أزهار
﷽
نزيف كتفه أبى التوقف عن الإنهمار، وصوت طلقات النار من كل مكان تفزعه أكثر فأكثر، إنحنيتُ مطمئناً إياه أن لن يمسه أحد، ولكنهم قد مسّوه بالفعل.
يبكي بحرقة على ذكرياتٍ تتناهى لعقله دون توقف، والموت أمام عينيه يراه، «لا أريد الموت» قالها وزمرديتاه تحدقان بي طالبةً النجدة، ما عساي أفعل له ونفسي لم تتزحزح من مكانها حتى؟
مُخدَّرةً هي قد كانت والجميع هنا وهناك يتحركون بخوف، عداي فقد خانتني نفسي وخنتها حينما أصبتُ فلم أعالجها وقتها.
ها أنا أحثّ الخُطى والطريق أمامي موحش، ملأته تفرعات الأشجار وظلام الليل الذي حلّ.
«تعال من هنا»
طفلٌ قالها لي مختبئا كان وراء إحدى الخيم، أنّى لأحدٍ ألا يراهُ وقد كان واضحاً؟
لكنني تبعته، ولم ينتبه لي أحد.
صوت الطائرات فوقنا يكاد يصم الآذان، مدركٌ أنني في حلمٍ لكن رأسي تطن وجلةً مما أسمع، تلك الطلقات النارية تنزل بلا توقف كأنها مطرٌ في فصل الصيف، تقسم جسم الضحايا أنصافا وفتاتاً مثل قلعةٍ رملية هدمتها إحدى مظلات الناس.
صراخ من حولي وقد كانوا عازمين على صعود الجبل مفزعٌ، دَمّرَ مُناهُم أن وافتهم المنية قبل الصعود، خائف أن أكون كحالهم أنا، وعيناي افترتا عن دموعٍ حبستها سنيناً طوالاً، أنّى لي حبسُها أكثر؟
لكننا بعد زمن توقفنا، وقد اختفى ذلك الضجيج، عندما وصلنا قمة الجبل.
إنّي لأرى بستانا فُرشت أرضه بأزهار ملونةٍ غطت مساحات شاسعة الأطراف، كأنه لم يسمع يوماً عن الحرب قبلاً، كأنني في أرضه طليقٌ.
وضحكات أطفالٍ آخرين تملؤه من كل جهة وركن، يلعبون على تلك الأزهار وينامون، كأنه سريرٌ كبير يسعُ كل ضحكاتهم تلك.
تمنيتُ البقاء، لكنني سمعت
_قُم ولا تفسد الأزهار، فليستْ تتحملُ وزنك الثقيل عليها يا جدي.
................
يتبع...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top