في يوم ميلادي

بقلم نهال عبد الواحد

مرّ عامٌ، عامٌ طويل، بل كانوا أعوامًا بطيئة، أكثر بطأً من الكسلان.
عِشتُ فصول السّنة كلّها بكلّ ما فيها، عواصف شتاءٍ تحطِّم الحجر ولو صوّان، جفاف خريفٍ شقّق الرّوح من كثرة الخذلان، خماسين ربيعٍ كتم الأنفاس فمرض الأنف والعينان، ولهيب صيفٍ كوى القلب وأحرقه كبراكينٍ متأجّجة من الأخاديد والوديان.

ثمّ ماذا؟

ظننتُ الهلاك من كثرة الطّعنات والأحزان.

إذن أنتِ مجرد طيف أم جسد خواء سيتفتّتُ ترابًا هشًّا كأنّه مجرد كثبان!

لا هذا ولا ذاك، بل لا زلتُ إنسان، ثابتةً صلبةً كاملة البنيان، أخطو خطواتٍ كاملة الأركان.
لجأتُ إلى الرّحمن المنّان، مالك الملك والأكوان، لجأتُ إلى ركنٍ شديدٍ لا يشبه غيره من الأركان.
مدّني بلطفه وواسع فضله وكرمه وفيضٍ من الإحسان.
ما أصابني لم يكن ليخطئني فأغدق عليّ بمزيدٍ من الصّبر والسّلوان.
لك الحمد ألهمتني بالعلم والفهم والسّداد، أدركت قيمتي وغيّرتُ مقاماتٍ وأولويات فلم يعد لهمزهم ولمزهم أي حسبان.

صرتُ أنا مرآة نفسي أرى انعكاسي كيف أصبح بعد ما كان.

إنّه بحقٍّ عامٌ فاض بفضل الله، عشتُ فصوله كاملةً، هطل غيث من رحمته أزهر ربيع قلبي، فسبحان من يحيي العظام بعد رميمٍ كان!

والتحمت أخاديد روحي مهما أصابتني لفحة الخريف كلّما حان.

واضّلعتُ بنسيم عطائه فلم يعد يؤثّر بي قيظ جزع المنع والحرمان.

إنّها منح وعطايا أقسم بالجبّار وبكلّ الأيمان، إنّها تداول الأيام وتبدّل الأحوال مهما مرّ يوم ميلادٍ آخرٍ وحان.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top