الفصل السادس: قرار صعب (part 2)
كانت تنظر إلى هاتفها بينما كادت تنفجر باكية...
قامت من مكانها، ثم وسارت إلى حقيبتها وأخرجت ذلك (الفلاش ميموري)..
أخذت تنظر إليه، وقد اعتلت وجهها نظرة خوف وقلق...
قالت في نفسها:حتى بعد مرور كل هذا الوقت لم أجرؤ على وضعه أبداً...ثم فكرت في كلامه قليلا لتهمس برجاء:ذلك كذب صحيح..تاكي تشان؟!
عندها دخلت كايا إلى الغرفة فجأة فأخفت ناتسومي (الفلاش ميموري) بسرعة خلف ظهرها ونظرت إليها بتوتر...
نظرت إليها كايا بريبة، لكنها قالت ببطء:لقد أتت خالتي..إنها تريد التحدث معنا في أمر ما.
ردت ناتسومي بارتباك:آه حسناً...أنا قادمة..
ثم أخفت (الفلاش ميموري) في جيب بنطالها وسارت برفقة كايا إلى غرفة المعيشة، حيث تجلس زوجة عمهما هناك...
كانت تقبض على رسغ يدها اليسرى بيمناها في توتر ملحوظ، بينما تنظر إلى الارض في اضطراب..
نظرت إليها كايا بشك وهتفت في نفسها بيقين: إنها تخفي شيئاً ما بالتأكيد!
دخلت كل من ناتسومي وكايا إلى المعيشة، فوجدتاها جالسة هناك على أحد تلك الأرائك الجلدية البنية، تعلو وجهها نظرة هادئة..
سارت ناتسومي إليها لتسلم عليها بينما تحاول إخفاء قلقها عنها، بتلك الابتسامة المصطنعة التي حاولت جعلها تبدو طبيعية قدر الإمكان..
بعد أن جلست كل من ناتسومي وكايا على الأريكة التي أمامها، استطردت الخالة ميناكو بقولها:حسناً، لقد طرحت الموضوع عليكما قبل مدة والآن سأخبركما بهذا مجدداً...
عندما مات والديكما في ذلك الحادث المؤسف قبل سنوات، وافقت على بقائكما وحدكما هنا في هذا المنزل لأن جدتكما كانت تعيش معكما. وبعد أن ماتت الجدة قبل سنة، سمحت لكما بالبقاء وحدكما رغم أنني كنت معارضة جداً على هذا، لأنكما لم تريدا أن تفترقا على صديقتكما أيامي..
ثم أردفت بأسف:لا نعلم حقاً متى ستعود أيامي مرة أخرى لذا...أريد منكما أن تأتيتا للعيش في منزلي. سأهتم بإجراءات نقلكما إلى ثانوية هينا..
عندها هتفت ناتسومي باعتراض:لكن خالتي...عندما تعود أيامي...
فقاطعتها الخالة لما قالت بحزم: عندما تعود أيامي سنفكر في الأمر! أما الآن فيجب أن تبقيا معنا. لقد جهزت غرفة خاصة بكما بالفعل...أريدكما أن تأتيا الليلة للبقاء معنا، وغداً سنقوم بنقل أشيائكما إلى المنزل...
سكتت قليلا لتقول برجاء وبنبرة حانية:أرجوكما...إنني قلقة حقا عليكما، ولا أريد ترككما وحدكما هنا في مكان بعيد كهذا...لقد اختطفت أيامي التي تعيش بالقرب منكما من قبل عصابة خطيرة، لايمكنني أن أرتاح أبداً بعد أن علمت بهذا!
عندها قالت كايا باستسلام:حسناً خالتي كما تريدين...في الواقع لقد كانت أيامي هي السبب الوحيد لرفضنا الانتقال من هنا لكن بما أن ذلك قد حدث...أعتقد أنه من الأفضل لنا الانتقال.
ثم نظرت إلى ناتسومي وسألتها بقلق: أليس كذلك..ناتسومي؟
كانت ناتسومي تنظر إلى الأرض في صمت غريب. لكنها رفعت بصرها لتنظر إلى الخالة ميناكو فجأة وتقول بثقة: أجل... سنذهب معك خالتي!
.
.
.
عندما دخلت كل من ناتسومي وكايا المنزل، أسرعت إليهما هينا لتحضنهما معاً وتقول بسعادة:أخيراً ستعيشان معنا!
ابتسمت كايا وقالت بهدوء:أجل، أرجو أن تعتني بنا من الآن فصاعداً!
ردت هينا بمرح: أنتما أيضاً...فلتعتنيا بي!
رافقتهما هينا إلى الغرفة التي أعدتها الخالة لهما..كانت غرفة واسعة ومريحة بأثاث أنثوي جميل وفخم..
سريرين أبيضين كبيرين كانا على جانبي الغرفة، وكذا كان باقي الأثاث بالخشب الأبيض الهادئ.
أحبت كل من ناتسومي وكايا الغرفة كثيراً...وضعت كايا حقيبتها على الأرض ثم ألقت جسدها على أحد السريرين وقالت بسعادة :ياه...إنه مريح جداً!
ابتسمت ناتسومي وقالت وهي تنظر إلى هينا الواقفة إلى جانبها:شكرا لكم حقاً...لقد كنت قلقة جداً من البقاء وحيدتين في المنزل منذ اختفاء أيامي، أما الآن فأشعر براحة كبيرة لقدومنا هنا..
عندها قالت هينا بتهكم وقد بدت منزعجة من كلامها:إنه ليس شيئاً تشكرينني عليه! إنني سعيدة جداً لانكما ستبقيان معي، بل وستذهبان معي إلى المدرسة نفسها!
جلست كايا على حافة السرير وقالت وهي تنظر إليها مبتسمة: أنا واثقة من أننا سنحظى بوقت رائع معاً!
بعد أن ساد الصمت بينهن للحظات، سألتها ناتسومي بشيء من التردد:لكن..أين تاكيرو؟
أجابت هينا بلامبالاة:هممم...لقد خرج أخي هذا الصباح ولم يعد حتى الآن. أظن أنه سيعود في المساء على الأغلب. لقد أخبرته أمي هذا الصباح أنكما ستأتيان للعيش معنا، وقد كان سعيداً جداً لسماع ذلك!
ثم سكتت لبعض الوقت وقالت بابتسامة هادئة: حسناً... سأذهب لأساعد أمي في إعداد الغذاء.
عندها قامت كايا من مكانها وقالت بسرعة:سآتي معك أنا أيضاً...ثم نظرت إلى ناتسومي وسألتها بهدوء: ماذا عنك؟
أجابت ناتسومي وهي تشد طرف ملابسها:إن ملابسي ثقيلة جداً والجو دافئ هنا، سأبدل ملابسي أولا ثم سألحق بكما!
كايا:هممم...حسناً، لكن لا ترتدي ملابس خفيفة،لقد سمعت في نشرة الطقس أنه قد تحدث عاصفة ثلجية الليلة!
ردت ناتسومي بخفوت:حسناً...
ما إن غادرت كل من كايا وهينا الغرفة ونزلتا إلى الطابق الأرضي حيث المطبخ،حتى سارت ناتسومي خلفهما ببطء. ولما تأكدت من أنهما قد دخلتا إلى المطبخ بالفعل، ركضت على أطراف أصابعها متجهة إلى غرفة تاكيرو...
حاولت فتح الباب لكنه كان مغلقاً، فادارت المفتاح المثبت على القفل بهدوء. ثم دخلت الغرفة واغلقت الباب وراءها ببطء شديد...
سارت بحذر نحو الحاسوب الذي كان على مكتب تاكيرو حتى وقفت أمامه..
القت نظرة حولها في أرجاء تلك الغرفة المرتبة بعناية.
كان جسدها يرجف بقوة، وقد شعرت وقتها أن صوت ضربات قلبها المضطرب كان مسموعاً...
ضغطت على زر فتح الحاسوب بيديها المرتعشتين، فلما تأكدت أنه قد فتح، وضعت (الفلاش ميموري) في المجال الخاص به في وحدة التحكم بالحاسوب...
انتظرت لثوان حتى ظهرت أمامها نافذة كتب فيها(جاري التحميل) وقد كان هناك شريط أسفل النافذة كان يتحمل ببطء...
كانت نبضاتها تزداد قوة شيئاً فشيئاً مع كل ثانية تمر..وأنفاسها المضطربة وحدها ما كانت تسمع في تلك الغرفة الهادئة والمظلمة..
لما انتهى التحميل بعد دقائق، ظهرت أمامها نافذة أخرى تقول(انتهى التحميل) وأسفل تلك النافذة الخيار(موافق)
فأخذت الفأرة الموضوعة على المكتب وضغطت على ذلك الخيار.
عندها اختفت تلك النافذة. هكذا فقط ببساطة!
عندها جثت ناتسومي على ركبتيها وقد ضمت يديها إلى صدرها بينما أخذت تردد في ذعر: إنه كذب بالتأكيد..إنه كذب بالتأكيد!!
وضعت يدها على صدرها، لتتشبث بملابسها بينما تتحسس نبضات قلبها العنيفة ثم همست بأمل: الآن سأثبت لذلك الحقير أن تاكيرو بريء!!
بعد أن بقيت هكذا لبعض الوقت، قامت من مكانها فجأة لتأخذ (الفلاش ميموري) بسرعة، وتغلق الحاسوب. ثم غادرت الغرفة راكضة وقد أغلقت الباب وراءها.
.
.
.
.
كان جالساً وحده على تلك الطاولة الدائرية الصغيرة، بينما ينظر إلى المارة عبر زجاج ذلك المقهى في صمت مطبق، مسنداً مرفقه على الطاولة، وقد وضع كفه على خده في ضجر..
بعد عدة دقائق، وقف بالقرب منه رجل كان يرتدي معطفاً بنياً طويلا وبنطالا أسود اللون...
بدا متوتراً نوعاً ما، لكنه جلس على الكرسي المقابل لكرسيه وقال ببطء:مرحباً...
نظر إليه تاكيرو للحظات، ثم ابتسم وقال:مرحباً سيد جوزيف، لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة التقينا فيها...
أجاب جوزيف بخفوت:أجل...
عندها سأله تاكيرو باهتمام:كيف حال جون؟ لقد افتقدته كثيرا
رد جوزيف بابتسامة:إنه بخير...لقد أخبرني أنه يفتقدك أيضاً، يجب أن تلتقي به..
ابتسم تاكيرو وقال بهدوء:هممم، سوف أدعوه لمدينة الألعاب يوماً ما..
جوزيف:سيكون سعيداً جداً بذلك..ثم سكت قليلا وسأله بجدية:هل أحضرت ذلك الغرض؟
رد تاكيرو بهدوء:أجل، أرجو أن ترسلها عبر البريد المستعجل..
فعلق جوزيف بتفكير:هممم يبدو أنك مستعجل هذه المرة.
أرخى تاكيرو جسده على الكرسي بملل، ثم قال بلامبالاة:علي أن أكمل هذا البحث بسرعة...لا أحب تأجيل الأشياء.
ثم وضع قرصاً أمامه وقال ببرود:لا تتأخر في إرساله، هل فهمت؟
رد جوزيف بهدوء:حسناً، كما تريد.
لما غادر تاكيرو المقهى، كان الثلج يهطل بهدوء في الخارج. نظر إلى السماء ثم ابتسم بسخرية وقال في نفسه:إذا...جون يفتقدني أيضاً هاه؟
سار بهدوء في تلك الطرقات المزدحمة بالمارة، وقد كان ينظر أمامه دون أن يبدي أي تعبير...
.
.
.
وسط ذلك الزحام الشديد، والبرد القارص. كان ذلك الرجل الذي ارتدى معطفاً أسوداً قصيراً وقبعة صوفية سوداء. يسير خلفه بحذر بينما ينظر إليه بين الفينة والأخرى...
اختبأ خلف أحد المارة حتى لا يراه، ليقول بصوت منخفض عبر جهاز إرسال مثبت على أذنه:الهدف يبدو طبيعياً،إنه يسير في الشارع الرئيسي ولم يبد عليه أي شيء مثير للريبة!
كان تاكيرو يسير بصمت دون أن يلتفت إلى أي مكان...لكنه توقف فجأة بجانب متجر كان يبيع أجهزة إلكترونية، وقد عُرض في واجهة المحل عدد كبير من الشاشات المسطحة، والتي كانت جميعها تعرض في نشرة الأخبار عبر القناة الرسمية للدولة..
قرأ ذلك الخبر العاجل الذي ظهر أسفل الشاشة( المرصد الجوي: على المواطنين البقاء اليوم في منازلهم وألا يخرجوا إلا للضرورة، ستحدث عاصفة ثلجية قوية جداً قد تتسبب في غلق الطرقات وتوقف القطارات عن العمل..وستنخفض درجات الحرارة إلى -3 °c كما أنه....)
لم يهتم بقراءة بقية الخبر، تلك المعلومة فقط كانت كافية لجعله يبتسم بخبث ويقول في نفسه:ذلك بالضبط ما أريده! يبدو أنني محظوظ الليلة!
تابع سيره من جديد، وقد أخرج قفازين أسودين جلديين من جيب حقيبة الحاسوب السوادء التي كان يحملها على كتفه، ثم قام بارتدائهما..
وبينما كان يسير، مر من جانبة رجل كان يرتدي معطفاً سميكاً أسود اللون بجيوب جانبية واسعة.
وبحركة خاطفة، دس تاكيرو يده في جيب ذلك الرجل، وسحب من جيبه هاتفه المحمول الذي كان طرازه قديماً بأزرار كثيرة، ليضعه بسرعة في جيبه دون أن يلاحظة أي أحد...
كان يسير بصورة طبيعية، بينما كان ما يزال ممسكاً بذلك الهاتف في جيب معطفه الرمادي السميك...
ضغط على أزرار ذلك الهاتف بسرعة دون أن يخرجه من جيبه، في حين استمر في السير دون أن يبدو عليه أي شيء.
وبعد وقت قصير مرّت بجانبه فتاة بدت في المرحلة الثانوية، وقد كانت ترتدي معطفاً أبيضاً طويلا وتنورة قصيرة سوداء..
كانت تضع سماعات بيضاء في أذنها وتدندن بخفوت، بينما تسير باهمال دون أن تلتفت إلى أي شيء حولها...
هبت نسمة هادئة، حركت معها قطع الثلج الصغيرة لتلامس وجهها وساقيها العاريتين.
شعرت بالبرد يلسع أطرافها، فدست يديها في جيبها. عندها أحست بوجود شيء ما، فلما أخرجته وجدت أنه هاتف صغير أسود اللون كان من الطراز القديم...
أخذت تقلب في ذلك الهاتف في استغراب، ثم نظرت حولها وقد بدت متوترة وحائرة..
.
.
.
سار بضع خطوات ثم رفع معصمه ونظر إلى ساعة اليد التي كان يرتديها، لتعلو وجهه فجأة ابتسامة منتصرة وهمس بخبث:لقد حان الوقت الآن..دعنا نبدأ اللعبة، عزيزي المتحري!
انعطف يميناً ليدخل إلى أحد الأزقة الضيقة وسار لوقت طويل حتى وجد نفسه في شارع آخر كان أقل ازدحاماً...
توقف بجانب إشارة المرور، ليقطع الشارع ما إن تحول ضوء الإشارة إلى الأحمر،لتتوقف تلك السيارات الكثيرة عن عبور الشارع...
سار لبعض الوقت...وهمس قائلا:اثنان في الخلف، واثنان في الأمام، وواحد في أعلى البناية...همممم خمسة إذاً..
ثم ابتسم بسخرية وقال:ذلك مناسب تماماً!
توقف فجأة بجانب مخبز كان يبيع الحلويات، وأخذ ينظر إلى الحلويات الكثيرة المعروضة في واجهة المخبز، وقد بدت شهية جداً..
وبعد دقائق توقف إلى جانبه مجموعة من خمسة أولاد في عمر العاشرة تقريباً، كانوا يحملون على ظهورهم حقائب مدرسية في حين ارتدوا ملابس عادية..
هتف أحدهم بدهشة فجأة بينما يشير إليه:تاكيرو ني!
فنظر إليه تاكيرو وقد بدت عليه علامات الدهشة، ليهتف قائلا هو الآخر:أوه راي! يالها من مصادفة، ما الذي تفعله هنا؟!
اقترب منه ذلك الطفل، ثم تمسك بملابسه ليقول بسعادة: آه...لم أرك منذ وقت طويل! لقد أتيت في الأمس إلى منزلكم لكنني التقيت بهينا فقط. أخبرتني أنك كنت نائماً وقتها. لقد قررت أنا وأصدقائي أن نزور محل رانفيير للحلويات، إنه مشهور جداً!
تاكيرو:هممم..هكذا إذا، أنا أيضاً أتيت إلى هنا لشراء بعض الحلويات لخالتي فقد نصحني به صديق ما...لم أتصور أنه مشهور لهذه الدرجة!
كان بقية الأولاد ينظرون نحوه في ذهول...اقترب منه أحدهم وقال بدهشة:أنت تاكيرو كيريساكي حقا! إن راي لم يكن يكذب عندما قال أنك جاره!
عندها زم راي شفيته وهتف باستياء:لقد أخبرتكم ألف مرة أنني لا أكذب! إنني أعرف تاكيرو ني جيداً!!
اقترب منه طفل آخر وقال وهو ينظر إليه باعجاب:ذلك مذهل حقاً! لقد رأيتك في التلفاز مرات كثيرة لكنني لم أتصور أنني سأراك في الواقع أبداً! إن أختي من أشد المعجبات بك، بل إنها مهووسة بك حقاً فهي تعلق صورك في غرفتها...فبالإضافة لكونك عبقري جداً، أنت وسيم أيضاً!
وضع تاكيرو يده خلف رأسه وقال وهو يضحك باحراج:ما الذي تقوله؟! الأمر محرج حقاً عندما أسمع هذا من الآخرين!
في تلك اللحظة اقتربوا منه جميعهم مكونين حلقة حوله، بينما يسألونه الكثير من الأسئلة وقد أخذ يجيبهم ويتحدث معهم بمرح...
بعد أن تحدثوا لوقت طويل، قال تاكيرو بابتسامة: حسناً... فلندخل الآن، يمكنكم شراء ما يحلو لكم على حسابي!
فرح الأطفال كثيراً لسماع ذلك وأخذوا يشكرونه بحماس، ثم دخلوا راكضين إلى المخبز واشتروا الكثير من الحلويات المختلفة، وقد اشترى تاكيرو البعض أيضاً...
بعد أن خرج الأطفال من المخبز برفقته، قال أحدهم وهو ينظر إليه بسعادة:شكراً لك حقاً سيد كيريساكي!
ابتسم تاكيرو بود وقال بهدوء:لا حاجة لشكري، إنه ليس بالأمر الكبير..
ثم اقترب منهم أكثر وثنى ركبتيه أمامهم حتى أصبح في مستوى بصرهم ليقول بابتسامة:حسناً...هل يمكنني أن أطلب منكم أن تقوموا بمهمة ما من أجلي؟
نظر إليه الأولاد بحيرة، لكنهم هتفوا فجأة بصوت واحد: بالطبع!
عندها وزع تاكيرو على أربعة منهم شيئاً ما وأخذ يملي عليهم ما يفعلونه به..فهتفوا قائلين بحماس:علم!!
اقترب منه الخامس وسأله بحزن:ماذا عني؟ ألن تخبرني بما أفعله؟
وضع تاكيرو يده على كتفه وقال بابتسامة هادئة:اسمك مايكل صحيح؟ إنني أريدك في شيء آخر..
ركض الأربعة بعيداً عنه كل في وجهة مختلفة، وما أن ابتعدوا عنه حتى قال ذلك الرجل عبر جهاز الارسال المثبت في أذنه: لقد أعطى لكل طفل شيئاً ما، ثم ركضوا في أماكن مختلفة!
عندها صاح بانفعال قائلا:ما الذي تنتظرونه أيها الحمقى؟! الحقوا بالأطفال وافحصوا ما أعطاه لهم ذلك اللعين! إنه يخطط لشيء ما بالتأكيد!
سأله أحد الرجال بتردد:لكن سيدي..ماذا عنه؟
أجاب بنفاذ صبر:سيبقى ادغار لمراقبته من أعلى البناية! والآن اذهبوا حالا أيها الأوغاد!!
أخذ ينظر حوله لبعض الوقت ثم ابتسم بخبث وقال:كما توقعت، سيبقى الذي في البناية فقط!
عندها سأله ذلك الطفل مايكل بتردد:امممم، لقد قلت أنك تحتاجني في شيء آخر..هل يمكنني سؤالك ما هو؟
ابتسم تاكيرو بإشراق ثم قال بهدوء:لقد قلت لي أن شقيقتك معجبة بي صحيح؟
رد مايكل بحيرة:آه..أجل..
فرك تاكيرو يديه ببعضهما في توتر ثم قال بخجل:في الواقع.. إنني أعرف أختك، لقد رأيتها مرة وقد أحببتها حقا...
لا أعرف اسمها ولا أي شيء عنها، لكنني مع هذا لم استطع التوقف عن التفكير بها...والآن بعد أن أخبرتني أنها معجبة بي، لم يعد بإمكاني التراجع!
عندها اكتست الحمرة وجه مايكل ليقول مكذباً:أحقاً ما تقول؟ أنت...قد أحببت تلك الغبية؟!
ابتسم تاكيرو في خجل وقال بقلة حيلة:ما العمل؟ هذه الامور تحدث فجأة ولا يمكن للإنسان التحكم بها!
هتف مايكل بحماس:واو ذلك رائع! هذا يعني أنك ستصبح أخي في القانون!!
ابتسم تاكيرو بغرابة وقال ببطء:أجل..آمل ذلك...
ثم سكت قليلا واستطرد بنبرة قلقة: لكن...هل تعتقد أنها ستقبل بي إذا ما اعترفت لها فجأة رغم أنني لا أعرف عنها اي شيء؟
عندها قال مايكل بسرعة وبنبرة واثقة:ما الذي تقوله؟! ستوافق بالتأكيد! بدلا من ذلك أظن أنها سيُغمى عليها من السعادة!
ابتسم تاكيرو بمجاملة ثم قال بهدوء وهو يمد يده نحوه:هل يمكنك أن تعطيني هاتفك حتى اتصل بها؟
تفاجأ مايكل كثيراً وقال بذهول:كيف عرفت أنني أملك هاتفاً؟ إنني أخفي الامر حتى على أصدقائي!
نظر تاكيرو إلى حقيبته وقال:ذلك بسبب تلك الوصلة التي تضعها في جيب الحقيبة الداخلي. استطعت رؤيتها قبل قليل عندما أخرجت دفترك من الحقيبة حتى تأخذ قائمة الحلويات التي كتبتها لك والدتك...إنها وصلة خاصة بشحن الهواتف الذكية فقط...
أخرج مايكل الهاتف وقال وهو يعطيه له:أنت شديد الملاحظة حقاً...لقد كنت أحاول إخفاءها جيداً، ولم أتصور أن أحداً سيكون قادراً على رؤيتها!
أخذ تاكيرو الهاتف دون ان يعلق على كلامه، ثم سأله ببرود:ما هو اسم شقيقتك؟
رد مايكل بتردد:إيميلي...إيميلي بيسكارد! لكنها مسجلة باسم (الغبية) في جهات الاتصال...
عندها قال تاكيرو بنبرة بدت أشبه بالعتاب:عليك أن تحترم أختك أكثر مايكل...
رد مايكل بسرعة غير مصدق لما يحدث أمامه:بالتأكيد سأفعل...أعني، إنها مذهلة حقاً لكونها قادرة على جعل شخص مثلك يقع في حبها!!
ابتسم تاكيرو ببرود ثم وضع الهاتف على أذنه وبعد أن انتظر لبعض الوقت سمع صوتها تقول عبر الهاتف:مرحباً...
أجاب تاكيرو بهدوء:مرحباً..إيميلي بيسكارد صحيح؟
نظر مايكل إليه وظل يستمع إلى محادثته تلك، حيث كان يسمع كلام تاكيرو فقط....
قال بعد أن صمت لبعض الوقت: حسناً...قد يكون هذا مفاجئاً لكن....معك كيريساكي تاكيرو...
_لا أريد أن أطيل حديثنا على الهاتف طويلا..فأنا متلهف حقاً لرؤيتك، ولا وقت لدي للانتظار...
_إنني مستعد لفعل أي شيء لأجلك، حتى لو عنى هذا أن آتي إليك قافزاً عبر فناء منزلك، أو أن أتسلق الشجرة العملاقة بجانب نافذة غرفتك للقائك...
_يمكنك الحفر عميقاً في قلبي إذا ما أردتِ معرفة مشاعري أكثر...ستجدين هناك كل ما تريدين معرفته عني...
_حبنا حقيقي ولن يسقط....حتى لو سقطت أوراق الشجرة بالكامل، وحتى لو ردمتها الثلوج فهو لن يموت...سيبقى هناك بالتأكيد مهما حدث!
_سأنتظرك في الفجر....إنه الوقت الوحيد الذي يمكننا أن نلتقي فيه وحدنا دون أن يزعجنا أحد!
بعد أن انهى تلك المكالمة وأغلق الخط، مد الهاتف لمايكل وقال بامتنان:شكراً لك...
عندها علق مايكل بتفكير:ستلتقيان فجراً؟ إن أختي لا تستيقظ باكراً أبداً!
ابتسم تاكيرو بهدوء وقال:ستستيقظ...أنا واثق!
ثم سكت قليلا وقال:حسناًن سأذهب الآن...أراك لاحقاً.
قال هذا ثم سار مبتعداً عنه، وقد شعر بذاك الذي نزل من البناية وأخذ يسير خلفه متخفياً...فابتسم بسخرية وقال في نفسه:اذا ما كان توقعي صحيحاً، فذلك الاحمق سيقوم بكل شيء كما خططت تماماً!
بعد أن سار لوقت طويل، استقل تاكيرو الحافلة وقد كانت مزدحمة بالركاب. فلما لم يجد مقعداً ظل واقفاً بالقرب من الباب، وقد كان ينظر إلى الخارج عبر زجاج النافذة المتسخ...
ركب ذلك الرجل الذي كان يلحق بتاكيرو الحافلة، فلما مر من جانبه خفض رأسه، وغطى وجهه بياقة معطفه البني السميك حتى لا يراه..
أما تاكيرو، فقد ظلت عيناه مرتكزتان على الشارع، في حين اعتلتهما نظرة ضبابية باردة...
بعد أن قطعت تلك الحافلة محطات عديدة، وصلت أخيراً إلى المحطة القريبة من منزل تاكيرو. فخرج من الحافلة وسار باتجاه منزله دون أن ينظر خلفه...
لم يخرج ذلك الرجل من الحافلة، وقد كان تاكيرو الوحيد الذي قصد تلك المحطة.
بينما كان يسير، لمح إلى جانب عمود الإنارة في جانب الشارع، رجلا كان واقفاً هناك بقبعته الصوفية الزرقاء وقد كان منهمكاً في قراءة تلك الجريدة التي غطت وجهه.
ما إن ابتعد تاكيرو عنه، حتى أبعد ذلك الرجل الجريدة عن وجهه ونظر إليه للحظات. ثم قال بهدوء: لقد وصل الهدف إلى منزله....ماذا علي أن أفعل؟
عندها سمع صوت شاب قال له عبر جهاز الارسال المثبت بأذنه:راقبه فحسب، عندما تكتمل الخطة سيقع في الفخ بالتأكيد!
.
.
.
لما دلف إلى المنزل، أخذ ينفض عنه الثلج الذي تراكم على كتفيه. فأقبلت إليه والدته وقد كانت تحمل منشفة في يدها...
قامت بمسح ذلك الثلج وقالت بقلق بينما تضع كفها على خده:جسدك بارد جداً، عليك أن تأخذ حماماً دافئاً حتى لا تمرض! سيجهز الغداء قريباً...
رد تاكيرو بابتسامة هادئة:لقد قابلت صديقاً لي في أحد المقاهي لذلك لست جائعاً الآن. إنني متعب جداً لذا سأنام في غرفتي لبعض الوقت، لا توقظيني حتى المساء..
أجابت الخالة بحنو:حسناً كما تشاء...
ثم سكتت قليلا وقالت:أوه صحيح! لقد أتت كل من ناتسومي وكايا إلى المنزل، سنقوم غداً بجلب أغراضهما لتبقيا معنا...
علق تاكيرو بارتياح:إذا فقد وافقتا على ذلك أخيراً..
عندها قالت الخالة بامتعاض: كنت أنوي إجبارهما على ذلك إذا ما رفضتا، لكن من الجيد أنهما قد اقتنعتا بذلك بنفسيهما!
فتساءل تاكيرو باستغراب: أقبلت ناتسومي ذلك دون نقاش؟
ردت الخالة بتفكير:أجل، لقد بدت متقبلة تماماً للأمر.
تاكيرو:همممم، ذلك غريب...أين هما الآن؟
أجابت الخالة بهدوء:في غرفة هينا. يبدو أنهن يلعبن معاً
فابتسم وقال بمرح:حسناً..أعتقد أنني سأزعجهن لاحقا...
ثم مد لها ذلك الكيس في يده وقال:لقد أحضرت بعض الحلويات...إنها من مخبز مشهور جداً، فلنتناولها مع الشاي في المساء..
نظرت الخالة إلى الكيس بدهشة ثم قالت بابتسامة:أوه شكراً لك حقاً! لقد كنت أفكر في خبز كعكة لكنك وفرت علي عناء ذلك!
بادلها تاكيرو الابتسامة وقال بهدوء: عليك أن ترتاحِ الآن، لا داعي لأن تتعبِ نفسك كثيراً..
أومأت رأسها بالإيجاب وقالت بحنان:شكراً لك..
صعد تاكيرو إلى غرفته، فلما كان على وشك إدارة المفتاح توقف للحظة وظل ينظر إلى المفتاح بريبة..في تلك اللحظة خرجت هينا من الحمام المقابل لغرفته، فلما رأته احتضنته من الخلف وقالت بسعادة:مرحباً بعودتك أخي!
نظر إليها تاكيرو ثم ابتسم وقال بود:تبدين سعيدة جداً
ابتعدت عنه هينا ووقفت أمامه لترد بحماس:بالطبع سعيدة! ستعيش معنا كل من ناتسومي وكايا من الآن فصاعدا!
علق تاكيرو بابتسامة مشرقة :هممم ذلك جيد...ثم سكت قليلا وسألها بهدوء:هينا، هل دخلتِ اليوم إلى غرفتي؟
استغربت هينا من سؤاله لكنها أجابت بتردد:كلا، لم اقترب منها مطلقاً.
ثم أردفت بانزعاج:أنت لا تحب أن يدخل أي أحد إلى غرفتك أبداً، وأمي ستقتلني إذا ما رأتني أدخل إليها من الأساس!
تمتم تاكيرو بتفكير:هممم...لقد فهمت
عندها سألته هينا بحيرة:لماذا؟ هل فقدت شيئاً ما؟
أجاب تاكيرو على الفور:كلا لا شي، لا تقلقِ.
ثم سكت قليلا وقال مغيراً الموضوع:حسناً، سأذهب للنوم الآن...
فقالت هينا بنبرة مرحة:هممم حسناً....نوماً هنيئاً!
دخل تاكيرو الغرفة ثم أغلق الباب وراءه ببطء وقد بدت على وجهه ملامح جادة...
فكر "همم ..المفتاح عمودي... "
ثم سار قليلا حتى وقف أمام مكتبه. نظر إلى المكتب بريبة "لقد حركت الفأرة !"
ألقى نظرة متفحصة في أرجاء الغرفة ثم همس ببطء:لم يتحرك أي شيء آخر...الفأرة فقط!
عندها تذكر على الفور ما حدث ذلك اليوم، لما تبع ناتسومي التي لحقت بلوسيل وسمع حديثهما أمام باب المنزل.
ففكر في نفسه بشك:إذا فقد التقت بذلك البغيض..
نظر إلى الحاسوب للحظات وقال:كما توقعت تماماً!
ثم ابتسم بمكر وقال: ذلك مضحك حقاً، من كان يتصور أنك ستفعل كل شيء كما خططت تماماً!
وضع يديه على المكتب، وقال بسخرية: إنك لطيف حقاً أيها المحقق المجتهد...ثم سكت قليلا وأردف بخبث: إنها لعبة وقت فحسب، لنرى من منا سيفوز بهذه اللعبة!
يتبع..
*******
_رأيكم بالبارت؟
_توقعاتكم للأحداث القادمة؟
_ماذا كان يقصد كريس عندما قال(إنها لعبة وقت فحسب؟) وعلى ماذا يخطط في اعتقادكم؟
_من تظنون أنه سيفوز بينهما وأي منهما الأذكى..كريس ام لوسيل؟
_من تفضلونه وتتمنون له الفوز بينهما؟😉
رأيكم وتفاعلكم يهمني وهو ما سيدفعني للاستمرار في الكتابة❤
لا تنسوا تحطو فوت للبارت ويسعدني اكتر لو تنوروني بكومنت لطيف مثلكم والله تفرحوني اكثر مما تتصورو😍
نشوفكم في بارت جديد واحداث جديدة مع السلامة❤😙
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top