19: ندوب.

«نحنُ بالخارج عند المنزل، سوف نبدأ بالعمل» قال كريس وأغلق الهاتف، جميعنا جلس بتوتر وحماس بينما نسمع بشكل خفيف صوت الآلات فوقنا.
الساعة الآن التاسعة صباحًا، الأطفال ناموا عدة ساعات لكن الباقي لم نستطع بسبب سعادتنا وبقينا نحتفل طيلة الليل.

سمعنا صوت باب القبو يُفتح لأمسك بيد تايلور وأشدُّ عليها، ضوء الشّمس تخلل المكان لأغطي عينيّ بيدي، أبعدتها وظهر لنا قدمي شخص ينزل، توقف حين وصل القبو وكان كريس، بدأ ينظر لنا وحين توقف نظره علي ابتسم باتّساع لأترك يد تايلور وأقفز بحضنه.

«لا تصدق كم أنا سعيدة لرؤيتك، لو شكرتك طيلة حياتي لن أوفيك حقك» قلت وشعرتُ بالدّموع تتجمع ليقهقه ويبادلني الحضن: «لا بأس يا صغيرة، قمتُ بواجبي فقط» قال وابتعدت عنه.
أتى تايلور وتصافحا معًا بينما يعرّفان عن بعضهما.

«ماذا ننتظر؟ هيّا المروحيّة بالخارج تنتظركم» قال وأنا حملتُ حقيبتي على ظهري، تايسل على يدي اليسرى وأمسك باليمنى يد جوني، وبهدوء كنا أوّل من يصعد الدرجات، حين وصلنا للخارج أشعة الشمس حطت علينا وابتسمت للشعور بها.
الحطام يملأ المكان، المنازل جميعا تدمرت وأصبحت على الأرض، في بعض المناطق لو ركزت قليلًا ستجد بعض الدماء، أثق أننا لو بحثنا جيدًا سوف نجد بعض الجثث هناك.
كان هناك مروحيتان، أشار لنا بعض الجنود لواحدة وصعدناها بمساعدة منهم، بدأ الجميع يدخل، تايلور يمسك يد تمارا، تيسا وستيفان بعدهم، وآخر شخص كان كريس، دقيقة ثم صرنا في الهواء نحلّق.

«بقي هناك جنود تحت، ألن يأتوا؟» سألت تمارا ليبتسم لها كريس: «الوضع بالمأمن ليس جيدًا لأن عددنا هناك كبير، لذا سوف تنقل هذه المروحيّة كل المؤن التي كانت هنا معنا لأننا نحتاجها هناك» فسّر لها لتومئ وتعود للنظر من خلال النافذة بذهول.

«الرحلة سوف تكون طويلة لهذا يمكنكم أن تأخذوا قيلولة ريثما نصل» قال كريس والمعظم لم يكن بحاجة لسماع هذا مرّتان.
بغضون ساعة كان الجميع نائمًا عداي، تايلور وكريس.

«ماذا سيحدث الآن؟» سألته واستغلّيت نوم الأطفال، بالتأكيد سيكون الأمر حساسًا لهذا لا أريد أن يسمعوه.
«كبداية سوف نقوم بدوريات على الأقدام للتأكد من أن الأزمة انتهت ولم يتبقى أحدٌ منهم، وبنفس الوقت سوف نقوم بإزالة الحطام والجثث حتى نبدأ بالبناء كي تعود الحياة لطبيعتها».

«هل هذا يعني أن هناك علاج للمرض؟» سأل تايلور لينفي كريس برأسه ويردف: «علاج لا، لكن هناك مضاد أوليّ لا زلنا نعمل عليه، لدينا عيّنة منهم هناك وننتظر تجربة المضاد كي نرى لو أن الشخص سوف يتحوّل أم لا، وحين يثبت فعاليته سوف ننشره على باقي العالم للاحتياط» قال وأومأ له تايلور.

«كيف حدث هذا من بداية الأمر؟ أعني ما الذي بالضبط كنتم تفعلونه كي يصل الأمر لهذا الحد؟» سألته بوجه جامد كي يعرف أنني لا زلت لم أنسى هذا له.
«كنا نحاول صنع دواء يعزز القدرات الحسيّة للشخص، ويمكن القول أننا نجحنا لكن بفشل؟ قدراتهم قد تعززت من ناحية السمع والركض بسرعة، أيضًا القدرة على تحويل الغير مثل فصيلتهم بسرعة فائقة. لكن بنفس الوقت خسرنا الدّماغ وأصبح متوحشًا وجائعًا.
أطعمناهم لحم طيلة وجودهم معنا، وبحادثة مؤسفة قاموا أحدهم بأكل الأطبّاء، وهنا تحوّل هذا الطبيب وثم غيرهم تحوّل، ولم يستطيعوا احتواء الأمر بسبب سرعة المتحوّلين ولأن الحرّاس لم يكونوا متأكدين هل يشكلون تهديد أم لا لأنهم لا يعرفون بالتجارب».

قال وأنا نظرتُ للجهة الأخرى حيث باب المروحيّة، أسفلنا المكان متدمّر، البنيان العالية نصفها قد انمسح، ومتأكدة لو أن أحدهم لمسه سوف ينهار.
كل هذه الخسارة في الأرواح والبنية التحتيّة فقط لأجل تجارب خرجت للنور بشكل خاطئ، وبالنهاية لم يستطيعوا إيجاد علاج لهم، فقط تم قتلهم، قتل أبرياء، وأنا قتلتُ أبرياء وسلّمتهم ضحايا كي يجروا عليها هذه التجارب.

«سوف أخذ قيلولة أنا متعبة» قلت وأرخيتُ رأسي للخلف بينما لا يزال تايسل نائمًا على كتفي وجوني على أقدامي.

---

«آيسل، استيقظي لقد وصلنا» سمعتُ صوت تمارا المتحمس لأفتح عينيّ وأرى وجهها ووجه جوني المبتسم، نظرتُ حولي لأرى منشأة كبيرة بوسط حقل كبير، وحولها العديد من المخيّمات البيضاء وأشخاص يرتدون أقنعة وبذلات.

«كل بلاد حاولت بناء هذه المنشآت منذ بداية الأزمة كي تستقبل الناجين، يتم فحص كل شخص هنا للتأكد من عدم إصابته بالمرض» صرخ كريس بينما نهبط بسبب علوّ صوت المروحيّة.

نزلوا جميعهم وأخذ تايلور تايسل مني ثم قفزتُ على الأرض بقدمي السليمة بمساعدة من كريس، أعدتُ أخذ تايسل وأتوا أشخاص كي وأخذونا لخيمة بعيدة عن المنشأة يرتدون البذلات.

بدأوا بإجراء الفحوصات علينا، دماء، الأعضاء الداخلية، القلب والتنفس، حتى تايسل أجروا عليه بعض الفحوصات، وكم تقطّع قلبي حين بدأ بالبكاء بعلوّ بسبب حقنه وأخذ عينة منه، لهذا حالما انتهوا حملته وبدأتُ بتهدئته.
وأكثر شيء جيد فعلوه أنهم فحصوا إصاباتنا، قدمي كانت تبدو بحالة شبه جيدة لكنهم عقموها بشكل جيد ولفوها بالشاش، قالوا أن معظم الجروح سوف يبقى لها أثر لأن العناية بها كانت سيئة لكن هذا لا يهمني المهم أننا بخير، وفكرة وجود ندوب كي تظهر أننا نجونا لا تبدو سيئة بعد التفكير بها.

«فحوصاتهم سليمة، يمكنهم الدّخول» قال أحدهم وبمساعدة من كريس دخلنا المنشأة الكبيرة، الناس تركض هنا وهناك، الكثير منهم، من يجلس وحده ومن يجلس مع عائلته، رغم صعوبة المنظر لكن سعيدة أن الكل بخير، وأن هناك العديد من الناجين هنا.

«هناك أحدهم متحمسٌ لرؤيتكِ» قال لي كريس وأشار لمكان ما لأرى ماثيو ولارا يجلسون على الأرض، دون إنذار شعرتُ بتايسل يُؤخذ مني وكان تايلور، ابتسم وأشار لي أن أذهب لهم لأرد ابتسامته.

بخطوات مترددة أخذتُ أمشي نحوهم، شعرتُ بالدّموع تتجمع بعينيّ وبدأت تنساب بهدوء، حالما التفتت لارا ورأتني شهقة مع ضحكة خرجت مني لتقفز عن الأرض وتركض نحوي، احتضنتها بقوّة بينما كلانا يبكي ويردف بكلام غير مفهوم. ابتعدت قليلًا وعاد الضغط علي حين احتضنني ماثيو بقوّة وشعرتُ به يبكي.

«اشتقتُ لكما يا رفاق، كثيرًا» همستُ حين داخلت لارا بالحضن ليردفا بنفس الشّيء.

بعد وقت جيد من الأحضان، رأيتُ جوزيف وطفله جيرمي، سام، كايل وجايسون، سلّمت عليهم واحتضنتهم بشدّة وعرّفتهم على باقي الرّفاق، لم أرَ الدكتور سايلوس لأنه من الطاقم الذي يعمل على المضاد.

وها نحن ذا نجلس بغرفة واحدة بها العديد من الأسرّة، أخبرني كريس أنه حاول توفير غرفة لنا وحدنا بها الجميع كي نشعر بالرّاحة.

«أرى أنكِ قد تعلّقتي به» قالت لارا وهي تلعب بيد تايسل الذي بحضني لأومئ لها. «سوف أربّيه» قلت لتتفاجأ وتتبسم. «كلانا سوف يفعل» همست ونظرت لتايلور الذي ابتسم بينما يجلس بجانبي من الجهة الأخرى.
«تايسل؟ هل اسمه مركب من اسمكما؟» سألتني بهمس لأومئ لها، رفعت حاجباها لأقهقه على أفكارها.

«إذًا، أخبرينا بكل ما حدث حين ذهبتم عنا» قال جوزيف لنبدأ أنا وتايلور بسرد كل ما حدث، وأريناهما الجروح كدلالة على حديثنا، الرّفاق بالقبو تفاجأوا، هم يعرفون بجرح قدمي لكن الجروح الباقية على جسدي وتايلور لم يروها.
جيرمي وجوني لم يتحمّلا المنظر وبدآ بالبكاء، يا إلهي نسيت أنهم أطفال هنا، قاومت ألا أضحك لكنني وضعتُ رأسي خلف ظهر لارا وبدأت بالضحك بصمت على ردة فعلهم، ربّما كان هناك بعض الدموع الحقيقة بضحكي على جروحي لكن المهم أن الموقف كان مضحكًا.

«آيسل، هل يمكنني الحديث معكِ لوهلة؟» سأل ماثيو لأومئ، أعطيت تايسل لتايلور وساعدني ماثيو على الوقوف، بهدوء مشينا لنهاية الغرفة حيث باب الخروج وتوقفنا هناك، نظر لهاتفه بتوتر وبدأ يلعب بأصابعه، أمسكتُ يده ليرفع رأسي لأبتسم له. «ما الخطب؟» سألته ليتنهد.

«لا أعلم كيف أقولها...عندما علمت أنا بنفسي تفاجأت لكن، هو من طلب هذا وأنا رفضت بالبداية لكن حين تذكرتكِ لم أستطع سوى أن أوافق».
قال لأعقد حاجبّي. «ما الذي تتحدث عنه ماثيو؟» سألته، أبعد يده عن يدي وذهب للباب، فتحه وكان خلفه آخر شخص قد توقعت أن أراه؛ ديريك.

---
هعهههع.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top