● D A R K N E S S ●

محجوزٌ في قصر الموت
أو بين قرارين
أم محجوزٌ داخل أروقة عقلك ؟؟

أم في غرفةٍ مقيّداً بثيابٍ تم حشر بعضها في فمك وربط يديك بأخرى ؟؟

جوناثان يسترجع ببطء تلك اللحظات الخاطفة والتي تظهر ضبابيةً بعض الشيء في ذاكرته الخافته .. وكأن الأصوات حوله كانت أبطأ وأعلى !!

جالسان بينهما الطاولة ،، جيمي على اليمين ورايف على اليسار ..

يتذكر كيف كان يضع الزجاجة على الطاولة مع الكوبين بينما يلتفت لرالف القائل : المشكلة أن لدي ذراعٌ واحدة ..

لم يعلم أن جيمي من خلفه ابتسم وابسامةً غير مريحة بتاتاً ..

لكنه شعر بقشعريرة مفاجئة تذبذب أعصاب جسده كلها فوْرَ أن ضُرِبَ جانب وجهه بالطاولة ..

لقد فقد الوعي للحظات .. بل لساعات ربما !!
كم من الوقت يحتاجه اثنان لوضعكِ تحت السيطرة؟؟

إنه لا يدرك سوى الآن ..

والآن ..

غرفةٌ جيدة التهوية ..
معتمة بعض الشيء إذ نور أحد العواميد يلقي بنفسه على بعض الأثاث ،، وكأنه الوحيد الذي اختار أن يفدي جوناثان في محنته تلك ..

صفيرٌ عال جدا في أذنه وصفير آخر ثم يتلاشى مع صداه ..
يحادث نفسه،، هل تم اختطافي؟؟

نقاطٌ في غياهيب مخيخه بدأت تنير بعض الشيء ..

كان أهدأ من أي شخص قد يتم اختطافه ..
بالكاد يمكنك سماع أنفاسه أو نبضاته المتسارعة بل -

^الأسوأ أنني لا أرى في عينيه تلك النظرات المتفحصة للمحيط أو أدنى محاولة للإستكشاف أو الإستنتاج ..

منذ استيقظ ،، كنت أنا ورالف في انتظاره هناك ...

أترون؟؟

أنظروا جيداً على الأرض ،، هناك قرب الحائط جالسيْن ببعض الأسلحة في ركودٍ وسكون ..
ومع الضوء الساقط على قطعٍ منه ،، نستطيع رؤية وجهه الناعم وأستطيع رؤيته ..
السكون في عينيه ..

لم يأرجهحما ..
لم يرفعهما ..

لم يفعل شيئاً سوى فتح عينيه والنظر مباشرة نحو الأمام وكأنه فقط يفكر تفكيراً ضحلاً ليس بالعميق ...^

بادر رالف بالقيام ،، يخطو نحوه ..
نظر إليه جوناثان نظرةً عادية جداً ليست شجاعة أو خائفة .. مما جعل جيمي يقبض بقبضته على مسدسه فردود أفعال جوناثان ببساطةٍ تعني أن الأمر ليس بتلك الخطورة بالنسبة له ..

هذا ما ظنه كلاهما حتى ...

بدأ وجه جوناثان وخاصةً الجزء الأيسر منه بالتشنج .. بشكلٍ ملحوظ بدأ بحركةٍ غير إرادية للجفن ثمّ زاد معدّل التشنجات حتى وصل لإلتواء الرقبة إلى اليسار مرّة أو مرّتين ..

بإمكانكم جيدا رؤية عيني جوناثان بنظراته الخاوية كملامحه تماما ،، قد بدأ رأسه بالسقوط بعض الشيء مما دفع جيمي للسؤال : ما به؟؟

ابتلع رالف رمقه وكان وكأن شفتيه تطبقان بقوة لاحتجاز الكلمات داخل فمه أن تخرج ..

وصل رالف إليه ووصلت يداه إلى خده مربتةً ببعض القوة ..

"استيقظ"

ثم أردف "وكفّ عن تقمّصِ البراءة ،، أعلم أن ورائك بلاء وأمامك مهمة وهي ربما ،، القضاء علينا أو الأسوأ ..
تضليلنا"

قام جيمي واقفا يخطو نحوهم ،، إلى رالف الواقف المائل على جوناثان .. ينضم جيمي إليهما في سكون تام ..

يكمل رالف ..
"سأخرج قطعة الثياب تلك من فمك،، وبدون قلقٍ إن كنت ستصرخ طالباً النجدة أم لا أتعلم لماذا؟؟"

أعاد جوماثان ذات نظرة الطفل البريء ذي العين الزجاجية اتجاه رالف وهزّ رأسه يمنةً ويسرة ..

لكن قلبه انققبض بقوة فور امساك رالف بياقته ونواجذه تتجلّى بشراسة بفكٍّ مصكوك "لأن .. أعصابك ان أعطت لحبالك الصوتية أمراً بالإهتزاز سأعلم ..

وسأفجر رأسك ولن أبالي برؤيةِ دماغك الهلامي يتدلى من جمجمتك المكسورة المسننة أو جلدل وجهك المتمدد الساقط"

ثم ينزع من فمه قطعة القماش بسرعةٍ بالغة أثارت غثيان جوناثان وظل يسعل بعض الشيء ..

وتحت عينيْ رالف وجيمي ..
كانت نظراتهما له من فوق أشد عليه من وطأة أسلحتهما ..

لقد استجمع أنفاسه ..

بصق بعض اللعاب ،، استجمع أنفاسه مجدداً ..

يرفع رأسه نحوهم "هل عندما"
يلتقط أنفاسه للمرة الأخيرة ويهدأ متابعاً "هل عندما تفجران رأسي أعني ،، هل من المنطقي أن أشعر في لحظةِ لمس الرصاصة لجمجمتي؟"

تجهّم وجه رالف وقبل أن ينطق -

"إنه يقولها" سارع جيمي "إنه يقولها لأنه ليس خائفاً ،، يظن أننا ساذجان"

أطلق جوناثان ضحكةً سخيفة جداً وقصيرة "ساذجان؟؟
قل أنكما مخطئان مثلاً"

"فقط تكلّم"

"لستُ الحل .. هل سأنقذ ابنتك يا جيم؟
أو زوجتك يا رالف؟"

"من أنت يا جوناثان من أنت؟؟" بصوتٍ هادئ جيمي "وجود مراهق في مكانٍ غير المدرسة الثانوية أو أمام ألعاب الفيديو مشكوكٌ به ..

ولمَ قد يلقي بك أحدٌ في مخاطرةٍ؟؟ ولمَ قد تفعل؟؟"

#جيمي
^ علمني والدي أن الناس لا يقومون بشيء سوا بمقابل ما .. حتى لو كان المقابل مجرد كلمةٍ لطيفة ..
لا يقوم أحدٌ بشيءٍ بمحض الإرادة البحتة ..

هناك الدافع
والمقابل
والطريقة

وجود جوناثان مع رالف ،، وجوده بين كومةٍ من المتاعب ليس أمراً عادياً ...

"وعندما تبدأ في التفكير،، أولاً استبعد كل ما ينقض عقلك ثمّ أعد استيعابه ببطءٍ شديد"

ثم ضع الإحتمالات .. هذا ما كان يقوله أبي ..

نظرت نحوه وكان صوتي ناعماً وأنا أسأله "هل أنت مجبور؟؟

من أجل المال؟؟"

لا أعلم لمَ ولكن .. عندما حدقت به أنا بدا متوجّلاً ،، شعرت بقناع اللامبلاة ينصهر ورأيت وكأن أعصابه وخلاياه تتوقف تبرد وتتجمد مشدود العضلات قوي النبضات ..

فتابعت "نريدك فقط أن لا تهدر أوقاتنا" ثم تابعت "أرجوك ..

لا تجعلنا نصل إلى العنف لأن كليْنا ...
قد رأى الدماء واشتمها من قبل فهذا مألوف ..

أن تستمر باستفزاز غرائزنا الهائجة .. هذا غير ناضج بالمرة"

أنكر قائلاً "أنا لا أفعل ذلك .."

شعرت بحرارة دمعٍ في عيني ورقةٍ مع بحةٍ متعاطفة اعتلت حبال صوته،، ولا أدري ما إذا كان الأدرنالين يتدفق لجعله ممثلا بارعاً أم أنها حقيقة الخوف !! ..

أقول له بصراحة :
"أنت في ورطة ،، أرجوك افهم ذلك ..
افهم أن كلينا نفقد السيطرة في لحظة ما ولا نرى إلا كراهيتنا للحال التي آلت إليها أسرنا ..

وعندما ستفلت كلماتك الفارغة الخيط الأخير .. لن تلومنا .. وحتى لو قتلناك خطئاً ستكون من استحققت ذلك .. لأنك لم تستطع أن تنجي نفسك من هذه الورطة"

تنفس ..

لقد تنفس كإنسانٍ ذو ردة فعلٍ طبيعية ..

تنفّس مجدداً ثمّ قال "اسمعاني .."

ثم تابع "وصدّقاني أرجوكما .."

أشرت إلى رالف بالإبتعاد قليلاً عنه بيدي ..

سيشعر بالراحة الآن للحديث عن كل شيء،، ربما وربما سيكذب حتى آخر قطرة دمٍ قد نهدرها له ..

سحب رالف كرسيّا واكتفيت بالوقوف في حالة تأهب وإصبعي على الزناد ..

ذلك السكوت الذي أعرنا فيه مسامعنا لما قد يخرج من أحرف .. قال وكانت نبرته ساكنة : أنا هنا لحمايتكما ..

كدت أنفجر ضحكاً وسخر رالف : وكأن إيدوارد يتحدث !!

"أنا لا أعرف مدى خطورتكما ولكني أعرف جهلكما بقدراتي أيضاً"

"أتهزأ؟؟"

بغضب لكنه تابع

"أعلم أن والدك هو مارتن ..
وأعرف إيدوارد ..
أعرف القصة وهي التي أوصلتكما إلى هنا وليس جراي ،، جراي هو جزءٌ ما من هذه الملحمة ..
أما إيدوارد ،، إنه يحمي والدتك وفي ذات الوقت يراقبها منذ اختفاء والدك ..

فكّا قيدي وسأخبركما بكل شيء ..

ليس لدي ما أخسره بل ربما ستخسران أنتما ثقتكما بتحليلكما لهذا الواقع ،، والذي سيوافق كلامي ربما !!"

جوناثان أبهر كلينا ويمكنكم رؤية ذلك الإنبهار إذ قال كل ما كانت عقولنا تتلوه على مسامعنا كمقدمة ..

● إيدوارد مراقب
● جراي جزء وليس أساس

هذه كانت استنتاجاتي أنا ورالف التي كانت تدور وتدور وهذا الجون أكدها لنا .. تلك ليست نقطةً إيجابية بالكامل ،، أن يخبرك أحد ما يدور في رأسك قد يعني أنه من وضعه لك هناك داخل رأسك !!!

ولكن حقيقةً،، ومذ سمعت اسم والدي سارعت أفك وثاقه والأغرب أن رالف لم يعارضني في ذلك ..

كنت أفعلها وهو يقسم ويكرر القسم أنه سيقول الحقيقة حتى أسرعت أكثر عقدة تلو الأخرى فانساب القماش وسقط ..

قبض يديهِ وشعر بحريته وكنّا أنا ورالف على تأهبٍ تامٍّ لتلقي هجومٍ مفاجئ أو تمرُّدٍ بدون سابق إنذار ..

فظلّت أنظارنا معلّقةً به في انتظار لم يطل إذ وقف وارتفعت معه يدي والفواة معاً .. يمشي باتجاه حقيبه ظهره العادية السوداء ..

ملقاة على طاولةٍ قرب المطبخ هناك ونحن في طور سماع خطواته ذات الجوارب القصيرة البيضاء على السجاد كاللص ..

يقول لكلينا بِتَودد : أنتما تتعجّلان كثيراً ..

يبحث في حقيبته ويبحث فيخرج ملفّاً ورقيّاً ومعبئاً بعددٍ من الأوراق ..
ومعه شريط تسجيلٍ أسود مستطيل قديم ..

هنا شعرت أنا ورالف بالفضول الشديد لما قد يقدمه ذلك المراهق مقابل الإحتفاظ بحياته البائسة ..

يأمره رالف بلهجةٍ حادة : لا تقترب منا أكثر .. اترك الأشياء على الطاولة هناك وارفع يديك

استجاب ..
وما إن فعل حتى طلب مني رالف ربط يديه بذات القوة وكذلك قدميه لكنه قال بنبرةٍ متوجّلة : لأن حياتي غالية للسيد .. أخبرني أن أريك هذا في حال هددتماني .. كونكما خطيران وذكيّان كفاية لإجتذاب اهتمامه ..

ابتسمت له : أنا ابن مارتن .. ورالف ليس مجرّد هاوٍ مثلك ..

ثم تركته بصمته متضايقاً بنعته كذلك وياله من مراهق غيورٍ أبله !!

اقترب من الملف ..

انه ملف قضيةٍ ما في تاريخ تلك السنة اللعينة إذ حدث الحادث الذي أودى بحياة عمتي الحامل وزوجها ...

بالتأكيد إنه ملف قضيتي وهذا ما كنت متيقّناً منه حتى فوجئت فور فتحه أنه ...

باسم بياتريس ماركيس ..

(أمي)

ماذا!!!!

"افتح واقرأه .. يا جيمي مارتن النبيه"

قالها جوناثان بنصف ابتسامة،، بلؤمٍ شديد وقلبي يخفق بشدة بينما أقرأ ..

^متهمة بقتل زوجها^

ماذا؟؟؟؟

شعرت ببعض الدوار بل وكان كل شيءٍ يطوف حولي بجدية!!!

أرجعُ إلى الخلف بوَهنٍ حتى أرتمي بجسدي على أحد الأرائك،، لقد أدركني رالف بعد أن تأكد مراراً أن جون تحت السيطرة ..

كل شيءٍ حولي يبهت ..
أقرأ ..

^ شهادة الجيران : بعد مشكلة ولدهما كانا يتشاجران يومياً وكنا نسمع صراخ الزوجة (والدة جيمي) حتى يبح صوتها وتسعل ..

● لقد كان الوالد مصرّا على جملة : يجب أن يموت

● الوالدة تنعت الوالد بالمخادع وتحمله المسؤولية !!

● صوتُ تحطّم أشياء بقوة ..

● أحد الجيران : لقد صرخت عدة مرات بقولها سأقتلك ..^

شعرت بنغصةٍ بسيطةٍ في صدري إذ أنه ليس من عادة والدتي التفوه بمثل هذا الهراء ،، وربما هذا منطقيٌّ جدًّا بعد علمها أن والدي استأجر رالف ..

أعدت مستقر عيناي إلى أول السطر مجدداً وقد تقدّم رالف نحوي بفضول يفحص ما أقرأ ..

مدّ رقبته وقرأ بهمهمةٍ :

التقرير :

في الحادي عشر من أبريل وقبل سبعة عشر يوماً من اختفاء العقيد مارتن سمع الجيران العديد من أصوات تنوء بالعنف وصراخه وزوجته في وجه بعضهما البعض بخصوص ما أحدثه ابنهما جيمي (القضية رقم ١٧٨ الموثقة في محكمة لوس آنجلوس العليا - كاليفورنيا)

الغريب أن الجيران ورغم محاولاتهم في تهدئة السيدة بياتريس إلا أنها كانت تُحمِّل زوجها المسؤولية وتدعوه بالقاتل الحقيقيْ لأخته الحامل وزوجها ..

كان الجميع مؤمن أنها الصدمة لا أكثر ولكن في الثاني عشر من إبريل قدمت السيدة بياترس بلاغاً للشرطة تتهم زوجها بالتورط في أعمالٍ غير قانونية وتسببه في مقتل أخته وزوجها ..^

سكوت
صدمة

تبادلت أنا ورالف النظرات ثمّ أخذت أتفحص الملف وغلافه ،، هل هذا ملفٌّ مزوَّر؟؟

لم يرد رالف بنفيٍ أو إيجاب كعادته سيحكم بعد أن ننهي قراءة هذا ،، وفي عقلي تتفجر الأسئلة اللامتناهية عن حقيقة هذا ..

^اعتبر الشرطة ادعائها كاذباً إذ تم التحقيق مراراً مع والد جيمي بالفعل فور حدوث جريمة العمة وتم فرز المعلومات عنه وحصر أملاكه ومصادر أمواله إلّا أن شيئا لم يكن مثيراً للريبة فتم ابطال إدعائها ..^

همس رالف : أعتقد أنها كانت غاضبة فقط لأن والدك دفع لي لقتلك ..

سكت كثيراً ،، إلى الآن كلُّ شيءٍ يبدو منطقياً كردّة فعل ..
تابعت القراءة ..

^كانت هناك بعض العبارات التي استطاع الجيران بشيءٍ من الصعوبة سماعها لكن شهد عليها أكثر من واحد مثل : ..

إنه خطأك
لا تقتله بل مت أنت
إن قتلته فسأقتلك

أحد الجيران :كانا يتحدثان وكأنهما قادران على تحديد مصيره ولأن الجهات الأمنية لم تدرك مكان جيمي مارتن في تلك الأثناء بعد،،  قمت انا الجار بالتبليغ عن إمكانية إخفائهما لإبنهما القاتل في المنزل فوجود قاتل طليق في حينا مشكلة ..

في صباح الثالث عشر من أبريل تم إرسال دورية مع مذكرة تفتيش ولكن جيمي لم يكن هناك وبعد التحقيق مع والديه اتضح أنهما ليسا على علم بمكانه وأشادا أنه من الطبيعي أن تتوتر علاقتهما لكن هذا لا يعني أن ما يختلقه الجيران صحيح ..

في ليلة الرابع عشر من أبريل خرج مارتن وهو في حالةٍ من السكون وكما شوهد في كاميرات المراقبة بسيارته الجيمس الجبلية ذات الظهر المكشوف يغادر المنزل ..

وكانت هذه اخر مرة شوهد فيها مارتن ...

تم التبليغ عن اختفاء مارتن من قبل عائلته في السادس والعشرين من أبريل وبعد بحثٍ مكثف عثرت فرق البحث في الثامن والعشرين من أبريل على سيارته في أحد المناطق البرية متحطمة إثر حادث اصطدام لكن لم يكن يوجد أي أثر لمارتن ..^

لقد اشتعل فتيل الأمل بداخلي مجدداً وأدفأ أطرافي الباردة،، ثم بدأ يضعف وينطفئ عندما تسائل رالف عالياً : إذاً لماذا هذا الملف ولم اتهمت بقتله؟؟

هنا سؤالٌ وجيه دفع كلينا لإكمال القراءة

^عائلة مارتن تصر على أن زوجته لها يدٌ في الأمر ..
والدة مارتن : لقد كانت مستعدة للتخلص منه دوماً وهو لم يختبئ أو يختفي وإلا لأخبرني بذلك!!

شقيق مارتن : أتذكر آخر مكالمة كان أخبرني بكون زوجته تبالغ في تهديده ..

كما أظهرت الكاميرات أن السيدة بياتريس خرجت في اليوم التالي من خروج زوجها واتجهت إلى أحد الحدائق ..

تم تتبع مكالمات السيدة فوجد أن هناك اتصالين لرقمٍ غريب دامت المكالمة الأولى عشرين دقيقة وكانت في الثالث عشر من إبريل ..

ومكالمة أخرى في الخامسة عشر أي قبل إختفاء زوجها بيوم وكانت مدة المكالمة تسع دقائق ..

((الرقم مجهول الهوية يحمل إسم رجل متوفّى))

لذا تم أخذ السيدة للتحقيق ..

((تم توثيق تسجيل التحقيق في شريط ملحق)).

تقرير الطب الشرعي وفحص مكان الحادث والسيارة ..^

هنا بدأ كل شيءٍ يتغيّر رغم أن رالف أخبرني ببساطة : لا تصدق كل ما تقرأ قد يكون مزوّراً بامتياز .. أعني فكّر في كيف استطاعوا سرقته من الشرطة في الأساس !! ههه

#جيمي

يجب أن أحافظ على هدوئي لأتمكن من ترشيح الحدث بأكمله ..

ورغم انتفاض قلبي بسبب ما رأيت من صور وأنا أعرف جيداً أنها إحدى سيارات والدي بالفعل ..

أقرأ التقرير :

صور من مسرح الجريمة

طلقة عيار ١٨ مخترقة لسقف السيارة
الطلقة مطابقة لسلاح مارتن الذي وجد على بعدِ ١٠ خطوات من الحادث

قطرة دم لشخص مجهول على المقعد الخلفي للسيارة

((( قطعٌ بآلة حادة لحامل الزجاج الأمامي والأغرب ...

لإطار السيارة.)))

من الواضح جدا ودون شك أنه تعرّض إلى الهجوم والإختطاف أو القتل ..

هزّ رالف رأسه باستنكار بينما أنا في ذهول .. وقال بثقةٍ تامة : هذا الشيء مزوّر ربما ..

فأجبته : فلنشاهد التسجيل ..

"جيمي ..
استمع إليْ فهذا لن يفيدك الآن .. ستصدق كل ما ستراه لأنك فقط تريد أن تصدق"

"يجب أن أعرف ما-"

"جيمي!!!" صرخ ،، وصرخ مجدداً "ما الهدف؟؟؟ غير أنك تتشتت أكثر؟؟
استعادة طفلتك
حماية والدتك
الإبتعاد عن المشاكل
هذا هو ما أساعدك لأجله ،، معرفة من قتل والدك ولمَ وكيف وحقيقة تورط والدتك فهذا لي-"

"رالف دعني أكمل الشريط أريد مشاهدة التحقيق مع والدتي أرجوك فلربما أعرف ما إذا كان والدي--"

أمسك رالف بياقة قميصي وجذبني نحوه بقوةٍ حتى تقابلت عينانا ورأيته ..
رأيت شيطانه يتوهج داخل عينيه إذ ملامح وجهه مشدودةٌ وأسنانه مصكوكةٌ وتلك الأعصاب المنتصبة تتمالكه من قول أو فعل شيءٍ أحمق سوى أنها انفلتت لينطلق صراخه في وجهي
"إنهم يريدون منك قتلها أتفهم؟؟؟"

مأ ..

ماذا؟

انطبقت شفتاي وارتطم لساني بأعلى حلقي في حالة خَرَسٍ تام ..

همس لي بحرقةِ صوت "لا تكن دمية .."

في ذات الثانية سمع كلانا حركةً اتجاه جون فالتفتنا ..

لم أكن لأتوقع ،، مطلقاً ...
ولو للحظةٍ واحدة ..

أن رالف على صواب ..

وأن المقصد هو جعلي أقتل والدتي ..

حتى رأيت مكان جوناثان فارغاً ،، وقيوده متمزقة ..

لقد خنس ..
تبّخر اختفى كالشيطان ..

متى فعل ذلك؟
متى فتح النافذةَ حتى؟!!

أسرع رالف نحو شريط الفيديو ذاك على الطاولة وقبل أن أصل إليه أسقطه وجعل يدهسه ويدهسه بقدمه مراراً وتكراراً وأنا أرجوه أن يتوقف فيدهس ..

ارجوه ..

فيدهس مجدداً ..

لقد تفتت وانهرت أجزاءً وتساقطت اشلاءً عند قدمه أجمع الفتات وأرجوه حتى بدأ يركلني بقوة ويركل وجهي ..
ي

ركلني ويركلني ..

ويركلني ..

أسقط وابصق الدم ..

يأخذ رالف الكسرات وبقايا الشريط ويلقي بها من تلك النافذة ذاتها التي هرب منها جون وكأنه يطلب منه أن يأخذ قرفه معه ..

ثم يوصد ..

يوصِدُ كلّ شيء ..

لقد كان يركض حولي من مرفقٍ لآخر في الشقة هذه ويوصد أبواباً ونوافذ وأنا لا أستطيع سوى سماع نفسي تلومني على كل شيء يحدث وكل شيءٍ قد حدث وكان قد يحدث ..


امسك أنا رأسي جاثياً على الأرض أرى قدمي رالف تتسابقان ذهاباً وإياباً يوصد أكثر يغلق يصك يتربس ويفتش عن أي مصادر للتجسس ..

أظن أني انهرت ..
هناك ديدانٌ في عقلي ،، هناك عواطف وعواصف ..
لما قد يحمل جوناثان هذه الأغراض في حقيبته ومن أعطاه إياها ولماذا؟؟

في من يجب أن أثق؟؟
وفور انتهائه من إيصاد كل شيء ..

ي

جترّني را ية القميص إلى أحد الغرف فأقوم طوعاً ..

اريد اجوبة ..

امتدادٌ بسيطٌ على السرير ..
إيصادٌ للباب ..

هنا أجلس وهو امامي يحرص على تلاقي عينينا وأنا أتجنبه ،، أشعر بالخجل يا إلهي ..

إن وجهي مبللٌ بالدموع ..
أنا ضائعٌ جدّاً .. وضعيفٌ جدّا ..

"انظر إلى نفسك المثيرة للشفقة .. هذا ما يحدث عندما يلمس أحدهم نقطة ضعفك الكبرى .. والدك"

يترك مكانه أعلى السرير الذي أمامي ..
ويجلس أرضاً ..

قد تربّع ؛ ولم أره بهذا الود قبلاً إذ شعرت بيده تلمس يدي ..

أشعر أن قواي تفرغ ،، ولا أدري لمَ قد يستمر البشر في العيش رغم النوائب ..

زوجته مختطفة ومحرومٌ من طفليه وذراعه ،، ولا يزال يتماسك !!

"من قال أني لا أفهمك؟؟
جيمي ..

رالف الذي تعرفه أوصله الحال إلى الإنتحار ..
كلانا نمر بأزمةٍ والإستسلام ليس حلّا لأن كلينا لا يعيش لوحده ..

إنه الدومينو ..
إن سقطت فستسقط خلفك أمٌّ وطفلة ..

-يشد على يده بقوة-

أحدهم يجرّك من ناصيتك لأهدافه ومنها قتل والدتك"

"أخبرني لم تعتقد ذلك؟؟"

"وجود الملف والفيديو ..
سؤالنا هو من أنت وماذا تفعل ،، التحدث عن شيءٍ من الماضي هروبٌ صريح من الإجابة .. أين عقلك الفهيم يا اتجيم؟؟ -يدقّ على رأسه- أين ملاحظتك؟؟

كل تركيزك ينعدم فور ذكر اسم والدك أنا أعرف أنك تحبه كثيراً .. وكثيراً جدّاً ..
انت مريضٌ به ..
لطالما عشت لجعله يفخر بك ؛ لطالما كان رضاه عنك هو معنى وجودك أعلم هذا !! لكن ماذا لو كان هذا سيكون سبب هلاكك؟؟"

سكت قليلاً ..
ترك يدي واستعاد جلسته المستوية أمامي ،، أعرف رالف جيداً .. لا بحب اللمس ..

إن قبضته الدافئة على يدي هي خطوة ذات ألف ميل اتخذها في ثوانٍ ..
قد أنهى حديثه إلى قلبي والآن العقل ..

اسمعوني جيداً ..
إن طابق شيءٌ المنطق فسيدخل عقلك ..
إن دخل شيءٌ عقلك فسيصبح عقيدة ..
إن دخل شيءٌ عقلك فلن يخرج منه ..

"أرجوك رالف" بوجهٍ قد جفّ من الدموع "تحدّث إلى عقلي"

"أعرف أن تركيزك قد تشتت بالكامل وملاحظاتك انتهت فور اعطائك للملف بل فور ذكره اسم والدك وهذا أول دليل قاطع بأن جوناثان ومن خلفه لا يعرفك فقط بل .. يعرفكَ جدّاً ..

وأنّ بينه وبين إيدوارد تواصلٌ مستمر ،، بالتأكيد إيدوارد يعرف مدى هوسك بأمر والدك"

"أنت محق .."

"أن تثير أمراً في الماضي ،، هذا كلامٌ فارغ .."

"بالضبط"

"فلنضع أسوأ الإحتمالات ،، ماذا لو أن والدتك هي التي قتلت والدك من أجلك ..
هل ستقتلها؟؟"

صرخت في وجهه باستنكار "مستحيل ربما فقط سأقاطعها"

"حسناً .." ثم تابع "ماذا لو كان والدك حيا وهو من يريد تحريضك على قتل والدتك فماذا ستفعل؟؟"

"لا .. لن أمسها بسوء" ودون تردد قلت ذلك

لكنه فاجأني بالتالي ..
"ماذا لو أن والدتك اتفقت مع أحدهم لخطف طفلتلك وقتلها .. هل ستقتلها؟؟"

ابتلعت لساني بالكامل ..
أظن أجل .. سأقتلها إن أذت طفلتي ..

وأظن رالف فهم ذلك لأنه تابع "اختطاف ابنتك واتهام والدتك بقتل والدك ثم الخطوة الثالثة هي اتهام والدتك باختطاف ابنتك أو أسوأ ..
كله يؤكد في عقلك فكرة قتلها أليس كذلك؟؟"

"بلى ..
ولكن لمَ وإن كان هدفهم قتل والدتي .. لم لم يقتلها إيدوارد أو ذلك الأسود الضخم إذاً؟؟"

كان سؤالي هذا صعباً عليه ..
لقد شعرت به متوتراً وهو يرد "لأنهم .."

ثم أردف ..
"لأنهم لا يريدون التورّط معك ..
لا أحد منهم يريد الوقوف ضدك بل اجترارك إلى صفهم ربما ،، وهذا احتمالٌ أن والدك لا يزال على قيد الحياة ويدير ذلك أو أسوأ ..
ربما يريدونك أن تتخيل ذلك .. إنهم يتلاعبون بنا !!"

"إذاً ما العمل؟؟"

"اسمعني جيداً ..
هناك ،، يدٌ خفيةٌ عابثة تريدنا كأدواتٍ ودمىً .. عندما لا يستطيع أحدهم أن يأمرك مباشرةً بتلبية رغباته ،، فببساطة يجعل رغباته هي ذاتها رغباتك ..
وهنا يتعين علينا نفي أي شيءٍ من مصدرهم والتحرك وحدنا ..

لا توجد قضيةٌ ضد والدتك ..
والدتك بريئة ..
ولدك ليس حيّاً ..
طفلتلك طعمٌ لك وهنا سنفعل عكس كل ما يريدونه منا والتركيز على معرفة مكان طفلتك .."

"ماذا عن والدتي؟؟
هل ستكون بخير؟؟"

"لن يؤذوها صدقني .. جيمي،، لا أحد منهم يرغب في التورط معك أو معي هذا ليس من مصلحتهم .. يخافون جنونك ،، ويحتاجنونني من أجل القناصة"

وسكت ..
وأنا قد هدأت ولكن لا أدري لم هو واثقٌ جدا من عدم تعرضهم لوالدتي؟؟

كان لدي سؤالٌ أخير ..
"ما الذي علينا فعله؟؟"

"متابعة التحقيقات ضد اختفاء طفلتلك و .. مقابلة جراي"

"جراي!!"

●●●●●●●●●●●●●●●●

وفي لحظةٍ واحدة وغير متوقعة ،، الآن يقوم رالف بالتفكير في إقامة الهدنة مع جراي ،، والقناصة هي لا شيء بالنسبة لرالف على أية حال ..

الآن ..
وبعد أن أظلما المكان استعداداً للنوم ،، يعلمان جيدا أنهما جنّا ربما لتغيير وجهتهما وجعلها نحو تلك الغابة ،، وذاك القصر الأزرق القراميد الرماديْ الجدران ..

جراي حاصد الأرواح ..
اجساد البشر لا قيمة لها عنده ،، أرواحهم لا وزن لها ..
هل هما مستعدان كفايةً لمقابلته؟؟

كان هذا على الأقل تخوّف جيمي وحده .. أما رالف المتمدد هناك على السرير المجاور ..

والتي تكاد عيناه تلمعان كقطٍّ أسود ..

لو أنك تستطيع رؤية ما بداخل عقله في جوف ظلمة وسكون الغرفة،، لرايت كوارث وعواصف الأفكار تحل به .. تكاد تنزع بقية أطرافه ..

ما الذي يقلق رالف إن لم يكن جراي؟؟

تمر ساعة وتتبعها اخرى والقلق يأكل عقل رالف من الداخل ..
خلية خلية ..

أصبحت الرابعةَ فجراً!!
لقد آن الأوان ليقوم من مضجعه المرهق ويرتشف ربما كأساً من ماء ..
أو نبيذاً يطفئ خوفاً هبّت نيرانه داخله فجأة ،، كارثة غير متوقعة ..

كابوسٌ أسود ..

يخرج من الغرفة بصمت شديد ويغلق خلفه الباب ..
متجّها إلى الصالة الفسيحة ،، ولكنه لم يشأ إمساك كوب الماء هناك،، ولا زجاجة النبيذ هنا على الطاولة ..

بل ذلك الملف مجدداً !!

يخطف بعض الأنظار إلى الغرفة التي اوصدها خلفه ..

بالتأكيد جيمي يغط في النوم الآن ،، وهو في الحقيقة لا يحتاج سوى لبعض ثوانٍ ..

بضعِ ثوانٍ فقط ليلقي نظرةً أخرى مجدداً ويتأكد مما رآه ،، أو ربما نظرتين !!

على تلك الصور الثلاث داخل الملف ،، لحادث السيارة ..

تلك الصورة التي في الوسط ،، أجل تلك بالذات !!
نزعها من الملف ..

اشعل من خلفه ضوءاً خافتاً وظلّ يحدّق في الإطار ،، والنافذة ..

وكلّما تعمّق تأكّد ،، واتسعت حدقتاه كما لم تتسعا من قبل !! وانتشر سوادهما في عينه كسواد الكابوس الذي أدركه للتو ..

تماماً ،، كسواد عتمة القبور والموت ..
كالحفر ..
كالشّيطان !!!

يحدّق ويحدّق ..

ويهمس بوهنٍ ،، شفتاه ترتخيان ..

ولكنه يتمعّن ..
وكلّما تمعّن مجدداً ،، تأكّد !!

وردد ..

ردد ..

"أجل

هو نفسه ..














آدم"

____________________________

To be continued ●

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top