بداية تملؤها الدماء
《الوحدة تصنع إنسانًا بائسًا، ولكنها في بعض الأحيان تجعل الإنسان وحشًا، وأول ما يلتهمه هو نفسه.》
_________________________________________
دقَّ موعِد الليل منذ ساعات، وبدلًا مِن أن يحل القمر مكان الشمس اختار أن يتدثر بما حوله مِن غيوم، وبدلًا مِن استجابة النجوم لنداء السماء، أعلنت الغياب، وارتدت السماء رداء الحزن، فأصبح الليل في ذلك اليوم حالك السواد.
وعلى الرغم مِن أنَّ ذلك الليل كان هادئًا، إلا أنَّ ذلك الهدوء لم يمتَّد طويلًا، بل قطعه قطتين في الشارع يتشاجران، وتنبع منهم أصوات أيقظت العديد مِن نومه، وأزعجت الكثير مِن سُكان هذا الشارع، ولكنها لم تزعجها هي!
كانت تلك الأصوات بمثابة طوق النجاة لها؛ فلَيلها هادىء بدرجة تخيفها، كما أنها وحيدة! وحيدة الأصدقاء، وحيدة الأقارب، وحيدة المنزل!
نظرت إلى غرفتها نظرات سريعة، ولكن نظرتها عُلقت على مصباح غرفتها، وهنا أخذت الذكريات تتسرب إليها كتسرب الودق مِن السماء، وقد بدأت الذكريات تسقط بخفة في البداية، ثمَّ سارعت بالهطول بغزارة.
كانت طفلة تخشى الظلام؛ لاعتقادها أنَّ الوحوش تنبع مِنه، ولكن مع مرور الوقت اكتشفت أنها هي الوحش الذي ينبع في الظلام؛ فمع ظهور الليل تبدأ في التهام نفسها مِن شدَّة عتابها على ما لم تفعله، وتلعن ذاتها عما ليس بها دخل، ولهذا هي تخشى الليل؛ فالليل بالنسبة لها وقت دفع الحساب عما اقترفته، وعما لم تقترفه!
جلست تلك الفتاة ذات الثلاثين مِن عمرها بالقرب مِن النافذة، كانت تتطلع إلى القمر المتدثر بين الغيوم، ثمَّ نزلت بِضَع عَبرات حزينة مِن مقلتيها، ثمًّ نبع صوتها الحزين:
"أتختفي بين الغيوم؛ لأنك حزين أيضًا! الجميع يحبك؛ فأنت لامع ومنير، ليس هناك مَن تخشى أن يتم رؤيتك منه"
أنارت تلك الفتاة غرفتها، ثمَّ اقتربت مِن المرآة في غرفتها، تطلعت إلى جسدها الثمين المترهل والملىء بالدهون، ثمَّ وضعت يدها تتحسس الحبوب التي اتخذت مِن وجهها وطنًا، لم تكن جميلةً بما يكفي ليحبها الناس، لم تكن لامعةً مثل ضوء القمر، لم تكن دافئة ليرغب بقربها أحد، لم تكن خفيفة الظِل، لم تكن مُلونة مثل الحلوى، كانت بلون الديجور وليالي الظلام، كانت قبيحة المظهر، إذا خرجت إلى الشارع ينظر لها الجيران بشفقة؛ يتيمة الأبوان، وبسبب حجمها هذا لم تتزوج بعد، تزوجت أختها الصغرى، وسافرت مع زوجها، وبقيت هي وحيدة.
تطلعت إلى انعكاسها في المرآة، ثمَّ أردفت:
"إن كان الجمال خطيئة، فأنا بالتأكيد بريئة، كيف لكِ يا أمي أن تعطيني اسم حوراء! فهذا الإسم لا يناسبني على الإطلاق، كيف لفتاة بمثل قُبحي أن تُدعى بهذا الاسم؟! وأريد أن أعلم مَن ذلك الأحمق الذي ادعى أنَّ كل شخص يحصل على نصيبه مِن اسمه، فأنا لم آخذ شيء!"
نظرت حوراء إلى الحائط، وتمعنت بالنظر إلى الصورة التي عُلِقت عليه، كانت صورة لأبيها ببدلة الجيش، ولأمها التي تقف بجواره واعتلى وجهها ابتسامة سعيدة، وأمامهم تقف حوراء وأختها حور.
كان والد حوراء لواء بالقوات المسلحة ، ووالدتها معلمة، وبعد وفاتهم حصلت على معاش والديها، كان معاش والدتها بسيطًا، ولكن معاش والدها كان جيدًا بما يكفي لشراء جميع احتياجاتها، وكان يتبقى منه المال أيضًا، ولقد ورثت حوراء وحور عن والدتهم بناية، يتلقون منها ايجارًا شهريًا، ولذلك لم تكن حوراء بحاجة إلى العمل، وضعها المالي كان جيد جدًا، ولكن وضعها النفسي كان سيء ليجعلها تفقد الرغبة في العيش.
وعلى الرغم مِن توفر جميع الاحتياجات لها منذ أن كانت طفلة، ولكن سعادتها لم تكتمل أبدًا، بسبب السمنة كانت تعاني مِن التنمر، ولم ينتهي الأمر هنا، بل أصيبت أيضًا بمرض السكر، ومع مرور العمر زادت حياتها بؤسًا، توفى والدها فجأة، وبعد مرور سنتان ونصف توفت والدتها أيضًا، لم يتبقى لها سوى أختها الصغرى، ولكن تزوجت أختها، وسافرت مع زوجها إحدى الدول الخليجية؛ للعمل.
ما زالت حوراء تتذكر نظرات الناس التي نظرت لها بشفقة في زواج أختها؛ فأختها الصغرى تتزوج وهي لم تتزوج بعد، كرهت حوراء نظراتهم حتى أنها لم تكن ترغب في حضور زفاف أختها، ولكن كيف تترك أختها في مثل هذا اليوم؟!
تحملت النظرات المشفقة التي كانت تلتهمها، ومنعت عينيها مِن البكاء؛ كي لا تفسد سعادة أختها، وحينما ذهبت أختها العروس إلى منزلها الجديد، عادت هي إلى المنزل وفؤادها مُهشم ومحطم إلى شظايا متناثرة؛ فقد كانت أختها هي كل ما تبقى مِن عائلتها، ولكنها الآن رحلت لتبقى بدون عائلة.
مرَّت الأيام، ثمَّ وجدت أختها تسافر مع زوجها لإحدى الدول الخليجية، تفاجأت في البداية، ولكن لم يكن بوسعها أن تفعل شيء، ومنذ ذلك اليوم الذي غادرت فيه أختها عانت مِن الحزن والاكتئاب الشديد، وقضت كل وقتها في المنزل، واتخذت مِن وسادتها صديقةً تصب بها مدامعها، وجعلت مِن دميتها القديمة شريكة أحزانها.
أغلقت حوراء مصباح غرفتها، ثمَّ استلقت على فراشها، وأمسكت دميتها برفق وقالت: لقد مللت مِن هذه الحياة البائسة، لم يعد هناك شيء لأفعله بهذه الحياة، أنا إنسان بلا معنى، لقد فقدت الشغف تجاه كل شيء.
تسربت الدموع مِن عيون حوراء، ثمَّ وجدت مَن يربط عليها بحنان، وسمعت مَن يقول لها:
أنا معكِ، ولن أترككِ، هل رأيتي يومًا أصدقاء يتركون بعضهم؟!
ازدادت دموع حوراء، ثمَّ على صوت شهقاتها، وقالت:
ولكن الجميع قد رحل، حتى عائلتي رحلت وتركتني، فلِمَ لا تتركيني أنتِ؟
لم تنتظر طويلًا حتى جائها الرد:
لقد أخبرتكِ، أنا صديقتكِ، كما أنا دميتكِ التي تحفظ أسراركِ، كيف لي بترككِ؟
ابتسمت حوراء ابتسامة بسيطة، والدموع تتناثر مِن عينيها بشدَّة، ثمَّ قالت:
شكرَّا لوجودكِ معي، لست أدرِ كيف كنت لأعيش بدونكِ، ربما قد أصيب بالجنون.
عانقت حوراء دميتها، ثمَّ ضعتها على الفراش بجانبها، ووضعت عليها الغطاء وقالت:
ليلة سعيدة يا دميتي العزيزة.
أمسكت هي هاتفها، وبدأت بقراءة إحدى الروايات الرومانسية، كانت تلك الروايات إحدى السُبل الذي تضيع وقتها، وتجعلها تنسى حياتها البائسة لفترة مِن الوقت، ولكن فور الانتهاء منها تبكي على حالها، فلا يوجد مَن يحبها، دائمًا ما تمنت أن يغازلها أحد، أو أن يطاردها أحد الرجال، ولكن بقبحها هذا، لن يهتم أحد بها أبدًا.
شعرت حوراء بالإرهاق، فنظرت إلى الساعة لتجدها الرابعة ونصف، فتركت هاتفها، ثمَّ عانقت دميتها، وتخيلت رجل يقف أمامها، ينظر لها نظرات دافئة، ويتغزل بها كما يتغزل الأبطال في الروايات ويقول لها:
لستُ أدرِ كيف أصمد أمام هذه العيون؛ حوراء أنتٍ، وأمام مقلتيكِ أذوب.
لم تأخذ حوراء وقت طويل، ثمَّ انتظمت أنفاسها وغفت وهي تعانق دميتها، وتستمد منها الأمان الذي سلبته منها الحياة بعدما فقدت جميع الأشخاص الأقرباء لها.
كانت حوراء نائمة بعمق، ثمَّ استيقظت على صوت دميتها التي تقول لها:
استيقظي هناك مَن يدق جرس الباب.
فتحت حوراء عينيها بكسل، ثمَّ وضعت يديها على أعينها، وبعد عدة ثواني رفعتها، ثمَّ نظرت إلى نافذة غرفتها لتلاحظ خيوط الشمس الذي تسربت منها لتكتشف أنه وقت الظهيرة، ولم تأخذ وقت طويل حتى استوعبت صوت جرس منزلها، لتقول باستغراب:
مَن قد يزورني؟!
ارتدت حوراء السدال الخاص بها، ثمَّ توجهت إلى الباب، ونظرت مِن عدسة الباب؛ لترى مَن يطرق بابها، وما إن رآت الشخص الواقف خلف الباب، شعرت بالصدمة، وارتفعت دقات قلبها، ثمَّ نظرت مجددًا؛ لتتأكد أن ما تراه عينيها ليس سراب، ففتحت الباب بسرعة، ليأتيها صوت يقول لها:
مفاجأة!
كانت تلك حور، الأخت الصغرى لحوراء التي سافرت مع زوجها، ولكن فجأة عادت بدون أن تخبرها، لمحت حوراء فتاة صغيرة تقف بجانب أختها، ولكن بدون سابق إنذار عانقتها حور الذي ارتفع صوت ضحكاتها.
تركت حور أختها، ثمَّ قالت لها:
كيف حالكِ؟ اشتقت لكِ كثيرًا، مرَّت سبع سنوات منذ آخر لقاء لنا، انظري هذه ابنتي لين ذات الثلاث سنوات، مٍن السيء أنها لا تعرفك، وأن هذا أول لقاء لكم، ولكن ستحبينها.
نظرت حور إلى حوراء التي ما زالت مصدومة، ثمَّ لمست إحدى يديها، وقالت والابتسامة تعلوا وجهها:
ما بك؟ لقد عدت بعد سنين، ألم تشتاقي لي!
تفحصت حوراء أختها، لتجد ابتسامتها مخيفة قليلًا ومصطنعة، ليست الابتسامة التي اعتادت على رئيتها سابقًا، كما أنها أصبحت نحيفة للغاية، عبارة عن عظام مغطاة بالجلد، وعلى الرغم مِن أنها انتظرت هذا اليوم كثيرًا، إلا أنها تشعر بشعور مريب.
تصنعت حوراء الابتسام بصعوبة، ثمَّ قالت:
كيف لا أشتاق لكِ!
ابتسمت حور، ثمَّ أمسكت بإحدى الحقائب ودخلت إلى المنزل، وساعدتها حوراء في إدخال جميع الحقائب.
كانت حور تتطلع إلى المنزل، وتفحص كل شيء به، ثمَّ نظرت إلى حوراء وقالت:
كل شيء كما هو، لم يتغير شيء! هذا يعيد لي الذكريات.
وضعت حور حقائبها في غرفتها القديمة، ثمَّ جلست مع أختها في الصالة، وبدأت تعبر لها عن اشتياقها الشديد، ولكنها صمتت فجأة، وأخذت تتطلع لها باستغراب، ثمَّ قالت:
عيناكِ ووجهكِ منتخفان، هل كنتِ نائمة؟
فأجابت حوراء:
أجل
_يا لكِ مِن فتاة كسولة، مًن يبقى نائمًا حتى الآن؟! يبدوا أن لين أيضًا تريد النوم، السفر كان متعبًا لها، سأغير ملابسي، وأضع لين على الفراش، ثمَّ سآتي؛ لأجلس معكِ.
غادرت حور، بينما ظلت حوراء تراقبها وهي تسير كأنها ستفعل شيء، وبعد عِدة دقائق، ذهبت إلى غرفتها، وأحضرت الأنسولين، وقامت بحقن نفسها في فخذها، ثمَّ ذهبت إلى المطبخ؛ لتعد طعام الإفطار.
كانت الثلاجة مليئة بالجبن والمربة والعصائر الصناعية فقط، وكان يوجد علب التونة والعديد مِن الشعرية سريعة التحضير موجودة على الأرفف، فقامت بسكب علب التونة في إناء الطعام، ووضعت الجبن والمربى أيضًا في إنائين مختلفين، ثمَّ وضعتهم على مائدة الطعام، وعادت إلى المطبخ؛ لتعد الشعرية سريعة التحضير.
خرجت حور مِن الغرفة لتجد أختها انتهت مِن اعداد الطعام، ابتسمت وجلست بجوارها، وبدأت تتناول أولًا الشعرية، ولكن ما إن تذوقتها قالت:
هل يمكنكِ إحضار الفلفل الحار لي؟
وقفت حوراء، وذهبت إلى المطبخ، ثمَّ عادت، وسلمته إلى أختها التي شكرتها، ولكن كانت نظرات حوراء غريبة، كانت تراقبها وترى كم كمية ستضع، ولكنها تفاجأت حينما وجدتها تضع كمية كبيرة؛ فأختها لم تكن تحب الطعام الحار.
شعرت حوراء بالخوف، ثمَّ ابتلعت الطعام بصعوبة وظلت صامتة، لم تتناول كمية الطعام التي اعتادت على تناولها، وحينما انتهت أختها من تناول الطعام، حملت الأواني ووضعتها في غسالة الأطباق.
عادت حوراء إلى غرفتها، ثمَّ أغلقت الباب على نفسها، وأمسكت دميتها وقالت:
هناك شيء مريب بها، لِمً لا أشعر بأنها أختي؟!
سرعان ما سمعت حوراء دقات على بابها، لتتحرك مِن مكانها بفزع، ثمَّ ذهبت وفتحت الباب، لتجد حور تقف وتنظر لها باستغراب قائلًة:
هل كنت تتحدثين مع أحد؟
فردت بسرعة:
لا، ولكن لٍمَ لَم تنامي؟ ألستِ متعبة؟!
فقالت:
اشتقت لكِ كثيرّا، وأريد التحدث معكِ كما كنا نتحدث سابقًا.
ابتسمت حوراء، ثمًّ قالت؛
يجب عليكِ أن ترتاحي الآن، وحينما تستيقظين سنتحدث.
بادلتها حور الابتسامة، ثمَّ ودعتها، وذهبت إلى غرفتها؛ لترتاح.
أمسكت حوراء دميتها، وأخذت تلامس شعرها وتقول:
ماذا علينا أن نفعل الآن؟ أشعر بالملل.
سمعت حوراء صوت الدمية وهي تقول لها:
فلتقرئي رواية.
فكرت حوراء قليلًا، ثمَّ وقفت بحماس وقالت:
هل أعيد قراءة سلسلة مملكة البلاغة؟
نست حوراء أن تغلق باب غرفتها، وظلَّ مفتوحًا، وبينما هي تتحدث مع دميتها، سمعت أختها تقول لها:
ماذا تفعلين؟! أتتحدثين مع الدمية؟!
نظرت حوراء لها بخوف، بينما اقتربت حور لها، وقالت:
منذ متى وأنتِ تتحدثين معها؟!
أمسكت حوراء الدمية بشدة كأنها تستمد منها القوة وقالت:
منذ وقت طويل، بعدما رحلتي كانت هي صديقتي الوحيدة، أعبر لها عما بهواجسي، وأحدثها عن أحزاني، ودائمًا ما تستمع لي، وتتحدث معي، وتخفف عني.
اقتربت منها حور أكثر فأكثر، ثمَّ دمعت عينيها، وظهر الحزن على نبرات صوتها، ثمَّ تحدثت بصوت ضعيف يشبه الهمس:
أعلم بأنكِ لا تعملين، ولكن ألم يكن لديكِ رفيق؟! حوراء دميتكِ لا تتحدث معكِ، كل هذا مِن وحي خيالكِ، بسبب الوحدة أنتِ تتخيلين.
شعرت حوراء بالغضب الشديد، فطردت أختها مِن الغرفة، وجلست تبكي خلف الباب، وصوت بكائها يعلوا شيئًا فشيئًا، ثمَّ وجدت دميتها تقترب منها، وتربط عليها برفق وحنو، فظلت تبكي لساعات حتى شعرت بألم شديد في رأسها، وهنا توقفت عن البكاء.
ظلت حوراء مستيقظة تفكر في حالها حتى أشرقت الشمس، ثمّ غرقت في النوم، وبعد قليل وجدت أختها بداخل غرفتها تيقظها، وما إن استيقظت قالت لها:
إحدى صديقاتي كنت أخبرها أنني عدت إلى مصر، وبينما كنا نتحدث أخبرتني أنها فتحت روضة للأطفال، وهي بحاجة إلى معلمات، وأنتِ خريجة كلية تربية طفولة، هذا العمل مناسب لكِ.
كانت حوراء ترغب في الخروج لتتخلص مِن حالتها النفسية السيئة، وأيضًا منذ عودة أختها لم تعد تشعر بالأمان في منزلها، أصبحت تخشى أختها، وتشعر بشيء مريب حولها، فقررت الذهاب إلى العمل.
حلَّ الصباح في إحدى الأيام ، ولكن لم يصطحب الشمس معه، وقفت حوراء أمام البناية ال
التي تقطن بها لبِضَع لحظات، ثمَّ تنهدت تنهيدة عميقة كأنها تستعد لمعركة طويلة بعد لحظات، لم تعتاد على الاستيقاظ باكرًا بعد، لقد كان الليل نهارًا، والنهار ليل بالنسبة لها، ولقد بدأت العمل وهذا أول يوم لها.
في البداية لم تكن ترغب في العمل، ولكن أقنعتها أختها للخروج بسبب حياتها البائسة والحزينة، ولكن حياتها لم تعد بائسة فقط ،أصبحت أيضًا مخيفة! فهناك شيء مريب في أختها التي عادت مِن السفر، كلّْ شيء حول أختها غريب كأنها ليست أختها! كأنها استُبدِلت بشخص آخر! وما دفعها إلى العمل هو هروبًا مِن أختها لبعض الوقت.
سارت نحو سيارتها كالمعتاد؛ لتذهب إلى العمل، كانت خطواتها مثقلة وبدون شغف كالطفل الذي أجبرته والدته على الذهاب إلى المدرسة، ولكن ما إن وصلت نحو سيارتها تفاجئت، ووضعت يدها على فمها في ذات الوقت التي جحظت به عينيها بشدَّة، وارتفع صوت دقات قلبها مع ارتعاش جسدها؛ فلقد كان زجاج سيارتها الأمامي مغطى بالدماء!
لم تكن تلك مِن الأشياء التي يفعلها الأطفال، كما أن الدماء لم تجف بعد، أي أنه لم تمر فترة كبيرة، وربما أيضٍا مَن فعل ذلك ما زال قريبًا، وقد يكون بالفعل يراقبها!
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top