الفصل الخامس
لا تنسوا التصويت والتعليق بين الفقرات💙✨
—————
السماءُ متشحةٌ بلون رمادي ينبئ بجوٍ كئيب يجلب الهم لقلب من لا هم له. كان يعلم بأنها ستمطر في هذا اليوم، وكانت هي على علمٍ بذلك أيضًا، لكن ذلك لم يمنعها من أن تركله لخارج المنزل حتى وهي ترى الغيوم متلبدةً في السماء.
كيف يمكن لبشرٍ أن يرمي صبيًا لم يتجاوز الثانية عشر من عمره في هذا الجو المخيف! لم يرف لتلك المرأة جفنٌ وهي تسحبه من كم معطفه الخفيف لخارج المنزل بعنف، ولم يرف لها جفن عندما سمعت بكاءه ونحيبه خوفًا من الموت بهذا الجو ومن أي غريبٍ قد يعبر ويختطفه.
ركض بملابسه التي لم تعد تقيه من البرد شيئًا، ليس وهي مغرقة بالمطر الذي هطل بغزارة من أوله.
ركض يقرع بابًا بابًا يتوسل لأحدهم بأن يُلجئه ليحتمي من هذه الأمطار، لكن الأبواب أُقفلت ولم تفتح بعدها، لا الآن، ولا بعد دقيقة، ولا بعد ساعة، ولا بعد يوم، حتى لو كان الطارق طفلًا صغيرًا يبحث عن مأوى من الأمطار بعد أن طُرد من منزله لطلبه حذاءً عوضًا عن حذائه الممزق الذي ظل يجوب الطرقات تحت الأمطار بدونه أيضًا، حتى احتمى أسفل مرآبٍ قديمٍ وأسلم أمره للنوم.
عندما استيقظ وتمنى رؤية قوس المطر، شحب وجهه لرؤيته الجو عاصفًا، الأمطار قد ازدادت غزارةً والشمس التي كان يُفترض أن تظهر معلنة صباح يوم جديد لم تظهر.
حاول النهوض لكن ساقيه لم تسعفاه في ذلك، هنا استسلم الولد الصغير، ألن تنهار لو كنتَ مكانه؟ ألن تتمنى العودة للبيت الذي انتهكت فيه طفولتك؟ ألن تتمنى لو تُنقذ على يد أي شخصٍ كان؟ حتى لو كان شخصًا سيئًا؟ في ذلك الوقت ستتمنى النجاة وستتشبث بأي خيط يُعطى لك من أجلها حتى لو كنت قد تمنيت الموت سابقًا، فالإنسان عندما يرمي نفسه في بركةٍ ستراه يصارع المياه لأجل أن يدفع نفسه خارجها ويتنفس براحة مرةً أخرى، وهذا ما فعله الصبي.
بدأ يركض، يصرخ، يبكي، يقع فينهض مجددًا، يصرخ مرة أخرى طالبًا النجدة، يقع مرة ثانية فيجرح ساقه، ومرة أخرى فيعرج بسببها، ورابعةً على وجهه فينهض لا يستطيع الرؤية جيدًا.
كان ينهض مكافحًا فيسقط مذلولًا بلا أي اعتبار لمحاولاته البائسة في النجاة، هذا حتى وقع مرةً أخرى وهو يشعر أنه جسد تائه بلا روح، فهل سيحصل على منقذٍ له عندما يستيقظ؟ هل سيحصل على دفء بيته المهترئ الخاوي؟ أم سيحصل على الدفء من بيتٍ أشفق أصحابه على حاله فأدخلوه ليعتنوا به حتى يستطيع السير ويذهب في حال سبيله؟ أم سيشعر جسده برطوبة التربة من حوله وسيكون هو جثة هامدةً قد يُكتب عنها في الصحف وقد لا يعلم عنه أحد فيأتي كلبٌ ضارٌ وينهش ما تبقى من لحم على عظامه الهشة؟
لم تلمح عيناه البائستان جسدًا يتجه نحوه قبل أن يخر على الأرض كما في الأفلام. لم يرَ نورًا، لم يسمع أحدًا يناديه ويطلب منه ألّا يغلق عينيه ويستسلم، ولم يشعر بدفئ جسد أحدٍ يحمله لينقله على عجل لبر الأمان. لم يشعر إلا ببرودة إسفلت الشارع، وبرأسه يرتطم بقارعة الطريق.
كان يهمس شيئًا في ذلك الوقت، عندما ارتطم رأسه وسالت الدماء منه مختلطةً بقطرات المطر، لم يكن أي كائن قريبًا منه في حينها ليعرف ما قاله، وحتى لو سمعه أحدٌ ما، لم يكن ليعرف أبدًا سبب مناداته لذلك الشخص «جيون...»
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top