لموعد مع شاب ستراه لأول مرة وسيكون زوجها إن جرى الأمر لصالحها، لكنها وبالنهاية لا تمتلك خياراً آخر لأنها لم تجلب سوى ثياب الرقص كبديل!
وضعت القليل من عطر الفانيليا، ورتّبت شعرها الطويل والمسدول على طول ظهرها وصولاً الى آخره، ثم خرجت.
وآنذاك كانت الشمس قد شارفت على المغيب، والطقس تلطِّفه نسمات الهواء العليل التي راقصت خصلات شعرها بنعومة.
كانت تعض شفتيها وتفرقع أصابعها لفرط توترها من القادم، فمن الطبيعي أن تنتابها هذه الأحاسيس بما انها أنثى ستحظى بموعد مدبر مع رجل غريب لأول مرة!
ستحاول الإسترخاء فحسب، لأنها من ذاك الصنف الذي يمقت إظهار إضطرابه أمام الغير.
__________________________
Jungkook pov:~
حجزتُ طاولة بإسمي في مطعمٍ فاخر ذو طابعٍ إيطالي من أجلها...سأحاول بث الإنتماء في روحها حتى أجذب إنتباهها بما انني رجلٌ في نهاية المطاف.
كما ولم أتوانى عن إظهار نفسي في صورةٍ أنيقة ومرتبة بما أنّ الإيطاليات يعتبرن إطلالة الرجل الساحرة هي الأهم...يمكنكم القول أنني إطّلعت على بعضٍ من ثقافاتهم.
وهانذا بإنتظارها...
أجواء هذا المطعم تروقني، انواره الخافتة وألحانه الكلاسيكية تمنحه سحر العاشقين وجموحهم...غير أنني هنا لتوقيع عقد زواجٍ مزيف!
أتسائل إن كانت تجيد التحدث بالكورية أم لا! فأنا لا أفقه النطق باللغة الإيطالية!
أظن أنّ عقباتٍ عدة ستعترضني، ومشكلة اللغة هي أتفهها!
على كلٍّ...أخذتُ أطالع بعيناي أرجاء المكان بحثاً عنها، وذلك سيكون بناءً على وصف تايهيونغ لها.
شعرٌ طويل وناعم بلون البن القاتم، قدٌّ وقوامٌ ممشوق وممتلئ بشكلٍ أنثوي ومغرٍ، طويلة القامة وشاحبة البشرة مع حمرة طفيفة، وعينان زرقاوتان وأهدابٌ كثيفة.
راقبت المكان من حولي ثم حدقت بساعة رسغي...لقد تأخرت عشر دقائق!
وسرعان ما أعدتُ بصري نحو مدخل المطعم، فإذا بشابةٍ يافعة تدخل منه...أظنها هي بالفعل نظراً لهيأتها الأوروبية.
وما إن إقتربت أكثر حتى دققت بوجهها...أعتقد انه مألوفٌ نوعاً ما!
أنفها حادٌ كالسيف، شفتاها مكتنزتان قليلاً كالوردة الجورية، وأخيراً عيناها...عيناها الكريستاليتان بزرقتهما الفاتنة!
إنها فتاة أحمر الشفاه!
هل هي مجرد صدفة أم انها لعبةٌ متقنة من طرف القدر؟!
نثرت شتات أفكاري بعيداً، وإستقمت من مجلسي لأحيّيها بإحترام:
- أهلاً بكِ...جيون جونغكوك.
- تشرفنا...انا ڤانيسا جيوڤاني.
ردت لي التحية برفقة بسمةٍ طفيفة كادت ترديني قتيلاً!
لن ألوم تايهيونغ لكثرة مدحه لحسنها...وصفه لها كان مشابهاً لما تأملته عيناي تواً، ولكن كما يقال، كل شيءٍ على أرض الواقع أجمل...هل أحتسب جمالها كنقطةٍ في صالحي؟!
هي تجيد الكورية وتفهم كلامي بالفعل...وسأعتبرها نقطتي الثانية.
- تفضلي بالجلوس.
أشرتُ لها، ثم جلست بدوري وندهت على النادل.
- أهلاً وسهلاً...ما طلبكما؟
تسائل النادل، فحدقتُ بها وهي تبتسم لإدراكها محتوى القائمة...الباستا والبيتزا وما الى ذلك، جيد جونغكوك لقد جذبت إنتباهها.
- أريد الفيتوتشيني وعصير التفاح.
رفعت عيناي للنادل أيضاً وقلت بإبتسامة خفيفة:
- الرافيولي والنبيذ.
غادر النادل، فأعدت بصري إليها، لأجدها تحدق نحوي بمعالم حائرة...ربما تشعر بالتوتر من رسميتي المفرطة!
لكنها لم تكن كذلك!
- المعذرة، هل تقابلنا من قبل؟!
سؤالها كان أساسه وجهي المألوف لناظريها...هل تذكرتني يا ترى؟!
فإبتسمت بجانبية محدقاً بالطاولة، ثم الى عينيها الكريستاليتين، لأجيب:
- أعتقد هذا...أولستِ الفتاة التي إصطدمت بها في المطار؟!
- أجل إنها انا، من الجميل اننا على معرفةٍ مسبقة ببعضنا، ألا تعتقد هذا؟
إبتسامتها الجميلة حثتني على الإجابة دون تردد:
- بالطبع.
صمتنا لبرهة، فتحمحمتُ على إثرها وسألتها بنيّةِ فتح أي حديث كتمهيدٍ للغرض الأساسي:
- يبدو انكِ لا تحبين إحتساء الشراب!
- كلا انا أشرب، لكنني لا أفضله كثيراً.
همهمت ثم عدتُ لسؤالها...لما يجب أن أكون هذا الطرف من الحوار؟!
- كم عمركِ؟
- ثلاثةٌ وعشرون.
- هذا لطيف...انا أكبركِ بعاميْن إذاً.
إرتسمت أطياف بسمةٍ خفيفة على شفتيْ لما قالت...تبدو أصغر!
وما يبدو ألطف هو لكنتها الكورية الركيكة نوعاً ما...ستطور من قدراتها أكثر مع مرور الوقت.
وفي حين إبتسمت لذلك، سألتني بنوعٍ من الحيرة...ومن الجيد أنّ محور سؤالها كان يدور حول إتفاقيتنا التي لم تُقَم بعد.
- بخصوص الزواج وما الى ذلك، أود سؤالك إن كان بإمكاننا مناقشة الأمر وطرح شروطنا حتى نبقى على بيّنةٍ من أمرنا.
- بالطبع، جلبتُ عقداً بمناسبة هذا الموضوع، سندون به شروطنا ونوقع عليه إن إتفقنا.
وتزامناً مع حديثي أخرجتُ الورقة من الملف وأرفقتها بقلم حبرٍ أسود، ثم أضفت:
- كما تعلمين...زواجنا سيدوم لثلاثِ سنوات، أي الى حين تحصُّلكِ على الجنسية، والى ذلك الحين سنكون زوجيْن سعيديْن أمام عائلتي.
عقدة حاجبيها وصفت هيئة سؤالها، لذا أسرعتُ بالإجابة:
- عائلتي لا تعلم بهذا الأمر، انا مضطرٌ للزواج برغبةٍ من أبي، وبما انني غير مرتبط فمصالحنا مشتركة وانتِ هي المطلوبة.
سندّعي اننا مرتبطان منذ مدة ولكننا لم نفصح عن الأمر نظراً لبعد المسافة بيننا وعدم إلتقائنا بشكلٍ دائم...هذا هو شرطي الأساسي، هل لديكِ أي مشكلة بخصوصه؟
- كلا...عائلتي أيضاً لا يجب أن تعلم بالأمر، أعتقد أنّ الشرط مناسبٌ لكلينا.
جيد...أهم خطوة تمت بنجاح.
- حسناً إذاً...علمت انكِ مدربة رقص وباشرتِ العمل مؤخراً، انا لن أمنعكِ من ممارسة مهنتكِ ولن أتدخل في شؤون حياتكِ الخاصة، وانتِ ستفعلين المثل معي، حسناً؟
- حسناً.
رفعت حاجبي الأيسر مع بسمةٍ خفيفة تنم عن إعجابي بمنحنى سير الأمور بسلاسة فيما بيننا، ولكن سرعان ما نطقت:
- أعتقد أنّ هذا كل شيء بالنسبة لي الآن، ولكن لي الحق في وضع شروطي الأخرى لاحقاً، وانتِ أيضاً، كما ولا يمكننا مخالفتها نظراً لما ينصه العقد من ضرورة الإلتزام بها.
أومأت لي بالإيجاب، فإعتبرتها كعلامة رضى من طرفها ووقعتُ العقد ثم ناولته لها.
وما إن وضعتْ قلم الحبر ورفعتْ عينيها الفاتنتين نحوي حتى إبتسمتْ وصافحتني، فأملتُ جانب شفتاي بنصر وقبّلت ظهر يدها بنبل...شكراً لك تايهيونغ.
عقدة وحللتها في غضون ثلاثة أيام...
End jungkook pov.
_________________________
في حي ميونغ دونغ المزدحم، وتحديداً داخل مطعمٍ شعبي.
كان مجموعة من الأصدقاء يتناولون لحم البقر المقدد مع السوجو كنوعٍ من الترفيه بعد عملٍ شاق.
- لما لم تأتي مدربة الرقص الجديدة؟
تسائل أحدهم، فأجابه هوسوك:
- لديها موعدٌ الليلة ولم تستطع القدوم.
- سمعتُ انها في غاية الجمال!
نطقت فتاةٌ من بينهم بذهول، فإذا بهوسوك يومئ مراراً في محاولةٍ للحديث بعد بلعه لطعامه.
- اجل...فهي إيطالية الأصل.
وطوال تجاذباتهم للحديث، كان يونغي أخرساً يتناول طعامه بهدوء ويناظر المقابلة له بين الفينة والأخرى.
أما هي، فقد كانت منشغلة بالعبث في هاتفها مع بسمةٍ تزين ثغرها وتنم عن غبطتها، وسرعان ما إستقامت وودعتهم فجأة بقولها:
- سأغادر الآن...شكراً على العشاء يونغي، وداعاً.
وفي حين أومأ يونغي ببسمةٍ منكسرة وعاد لتناول طعامه، إستوقفها هوسوك بتعجب:
- مهلاً ايو، الى أين؟!
- سألتقي بسوهو، أراكم غداً.
إبتسمت ولوّحت لهم قبل أن يتلاشى طيفها عن أنظارهم، ومن بين الجميع كان فردٌ واحد يتألم لقلبه الجريح والواقع في قصة حبٍ مزيفة ومن طرفٍ واحد أيضاً!
وبعد هنيهاتٍ وضع عيدان طعامه وإنصرف مثلها، فلا نية له بالبقاء أكثر مع إنعدام الهدوء وحضور ألمه كضيفٍ غير مرغوب.
________________________
- أتصدق أونوو...أخبرنا جونغكوك انه سيجلب حبيبته غذاً لنتعرف عليها، لم أكن أعلم انه مرتبط!
كانت تلك هيجين المتحمسة قرب شقيقها الذي يتصفح هاتفه بملل.
وعلى إثر كلماتها تشكلتْ عقدٌ طفيفة بين حاجبيه دلالةً على تعجبه، فإذا بها تضيف غرابة الجرعة بقولها:
- قال انها أوروبية الأصل.
وفي هذه الأثناء ترك هاتفه وزاد من تقطيب حاجبيه مع نظراته المستفهمة نحو شقيقته الصغرى.
- ماذا؟!
إبتسمت ظناً منها انه ذُهل بهذا الخبر، إلا انه كان شارذ الذهن في أمرٍ آخر.
- لما تبدو مذهولاً؟!..على كل حال، رد فعلي لم يكن مختلفاً عنك أبداً، فمن كان ليدري أنّ أخي الأكبر سيتزوج بفتاةٍ غير كورية!
تجاهل كل ما قالت بفضل شروذه المستمر حتى هذه اللحظة، إلا أنّ صمته لم يلبث طويلاً حيث تسائل مجدداً:
- هل انتِ متأكدة؟! أعني هل قال لكم هذا بالحرف الواحد؟!
- اجل...لا تقلق، سنراها غداً.
ربتت على كتفه وعادت لصنع أساورها من الخرز الملون كعادتها دوماً.
أما هو، فإكتفى بإمالة رأسه والتحديق نحو الفراغ بشفاهٍ معكوفة.
وبالحديث عن من دار حولها الحديث تواً، فهي على صدد دخول منزل جين.
ولكن قبل ذلك، وردتها رسالةٌ من جونغكوك يخبرها فيها بأمر زيارتهما لعائلته ليلة الغد، فتنهدت بينما تفكر للحظات، ثم أغلقت هاتفها بعد أن رأت بأنّ لا ضير في ذلك.
وأول ما قابلها فور دخولها هو أولئك الخمسة برفقة جين و...سومي!
لم تكن تعلم بأمر قدومها مسبقاً، لذا رسمت الدهشة برفقة قهقهةٍ متفاجئة من ثغرها.
كانوا يلعبون المونوبلي، وفور رؤيتهم لطيفها إستقاموا ليحيّوها.
ركضت سومي نحو ڤانيسا بغبطةٍ غامرة وإحتضنتها بشوق...كشوق الأخت الصغرى لشقيقتها الكبرى.
- ڤاني إشتقت إليكِ.
- وانا أيضاً عزيزتي، ما أخبارك؟
- إنها بخير...كما وستمكث معنا إبتداءً من اليوم!
أبشرها يونجون كما فعل مع تايهيون وكاي ظهيرة هذا اليوم ببسمةٍ بشوشة، فتفاجئت ڤانيسا بسيماء ضاحكة.
- حقاً!
- أجل...سأصبح أباً لستة أطفال هذا العام دون أن أتزوج!
تذمر جين بينما ينهض بتثاقل ويخطو نحو المطبخ لشرب قدحٍ من الماء، فشزره بومقيو بسخط وإبتسم بإصفرار.
- ليكن في علمك، عمرنا الآن هو تسعة عشر يا أيها العجوز الخرف!
إنفجر الجميع ضحكاً لبصق جين المياه من ثغره على شتيمة الأصغر.
رفع حاجبيه، وفغر فاهه بدهشة، ثم قال مشيراً على نفسه:
- أتنعتني بالعجوز الخرف؟!
دحرج بومقيو مقلتيه وعاد للعب دون أن يلقي أدنى إهتمام لكلام الآخر، والذي سرعان ما حدق بڤانيسا وقال:
- أخرسي هذا الثعلب وإلا قمتُ بركله!
- تعلم أنك إن تجرأت فستكسر ساقك دون أن تصيبه بأذى!
تحدث تايهيون ببساطة، فصفّق يونجون ممازحاً المتمرد:
- فليحيا ثعلبنا ذو المؤخرة الحديدية!
وفجأة!..إختفى سوبين!
- ما به هذا؟!
أبدى يونجون تعجبه، فنكزه كاي دون علم البقية حتى يخرس، وسرعان ما عاد سوبين وفي يده كيسٌ بلون الفستق.
فإستقاموا الأورجي وتقدموا جميعاً نحو ڤانيسا الواقفةِ في حيرةٍ من أمرها.
إبتسم سوبين بلطف، وأعطاها ذاك الكيس.
- هذه هديةٌ بسيطة من أجلكِ ڤاني.
لمعت عيناها الجميلتان ببريقٍ ساحر إثر هذه المبادرة اللطيفة من قِبلهم، ففتحته لتجد حذاء باليه لامع مع أشرطة بلون السماء الصافية.
تأملت الحذاء للحظاتٍ من الصمت، ثم رفعت عيناها نحوهم وفتحت ذراعيها لتستقبلهم في حضنٍ دافئ.
- شكراً لكم...هذا لطفٌ منكم.
إبتسم جين رفقة شقيقته بينما يتخصر لهذا المشهد اللطيف، وما لبث حتى جعّد حاجبيه لإحتمالٍ خطير ورد لعقله فجأة:
- مهلاً لحظة! من أين لكم بالمال؟!
- إشتريناه بالمال الذي حصلنا من تلك العجوز مقابل عملنا بالأمس.
أجابه سوبين بينما يبتسم بفخر، إلا أنّ كاي أمال زاوية شفتيه بسخرية لإدراكه مضمون سؤال جين.
- لا تقلق، نحن لن نلمس محفظتك أبداً.
- بلى، انا سأفعل!
تحدث يونجون ببساطة، فرسم جين الفراغ على تعابيره، إلا أنّ الآخر إبتسم بمزاح وقال:
- أمزح معك! لما تصدق كل ما نقوله؟!
وختاماً لكلماته سحبه هو وشقيقته بذراعه المطاطية، ليضيفهم الى حضنهم الجماعي الدافئ.
فما كان من جين سوى الضحك كآخر حل على هؤلاء الفتية.
وبعد حين...حيث يجلسون على الأرائك ويدردشون، تحمحمت ڤانيسا جاذبةً إهتمامهم قبل أن يعم الصمت وتقول:
- هناك شيءٌ أودُّ إخباركم به.
تبادل الأورجي وكذلك سومي نظراتٍ ملؤها التساؤل، فحدّقت ڤانيسا بجين الذي همهم لها بتشجيع وقالت:
- انا...سأتزوج.
- ماذا!
فغر الستة أفواههم بدهشة، ليجحظ بومقيو عينيه ويشير نحو جين بصدمة.
- هل ستتزوجين هذا؟!
- انا لست هذا يا هذا!
زجره جين بإمتعاض فرفع تايهيون حاجبيه بشيءٍ من السخرية.
- انت أيضاً نعتته بهذا...ياللغباء!
تناسوا أمر زواج ڤانيسا، وإلتهوا بالشجار الى أن رمش كاي فور إستيعابه الأمر وقال:
- هل انتِ جادة؟ كيف حدث هذا؟!
- رائع، سنحظى بحفل زفاف ونستمتع.
ومن غير يونجون سيتفوه بهذه التراهات ويتجاهل محور الحديث الأساسي!
- فقط أصمت!
صفعه تايهيون على مؤخرة عنقه ما إن إستشعر ثغر ڤانيسا المليئ بالكلام.
أخبرتهم بكل شيء إبتداءً من السبب الأساسي الى هوية زوجها المزيف!
كانوا مندهشين حد الذهول من قرارها، فهي ستبتعد عنهم ولن يكون بوسعهم رؤيتها دوماً، ناهيك عن زواجها المزيف من أجل المصالح المشتركة!
حلّ صمتٌ مريب بينهم، فبتره تايهيون بكلامه الجاد ونظراته الثابتة نحو ڤانيسا:
- إن كنتِ لا ترغبين بذلك فلا تفعلِ!..ألا توجد بدائل أبسط؟!
- كلا...لا تقلقوا، ڤاني ستبقى كما هي ولن تترككم.
أجابهم جين، فطأطأوا رؤوسهم بخيبة، لذا إبتسمتْ بإنكسار وسارعت لمواساتهم.
- دببتي اللطيفة...أنا مضطرة لفعل هذا، لكنني لن أترككم وهذا وعد.
علقوا نظراتهم المستاءة على وجهها، إلا أنّ عينا سوبين قد أدمعت بالفعل، فسارعت هي بإحتضانه والتربيت على ظهره.
- لا تبكِ...ستشعرونني بالذنب حيال هذا!
وسرعان ما إحتضنتهم مجدداً كما لو انها أمٌّ حنون ستهجر أبناءها.
إنتهى بهم الأمر يخلدون للنوم، عدى يونجون والذي من الندرة تلحفه بالصمت والحزن وخروجه ليلاً لوحده!
كان قد خطط لإستنشاق بعض الهواء، فزواج ڤانيسا جعل منه مشتتاً كحال رفاقه...هي بمثابة أُختٍ كبرى لهم، وزواجها بهذا الشكل المفاجئ قد ألَف إليهم شعور الوحدة!
ولا سيما انه زواجٌ مزيف قد يجلب لها الضرر يوماً ما...يشعر بالثقل لمجرد خوضه في الأمر.
ساقته قدماه نحو ملعبٍ صغير في وسط الحي، به أرجوحتان وبعضٌ من ألعاب الأطفال.
وبدل أن يجلس على الأرجوحة، تشبث بعارضتها العلوية وتدلى منها كالخفاش...فلطالما كانت هذه العادة تميزه كلما شعر بالإضطراب!
كتف يداه وشرذ بعبوس، الى أن توارد لسمعه صوت ضجيج!
أصواتٌ تعكر صفو هدوء الليل...
- انتِ، والدكِ لم يجلب لنا مالنا بعد!..أخبريه أن يخرج من جحره ويكف عن كونه جُرَذاً جباناً!
صاحب الصوت كان غير متزن...لا جسدياً ولا عقلياً، كما ولم يختلف حاله عن الآخريْنِ بجواره.
تفوح منهم رائحة الكحول، ناهيك عن خطواتهم المتدعدعة يميناً وشمالاً!
أما عن المخاطبة...فكانت فتاةً تلبّسها الذعر منهم وتحاول الهرب دون جدوى!
وسرعان ما نفضت ذراعه القذرة من على كتفها، وقالت بعد أن ذاقت ذراعاً منهم:
- لا شأن لي بما يحدث، إن كنتم تريدونه هو فإبحثوا عنه لأنني لم أره منذ أسبوع، ولن يهمني أمره كما الحال مع الجميع!
شخر ذاك الأرعن بسخرية قبل أن يرسم الإمتعاض على وجهه.
- ولكِ لسانٌ سليطٌ أيضاً؟! سأقطعه إن لم يفعل والدكِ ذلك!
رفع يده بنيّة ضربها، فإنكمشت على نفسها لتحتمي، إلا أنّ الحماية قد قُدّمت لها على طبقٍ من ذهب هذه المرة.
تدخّل يونجون، وهو من أمسك رسغ ذاك السكير قبل أن يضربها، ثم رفع رأسه وقال بهدوء:
- إستعراضك لقواك بحد ذاته على فتاةٍ بعمر إبنتك يعتبرٌ جُبناً وعيباً كبيراً يا سيدي!
- لا تتدخل وإلا قمتُ بما لا يسرُّك!
دفع يونجون وأشار نحوه بخطواتٍ مترنحة، حتى انه كاد يُقبِّلُ الارض لولا رفيقيْه اللذان أسنداه.
- حسناً...هي أيضاً لا دخل لها، لذا...
وعند آخر كلمة سحبها من رسغها بغتة وبدأ يركض بأسرع ما لديه.
- أرجوك أتركني، سيأذونك!
توسلته الفتاة بقلة حيلة من أمرها، لكنه لم يأبه لها وباشر الركض مع إحكامه على إمساك رسغها.
وبعد مدةٍ وجيزة من الركض...توقف ملتقطاً أنفاسه في زقاقٍ ضيق، وكم تمنى حينئذٍ لو كان بإمكانه إستعمال قواه!
لو فعل ذلك لما تطلّب الأمر كل هذا الركض والعناء!
ملأ رئتاه بالهواء، ثم رفع رأسه ليجدها تناظره بأنفاسٍ مضطربة وعينان معاتبتان، فقال:
- إطمئني...إنهم ثملين ولن يستطيعوا الركض خلفنا كل هذه المسافة.
- شكراً على مساعدتك، لكنك أقحمت نفسك في مشاكل لا طائل منها، وكما ترى هم يعرفونني وسيجدونني حتى وإن هربت! لذا دعني أتدبر أمري لوحدي أرجوك، فأنا لا أرغب بإلحاق الضرر لغيري.
إلتمس الضعف في لهجتها، إلا انه فضّل إحترام رأيها على الإعتراض...فهو لا يعرفها بالنهاية!
- حسنا...ولكن من هم؟ ولما يلاحقونكِ؟!
لم يمنع نفسه من السؤال، فأجابته برأسٍ مطأطأ ونبرةٍ منكسرة:
- لا تأبه لهم...على كل حال، أشكرك.
كانت على صدد الرحيل، إلا انها توقفت فجأة!
فتحت حقيبة ظهرها، وأخرجت لاقطة أحلامٍ بسيطة، ثم ناولته إياها وإبتسمت بخفة.
- إنها لاقطة أحلام من صنعي، أتمنى أن تقبلها كعربون شكر.
لم يسعه الرفض لأنها قد غادرت بعد ذلك تاركةً إياه يحدق بتلك اللاقطة ثم بطيفها المتلاشي...هو لم يعرف إسمها حتى!
________________________
أطلّت الشمس بنورها الساطع، لتعلن عن بداية يومٍ جديد.
وعند تمام التاسعة فرّق يونجون جفنيه على صوت رفيق غرفته سوبين.
- يونجون إستيقظ.
تغمغم مصدراً أصواتاً منزعجة لقلة نومه ليلة البارحة بينما يرفع جذعه للجلوس على حافة سريره ويبعثر شعره.
- أين كنت ليلة البارحة؟! إستيقظت ولم أجدك!
قاومت لأنتظر عودتك إلا أنّ النعاس قد تمكن مني ونمت!
تسائل سوبين بحيرة، فصمت الآخر ورفع عينيه نحو النافذة حيث علّق عليها لاقطة الأحلام قبل خلوده للنوم...ينهشه الفضول ويكاد يقتله عن هوية تلك الفتاة وقصتها!
إستشعر سوبين شروذ الآخر، فهزّه من كتفه.
- أتسمعني؟!..يونجون!
- أجل أسمعك.
رد عليه الآخر بلكنةٍ ثقيلة دلالةً على نعاسه، وعلى إثر تحديقات يونجون، لمح سوبين تلك التميمة، فنهض وسار نحوها مع سؤالٍ ينم عن دهشته.
- إنها جميلة، هل انت من قام بتعليقها؟
- أجل.
- ومن أين حصلت عليها؟
- إشتريتها.
أوشك سوبين على إلتزام الصمت، إلا انه وما إن حلل جواب الآخر حتى قطب حاجبيه وتسائل مستنكراً:
- من أين لك بالنقود؟! لقد أنفقناها بالأمس على هدية ڤاني!
تجاهل يونجون سؤال الآخر وجرّ نفسه بتثاقل نحو الحمام، فتمتم سوبين لنفسه في حيرةٍ من غرابة صديقه:
- ما به صامتٌ على غير العادة؟!
هزّ كتفيْه لعدم توصله لجواب، ثم نزل ليساعد في إعداد الإفطار...وبما أنّ اليوم عطلة، فسيكون إفطاراً جماعياً.
___________________________
يحب جونغكوك قضاء عطلته في المنزل والإستمتاع بممارسة هوايته...كبستنة الأزهار مثلاً...
حيث انه قد ذهب إلى صوبته الصغيرة منذ إستيقاظه ليعتني بأزهاره الغالية على قلبه.
يقلمها ويرويها ويعالجها...وكم كانت هذه التفاصيل محببةً الى قلبه رغم بساطتها.
كان يرتدي مئزراً جلدياً وقفازات البستنة حتى يضيف الى أزهاره السماد، إلا انه ووسط إنشغاله تذكر أمراً ما، فنزع إحدى قفازيه وحمل هاتفه مجرياً مكالمة.
- صباح الخير سيد جونغكوك.
- صباح الخير نامجون، هل أنت متفرغ الآن؟
- أجل.
- جيد...إشتري زجاجة عطر وعلبة شوكولاتة فاخرة من أجل الآنسة ڤانيسا، وأرسلها الى منزلها مع رسالة تذكرها بموعد ذهابنا الى منزل عائلتي الليلة...آسف على إزعاجك في عطلتك.
- لا بأس...هل تود طلب شيءٍ آخر؟
- كلا...شكراً لك.
- العفو.
أنهى المكالمة وحدق بأزهاره الجميلة، ثم قال:
- سأذهب لإصطحابها فيما بعد، ومن غير اللائق أن لا أهديها باقة أزهار، فرغم كل شيء علاقتي بها جيدة وأريدها أن تبقى هكذا حتى ينتهي ما بيننا.
صمت لهنيهات، إلا انه عاد لمخاطبة نفسه بتخمين:
- هل أهديها الزنبق، أم أزهار ديزي الناعمة؟
كلا كلا...باقة من إثنا عشر وردةً حمراء ستكون الأنسب.
إبتسم بخفة وأخذ مقص الأزهار وباشر في عمله، إلا انه شرذ بتفكيره...من المفترض أن يذهب تايهيونغ لمقابلة محامية ڤانيسا هذا الصباح، سيكونان الشاهديْنِ على العقد...فهل فعل ذلك؟!
وبالذهاب للمكلف بالمهمة، فهاهو ذا يكاد يفقد صوابه أمام موظف أمن!
- لما لا تسمح لي بالدخول؟!..أخبرتك أنّ لي موعداً مسبقاً معها!
- الآنسة لم تأتِ بعد، وأنا لا أعرفك لأسمح لك بدخول مكتبها.
أخذ تايهيونغ نفساً عميقاً وأغمض عيناه حتى يهدّأ من روعه، ثم إبتسم بتكلف وقال:
- إسمعني يا وسيم، انا رجل قانون مثلها وأتيت لتصفية بعض الأعمال معها، لذا دعني أدخل.
- أرِني بطاقتك الشخصية أولاً.
رفع رجل الأمن الضخم حاجبه، فإبتسم تايهيونغ بجانبية وحشر يده في معطفه ليخرجها...إلا أنّ إبتسامته تلاشت تدريجياً!
رمش عيناه مراراً، وإبتسم بتوتر، ثم رفع إصبعه مستأذناً وإستدار للجانب الآخر بملامح مفزوعة.
- أين هي واللعنة؟!
فتّش ثيابه شبراً شبراً، وكذلك حقيبته الجلدية، لكنها غير موجودة!
وسرعان ما إستدار لذاك الحارس مجدداً بإبتسامة مزيفة.
- إنها...في الواقع لم أجلبها!
- إذاً فلتنتظر هنا.
تلفظ بها الآخر وبكل بساطة، فأطبق تايهيونغ شفتيه ثم تذمر بنفاذ صبر:
- أنظر إليْ!..ألا يبدو مظهري كمحامٍ محترم مع بذلتي وحقيبتي وكذلك تسريحة شعري الجميلة؟!
أدخلني فأنا لا أمزح يا رجل!
فقد صوابه بالفعل!
وفي حين ظلّ يتصارع بالكلام رفقة ذاك الحارس العنيد، دخلت إمرأةٌ حسناء ببذلةٍ رسمية وشعرٍ قصير الى ذات المبنى.
وفور قرع حذائها ذو الكعب العالي رخام الأرضيات اللامعة خلعت نظاراتها الشمسية.
مشيتها الواثقة وشخصيتها القوية كانت تدل على مكانتها ومهنتها في المجتمع كإمرأةِ قانونٍ حازمة.
وأثناء سيرها لمحت بطاقةً على الأرض، والتي ما إن حملتها حتى وجدتها بطاقة شخصية لمحامٍ مثلها.
أخذتها وأكملت سيرها نحو مكتبها، فإستقبلها ذاك الحوار السخيف!
- ما رأيك أن نتفق؟ تدخلني وأعطيك إكرامية، ما رأيك؟
هز حارس الأمن رأسه بالرفض، وقبل أن يتلفظ تايهيونغ بأي كلمةٍ أخرى تقدمت هي ورفعت البطاقة في وجه الحارس نظراً لتشابه الشاب بجوارها مع من في الصورة.
- دعه يدخل، هذه بطاقته.
همهم الحارس فوراً وإبتعد وسط نظرات تايهيونغ المتعجبة، والتي سرعان ما تحولت لأخرى منتصرة حتى يغيظ الحارس، ودخل بعدها لاحقاً بالأخرى.
- أعتذر عما حدث، إنه حريصٌ للغاية واللوم يقع عاتقي لتأخري.
- لا بأس، فالحديث معه كان شيّقاً...نوعاً ما!
رسم الفراغ عند آخر جملة.
إبتسمت هي بشكلٍ طفيف، ثم مدت يدها لتصافحه وتعرف عن نفسها.
- أهلاً وسهلاً بك، أدعى كيم جينا.
وللتو أدرك حسنها وجمال شخصيتها القوية مع أسلوبها الرسمي والمهذب، فإبتسم بجانبية وصافحها بدوره.
- تشرفت بمعرفتكِ آنسة جينا...انا كيم تايهيونغ.
جذبه مظهرها كإمرأة قانون، كما وشعر بقوة التنافس ضدها والتي تطاير شرارها ما إن حدق في بندقيتيْها الغامضتين.
ستكون تجربة شيقة دون أدنى شك...هذا ما توارد لذهنه رفقة بسمته الجانبية.
________________________
عند ظهيرة ذات اليوم...
تعالى صوت تايهيون في المنزل بينما ينادي ڤانيسا.
- ڤاني...لديكِ هدية.
كان يحمل صندوقاً جميلاً وكيساً ورقي من أحد المتاجر بعد أن أعطاه إياه رجلٌ ما وأخبره انها هديةٌ من أجلها.
لحق به جين ليعرف مضمون الأغراض، لكن الآخر منعه بحجة عدم إنتهاك خصوصية ڤانيسا.
أما عنها...فخرجت بقناعٍ تجميلي على وجهها كما حال سومي برفقتها.
- ماذا هناك؟
- أتى رجلٌ وأعطاني هذا...قال انها هدية.
قطبت حاجبيها بتعجب، ثم أخذت الأغراض منه.
لمحت بطاقةً صغيرة رفقة علبة الشوكولاتة، ومن مضمونها علمت بهوية المرسل.
- انها من جونغكوك.
- ومن جونغكوك؟!
تسائل بومقيو والذي خرج للتو من غرفته، فأجابه جين ببساطة:
- زوجها المستقبلي المزيف.
- إنه نبيلٌ حقاً!..أنظروا، أهداها عطراً باهظ الثمن وعلبة شوكولاتة فاخرة!
تحدثت سومي بحماس وهي تتفحص ما بيد الأخرى، فإبتسمت ڤانيسا وقالت:
- فعل هذا ليذكرني بموعدنا الليلة في منزل عائلته.
- حظاً موفقاً ڤاني.
ربت تايهيون على كتفها بإبتسامة خفيفة قبل أن يعود لكتابه في الطابق السفلي.
وسرعان ما صفّق جين وخاطبهم جميعاً دون إستثناء بنبرةٍ آمرة:
- هيا هيا الغذاء جاهز.
وعلى ذكر سيرة الغذاء نزل الجميع فوراً دون أي نقاش...حتى بومقيو!
فتمتم جين لنفسه بخيبة:
- رائع...انه الجزء الوحيد من اليوم الذي أحظى فيه بالسلطة التامة عليهم!
ثم لحق بهم بتثاقل...
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
#يتبع...
- رأيكم بالبارت؟
- رأيكم بالشخصيات مبدئياً؟
- توقعاتكم للجاي؟
- نسبة حماسكم من عشرة؟
- ليش يا ترى أونوو ظل شارذ ويفكر بعدما اخبرته شقيقته بأمر حبيبة أخوه جونغكوك؟
مثل ما وضحت بالبارت أنّ جونغكوك يحب البستنة والاعتناء بالأزهار، وكمان شخصيته سوفت وحلوة ومنفتحة، ورح بتلاحظو هالشي أكثر القدام.
يعني فكرة ان شخصيته رح تكون سادية مع البطلة كبقية الروايات لانه زواج مدبر طلعوها من بالكم لأنها مو هيك أبدا.
ولحد هلا طلعوا ثلاث شخصيات جدد بالرواية وبتمنى يكونوا عجبوكم.
ولسا رح تفهموا ادوارهم اكثر مع تقدم الاحداث.
- جينا:
- سومي:
- ايو:
لو بتلاحظون كل الشخصيات ايدولز بالحقيقة😂
يلا ما علينا...
طبعا موعد التنزيل تغير وصار يوم الاحد بدل السبت، وكالعادة التحديث اسبوعي.
وهاي صور للمطعم يلي وقعوا فيه على عقدهم المزيف:
والحين اجا وقت المقتطفات التشويقية:
☆عنوان البارت القادم: أسرع من المتوقع.
☆المقتطفات التشويقية:~
- جيمين أيضاً يبدو مقرباً منكم بغضِّ النظر عن صلة القرابة التي تربطكم به.
~
- حسناً إذاً...أخبرانا كيف تعرفتما على بعضكما، فلَمِن الغريب أن تحدث أمورٌ كهذه وأنتما من جنسيَّتيْن مختلفتيْن!
~
- إبتعد يا مُحِبَّ الطبيعة، أختي ستفقد وعيها إن لم أقتله!
~
- لا داعي لأَنْ تمثلي أمامي أنا أيضاً، فأنا أعلم حقيقة زواجكما المدبر بالفعل.
~
- لقد شعرتُ بهذا الكم من الدهاء منذ أن إلتقيتها لأول مرة...سُحقاً، كم هي بارعة!
~
- السيدة جيون بإنتظاركِ في الخارج.
يلا أتحفوني بتوقعاتكم💥
أشوفكم بخير🧚
I purple you 💜
See you next part...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top