فكرة روائية؟

♦♣♦♣♦♣♦♣♦

في مدخل الحمراء كان لقاؤناما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد

عينان سوداوان في حجريهما تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد

هل أنت إسبانية ؟ ساءلـتها

قالت: وفي غـرناطة ميلادي 

غرناطة؟ وصحت قرون سبعة 

في تينـك العينين.. بعد رقاد

وأمـية راياتـها مرفوعـة وجيـادها موصـولة بجيـاد

ما أغرب التاريخ كيف أعادني

لحفيـدة سـمراء من أحفادي

وجه دمشـقي رأيت خـلاله

أجفان بلقيس وجيـد سعـاد

ورأيت منـزلنا القديم وحجرة

كانـت بها أمي تمد وسـادي

واليـاسمينة رصعـت بنجومها

والبركـة الذهبيـة الإنشـاد

ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها

في شعـرك المنساب ..نهر سواد

في وجهك العربي، في الثغر الذي ما زال مختـزناً شمـوس بلادي

في طيب "جنات العريف" ومائها

في الفل، في الريحـان، في الكباد 

سارت معي.. والشعر يلهث خلفها

كسنابـل تركـت بغيـر حصادي

تألـق القـرط الطـويل بجيدها

مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..

ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي

وورائي التاريـخ كـوم رمـاد

الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها

والزركشات على السقوف تنادي

قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا

فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي

أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً

ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي

يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت

أن الـذين عـنتـهم أجـدادي

عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها

رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"

♦♣♦♣♦♣♦♣♦

♦♣♦

شعر غرناطة, لنزار قباني

♦♣♦

ذكرته لأنه فكرة, انا حين قرأته اول مرة خطر ببالي فكرة لقصة جميلة, احداثها في هذا الشعر الرائع, رجل عربي قابل امرأة اسبانية تتفاخر بتاريخ بلادها, بمدينة غرناطة وقصر الحمراء, وكأنها لا تعرف ان الذين عنتهم بالمجد هم اجداد الرجل العربي, وتمنى لو علمت تلك الجميلة ذلك... وحين قال ما اغرب التاريخ كيف اعادني لحفيدة سمراء من احفادي, قصد وجود العرب في اسبانيا "الاندلس" لاكثر من سبعة قرون, والاسبان يجهلون ذلك بلا شك رغم انه دم مختلط.

الشاعر اورد اسفه وحزنه على ضياع امجاد العرب في ايدي الغرباء, فلم يبقى لهم سوى الزخارف على جدران المدن الاندلسية والكتابات العربية التي يجهل معناها معظم الاسبان.

ويمكنك التوسع عن هذا الموضوع عن طريق الانترنت, فموقع ويكيبيديا الالكتروني مثلاً, عرض اقوال لباحثين اسبان قالوا انهم كانوا يجهلون امر حكم العرب لاسبانيا او الاندلسيا, او حتى شبه الجزيرة الايبيرية كما يسمونها ويعرفونها.

واختفت الاندلس بلد الحضارة والانفتاح العلمي والثقافي, وكانت بلد عظيم, فما بال اللغة العربية في موقع الكتروني بسيط مثل "الواتباد"؟ الن تختفي بسهولة ان لم ننقذها؟ بالتأكيد ستفعل.

هذه ليست قضيتنا الاصلية, لكنها مثال على اننا نستطيع استسقاء افكارنا من الشعر العربي.

وعلينا اعادة جمال لغتنا في قوالب جديدة كتبت بأنامل الجيل الجديد الذي يظهر فخره بلغته وامجادها.

في هذا الفصل سنتعلم سوياً كيفية تطوير فكرة صغيرة الى رواية, وطرق لايجاد الافكار بسهولة.

♦♣♦

1- الشعر العربي:

الشعر العربي بأنواعه, حديث وقديم, مهما تغيرت جنسية الشاعر يبقى شعره عائداً الى تصنيف عربي وليس فلسطيني او سوري.

يتفق الجميع على جمال الشعر واحتوائه على قصة مخفية بين ابياته, يمكن لهذه القصة المختصرة ان تتمدد وتقوي جذورها فتصبح رواية او قصيرة قصيرة, معتمدة على الشعر الاصلي.

كما ذكرت في الشعر فوق, قرأته فخطر ببالي فكرة.

كذلك نستطيع اخذ افكارنا من الاغاني او الافلام بنفس الطريقة. او حتى فيديو كليب لأي اغنية كانت... لا قيود لذلك.

♦♣♦

2- الـ فلاش باك:

وهو اعادة الزمن بالاحداث والشخصيات الى الوراء لتوضيح امر ما. او لسرد حدث مهم بتغير مجرى الاحداث العام, او تذكر الشخصية لأمر مهم حصل في الماضي كان سبباً بما يحصل معها الآن.

هنالك مرحلتين:

أ- قبل البداية:

لم تبدأ بروايتك بعد, ولا تدري كيف تبدأ بها, ماذا تفعل؟

تكتب حدث تشويقي في احداث القصة, وهذا الحدث يتضمن الفكرة التى لمعت برأسك حين فكرت ببداية كتابتك, 

نأخذ مثال جريمة قتل, تسرد شيئاً في البداية عن جريمة القتل, الضحية قُتلت وكانت هذه  نهايتها, اما لماذا قُتلت وما الذي حصل, فهنا الكاتب سيعود بالزمن الى الوراء ليسرد احداث وافعال ادت الى مقتل الضحية, 

وان كان اسم الضحية مجهول فستبدو القصة مشوقة اكثر, حيث يبدأ القارئ بالترجيح اي من هذه الشخصيات في القصة كانت الضحية في النهاية.

او, استعمال الفلاش باك في بداية اكثر من فصل, مثل حوارات بين شخصيتين مجهولتين عن امور دارت في الماضي, نأخذ مثال:

طبيب نفسي ومريضه, هنا الطبيب يحاور مريضه, والمريض يروي احداث ماضية, حيث يعطي طبيبه رأيه بها في بداية كل فصل.

ب- في مجرى الاحداث:

نكتب فصول من الرواية, ونتوقف فجأة مع توقف الالهام, وهذا امر طبيعي يصيب الكاتب, لذلك من المفيد استعمال الفلاش باك هنا, حيث توقف الاحداث الجارية وتجمدها, ثم تعود بالزمن الى امر خطر ببالك فجأة وتمنيت لو اضفته في البدايات, فسيكون رائعاً ومغايراً, هل نحذف القصة ونعيد كتابتها؟ طبعاً لا.

لا بأس اضفه بتقنية الفلاش باك في المنتصف, انا شخصياً استعملها, والجميل بها, ان الاحداث تنساب وحدها وتتجدد, فتصبح القصة مشوقة اكثر.

مثال: شخصية سيكوباثية انانية في القصة, مكروهة اعمالها واقوالها... ولا بد ان هنالك سبب لهذا, يمكن للكاتب ان يعود فلاش باك الى احداث مميزة في حياة هذه الشخصية غيرته لهذا الشكل.

حينها نضيف احداث جميلة للقصة, مع الحرص على الحفاظ على الاحداث الاصلية ولا يكون الفلاش باك قطع بين الاحداث, وليس توضيحاً لها كما يجب عليه ان يكون.

♦♣♦

3- اعادة تدوير الافكار:

لا حاجة لشرحها فهي بسيطة, نأخذ اكبر مثال في اشهر القصص الاجنبية "روميو وجولييت", هذه القصة اعيدت كتابتها مئات المرات, وانتجت على شكل افلام ومسلسلات وروايات مختلفة.

وكان العامل الاساسي هو اعادة تدوير الفكرة مع ابقاء المغزى ذاته, ويمكن لاعادة تدير الفكرة تحسين القصة, ومثال على هذا قصة الاميرة النائمة التي انتجت على شكل فيلم "مالِفيسنت" وتغير معناها كلياً. فكان انقاذ الاميرة على يد عرابتها وليس الامير, والحب الحقيقي كان حنان الام على ابنتها التي ربتها, وليس حب الامير لها الذي قابلها لدقائق فقط.

واضحة وسهلة وجميل العمل بها.

اعطيت امثلة عن قصص اجنبية لأنها التي اعرفها وليس لأنني افضلها.

بالطبع يمكنك استعمال القصص العربية من الادب الشعبي, او اي قصة استهوتك. فتعدلها في قالبك الخاص, فربما لديك وجهة نظر اخرى لهذه القصة.

لدينا مثلاً حكاية قيس وليلى والتي استعملها بعض الكتاب وعدلوها في قوالب جميلة بالفعل, مثل مسرحية مجنون ليلى لاحمد شوقي.

وقصص كثيرة لا تعد ولا تحصى... استعملوا هذه التقنية فلا بأس.

♦♣♦

4- الحدث يجر الحدث:

ان كنت كاتب وتملك الموهبة, ستعلم عما اتحدث, اعطي مثال عن نفسي, حين ابدأ بكتابة قصصي, لا اعلم شيئاً عنها, ولا اعرف كيف ستنتهي, كل ما املكه هو فكرة ومقدمة شاعرية, كوني اعشق استعمال الشعر العربي.

في روايتي بعنوان "سالفاتورِّي" "SALVATORE" والتي تعني المُخلِّص باللغة الايطالية, حتى العنوان اخترته بعناية وله دلالة كبيرة ومهمة بالقصة,  بدأت بفكرة تقديس الفن واحترامه, وكله بدأ حين طلب الاستاذ لوران من طلابه تقبيل التماثيل الرخامية التي صنعوها, ثم لم اعلم ماذا بعد.

فأتيت بفلسفة الكمال والجمال, الإجماع والثقة, وذكرتها بصورة طبيعية كدرس في كلية الفنون, الذي لم اعلمه ان وضع هذه الفلسفات لم يكن اضافة كما توقعت, فتعمقت بها, وجرّت احداث طويلة ومثيرة بعدها.

وتوقفت, كيف اكمل؟ اضفت لغزاً لم اعلم حله, وبدأت بالكتابة وانا متفاجئة من نفسي لأن الاحداث تجر الاحداث التالية ورائها.

حتى ذكري لبعض الاشعار العربية كان المحرك الرئيسي لبعض الاحداث.

الحاصل, لا تخف من القادم, ستأتي لوحدها, الحبكة وحلها سيأتي لوحه في وقته... وهذه نعمة كبيرة للكتاب الموهوبين.

اما المبتدئين ليتبعوا احد الطرق فوق وستساعدهم في تسلسل الاحداث.

♦♣♦

5- عقلك ليس آلة:

استراحة, حين تفقد الالهام ويصيبك الاحباط, خذ استراحة, ابتعد فيها عن الكتابة وصفي ذهنك, ستعود بروح مرتاحة وحيوية للبدء بفصل جديد غير ممل, فكتابتك تعكس مزاجك,

حين تكتب بحماس وبذهن صافٍ ستسعد من نفسك ومن النتائج في النهاية, اما ان كنت مرهق وتشعر بالملل, مهما حاولت لن تنجح بكتابة ما تتوقع, رغم جمالية الفكرة.

♦♣♦

6- التشجيع يطور من الموهبة:

كل كاتب حين ينشر فصل من روايته يكون على امل كبير بتلقي اراء قراءه, تعب وكتب واستمتع بالقصة, ويريد ان يتشارك قراءه ذات الفرحة, ويتأهب لردة فعلهم على ذاك الحدث الصادم الذي لم يتوقعه احد...

فجأة, عدد القرّاء تعدى المئة, التصويت لم يتعدى العشرين, والتعليقات خمسة, اثنان منها "اكمل" والباقي "جميل".

وانا اكون هكذا "بربك؟... هل تعبت لتقول لي جميل؟ هل انا اصارع افكاري واخرج الافضل من بينها, لتقول لي اكمل؟... لماذا!"

الكتابة فن, والفنانين معروفين بحساسيتهم المفرطة احياناً, لنفرض انني فتاة حساسة, آمنت بموهبتي وظننت انني ابرع بها, فخرجت من قوقعتي واطلقت افكاري اشارككم بها, ثم وجدت ان هنالك من يقرأ قصصي, لكن لا احد يصوت لي, ولا احد يشجعني بتعليق.

سأشكك بقدرتي على الكتابة, وسأفقد حماسي, ساعتها سأتوقف عن البحث عن الافضل, لتصبح رواياتي عادية واقل من العادية بعد ان كدت ان اصل الى مجدي... كل ذلك لأنني لم اجد من يشجعني.

ذلك مثال عن شخص ليس بالقوة والتمسك الذي يملكه بعضنا, لنتحدث بصدق ونقول ان البعض اضعف من ان يكمل وحده, وبحاجة للتشجيع والمتابعة على مدار تحديث القصة.

لربما هذا احد اسباب تخلف الروايات باللغة العربية عن غيرها من الروايات باللغات الاخرى, لا استطيع قول السبب الذي يجعل القراء اشباح تقرأ فقط, لأنني لا اعرفه, لا اعرف ما الذي يفكر به هؤلاء الناس.

تجد حتى في الروايات التي يتعدى قراء احد فصولها الخمسمائة قارئ, فقط مئة تصويت والتعليقات لا تتعدى المئة كذلك, وتكون من بضع اشخاص محترمين يعلقون على الفقرات, هؤلاء الاشخاص لم يخسروا شيئاً حين قرروا دعم الكاتب ليطور من نفسه وموهبته.

الحاصل, دعم الكاتب هو احد الطرق لتنمية موهبته.

♦♣♦

اخر ما اود قوله في هذه النقطة, هو ان القراء الذين لديهم الاف المتابعين لا يتكبروا على قصص الكتاب اصحاب عشرات المتابعين, هل تعلم انك حين تصوت لقصة او تكتب بها تعليق, يظهر لمتابعينك في صفحة الاخبار, وحين يرون انك اعجبت بقصة وانت كاتب موهوب, ستصفحون القصة كذلك, وهكذا تساهم في انتشارها.

لن يضيع الـ "بريستيج" بفعلك ذلك عزيزي.

♦♣♦

شكراً لمتابعتكم لنا, ونتمنى ان نتكاتف سوياً لنخطو نحو مجد اعظم.

هيبة اللغة العربية لن تضيع, ولن ترخص.

كانت معكم نورما حديد

NormaHadid

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top