٣

"أتحبين الحلَـوى بنكهَـة العسَـل؟" تَـبَـسم صَـاحب العيُـون البنيَّـة يُـراقِب الجَـسد الضعِـيف مُستلقٍ أمامهُ.

"أجل!"

حَافظ ڤِـي على ثبَـات ابتسامتهُ اللطَـيفُة ورفَـع يدهُ ليُظهِـر ما أشتهتهُ الفتَـاة لتوهَـا.

"مُعلمِـي، أنت شخصٌ رائع ولطِـيف القَـلب..أُريد أن أكون مِثلك بالمستقبل"

"وأنا أيضًا....أتمنَـى لو أنك تستطيعين أن تكبرِي لتحققي تِلك الأمنية" هُـو ردَّ لا يزيل ابتسامته، ولَـكِن ما شابهَا كَـانت دمُـوع القَـهر بعينيه.

رفعت الطَـفلة أمامهُ كلتَا يديهَـا في عرضٍ ودُود لأجل احتضانِه فأنحنِي يضُـم جسدها الضئِـيل إلَـيه.

"أتعدنِـي أن أرَى بونيلَّا بالمَـرة القادمَـة؟"

كَـم أثارت تِلك الجمـلة الذُعـر بقلبه وكَـان وقعهَّا شديدًا وقاسيًا علَـى مسامعه...إن لم يقطَـع هذا الوعد حقًا، أيعنَـى هذا بأنهُ لَـن ينفذهُ؟

أيخادِع ذاتِه أم يخادِع حياتهُ البائسة؟

"أعدك" ردَّ يدعم ظهرها بكفه ليبعدهَا عنهُ فقابلهُ وجهٌ بلَـغ من السعادة مُنتهاها.

"أنا أشكرك"

كَـم كره الشُكـر، وكم كره المسامحـة الزائفـة التي لا يستحقهَـا.

كَـان مذَاق ما أكلتهُ توًا حلوًا فَـوق لسانهَا......ومرًا إلى روحـه وكَـان السُم إلى جسدهَا.

سقط كفهَا وهبطت رأسهَا ضِـد صدره وهبطت معهَـا دمُـوعه.

دمعة التقت بالأخرَى بالمُـنحنَى إلى عُنقه وهبطَـت تهُز بركة الدمَاء أسفَـل قدمـه كما اهتزت روحهُ.

ورغُم ارتجَـاف كل خلية بداخلِـه إلى أن ثبات يديه والفرَاغ بوجهه كان المشـهد الأكثر إثارة للريبة والرُعـب.

انحنَـى يحمِـل دلَـو الدمَاء قرب قدمهُ إلى زَاويَـة بعيدة ولثقل الوزَن تناثرت بعض القطرَات فَـوق ملابسه وأخرى بوجهه وفَـوق زجاج نظاراته الشفاف.

ووقَـف يضَـع قُـفازَاته التي سرعان ما تلطختُ ما إن بدأ بفصِل الأنابِـيب الرفِـيعَـه عن مَن كَـانت كائنًا حيًا يضحك ويبتسِـم قبل ثوانٍ...وچثة هامدة بين ذراعه الأن.

أحتضن جسدها إليه أكثر، وكأنهُ يعتذِر بصمتٍ ويطلب المغفرة من روحهَـا إن كانت تُشاهده في أثناء فصله للشيء الشنيع الذي صنعهُ هو بيديه عن ظهرهَا.

لقد وخَـز ما يقارِب العشرين إبرة مُتصلة بأنبوبٍ يصُب محتواه إلى دلوٍ تلو الأخر في أثناء وضعه لتلك الابتسامة الكاذبَـة، وبينما كان يطعمهَا ما تشتهيه نوع حلوَى تلَو الأخَـرى كان يستخلِص روحهَا من جسدهَا، فمن جهة يُطعمها السُـم حلو المذَاق ومِن جهَـة يسرق ما بداخِلهَا، بإبتسامة كاذبة وعدة كذبَات أكبرهَا الصورة الطَـيبة التي ظل يرسمهَا بكُل مرة، وكانت ألوانهَا الدمَاء وحبرهَا الخطايَا.

أكان صراخ رُوحهُ الصامت طلبًا للمغفرة بكُل لَـيلة كافيًا؟

أسيكُـون المَـوت كافيًا؟
إن كان يحـبِس ذاته التي تصرَخ طلبًا للنجـدَة مِن هذا الواقِع وبحثًا عن مخرَج داخِل قفصٍ من ابتسامات كاذبَـة وطيبة خادعَـة مواجهًا ما هو أسوأ من الموت بمئات بل ألاف المرَات....أسيكُـون المَـوت كافيًا؟

إن كان المَـوت خلاصهُ، فهل يستحـق الموت؟

كلا..فلقَـد كان مقتنعًا أن تكفيره عن ذنوبهُ هو بإستمرَاره بتمزِيق روحه كل ليلَة وتشويه ذَاتِه إلى أن يأتِي يَـوم ويفقِـد صوابه والشعور بنفسه البشرية لأنهُ أبشَـع من البَـشَر.

أؤلِك الوحوش الموصوفة بالبَـشر داخل كُتب الفلاسفة الإنجليزيين هو أردا مكانة منهم.

كَـيف آلَت الأموُر إلَى ما هيَّ عليه؟ كان يسأل نفسهُ بكل مرة انتهى به المطاف هُنا.

لما بين كُل النَاس اختارهُ القدر ليكُـون وحشًا وأن يُحرم من حَـق المَـوت؟

إن عاد يُفَـكِر بقتل نفسه للخروج من كُل هذَا، فهو لا يملك حياتِه.

لقد تم شراءه، ثم شراء معرفته، ثم شراء هويته، ثم شراء ذاته البشرية وتجرديها من كل المبادئ.

منذ أتى لذلك المَـنزِل فقد الحَـق في كونه انسانًا.

"لا تُلقي بالعينين هذه المَـرة...إنهما مميزتَـين"

وقف يمسح بعض الدماء عن جبينه مُستمعًا لما تلقَاه من أوامِر وتحَـركت يدهُ المُمسكـة بمشرطٍ حاد من تلقاء نفسهَا.

حِـين ليصل لهذا الجزء من العمل حين يُجرد الجسد الذي تمت خيانتِه لا تهبط دمُـوعه ولا ترتجف يدَيه.

لأن الدمُـوع لا تكُـون كافيَة للتعبير عن مدَى يأس الرُوح ببعض الأحياء.

لقد جر المشرط هُنا وهناك مراتٍ عدِيدة حتَـى صارت الوجوُه التي ابتسمت بوجهه يومًا والأجساد الصغيرة التي ضمتهُ وكَـنتُ لهُ محبَـة عظيمَـة شيء لا يُمكن التعرف علَـيه، كُتلة من العظَام بمنتصف برك دمَـاء واسعـة.

حُفظِـت المُقلتَـين بكُوبٍ زُجاجِـي كرغبـة سيدِه، وهنا توقف لثوانٍ أخرَى يُحدِق بهما خارج الزُجاج، بعض الخيالات راودتهُ ككُل مرة حَـيث رأي تِلك العينين بوجهٍ باسِم، حَـيث شاهد الحياة بهمَا ذات مرة.

هو استدَار برأسٍ هابِـط يمُـد الكوب الزجاجي المُغطَـى إلَـى الأمام لكَـي يتلاشَـى رُؤية تلك الابتسامة الشنيعَـة حِـين أصبح ما أراده بيده القَـذِرة قبل أن يغادِر.

وتُرِك الأصغَـر مُلطخًا بالدمَاء، الندَم، والذنُـوب وسَـط أرضٍ لا توجد بقعة بها دُون دمَاء وأمام مخلفاتٍ جسدٍ مُلقَى خلفـه.

كم تمنَـى أن يُشعِل النار بهذا المكان كُـله، وبسيده، وأن يشاهد خطاياه وندمهُ يتحولَان لرمَادٍ بائِـس كصرخات من وضعه بهذا المكان.

لطالما كره الصوت الصراخ والبُكَاء وتألم لسماعه لذَا كان يقتُل بألطَـف طريقة مُمكنة ويَـضع الابتسامَـات على وجُـوه من سيجعلهم موتَـى.

ولكنهُ كان يشتهِـي الإستماع إلى صراخ وبكاء أحدهم للمرة الأولَـى في حياتِه.

__________________________________

كل التفاصيل هتبقى واضحة اكتر مع كل بارت 🧎🏻‍♀️.

المهم سمعوني تحليلاتكم تاني عن الي بيحصل، عشان كان في تحليلات مثيرة للإهتمام في البارتات الي فاتت🤡

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top