الفصل الثالث والثلاثون: سأوقفكِ بالتأكيد
هلاااا كيف حالكم اشتقتلكم كثيييير😍😍
سامحوني عالتاخر الفترة الماضية صارت ظروف الحرب منعتني ان نكتب أي حرف ونفسيتي محطمة تماما لحد الان كملت كتبته الفصل مع نغمات المدافع والرصاص اللي كل شوي يقرب ويستر الله علينا وخلاص💔💔
واللي زاد اخرني ان عاودت عمليتي اللي درتها في ايدي مرة ثانية بعد فشل العملية الاولى ومزال لتوا الجرح ما انشفاش وبجد نكتب وايدي توجع كثير😭
شكرا لكل من انتظرني ولكل من سأل عليا ولكل من قدر ظروفي وما ترك الرواية لأني تأخرت في النشر والله بجد فرحتوني اكثر مما تتصورو وباذن الله لو مصار شي منعني رح نحاول بكل جهدي نخلي النشر منتظم اكثر بقدر ما نقدر..
نخليكم مع الفصل وان شاءالله يعجبكم😘
*******
فرنسا_الضاحية الجنوبية لباريس_ الساعة 2:30 صباحاً
2006\4\28
من حسن حظها أن إقناع الحارسين الغبيين بأنها طبيبة هنا لم يكن صعباً على الإطلاق.
ربما لا يمكنها لومهما في الواقع، فقد كانت هويتها حقيقية فعلاً، وهو ما أكده لهما قسم الاستعلامات في المستشفى بعد أن اتصل أحدهما بهم وسألهم عمن تكون.
سارت إلى داخل تلك الغرفة بخطوات واثقة، لتغلق الباب وراءها ببطء، ثم تسير بهدوء إلى جانب ذلك السرير الطبي الأبيض..
ألقت نظرة سريعة على الأجهزة والأنابيب العديدة المتصلة بجسده، لتنحني زاوية فمها قليلاً مفرجةً عن شبح ابتسامة خبيثة.
لا يمكننها أن تبعد ما حدث عن ذاكرتها أبداً. صورة هاري وهو يحمل المسدس ويوجهه ببرود نحوهما، أرسلت قشعريرة مألوفةً إلى جميع أنحاء جسدها..
لا يمكنها أن تسمح لأحد بأن يضع يده عليه. سواء هو، أو تلك الصغيرة ايمي التي تحتاجها الآن أكثر من أي شيء آخر..
أخرجت ابرة حقن فارغة من تحت معطفها الطبي، ثم أخرجت قارورة صغيرة بها سائل ما. أدخلت الابرة في تلك القارورة لتملأها بالكامل بذلك السائل، ثم تعيد القارورة في جيب معطفها الداخلي بحذر.
نظرت إليه مرة أخرى لتقول وتلك الابتسامة الشيطانية لم تغب عن شفتيها أبداً: أخشى قول هذا، لكن عليك الموت الآن..
ولما أرادت الاقتراب منه أكثر، استطاعت أن تشعر بحركته المفاجئة ولقد أخذ يفتح عينيه تدريجياً.
عندها أخفت الابرة خلف ظهرها على الفور وهي تراقبه بصمت دون أن ترتسم في وجهها أي تعابير على الإطلاق. كان يجب أن تنهي كل شيء بهدوء، لكن يبدو أن خطتها ستأخذ وقتاً أطول قليلاً من المتوقع.
لم يمض الكثير من الوقت حتى وقعت عيناه عليها. ورغم ذلك الشعر المستعار الأسود الذي كانت ترتديه، إلا أنه لا يمكنه أن يخطئ في تمييز عينيها الداكنتين الباردتين كقطعة من الثلج.
رؤيته لها، نبهت كل خلايا جسده تلقائياً، ليقول وهو يجاهد للقيام من مكانه رغم الألم الفظيع في جسده كله: شيرين؟ أنتِ شيرين صحيح؟
أخيراً صار قادراً على الجلوس، رغم أن جروحه كانت تؤلمه حقاً. فتكلم وهو ينظر إليها بصعوبة: لقد أتيت لإخراجي صحيح؟ يجب أن نسرع قبل أن يأتي رجال الشرطة ويلقوا القبض علي. لابد أن الزعيم أرسلكِ لأخذي!
ثم مرر يده على شعره السميك الأسود بانفعال، ليقول وهو ينظر حوله باضطراب واضح: لقد شعرت بالذعر حقاً. ظننت أنهم سيكتشفون هويتي إذا ما قاموا باستجوابي.
سألته شيرين ببرود متجاهلة كلامه تماماً: متى استيقظت؟ سمعت أنك ظللت فاقداً للوعي طوال الثلاثة الأيام الماضية.
اتسعت عيناه بصدمة لما سمع كلامها وقال بعدم تصديق: هل بقيت فاقداً للوعي لثلاثة أيام؟!
ثم ضرب فخذه بقبضته بعصبية، ليندم بعد ذلك على حركته الغبية تلك ما أن شعر بلسعة الألم التي سرت في جسده كله.
تأوه متألماً، ثم أخذ يطلق عدداً من الشتائم واللعنات تحت أنفاسه.
ضغط على أسنانه وهو يتذكر ما فعله له هاري، ليقول متوعداً بسخط: سيندم ذلك الحقير على ما فعله لي! سوف أقتله. سوف أقتله حتى لو كان ذلك آخر شيء أفعله في حياتي!
فاقتربت منه شيرين أكثر، وتلك التعابير الباردة لم تغب عن وجهها أبداً.
لكنها انحنت نحوه فجأة، لتحيط رقبته بيدها وتهمس في أذنه بنبرة سوداوية بينما تتحسس بأصابعها موضع أوردته البارزة في رقبته الطويلة: من المؤسف جداً أنك لن تكون قادراً على ذلك. يمكنك فقط أن تتخيل نفسك وأنت تقتله. ربما سيكون ذلك كافياً ليكون آخر شيء تفعله في حياتك..
وقبل أن يكون قادراً على قول أي شيء، شعر بتلك الابرة تخترق جلده، لتفرغ شيرين كل السائل الموجود داخلها في وريده مباشرة.
مرت بضع لحظات فقط حتى صار جسده ينتفض بقوة. عيناه أخذتا تدوران في اللامكان وهو يصارع من أجل التنفس، ومن أجل الحركة حتى. وللحظة فقط، التقت عيناه بعينيها في نظرة تحمل تساؤلاً، حقداً، لوماً وانكساراً في آن واحد.
فوضعت يديها في جيوب معطفها الطبي بينما تراقبه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ببرود. كانت الأجهزة المتصلة به تنذر بخلل صريح في إشاراته الحيوية، لكنها لم تبالي أبداً بصوت إنذاراتها، لتقول آخر كلمات سمعها على الإطلاق: لا تلمني على ذلك تريفور، فلقد كانت هذه أوامر الزعيم. لقد تجرأت على الاقتراب من ملاكه الصغير، لذلك عليك تحمل العواقب.
ثم سكتت قليلاً وأردفت بنبرة قاتلة: كما أنني لن أسمح لك بلمس شعرة من ذلك الصغير...
في تلك اللحظة فتح الحارسان الباب على مصراعيه لما سمعا صوت اضطراب تلك الأجهزة، ليريا تلك الطبيبة تتفقد جسد تريفور باضطراب. ولما رأتهما، هتفت قائلة بانفعال: استدعوا الأطباء حالاً!!
ما هي إلا دقائق قليلة حتى تدفق الأطباء وطاقم التمريض إلى تلك الغرفة محاولين إسعافه بأسرع وقت. ومن بين تلك الجموع المضطربة، والممرضين الذين أخذوا يركضون هنا وهناك، تسللت تلك الطبيبة إلى الحمام دون أن يلاحظها أي أحد. وبعد عدة دقائق، خرجت من ذات الحمام امرأة شقراء ترتدي ملابس المرضى وقد أخذت تسير في الممر بهدوء باتجاه المصعد.
ألقت نظرة أخيرة على تلك الغرفة. لتبتسم برضا، ثم تدخل إلى المصعد وتختفي بعدها تماماً.
في هذه الأثناء
كانت نائمة على فراشها الطبي بهدوء بعد أن تعبت حقاً من الاستلقاء طوال اليوم دون أن تكون قادرةً على فعل أي شيء..
ظلت هكذا إلى أن أيقظها من نومها المسالم، ذلك الصوت الذي خاطبها هامساً بهدوء: لوسي..
ففتحت عينيها ببطء وهي غير متأكدة مما إذا كانت قد سمعت صوت شخص يناديها أم لا، حتى سمعت صوته مجدداً لما ناداها بصوت أعلى وأكثر وضوحاً: لوسي..
فتحت عينيها على مصارعيهما ما أن ميزت صوته على الفور، لتلتفت ناحيته وتقول بدهشة: راولي؟! كيف دخلت إلى هنا؟!
أشار إلى النافذة المفتوحة خلفه وقال موضحاً بهمس: النافذة.
أرادت لوسي الجلوس وقد تأوهت بألم ما إن حركت جسدها. فأسرع نحوها ليحيط يده أسفل كتفيها، بينما أمسك يدها بيده الأخرى ليساعدها على النهوض بحذر.
فلما جلست أخيراً، جلس إلى جانبها ويديه ما تزالان تطوقانها برفق. ليسألها أخيراً بنبرة قلقة: هل أنتِ بخير؟ كيف حالك الآن؟
ابتسمت لوسي بحنين وقد أدركت الآن فقط كم اشتاقت إلى ملامحه القلقة تلك. لطالما كان راولي هكذا دائماً، لا ينفك عن القلق على كل صغيرة وكبيرة تخصها أياً كانت.
لم يكن من النوع الذي يظهر مشاعره بالكلام أبداً، لكنها كانت تعرف جيداً أكثر من أي شخص آخر كم يحبها، وكم ويهتم بها كأخته الصغيرة والوحيدة.
كان قد اعترض تماماً على هذه المهمة التي رآها تشكل خطراً كبيراً عليها في نظره، لكنه لم يستطع منعها رغم لك. فهو يعلم أنه إذا ما فعل هذا، فسوف تكرهه ربما إلى بقية حياتها.
الآن صار لديه سبب كاف ليوقف الأمر عند هذا الحد. فلقد تكلم أخيراً بعد أن نظر نحوها بجدية لما لم ترد على سؤاله: لوسي. لقد تحدثت مع القائد، وقد قررنا إيقاف المهمة عند هذا الحد. لقد حصلت سكارليت على البصمات. كما أنها استغلت الفوضى التي حصلت من بعد تلك الحادثة، واستطاعت أن تتسلل إلى مكتب الرئيس تشادولي لتسرق عدداً من المستندات المهمة من هناك. ذلك كافٍ إلى الآن. سوف نفكر لاحقاً في طريقة أخرى لإتمام كل شيء، لكن عليك العودة في الوقت الحالي.
من الواضح أن تشادولي متورط في أشياء أخرى أكثر مما نعلمه بالفعل، ومن السيء تواجدك في هذا التوقيت بالذات. لم نستطع معرفة هوية الأشخاص الذين حاولوا اختطاف تلك الطفلة، لكن أياً كان غرضهم من ذلك، لا أريدك أن تتورطي في هذا الأمر أبداً خصوصاً بعد أن أصبتِ الآن.
سألته لوسي وهي تضغط على أسنانها بقهر: ودفتر الحسابات؟ هل حصلتم عليه؟
تنهد راولي بقلة حيلة، لكنه أجاب وهو يفرك جبينه بتعب: حتى لو لم نحصل عليه. لقد تأكدنا من البصمات، وقد كانت شكوكنا في محلها. إنه كارلوس تشادولي بلا أدنى شك. الآن يمكننا إنهاؤه قريباً جداً.
خفضت لوسي رأسها وقالت وهي تشد الملاءة البيضاء التي غطت قدميها: لا يمكننا إنهاؤه بعد. يجب أن نحصل على كل شيء أولاً. دفتر الحسابات ضروري جداً، فالبصمات والمستندات وحدها لا تكفي. دعني أنهي ما بدأته راولي. يجب أن أنهي كل شيء حتى أكون قادرةً على أن أمضي قدماً في حياتي!
سحب راولي نفساً عميقاً قبل أن يسألها بهدوء: هل أنتِ متأكدة أنكِ تفعلين هذا من أجل إنهاء الأمر؟ أليس ذلك بسبب أنكِ لا تريدين تركه بعد؟
ثم سكت قليلاً ليسألها بجدية: لوسي...هل أنتِ واثقة أن موته هو ما سيجعلك تمضين قدماً في حياتك؟ برأيي...موته سيدمركِ فحسب.
نظرت إليه لوسي لترفع صوتها قائلةً والدموع في عينيها: لا تقل هذا راولي! إن ذلك ما أردته...ذلك ما ظللت أعاهد نفسي على فعله لعشر سنوات. عشر سنوات راولي! عشر سنوات لن تغيرها مشاعر سخيفة تكوّنت في أقل من ستة أشهر!
نظر راولي إلى عينيها مباشرة كما لو كان يقرأ دواخلها بعينيه البنيتين الحادتين، ليقول بهدوء بعد أن سكت لبعض الوقت: إذا ما كانت محض مشاعر سخيفة كما قلت، فلماذا تبكين هكذا لوسي؟ ربما يمكنكِ خداع العالم بأكمله، لكنكِ لن تكوني قادرةً على خداعي أبداً. إنني أعرف أنكِ تحبينه حقاً، لهذا تواجهين صراعاً مع نفسكِ الآن.
بصراحة، لا يمكنني أن أفهم لما أحببت شخصاً مثله أبداً، لكنني لن أعاتبك لأجل هذا. إلا أنني لا يمكنني السماح لكِ بجرح نفسكِ أكثر. إذا ما واصلت هذه المهمة، فستنتهين بتدمير قلبكِ لوسي، وهو ما لا أريده أبداً.
أغلقت لوسي عينيها لبعض الوقت وهي تحاول تهدئة نفسها، لكنها قالت بتعب بعد ذلك: أرجوك راولي، لن أعرف كيف أعيش إذا ما لم أفعل هذا. إنني أحتاج لإطفاء تلك النيران المشتعلة بداخلي حتى يمكنني العيش بسلام أخيراً. صدقني أنا أيضاً لا أعرف كيف ومتى ولما أحبتته، لكنني لا يمكنني السماح لذلك الحب بإيقافي. لقد قلت لك من قبل..مشاعر الحقد التي أملكها اتجاهه، أكبر بكثير من حبي له.
أومأ راولي بصمت قبل أن يقول وهو يسير باتجاه النافذة مجدداً: آمل أنكِ لن تندمي في النهاية. لا يمكنني إيقافك، لكنني لا أريدكِ أن تستمري في الكذب على نفسك إلى الحد الذي لن تستطيعي فيه التمييز بين الوهم والحقيقة.
فتح النافذة ثم نظر إليها للمرة الأخيرة وأردف بهدوء: عليكِ أن تكوني حذرة. فلتنهي ذلك في أسرع وقت ممكن.
ابتسمت لوسي بتعب واكتفت بإيماءة بسيطة.
لما ذهب راولي أخيراً، أخذت لوسي نفساً عميقاً قبل أن تنظر إلى حضنها بضياع.
هل حقاً يمكنها فعل ذلك؟ هل حقاً ستكون قادرة على العيش بسلام كما قالت إذا ما مات كارل؟
#اليوم التالي
قام من من كرسيه على الفور ما إن سمع كلماته تلك عبر الهاتف، ليصيح قائلاً بصدمة: ماذا؟ أقلت للتو أنه قد قُتل؟!!
رد الطرف الآخر بنبرة مضطربة: لا ندري حقاً كيف حدث ذلك سيدي. لقد دخلت امرأة متنكرة على هيئة إحدى الطبيبات في المستشفى، وقد تأكدنا من هويتها بالفعل. لقد تم إيجاد الطبيبة الحقيقية مقيدةً في إحدى الحمامات بالمستشفى، ويبدو أن القاتلة قد تنكرت بهيئتها وسرقت بطاقة هويتها بعد ذلك. لقد قامت بحقن ذلك الرجل بجرعة كبيرة من سيانيد البوتاسيوم أدت إلى موته بعد دقائق قليلة.
ضغط كارل على أسنانه وتمتم بحنق: تباً! ثم سكت قليلاً وقال وهو يحاول تمالك أعصابه بصعوبة: هل حاولتم تتبع أثرها؟
أجاب الرجل بنبرة متوترة: لقد حاولنا إيقافها وتطويق المكان. لكننا وجدنا الملابس والشعر المستعار الذي استعملته للتنكر فيما بعد في أحد الحمامات. يبدو أنها قامت بتغيير هيئتها وتنكرت كأحد المرضى لتقوم بتضليلنا.
أخذ كارل نفساَ عميقاً محاولاً تهدئة نفسه قبل أن يقول بضيق: ماذا عن لوسي؟ هل هي بخير؟
فأجاب الرجل على الفور: الآنسة أليسون بخير سيدي.
تنهد كارل براحة ثم قال بهدوء: اتركوا الأمر للشرطة الآن. عليكم أن تركزوا على حماية لوسي فحسب. سوف أهتم بإجراءات نقلها إلى مستشفى آخر أكثر أمانا. لا يمكننا ان نضمن أنهم لن يحاولوا التسلل مجدداً.
فقال ذلك الرجل بانصياع: أمرك سيدي!
أغلق كارل الخط، وارتمى على كرسيه مجدداً، ليضرب مكتبه بقبضته ويقول هاتفاً بسخط: اللعنة!
كور هاري الجالس أمامه قبضته أسفل ذقنه، ليقول وهو ينظر إلى الأرض بتفكير: لقد قاموا بقتله إذن...ذلك يعني أن الأمر أكبر بكثير مما كنا نتصور. من الواضح أن ما كان ذلك الرجل سيقوله سيفضح أولئك الأشخاص، وهو ما لن يسمحوا بحدوثه أبداً.
تنهد كارل بضيق وقال بحيرة: لكنني لا أستطيع أن أفهم أبداً ما غرضهم من اختطاف ايمي. لقد قاموا بإنقاذها من الدوق هوريستون فيما سبق، والآن يحاولون أخذها منا. لا يمكنني التفكير في سبب منطقي لهذا أبداً!
رد هاري بتفكير: الخيط الوحيد الذي لدينا في الوقت الحالي هو ماكس هوريستون. لقد سألت ايمي عنه. قالت أنه كان يبقى معها نيابة عن والديها معظم الوقت.
فسأله كارل بشك: لكن...ما الذي كان يريده منها؟
فأجاب هاري بهدوء: لقد قالت أنه كان يجعلها ترسم لوحات مختلفة. الشيء الوحيد الذي يمكنني التفكير به، هو أنهم يريدونها بسبب قدرتها على الرسم، لكن ذلك غير منطقي أبداً. أعني.. مهما كانت ايمي موهوبة، ذلك لا يعني أن يصلوا إلى هذا الحد من أجلها. وحتى لو كان ذلك غرضهم فعلاً، الشيء الذي يقلقني أكثر هو هويتهم. لا يبدون لي محض عصابة عادية يحاولون استعمال لوحات طفلة من أجل الحصول على المال. هناك شيء ما أكبر من ذلك بكثير. شيء يخص تلك المرأة شيرين، وولع أولئك الأشخاص في الحصول على ايمي تحديداً. لقد قالت ايمي أن شيرين هي من أنقذتها ذلك اليوم من أولئك الرجال الذين حاولوا قتلها في الجبل الثلجي.
عقد كارل يديه أمام صدره، ثم تمتم قائلاً باستدراك: إذن لهذا السبب التقيت بها أول مرة بينما كانت ترسم!
ثم سكت قليلا وأردف بتردد: في الواقع...هناك شيء علي إخبارك به. لقد تم العثور مؤخراً على جثتي رجلين كانا مدفونين في إحدى الغابات المحيطة بالجبل بعدما ذاب الثلج الذي أخفاهما. لم أستطع تأكيد علاقتهما بأسرة ميليغان بعد، لكن أوصافهما تنطبق على الرجلين اللذين وصفتهما ايمي لنا في ذلك الوقت.
ضغط هاري على أسنانه وقال بغيظ: تباً. لا يبدو لي الأمر كمزحة أبداً كارل. هؤلاء الأشخاص ليسوا عاديين أبداً.
ثم سكت قليلاً وأردف بقلق: لدي نظرية...إذا ما كان أولئك الرجلين قد قُتلا فعلاً بسبب أنهما قد حاولا قتل ايمي، فربما ذلك الرجل قد قتل للسبب نفسه. وذلك يؤدي بي للتفكير في احتمالين فقط. إما أن تكون ايمي مهمةً جداً لسبب ما نحن لا نعرفه، وإما أننا نتعامل مع شخص مجنون مهووس بها بطريقة ما. وفي كلتا الحالتين، أنا واثق من أن كل شيء يدور حول ايمي.
تنهد كارل بضيق وهو يفكر في كلامه، لكنه علق بقلة حيلة: لا أعرف حقاً كيف سأتصرف حيال هذا. أشعر أن الأمر أكبر بكثير من أن أتعامل معه وحدي.
فسكت هاري قليلاً قبل أن يقول بتفكير: ربما سيكون عليك الاتصال بروي. ديفيد أيضاً عليه أن يعلم بذلك عاجلاً أم آجلا. حتى رغم أنك منعت وسائل الإعلام من التحدث عما حدث، فذلك لا يعني أن ذلك لن يصل إلى مسامعه. من يدري، ربما ديفيد مستهدف أيضاً بطريقة أو بأخرى.
أسند كارل رأسه على حافة الكرسي بتعب، ثم قال دون أن ينظر إليه: أستبعد هذا الاحتمال. أستطيع القول أن الأمر يدور حول ايمي فقط كما قلت. وأياً كان السبب، المهم الآن ان نركز على حمايتها بكل ما لدينا. ثم سكت قليلاً وسأله بقلق: على كل حال...كيف تتعامل ايمي مع ما حدث؟ هل قالت لك شيئاً ما؟
حرك هاري رأسه نافياً ثم نظر إلى الأرض بقلق: لقد أخبرتني ايمي عما حدث بالتفصيل، لكنها لم ترد أن تخبرني عما تشعر به أبداً. قالت أنها بخير، لكنني أعلم أنها تكذب. إنها تشغل نفسها في الوقت الحالي بالاهتمام بلوسي والبقاء معها أغلب الوقت، بينما تكتفي بالرسم في غرفتها عندما تنتهي ساعات الزيارة.
تغيرت ملامح كارل ما إن ذكر هاري اسم لوسي، ولم يغب ذلك عن هاري أبداً. لذلك سأله بعد أن سكت قليلاً: ما الذي قررته بخصوصها؟ أعلم أنك طلبت مني ألا أتدخل، لكنني لا أريدك أن تتجاهل مسألتها أيضاً كارل. لقد رأيتها برفقة شخص ما أستطيع القول ومن خلال دراسة طريقتها في التعامل معه أنه هو رفيقها بلا أدنى شك. لقد تسلل إلى الحفلة كأحد المعلمين باسم فينسينت لورانس. لقد حاولت مراقبته هو أيضاً، وقد لاحظت أنه قد تواصل مع امرأة أخرى أكثر من مرة. ربما تكون شريكتهم و..
قاطعه كارل لما قال بهدوء: أعلم بأمره هاري. لقد حققت بشأنه بالفعل. اسمه راولي ساكفيل. وفي الحقيقة، هذا كل ما استطعت معرفته عنه.
عقد هاري حاجبيه بتعجب وقال مستفهما: ما الذي تقصده بأن هذا كل ما عرفته عنه؟
تنهد كارل بضيق وقال: الأمر ينطبق على لوسي أيضاً. لا يوجد هناك أي معلومة تخصهما أبداً رغم أنني استأجرت أفضل المحققين الخاصين الذين أعلمهم للتحقيق بشأنهما.
سكت هاري قليلاً بينما يفكر فيما قاله، ثم قال بعد برهة: في مثل هذه الحالات، هناك احتمالين فقط. إما أنه لا وجود لهذين الاسمين أساساً، أو أنهما شخصين غير عاديين أبداً إلى حد مكنهما من حجب كل المعلومات المتعلقة بهما.
أومأ كارل وقال موافقاً على كلامه: لقد قال لي المحقق الكلام نفسه، لكنني أرجح الاحتمال الأول. إذا ما كانت لوسي تنوي قتلي حقاً، فمن المنطقي ألا تستعمل اسمها الحقيقي.
سكت هاري فجأة دون أن يظهر على وجهه أي تعبير. لكنه سأله بعد ذلك بهدوء: أخبرني كارل...إذا لم يحدث كل هذا لايمي. هل كنت تنوي السماح للوسي بالبقاء هنا لتنهي خطتها تلك؟
لم يردّ كارل على سؤاله حتى ظن هاري أنه لن يقول شيئاً. لكن كارل تكلم أخيراً بعد صمت طويل، ليقول وفي وجهه تعابير غامضة لم يستطع هاري قراءتها: سواء كنت قد قررت السماح لها بقتلي أم لا، فذلك لا يغير شيئاً الآن. علي التركيز على حماية ايمي. لا يمكنني التفكير بأي شيء آخر في الوقت الحالي.
رغم أن هاري لم يستطع أن يستنتج ما يشعر به كارل في هذه اللحظة، إلا أنه لم يشأ الضغط عليه أكثر. قام من مكانه وقال وهو يسير باتجاه الباب: على كل حال. عليك التفكير فيما قلته والاتصال بروي. أظن أن ذلك الأحمق هو أفضل من يمكننا الاعتماد عليه في هذا الوضع.
.
.
.
.
تنهد كارل بضيق ما إن خرج هاري من مكتبه وأغلق الباب وراءه. كان متعباً جداً، فهو لم يذق طعم الراحة طوال الأيام الماضية. كان ينتظر الوقت الذي يستعيد فيه ذلك الرجل وعيه حتى يحقق معه. والآن بعد أن قُتل، شعر كارل أنه قد عاد إلى نقطة الصفر من جديد.
رفع هاتفه الموضوع على الطاولة وظل ينظر إلى شاشته السوداء بشرود. هل يتصل بروي حقاً؟
يعلم جيداً كم أن روي مشغول جداً في الآونة الأخيرة، لذلك هو لم يرد أبداً أن يحمله مسؤولية أخرى إلى جانب المسؤوليات المتكدسة عليه بالفعل.
آخر مرة تحدثا فيها كانت منذ أكثر من ثمانية أشهر، وقد أخبره روي أن هناك شيئاً ما يشغله في الوقت الحالي. وبالطبع لم يستطع إخباره عما يكون بطبيعة الحال.
بعد تردد طويل، اتصل كارل برقم سكرتيرته الذي كان الرابط الوحيد بينه وبينهم، فهو يغير رقمه الشخصي باستمرار.
لكنه تفاجأ لما وجد أن ذلك الرقم لم يعد متاحاً بعد الآن. لم يستطع أن يمنع نفسه من الشعور بالقلق حقاً. لقد كان ذلك الرقم وسيلة الاتصال الوحيدة بينهم، فهل يمكن أنه قد حدث له شيء ما؟ ظلت تلك الفكرة تدور في عقل كارل حتى كاد يصاب بالجنون..
قام من مكانه وأخذ يسير خلف مكتبه جيئةً وذهاباً وذلك الشعور الرهيب بالقلق ظل يكبر في داخله شيئاً فشيئاً.
ظل يتمتم وهو يمرر يده في شعره للمرة العاشرة هذا اليوم، حتى صار شعره فوضوياً تماماً: تباً، لقد أخبرته! لقد أخبرته ألا يورط نفسه في شيء كهذا! ماذا لو علمت جدتي؟ سوف تنهار تماماً إذا ما أصابه أي مكروه!
ثم سار إلى هاتفه مجدداً وعاود الاتصال بذلك الرقم دون جدوى.
ضغط على أسنانه وقال في نفسه بضيق: عليك أن تكون بخير أيها الأحمق..سوف أقتلك إذا ما حدث لك شيء ما!
#الولايات المتحدة الأمريكية_نيويورك_ الساعة 4:30 مساءا
2006\4\29
ذلك الهواء المسائي العليل أخذ يعبث بخصلات شعره الأسود المبعثر بإهمال، بعد أن أسند رأسه على يديه المعقودتان على سطح مكتبه الفوضوي كالعادة..
كان صوت أنفاسه المنتظمة هو فقط ما كان يمكن سماعه داخل ذلك المكتب الذي يبدو كما لو أن لغماً قد انفجر فيه للتو بسبب تلك الفوضى المرعبة في كل أرجائه..
فمه النصف مفتوح، وعينيه المغلقتان براحة، قد أعطتاه منظراً مسالماً لم يبد مناسباً له على الإطلاق..
لكنه انتفض من نومه الهادئ فجأة ما إن سمع صوت رنين هاتفه الموضوع تماماً أمام وجهه، وبالقرب من أذنه التي أسندها على ذراعه..
أخذ يفرك عينيه وهو ينظر إلى الهاتف بحاجبين معقودين، بينما يلعن في نفسه ذلك الشخص الذي أيقظه من نومه وهو الذي استطاع أن يغفو أخيراً بعد أن ظل مستيقظاً لثلاثة أيام متواصلة!
حمل الهاتف في يده، ونظر بعينين نصف مفتوحتين إلى الرقم على الشاشة، لكنه ما إن رآه حتى استفاق بالكامل ليرد على الهاتف على الفور، ويقول بصوت عميق قد أثقله النوم: هل من جديد؟
استمع قليلاً إلى من كان يتحدث معه، في حين أخذ يدون بعض الملاحظات على إحدى تلك الأوراق الكثيرة أمامه وهو يهمهم لذلك الشخص كي يحثه على مواصلة الحديث.
ولما انتهى من تلك المكالمة، أخذ يمدد ذراعيه بينما يتثاءب بتعب..
كان يشعر أن جفنيه قد بدءا يثقلان شيئاً فشيئا، بعد أن كان على وشك العودة للنوم حقاً. لكنه لا يستطيع النوم الآن، ليس قبل أن ينهي كل تلك الأعمال المتراكمة عليه..
حمل كوب القهوة الذي كان موضوعاً على طاولته، ولما رفعه لشفتيه حتى يرشف منه القليل، كان قد وجده فارغاً بالفعل.
فتنهد بإحباط، ثم قام من مكانه وسار إلى خارج الغرفة متجاوزاً أكوام الأوراق والملفات والنفايات التي غطت الأرضية بالكامل حتى أعاقته على الحركة..
ربما عليه أن يفكر جدياً في تنظيف مكتبه بعد كل شيء.. هذا ما فكر به وهو يسير في الممر بعد أغلق الباب وراءه بمفتاحه الخاص.
لم يكن يخفى عليه تلك النظرات المستاءة ممن حوله، ولقد اعتاد على ذلك في الواقع لذلك لم يعد يعير ذلك أي اهتمام على الإطلاق. ثم ليس وكأنه كان ينزعج من نظراتهم منذ البداية في حقيقة الأمر..
الآن هو واقف أمام ذلك البار في نهاية الكافيتيريا، في حين ينتظر قهوته المعتادة. قهوة مركزة من دون أي ذرة سكر..
لما وضع صانع القهوة كوبه أمامه، أخذ ذلك الكوب الورقي الساخن وسار متجهاً إلى خارج الكافيتيريا دون أن يكترث لأي مخلوق من حوله كالعادة..
عندها وقف أمامه ذلك الرجل الثلاثيني وهو ينظر إليه باستنكار واضح في عينيه الزرقاوين الباهتتين..
قال له معاتباً وهو يشير إلى القهوة باستياء: لقد شربت ثلاثة أكواب هذا الصباح! ستقتل نفسك قريباً جداً بسبب كمية الكافيين والنيكوتين التي يستهلكها جسدك كل يوم!
تنهد بضجر، وقال وهو يفرك جانب رأسه بلامبالاة: أجل أجل، إنها المرة العشرين التي تقول لي فيها الكلام نفسه هذا اليوم. لقد فهمت ذلك تشارلي، لا داعي لتكرار هذا في كل مرة ترى فيها وجهي!
عقد تشارلي يديه أمام صدره وقال بانزعاج: إذا ما كنت قد فهمت كلامي بالفعل، فعليك تطبيقه. لا أن تتجاهلني في كل مرة!
ثم سار إليه وسحب كوب القهوة من يده ليقول بنبرة صارمة: ستجلس معي الآن وتأكل وجبةً لائقة...لا قهوة، لا سجائر، ولا طعام معلب..أهذا واضح؟
رفع يديه في الهواء مستسلماً وقال وهو يكتم ضحكته من تعابير وجهه: حاضر حاضر...فقط لا تقم بضربي اتفقنا؟
تنهد تشارلي بيأس من أن يقوم بتغيير شخصيته المهملة واللامبالية إلى أبعد الحدود. لكنه شعر بالارتياح لكونه قد قبل أن يتناول معه وجبة حقيقية على الأقل، لا تلك المأكولات المعلبة التي اعتاد أن يتناولها طوال الفترة الماضية..والتي لطالما شبهها بطعام الكلاب!
الآن عندما ينظر إلى منظره، يمكنه أن يدرك كم هو مرهق حقاً. تلك الهالات السوداء التي تكونت أسفل عينيه، وشعره الذي طال كثيراً حتى صار يلامس أطرف كتفيه، بالإضافة إلى شعر ذقنه الخفيف والذي لم يحلقه لأكثر من أسبوع على ما يبدو.
لم يكن بوسعه فعل شيء لمساعدته حتى يحظى بنوم كافي، أو أن يتوقف عن إرهاق نفسه بالعمل. لكنه قادر على الأقل أن يتأكد من جعله يحافظ على صحته ولو بالقدر اليسير..
كانا جالسين على إحدى الطاولات في الكافيتريا بينما يتناولان طعامهما بهدوء. لكن تشارلي ألقى نظرة متفقدة حوله، وهو يلاحظ النظرات المتجهمة، والمنزعجة ممن حولهما وهم ينظرون نحو ذلك الشاب تحديداً. فعلق قائلاً باستياء: ما تزال شعبيتك بين الجميع في الحضيض هاه؟ أتساءل متى سيقبلون بك أخيراً..
أجاب وهو يمضغ طعامه بدون اهتمام: ليس مهماً أن يقبلوا بي، ولا أعتقد أن ذلك سيحدث على أي حال..
تنهد تشارلي وقال بتفكير: ذلك طبيعي جداً. لا يمكن لأحد أن يفهم سبب تعيين القائد لشخص مثلك مسؤولاً على إدارة مثل تلك القضية الحساسة. فأنت بعد كل شيء، الانسان المهمل والفوضوي والنذل واللامبالي والمثير للأعصاب والوقح صاحب اللسان الذي يشبه مكب النفايات تماماً.. ثم لا ننسى أنك قد انضممت إلى الوكالة قبل خمس سنوات فقط!
علق الشاب على كلامه ببرود ساخر، بينما يرفع له إبهامه موافقاً على كلامه: شكراً على إهانتي في وجهي..
فأجاب تشارلي مبتسما: العفو...في أي وقت.
سكت الشاب قليلاً قبل أن يقول بجدية: من الأفضل ألا يكون هناك الكثير ممن يحيطون بي في الوقت الحالي. فكلما كبرت دائرة الأشخاص الذين أعتمد عليهم، كلما كان من الأسهل وجود جواسيس بينهم. ربما نكون قد حصلنا على اعتراف من الأمم المتحدة، لكن لا يزال وجودنا غير مرغوب به من قبل المنظمات الحكومية. فبالإضافة إلى المافيا، لدينا الكثير من الأعداء الذين يرغبون بإبعادنا من الواجهة بالفعل. وهذه القضية هي أسهل وسيلة لضربنا من الداخل.
أومأ تشارلي رأسه موافقاً على كلامه، لكنه قال بعد أن سكت لبرهة: في الحقيقة...هناك من اعترف بك بالفعل، وقد قرر الوقوف في صفك.
نظر الشاب إليه باهتمام وقال: هممم..حقا؟
ابتسم تشارلي بخبث وقال: إنهم في مهمة في الخارج في الوقت الحالي، لكنك ستلتقي بهم قريباً جداً. أنا واثق من أنك ستعجب بهم كثيراً.
بدا الشاب مستمتعاً جداً وهو يستمع إلى كلامه...فعلق أخيراً بابتسامة ماكرة: همممم... ذلك يبدو مثيراً للاهتمام حقاً..
#باريس_ مستشفى سانت جوزيف_ الساعة 5:30 مساءاً
2006\5\9
لم تتوقف ايمي عن إخبار لوسي عن كل شيء حدث في المدرسة، والتي كانت بدورها جالسةً على سريرها الطبي، مرتديةً ذلك الرداء الخاص بالمستشفى..
لقد مضى حوالي أسبوعين بالفعل على إصابتها، وقد تم نقلها منذ أكثر من أسبوع إلى هنا في باريس حتى تتلقى أفضل رعاية طبية ممكنة في هذه الغرفة الخاصة المجهزة بأقصى درجات العناية وسبل الراحة. حتى أنها بدت أشبه بجناح فندقي في الواقع.
ايمي كانت تزور لوسي باستمرار بعد عودتها من المدرسة. أحياناً وحدها، وغالباً برفقة هاري الذي يجلس بعيداً عنهما خلال ساعات الزيارة..
اليوم لم يرافقها هاري إلى هنا، في حين ظل معها عدد من الحراس الشخصيين الذين لم يتركوا جانبها منذ تلك الحادثة..
ابتسمت لوسي وهي تستمع باهتمام إلى حديث هذه الصغيرة التي صارت تشغل حيزاً كبيراً من قلبها وروحها الآن...
لقد تحسنت كثيراً خلال الأيام القليلة الماضية، وقد تم إعلامها أنها ستكون قادرةً على مغادرة المستشفى بعد يومين فقط، مما أشعرها بالراحة كثيراً بعد أن ضاقت ذرعاً بهذا الجو الخانق هنا..
كانت ايمي تتحدث عن أنشطة نادي الرسم الذي كان مكانها المفضل في المدرسة.. وقد بدت مستمعة جداً وهي تخبرها عن آخر ما تعلمته هناك، وعن رسوماتها التي أعجبت معلمها كثيراً.
لم تعد الآنسة ماكينيل تقوم بتدريسها الآن بعد أن اختفت تماماً. و بدلاً منها، استلم النادي مدرس جديد اسمه روبرت نيلسون كان أفضل بكثير من الآنسة ماكينيل بحسب ما قالته ايمي..
بعد حديثها الطويل ذاك، قالت لها لوسي بابتسامة متحمسة: أريد أن أرى آخر رسوماتك، فأنت لم تريني دفترك منذ وقت طويل جداً!
فأخرجت ايمي دفترها من حقيبتها المدرسية، وأعطته لها على الفور، في حين ظلت تراقبها وهي تقلب صفحاته في ترقب لما ستقوله.
بدا الإعجاب على ملامح لوسي وهي تنظر إلى رسومات ايمي المتقنة. وكانت تعلق بانبهار شديد على كل واحدة منها، مما جعل ايمي تشعر بالسعادة حقاً.
لكن لوسي توقفت فجأة وهي تنظر إلى أحد تلك الرسومات بصمت غريب..
كانت تلك هي صورةً مرسومةً لكارل وهو يقف في الشرفة، مسنداً يديه على حافة السور بينما ينظر في الأفق، في حين كان شعره البني الناعم يتطاير مع نسمات الهواء..
بدا وسيماً جداً في تلك الصورة التي رسمتها ايمي لما رأته ذات يوم واقفاً هناك وينظر إلى الحديقة في الأسفل بشرود...وكعادتها، كانت تحفظ تفاصيل ما تراه دون أن تضطر للجلوس بجانبه، ونقل المشهد جزءاً جزءاً...
تأملت لوسي تفاصيل تلك الصورة بصمت. مررت إبهامها على قسمات وجهه، لترتسم على شفتيها شبح ابتسامة حزينة دون أن تلاحظ ذلك حتى.
كانت ايمي تراقبها بصمت دون أن تعلق على ذلك. هي تعلم تقريباً بما تفكر فيه لوسي اللآن، فلقد كانت هي الوحيدة التي تدرك جيداً حقيقة مشاعرها اتجاهه..
بعد صمت طويل، تكلمت لوسي أخيراً وهي تنظر إلى ايمي بتردد: امممم ايمي...هل تسمحين لي بالاحتفاظ بهذه الصورة؟
ابتسمت ايمي من كلامها وقالت بهدوء: أجل بالطبع..
فأزالت لوسي تلك الورقة من الدفتر، ثم أخذت تتأملها من جديد دون أن تقول أي شيء. عندها تكلمت ايمي أخيراً وهي تنظر إلى الأرض بحزن: لوسي...هل من الضروري حقاً أن تفعلي هذا؟
نظرت لوسي إلى ايمي وسألتها باستغراب: ما الذي تقصدينه ايمي؟
فنظرت إليها ايمي بضيق وقالت: إنني أعلم كل شيء بالفعل. لكن لوسي، أنا أعلم أيضاً أنك تحبين كارل أكثر من أي شيء آخر!
ابتسمت لوسي بحزن وقالت: هل هاري من أخبرك؟
ردت ايمي وهي تنظر إلى يديها اللتان عقدتهما على فخذها: أعلم أن هاري لم يكن يكذب في ذلك الوقت. إنني أثق بكل ما يقوله، وأعلم أنه محق بشكه بك.
ثم نظرت إليها وقالت والدموع ملؤ عينيها: لكنني لا أفهم ذلك أبداً لوسي. لماذا تريدين إيذاءه بينما أنتِ تحبينه هكذا؟!
تنهدت لوسي بضيق وقالت بعد أن خفضت رأسها بحزن: ايمي...هناك أمور في هذه الحياة ليس بمقدورنا تغييرها أبداً. المشاعر مثل الحب والكره مختلفة جداً، لكنها أحياناً قد تكون واحدةً في الواقع. أن تحب شخصاً إلى حد يجعلك مستعداً للموت من أجله، وأن تكرهه إلى درجة أنك تريده أن يموت. إنه شعور متناقض ومعقد جداً. لكن بالنسبة لي، إنه يمثل مشاعري اتجاه كارل تماماً...
ثم نظرت إليها وقالت بألم: ايمي...أعتقد أنك تكرهينني الآن صحيح؟
حركت ايمي رأسها نافيةً وقالت بحزن: أنا لا أكرهك لوسي، لكنني لا أستطيع أن أفهمك أبداً. أنا واثقة من أنكِ لن تكوني سعيدةً أبداً إذا ما حدث مكروه ما لكارل..
فردت لوسي بهدوء: أجل ذلك صحيح. لن أكون سعيدة، وربما سأتحطم أيضاً. لكن ليس لدي خيار آخر ايمي. إنه شيء قد عقدت العزم على فعله منذ زمن طويل جداً، ولا يمكن لشيء أن يوفقني الآن.
ثم سكتت قليلاً وسألتها بحزن: ما الذي ستفعلينه الآن؟
خفضت ايمي رأسها وقالت بهدوء: كارل مهم جداً بالنسبة لي، ولا يمكنني أن أسمح لأي شخص بإيذائه حتى لو كان ذلك الشخص هو أنت. لكنكِ أيضاً مهمة بالنسبة لي، لذلك أرغب بحمايتكِ أنتِ أيضاً.
أياً كان ما يدفعك لإيذاء كارل، فأنا أعلم جيداً أن هناك خطأً ما. لذلك سأوقفك! مهما تطلب ذلك، سأوقفكِ بالتأكيد لوسي...
لم تدري لوسي لماذا كانت عيناها تدمعان في ذلك الوقت.
ربما لأنها وفي أعمق نقطة من قلبها، كانت تتمنى أن يكون ذلك صحيحاً.
أن تحدث معجزة ما تغير كل شيء. أن يمحى الماضي بطريقة أو بأخرى، وأن تكون قادرةً على أن تحب كارل من دون أي قيود. لكن ذلك مستحيل حتماً. ما حدث قبل عشر سنوات، لن يغيره حبها، ولا رجاؤها العميق في داخلها بأن يتغير مصيرهما المؤلم بأي طريقة..
ابتسمت بألم وقالت بصوت أقرب إلى الهمس: شكراً لك ايمي على أنكِ لم تكرهيني بالرغم من كل شيء. ربما لن نكون قادرتين على البقاء معاً يوماً ما، لكنني أريدك أن تعلمي أنني أحبكِ حقاً..
اقتربت منها ايمي وضمتها إليها، لتقول بحزن بينما تتشبث بملابسها بقوة: وأنا أيضاً أحبكِ لوسي...
#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 8:45 مساءاً
2006\5\25
طرقت الباب بهدوء بضع مرات حتى سمعت صوته وهو يخاطبها من وراء الباب قائلاً: ادخل..
ففتحت الباب، وسارت بخطوات مدروسة نحو مكتبه، حيث كان جالساً على كرسيه الجلدي وهو منهمك بالتحدث مع شخص ما عبر الهاتف. فوقفت خلفه وهي تنتظره حتى ينهي حديثه بصبر..
رغم أنها قد شفيت تماماً الآن، إلا أن الحركة السريعة ما تزال تشعرها بالألم نوعاً ما. لذلك كان عليها أن تظل حذرةً في تحركاتها طوال الوقت.
استمعت إلى حديث كارل بدون أن تهتم حقاً لما كان يقوله. فقد كان كلامه كله متعلقاً بالعمل، وبعض الصفقات والمشاريع المختلفة. لكن ما قاله لاحقاً شد انتباهها، وجعلها تنتبه لكلامه بإنصات تام..
_لقد أرسلت رقم الحساب المصرفي إلى جوناثان وتأكدت من وصول المبلغ فيما بعد. دونت كل شيء في دفتر الحسابات، لذلك لا مجال للشك.
_انتظر لحظة، سوف أتأكد من المبالغ المستلمة وتواريخ الحوالات.
ففتح درج مكتبه ليخرج الدفتر، ويتابع حديثه مع ذلك الشخص بينما يتفقد في بعض صفحاته بإنهماك.
لم تنتبه لوسي على كلامه بعد ذلك. كانت تنظر إلى الدفتر بحذر شديد، في حين أخذت ضربات قلبها ترتفع شيئاً فشيئاً.
إنها قريبة منه...قريبة جداً أكثر مما كانت تتصور!
بعد أن أنهى كارل حديثه، أعاد الدفتر في درج المكتب ونظر إلى لوسي ليقول معتذراً بعد أن قام بإغلاقه: اعذريني، هل جعلتكِ تنتظرين طويلا؟
أخفت لوسي توترها على الفور، وأجابت بنبرة طبيعية تماماً: لا بأس، لا تجعل ذلك يشغلك أبداً. ثم سكتت قليلاً وقالت بابتسامة: هل نذهب الآن؟
قام كارل من مكانه وقال وهو يجمع أغراضه: انتظري لحظة.
نظرت لوسي إليه بحذر، ثم تراجعت خطوة إلى الوراء لتقف وظهرها يقابل تلك النافذة الطويلة خلف مكتبه.
ولما تأكدت أنه كان منشغلاً تماماً بجمع أغراضه، مدت يدها ببطء إلى مقبض النافذة خلفها، لترفع القفل بحذر شديد دون أن تزيله تماماً من مجاله، بل إنها وضعته على حافته الحديدية حتى لا يبدو واضحاً أنه مفتوح في الواقع.
لما أنهى كارل ترتيب مكتبه، نظر إليها وقال مبتسما: هيا بنا..
رافقته لوسي إلى خارج المكتب، ثم سارت معه في الممر باتجاه سيارته بعد أن أغلق الأنوار والباب بالمفتاح الذي وضعه في جيب بنطاله.
الآن عليها الذهاب إلى المستشفى مجدداً من أجل المراجعة، وقد أخبرها كارل أن تنتظره حتى يرافقها إلى هناك. ورغم أنها أخبرته أنها تستطيع الذهاب وحدها الآن، إلا أنه أصر أن يكون معها مثل كل مرة..
.
.
.
.
كان الظلام حالكاً في الوقت الذي خرجت فيه لوسي إلى الحديقة وسارت بحذر باتجاه نافذة مكتب كارل بعد أن تجاوزت جميع الحراس بمهارة..
كان هناك حارس يسير في الممر المقابل لحيث تقع تلك النافذة، لذلك انتظرت بين تلك الشجيرات أمام المنزل لبعض الوقت. ولما تأكدت أنه قد غادر نطاق بصرها، سارت ببطء باتجاه النافذة لتدفع بابها بهدوء حتى انفتح قليلاً. عندها تسلقتها وقفزت إلى الداخل بخفة، ثم أغلقت باب النافذة دون أن تصدر أي صوت.
سارت بحذر شديد باتجاه المكتب لتخرج مصباحاً يدوياً صغيراً، ثم تفتح الدرج بهدوء بعد أن سلّطت ضوء المصباح عليه. لكنها صدمت تماماً في اللحظة التي وجدت فيها الدرج خالياً تماماً من أي شيء..
تراجعت خطوة إلى الوراء، وقد شعرت أن قلبها صار ينبض بقوة بعد أن أدركت أن هناك شيء خاطئ بالتأكيد.
لقد راقبت كل تحركاته منذ أن غادر المكتب برفقتها، إلى أن ذهب إلى غرفته من أجل النوم ولم يخرج منها أبداً.
إنه لم يعد إلى المكتب. هي واثقة من ذلك تماماً، لكن لماذا اختفى الدفتر من الدرج الآن؟!!
في تلك اللحظة، وقبل أن تدرك أي شيء، أضاءت أنوار المكتب فجأة ليظهر أمامها كارل الذي أسند جسده على إطار الباب، بينما يحمل الدفتر في يده وهو يرفعه في الهواء.
خاطبها بنبرة هادئة دون أن يرتسم على وجهه أي تعبير: هل كنتِ تبحثين عن هذا؟
يتبع...
*******
هاهاهاها_ضحكة شريرة_😏😏😏
أعتقد إنها من أكثر الوقفات الحقيرة والنذلة في القصة ايش رايكم انتو؟🤣🤣
_رأيكم في الفصل؟
_توقعاتكم للأحداث القادمة؟
_ما سر الجماعة التي تتبع إليها شيرين، وما الذي يريدونه من ايمي؟
_من يكون روي؟ ولماذا هو فقط من يستطيع مساعدتهم؟
_ما الذي سيحدث لايمي الآن؟ وهل ستحاول شيرين وجماعتها استهدافها مجددا؟
_هل ستتمكن ايمي من إيقاف لوسي حقاً؟ وكيف سيكون موقفها من لوسي من الآن فصاعدا؟
_كارل قد أمسك لوسي بالجرم المشهود!😱 ماهي توقعاتكم حول ما سيفعله لها الآن؟
أحداث كثيرة وشيقة بانتظاركم في الفصول القادمة فلا تنسو متابعتي❤
الفصل القادم سيكون بعد العيد..متقتلونيش بس والله ما نقدر ايدي توجع كثييير والفصل هذا كتبته بصعوبة مع أصوات القصف والرصاص في الخارج نفسيتي حشاكم زي الزفت😐
ان شاءالله بنحاول ننشر في أقرب وقت وشكرا شكرا شكرا على صبركم عليا وانتظاركم ليا يا أحلى قراء بجد نحبكم كلكم❤
ما تنسوش طبعا التصويت وتخلولي تعليقات حلوة زيكم ترفع معنوياتي المحطمة حاليا☺💔
سلام ودمتم في امان الله وحفظه😘
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top