٥

لاحظ ليث شرود ميليا باستمرار، صار عاجزا عن معرفتها بسبب مزاجيتها، هي صديقة طفولته، و الأقرب إليه حتى من عائلته، لكنه كان يراها دوما كلغز معقد يصعب حله، هو مستعد للتضحية بأي شيء من أجلها، و هي قد قامت بذلك بالفعل، لطالما كانت ملاكه الحارس، و درعه الخفي، تحملت العنف، التهديدات و سوء المعاملة من والدتها فقط لكي لا تتحطم حياته بسبب أسرار لن يستطيع قبولها أو تقبلها

أخذت تتصفح هاتفها لتنظر إلى لوحة على شبكة الأنترنت

و لم تشعر بالدموع التي كانت تنهمر من عينيها، لكن ليث قد لاحظها مما جعله يركن سيارته إلى جانب الطريق، و يقول لها بقلق

" ما بك ميليا ؟! أرجوك أخبريني ؟! "

لكن ماذا عساها تخبره ؟ سيكرهها هي أيضا، و يبتعد عنها إن عرف بجريمة والدتها في حقه، و سيكرهها أضعافا لأنها أخفت عنه الحقيقة طيلة سبع سنوات، ستتحطم حياته و تحترق، سينهار و لن يستطيع الصمود، هي تعرفه جيدا، و تعرف أنه لا يملك القوة الكافية لاحتمال الحقائق الدفينة، أجابته بصوت متحشرج من البكاء

" آسفة صديقي، لكن ضقت ذرعا من خلافاتي مع والدتي "

لم تحتج مجهودا لجعله يصدقها، كان جزء منها صادقا حيال ما قالته، لكن الجزء الآخر كان يردد بأنه السبب الرئيسي خلف معاركها الداخلية، مسحت دموعها و حاولت تغيير الموضوع قائلة بهدوء

" هل تشتاق إلى والدتك ؟ "

ذكره ذلك بعبارة قرأها قبل يومين

" لا تكسر قلب طفل، لأنه سيكبر و لن ينسى لك ذلك "

رفعت حاجبها منتظرة جوابه لكن لم تتلقى منه سوى صمت طويل، لقد اعتقد طوال حياته أن والدته قد تخلت عنه، و أنها امرأة سيئة، بل أكثر ما كان يخزه في صدره حين كان والده يقول بأنها قد ارتكبت جريمة قتل، حوكمت على إثرها بالسجن مدى الحياة، و لو عرف سر تلك الجريمة لتمزقت روحه قبل جسده، و رغم مرور سنوات طويلة على تلك القضية، إلا أنها ما تزال تثير الرعب في أنفس من يسمعها ممن شهدها آنذاك، و لكن شخص واحد يعرف ما حدث بالضبط فيها، شخص واحد يعرف الجاني الحقيقي في تلك الجريمة، و قد أخرس ذلك الشخص ضميره و أغلق ستائر حياته، ليعيش ميتا بين الأحياء، و فقط حين تعاد فتح الدفاتر القديمة و نبش الأسرار الدفينة ستقرع أجراس العدل، و ترقد روح الضحية بسلام .

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top