كنتُ قد رأيتك تبكي على حافة الرصيف ، رَغِبتُ في مساعدتك و لكنني لم أفعل هذا لأنني لم أكُن أعرفك .. قُلتُ في سري : يا الله كُن في عونه ، و أكملتُ طريقي للمنزل.
~~×××~~
أتعلم ما الذي أحبه أكثر من الرقص ؟ الرسم ، أحب الرسم كثيراً .. كنتُ قد رسمت لوحةً لك و أنت تبكي على الرصيف ذلك المساء و دونتُ عليها التاريخ و الوقت ، أردتُ أن أهديك إياها حين ألتقيك صدفةً في يومٍ من الأيام لأنني كنت أؤمن بالصدف كثيراً و أعلم إن الشوارع ستجمعنا صدفةً مع من نريد.
وضعتُ اللوحة في حقيبتي المليئة باللوحات التي أنتظر أن ألتقي بأصحابها يوماً..
بعد مرور إسبوعان تقريباً رأيتُك على نفس الرصيف تعزف على "الجيتار" و حولك الكثير من الناس الذين كانوا يستمعون لعزفك الرائع ، وقفتُ أستمع أنا أيضاً و يا الله كم كان عزفك جميل ، لقد لامس قلبي بصدق.
إنتظرتُ رحيل الناس حتى أتمكن من التحدث معك .. تقدمتُ إليك بخطواتٍ مترددة و ألقيتُ عليك التحية ، ابتسمتَ لي و قُلت : أهلاً و مشيت ! ، لحقتُ بك و ناولتُك لوحتي و أخبرتك بأنني رأيتُك تبكي وحيداً في نفس المكان و قلتُ لك بألّا تحزن فالفرح سوف يأتي و ها أنت سعيداً اليوم، شكرتني و أخَذت اللوحة مني بعد أن أطريت على رسمي و أخبرتني بأنني أمتلك موهبة جميلة.
~~×××~~
لم أكُن أعلم بأن القدر يُخبئ لي كل هذه الكمية من السعادة و الألم ، كان من الأجدر بي أن أعرف إن لهذه السعادة ثمنٌ علي أن أدفعهُ لاحقاً ، كان يجدُر علي أن أعرف بأن كل ليلة سعيدة قضيتُها سأقضي مقابلها كثيراً من ليالي الألم..
~~×××~~
كنتُ في طريقي للمكتبة لشراء بعض أدوات الرسم التي أحتاجها ، و أنت كنت هناك بالقرب منها تعزف على آلتك الموسيقية ، إقتربتُ منك و قلت لك : أهلاً ، لماذا تجلس دائماً على الأرصفة ، ألا تملك منزلاً ، هل أنت مشرد ؟!
ضحِكْت بصوتٍ خافت و قلت : بلى و لكنني أُحب العزف على الطُرقات كما ان الجو رائع أيتها الرسامة . ضحِكتُ لك و قلت : أنا لستُ رسامة مجرد هاوية .. و بسرعة قبل أن ترُد علي أكملت طريقي للمكتبة لأنني لم أعتد أن أتبادل الأحاديث مع الغرباء.
~~×××~~
لماذا أصَّرت الشوارع أن تجمعنا ، لماذا أصَّرت الأقدار أن نلتقي صدفة كلما ذهبت لمكانٍ ما ، لماذا أراك دائماً !! دخولي لحياتك لن يغيرها أو يكملها و لن يغيرك للأفضل ! لن يحدُث أي شيء إذا دخلتُ حياتك ، فلماذا كانت تصر الحياة أن أطرق بابك و أدخْله ؟!
~~×××~~