طعنات مجددًا

اعتقدت أن الطعنات تلاشت حينما اختفت السكين مِن أمامي، ولكن يا لي مِن أحمق، فقد كانت السكين خلفي.

كانت "حوراء"  تبحث عن إحدى الروايات في غرفتها، وبعد عناء مِن البحث الَّذي تكلل بالفشل، تعرَّق جسدها مِن آثر النار المستعرة بداخلها، ثمَّ أمسكت منديلًا، وجففت به وجهها كاملًا وعنقها.

جلست "حوراء" على فراشها ريثما تسترد أنفاسها، ثمَّ تطلعت بضجر إلى النافذة المُغلقة بالزجاج، فنتج عن ذلك تسلل خيوط الشمس للغرفة، فأضائتها، ولكنها غمغمت بضيق وضجر:
يبدوا أنَّ الصيف سيكون صعبًا هذا العام.

شعرت "حوراء" بجفاف شديد في حلقها، فأدارات عينيها تتفحص غرفتها باحثة عن زجاجة ماء، ولكنَّها لم تجد، فظلَّت جالسة تشعر بالكسل مِن الذهاب إلى المطبخ، ولكن جذب أذنها صوت أغاني عالٍ، فخرجت مِن غرفتها متبعة صوت الأغاني، فوجدت "حور" تجلس أمام التلفاز أمام إحدى القنوات الموسيقية.

أغلقت "حوراء" التلفاز، بينما نظرت لها "حور" باستغراب ودهشة مِن فِعلتها الغريبة الَّتي بدت لها بلا سبب، فاكتفت بنظرات عيونها وانتظرت أن تبرر "حوراء" السبب، فاقتربت منها "حوراء" بعدما فكرت لثواني لتحسن مِن كلماتها قبل أن تلقيها في وجه "حور"؛ فالأمر متعلق بالدين، ثم تحدثت بصوت بدى هادئًا:
ألا تعلمين أنَّ الاستماع للأغاني المحتوية على موسيقى حرام؟

عادت "حور" بجسدها للخلف، ووضعت رأسها على مسند الأريكة الجالسة عليها، ونظرت لها بملل وهي تتأفف بضيق قبل أن تضرب يدها بالأريكة، ثمَّ أغمضت عينيها وتوالت ثواني قبل أن تفتحها وقالت:
حرام؛ لأنها تؤثر على القلب، ولكنَّى لا أتأثر بها، إذًا هي ليست محرمة بالنسبة لي.

تفاجأت "حوراء" مِن ردها، ونظرت لها ببلاهة؛ فهي ما زالت عاجزة عن فهم تلك الإجابة الغريبة الَّتي ليس مِن المفترض أن تخرج مِن فم مسلم، ولكنَّها فكَّرت قليلًا، ثمَّ جلست بجوارها بعدما ابتسمت وأردفت:
حقًا! أقنعتيني، ما هو النوع المفضل لكِ مِن الأغاني؟

شعرت "حور" بالانتصار حينما وجدت أختها تخضع لإعتقادها، فاتسعت عينيها مِن الفرح، ورفعت رأسها بعدمت تحدثت:
الأغاني الحزينة بالطبع.

توسعت ابتسامة "حوراء" وهي ترى "حور" تقع في فخها، فهي تعلم جيدًا أنَّها تعشق الأغاني الحزينة، فوضعت يدها أسفل ذقنها، وتصنعت الحزن، ثمَّ قالت:
وأنا أيضًا، حينما أسمعها أشعر أنِّي انغمست مع كلمات الأغنية، وأحزن كأنَّي أنا مَن أعيش كلماتها، أتمنى ألا أكون أنا فقط مَن أحزن على أغنية.

فهزَّت "حور" رأسها مؤكدةً:
وأنا أيضًا.

فوقفت "حوراء" فجأة، ونظرت لها بانتصار وهي تشاور بإصبعها نحوها:
أنظري لقد قلتي بنفسكِ أنكِ تحزنين مِن سماع الأغاني الحزينة، إنَّ الموسيقى بشتى أنواعها تحرك المشاعر، ونحن نكذب على أنفسنا ونقنع ذاتنا أننا لا نتأثر، تذكري قول الله عزَّ وجلَّ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان:6] و(لهو الحديث)  الغناء، فالأغاني تصد عن سبيل الله وتقسي القلوب وتمرضها، وقال النبي ﷺ: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.

تفاجئت "حور" مِن وقوف "حوراء" المفاجىء، ثمَّ استمعت إلى ما قالته بحرج، لم تكن تدري ماذا تقل بعدما جائها الدليل مِن القرآن الكريم والحديث، بينما أكملت "حوراء" كلماتها:
لقد كنت في الغرفة وسمعت صوت الموسيقى، لذلك جئت لأنصحكِ،كنتِ تنشرين الأغاني على مواقع التواصل الإجتماعي، وترشحي لأصحابكِ بعضها، عليكِ العلم أنَّ استماعكِ لها ذنب، ومجاهرتكِ بسماعها ذنب آخر، فقال رسول الله ﷺ: كل أمتى معافى إلا المجاهرين، ومَن يسمعها بسببكِ فهذا ذنب آخر، كما أنَّ قد يكون هناك شخص يجاهد نفسه كي لا يسمع أغاني، ولكن بسببك يعود لسماعها، وقد يكون هذا الشخص لا يعلم الأغنية، ولكن بسببكِ يسمعها وتعجبه، فيظل يسمعها دومًا، وينصح بها الآخرون، لذلك احذفي الأغاني؛ كي لا تكون سيئة جارية، وإذا عجزتي عن التوقف وأصبح لا بد لكِ مِن سماعها، فيكفي أن تسمعيها أنتِ فقط، لا تسمعيها لغيرك، فقال الله تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ.

انتهت "حوراء" مِن حديثها، ليظهر صوت طرقات على الباب، فذهبت لفتح الباب، لتجد "ياسمينا" تقف أمام الباب رافعة يدها الممسكة بها هاتفها، وبيدها الأخرى تشاور نحو الهاتف:
"بصير" يود إخباركِ بشيء.

تعجبت "حوراء" مِن رغبة "بصير" في الحديث معها، ولاح على وجهها علامات الاستفهام، فمدت "ياسمينا" شفتيها السفلى للأمام قليلًا، ورفعت كتفيها معلنة أنها لا تدري، فأخذت حوراء الهاتف، وأردفت:
آلو

آتاه " صوتها الهادىء مبحوحًا متوترًا، فقال:
مرحبًا آنسة "حوراء"، أردت إخباركِ بأنَّه تمَّ القبض على "زين"، بلغَّ الأهالي عن محاولة جريمة قتل، وتم تفتيش منزله اليوم، لقد وُجدت حقيبتكِ بالمنزل، وحصلنا على الصور الَّتي التقطها لكِ، ينبغي أن تأتي لقسم الشرطة؛ كي نأخذ أقوالكِ.

تهللت أساريرها بعد القبض على "زين"، وشعرت بالأمان، ثمَّ أردفت بسعادة بالغة:
أنا بالفعل ممتنة لك، لذا أشكرًا كثيرًا.

كانت "ياسمينا"  تتطلع لملامحها الَّي بدت عليها السعادة بفضول، وما إن أغلقت "حوراء"، أمسكت بذراعي  "ياسمينا" الَّي تصلب جسدها، ونظرت لها باستغراب بينما قابلتها نظرات  "حوراء" المليئة بالغبطة:
سأذهب معكِ في شراء الملابس، في أي يوم تخططين للذهاب؟

فأجابتها "ياسمينا" وما زالت الاستغراب يعلوا محياها:
كنت أخطط للذهاب اليوم، ولكن ألم تقولي أنكِ لن تستطيعي الخروج بسبب ذلك الرجل الَّذي كان يطاردكِ؟

حرَّكت حوراء رأسها بينما ابتسمت وقالت بسعاده بالغة:
لقد تم القبض عليه، أعتقد أنِّي سأعيش حياتي الآن، سأذهب الى قسم الشرطه اليوم، ما رايك بعد أن أخرج مِن القسم نذهب معًا في شراء الملابس؟

شعرت "ياسمينا" بالفرح يجتاح قلبها، فألقت بجسدها لتعانقها بينما بادلتها "حوراء" العناق وهي مغمضة العين وتبتسم.

بعد حوالي ساعة ونصف كانت "ياسمينا" تجلس في سيارة "حوراء" حاملة على قدمها "سدرة"، وبجوارها "حور" تحمل ابنتها "لين" كانوا جميعًا منتظرين خروج "حوراء" مِن مركز الشرطة.

بينما كانت "حوراء" تجلس بتوتر وخوف أمام المحقق، كان الأمر غريبًا بالنسبة لها، ثواني حتَّى أحضر المحقق دفترًا لتوقع عما قالته بعدما انتهت مِن سرد ما حدث، ثمَّ أعطاها حقيبتها الَّتي وُجدت في بيت "زين".

خرجت "حوراء" مِن المركز، لتسقط عليها أشعة الشمس الملتهبة، فسارت نحو سيارتها وصعدت إليها، ثمَّ نظرت للخلف ورفعت حقيبتها أمامهم، ثمَّ غمغمت بفرحة:
أنظروا لقد حصلت على حقيبتي، لقد وُجدت في بيت "زين".

يا له مِن أمر جيد.

هذا ما نبذت به "حور"، بينما اعتدلت "حوراء" في جلستها لتستعد للقيادة، ثمَّ ربطت حزام الأمان، وانطلقت بسيارتها نحو متاجر الملابس، وأثناء قيادتها أتاها صوت "حور":
لا أصدق أنكِ أخيرًا تخليتِ عن خوفكِ، وعدتي لاستخدام سيارتكِ.

ظلَّت "حوراء" تعلق نظرها على الطريق أمامها بينما قالت:
إلى متى سيمتد الخوف؟! لقد قررت أن أعش حياة طبيعية، وأفكر في الذهاب إلى طبيب نفسي، "ياسمينا" أنتِ بالتأكيد مَن اكتشفتِ مرضي، صحيح؟

فهزَّت "ياسمينا" رأسها وأردفت:
نعم، حينما سمعت بحالتكِ مِن "حور" علمت أنَّها متلازمة الكابجراس.

فرَّدت "حوراء":
كما توقعت، ما زلت أتذكر أنكِ مهتمة بالأمراض النفسية، وتطمحين أن تكوني طبيبة نفسية، ولكن أتعرفين أسباب هذا المرض؟

شعرت "ياسمينا" بالقلق مِن إخبارها بالسبب، فهي تعلم أنَّه سيكون أمر حساس بالنسبة لها، ولكنَّ يجب أن تعرف خطورته، فتنهدت قبل أن تقل:
بعدما علمت الأعراض، سألت "حور" عن حالتكِ الصحية، علمت منها أنكِ عانيتي مِن سكتة دماغية، وحينما سألتها عن أمراض أخرى أخبرتني أنكِ تعانين مِن ارتفاع الكوليسترول، وبسببه وبسبب السمنة ومرض السكري أعتقد هذا هو سبب السكتة الدماغية، وبسببها بالإضافة إلى العزلة الإجتماعية والقلة في النوم أصبتِ بالهلوسة، والهلوسة هي أحد أسباب المرض.

صمت الجميع حتَّى عادت "حوراء" للحديث مجددًا:
ينبغي أن تحافظوا على أجسادكن، كل ما أمر به بسبب السمنة المفرطة، إنها أيضًا السبب في إصابتي بالسكري، يبدوا أنَّي سأشترك في صالة رياضية.

توقفت "السيارة" أحد المراكز المشهورة، فنزلن جميعًا بحماس نحو المكان، ثمَّ أردفت "ياسمينا" بعدما ارتسم على وجهها ابتسامة جانبية:
هل أنتم مستعدون؟

فأجابتها "حور" بعدما تثائبت:
لننطلق إذُا.

ساروا جميعًا في كل أنحاء المركز، المتاجر المخصصة للكبار وللصغار، وأخذوا يجربون العديد مِن الملابس، فهذا لونه باهت، وهذا طويل على التنورة، وهذا ضيق، وهذا واسع للغاية، وهذا مظهره قبيح، فمَن سيرتدي تلك القطعة الغريبة، فنظرت "ياسمينا" إلى الملابس بتقزز:
الموضة غريبة هذه الأيام، وما تلك الألوان؟! لِمَ ذلك الفستان يشبه العبايات القديمة الَُّتي كانت تُلبس قديمًا؟

ظلَّت "حوراء" تتفحص الملابس بدقة، وبعد معاناة وجدوا ما يناسبهم، فخرجوا فرحين بعدما نالت بعض الملابس إعجابهم، فاشترت "ياسمينا" إسدال والقليل مِن الملابس، بينما اشترت "حور" إسدال أيضًا، وتنورة سوداء وجاكيت جينز، واشترت "حوراء" إسدال بعدما عجزت عن إيجاد ما يناسب حجمها بالإضافة إلى الأخمرة.

بينما هم يكملون سيرهم، فإذا بصوت الآذان يصدع مِن هاتف "ياسمينا"، فنظرت "حوراء" إلى ساعة هاتفها لترى أنَّه موعد صلاة العصر، فأردفت:
يبدوا أنَّه كان وقت الصلاة، هل نذهب إلى أي مسجد قريب؟

فأجابت "حور" بعدم اكتراث:
يمكننا أن نصلي حينما نعود للمنزل.

تنهدت "حوراء"، ثمَّ قالت بهدوء:
الله ينادينا، فكيف لنا أن نتأخر؟!

أخذت "حور" أنفاسها بعمق، ثمَّ قالت بضجر:
إذا لنذهب ونؤديها بسرعة.

فرَّدت عليها "حوراء" بجدية بعدما تنهدت بضيق مِن ردود "حور":
الصلاة لا تؤُدى بسرعة يا عزيزتي.

توقفت "حوراء" عن السير في منتصف الطريق فجأة، ثمَّ قالت وهي تنظر "لحوراء" بغضب:
على كل هل ستُقبل صلاتنا بهذه الملابس؟

وجهت "حوراء" عينيها تجاه الحقائب الَّتي تحملها "حور" وأردفت:
تمتلك كل واحدة منا إسدالًا، لِمَ لا نصلي بهم؟!

خرجوا مِن المركز، واتبعوا صوت الآذان الذي ظهر بوضوح في الشارع، لينتهي بهم الحال في مسجد قريب مِن المركز، فدخلن للمرحاض، ثمَّ توضأن، وصلين وبداخل كل واحدة منهن أحلام تدعي بها.

انتهوا مِن الصلاة، ثمَّ جلسوا في إحدى المطاعم القريبة يتناولون شيئًا يروي عطشهم قبل الإكمال، أنزلت "ياسمينا" كوب العصير بعدما انتهت مِن شربه، ثمَّ تنهدت وأردفت:
الحرارة مرتفعة جدًا اليوم.

فرَّدت عليها "حور" وهي ترتشف مِن كوب العصير:
ستذهبين إلى الكلية بعد يومين، عليكِ التعود على هذه الحرارة.

نظرت "حوراء" إلى ساعتها، ثمَّ أردفت بسرعة:
ربما علينا أن نسرع، ما زال هناك أشياء نود شرائها.

وقفوا بعدما انتهوا الصِغار مِن تناول المثلجات، ثمَّ دفعوا الحساب، وابتعدوا عن الطاولة قليلًا حتى ضربت "حور" جبهتها فجأة قبل أن تصرخ:
لقد نسيت الحقيبة على الطاولة، سأذهب لإحضارها.

فوقفن منتظرين عودتها حتَّى شعروا بتأخرها، فنظروا خلفهم ليجدوها تقف مع فتاة تبدوا في بداية العشرينات يقفان يتحدثان، نظرت "حور" نحوهم، ثمَّ وجهت نظرها إلى تلك الفتاة أمامها، ثمَّ قالت:
أعتذر لأني متأخرة.

تركتها "حور" وابتعدت عنها، وحينما اقتربت منهم، سألتها "حوراء":
مَن تلك؟ ولِمَ تبدين متوترة؟

فرَّدت عليها بضيق ظهر على وجهها:
فتاة عرفتها قبل زواجي ولا أطيقها، لنتجاهل أمرها.

وحينما شعرت "حوراء" بانزعاجها، توقفت عن الجديث، وبدئوا يتجولون في المراكز والمتاجر حتَّى اشتروا أيضًا ملابس للأطفال، وبعد وقت طويل، كانوا جميعًا يجلسن بتعب في السيارة بعدما انتهوا.

كانت "حوراء" قادت سيارتها للبناية وصلن، فنزلن جميعًا وهم متعبون، وما أتعبهم أكثر هو صعود الدرج، وبعد معاناة وقفت كل منهم أمام الباب، فرنت "ياسمينا" الجرس، بينما كانت "حوراء" تبحث في حقيبتها عن المفتاح.

ما إن وضعت "ياسمينا" يدها على جرس الباب، فإذا بالباب يُفتح فجأة، ووجه "بصير" ينظر بغضب، تفاجئت "ياسمينا" بعد خروجه فجأة، وظهر على وجهها الفزع، وما إن رآها استكان وهدأ،  ثمَّ أردف بحرج:
آسف على مفاجئتكِ، ولكن كان هناك مَن يرن الجرس ويختفي، لذلك وقفت خلف الباب كي أمسكه.

بينما نادت "لين" والدتها بصوتها الطفولي:
ماما، أريد رقائق البطاطا.

نظرت لها "حور" بانزعاج، ثمَّ قالت بضيق:
ألم نكن بالشارع منذ قليل، لِمَ لم تقولي ونحن بالأسفل؟

هدأتها " حوراء" حتَّى لا تصرخ عليها، ثمَّ ناولتها المفتاح وقالت:
سأذهب أنا لإحضاره.

كانت "بناية" حوراء في منطقة مأهولة بالسكان، وبها العديد مِن متاجر البقالة، فاشترت ما رغبته "لين" مِن البقالة الَّتي أمام البناية، وعادت لتصعد لشقتها.

طرقت الباب، لتجده يُفتح بعد قليل مِن قبل "حور"، ثمَّ وجدت "لين" تقف بجوارها تنتظرها بحماس شديد، فأعطتها الكيس بعدما لاعبتها قليلًا، ثمَّ عادت لتغير ملابسها.

بعد قليل سمعت طرقات على الباب، فذهبت لترى مَن، ولكنَّها وجدت "حور" قد فتحته، ثمَّ ظهرت "ياسمينا" بفستانها الجديد، وأردفت بسعادة بعدما دخلت:
أنظري، ألا يبدوا أفضل مما كان في المركز؟

فرَّدت عليها "حور" بعدما تطلعت لها جيدًا:
أجل، يبدوا رائعًا عليكِ.

ما إن انتهت "حور" مِن كلماتها، فإذا "بلين" تصرخ متألمة وتبكي وهي ممسكة ببطنها، فاتجهن لها، ليجدنها تفترتش الأرض وتبكي بشدَّة، وما إن اقتربت "حور" منها تسألها عن ألمها، أجابت لين:
بطني.

لم تكن "حور" غيرت ملابسها، فأسرعت تحملها لتخرج وتذهب إلى المستشفى، ولكن "ياسمينا" أوقفتها قائلة:
انتظري، لا يمكنكِ الخروج بمفردكِ، سأنادي "بصير" ليذهب معكِ.

ارتدت "حوراء" عباءتها السوداء بسرعة، ثمَّ ألقت بالوشاح على شعرها، وخبئت خصلات شعرها الَّتي ظهرت، ثمَّ خرجت لتجد "بصير" منتظرًا إياهم، بعد قليل كانوا جميعًا في المستشفى ينتظرون الطبيب ليخرج.

وما إن خرج الطبيب، ركضوا نحوه يتسائلون:
كيف حالها الآن؟

فرَّد عليهم الطبيب:
ستحتاج إلى غسيل معدة، ما هو آخر شيء تناولته؟

فرَّدت عليه "حوراء" بقلق:
رقائق البطاطا.

فرَّد الطبيب بجدية:
أعتقد أنَّها كانت منتهية الصلاحية، لذلك اطمئنوا ولا تقلقوا ستكون الطفلة بخير.

وضعت "ياسمينا" يديها على كتف "حور" للتخفيف عنها، وبعد حوالي مرور ساعة كانت "حور" تحمل "لين" وتضعها في الفراش، بينما استوقفت "حوراء" "ياسمينا"  "وبصير:
شكرًا لكم لمساعدتنا، لقد تعبتم معنا كثيرًا.

فرَّد عليها "بصير" وهو واضعًا عينه في الأسفل:
إنه واجبي كجاركم.

بينما ربطت "ياسمينا" عليها بحب بعدما ابتسمت وقالت:
لِمَ الشكر؟ ألسنا أخوات؟!

فابتسمت لها "حوراء" في المقابل، ثمَّ عاد جميعهم إلى منازلهم، وبعد خمسة أيام لم يحدث بهم شيء سوى زيارة "حوراء" للجدة "كريمة" يوميًا، وعودة "ياسمينا" إلى كليتها.

كانت "حوراء" تقف في المطبخ تجهز طعام الغداء، ثمَّ شعرت برنين هاتفها، فأمسكته وفتحت مكبر الصوت، وتركت هاتفها بعيدًا، وأكملت إعدادها للطعام وهي تتحدث، فجائها صوت "ياسمينا" القلق والمتوتر سائلًا إياها:
"حوراء" هل "حور" بجانبكِ؟

شعرت "حوراء" بالخوف حينما استشعرت قلقها، فأجابتها بسرعة:
حسنًا، عليكِ الخروج فورًا مِن الشقة، اذهبي إلى شقتنا، وإياكِ الخروج منها، حسنًا؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top