Unknown !!!!!!
_____________________________________
○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○
كان قمرا ثم أمطرت الغيوم دماءً،، وكانت التربة مشبعة به ولم يعد أنفي يتنفس سوى ريحه النتن..
رأيتني أمسك سلاحي.. نصله حادّ طويل،، قادرٌ على قطع العظام بضربة واحدة،، أضرب به في الهواء فيسقط جسد.. فأضرب به فيسقط آخر!!
نظرت إلى قدماي لأجدني واقفاً على أشلاءٍ ممزقة وعلى رقبتي رقم 38
______________________________
استيقظت يومها في فزعٍ وحيرة،، جلست أتنفس سمَّ الهواء وأخرجه عدة مرات.. يتأجج حريقٌ بداخلي ويشوي أعضائي فلا أجد مهرباً من ذاتي سوى الركون إلى ذاتي..
غرفت غرفة من مياه الصنبور البارد وضربت بها وجهي لأستفيق،، محدقاً في المرآة حيث أنا بلا ملامح تأزني عشرات الشياطين وتأتيني لتعيد المشهد ذاته أمامي.. تذكرني بالعهد الذي قطعته على نفسي حينها.. ألا أدعه يعيش أكثر من سنته الثامنة والعشرين..
تفلت على المرآة ورحلت من دورة المياة،، لأبدأ يوماً آخر من التظاهر والنفاق.. أبتسم وأتواضع،، أشكر وأطلب العفو..
كلُّ شيءٍ كما كان منذ بضعة أيام..
لم يغب هدفي عنِّي لحظة واحدة،، لكن إنذار الخطر ومض في رأسي وتزلزلت نبضاتي عندما علمت ما قد دارَ في رأس إياد مراد لأدرك أنه قطع شوطاً طويلاً دون علمي..
وأنا الذي ظننته لا يستطيع الإفلات من تحت عيني!!
أنا مغفلٌ كبير.. أتعرفون لماذا؟!
لأنه يعرف من أنا .
ظننت أنني مثلت جيداً بما يكفي،، لكنه ماكر لئيم كما أعرفه..
لونت قسمي بلونٍ بين المميز والمظلوم.. الشرِّ والتواضع،، لونٌ بين العمى والسؤدد.
إنه الأسود الذي ارتديته وحملت على ألا يجد إياد راحته إلاَّ بالرقود في إحدى حفر الأرض.. لا أعلم لما أعطيته أطول من عمره..
وأما الآن،، أيتمنى أحدكم الموتَ عارياً ومصعوقاً في الحمام؟!
أنا لا أتمنى له ذلك.. بل أوَّدُّ أن يموت عارياً مصعوقاً،، وممزقاً أيضاً.. تسُدُّ أشلاؤه مسيرة مياه الصرف..
"هذا أقل ما تستحقه لأنك استهنت بي"
همهمت بذلك قبل دخولي لمنزله.. إذ تخيلت بدقة شديدة كيف سأفعلها،، وكان ذلك فور عودته من بيت الجد،، إذ أن النهار لا يزال طالعا.. وكم أكره التسلل بالنهار لكن من حسن حظي كان كلٌّ في عالمه الخاص صخبٌ أم سكون أو ضجر،، إلتهت المسامع والأعين عن تسللي..
وإنتظرته داخل غرفته..
دخل بهدوء شديد وأغلق الباب خلفه،، كنت أعلم ما سيفعله،، حتى تلك اللحظة التي خلع فيها أزرة قميصه وألقاه في سلة الغسيل.. أراه ينزع عنه ثيابه الداخلية الفوقية ليظهر على صدره الصلب وشم النسر المحلق،، يفترش جناحيه البهيين بالكامل..
^سأقتل غرورك أيها السافل^
وقفت سواداً في الركن،، ولم تلحظني عيناه فقد كانتا معلقتين بتلك المضجعة على سريره،، ينظر إليها من حينٍ لآخر ولم يفكر ولو للحظة بالإلتفات عنها..
يدخل إلى دورة المياه خاصته..
ويغلق الباب .
طفوت بعبائتي السوداء كالشيطان بلا حسيس.. كقطعة متحركة من الظلام،، وومضت دائرة عدستي الحمراء لتساعدني في رؤية الأجسام وتحركاتها الدقيقة في الظلام..
أذوب أرضاً وأظهر مجدداً في أماكن عدة قرب مقبسين للكهرباء..
ثم أسير مقترباً من باب الحمام إذ علا خريرُ الراحة..
أجرُّ خلفي سلكين.. سميكين واحدٌ في كل يد..
طرفاهما في قبضتي قفازي الفضيْين،، وذيلاهما في مقبسي الكهرباء!!!
كأفعتين يطولان مع سيري البطيء،، حتى أصل إلى مقبض الباب..
أفتحه..
رائحة الصابون،، بخار الماء.. رطوبة ورخام،، قد أغلق السائر واستلقى يتلوى بكسل وتثائب طالباً بعض الخصوصية..
إلى الأمام سرت مجترا السلكين نحوه ،، فيبدأ الأحمق بالتساؤل عاليا دون النظر.. في حين أن الموت على بعد خطوات منه..
ليتفاجأ عند قدميه بقفازي الفضيين،، يحملان سلكين على وشك ملامسة سطح الماء..
رفعت نظري إلى أعلى جسده المسلقي لأشهد ارتعاد ناظريه وكأنه صعق الف مرة قبل صعة،، لا يعلم أن انفراج عينيه وبروزهما بهذا الشكل أثار في نفسي شهوة القتل..
فكأنما سالت لعابي بشدة،، بحق شعرت بالأدرنالين يندفع في كل شراييني.. أشعر أنني زدت قوة إلى قوة،، فتلك النظرات الخائفة على وجوه ضحاياي تنتزع الرحمة من قلبي وتجعلني مولعا بالتمثيل بجثثهم..
اتسعت ابتسامة ذات أنياب خلف قناعي..
لتحدث في لحظة واحدة،، ثلاثة أفعال متضادة!!!
● انطفأ مقبس الضوء فجأة!!
● رأيته في ذات اللحظة يوسع بيده فتحة في الستار وبطريقة غريبة أثار الماء بجسده في اتجاه ما!!
● أسقطت السلكين فوراً ودون تردد .
وفي أقل من ثانية وبينما يثير الماء في كل مكان.. تخشب جسده بالكامل وجحظت عيناه يهتز جسده من شدة الصعق ويكاد الدم يخرج منه،، حاول الصراخ لكن لم يستطع سوا النظر نحوي بصعوبة بالغة وبلا وعي..
هممت بالإبتعاد لكي لا يؤذيني الصعق..
فأفزعني سماع مربع مدخل المقابس داخل الحمام يثير رائحة احتراق وشرارة... فالتفت نحوه لأكتشف أنه بالجهة التي تقصد إياد إثارة الماء نحوها!!!
عمل نظام الأمان وانقطع التيار الكهربائي عن غرفة إياد بالكامل وعن حوضه!!!
وتعالت الأصوات في الأسفل "ما الذي يحدث؟!"
^اللعنة اللعنة عليك يا إياد^
إذاً هذا كان اخر خططك أيها السافل..
لكنها لن تفيد جسك المصعوق المتخشب،، فأنت الآن غير قادر على الصراخ أو الحركة.. سيصعدون ليجدوك كتلة لحم نتنة..
لا يزال الحمام مظلما..
نظرت إليه تنير عدستي الحمراء لتعلن عن غضبي وتحدد بدقة جسده ووضعيته.. أمسكت مقبضين من تحت عبائتي وشددتهما في اتجاه مضاد،، لأستل سيفاي مصدران صوت احتكاك الأنصال ببعضها أثناء الخروج..
أجل هذا هو يا عزيزي إياد،، سلاح جريمتي الذي لا مثيل له.. فليلمع في الظلام لتشاهده بقدر ما تريد قبل أن يخترق صدر النسر..
خطوت نحو حوض الرخام تحت غطاء العتمة أرفع يميني في وضعية الإستعداد للطعن.. إنها رمية الرمح لإذهاب روحك النجس--
اللعنة..
-ضربة قوية على مؤخرة رأسه-
كانت كفيلة بجعل عيناي تريان الأسود وشرار الألوان وإسقاطي أرضاً على صفحة وجهي بقوة سببت لي شلل الصدمة.. فلم أرى أو أتحرك للحظات..
لكنني سمعت صوت أنفاسها!!
إيملي!!
انفجرت إيملي في الصراخ والبكاء معاً تنادي اسمه وتصفع وجهه في بطن الظلام،، حيث خط نور أبيض من نافذة الحمام يمس الأرضية وبعض بياض الرخام.. وصوت صدى بكائها والماء يتحرك مع محاولة تحريكها لجسده..
انبثق الخوف من عيني فجأة..
^ماذا لو أعاد من في الأسفل تشغيل التيار الكهربي في غرفة إياد من العداد؟!!^
قمت بحركة واحدة رغم ضغط الدم الذي انخفض وعلا وانخفض فجأة فشعرت بالقيء.. لكنني وبما أني لم أفلت النصلين آن وقوعي،، رفعت احدى يدي لأقطع السلكين معاً .
وكنت محقاً ،، فقد أعاد أحدهم بعد بضع ثوانٍ التيار الكهربي..
وصوت الطاقة عاد حولنا للتكييف والمنبه الرقمي.. وأنارت أضواء خافتة من الغرفة لتنير الحمام بعض الشيء،، فأنظر نحوها لأراها تبادلني ولكن بوجه باك.. حاجبان مقوسان للأعلى وعينان بائستان ترجوانني باهتزاز..
"أقتلني..
-تصرخ-
أقتلني لأظل معه أرجوك،،
-تجهش بالبكاء-
أقتلني لا تدعني حية.. أريد الرقود معه"
عينين مليئتين بفوج من الحنين يبرق بياضها في الظلام الأصفر،، فالضوء مغلق منذ أن أغلقته هي.. جعلت جسدي يرتعش بأكمله فأنا يستحيل أن..
أؤذيها .
إذ زحفت بجسدها أرضاً باتجاهي ترجوني أن أقتلها !!
تضع وجهها الباكي عند قدمي تلتمس الرحمة..
"اصعقني بجانبه.. أرجوووك أقسم عليك أن-"
-تسحب بيديها قدمي-
تبا لقد أسقطاني بقوة على الأرض!!
رأيتها قفزت لتقف بثبات مذهل فوق رسغاي (يدي) .. لا دموع ولا بكاء،، لا حسرة ولا مشاعر،، كانت تمثل!!
شجاعة تسطع من عينيها،، ترفع يدها ببطء..
فواهة مسدس؟!!
سحقاً..
أطلقت عدة طلقات متتالية من مسدس فاجئتني بحمله.. ولم تترك جزئا من الثانية بين واحطلقة وأخرى.. فلم أسطع سوى الثبات!!
-صوت الطلقات ترتد على قناعي-
تدحرج فابتعدت قبل أن ينكسر القناع،، وأكملت إطلاق النار بينما أتدحرج وألف عبائتي المضادة للموت حول جسدي أكثر فأكثر لأكون منيعا فتصبح كل طلقاتها بلا فائدة هباء منثور..
ألعن حظي.. فلقد تحولت من سفاح لا يرحم إلى عاجز عن الحركة بسبب..
بسبب قلبي اللعين الذي لا يزال ينبض كإنسان!!
فأتراجع ببطء نحو باب الحمام،،
ويبتلعني الظلام..
لأختفي .
معترفاً بضعف قلب السفاح أمام من يحب .
______________________________________
⊙●□⊙●□⊙●□⊙●□⊙●□⊙●□⊙●□⊙●□⊙
يخرج من باب الحمام..
ويفتح نافذة غرفة إياد..
يتشبث بأعلاها ويرفع ثقل جسده بمهارة ليصبح فوق قرميد البيت،، فالسطح..
ويعبر إلى الجهة الأخرى منه،، ترفرف عبائته من شدة الرياح..
ينظر للغيم فتبدو السماء وكأنها اقتربت كثيراً منه لحظتها..
-صوت!!-
التفت بسرعة ليجد إيميليا خلفه قد صعدت!!
تحمل المسدس في يدها وتتنفس بإجهاد،، قد نزف جرح بطنها فطبع بعض الدم على ثياب نومها السماوية،، بوجه متسخ ويدين مغبرتين من القرميد..
تندفع خصلات شعرها بفعل الرياح لتخفي ملامحها القاسية ونظراتها المخيفة..
ترفع نحوه فواهة المسدس،، فيتراجع للخلف بسرعة خاطفة قبل أن تطلق وابل رصاصها مجدداً.. ويسقط نفسه من فوق السطح!!!
تركض إيمليا نحو مكان سقوطه وتنزل بصرها ورأسها ليحرك الهواء ثيابها الواسعة.. ولا تجد سوى الفراغ!!
أين ذهب؟!!
إنها لا ترى شيئاً.. الأسفل فارغ تماماً!!
هو لم ينزل بل كان كشيءٌ أسود يدور حول البيت بعيداً عن أنظارها متعلقاً بالنوافذ والقراميد حتى يصل إلى..
نافذة غرفة إياد مجدداً!!!!!
أجل.. فقد أقسم على قتله،، يعني سيقتله..
دخل من النافذة بخفة كالنسيم،، إذ كل شيءٍ كما هو،، لا ينير الغرفة سوى أشعة شمس الظهر .. فسحب نصله وسدده باتجاه الباب بزاوية ليخترقه كالزبدة!! بين الباب والحائط قد اخترق فيوصده تماماً .
أمسك من تحت العباءة مسدسا مزودا بكاتم يصعب رؤية سواده.. يقف بجانب باب الحمام لبعض الوقت..
الجو هادئ جداً لا وجود لأي حركة أو نفس..
خطى عتبة باب الحمام المظلم،، وهو متأكد كل التأكيد أن إياد لا يزال موجوداً،، فبعد صدمة كهربائية كهذه لن يتحرك لساعة أو بالأكيد توقف قلبه عن النبض..
وبالفعل قد أسقط ضوء الغرفة أشعة على كرة عينيه المنبثقة المخيفة والتي بدت وكأنها خرجت من مكانها!!
فحدق السفاح بعينيه خشية أن يكون مات قبل أن يعذبه ويسمع رجائه..
وجهه مجمد الملامح بلا لون.. والماء يتقطر من خصلات شعره البني ولحيته..
^إنه ميت ه-^
تتحرك قزحيتة بشكل مخيف باتجاهه ليوصب نظرة تثير الهلع نحو ذاك السفاح مما يثير السعادة داخله إذ بإمكانه الآن جعله يتمنى الموت .
نظرته قوية جداً رغم موقفه الذي في غاية الضعف.. كالنسر حتى في آخر لحظاته،، وكأنه يبغي الموت رافعاً رأسه أو...
-صوت عند باب الغرفة-
عاد خطوات للوراء إلى خارج الحمام ليرى الباب يتأرجه مفتوحاً!!
نظر بتعجب حوله في الغرفة الشبه مظلمة..
ثم إلى مدخل الحمام،، ليراها مجدداً أمامه تحمل سيفه القاطع..
فيتأفف مقترباً بهدوء.. تقف ناظرة بتحذير إليه،، تراه يدنو بهدوء في الإضاءة الخافتة فشعرت بوخد في يدها التي تحمل سلاحة أشبه بصعقة بسيطة جعلتها تتركه لا إراديا..
وشعرت لحظتها بخوف شديد لا تعرف مصدره،، لكنها لم تعد قادرة على تقمص الشجاعة وباتت الآن ترتجف فحركة واحدة منه ستقتلها حتماً..
تقف والحائط في ظهرها.. فتراه ينخفض بهدوء،، يلتقط سلاحه ويخفيه تحت عبائته..
ويرحل .
___________________________________
¤
●¤●¤●¤●¤●●¤●¤●¤●¤●¤●¤●¤●●¤●●¤
وهكذا تنتهي المعركة في تمام العاشرة صباحاً بتعادل ظالم..
يسقط جسده من النافذة،، ليختفي من الوجود مجدداً،، ولا يعود له أثر..
الغرفة في فوضى،، أسلاك الكهرباء المقطوعة أرضاً وعلامة إختراق النصل للباب..
فوضى الحمام وأشعة الشمس من النافذة تنير وجه إيملي المرهق قد رفعته إلى فوق بجانب باب الحمام تسند رأسها بهدوء قد خارت قواها وأغمضت عينيها لا تجرؤ على التفكير في الدخول..
لا تريد أن تعرف إن كان حاله أبيض أم أسود..
إنها تريد الرمادي..
مستعدة أن تبقى جالسة هكذا لسنوات لتحمي المدخل سواء كان ميتا أم لا فهي لا تملك تلك الشجاعة لتتفحصه وتواجه القدر.. هي فقط تشعر بالأمان في هذه النقطة بالتحديد..
في حين لم يجد هو الراحة سوى في قربها من باب الحمام يرى جزءاً من يديها فيغمض جفنيه..
^لن يجرؤ على الإقتراب..
الآن يمكنني النوم^
________________________________________
●¤●¤●●¤●¤●¤●¤●¤●¤●¤●¤●¤●¤●●¤●¤●¤●
في منزل الجد..
ينظر السيد أوس إلى عدة صناديق وضعت أمام المدخل،، ورجل ضخم أسمر مليء وجهه بالندوب،، يخبره أنهم جاؤو تحت طلب السيد إياد مراد.. وأن تلك الصناديق تحوي على أحدث كاميرات المراقبة الصغيرة الخفية..
نظر نحوهم بكراهية واعتراض،، متجاهلا ما أخبره حفيده به بل وكذبه تماماً بعد أن تحدث مع ابنه المحبب أيمن،، يضع يديه خلف ظهره ويدور الحديث في رأسه..
^... لا يمكنك أن تثق بشاب عديم الخبرة مثله وتدعه يحرك الدفة،، ثق بي أنا^
واقف فوق السلم،، يرفع كفه في وجه قيصر قبل أن ينطق "عودوا من حيث أتيتم.. ليس لديكم عمل هنا في بيتي"
فيصعد ذلك الرجل نحوه بنظرة جريئة ونبرة سيد مخفضا صوته "أظن أن حفيدك أخبرك ألا تقف في طريقنا،، إن كنت لا تود حماية عائلتك فأنت حر،، لكننا نريد حماية سكان عمان ولن نسمح بتعطيلنا من أجل خلافات عائلية"
زاد عبوس الجد ونظر بغضب نحوه "لن يدخل منزلي شيء لا أريده.. إنقلعوا"
وأعطاه ظهره ليأتي الخادم ويطلب منهم حمل الصناديق والرحيل..
حينها تراجع قيصر بهدوء مجبورا،، وانسحب دون أي مقاومة مشيراً للعمال برفع الصناديق وإعادتها إلى الشاحنة،، ويتقدمهم في السير خروجاً،، متذكراً الحديث الذي دار بينه وبين إياد..
^وماذا لو رفض جدك ولم يقتنع؟!^
^سيكون ذلك في مصلحتنا،، لأن السفاح يراقب تحراكتنا.. سيعرف أننا لم نضع تلك الكاميرات في حين أن تامر ابن خالي سيقوم بذلك في الخفاء^
يركب مقدمة الشاحنة ناظراً إلى ساعة يده التي تشير إلى الواحدة بعد الظهر،، يستغرق في التفكير بما يحدث من أحداث شائكة،، في ذهنه ذلك الذي سلجته الكاميرا اليسرى بعد أن أعطاه تامر الذاكرة..
إذ جلس أمام فنجان القهوة خاصته والشاشة الكبيرة،،في أحد مكاتب الشرطة السرية،، بجانبه اثنين من زملائه المحققين ليراقبو بالدقيقة ما قد حدث قبل يوم جريمة الإجهاض..
جريمة؟!!
أجل كانت جريمة،، لقد كتبت الطبيبة تقريراً عن ذلك مطالبة الشرطة في التحقيق.. فقد تناولت خمس حبات كانت كفيلة بقتلها رغم عدم علمها..
فها هو قيصر يشاهد..
صباح عادي ولكن مساء غريب.. إذ طرقت إيمليا ليلاً على غرفة أمين حاملة الهاتف وهي تتحدث به!!
وأغلقت الباب بعد أن أذن لها بالدخول،، لتظل هناك لقرابة الساعة،، ثم تخرج أمام الباب تنوي الرحيل فيودعها بعناق طويل،، مقبلا خدها عدة مرات أثناء العناق..
ثم رحلت!!
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عادت لطرق الباب.. لكن أيمن لم يجب على الطرق فذهبت..
كتب أحد المحققين ملاحظة أن تصرفات إيمليا لم تكن متزنة وكانت مرتبكة وكأنها خائفة من شيءٍ ما،، لأنها ترددت للمرة الثالثة بتثاقل إلى غرفة أيمن تطرق الباب وتنتظر..
ثم تذهب عندما لا يرد أحد..
أما مروان فقد استفاق وغاب لفترة ثم عاد بعد نصف ساعة من ذلك خرج مجدداً وفي يده سيجارة يحاول إشعالها في الخفاء..
في نفس يوم الحادث صباحاً سجل خروج ودخول مروان ووالده وشخص اخر (محمد) عدة مرات الى داخل وخارج الغرف صباحاً لحظة الإجهاض ليهمس قيصر
"نحتاج إلى ما سجلته الكاميرا الثانية لأعرف إلى أين اتجهوا"
ثم يكمل المشاهدة وصولاً إلى مقطع المساء،، حيث يرى بوضوح حركة خفية في الظلام،، قناعا فضيا وقفازين!!
يتحرك بسرعة كبيرة في الأرجاء وكأنه يبحث عن شيءٍ ما!! ذهب وعاد عدة مرات،، إلى أن طال غيابه .
فخرج تامر من غرفته بعد عدة دقائق ممسكا الهاتف يتحدث ويفتح الضوء..
"سيد قيصر.. إنها في ذات اللحظة التي اتصل فيها إياد به،، أليس هذا غريباً؟!"
حينها نظر نحوه زميله الآخر يوافق صديقه الكلام "هذا بالضبط ما أردت قوله فقد استخرجنا مكالمته وقتها من مركز الإتصالات وسمعته يحذره بشدة،، لكنه لم يتصل بنا ولم يطلب منه احضار الشرطة،، بل اكتفى بقول ^ضع الكميرات^"
عبس قيصر "إياد يعرف شيئاً ولا يريد الإفصاح عنه وهذا واضح،، لا أستطيع الجزم أنه متورط لكن تصرفاته تدل على أنه يشك في أحدهم"
وتذكر حين سأله ^هل تشك في شخص ما؟!^
حينها أومأ برأسه ^أجل،، أيمن^
فكر المحقق،، أيعقل أن إياد خارق الذكاء لدرجة أن يتوقع ولوج القاتل فيكون ما توقعه صحيحاً مئة بالمئة؟!
أم أنها صدفة..
ربما هو متعاون معه..
أو هو بالفعل على علم تام بهويته .
__________________________________
□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■□■
قرب هذا اليوم العصيب أن ينتهي.. فبعد أن توسطت الشمس السماء،، ها هي ترحل نحو المغيب.. في تمام الخامسة والنصف مساءً،، يسير في طرقات عمان بين العامة أثناء حديثه في الهاتف مع والده..
بضيق يتسائل أيمن "ماذا تعني بأنك ستتأخر أكثر من هذا يا تامر؟! أين كنت كل هذا الوقت أصلاً"
أجابه بإهمال "أستريح لوحدي"
"هيا عد سأنتظرك"
بصوت غير مسموع "سأذهب لزيارة عمتي إيملي،، أخبر مروان إن كان يريد الذهاب معي"
"لقد ذهب بالفعل،، فكرت في الذهاب لكن والدي متعب"
"اها" يمشي نحو متجر الهدايا متجاهلا حجج والده الواهية..
وأيمن يتحدث برحابة صدر كبيرة وكأن شيئاً لم يكن،، كطريقة اعتذار غير مباشرة "ااام إذاً سأنتظر عودتك في تمام التاسعة و-"
"لا يا أبي.. قد أتأخر فعمتي إيملي أرسلت رسالة في مجموعة الأحفاد وقالت إنها ستكون سهرة خاصة بالشباب"
ضحك أيمن "من أين أتت بهذه الحيوية بعد عملية جراحية؟!!"
أسر في نفسه ^أم أنها أوامر إياد^
اندمج تامر مع والده في الحديث قائلاً "إنها لا تحب الراحة.."
تسائل الوالد "من سيحضر؟!"
دخل تامر إلى متجر هدايا مليء بالألوان وأفضل أنواع الشوكولا..
فتقدم البائع نحوه بأدب "أتريد شيئاً سيدي؟!"
"دعني أرى أولاً"
صدر صوت والده من الهاتف "ااا مم إذاً أتركك الآن لأنك منشغل؟!"
"لا لابأس.. -يحدق في الأرفف والخامات المصطفة- سيأتي لؤي وآدم.. هناك أخي ومحمد،، وعمتي هايدي سنجتمع في مكتب إياد،، أخبرتني إيميلي أن لديه داخل مكتبه غرفة للمتعة"
قاطعه بغيظ "اهااا متعة" ثم تسائل "كل هذا يعني أن إيملي سعيدة"
"لا أظن أنهم أخبروها بأمر الرحم.. الآن إسمح لي يا أبي"
ابتسم "استمتع عزيزي،، ولا تتأخر أنت وشقيقك"
وأغلق الخط ليدع تامر يتخير الهدية المناسبة لإيملي،، بين أكثر من 100 نوع من الشوكولا،، إختار المفضل لها كما سمعها تتحدث ذات مرة وخطف منها الكثير من القطع دون ملل وتضعها في فمها بسعادة..
إنه يحفظ كل كلمة نطقتها مذ قدمت،، يريد معرفة المزيد والمزيد عنها..
يتخيل حلماً في رأسه.. أن تجلس أمامه لوحدهما وتتحدث إليه كما تفعل،، بحماس.. وبملامحها الجميلة التي تتغير بتغير نمط الحديث،، بالتأكيد سيعرف يوماً كل ما تتمناه ويحققه لها،، سيطبع الإبتسامة على وجهها فهي لا تستحق الحزن..
ذلك الوجه يجب أن يبقى مبتسما برحم أو بدون،، فهي أم بحنانها وتفهمها..
أ
نزل رأسه بحزن عندما تذكر الأمر،، وعاهد نفسه أن يعمل جاهداً لكي لا تشعر بذاك الفقد .
وقف أمام متجر الورد يشتم ما يعرضه البائع عليه من أصناف..
"س سيدي جرب هذه إنها الزئبق" يتوجه نحوه بلهفة مادا يده..
فيضحك تامر على جهله "إسمها الزنبق يا عمي" يأخذها من يده ويشتمها..
"مممم جيدة لكن ليست بهذا الجمال..أرني تلك البيضاء"
هرول الرجل نحو أحد الأركان وأحضر له واحدة من التي أشار إليها.. ليشتم عبقها ويتفحصها بنظراته بتلة بتلة..كعروس جميلة رقيقة بدت،، عطرها فواح،، بتلاتها بديعة المنظر.. ولونها الأبيض الشاهق يكاد يضيء في الظلام..
"كم واحدة تريد في الباقة سيدي؟!"
"ثلاثون"
"حسناً"
ها هو البائع يضم معا ثلاثين وردة،، يربطهم بأشرطة بيضاء صغيرة.. ثم يلفها بورق ملون وشريطة عملاقة كالفراشة،، ويسلمها بين يديه مع ابتسامة مبعثرة الأسنان،، وما أطيب قلوب بائعي الورد وأرقها..
يغمره الفضول بعد أن أعطاه ماله والبقشيش،، كلما تمعن في وسامة ذلك الشاب يطرأ سؤال على ذهنه..
"أهي لزوجتك؟!"
حمل الباقة قرب قلبه "إنها لأم رائعة"
ثم شكر البائع وذهب،، يمشي بين الناس في الشوارع.. قد اختفت الشمس وطلع القمر في الأفق ،،
تبدأ قطرات المطر بالسقوط قطرة قطرة مع اشتداد سواد الليل والطرقات..
على الرصيف الأسود المظلم يبتسم شاعراً بسعادة غامرة لم يشعر بها مذ ماتت والدته.. لقد كان يحضر لها كل أسبوع باقة ورد من نوع جديد..
كانت تحب تنسيق الزهور ووضعها في المزهريات.. وعندما تبدأ بالذبول تصنع من بتلاتها ماء الورد العطر،، لا يمكنه نسيان رائحة كعكها وذاك البسكوت الذي يفضله،، والذي انقطع عنه بعد موتها..
يداها كانتا شاهقتي البيضاء برائحة نباتتها العطرية وماء الورد.. يحب أن يمرغ وجهه بها أو ينام في حضنها الدافئ الحنون بين حين وآخر..
وتكثر قطرات المطر السوداء فيشتري مظلة ويفتحها فوق رأسه.. لعلها تحميه وتحمي ما يحمله إليها..
يقلب صفحات الماضي الآمن الجميل تحت خفة المطر..
كم اشتاق لوالدته هناك في الماضي وكأنها تنتظر عودته إليه،، يتمنى ذلك بل والبقاء هناك بقية العمر ولو ليوم واحد ليتكرر ملايين المرات بنفس تفاصيله معها... لم لا يبتلعه ثقب أسود او يستفيق فيجدها بقربه في منزلهم الجميل.. لتعود له الحياة!!
لأنها انتهت مع رحيلها..
وأصبح بلا دافع يدفه للأمام،، يعيش يومه بيومه..
إلى أن أبصر إيملي أمامه.. ووضع سعادتها هدفاً له،، فالرب أعلم بما سيحدث لها إن علمت أمر إستئصال الرحم .
___________________________________
□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□·□
في ذات الوقت جلست أمام المرآة بعد الإستحمام،، تتمعن في وجهها النحيل وكم برزت عظامها لتبدو كجثة أو امرأة مصابة بمرض خبيث.. وتنظر إلى أدويتها العديدة التي طلبت منها الطبيبة الإلتزام بها..
تنهدت وأخرجت من حقيبة شقيقتها ثوبا أحمر ذو أكمام واسعة قصيرة،، وقصيراً حد الركبة،، ولا تعلم لم اختارت هذا اللون الملفت ربما لتبدو جميلة كما كانت!!
ثم بدأت بوضع مساحيق التجميل على وجهها بالكامل،، تبيضه وترسم حول عينيها وشفتيها وتحدد شفتيها وحاجبيها في شيءٍ من المبالغة حتى تبدو مختلفة عن حقيقتها..
نظرت إلى المرآة بعد أن انتهت ولم تبتسم لذلك الجمال المصطنع.. رضيت واكتفت بوجه كقناع لا أكثر،، ثم أرجعت خصلاتها للخلف وخرجت من باب غرفتها..
فكادت تصدم بمحمد..
"أوو لالااا ما هذا الجمال،، سنغدق عليكي أموالنا الليل-"
ابتسمت بخجل "اخرس أيها السافل"
"عيب يا محمد عيب عليك هذه خالتك"
نظرت إيميليا إلى قائل تلك الجملة،، فكأنما يبحث عن مخبأ له من شدة الخجل..
ابتسمت "مروان يا حبيب عمتك،، أتخجل أن تقول لي سلامتك؟!"
ارتبك واحمر وجهه "س سلامتك"
ضحكت "تعال وعانقني أيها البخيل"
زاد ارتباكه وتجمد مكانه.. فعلا صوت محمد "أنا أريد"
"ليس أنت أيها المنحرف"
"حسناً مروان يستحي من الإناث لأنه شاذ يا خالتي هذه هي الحقيقة"
صدم مروان "ماذاا؟! أن-"
"وكما يقول شقيقي الأكبر المهراجة إياد.. الرجل الحقيقي لا يستحي"
ضحكت عالياً وشعرت بحرارة وجنتيها..
فقاطع حديثهم "محمااااد" صوت أمه من الأسفل..
"نعااام"
"إذهب واشتري لي أغراضا فخالتك سلمى قادمة"
تحمس مروان كثيراً " سآتي معك"
وتجاوزا إيملي وهما يتحدثان،، فسارت إلى آخر الرواق حيث مكتب إياد الفاره..
تدخل لترى رأس جدي الزجاجي معلق فوق المدخنة الحديثة،، وطاولة الزجاج بين أريكتين يستلقي إيليوت على واحدة منهما!!
تقترب منه "مابك؟!"
اعتدل ووقف "لا شيء..إياد في الشرفة" وتجاوزها نحو الخارج..
رفعت كتفيها وقوست شفتيها للأسفل بتعجب.. ثم مضت نحو بابي الشرفة العملاقة،، مرتفعان إلى السقف كانوافذ بهما مربعات زجاج شفاف تصف الليل أمامها..
إذ تناثر السحاب وتلاشى المطر ،، وبدأت الكواكب تظهر ساطعة تجتذب القلوب من الأنظار..
تفتح باب النافذة بهدوء وتدخل مغلقة إياه خلفها فيثير صوتاً..
أطلت على حديقة واسعة فارغة،، بلا أضواء سوى ضوء القمر الأبيض المزرق.. تحيط بها بعض الأرائك والطاولات،، قد وصل لأنفها رائحة النبيذ والتبغ،، قوية تصدر عن يمينها..
إلتفتت فرأته جالساً بقميصه الخفيف،، يظهر كل ما على ذراعيه من وشوم ملونة غائرة،، ورأس النسر وبعض ريش أجنحته على ما كشف صدره.. يمسك بكوب النبيذ،، ويمتص من السيجارة ما يشبع روحه احتراقا..
ينظر في الفراغ شاردا عابساً حاله حال آدم..
فتقترب نحوه،، تأخذ من يده كوب النبيذ فواح الرائحة،، تسحب السيجارة العملاقة من بين شفتيه،، وتجلس بجانبه ممسكة يده..
"ما الذي يشغل بالكما؟"
لم ينظر نحوها واكتفى بقول "لا شيء"
وضعت رأسها على كتفه رافعة مقتليها نحوه "أنت وآدم عابسان أهناك شيء؟!"
تردد قبل أن ينطق وكأنه يراجع نفسه..
لكنه قالها دون النظر إليها "أحضر نتائج تحليل العقار،، أحدهم استبدل فيتاميناتك بحبوب إجهاض"
سكت قليلاً ثم نظر إلى وجهها ليقرأ ملامحها.. فبدت وكأنها تعرف "وما الجديد؟! هذا ما توقعته"
رفع إياد يده في محأولة للشرح والتفسير "لقد.. كان لدينا أنا وآدم أمل أن يكون مجرد حادث.. لكن الواضح أن كل شيء كان مدبراً"
"لست حزينة" صدمته بهذه الكلمة فنظر إلى حدقتيها..
وضعت يديها على كلا خديه قائلة "إن كان الله أخذ ابني مقابل بقائك.. فأنا أقبل"
شعرت برجفة في ذراعيها،، تلك التي نشعر بها عندما نخبر بشيء من صميم قلوبنا.. وهو ارتعشت أضلعه ناظراً نحوها..
تدمع عيناها "وقتها جلست قرب باب الحمام،، ورفعت رأسي إلى ربي أرجوه.. أعلم أنني..
لست قريبة منه لكنني أعلم أيضاً أنه يسمعني..
رجوته كما أخذ ابني مني،، أن يبقيك..
كنت أبكي وأرجو من كل قلبي" مسحت دمعها وابتسمت "حتى سمعت شخيرك.. احببته..
لقد أثار في نفسي الاطمئنان وانتشرت الراحة بين أضلعي.."
شهقت "عندها ذهبت لمناداة شقيقك،، وانقلبت دموعي لضحكات وكذا اهل بيتك لم يعرفو سوى أنك نمت في حوض الإستحمام عارياً من فرط الإرهاق..
وحينها شعرت،، أنني لم أفقد شيئاً بحق،، لا جنينا ولا حلماً.. لأنك هنا"
ابتسمت شفتا إياد بين كفيها الناعمين.. وقال بنبرة مهتزة "إيمي"
تمعنت في وجهه..
"سأحبك للأبد"
طوقت رقبته بذراعيها وعانقته مخفية رأسها في رقبته..
"سأحبك إلى ما بعد النهاية"
استقرا بهذا الوضع بعض الوقت حتى ضحك إياد بخفة لتتوقف إيملي عن البكاء قائلاً "تبا نبدو كحبيبين"
رفعت رأسها نحوه بابتسامة "تخيل أن ترانا حبيبتك إليسا"
تقوس حاجباه بإنكار "ليست حبيبتي.. بل الفتاة التي أمتلكها"
"اهاا.. إذاً لا بأس" وضعت كرسيها امامه وأنزلت رأسها على صدره البارد ذي الوشم.. تمشي بأصابعها على أوشمة ذراعه،، بينما يلتقط سيجارته ويدخن..
نافخاً الدوخان على شعرها ليتخلل خصلاته بالكامل وتصبح رائحتها كما يحب،، كرائحة التبغ خاصته..
ينظر إليها "لم وضعتي المساحيق؟! أنتي أجمل بدونها"
"ولما وضعت كل ذلك الكم من الوشوم؟! أنت افضل بدونها.. سيقتلك والدك إن رءاها"
يفتح أحدهم الشرفة فجأة،، لكن ذلك لم يرعد أياً منهما بل اكتفيا بالنظر إلى باقة الورد الرائعة تلك تحجب وجهه فيعرفانه من صوته..
"سلامتك إيملي"
امتلأ وجه إيملي سعادة وحيوية فقامت من حضن إياد صارخة "بطلي"
واتجهت نحوه تعانقه وتقبل رقبته ووجهه حتى يمتلئ برطوبة لعابها..
وتأخذ الورد تريه لإياد "أنظر يا إياد -تصرخ من السعادة- تكاد تنير في الظلام يال الروعة"
ثم يعطيها الشوكولا فتقفز من فرط السعادة معانقة إياه مرددة "منقذي وبطلي"
حتى استوى على كرسييه شاعراً بالإطراء بينما تحدث إياد عنه "لقد أخبروني في المشفى أنه لولا التصرف السليم الذي قام به دكتور تامر،، لكنت فقدت حياتي"
"أتقصدين أن ينيمكي عارية على سرير والوسادة تحت ركبتيكي في وضعية مبتذلة؟!" نظرا نحوه بتعجب فأكمل "إن كان هذا هو تصرفه السليم ف اجل أحسنت -يصفق- جيد ممتاز"
ابتسم تامر "كان يجب أن أجعل منطقة الحوض أعلى من بقية الجسد ليتدفق الدم رجوعاً ويقلل النزيف.. ووضع الوسائد تحت الركبة كان ل"
"لا تفسر شيئاً -رافعاً يده في وجهه- لا أفقه في الطب-"
قاطعته إيملي بينما تشتم الورد "لا تهتم بكلامه تامر إنه غبي،، أكمل"
فاكمل تامر وصف الإسعافات الأولية كالضغط باليدين والتدليك والخ..
".... والفضل لا يعود إلي بل أنت كنت قوية جداً،، لدرجة أنني حاولت أخذ الجنين من قبضتك لكي لا يتعفن فاستطعتي التنبه وقبضتي قبضتك حماية له يالكي من أم"
"أوو ههههه لم أفعل بدافع الأمومة.. أقصد لم يكن الدافع الوحيد لي..
بل لأنه الدليل الوحيد الذي كان سيرشدني إلى سبب الإجهاض.. فأردت ألا أفقد الدليل..
وبالفعل بعد فحصه أخبروني بما عرفت،، إنها-"
سكتت ونظر كلاهما إلى إياد حيث أصوات الأكواب والنبيذ ينصب فيملأها "إنه أجود الأنواع" يسقط مكعبات الثلج في الأكواب..
"إشربا"
ابتسم تامر "لم أشرب منذ مدة،، كما أنني لا أفضل هذا النوع"
قالها محدقاً في إياد يناول إيملي الكوب الآخر ثم يجلس،، لتحتسي منه كما يحلو لها وتبتسم واسعاً لإياد "رائعة"
"نخبك" ويتصادم الكوبان بخفة.. مما يثير حنق تامر لكنه يفضل الصمت على إقحام نفسه في خصوصيات أحدهم.. وما هي إلاَّ دقائق حتى يدخل آدم ويخطف كوب تامر من النبيذ،، ويجلس على الكرسي بعنف..
"خيراً" قالت إيملي..
فتجاهلها قائلاً "ألن نشاهد مقطع الكاميرا اليمنى يا إياد؟!"
نظر إليه إياد بغضب وأشار إلى تامر بعنيه يغمزه..
فقال تامر "هل رأيتم اليسرى أولاً؟! يجب أن أهرف ما الذي مر بجانبي"
قاطعهم إياد "ليس وقت الكلام عن قضية كهذه هنا يا جماعة.. الآن فلنسترح ولنفرغ همومنا وثقلنا"
فأكل تامر متجاهلاً إياد عمداً "هل وقعت ادويتك في يد أحدهم يا إيملي؟!"
أومأت برأسها "لا"
قرر إياد مجاراة تامر فقال لها "من كان يعلم بأمر حملك قبل الإجهاض؟!"
فكرت قليلاً "ممم إيليوت وأمي وهايدي والفاعل.. وكذلك أيمن فقد تعرضت لآلام حادة ليلاً فذهبت إليه.. وجلست قرابة الساعة حدثته وصارحته بكل شيء فطمأنني وودعته.."
قال تامر بتعجب "ابي كان يعلم؟!!"
أومأت "أجل واخبرني أنه لاحظ ذلك،، لأنه عندما كان ينتظر مولوده الأول كان ينظر إلى زوجته وأعراضها أثناء الحمل ،، لكن يستحيل أن يكون أحد ممن قلت ربما ذاك الرجل الذي اغتصبني بعث أحدهم"
سأل تامر "المعذرة ولكن كيف حدث ذلك؟!"
ابتسمت بخجل وصمتت فأردف تامر "آسف"
أجابه آدم "ذهبت عند صديقتها لمشاهدة فيلم.. وكان حبيب صديقتها زنجي عملاق قوي البنية.." اكمل محدقاً في كوبه "وشرب وثمل.. فانقض عليها مغتصبا وأصابها بكدمات وجروح على طول جسدها،، ذهبنا إلى الشرطة ورفعنى الدعاوي ولم ننل إلاَّ مبلغاً من المال كتعويض..
وسجن لمدة 6 أشهر،، إذ اثبتت الفتاة أنه حبيب إيملي لتنقذه من العقاب"
ضحك إياد عالياً "حسناً جيد أن أحدهم خلصكي من طفل نصف زنجي"
"إياد أنت سخيف.. هذا ليس موقفاً للضحك أنت تجرحني"
أمال رأسها نحوه "لا تقلقي أنا وآدم سنقوم بالواجب ولن نضيع حقك أبداً.."
طرق أحدهم باب الشرفة..
"أدخل"
"مرحباا"
سكت الجميع ولم يرد أحد سوى إياد "مرحباً لؤي تفضل"
ثم تبعه بلحظات مروان ومحمد..
لم تكن خطة إياد هي حفلة للأحفاد.. بل تحقيق جماعي وغير مباشر عن كل شيء وأي شيء حدث،، وذلك..
^لأنه يا آدم.. الجميع هنا متهمون،، سنقوم كلانا بجعلهم يدلون بما يخفون بعدة طرق.. وأنت،، عليك بمروان فهو صعب البوح بأي شيء وتصرفاته غامضة^
^ماذا عن لؤي نحن لا نعرف عنه شيئاً حتى الآن!!^
ابتسم إياد ^دعه لي^
ولتبدأ الليلة .
_____________________________________
-يتبع-
● إذاً ولأن عدة قراء شكو من كثرة الشخصيات فالمشبه بهم هم..
تامر
محمد
مروان
لؤي
أيمن
إياد
آدم
إذاً 7 يكفي
● لا تقل فلان متهم بلا دليل فالدليل أهم من فلان :')
وآسفة على عدم وجود التنوين والشدة في بعض الكلمات لأنني غيرت الموبايل إلى نفس التاب الذي كنت اكتب عليه روياة جيمي سابقا ً :')
أنتم تسعدونني جداً ♥
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top