الفصل الثالث والعشرون

الفصل طويل☺️
—————

١٣- أكتوبر - ٢٠٢٥، الاثنين

اليوم هو يوم ميلاد جيمين، وإن كانت إيلر متوترةً قبل يومين فهي الآن على شفير الوقوع بحفرة القلق والكدر، لكنها تظاهرت بأنها بخير وبأنها لا تتذكر أن اليوم هو يوم ميلاد جيمين على الإطلاق.

خطتها تقتضي على أن تنتظر عودة جيمين من الحضانة كي تقترح أن يذهبا لمقهى جنية الملاك وبعدها يتنزها في الأرجاء، وعندما يحين وقت خروج جيسونغ من الحضانة يذهبان لأخذه معهما لتناول الغداء بأحد المطاعم قبل أن يعود الثلاثة للبيت ويخرجوا معًا مجددًا إلى غابة الحب بعد أن ينتهي تايهيونغ وجونغكوك من تجهيزها دون أن يعلم جيمين أن المفاجأة ستكون هناك.

كان جيمين يشعر ببعضٍ من الخيبة لأن إيلر لم تتذكر يوم ميلاده، لكنه حاول إخفاء هذه الخيبة عنها؛ فهي ما تزال فاقدةً لذاكرتها في نهاية الأمر، وهو لم يخبرها أن اليوم يصادف يوم ميلاده. حاولت إيلر أن تتظاهر بأنها لم تلحظ ملامح جيمين الخائبة طوال الصباح، ونجت بأعجوبةً من فضح خطتها كلها عندما خرج جيمين ليأخذ جيسونغ إلى الحضانة، وهي الآن تنتظره لتنفذ خطتها.

«يا إلهي، سيكون التظاهر بعدم معرفة أي شيء أصعب مما توقعت.» ظلت تحوم حول الشقة تعيد الخطة بعقلها المرةَ تلو الأخرى كي تتأكد من كونها لم تنسَ شيئًا، وكي تتأكد مما إذا كانت تريد أن تجري بعض التغييرات بآخر لحظة أم لا.

«جيمين، ما رأيك أن نذهب للمقهى مجددًا؟» رددت دون أن تجلس بمكان واحد مستمرة بالدوران حول الشقة كالنحلة «هل يمكننا الذهاب للمقهى؟» هزت رأسها محاولةً التفكير بجملة أفضل «جيمين فلنذهب لمقهى جنية الملاك- لا لا لا.»

ألقت بنفسها على الكرسي أخيرًا، متعبةً من التفكير الزائد بجملةٍ واحدة ستُنسى بعد بضعة دقائق «كم آمل ألّا أُفسد هذا.»

رفعت هاتفها تنظر للساعة ثم اعتدلت بجلستها تنتظر جيمين حتى سمعت صوت الباب يُفتح أخيرًا «هيا إيلر تستطيعين فعل هذا!» همست لنفسها مشجعة ثم نهضت من مكانها وذهبت للباب سريعًا مبتسمة ابتسامةً هادئة عكس حقيقة ما تشعر به من توتر «مرحبًا مقهى!» يا إلهي إيلر ما الذي تفعلينه؟

ابتلعت ريقها عندما نظر جيمين لها نظرة مستفهمة «مرحبًا... مقهى؟»

ضحكت ضحكة متوترة ثم تحمحمت بإحراج «كنتُ متحمسةً لإخبارك بأنني أود الذهاب للمقهى اليوم... هل يمكننا ذلك؟»

«لا أرى سببًا لعدم ذهابنا.» أومأ جيمين رأسه ضاحكًا «متى تريدين الذهاب؟»

«هل يمكننا الذهاب الآن؟ إلا إن كنت مشغولًا بالطبع!» شتمت إيلر نفسها داخليًا، فهي تعلم أنه ليس مشغولًا على الإطلاق.

«لستُ مشغولًا.» فورَ أن قال جيمين ذلك حتى أسرعت إيلر بدفعه للخارج ثانيةً.

«اذهب وانتظرني بالسيارة إذًا، سأرتدي معطفي وآتي.» تنهد جيمين بعد سماعه لصوت إغلاق الباب بقوة وخرج من المبنى يركل الحصيات حتى وصل لسيارته وجلس بها.

كان يتمنى لو أن إيلر تذكرت يوم ميلاده، أو أن تايهيونغ أو جونغكوك قد أخبراها بأنه يصادف اليوم على الأقل. لقد أراد أن يفعل شيئًا بمناسبته معها اليوم، أي شيء! حتى لو كان شراء كوب عصير أو مشاهدة فيلم ما بعد أن ينام جيسونغ، لكن ربما لا.

«فلننطلق!» قالت إيلر فور فتحها لباب السيارة مخرجةً جيمين من أفكاره.

«هل أردتِ الذهاب للمقهى لسببٍ معين؟» ربما أخبرها تايهيونغ وجونغكوك بأن يوم ميلاده اليوم وأرادت الذهاب للمقهى للاحتفال به هناك لأنه مكان لقائهما الأول؟

«تقريبًا لا...» فكرت إيلر بإجابة بأقل من ثانية «أحب الذهاب له ليس إلا، إنه مريح.»

أومأ جيمين وزمّ شفتيه مطبقًا فمه طوال الطريق، غير عالمٍ بأن ما يفعله يكاد يدفع إيلر لإخباره بكل شيء خططته مضيعةً كل جهود تايهيونغ وجونغكوك في التجهيز.

رن جرس باب المقهى معلنًا وصول الزبونين، وأسرعت إيلر بطلب كوب الموكا الذي تريده بينما فضل جيمين شرب كوب من العصير.

«هل هناك شيء يزعجك؟» سألت إيلر بعد أن جلسا بمكانهما المعتاد، كان من الواضح أن جيمين منزعجٌ من شيء ما، لكنها لم تكن متأكدةً إن كان ذلك لأنه يظنها لم تتذكر يوم ميلاده أم لا.

نفى جيمين برأسه بالوقت ذاته الذي أتى به النادل ووضع مشروبيهما على الطاولة، لكنه تحدث بعدها ببرهة مبتسمًا «إن اليوم يوم ميلادي.»

شهقت إيلر «لمَ لمْ تخبرني بذلك قبلًا؟ لكنتُ ابتعت لك هديةً ما!» تظاهرت إيلر بأنها لم تعرف هذه المعلومة أبدًا، لكنها أيضًا لم تُرِد أن يشعر جيمين بالسوء لأنه قد ذكر ذلك الآن، فنهضت من مكانها سريعًا «انتظر لحظة.»

راقبها جيمين مستغربًا وهي تذهب للنادل خلف صندوق الصراف، وعادت بعدها وجلست أمامه مجددًا «ما الذي قلتِه للنادل؟»

ابتسمت إيلر لكنها لم ترد على سؤاله حتى عاد النادل بعد بضعة دقائق يحمل صحنًا توسطته كعكة دائرية حمراء قد اعتلتها كرة من مثلجات الفانيليا ناصعة البياض، وعندما وضع النادل الصحن أمام جيمين قرأ ما كُتب عليه «عيد ميلاد سعيدًا!»

ابتسم جيمين وحدّق بقطعة الكعك أمامه قبل أن ينفخ خديه ويتحدث «هل تعرفين ما هي قصة هذه الكعكة؟»

بالطبع تعرف إيلر قصة هذه الكعكة، إنها الكعكة التي خُبزتْ خصيصًا ليوم الحب قبل خمس سنوات، لكنها لاقت رواجًا هائلًا ولذلك وضعوها بالقائمة لتكون موجودة طوال الوقت «لا، ما هي قصتها؟»

«هذه الكعكة تدعى مخمَل الحب الأحمر، كانت خاصةً بيوم الحب فقط حتى سنة ألفين واثنين وعشرين حين اقترح الكثير من الزبائن أن تكون موجودة بالقائمة المعتادة، انظري» رفع جيمين الملعقة وقطع بها الكعكة من منتصفها لتراق الشوكولاة الدافئة منه، ثم رفع الملعقة مجددًا وقربها من إيلر «كنتِ مِن أوائل مَن جربوا هذه الكعكة.»

أوه كم كانت إيلر تتذكر طعم النكهات الثلاث التي راقت لها بذلك اليوم، وكم كانت تتذكر رؤيتها لفتاةٍ ظنتها تحاول التغزل بجيمين أيضًا «حسنًا كل كعكتك، لقد أُحضرت لأجلك.» ضحكت إيلر واستمرت باحتساء قهوتها.

«ما الذي تريدنا أن نفعله اليوم بما أنه يوم ميلادك؟» سألته فجأة.

رفع جيمين كتفيه دلالة عدم معرفته «لا أعلم، لم أفكر بأي شيء.»

همهمت إيلر تتظاهر بالتفكير ثم أدلت باقتراحها «ما رأيك أن نتنزه حتى يحين موعد مغادرة جيسونغ من الحضانة، ونذهب بعدها لتناول الطعام في ذلك المطعم الذي أخبرتني أنك أخذتني له بموعدنا الأول؟»

راقت الفكرة لجيمين «أوه! فكرةٌ رائعة كما هو معتاد منك.» ضحكت إيلر وتظاهرت بالخجل «سآخذكِ للحديقة التي ذهبنا لها عندما خرجنا سويةً لأول مرة!»

- بالمرة التي اكتشفت فيها أنك موتشي؟

- أجل بتلك المرة، لذا ساعديني على إنهاء هذه الكعكة كي نغادر بسرعة.

لم يكن إنهاء تلك الكعكة صعبًا، ولم يكن الطريق إلى ذلك البستان طويلًا أيضًا، وكالمرة السابقة فاح عبق الزهور وملأ رئتي إيلر فورما حطت قدماها بالمكان، غير أنها هذه المرة تعلم أن جيمين سيُخبرها بمعاني الزهور.

أول الزهور التي مرّا إلى جانبها كانت زهورًا متعددة الأشكال، فإحداها أطرافها وبداياتها صفراء بينما منتصفها محمر، وأخرى بتلاتها الداخلية بيضاء رفيعة وبتلاتها الخارجية حمراء مخملية، وثالثة متعددة الطبقات لكن بتلاتها تتشارك اللون الأصفر الزاهي ذاته «هذه تسمى زهور الداليا، وهي ترمز للكرامة والأناقة والوفاء.»

سارا قليلًا حتى لمحت إيلر زهرةً حمراء غريبة الشكل، تبدو وكأنها شريط لُف حول نفسه بطريقة ما «ما هذه الزهرة غريبة الشكل؟»

فكر جيمين قليلًا يحاول تذكر اسمها «أعتقد أنها تكون زهرة السيلوسيا.» همهم جيمين يتأمل شكلها «إن الحمراء منها كهذه تعني الشغف كعادة بقية الورود الحمراء، لكن البرتقالية تعني الإبداع، والصفراء تعني السلام.»

زهرة شوكولاة تباع الشمس تبدو كزهرة تباع شمس عاديةٍ لكنها ذات لونٍ أحمر داكن من الوسط وأحمر صارخ بنهايتها، وبحسب تعليق إيلر فإنها تبدو كزهرة تباع شمس نظرت للشمس لفترة طويلةٍ فاحترقت، هذه الزهرة تعني الإنجاز والمرونة. بينما زهرة الحوذان الوردية كثيرة الطبقات تعني الجاذبية والكاريزما الواضحة منذ العصر الفكتوري وحتى الآن.

سارا حول البستان يستمتعان بجمال الزهور وطيب عطرها حتى لاحظا أن الوقت قد حان ليخرج جيسونغ من الحضانة، فغادرا البستان مبتسمين وذهبا ليأخذا ابنهما ليتنزها معه حتى يحين وقت الغداء، وهذا ما فعلاه بالضبط. أخذا ابنهما لحديقة قريبة كي يتمشى كما يريد، ثم ذهبا للمطعم الإيطالي الذي لم يتغير قط خلال هذه السنوات الخمس.

كان جيمين مستمتعًا بكل ما يحدث، بالطبع كان يشعر كما لو أنه بدأ يواعد إيلر مرة ثانيةً وبكل مرةٍ يقول شيئًا تكون هي قد اكتشفت شيئًا تعرفه عنه سابقًا، لكن هذا لم يعنِ أبدًا أنه يكاد يطير فرحًا كونها إلى جانبه مجددًا، ولو اضطر لقَصِّ حياته كلها لها لما تردد إن كان ذلك يعني بأنها ستبقى إلى جانبه مجددًا.

لم يكن جيمين يعلم إن كان شاكرًا كون إيلر لم تمت بل كانت في غيبوبة فقط، أم أنه مستاءٌ لأنها عوملت معاملة غير إنسانية ولم يعلم أحد بذلك ليساعدها حتى وقت قصير مضى.

لكن عندما وصل الشابان لشقتهما أخيرًا مع ابنهما النائم، تذكر جيمين آخر مرةٍ توهم بها إيلر بالشقة، تلك المرة التي صار بعدها يستطيع النوم بغرفتهما مجددًا على الرغم من عدم وجودها بها، تلك المرة التي كانت قبل ما يقارب الشهرين والنصف تقريبًا. تذكر جيمين أيضًا الأحلام الغريبة التي كانت إيلر تطلب منه المساعدة بها، وللحظة فكر فيما لو أن تلك الأحلام كانت نداء استغاثة حقيقي من زوجته، لكن هذا لن يكون معقولًا، صحيح؟

لم يشعر جيمين إلا والليل قد حل مجددًا، وإيلر قد بدأت تجره نحو الخارج لأنه بدا مضطربًا فجأةً والهواء العليل قد يخفف من هذا الاضطراب. لم يعلم جيمين إلى أين كان يقود، بل كان يسلك الطريق الذي كانت تخبره إيلر به فحسب حتى وصلا لبوابةٍ كبيرة لغابة ما، وسريعًا ما تعرف جيمين على هذه الغابة.

ابتسم عندما سحبت إيلر يده لخارج السيارة بينما تحمل ابنهما جيسونغ على ذراعها، وراحا يسيران بين الأشجار تحت أشعة الشمس التي أمست تختفي شيئًا فشيئًا خلف الأفق، ملونةً السماء بتدرجاتٍ من الألوان الخلابة.

«جيمين أغمض عينيك للحظة.» قالت إيلر فجأةً ففعل جيمين ما طلبته منه، ثم أمسكت بيديه ووضعتهما على خاصرتها «تمسك بي بإحكام كي لا تقع، لكن لا تفتح عينيك أبدًا.»

بحلول المغيب عرف جيمين أن إيلر قد خططت سابقًا لإحضاره لهذه الغابة لسبب ما، لكنه لم يعلم إن كانت قد خططت لهذا اليوم بعدما عرفت أنه يوم ميلاده، أم أنها قد خططت لهذا منذ فترة وقررت إحضاره الآن لأنه يوم ميلاده، لكنه على أي حالٍ أبقى عينيه مغلقتين وسار بحذر خلفها كي لا يتعثر بالحجارة الصغيرة وأرض الغابة الوعرة.

«يمكنك أن تفتح عينيك الآن.» همست له وفتح عينيه ليقابله مشهدٌ ألجم لسانه وطرد كل الهواء من رئته.

«ما كل هذا؟» همس لها بغير تصديق ينظر لكل ما تحط عيناه عليه، بتلات من الورود تزين الأرض، وشموعٌ كهربائية تضيء المكان، وأنوار صغيرةٌ معلقةٌ على أغصان الأشجار التي تدلت منها العديد من الأزهار الصغيرة البيضاء مشكلة ستارًا يكاد يصل إلى الأرض من الأغصان.

التفت جيمين إلى إيلر مجددًا ولم يرَ جيسونغ معها، لكنها كانت مبتسمةً فعرف أن ابنه بأيدٍ أمينة وضحك «حسنًا أين اختفى نجمي الصغير؟»

ضحكت إيلر أيضًا لأنها كانت تعلم أن هذا سيكون أول سؤالٍ يطرحه فور أن يستدير «لا تقلق، إنه مع جونغكوك.»

عاود جيمين النظر للورود المعلقة فسألته إيلر «هل تعرف اسم هذه الورود؟»

«بالطبع أعرف.» همس لها «إنها ورود رقيب الشمس.»

ابتسمت إيلر «وهل تعرف ما تعنيه هذه الورود.»

«تعني التفاني والحب الأبدي...» أبعد خصلات شعره عن عينيه «إنها الورود ذاتها التي استخدمتها عندما طلبت منك الزواج مني هنا تحديدًا.»

استدار جيمين وعانقها دامع العينين «كيف حصل كل هذا؟»

«كنتُ أعلم أن اليوم هو يوم ميلادك، وكنت أتذكر ما كانت تبدو الغابة عليه عندما طلبت الزواج مني.» شعرت بدموع جيمين تبلل رقبتها «طلبت من تايهيونغ وجونغكوك مساعدتي في تجهيز المكان وإحضار الزهور لأنني لم أتذكر اسمها، وساعداني اليوم بما أنهما من ساعداك على ترتيب المكان قبل ثلاث سنواتٍ.»

عانقت إيلر خاصرته بذراع بينما بالأخرى مسحت على شعره «أنا آسفة لأنني لا أتذكر كل شيء بعد...» رفعت رأسه قليلًا لتنظر لعينيه الحمراوين وتمسح الدموع التي سالت على وجنتيه «لكنني لا أحتاج تذكر مشاعري التي لم تتغير تجاهك قط.»

اقتربت منه أكثر وبلحظة دمجت شفتيها بشفتيه لتتعانقا وهمست له «أنا أحبكَ كثيرًا جيمين.»

—————
اعتذر على التأخير
الوات ماكان راضي ينزل الجبتر لسبب ما🌚💔

الفصل طويل فممكن الفصل الجاي انزله نقققطة متأخر لان مخي يبي بريك😂
+هالفصل تعويض لي لان الفصل الي طاف كان خرطي، لكن ما دققته فيمكن تشوفون كلجة مني مناك بعدلهم بعدين☺️

المهم اخيرًا إيلر قالت له انها تحبه وه وه🥰🥰

تفضلوا اشكال الورود

زهور الداليا

زهرة السيلوسيا

زهرة شوكولاة تباع الشمس

زهور الحوذان

زهور رقيب الشمس

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top