|08|

     كانت كلما حاولت ترقيق قلوبهم ازدادوا عنفاً وقسوةً، لذا فضلت الرحيل. حملت أورا الطفل ثم أخذته إلى الشقة في الأعلى، كان يرتجف ألماً وبرودةً، كان أشبه بقطعةٍ من الثلج، يتشبث بها بخوفٍ وكأنها ملاذهُ الوحيد.

     - شكراً على مساعدتك ليا...

تحدث الطفل بصعوبة بينما يسعل، استرسلت في سؤالها بعد أن أردفت ببسمةٍ صغيرةٍ.

     - لا، دا ولا حاجة. أنا لازم أوقفلك النزيف وأغيرلك شوية أجزاء، بس المشكلة حجيب من فين أجزاء صالحة وثيريوم مناسب ليك؟

     - في حد قالي إن في مكان اسمه جيريكو... بيتجمعوا فيه الأندرويدز... أكيد حنلاقي حد يساعدنا...

     - طيب متعرفش نقدر نوصله إزاي؟

     - عند محطة القطر، أنا كنت رايح هناك بس حصل إللي حصل...

     - ممكن تاخدني هناك؟

----------------------------------------------------------------

     - صباح الخير يا هانك.

قالت سيرشا بينما جلست عند مكتب الملازم أندرسون، رفع نظره إليها دون رسم أية تعابير، ثم رفع حاجبه ورمقها بتعجب من حالها؛ إذ أنه اعتاد أن يراها تدخل إلى المركز بوجه شاحب ثم تزيف ابتسامتها لكي تبدو بخير.

     - حاسس إنك فايقة النهاردة، مش عادتك يعني...

     - ممكن تقول ببتدي السنة بحاجة كويسة.

     - شربتي كام كوباية قهوة سودا؟

     - اتنين كبار، وفطرت كمان... وجبتلك غدا...

     - مش إنتي إللي عاملاه، صح؟

     - واحدة صاحبتي جات عندي إمبارح وعملتهولي عشان أخده معايا... المهم إنه حيعجبك أوي على فكرة.

----------------------------------------------------------------

     توقفت الحافلة عند محطة القطار قبيل الزوال بعد أن استقلتها مع الفتى الصغير، أشار الفتى إلى رمز قد رُسم على الحائط، أشبه بمربع ذي زوايا حادة. بدأوا في تتبع الرموز، سيراً على الأقدام بلا توقف، لمدة لم تقل عن ساعتين. أورا تشعر بالوهن، وهذا لم يكن من عادتها، تحس بألمٍ شديد في مفاصلها، إلى أن توقفت منهكة الجسد، وقد وصلت إلى وجهتها، كان المكان حالك الظلمة موحشاً.

     - أوه، نسيت. اسمك شون، صح؟

     - آه، وإنتي؟ اسمك إيه؟

     - أنا أورا.

     - أورا، ممكن تمسكي ايدي؟ أنا بخاف من الضلمة.

اردفت بابتسامة أفادت بالموافقة، شابكت أصابعها بأنامله الصغيرة، فتمسَّكَ بها بقوة شعرتها في داخلها. اقترب منها أكثر بينما ولجوا في الظلام.

     | شون: دفء |

اشعلت أورا ضوءاً خرج من يدها لتستكشف المنطقة، التي كانت مرفأً للسفن منذ زمنٍ طويل، تسير ببطء برفقة شون الذي كان يرتعش خوفاً. أحست بالأرض تتحرك تحت قدميها، كانت على حافة الهاوية، أخذت بضع خطواتٍ للخلف قبل أن تسقط.

     - حننزل تحت...

     - بس أنا خايف.

     - متخافش، أنا حنزل الأول وحلقفك.

أردفت فأومأ بالموافقة، تنفست الصعداء وقفزت إلى الهاوية. ارتطم جسدها بالأرض، نهضت عن الأرض الباردة لترى المكان حولها، اطمأن قلبها فنادت إلى شون لينزل إليها. قفز إليها فتلقفته ثم أنزلته إلى الأرض، باشروا السير وسط الظلام، فعَّلَت أورا الرؤية الليلية، فترى العديد من الأندرويدز يحيطون بهم.

     - إحنا محتاجين مساعدة، لو تقدروا عليها.

     - إيه مشكلتكم؟ ممكن نقدر نحلها.

     - الأندرويد دا مصاب، في أولاد اعتدوا عليه في الشارع وضربوه وكان غرقان ف دمه لما لقيته. محتاج ثيريوم مناسب للموديل بتاعه، وقطع غيار كمان. موديله VR300-6.

     - حظك إن عندنا أجزاء كتيرة للموديل، خليه يجي معايا وأنا حركبله الأجزاء الجديدة.

أجابها الأندرويد، نظر شون إليها بقلق، جثت على ركبتيها لتتصل به نظرياً، تخبره أنه سيكون بخير، رمش قليلاً مستقبلاً رسالتها فيومىء بالموافقة، يتجه بعيداً عنها بينما يلوح لها.

----------------------------------------------------------------

     خرج إليها مسرعاً وقد شقت البسمة وجهه الصغير، ركض نحوها فاتحاً ذراعيه فيلاقيها بعناق دام لوهلة. شعرت أورا بالدفء يجري في عروقها، حاوطته بذراعيها فأحست به يعانقها بقوة.

     - شكراً يا أورا.

همس بهدوء بينما دفن رأسه في معطفها الثقيل، ربتت على ظهره ثم نزلت إليه لتهمس هي الأخرى.

     - يلا نرجع البيت. شكراً يا... جوش.

     - عفواً، إحنا دايماً موجودين لو احتجتوا حاجة.

أجاب فأردفت بابتسامة، أرشدها إلى المخرج ثم غادر المكان، فعادت أدراجها مع شون إلى المنزل. وصلا إلى المنزل بعد مدة ليست بقصيرة، لتجد سيرشا بانتظارها وقد هرعت نحوها بخوف، تتفحصها بتوتر.

     - الحمد لله إنك كويسة! أنا لما لقيت الثيريوم مالي المكان وملاقيتكيش خفت لأحسن حد يكون خطفك أو آذاكي، أنا خفت عليكي أوي. المرة الجاية سيبي رسالة قبل ما تمشي وتوقعي قلبي كدا.

     - متخافيش، أنا كويسة. بس صاحبنا دا مكانش كويس، أحب أعرفك بشون. لقيته النهاردة في الشارع وكان في ولاد بيضربوه وكان بينزف جامد فاضطريت أدور على مساعدة.

     - استني، يعني الولد دا أندرويد؟ واو. مكنتش أعرف إنهم وصلوا للمرحلة دي...

     - المهم إنه حاسس بأمان معايا، وأنا الصراحة مقدرش أسيبه، حاسة إني اتعلقت بيه أوي. مشفتيهوش كان ماسك إيدي إزاي لما كنا ماشيين في الضلمة، حسيت بحاجة غريبة بتجذبني ليه.

     - لأ شكلك حتبقي ماما رسمياً. أنا بقول إنك ترتاحي دلوقتي، وأنا معنديش مشكلة إنه يفضل معانا، أديه يونس مافن بدل ماهي قاعدة ترعى الكلاب بالنص.

----------------------------------------------------------------

| 15 أغسطس، 2038.

وسط ديترويت، الساعة 08:29 مساءاً |


     كانت أورا عائدة مع سيرشا بعد خروجهن لمهمة سرية، الطريق كان مزدحماً للغاية، السيارات تقف في منتصف الشارع وأصحابها يقفون خارجها. ترجلت أورا من السيارة فتبعتها سيرشا.

     - هو إيه إللي حاصل فوق؟

     - في أندرويد فوق عاوز يرمي بنت من المبنى.

أجاب أحد الواقفين ليجذب إنتباه أورا، التي بدأت تركز نظرها على الطابق السبعين، حيث يقف موديل PL600 المدعو دانيال ممسكاً بطفلة لم تتعدى العشرة أعوام. أغمضت أورا عينيها، محاولةً التأثير على تفكيره، لكنه يأبى أن يتراجع. فجأة يتدخل أندرويد، موديل RK800، يحاول تهدئة دانيال وإجباره على ترك الفتاة، ولكنه يتلقى المقاومة الشديدة من دانيال. رفع الأندرويد الآخر سلاحه في وجه دانيال، أغمضت أورا عينيها مجدداً، تحاول تشويش تفكيره.

     | أرجوك، متقتلهوش! إنتا عارف إنه مش ذنبه! نزل سلاحك، متقتلهوش! أوعده إنه حيبقى كويس. |

أنزل الأندرويد سلاحه، بينما أخبر دانيال بأنه سيكون بخير إن أنزل الطفلة. اقتنع دانيال أخيراً وأعاد الطفلة إلى الأرض، لكن فرقة التدخل السريع كانت لديها خطة أخرى، إذ أطلقوا الرصاص على دانيال من كل اتجاه حتى تصفت دماؤه من جسده فسقط عن البرج. ركضت أورا نحو دانيال الذي أردي قتيلاً، لتجثو على ركبتيها بينما تغرغرت عينيها بالدمع.

     | كنت تقدر توقفهم، كنت تقدر تعمل حاجة. |

----------------------------------------------------------------

هايهاياهييي

رجعت بشابتر جديد -سوري ع التأخير- بس أصلي حبيت أعمل تشويقة كدا قبل الإمتحانات فتعيطوا عشان أنشر شابتر جديد وبرضو منشرش نيهاهاعهعاااههع.

اني وايز، دا آخر تحديث لحد أواخر شعبان لأن امتحاناتي بتخلص ف الاسبوع الأخير وكدا.

+ ادعولي عندي اختبار عملي أحياء بكرا. :")

بس كداهه.

كل الحب، يرير. ♥

06.04.19

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top